سمير خليفة
09-06-2009, 10:41 PM
بوح على أطلال أنثى
بقلم سمير خضر خليفة
اقتربت مني بلطف محاولة لفت انتباهي... مواء ناعم و حركات جميلة كانت تأبى القيام بها إلا بمكافأة مجزية ... بينما كنت أجلس على مكتبي الصغير أنجز بعض أعمالي الخاصة بالسجلات . "أعلم ما تريدين .. أثيريني أكثر فأنا رجل مهزوم يستجدي نصراً على أنثى ".
كم هي قريبة تلك الأيام ، لم أكن ألحظ عليها يوماً شيئاً يميزها عن أقرانها إلا سمة بارزة هي خجلها ,و كسوفها الواضحين دائماً .... فمعرفتي بهالا تتجاوز حدود معرفتي بأي فتاة من فتيات الحي . خدمة قدمتها لوالدها ، فأثنى علي ووجه لي دعوة ،و اشترطت أن لا تتجاوز هذه الدعوة تناول كأس من الشاي . للصدفة عنوان ،و لكن الصدفة تحمل الميعاد فتلاقت العيون على الباب ،و دون مقدمات ارتسمت على شفتيها علامة السؤال لتهمس: "هل لك أن تساعدني في بعض الدروس ا". فاجأني صوتها الناعم ، فارتبكت بين ثنايا السؤال أبحث عن جواب . سادت برهة من الصمت ، ابتسمت فيها وهززت رأسي . حركة استعراضية كدت أن أصفق لها لولا خوفي على هيبتي أمام هذه الأنثى .
ثابرت فسرقت مني مداعبة لفروها الناعم بعد أن كررت الحركة ثانية .
وجهاً لوجه على طاولة الدرس ، درس قد حضرت له جيداً لتظهر لي أنها مجتهدة في دروسها . لم يكن الدرس ليستغرق أكثر من دقائق معدودة ولكن هناك الكثير ليقال : حديث مبهم و أسئلة غير مباشرة من القلب إلى القلب . هذا ما شجعني لأن أقول لها قبيل الوداع : هناك موضوع لم يحن وقته بعد ... أرجوك أن لا تسأليني شيئاً الآن و أعدك أن نناقش الموضوع معاً في وقت قريب . ودعتها و استدرت مغادراً فسمعت صوتها : إلى أين ؟.. لقد نسينا الشاي .
- سأشربه مع والدك .
جرس الهاتف يبدد خلوتنا ، قائد الوحدة يستفسر عن العمل .
- السجلات جاهزة سيدي و أنا أعيد تدقيقها .
عادت لمداعبتي لكن هذه المرة مع مواء جريح أظنه استجداء ، توقفت عن الكتابة و فتحت صندوق الطعام ،أخرجت قطعة من الدجاج تركها لي زميلي في النوبة السابقة ، وضعتها على قطعة ورق وبدأت أقد لها الطعام كما عوتها ،و كانت تنبهني بحركاتها الجميلة كلما سرقني منها العمل 0
انتهى الدرس سريعاً هذه المرة لم أترك لها فرصة السؤال كما عودتها ، وبادرتها دون مقدمات : "هل تقبلين الارتباط بي "0
و أردفت : لا أريد الإجابة الآن ، لك ما شئت من الوقت لتقرري0 سرعان ما سبقت شفتاها صوت قلبها لتقول: "هذا الموضوع بحاجة لنقاش طويل فلدي الكثير من الأسئلة ".
لا أدري لم اخترت هذه القطة السوداء من بين أقرانها , و أذكر ما قاله صديقي صاحب القطة الأم بتهكم : أنثى و سوداء ، فأجبته بتهكم : "سأعلمك كيف تروض النساء" 0
كان اللقاء طويلاً جداً ولكن علامات التعجب بدت على وجهي لترسم خلفها مئات الأسئلة ... إنها تعرف الكثير عني و عن أدق التفاصيل في حياتي الخاصة فعقبت مازحاً : هل أنت منجمة ... إن فنجاني عصي عن التنجيم ... !!!!
انتابني شعور غريب . ها أنا عار ٍ كما الحقيقة ، فالأشجار التي تكسوها أوراق البوح أصبحت عارية .لم تترك لي برهة واحدة لأبرر لها بعض الأمور و المواقف 0 بلهجة صارمة عرتها من ثوب الخجل دون أن تخدش أنوثتها ولم تصغي إلا لنداء قلبها : أنا لا أنكر إعجابي بك منذ زمن طويل و تتبعت أخبارك خطوة .. خطوة و رغم الكثير الذي عرفته عنك ... ابتسمت بمكر ثم علت نبرتها كأنها تتلو مرسوماً أو تصدر أمراً : أنا أحبك ..... ارتمت على مقعدها كما لو أنها ألقت حملاً أثقل كاهلها
العرق يندي جبيها ... شفاه مرتجفة .... و أصابع ترتعش ... و إطراقة رأسها أعادتها لطبيعتها التي أحببت ، مددت كفي اتجاهها ورفعت رأسها قليلاً ً بينما كانت عيناي تتأملا ن عينيها هتفت : يا الله ..... أي ملاك تكونين ..بداية التاريخ أنت. أقسم أن اليوم هو يوم مولدي الجديد . أمسكت كفي ومسحت خدها كأنها تتوسده أو لتمسح دمعة لم تذرفها بعد ، وما كادت أناملي تلامس شفتيها ,حتى سَحبتُ كفها و قبلته فمالت بجذعها نحوي و توسدت صدري 0
كانت تلازمني طوال الوقت فأداعب فراءها و ألاعبها ، إنها طفلة شقية تختفي بين الأسرة ، أو تحت المكتب أو فوق الخزائن أو داخلها . فهي تعبث بكل محتويات الغرفة , وعندما تقلب وعاءً أو تحطم شيئاً أو ينهرها أحدهم تفر إلى حضني الكل يدللها , و لها حصة من الطعام . حتى أن الطباخ كان يمازحنا أعطهم مخصصاً لخمسة أفراد و قطة و في المرة القادمة أضيفوها إلى بطاقة الإطعام 0
تتسلل ليلاً إلى سريري , و تتمطى بجانبي فأداعب فراءها و يتسلل النوم إلى عيوننا خلسة 0 أحببناها جميعاً ، ندللها كلما أبدعت في استعرض حركاتها , وكأننا نعدها لمهرجان استعراضي . تلاعب من تشاء أثناء غيابي وعند عودتي تهرع إلي , لا تلبي نداء أحد سواي . مما أثار حفيظة البعض ليعلق أحدهم : و الله إنك امرأة و ابنة كلب .
أصبحت الآن توأم روحي ، أسابق الزمن لأجلها و لعيونها قررت إيقاف دراستي الجامعية و تأدية خدمة العلم لأقرب المسافة , و أحظى باليوم الموعود ..هآنذا أخسر سباقي ، رسالة مستعجلة بضرورة الحضور دون أي توضيح !!!ولكنها الرياح تعاند أشرعتي, فلم يكن الحصول على الإجازة بالآمر السهل فإذن المغادرة الذي حصلت عليه لمدة أربع و عشرون ساعة , بمساعدة صديق احتاج لثلاثة أيام 0
المساء شاحبٌ على غير عادته ، كل من رآني يتودد لي وكلام غامض من صديقي يؤجج مشاعري ، اعترضت طريقي صديقتها فحاولت أن أتحاشاها . قطعت طريقي وواجهتني دون مقدمات : أنت خائف من مواجهتي ..فكيف ستواجهها إذن ..إنها على موعد معك بعد ساعة !!!!
سيطرت فكرة الانتقام على رأسي ومر على ذاكرتي شريط ممزوج بقصص الخيانة و الانتقام ، أفاق وحش في داخلي ، لم أعلم بوجوده من قبل ، سيطر عل كل ملكاتي بينما كان يجلجل صوت صديقي بتمتمات و نصائح تقطع هذا الشريط بين الفينة و الأخرى و أفقت على صوته و هو يرعد : أنت أقوى من هذا ... أنت أكبر من هذه الترهات ، عندها أدركت أن صوتي كان يسبق شريط الذكريات .
- حقاً ستأتي و هي عروس منذ يومين .. أنا لا أصدق أنها تمتلك هذه الجرأة ؟.
- أنت لا تعرفها يا صديقي .. قالت ستأتي ... إذاً .. ستأتي .
