تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : باقة رمل في مزهرية الحياة



شريفة العلوي
31-05-2009, 05:41 PM
(1)

يسكنني هاجس الرمل وأنا أجفجف طرف فستاني ..أو أنفض نثار الغبار من غلاف الكتاب قد تكون العلاقة سرمدية بين هذا الجسد الآتي من رحم الطين و هاجس الطين الذي يعزف سيمفونية التقلص داخل الكائن البشري حتى يسترجع شيئا من ممتلكاته المتراكمة تسربا والمتسربة تراكما , و تنتزع عبر كل منافذ الحواس أشياؤها التي لا تستغني عنها في تفتق الزهرة , وانسيابية ذرات الماء , ومقاومة قرون الاستشعار في نظرات اليعسوب و تثليثه التكويني..وفي غشاوة المزن حين تنسل من الهامات, وتعصر عيونها القطنية فوق هامات أخرى ,وإذ رذاذ العطس وتثاؤب الصدغ , وتفريك شارب القط , في عيون الصبح كلها أمام لعبة الجيولوجيا الترابية تظل قصة واهية ..
حتى ذلك الطفل الذي كان يعبث بمسدس أبيه وهو يلهو بفطرته القديمة في القنص .

وذلك الجندي المعتزل وهو في سويعات فراغه ينظف بندقيته وكأن النظافة بديلة عن نزعة إستنزاف و إحراز الهدف الغائب و الإستغياب في حضور المغتاب عينه ..
كل هذا لأن الطين مازالت عالقة بكل شيء ..
إلى متى أظل أحتضن التراب كلما ثقلت عليَ نفسي في حمل أوهام كاهلي ..
و تثاقلت الخطوات في كواحلي ..
والانقياد خلف ولاءات الدخان عن الزمن الجاهلي ..
يقولون بأن الجسد ثقيل والروح خفيفة وكل آثام الظنون و أثلام الجنون ..
واخضرار الفنون و سراديب السجون حتى سياسات المجون لم تأت سوى من روح الطين وفي نصفي ثمرة التفاحة تكمن أسرار الانتصاف وتركيز الاعوجاج .

لن أبرح الطين حتى أحتضنه قد أخاف أن أتدحرج مع الحصاة إذا حاولت مهنة الصعود لأن تلك الحصاة التي تصمد أمام الرياح الهائجة قد تضفِّر في جدائل الرهبة ليلا طويلا أصم وقد لا يسمعني أحد هناك.. قد لا تثبت أمام قدمي روح الطين , أيها الصعود لن أحاول أن أنظر إلى النجوم ليلا كي لا تتضايق القلادة في جيدي ولن أميل إلى اليمين أو يسار كي لا يُغرز مسمار القرط في ودجي ولن ألاعب الشمس بـــ..حب من نظرة أولى كي لا تمس أنفاسها الحارقة بريق عيني..لذا قد يكون احتضاني للطين حكمة اليسر في الهبوط .
ولن يكلفنا الهبوط يوما قيد أنملة .

أعيريني سمعك أيتها الطين وإن كان المطر قد مارس عليك كل أنواع المد والجزر فانا منك لا تورثيني عيوبك فقط أعيريني سمعك في لحظات احتفال الريح بين عينيك لأن الريح لن تأخذني بعيدا عنك وإلا لماذا هذا الكوكب الموبوء بتنافس الدوران يعيدني إلى احتضان الطين , النظر إلى العلو لا يصيبني بالدوران كلا وألف لا بل يصيبني بالقذى لذا قيل "حبة الرمل" أكثر خطورة من كثافة السكان.

شريفة العلوي
31-05-2009, 05:54 PM
(2)


