تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أرَقٌ وغَرَق ! (*)



سامي العامري
11-05-2009, 02:00 PM
أرَقٌ وغَرَق ! (*)
*-*-*-*-*-*-*
سامي العامري
------------------

ناشدتُكِ اللهَ أنْ تُصغي لأحداقي=كي تَسمعي قِصةً عن جيلِ عُشّاقِ
وعن سماءٍ إذا ما أظلمَتْ حِقَباً=هَلَّتْ أهِلَّتُها من وحي أوراقي
وهَدْهَدَتْ رئتي من لهفةٍ سُحُباً=فهل رأيتِ عُلُوَّاً رهنَ أعماقِ ؟
كيف التقينا لساعاتٍ وفَرَّقَنا=داعي الوداعِ ولاقانا كسَبّاقِ !؟
ساءلتِ عن عودتي : كيف انتهتْ ؟ لغتي=أَوجُ انتصارٍ وروحي أَوجُ إخفاقِ !
فيمَ اشتياقُكِ للهجرانِ ثانيةً ؟ =وما احتوتْ كأسُهُ الأُولى لِتشتاقي !؟
سهرانُ لا أبتغي نوماً لأنَّكُمُ=ما عدتُمُ غيرَ دمعٍ شاءَ إغراقي !
يا أنتِ او أنتَ , ترياقاً غدا أَرَقي=حيناً وبعضُ سمومٍ مثلُ ترياقِ !
فلو أتيتَ على مَتنِ الشذا لترى=فاعْجَبْ لِقَلبٍ هنا حَيٍّ وخفّاقِ !
قد ذبتُ قد ذبتُ إذْ لم يبقَ مني سوى=بُقيا فتىً فاقتربْ أضمنْ لكَ الباقي !
وإنْ خَشيتَ بلاداً لم تزلْ وَلَهاً=غَيرَى عليكَ فميلادي هو الواقي !
أنا ابنُ دجلةَ مصهورٌ وبُوتقتي=أمسٌ , ذراعاهُ مِن كِبْرٍ وإملاقِ
عندي مصائبُ دهرٍ , في شعائرها=أهرقتُ خمراً وعُمراً أيَّ إهراقِ !
نَظَمْتُ أسطعَ ما في النفس من شُهُبٍ=وجِئتُكُمْ راسِماً جَنّاتِ خَلاّقِ
نَضا نسيمُكِ ما في الريحِ من صَدَأٍ =فكان نُطقُ الهوى من دونِ إنطاقِ
مالي حَسِبتُ بأني تاركٌ وطني =لَمّا دخلتُ , ودمعي مَشهدٌ راقِ !؟
حزنُ البساتين كهلٌ عند مَن نظروا=يربو على السَّعْفِ , ذو ماضٍ كآفاقِ !
هو الحكيمُ مُقيمٌ وسطَ مجلسهِ =والنجمُ مُنتَثِرٌ كمِثلِ سُمّاقِ !
ما الضيرُ ؟ فالمُرتجى مياسمُ ارتعشتْ =بالرعد , بالوعد تُغري أيَّ توّاقِ
والناس في دَعَةٍ كانت ستألفُهم=كأنها العُرسُ لولا حشدُ سُرّاقِ !
لا يَأخُذَنَّكِ شَكٌّ , تلكَ ساحتُنا =سخطٌ على مُثُلٍ تنمو بأنفاقِ !
ناشدتُكِ الضوءَ والضوعَِ اللذَينِ هُما=غناؤكِ الثرُّ مَرسى كلِّ أذواقِ
لا تكشفي الجرحَ او غَنِّ لهُ بِصِباً=حمامةُ الأيكِ لم تبرحْ على الطاقِ !
يا مَن يرومُ انشراحاً , سِرْ فقد شَرِقَتْ =بغدادُ ليسَ بِرِيقٍ بلْ بأسواقِ !
أنا ابنُ دجلةَ ما انداحتْ أضالعُها=موجاً دعاكِ ولا مَنجىً بأطواق ِ!
غَطّى على مَشرقِ الأورادِ مَغربُها =ولي قناديلُ من صمتٍ وإطراقِ
وإنني مثلُكِ المشدوهُ من وطنٍ=ما كان لولا مآسيهِ بإطلاقِ !
قامتْ عليه مَقاماتُ العصورِ وفي=شَدٍّ ولِينٍ وترطيبٍ وإحراقِ !
لكنْ رهاني على عنقاءَ من لهبٍ=كأنه أبداً دَينٌ بأعناقِ !
أعراقُ شعبيَ تبقى حُصنَ تُربتِها=حتى وإنْ أصبحتْ أفواجَ أعراق !
أنا ابنُ دجلةَ , ألوانٌ قلادتُها=مِن كلِّ دُرٍّ كريم الأصلِ بَرّاقِ
فإنْ تَزُرْهُ يَلُحْ مِن فرط غبطتِهِ=كأنه ناسكٌ في حال إشراقِ
وكلُّ مَن سابقوا مجدَ الفراتِ مَدىً=أصيبوا - مِن قبلِ أنْ يَعدوا - بإرهاقِ !
وكم نُغالي بصمتٍ حينَ نُنْشِدُهُ =وماؤهُ والغوادي رِمْشُ إبراقِ !؟
إنْ غبتُ حيناً عن الأعذاق في وطني =وأنتِ قربيَ فالأقمارُ أعذاقي
حريتي الحُبُّ , لو لم يَختضِبْ بدمي=لكنتُ يا قِمَمي أَولى بإشفاقِ !
حَسْبي , وقد أَذَّنَ الديكُ البشيرُ ضُحىً ,=ضحىً دَهاني بلحنٍ عنك دَفّاقِ
فَلْتَرْتَدِعْ غُربتي ما دمتُ أقطعُها=بالحُبِّ والشِّعرِ حتى مَقْدَمِ الساقي !
*****************************
(*) أوّل رحلتي مع الشعر كانت بداية ثمانينيات القرن الماضي في بغداد وكانت محاولاتي الأولى هي تحديداً في كتابة القصيدة العمودية وبما أني عدتُ قبل شهرين من العراق بعد زيارة هي الأولى منذ 25 عاماً من العيش في المُغترَبات فقد يكفي هذان السببان للتعبير عن بعض هواجسي وأفكاري بإسلوب الشعر العمودي او ربما هناك دوافع لا شعورية أخرى !
------
كولونيا
آذار – 2009