كثيراً ما حاولت المقارنة بينها و بين الأنثى البشرية ، فسلوكها كان أنثويا ً خبيثاً ، لا أدري إن كان غريزياً ، كان من عادتي عند الملل من القراءة أو التعب أن أضع صورتها بين صفحات الكتاب المفتوح و أحاورها و أقرأ أوراقها الحالمة التي تعطيني إياها بعد كل لقاء أو ترسلها لي مع أحد الأصدقاء و تقول لي لا تقرأها الآن اقرأها هناك على شاطئ غربتك لأبقى قريبة منك في وحدتك 0
فاجأتني القطة بأن خطفت إحدى الرسائل و ألقتها على الأرض محاولة تمزيقها ، لا ليست مصادفة فهي قد فعلت هذا من قبل وهذه هي المرة الثانية التي تعيدها وقفت عاجزاً أمام هذا التصرف المبهم علق صاحبي إنها انثى ، هي الغيرة يا صديقي إنها حواء 0
كانت أقوى و أكثر جرأة مني مدت يدها نحوي ولم أدرك ذلك حتى نبهتني صديقتها التي داست على قدمي و انسحبت من الغرفة لتعد لنا القهوة كما ادعت ، مددت يدي~
و أنا مطرق الرأس و بصوت كسير تساءلت : من يقف أمامي .. أنا لا أعرفه ..هل أنت البطل القادم لإنقاذ حبيبته السبية ..هزتني من كتفي بقوة صارخة و قالت : أنا من خانت العهد ...أنا الجبانة التي لم تستطع الدفاع عن الحب فسباها أهلها و اغتصبها الغريب القادم من بلاد النفط بورقة سموها عقد زواج ... الغريب الذي علمت مؤخراً أنه ابن عمي بعد ان ا اكتشف أن له ابنة عم بعد عشرين عام ، كل الكنوز التي خبأتها في جعبتي سلبوها و قطفوا زهورها واستباحوا ثمارها .... ما بك تقف كصنم .... أنا لست خائفة ... و لا شيء يرهبني بعد اليوم ... و أعلم أنني أخبرت هذا الكلب بأني سأراك عندما تعود والآن أفي بوعدي ... و أنا انتظر منك القرار .. و بسرعة البرق اندفعت نحوي تضمني و تقبل رأسي بينما انهمرت الدموع لتبلل خديها الوردية ...حاولت أن أبعدها فجثت على الأرض تقبل يدي ..جثوت امامها ومسحت دموعها أجلستها على المقعد ، قلت لها أتيتني مع الأحلام و ستبقين حلمي الجميل و جرحي النازف إلى الأبد ... هممت بالخروج أمسكت بيدي و انتزعت طوقاً صغيراً من جيدها نقش عليه حرفان من حروف أسمائنا وقالت يا أشرف الناس : لن أنساك .
أشعلت لفافة تبغ و تابعت إطعامها بينما كانت تتدلل و تنظر إلى ابتسامتي البلهاء وقبل نفاذ الطعام بقليل قمت بسذاجة بوضع قطعة من اللحم بفمي لأغير طعم التبغ ، انقلب سلوكها فجأة و أصدرت صوتاً غريباً كأنه حشرجة ، التقطت أخر قطعة من يدي فمددت يدي كعادتي لمداعبتها و بحركة مفاجئة غرست براثنها في كفي فأدمتها وولت هاربة 0 التفت إليها وهي تتوثب عند الباب مكشرة عن أنيابها ,أضافت أشعة الغروب القادمة من خلفها شكلاً خرافياً على ظلالها المنعكسة على أرض الغرفة ,فبدت:006: كحيوان خرافي خرج لتوه من أحدى الأساطير اليونانية ، سرت قشعريرة في جسدي و تملكني الرعب ، أمسكت بالخوذة و أرسلتها باتجاهها منزلقة على الأرض مصدرة صوتا مدوياً ، فولت هاربة ... استفقت من كابوسي المزعج على كف بثلاثة أثلام غمرتها الدماء و حيرة السؤال 0
أتاني صوت صديقي من وراء الأفق : ستعلمني كيف تروض النساء .. لقد تعلمت الآن يا صديقي ......و لكن تعلم أنت كيف تلعق الجراح 0
بقلم سمير خضر خليفة
اقتربت مني بلطف محاولة لفت انتباهي... مواء ناعم و حركات جميلة كانت تأبى القيام بها إلا بمكافأة مجزية ... بينما كنت أجلس على مكتبي الصغير أنجز بعض أعمالي الخاصة بالسجلات . "أعلم ما تريدين .. أثيريني أكثر فأنا رجل مهزوم يستجدي نصراً على أنثى ".
كم هي قريبة تلك الأيام ، لم أكن ألحظ عليها يوماً شيئاً يميزها عن أقرانها إلا سمة بارزة هي خجلها ,و كسوفها الواضحين دائماً .... فمعرفتي بهالا تتجاوز حدود معرفتي بأي فتاة من فتيات الحي . خدمة قدمتها لوالدها ، فأثنى علي ووجه لي دعوة ،و اشترطت أن لا تتجاوز هذه الدعوة تناول كأس من الشاي . للصدفة عنوان ،و لكن الصدفة تحمل الميعاد فتلاقت العيون على الباب ،و دون مقدمات ارتسمت على شفتيها علامة السؤال لتهمس: "هل لك أن تساعدني في بعض الدروس ا". فاجأني صوتها الناعم ، فارتبكت بين ثنايا السؤال أبحث عن جواب . سادت برهة من الصمت ، ابتسمت فيها وهززت رأسي . حركة استعراضية كدت أن أصفق لها لولا خوفي على هيبتي أمام هذه الأنثى .
ثابرت فسرقت مني مداعبة لفروها الناعم بعد أن كررت الحركة ثانية .
وجهاً لوجه على طاولة الدرس ، درس قد حضرت له جيداً لتظهر لي أنها مجتهدة في دروسها . لم يكن الدرس ليستغرق أكثر من دقائق معدودة ولكن هناك الكثير ليقال : حديث مبهم و أسئلة غير مباشرة من القلب إلى القلب . هذا ما شجعني لأن أقول لها قبيل الوداع : هناك موضوع لم يحن وقته بعد ... أرجوك أن لا تسأليني شيئاً الآن و أعدك أن نناقش الموضوع معاً في وقت قريب . ودعتها و استدرت مغادراً فسمعت صوتها : إلى أين ؟.. لقد نسينا الشاي .
- سأشربه مع والدك .
جرس الهاتف يبدد خلوتنا ، قائد الوحدة يستفسر عن العمل .
- السجلات جاهزة سيدي و أنا أعيد تدقيقها .
عادت لمداعبتي لكن هذه المرة مع مواء جريح أظنه استجداء ، توقفت عن الكتابة و فتحت صندوق الطعام ،أخرجت قطعة من الدجاج تركها لي زميلي في النوبة السابقة ، وضعتها على قطعة ورق وبدأت أقد لها الطعام كما عوتها ،و كانت تنبهني بحركاتها الجميلة كلما سرقني منها العمل 0
انتهى الدرس سريعاً هذه المرة لم أترك لها فرصة السؤال كما عودتها ، وبادرتها دون مقدمات : "هل تقبلين الارتباط بي "0
و أردفت : لا أريد الإجابة الآن ، لك ما شئت من الوقت لتقرري0 سرعان ما سبقت شفتاها صوت قلبها لتقول: "هذا الموضوع بحاجة لنقاش طويل فلدي الكثير من الأسئلة ".
لا أدري لم اخترت هذه القطة السوداء من بين أقرانها , و أذكر ما قاله صديقي صاحب القطة الأم بتهكم : أنثى و سوداء ، فأجبته بتهكم : "سأعلمك كيف تروض النساء" 0
كان اللقاء طويلاً جداً ولكن علامات التعجب بدت على وجهي لترسم خلفها مئات الأسئلة ... إنها تعرف الكثير عني و عن أدق التفاصيل في حياتي الخاصة فعقبت مازحاً : هل أنت منجمة ... إن فنجاني عصي عن التنجيم ... !!!!
انتابني شعور غريب . ها أنا عار ٍ كما الحقيقة ، فالأشجار التي تكسوها أوراق البوح أصبحت عارية .لم تترك لي برهة واحدة لأبرر لها بعض الأمور و المواقف 0 بلهجة صارمة عرتها من ثوب الخجل دون أن تخدش أنوثتها ولم تصغي إلا لنداء قلبها : أنا لا أنكر إعجابي بك منذ زمن طويل و تتبعت أخبارك خطوة .. خطوة و رغم الكثير الذي عرفته عنك ... ابتسمت بمكر ثم علت نبرتها كأنها تتلو مرسوماً أو تصدر أمراً : أنا أحبك ..... ارتمت على مقعدها كما لو أنها ألقت حملاً أثقل كاهلها
العرق يندي جبيها ... شفاه مرتجفة .... و أصابع ترتعش ... و إطراقة رأسها أعادتها لطبيعتها التي أحببت ، مددت كفي اتجاهها ورفعت رأسها قليلاً ً بينما كانت عيناي تتأملا ن عينيها هتفت : يا الله ..... أي ملاك تكونين ..بداية التاريخ أنت. أقسم أن اليوم هو يوم مولدي الجديد . أمسكت كفي ومسحت خدها كأنها تتوسده أو لتمسح دمعة لم تذرفها بعد ، وما كادت أناملي تلامس شفتيها ,حتى سَحبتُ كفها و قبلته فمالت بجذعها نحوي و توسدت صدري 0
كانت تلازمني طوال الوقت فأداعب فراءها و ألاعبها ، إنها طفلة شقية تختفي بين الأسرة ، أو تحت المكتب أو فوق الخزائن أو داخلها . فهي تعبث بكل محتويات الغرفة , وعندما تقلب وعاءً أو تحطم شيئاً أو ينهرها أحدهم تفر إلى حضني الكل يدللها , و لها حصة من الطعام . حتى أن الطباخ كان يمازحنا أعطهم مخصصاً لخمسة أفراد و قطة و في المرة القادمة أضيفوها إلى بطاقة الإطعام 0
تتسلل ليلاً إلى سريري , و تتمطى بجانبي فأداعب فراءها و يتسلل النوم إلى عيوننا خلسة 0 أحببناها جميعاً ، ندللها كلما أبدعت في استعرض حركاتها , وكأننا نعدها لمهرجان استعراضي . تلاعب من تشاء أثناء غيابي وعند عودتي تهرع إلي , لا تلبي نداء أحد سواي . مما أثار حفيظة البعض ليعلق أحدهم : و الله إنك امرأة و ابنة كلب .
أصبحت الآن توأم روحي ، أسابق الزمن لأجلها و لعيونها قررت إيقاف دراستي الجامعية و تأدية خدمة العلم لأقرب المسافة , و أحظى باليوم الموعود ..هآنذا أخسر سباقي ، رسالة مستعجلة بضرورة الحضور دون أي توضيح !!!ولكنها الرياح تعاند أشرعتي, فلم يكن الحصول على الإجازة بالآمر السهل فإذن المغادرة الذي حصلت عليه لمدة أربع و عشرون ساعة , بمساعدة صديق احتاج لثلاثة أيام 0
المساء شاحبٌ على غير عادته ، كل من رآني يتودد لي وكلام غامض من صديقي يؤجج مشاعري ، اعترضت طريقي صديقتها فحاولت أن أتحاشاها . قطعت طريقي وواجهتني دون مقدمات : أنت خائف من مواجهتي ..فكيف ستواجهها إذن ..إنها على موعد معك بعد ساعة !!!!
سيطرت فكرة الانتقام على رأسي ومر على ذاكرتي شريط ممزوج بقصص الخيانة و الانتقام ، أفاق وحش في داخلي ، لم أعلم بوجوده من قبل ، سيطر عل كل ملكاتي بينما كان يجلجل صوت صديقي بتمتمات و نصائح تقطع هذا الشريط بين الفينة و الأخرى و أفقت على صوته و هو يرعد : أنت أقوى من هذا ... أنت أكبر من هذه الترهات ، عندها أدركت أن صوتي كان يسبق شريط الذكريات .
- حقاً ستأتي و هي عروس منذ يومين .. أنا لا أصدق أنها تمتلك هذه الجرأة ؟.
- أنت لا تعرفها يا صديقي .. قالت ستأتي ... إذاً .. ستأتي .