الرمل في خيال الطفل عالم لا يندرج تحت بنود المستحيل ولا يخضع لقوانين مسننة وضعت قبل أن تخرج أقدامه من بوتقة البدء..
بل هي حبات يملأ منها جيوبه ,صكوك يصرفها للريح دون ان تختمر في البنوك , كميات عصية على العد فيلجأ الطفل الى رسم وتخطيط المدن في ذهنه تلك المشروطة بمفهومه بطاقمها القضائي والإقصائي ..
يضع مفاتيحها بيد الريح ويسمح لها أن تصفعها , فرؤيته لإنهيار قصور الرمال متعة خاصة والهدف الغالب على المتعة هو إختبار قدرته على إعادة البنيان وللإعادة لذة أخرى تصقل الوعي بأجتياز حرائق ما للوصول الى نتيجة ما ,, ففي كل مرة يدرب يديه على الهدم لينجح في فنون رأب الصدع وإعادة الوضع ..
وفي النهار يراها كيانات تعانق شعاع الشمس المنسوجة في عشوائية تراكمية غير مرئية على البساط المستقر المرئي وهي ثمة كيان يندرج تحت مسمى السراب المحسوس ,وفي براءة الرياح يُعَدٌ الرمل وسط مادي ناقل لكل ما هو نابض حي و المترجم لطلاسم الكون الملموس, والعالم يغمض عينيه على صرصر جلبة وصول الأقدام المحملة بأثقال أضغاث سكان مدن القرميد ..
قبل أن يفشل نسيم البحر في استقطاب روائحهم المثقلة بأجراس الترهيب و التي تتخذ لمسارها أجساد الشواطئ الفيروزية ولكن أوراق الإنتظار لم تكف عن السؤال حتى جاءت ملامح غياب الحدس لمواهب الترغيب في صورة الحضور ..
الرمال تشهر سيف الإستفزاز في و جه الغازي خوفا من اكتمال قرص الغسق الذي يغرق في خط الأفق في منتهى مد البصر لنهايات البحر وكأنها قنينة حبر علق بها القمر ..
الرمل مبتغى القادمين ومشتكى القاطنين , تلتقي فيها نظرات الراحلين والعائدين ..للرمل ذائقة شم تعجز أمامه الأنوف , تعلمك مهنة الصعود لأنها على يقين بأنك عائد اليها لا محالة .
حبات الرمل ترتدي في كرنفال السواحل قلنسوة برونزية ..
يلتقي فيها الترح بالفرح ليشكلا حزمة يربطها وحدة الآمل ..
وللرمل علاقة بالبحور تلك الجسور المائية المطلية بالازرق تطرز سواحل آسيا بشواطئ أفريقيا وبينهما سفر الذاكرة الممتد لا يحتاج الى شحن بطاقته من بحور أخرى ..
و قباب الموج المتتالي بلؤلؤه يخبئ ريبته باليقين لأن اليقين هنا صورة معكوسة تلمع من بعيد في انطفاء , فوق غمامات يتصاعد إليها بوح البحر الهائج في يوم الصحو , حين تعبث به شكوى الطقس من مخافة المناخ ..
و يلاطف برودة الحلم الطفيف فيعود وابلا كريستاليا يزهو بالهطول وحبات المطر المتراقصة على يديه تؤكد بأن مراسم الرمل في حالة ازدهار دائم وكل ما نملكه وتعتمد عليه خرائطنا هو تقوس السواحل وتعرجات الشواطئ لأن الرمل يظل هناك مصيدة التوهان لـ أقدام الغرباء ..
والقراصنة المحتلة لن تأخذ الرمل في جيوبها المثقوبة ولا تجدِ في ثبات الرمل تلك الخرائط المقلوبة ولن يفقد الرمل لمعانه مهما حدث,, أكان إحتراقا لغابة ما , أو تصاعد أدخنة الأساطيل القادمة بتقادمها ..
الشمس لن تلاعبك يوما على منوال الفناء لأن الفناء يُفنى عندما يصل إليك لذا.. أيها "الرمل "الطيف حزامك /والثقة وسامك/ أما ثقتنا بك وضعناها في مزهريات الصحراء أمامك قبل ان يحترف الظن تأثيث سكنا له في سراديب الريبة وإن كنا جميعا في أوطاننا سياحا ذلك محض قهر للفروسية.

ثائر الحيالي
31-05-2009, 09:18 PM
(1)

يسكنني هاجس الرمل وأنا أجفجف طرف فستاني ..أو أنفض نثار الغبار من غلاف الكتاب قد تكون العلاقة سرمدية بين هذا الجسد الآتي من رحم الطين و هاجس الطين الذي يعزف سيمفونية التقلص داخل الكائن البشري حتى يسترجع شيئا من ممتلكاته المتراكمة تسربا والمتسربة تراكما , و تنتزع عبر كل منافذ الحواس أشياؤها التي لا تستغني عنها في تفتق الزهرة , وانسيابية ذرات الماء , ومقاومة قرون الاستشعار في نظرات اليعسوب و تثليثه التكويني..وفي غشاوة المزن حين تنسل من الهامات, وتعصر عيونها القطنية فوق هامات أخرى ,وإذ رذاذ العطس وتثاؤب الصدغ , وتفريك شارب القط , في عيون الصبح كلها أمام لعبة الجيولوجيا الترابية تظل قصة واهية ..
حتى ذلك الطفل الذي كان يعبث بمسدس أبيه وهو يلهو بفطرته القديمة في القنص .

وذلك الجندي المعتزل وهو في سويعات فراغه ينظف بندقيته وكأن النظافة بديلة عن نزعة إستنزاف و إحراز الهدف الغائب و الإستغياب في حضور المغتاب عينه ..
كل هذا لأن الطين مازالت عالقة بكل شيء ..
إلى متى أظل أحتضن التراب كلما ثقلت عليَ نفسي في حمل أوهام كاهلي ..
و تثاقلت الخطوات في كواحلي ..
والانقياد خلف ولاءات الدخان عن الزمن الجاهلي ..
يقولون بأن الجسد ثقيل والروح خفيفة وكل آثام الظنون و أثلام الجنون ..
واخضرار الفنون و سراديب السجون حتى سياسات المجون لم تأت سوى من روح الطين وفي نصفي ثمرة التفاحة تكمن أسرار الانتصاف وتركيز الاعوجاج .

لن أبرح الطين حتى أحتضنه قد أخاف أن أتدحرج مع الحصاة إذا حاولت مهنة الصعود لأن تلك الحصاة التي تصمد أمام الرياح الهائجة قد تضفِّر في جدائل الرهبة ليلا طويلا أصم وقد لا يسمعني أحد هناك.. قد لا تثبت أمام قدمي روح الطين , أيها الصعود لن أحاول أن أنظر إلى النجوم ليلا كي لا تتضايق القلادة في جيدي ولن أميل إلى اليمين أو يسار كي لا يُغرز مسمار القرط في ودجي ولن ألاعب الشمس بـــ..حب من نظرة أولى كي لا تمس أنفاسها الحارقة بريق عيني..لذا قد يكون احتضاني للطين حكمة اليسر في الهبوط .
ولن يكلفنا الهبوط يوما قيد أنملة .

أعيريني سمعك أيتها الطين وإن كان المطر قد مارس عليك كل أنواع المد والجزر فانا منك لا تورثيني عيوبك فقط أعيريني سمعك في لحظات احتفال الريح بين عينيك لأن الريح لن تأخذني بعيدا عنك وإلا لماذا هذا الكوكب الموبوء بتنافس الدوران يعيدني إلى احتضان الطين , النظر إلى العلو لا يصيبني بالدوران كلا وألف لا بل يصيبني بالقذى لذا قيل "حبة الرمل" أكثر خطورة من كثافة السكان.



الأستاذة شريفة العلوي

يستوقفني طويلاً ..سحر الحرف وتناسق للكلمات في خببها..!

رائعة..وأكثر..قدرتك على اقتناص الأفكار الجميلة والموحية بالكثير..


سَـرني..أن اكون هنا لأنهل من هذا الجمال

سلمت ..وسلم مدادك

محبتي

مينا عبد الله
31-05-2009, 11:28 PM
واتفق مع اخي الفاضل ثائر بكونكِ رائعة في اقتناص الافكار

حتى ليصيبني الانبهار .. كيف آتتكِ هذه الفكرة ؟!

الاديبة الفاضلة شريفة العلوي .. حياكِ الله

ودمتِ مبدعة دائما

احترامي

مينا

وفاء شوكت خضر
02-06-2009, 08:23 AM
تمتزج في نصوصك روؤيتك الفلسفية والنفسية والعاطفية والاجتماعية والسياسية ، لتشكل لنا من رقة نفسك وثورة مشاعرك وفلسفتك ونظرتك الواقعية وخيالك الواسع صورا تبهرنا فتتلاحق أنفاسنا على سطورك بحثا عن فكرة صغتها بلغة جميلة عميقة تستحل مداركنا تقلبها تنقب عن الوعي فيها لتمسح الغبار عن بصيرة خبى أمامها النور ..