مولود خلاف
11-05-2009, 04:22 PM
السلام عليكم
حرام علينا أن نمر على هذه الخريدة ثم نخرج دون أن نعلق عليها
أعجبني قلمك كثيرا أخي
مبدع أنت والله
تحياتي

آمال المصري
11-05-2009, 06:19 PM
راق لي المكوث طويلا وأبيت الخروج من هنا دون أن أسجل إعجابي
من الروائع على البسيط أبدعت أستاذ / سامي
ودي والدعاء

سامي العامري
15-05-2009, 10:46 AM
مولود خلاف المبدع الجميل
شكراً على فيض لطفكم
لقد تأخرتُ فالمعذرة ... أبحث عن عملٍ أكثر رأفة !!!
خالص الود

سامي العامري
15-05-2009, 10:51 AM
راق لي المكوث طويلا وأبيت الخروج من هنا دون أن أسجل إعجابي
من الروائع على البسيط أبدعت أستاذ / سامي
ودي والدعاء
----------------
المبدع الألق رنيم مصطفى
أهلا بمكوثك فانت في بيت مضياف
جزيل الشكر للطفك وإبداعك وقد تأخرتُ لظرف طاريء وهو بحثي عن عمل آخر فالصيف يحلو فيه العمل هنا في المانيا
تحياتي القلبية

محسن شاهين المناور
15-05-2009, 11:12 PM
أخي الحبيب سامي العامري
قرأتها ولأكثر من مرة لأقف على المعاني
الجميلة التي تحملها وماأجمل الشعر عندما
يكون من القلب إلى القلب . . نسقتها تقديرا
وأتمنى أن تنال رضاك .
دمت بكل الخير

حازم محمد البحيصي
15-05-2009, 11:19 PM
اخى الحبيب
ارحب بك ايما ترحيب ايها المبدع الالق
قصيد جمبل قوى المعنى والمبنى بديع التصوير محكم السبك
تقديري لشعر يحمل قضية
تحيتى لك

