مشاهدة النسخة كاملة : عليَّ أنْ أفهم!.
مبارك الهاجري
26-05-2009, 08:05 AM
عليَّ أن أفهم بأنَّك من ضمن البشر، وأنَّكِ لا تعدين أن تكوني بنتًا من بنات حواء، لا تفضلينهنَّ في خِلَّةٍ، ولا مِلَّة، ولا تصعدين في نظري منهم إلى الملائكية، ولا تزكو بكِ أعطان الشياطين في شُمِّ نفسي!.
عليَّ أن أفهم بأنَّ الأرض التي طويتْ لتقاربنا أبعادها وأجزاءها ما عادت تلين لِمَن أنفقَ في سبيل رضا محبوبه نفيس الروحانية من نفسه، وأضاع في تقارب الزمن بعيداً مما أوجده لهُ الفاضلُ من عُمُرِه، ومأخوذَ شخصِه إلى شخصه لا يبالي أكان ذلك الإنفاق من يمينٍ يزهو بها الكيِّسُ من أسارير نفسه، أو شِمالٍ أفضلتْ على الكاسدِ فيه كسداً، ولن تتصدَّع بقعةٌ من تلك الأرض إثر نصابٍ من الحبِّ لم يبلغْ في أن يحدث فيها أدنى هزَّة!.
أقولُ ذلك، وليس عليَّ حرجٌ من أن أفهم بِأني إن أنزلتُكِ دون نُزُلِك فَمِنْ فَضلةِ ذلك الحبِّ أؤوبُ إليك، وَمِن بواقي ذلكم العشق أندفِعُ باستكراه المعنى المضاد له لأن ينزلَ في قلبي، وما يُصرُف إلا إليكِ، أنتِ التي تفرَّدَ في معاملتك لي كُلُّ ما ينبو عنه الخصبُ من ذلك المعنى.
والحكمةُ التي تضاهي الشمس في ألا تُحجب؛ أنني يلزمُني ألا أجني على فؤادي مرةً أخرى في التنطعُ الذي اقتفى شِدَّةَ إرخائي لهوى نفسي فيكِ، بأنْ أكونَ على النقيضِ منه، فأغلو في اقتلاعكِ من نفسي، فما أخلُصُ إلا بأن أشكو الأذى في كُلِّ وجه، وانقطعُ من نعيم النسيان الذي يكتفي بإزالةِ عوالقِ الغيرِ فيَّ، لا تلك التي صدرت مني!.
ثمَّ عليَّ أن أفهمَ بأنَّ الحزمَ الذي سمعتُ، وقرأتُ عنه بأنَّه مثالٌ يُحتذى، ومأمنٌ يلتجأ، وشاهدتُه فيمن أظلتَّه سحبُ العقل والحكمة، هو الغائبُ الذي لو لم يحضر في مواجهتي لما جنتْه يداي؛ لأصبحْتُ ممن فَهِمَ بأنَّه لن يفهم يوماً أنَّ هُناك عِزَّةً وكرامةً تفرض على بني آدمَ أن يستأثِروا يوماً أو بعض يوم بِشيءٍ يعلمونَ أنَّه يحفظُ لَهَم مجرىً لِدَمِ المَجْدِ في عروقهم، ومنبراً تُرَمِّمُه كلمة: " كفى، ما عدتُ أحتمل" في ألسنتهم، وعزيز قومٍ آن لهُ أن يًمُدَّ رجليه في صدورهم!.
أُجْزِمُ ـ وكثيراً ما قلتُها على غِرار تنظيري الذي فاخرتكم به ـ بأنِّي مما يقولُ ما لا يفعل، وهذا مما لا يُثْبِتُ على حاله سوى أن أظلَّ عمري في مودتكم بين أن أفهم، أو ألا أفهم؛ بَيْدَ أني في ذاك ومنه على علْمٍ من كثيرِ الجَهْلِ فيكم!.
د. نجلاء طمان
26-05-2009, 10:47 AM
وقفتُ هنا كثيرًا أتأمل وقفتكَ وتمزق أبجديتكَ بين "أفهم" و"لا أفهم" لأجدكَ غاليتَ ربما في حكمكَ على قلبكَ وعلى من حولكَ ومن قبلهما - ربما أيضًا- عليها... بنت حواء!.