الأديبة شريفة العلوي ..
نصوصك تنم عن ثقافة عالية وإدراك واعي ..
شرف لي أني كنت هنا ..

ودي .

شريفة العلوي
02-06-2009, 06:39 PM
الأستاذة شريفة العلوي

يستوقفني طويلاً ..سحر الحرف وتناسق للكلمات في خببها..!

رائعة..وأكثر..قدرتك على اقتناص الأفكار الجميلة والموحية بالكثير..


سَـرني..أن اكون هنا لأنهل من هذا الجمال

سلمت ..وسلم مدادك

محبتي

أخي المبدع ثائر الحيالي

وما قيمة النصوص إن لم تتاح لها قراءة كهذه القراءة التي تستفتح نافذة الصباح على نواصيها

وخاصة من متذوقي الكلمة , الذين يستلون من غمد السطور خلاصة النور ..

دمت أخي بكل هذا العطاء.

شريفة العلوي
02-06-2009, 06:43 PM
(3)

للرمل مدارين ..

أحدهما في مجاله الأرضي ينفض عوالق الريح من مسامات الأدمة
و يطرز صلابة الفولاذ في نخاع العظمة ...الرمل محارب قوي , كل العصور أثبتت فشلها أمامه , وكل المحاربين انتهى بهم المسار إلى حضنه..لا صوت يعلو على الرمل سوى الرمل لأنه يعلو حتى على صوته..
يظل الصوت يدوي من كل جهاته ولكن صمت الرمل يؤكد انه هو الباقي..يتكدس فوق تويج الزهرات , ليصبغ بتلات اللوتس
بازرقاق الحواف ليبدو على ثغرها كوميض الفضة من بقايا البدر السابق و اللاحق حتى يمنح الناظر القدرة على التبصر ولكن هيهات لو أن كل عين تبصر تتبصر وهيهات كل أذن تسمع تتدبر , وهيهات كل يد تصفع تقوى على محو الوشم ,وهيهات كل لسان لاذع يملك موهبة النفض في ذمه ومدحه عندما يضغط على الـــ , shift, ليقوى على الإقناع , فسيف العذل سباق والرماد المتشظي حين ينتعل الريح دفاق,, ولكن المنطق لا يذعن للطقس فالطقس يمرغ وجهه في دلو مملوء بأصباغ الحريق بينما المناخ هو ذاته درس في الثبات ..أسألوا عالم الفلك والأرصاد لن يضع يده يوما بيد الطقس لأن معاناة الطقس تكمن عندما يضل موضع الجرح بينما يرى النزف ..
يستيقظ الرمل و أنين النايات ترافق دقات الطبول في احتفال النار قبل زوال النهار , ثم تنحت زخارف الرياح صحراء الصباح بنقوش الشفق على سطح الماء ويظل شاهدا على إمارات الممشى و إشارات المشاة ..الرمل في مجاله الجوي تتسامى كثافته القطنية مثل العمائم فوق هامات غادرته الجذوع ..إنه الرمل الغالب والمغلوب والكائن لكل تكوين من مكونات الوجود لهذا يتنافى مع العدم.

سحر الشربينى
02-06-2009, 06:45 PM
لنصك سحر خاص

دمتِ رائعة

شريفة العلوي
03-06-2009, 12:32 PM
واتفق مع اخي الفاضل ثائر بكونكِ رائعة في اقتناص الافكار

حتى ليصيبني الانبهار .. كيف آتتكِ هذه الفكرة ؟!

الاديبة الفاضلة شريفة العلوي .. حياكِ الله

ودمتِ مبدعة دائما

احترامي

مينا

العزيزة مينا عبدالله

لقراءتك نكهة الزمن الماطرة ونسمات العابرة لحدائق الزهور.

دمت في صدق والق .

فدوى يومة
03-06-2009, 07:27 PM
(3)]
يستيقظ الرمل و أنين النايات ترافق دقات الطبول في احتفال النار قبل زوال النهار , ثم تنحت زخارف الرياح صحراء الصباح بنقوش الشفق على سطح الماء ويظل شاهدا على إمارات الممشى و إشارات المشاة ..الرمل في مجاله الجوي تتسامى كثافته القطنية مثل العمائم فوق هامات غادرته الجذوع ..إنه الرمل الغالب والمغلوب والكائن لكل تكوين من مكونات الوجود لهذا يتنافى مع العدم.