خالد الهواري
16-05-2009, 05:54 PM
ناشدتُكِ اللهَ أنْ تُصغي لأحداقي=كي تَسمعي قِصةً عن جيلِ عُشّاقِ
وعن سماءٍ إذا ما أظلمَتْ حِقَباً=هَلَّتْ أهِلَّتُها من وحي أوراقي
وهَدْهَدَتْ رئتي من لهفةٍ سُحُباً=فهل رأيتِ عُلُوَّاً رهنَ أعماقِ ؟
كيف التقينا لساعاتٍ وفَرَّقَنا=داعي الوداعِ ولاقانا كسَبّاقِ !؟
ساءلتِ عن عودتي : كيف انتهتْ ؟ لغتي=أَوجُ انتصارٍ وروحي أَوجُ إخفاقِ !
فيمَ اشتياقُكِ للهجرانِ ثانيةً ؟ =وما احتوتْ كأسُهُ الأُولى لِتشتاقي !؟
سهرانُ لا أبتغي نوماً لأنَّكُمُ=ما عدتُمُ غيرَ دمعٍ شاءَ إغراقي !
يا أنتِ او أنتَ , ترياقاً غدا أَرَقي=حيناً وبعضُ سمومٍ مثلُ ترياقِ !
فلو أتيتَ على مَتنِ الشذا لترى=فاعْجَبْ لِقَلبٍ هنا حَيٍّ وخفّاقِ !
قد ذبتُ قد ذبتُ إذْ لم يبقَ مني سوى=بُقيا فتىً فاقتربْ أضمنْ لكَ الباقي !
وإنْ خَشيتَ بلاداً لم تزلْ وَلَهاً=غَيرَى عليكَ فميلادي هو الواقي !
أنا ابنُ دجلةَ مصهورٌ وبُوتقتي=أمسٌ , ذراعاهُ مِن كِبْرٍ وإملاقِ
عندي مصائبُ دهرٍ , في شعائرها=أهرقتُ خمراً وعُمراً أيَّ إهراقِ !
نَظَمْتُ أسطعَ ما في النفس من شُهُبٍ=وجِئتُكُمْ راسِماً جَنّاتِ خَلاّقِ
نَضا نسيمُكِ ما في الريحِ من صَدَأٍ =فكان نُطقُ الهوى من دونِ إنطاقِ
مالي حَسِبتُ بأني تاركٌ وطني =لَمّا دخلتُ , ودمعي مَشهدٌ راقِ !؟
حزنُ البساتين كهلٌ عند مَن نظروا=يربو على السَّعْفِ , ذو ماضٍ كآفاقِ !
هو الحكيمُ مُقيمٌ وسطَ مجلسهِ =والنجمُ مُنتَثِرٌ كمِثلِ سُمّاقِ !
ما الضيرُ ؟ فالمُرتجى مياسمُ ارتعشتْ =بالرعد , بالوعد تُغري أيَّ توّاقِ
والناس في دَعَةٍ كانت ستألفُهم=كأنها العُرسُ لولا حشدُ سُرّاقِ !
لا يَأخُذَنَّكِ شَكٌّ , تلكَ ساحتُنا =سخطٌ على مُثُلٍ تنمو بأنفاقِ !
ناشدتُكِ الضوءَ والضوعَِ اللذَينِ هُما=غناؤكِ الثرُّ مَرسى كلِّ أذواقِ
لا تكشفي الجرحَ او غَنِّ لهُ بِصِباً=حمامةُ الأيكِ لم تبرحْ على الطاقِ !
يا مَن يرومُ انشراحاً , سِرْ فقد شَرِقَتْ =بغدادُ ليسَ بِرِيقٍ بلْ بأسواقِ !
أنا ابنُ دجلةَ ما انداحتْ أضالعُها=موجاً دعاكِ ولا مَنجىً بأطواق ِ!
غَطّى على مَشرقِ الأورادِ مَغربُها =ولي قناديلُ من صمتٍ وإطراقِ
وإنني مثلُكِ المشدوهُ من وطنٍ=ما كان لولا مآسيهِ بإطلاقِ !
قامتْ عليه مَقاماتُ العصورِ وفي=شَدٍّ ولِينٍ وترطيبٍ وإحراقِ !
لكنْ رهاني على عنقاءَ من لهبٍ=كأنه أبداً دَينٌ بأعناقِ !
أعراقُ شعبيَ تبقى حُصنَ تُربتِها=حتى وإنْ أصبحتْ أفواجَ أعراق !
أنا ابنُ دجلةَ , ألوانٌ قلادتُها=مِن كلِّ دُرٍّ كريم الأصلِ بَرّاقِ
فإنْ تَزُرْهُ يَلُحْ مِن فرط غبطتِهِ=كأنه ناسكٌ في حال إشراقِ
وكلُّ مَن سابقوا مجدَ الفراتِ مَدىً=أصيبوا - مِن قبلِ أنْ يَعدوا - بإرهاقِ !
وكم نُغالي بصمتٍ حينَ نُنْشِدُهُ =وماؤهُ والغوادي رِمْشُ إبراقِ !؟
إنْ غبتُ حيناً عن الأعذاق في وطني =وأنتِ قربيَ فالأقمارُ أعذاقي
حريتي الحُبُّ , لو لم يَختضِبْ بدمي=لكنتُ يا قِمَمي أَولى بإشفاقِ !
حَسْبي , وقد أَذَّنَ الديكُ البشيرُ ضُحىً ,=ضحىً دَهاني بلحنٍ عنك دَفّاقِ
فَلْتَرْتَدِعْ غُربتي ما دمتُ أقطعُها=بالحُبِّ والشِّعرِ حتى مَقْدَمِ الساقي !
*****************************

خالد الهواري
16-05-2009, 05:56 PM
فَلْتَرْتَدِعْ غُربتي ما دمتُ أقطعُها=بالحُبِّ والشِّعرِ حتى مَقْدَمِ الساقي !




........................
بيت من ذهب وقصيدة جملية جدارية ذانت انعكاسات سداسية الابعاد
ايها الشعر انها دثمة
شكرا لقلبك والقلم
خالد الهواري

أحمد موسي
17-05-2009, 01:26 AM
ما هذا الجمال

والله راق لي البقاء هنا وعدم الانصراف الا بعد قراءه النص
أكثر من مره لانه حقا رائع

تقبل مروري أيها الجميل

تحاياي

أحمد موسى

د. سمير العمري
26-09-2010, 04:21 PM
لقد كنت هنا مبهرا مبدعا شعرا وشعورا يا ابن دجلة ولولا بعض هنات متفرقة شابت القصيدة لكان لها وقع عظيم في ديوان العرب.

دمت محلقا وفيا!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيحة الرفاعي
26-09-2011, 05:35 PM
قصيدة بديعة المحمول حلوة الصورة ومتينة السبك
وحس وطني غدق يتدفق في نص شجي

أشجتني قراءتها واطربني لحنها

تحيتي