للتثبيت ترفقًا بأنين يكبل القلم, وتألقًا من قلمٍ يكبله الأنين.
تقديري
راضي الضميري
26-05-2009, 01:24 PM
هذا نص محكم يحق لنا أن نفتخر بأنّ زيّن صدر قسم النثر بكل أناقة .
لك أسلوب رائع وحكمة بالغة ، أراني تعلمت منها الكثير.
شكرًا لك.
كن بخير
فدوى يومة
26-05-2009, 05:41 PM
الفاضل مبارك الهاجري
أحيانا نفهم غير أننا ندعي عدم الفهم كي ننقد الباقي من الاشياء العالقة فينا من الغرق ربما حبا لهم أو لحاجة إلى تواجدهم في حياتنا برغم كل شيء
تقديري لك والتحية
هشام عزاس
26-05-2009, 08:49 PM
الجميل / المبدع مبارك الهاجري
نص رائع بكل المقاييس في نظري , فقد اجتهد صاحبه في تحري الصدق مع نفسه أولا في مكاشفة جميلة بين الحس الماضي في وجدانه وجهل منطقه الذي يطغى على الذات و بين مكامن الاعتداد و العزة الذاتية التي لا تخلو منها أي ذات و التي نكشفها بمنظور منطق العقل و الحزم في معرفة النقاط التي ندافع بها عن ذواتنا حتى ضدّ أنفسنا أو ضدّ من نحب .
و النص في نظري ( عليّ أن أفهم ) معضلة فلسفية لأنها تبحث في ماهية هذه النفس البشرية التي تعجزنا في كل مرة بتقلباتها العجيبة و صراع الرؤى الحسية مع الفكرية في كل مرة نحاول أن نقبض فيها على مكامن الخلل الذي هو في الحقيقة ليس خللا و إنما طبيعة و فطرة .
و مهما حاول العقل تقديم تبريرات منطقية لهذا الصراع نظريا يبقى مقصرا من الناحية العملية و لذلك من الأفضل أن نعيش هذه التناقضات لا أن نحاول فهمها وفق مبدأ التقعيد و الثبات .
دمت بهذا الألق المستمر
إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام
مروة عبدالله
27-05-2009, 12:27 AM
مبارك الهاجري المميز
كأننى شعرت بهكذا حرف تعمق بداخل الوجدان, وأخرج لنا من مكنونات وعمق الفكر عبارات من أرقي ما يكون, أعجبنى المكوث في طيات الحرف والتعبير, طبتَ برقي.
تقديري
وفاء شوكت خضر
30-05-2009, 08:11 PM
لغة أدبية راقية ، وفكر عميق وحكمة بالغة ..
نص يستحق التثبيت فهو درة من درر النثر النادرة في هذه الأيام ..
نص رائع وأكثر ..
تحيتي ..
مبارك الهاجري
31-05-2009, 03:30 AM
وقفتُ هنا كثيرًا أتأمل وقفتكَ وتمزق أبجديتكَ بين "أفهم" و"لا أفهم" لأجدكَ غاليتَ ربما في حكمكَ على قلبكَ وعلى من حولكَ ومن قبلهما - ربما أيضًا- عليها... بنت حواء!.
للتثبيت ترفقًا بأنين يكبل القلم, وتألقًا من قلمٍ يكبله الأنين.
تقديري
د. نجلاء
جميل أن كان تأويلُك في حيِّز ال( ربما )، على أنَّه أصاب كَبِدَ الحقيقة في بعض!.
ثم امتناني لهذا الاحتفاء!.
بارك الله فيكِ!.
لمى ناصر
31-05-2009, 08:51 PM
وفلسفة حرف تدخل نطاق الروح
عله يفهم ما يبحث عنه في أروقة
الذات,, منظور آخر بعلة السؤال.
رائع ما كتبته أيها الفاضل.
مبارك الهاجري
01-06-2009, 03:49 AM
هذا نص محكم يحق لنا أن نفتخر بأنّ زيّن صدر قسم النثر بكل أناقة .