العزيزة شريفة صدقت حين اسميته بـ باقة رمل في مزهرية الحياة فهو يجمل الحياة ويصبغها بلون يناسبها
ويناسبه ..
هذا المقطع هنا اعادني لتفاصيل كنت قد ركنتها في أدراج الذاكرة
رائعة انت واكثر
معزتي لك وتقديري

شريفة العلوي
04-06-2009, 05:15 PM
تمتزج في نصوصك روؤيتك الفلسفية والنفسية والعاطفية والاجتماعية والسياسية ، لتشكل لنا من رقة نفسك وثورة مشاعرك وفلسفتك ونظرتك الواقعية وخيالك الواسع صورا تبهرنا فتتلاحق أنفاسنا على سطورك بحثا عن فكرة صغتها بلغة جميلة عميقة تستحل مداركنا تقلبها تنقب عن الوعي فيها لتمسح الغبار عن بصيرة خبى أمامها النور ..

الأديبة شريفة العلوي ..
نصوصك تنم عن ثقافة عالية وإدراك واعي ..
شرف لي أني كنت هنا ..

ودي .

الأديبة الجميلة المدهشة وفاء شوكت خضر
كلما حضرتِ ترفع حروفك سقف الضباب الذي يسكن حيز الصمت في القلب , فتزيد مساحة الرؤية وتسارع البسمة على ثغري الى الاصطباغ بلون بريق الشمس سرورا..
وتؤكدين دوما في كل حضورك لك هذا الوفاء الذي سطا على جزء من اسمك
دمت بكل هذا الوفاء.

يسرى علي آل فنه
05-06-2009, 09:14 AM
شريفة
أي تقصير يسكننا تجاه أولي الفضل فقط لأن فضلهم مستمر وغيابهم لايذكر
هكذا وجدت حالنا مع الرمل قليلون أولئك الذين يتلمسونه بحب وفرح كما يتلمسون
وردة تلك التي لولا احتضان الطين لها لم يكن لها وجود

أيتها الأديبة المميزة

لكل ذرة رمل انصات الشاكرين لنبضك المرهف وتأملك العميق

تطوافك جميل وقطافك رائع

دمتِ بكل الروعة

شريفة العلوي
06-06-2009, 05:14 PM
لنصك سحر خاص

دمتِ رائعة

وحضورك يا استاذة سحر روعة خاصة .
دمت بكل خير.

شريفة العلوي
06-06-2009, 05:15 PM
(5)
الرمل برعم التكوين لكل بناء ينصبه الظل ..لكل كتلة ترواغ تحديدات الشكل .....وأساس الترتيب لعشوائية إنزياح الطلٌ
وهو المرتفع العالي ....لا يباع ولا يشترى إلا بالدم الغالي .....
والمنخفض النفيس , بساطه متموسق الرنين يستجيب لإيقاعات الدجى والضوء ....يتجاوب مع خرير الغدير اذا لابس اللحن سرابه البالي ..... يمتص زعفران الشمس ويمرخ الكون بدهنها الذهبي .......يلصق بالشجر لحاء أخضر ...ويلون صلابة الحجر بعقيق أحمر ...يزخرف أخاديد القمر بخرز أصفر ....
هو الزارع والمزروع في ثنايا الريح والمروحة البرونزية المتحركة في وريد الماء .....والعصية على الإنصباب في لحظات ذوبان الثلج ...الرمل سطوة الذاكرة المهيمنة التي تفرض مساحتها على ذهن الكائنات ...وسلطة الذكريات عن الأيام المتفانية .....الرمل مفتاح السر وقفل الجهر ...
النظر الى لمعان ذراته لذة العين الكبرى ...رصد للدقائق والثواني وهي تتسلق ذرى النهار وسفوح الليل ...الرمل مراقبة النوى وإحداث ردود أفعال اقوى من الفعل ذاته ..تأقلم , تألق , تأنق تام بينه وبين مكوناته ............معجون, مغزول بأوجاعنا حد الفرحة ....يضفر من لهيب الدموع شموعا لليالي ...تتناثر فوق تويجات الزهر كحبات اللؤلؤ حيث ينحدر شعاع الصبح وتشرئب الندى من زاوية اليقظة على نبضات الرمل ... إنه الرمل المعبق بالمسك ما نحن سوى أنوف تستنشق رائحة الرمل ...سيدي الرمل تفضل و سر على سجاد أرواحنا بأقدام تنقش شقائق النعمان على سطح يم أحدثته تدرجات الودق على مدى زمنين....

شريفة العلوي
14-06-2009, 05:12 PM
العزيزة شريفة صدقت حين اسميته بـ باقة رمل في مزهرية الحياة فهو يجمل الحياة ويصبغها بلون يناسبها
ويناسبه ..
هذا المقطع هنا اعادني لتفاصيل كنت قد ركنتها في أدراج الذاكرة
رائعة انت واكثر
معزتي لك وتقديري


الغالية فدوى يومة
يخاصرني حضورك دوما بقوس قزحٍ يتقاطر منه عطر الحبور وما اسعد هذا النص اذ يدفع يدك لتفح أرداج الذاكرة
ذاكرتك العبقة بكل ما هو جميل ورائع .
كوني بالقرب أختي الغالية .
حفظك المولى.

شريفة العلوي
14-06-2009, 05:35 PM
مازالت الطين تتربص بي وتتشكل حولي بكل صورة من الصور التي تنبثق لي من نوافذ عدة متعددة , مرة على هيئة كرات بلورية , فسفورية , زيتونية , ارجوانية , بالونية , لؤلؤية , مذهبة بأهداب فضية , كأسماك موسمية أقليمية , كأزهار جبلية /برية , كأحلام قيصرية , وتسريحات بارونية , ..للطين نوافذ عارية من الأطر والظل متكئ على زواياها , وعندما ألمح من بعيد موجة ضوء تومئ بالإيجاب اذا ما تساءلت عن موعد الشروق وبزوغ النجوم التي تعبث بمعايير البروق وتمنح الصبح غبار المساء وتمد المساء بتكاسل الصباح الشتوي عندما تكتظ طوائف الغيوم هنا وهناك ...الطين مسحة على قوادم الطير الزاجل وكل الرسائل تنغمس في الوحل قبل ان تتودد الى عيون القراءة وكف العرافة أقتبس تشققات الحقل بعد جفافه من الغرق إذ أن العبوس يظهر في تفاصيله ونقطة الإرتكاز تتدلى ميلا من جانب الأيسر ..الكل يتنكر للطين ويغتسل بأجاج العرق باستهلاك الودق ويسور بحوافر الخيل مسافات لم تطأها الأقدام ولا الركاب ..
الطين المشرد يعشق التشريد وكلما اغتسلنا منه كان يغتسل بنا ..ولأني لم أجد بعد كل أزمة سوى ورق من الطين وقلم شاهد ميلاد موت الطين يقف بثبات أمام هزائمي ويظهر تكوين صخري من الخلف كي يسد طريق العودة إذا ما قررت العودة الى خلية الغبار المنفلتة من بلل السماء وجفاف العراء ..يرعبني الباب الذي لا تسنده الجدران ..ترهبني النوافذ التي لا تتكئ على الزوايا ..ولكن لا تخيفني ملامح الريح المجردة من كل شيء سوى طاقة التحريك الغير المرئية ... أعرف بأن الطين التي تلتصق بزفراتي وتمتشق شهقاتي لا تعرف بأنني أعرف مكامنها ودوافع هواجسها وأملك شهادة موثقة من توابيت العناكب وتصريح مؤرخ ما قبل التاريخ يمنحني خلاصة السيرة الذهبية المكتوبة في مسلة الطين حتى لا انشغل بكيفية تكوينها الصحراوي وها هي الآن تشغلني حتى بعوالق الوهم ألا يكفي بأنها عالقة بي ؟
أتساءل لماذا لم تحذرني أمي من الطين ,,,
مع إنها حذرتني كثيرا من الضحك والدمى ..
ومنحتني لسعة الدمعة على طبق من الطين ..سأعتكف حب الطين ولو أخذني عنوة الى الصين ...