كثيراً ما حاولت المقارنة بينها و بين الأنثى البشرية ، فسلوكها كان أنثويا ً خبيثاً ، لا أدري إن كان غريزياً ، كان من عادتي عند الملل من القراءة أو التعب أن أضع صورتها بين صفحات الكتاب المفتوح و أحاورها و أقرأ أوراقها الحالمة التي تعطيني إياها بعد كل لقاء أو ترسلها لي مع أحد الأصدقاء و تقول لي لا تقرأها الآن اقرأها هناك على شاطئ غربتك لأبقى قريبة منك في وحدتك 0
فاجأتني القطة بأن خطفت إحدى الرسائل و ألقتها على الأرض محاولة تمزيقها ، لا ليست مصادفة فهي قد فعلت هذا من قبل وهذه هي المرة الثانية التي تعيدها وقفت عاجزاً أمام هذا التصرف المبهم علق صاحبي إنها انثى ، هي الغيرة يا صديقي إنها حواء 0
كانت أقوى و أكثر جرأة مني مدت يدها نحوي ولم أدرك ذلك حتى نبهتني صديقتها التي داست على قدمي و انسحبت من الغرفة لتعد لنا القهوة كما ادعت ، مددت يدي~
و أنا مطرق الرأس و بصوت كسير تساءلت : من يقف أمامي .. أنا لا أعرفه ..هل أنت البطل القادم لإنقاذ حبيبته السبية ..هزتني من كتفي بقوة صارخة و قالت : أنا من خانت العهد ...أنا الجبانة التي لم تستطع الدفاع عن الحب فسباها أهلها و اغتصبها الغريب القادم من بلاد النفط بورقة سموها عقد زواج ... الغريب الذي علمت مؤخراً أنه ابن عمي بعد ان ا اكتشف أن له ابنة عم بعد عشرين عام ، كل الكنوز التي خبأتها في جعبتي سلبوها و قطفوا زهورها واستباحوا ثمارها .... ما بك تقف كصنم .... أنا لست خائفة ... و لا شيء يرهبني بعد اليوم ... و أعلم أنني أخبرت هذا الكلب بأني سأراك عندما تعود والآن أفي بوعدي ... و أنا انتظر منك القرار .. و بسرعة البرق اندفعت نحوي تضمني و تقبل رأسي بينما انهمرت الدموع لتبلل خديها الوردية ...حاولت أن أبعدها فجثت على الأرض تقبل يدي ..جثوت امامها ومسحت دموعها أجلستها على المقعد ، قلت لها أتيتني مع الأحلام و ستبقين حلمي الجميل و جرحي النازف إلى الأبد ... هممت بالخروج أمسكت بيدي و انتزعت طوقاً صغيراً من جيدها نقش عليه حرفان من حروف أسمائنا وقالت يا أشرف الناس : لن أنساك .
أشعلت لفافة تبغ و تابعت إطعامها بينما كانت تتدلل و تنظر إلى ابتسامتي البلهاء وقبل نفاذ الطعام بقليل قمت بسذاجة بوضع قطعة من اللحم بفمي لأغير طعم التبغ ، انقلب سلوكها فجأة و أصدرت صوتاً غريباً كأنه حشرجة ، التقطت أخر قطعة من يدي فمددت يدي كعادتي لمداعبتها و بحركة مفاجئة غرست براثنها في كفي فأدمتها وولت هاربة 0 التفت إليها وهي تتوثب عند الباب مكشرة عن أنيابها ,أضافت أشعة الغروب القادمة من خلفها شكلاً خرافياً على ظلالها المنعكسة على أرض الغرفة ,فبدت:006: كحيوان خرافي خرج لتوه من أحدى الأساطير اليونانية ، سرت قشعريرة في جسدي و تملكني الرعب ، أمسكت بالخوذة و أرسلتها باتجاهها منزلقة على الأرض مصدرة صوتا مدوياً ، فولت هاربة ... استفقت من كابوسي المزعج على كف بثلاثة أثلام غمرتها الدماء و حيرة السؤال 0
أتاني صوت صديقي من وراء الأفق : ستعلمني كيف تروض النساء .. لقد تعلمت الآن يا صديقي ......و لكن تعلم أنت كيف تلعق الجراح 0