لك أسلوب رائع وحكمة بالغة ، أراني تعلمت منها الكثير.
شكرًا لك.
كن بخير
راضي:
شكراً أنْ كنتُ لديك كما قلتَ!.
بارك الله فيك!.
مبارك الهاجري
04-06-2009, 12:21 PM
الفاضل مبارك الهاجري
أحيانا نفهم غير أننا ندعي عدم الفهم كي ننقد الباقي من الاشياء العالقة فينا من الغرق ربما حبا لهم أو لحاجة إلى تواجدهم في حياتنا برغم كل شيء
تقديري لك والتحية
المسألة ليست في الظاهر من الكلام، بل فيما تبطَّن منه، وبلغ إلى عقلك ونفسك من المعنى، حينها ستنكشف أشياءً أُخَر!.
شكراً فدوى!.
مبارك الهاجري
04-06-2009, 12:31 PM
الجميل / المبدع مبارك الهاجري
نص رائع بكل المقاييس في نظري , فقد اجتهد صاحبه في تحري الصدق مع نفسه أولا في مكاشفة جميلة بين الحس الماضي في وجدانه وجهل منطقه الذي يطغى على الذات و بين مكامن الاعتداد و العزة الذاتية التي لا تخلو منها أي ذات و التي نكشفها بمنظور منطق العقل و الحزم في معرفة النقاط التي ندافع بها عن ذواتنا حتى ضدّ أنفسنا أو ضدّ من نحب .
و النص في نظري ( عليّ أن أفهم ) معضلة فلسفية لأنها تبحث في ماهية هذه النفس البشرية التي تعجزنا في كل مرة بتقلباتها العجيبة و صراع الرؤى الحسية مع الفكرية في كل مرة نحاول أن نقبض فيها على مكامن الخلل الذي هو في الحقيقة ليس خللا و إنما طبيعة و فطرة .
و مهما حاول العقل تقديم تبريرات منطقية لهذا الصراع نظريا يبقى مقصرا من الناحية العملية و لذلك من الأفضل أن نعيش هذه التناقضات لا أن نحاول فهمها وفق مبدأ التقعيد و الثبات .
دمت بهذا الألق المستمر
إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشــام
هشام وما أجملها من ترجمةٍ للنص!.
رفع الله قدرك، وأثابك!.
مبارك الهاجري
05-06-2009, 08:25 PM
مبارك الهاجري المميز
كأننى شعرت بهكذا حرف تعمق بداخل الوجدان, وأخرج لنا من مكنونات وعمق الفكر عبارات من أرقي ما يكون, أعجبنى المكوث في طيات الحرف والتعبير, طبتَ برقي.
تقديري
وأعجبني حضوركِ يا مروة!.
حفظكِ الله!.
مبارك الهاجري
07-06-2009, 12:02 PM
لغة أدبية راقية ، وفكر عميق وحكمة بالغة ..
نص يستحق التثبيت فهو درة من درر النثر النادرة في هذه الأيام ..
نص رائع وأكثر ..
تحيتي ..
أغدقتِ عليَّ، فلكِ الله وكفى!.
مبارك الهاجري
07-06-2009, 12:09 PM
وفلسفة حرف تدخل نطاق الروح
عله يفهم ما يبحث عنه في أروقة
الذات,, منظور آخر بعلة السؤال.
رائع ما كتبته أيها الفاضل
وأنيقٌ هذا المجيء!.
بوركتِ!.
د. سمير العمري
11-07-2009, 08:27 PM
رائع أيها الأديب المميز ومبدع للحرف ماتع.
بت أحب أن أقف على ضفاف حرفك الزاهر.
أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
يسرى علي آل فنه
12-07-2009, 12:20 PM
عليَّ أن أفهم بأنَّك من ضمن البشر، وأنَّكِ لا تعدين أن تكوني بنتًا من بنات حواء، لا تفضلينهنَّ في خِلَّةٍ، ولا مِلَّة، ولا تصعدين في نظري منهم إلى الملائكية، ولا تزكو بكِ أعطان الشياطين في شُمِّ نفسي!.
عليَّ أن أفهم بأنَّ الأرض التي طويتْ لتقاربنا أبعادها وأجزاءها ما عادت تلين لِمَن أنفقَ في سبيل رضا محبوبه نفيس الروحانية من نفسه، وأضاع في تقارب الزمن بعيداً مما أوجده لهُ الفاضلُ من عُمُرِه، ومأخوذَ شخصِه إلى شخصه لا يبالي أكان ذلك الإنفاق من يمينٍ يزهو بها الكيِّسُ من أسارير نفسه، أو شِمالٍ أفضلتْ على الكاسدِ فيه كسداً، ولن تتصدَّع بقعةٌ من تلك الأرض إثر نصابٍ من الحبِّ لم يبلغْ في أن يحدث فيها أدنى هزَّة!.
أقولُ ذلك، وليس عليَّ حرجٌ من أن أفهم بِأني إن أنزلتُكِ دون نُزُلِك فَمِنْ فَضلةِ ذلك الحبِّ أؤوبُ إليك، وَمِن بواقي ذلكم العشق أندفِعُ باستكراه المعنى المضاد له لأن ينزلَ في قلبي، وما يُصرُف إلا إليكِ، أنتِ التي تفرَّدَ في معاملتك لي كُلُّ ما ينبو عنه الخصبُ من ذلك المعنى.
والحكمةُ التي تضاهي الشمس في ألا تُحجب؛ أنني يلزمُني ألا أجني على فؤادي مرةً أخرى في التنطعُ الذي اقتفى شِدَّةَ إرخائي لهوى نفسي فيكِ، بأنْ أكونَ على النقيضِ منه، فأغلو في اقتلاعكِ من نفسي، فما أخلُصُ إلا بأن أشكو الأذى في كُلِّ وجه، وانقطعُ من نعيم النسيان الذي يكتفي بإزالةِ عوالقِ الغيرِ فيَّ، لا تلك التي صدرت مني!.
ثمَّ عليَّ أن أفهمَ بأنَّ الحزمَ الذي سمعتُ، وقرأتُ عنه بأنَّه مثالٌ يُحتذى، ومأمنٌ يلتجأ، وشاهدتُه فيمن أظلتَّه سحبُ العقل والحكمة، هو الغائبُ الذي لو لم يحضر في مواجهتي لما جنتْه يداي؛ لأصبحْتُ ممن فَهِمَ بأنَّه لن يفهم يوماً أنَّ هُناك عِزَّةً وكرامةً تفرض على بني آدمَ أن يستأثِروا يوماً أو بعض يوم بِشيءٍ يعلمونَ أنَّه يحفظُ لَهَم مجرىً لِدَمِ المَجْدِ في عروقهم، ومنبراً تُرَمِّمُه كلمة: " كفى، ما عدتُ أحتمل" في ألسنتهم، وعزيز قومٍ آن لهُ أن يًمُدَّ رجليه في صدورهم!.
أُجْزِمُ ـ وكثيراً ما قلتُها على غِرار تنظيري الذي فاخرتكم به ـ بأنِّي مما يقولُ ما لا يفعل، وهذا مما لا يُثْبِتُ على حاله سوى أن أظلَّ عمري في مودتكم بين أن أفهم، أو ألا أفهم؛ بَيْدَ أني في ذاك ومنه على علْمٍ من كثيرِ الجَهْلِ فيكم!.
أحياناً علينا أن نفهم بأنه ليس بالضرورة أن نفهم
و يبدو بأن مشاعرنا مميزة كلما كانت محيرة
أخي الكريم مبارك الهاجري
تعبيرك مميز وجميل
مبارك الهاجري
15-07-2009, 08:36 AM
رائع أيها الأديب المميز ومبدع للحرف ماتع.
بت أحب أن أقف على ضفاف حرفك الزاهر.
أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
وبتُّ أسعدُ بحضورك يا دكتور!.
دمتَ بخير!.
مبارك الهاجري
15-07-2009, 08:39 AM
أحياناً علينا أن نفهم بأنه ليس بالضرورة أن نفهم
و يبدو بأن مشاعرنا مميزة كلما كانت محيرة
أخي الكريم مبارك الهاجري
تعبيرك مميز وجميل
وحضورك من بواعث سروري يا يسري!.
بوركت!.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir