تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : والله ما علمتُ عنكِ إلا خيراً!.



مبارك الهاجري
14-06-2009, 06:33 AM
والله ما علمتُ عنكِ إلا خيراً، فما ظنُّكِ بعلمٍ أرْكزَتْه دماثتكِ، ونقاء سريرتك، وانطراح همتك على كُلِّ ذي جَوْد، وسُمُو إرادتك عن كُلِّ ذي أَوْد، وهو ـ أي ذلك العلم ـ يحارُ في أن يكون بلا حقيقةٍ في حقيقةِ وضعِهِ، أو أن يكون بلا وجهٍ في وجه موضعه، وايم الله يا غالية؛ ما إخال ما انغرسَ منه ورَسَخ، إلا وقد طُمِسَ ودَرَس!.
فما من ثوابتٍ عهدتُها تُجِلُّ فيكِ شَرَفَ قرارها، وما من مبادئٍ أكبرتُها تُهيبُ فيكِ خوض غمارها؛ ثم أين ذلك الإباء، والولاء، والحياء فيما ذهبتِ إليه مؤخراً من إيثار ما تشتهينَهُ، وإن كان دَنِسًا: إما بأصله، أو بميلك في إباحته عن الحق!.
لا والله، ما هذا بيمينِ القول، إلا أن تكوني في عِداد المُتَلَبِّسين بهذه النفس التي ما فَتِئت أن أرشدَتْ حُسن ظني إلى طُهْرِ يقينها في أساس المحافظة على كينونتها صفاءً، فبقاءً!.
عرفتكِ عاقلةً لا تلتمسين التفاصيل التي لا تعودُ جُمْلةً إلا في حيِّز الهوامش التي لا تبْسُطُ عن عقل؛ ولا تتساور عن فكر!.
ثم إني توسَّمتُ فيكِ شيئاً من الحكمة تنميه تلك التجارب المخللة بنظرٍ في دواعي الأفعال، ويستدعيه أمَلُكِ في الصبر على ما سيقبل، عدا أن تلكم الحكمة ما كانت لكِ سربالاً يسبل عليكِ من فيض الوقار والهيبة إلا ما كان في ساعةٍ من تواؤمِكِ معي تحتَ ظِلٍّ من شمس التشبب والنزق!.
يا هذه، ألستِ من آثر الترغيب يوماً على الترهيب؟!.. ألستِ من زَعَمَ بأنَّ للبشائرِ مأخذاً هو خيراً مما للنذر من اقتلاع؟!.. إنْ كُنْتِ ممن قال ذلك وهو يعي ما يقول، فما لي أراكِ لا تَتَأتَّيْنَ للحق إلا بالغلظة، ولا تنساقين له إلا وإفرازات الصَغار بادية على محياك، ثم ترين لذلك السبيل مرأىً يصح في بعض، فتخطِّئينه في كُلّ، وما هذه من أمارات عقلك، بل هي من ركائز هواكِ الذي ضعضع ما مُلئتِ به من خير ونِعم، فأنشأتِ عُمُراً تُذْوِيْنَ أصله بمراهقةٍ لا يعرف العلم إلا أنَّكِ ممن قضى على نحبها عدداً، فأنتِ ممن أتى بها في غير وقتها هامسةً لي في تورد غريب:
ـ ربما هو من التعويض!، فأنا كما تعلم ما راهقتُ إلا في القراءة والاطِّلاع، وما جهالةٌ لي في ذلك الوقت سوى ذلكم الهدوء!… أفأكون راهقت؟!.
لم أجيبكِ حينها، عدا أني أحلت الإجابة إلى صادقٍ فيكِ، فاسمعي ما يقول:
ـ نعم، مُصيبةٌ أنتِ في بعض ما قلتِ؛ ولكن الصواب يقف على ما تقولينه موقف الحقيقة في غايتها؛ ولكنه لا يجري عليه مجرى تقييم الغاية في حقيقتها؛ فأمر حيويتك البدنية استعضتِ عن كثيرٍ منها بكونٍ من حياتكِ العقلية، والتي لولا أنَّها كانت غالبة طاغية، لما تفشى فيكِ ذلكم الألق الروحي، وتفنن الأنفس في أن تصبو إلى الائتلاف معِك، ثم إنَّك لم تكوني إلا متأثرةً في ذلكم الائتلاف، وذا لم يكُ من قبل، الأمر الذي عجَّل بفقدانِك لشخصيةٍ كانت من التأثير كما هو تأثير ممن تتوثبين بسببه إلى كلِّ ما هو دَوْنٌ وتحت!.
بحقي عليكِ ـ وإن كنتُ ذلك الصادق الذي تحنين إليه دوماً ـ فكري في سرِّ من تسعينَ خلفه؛ ولو بلمحةٍ من الأرشيف الأصيل الذي تحملينه، وإنَّ وريقاتٍ لتظمأ إلى ذلك!.
أحبكِ، وإنَّ لي لعودة!.

حسنية تدركيت
14-06-2009, 01:25 PM
رائعة جدا , لي عودة إن شاء الله ,كي أنهل من هذا الجمال الآسر.

سعيدة الهاشمي
14-06-2009, 02:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الأخ الفاضل مبارك الهاجري،

نثرية جمعت بين جمال اللغة وعمق المعنى فانفجرت حروفا متوشحة ثوب الإبداع

أخي أخاف أن أظلم المكتوب بتعليقي لذلك أفضل الآن التلذذ بالمكتوب

عسى أن أعود مع عودك مجددا.

احترامي وتقديري.

هشام عزاس
17-06-2009, 05:30 PM
الجميل / مبارك الهاجري

رسالة أنيقة خطتها أناملك بحرفية الأديب الذي يعرف كيف يختار الكلمات المناسبة بدقة و وضوح لتؤدي وظيفتها و تبلغ معناها في ممازجة بديعة خاطبت العقل و الروح معا , فاستحقت أن تقرأ بدل المرة مرات عديدة .

نص متألق مبنى و معنى و يستحق التثبيت .

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

روميه فهد
18-06-2009, 06:28 PM
الفاضل مبارك ..

لغة مكثفة المعاني / حكيمة / متينة الأسلوب / منفردة التكوين وصحيحة الفكرة والروح .

هنا إبداع يتسابق عليه الإبداع ذاته .

دمتَ لمن تحب

روميه

مبارك الهاجري
20-06-2009, 12:54 PM
حسنية:
وأنا بانتظار تلكم العودة!.
مودتي!.

عبير هاشم
23-06-2009, 09:29 AM
تلك الدرة الجميلة من , أربكت قلمي قبل الرد
كانت كهمس النفس للنفس فلربما هبت نسائمها إلى من اتخذت العقل سبيلاً وحيدا
في حياتها بل في قرارتها , فلسفة عميقة طغت على النص ومحاكاة في تطويع الحروف
كيفما أرادت النفس ان تكتب , لتتجلى الحقيقة التي طالما كتب عنها الجميع
ولكن أسلوب إيصالها اليوم جاء في طريق جديد مميز
دائماً ما يفوق الحب العقل في جذب المحبين
ولكني اليوم وجدت أن العقل قد فاق الحب في ذلك.
.................
سلم قلمك أخي الكريم مبارك الهاجري
ضيفة جديدة عليكم
فاعذر مداخلتي
تحياتي

محمود فرحان حمادي
23-06-2009, 09:46 AM
والله ما علمتُ عنكِ إلا خيراً، فما ظنُّكِ بعلمٍ أرْكزَتْه دماثتكِ، ونقاء سريرتك، وانطراح همتك على كُلِّ ذي جَوْد، وسُمُو إرادتك عن كُلِّ ذي أَوْد، وهو ـ أي ذلك العلم ـ يحارُ في أن يكون بلا حقيقةٍ في حقيقةِ وضعِهِ، أو أن يكون بلا وجهٍ في وجه موضعه، وايم الله يا غالية؛ ما إخال ما انغرسَ منه ورَسَخ، إلا وقد طُمِسَ ودَرَس!.
فما من ثوابتٍ عهدتُها تُجِلُّ فيكِ شَرَفَ قرارها، وما من مبادئٍ أكبرتُها تُهيبُ فيكِ خوض غمارها؛ ثم أين ذلك الإباء، والولاء، والحياء فيما ذهبتِ إليه مؤخراً من إيثار ما تشتهينَهُ، وإن كان دَنِسًا: إما بأصله، أو بميلك في إباحته عن الحق!.
لا والله، ما هذا بيمينِ القول، إلا أن تكوني في عِداد المُتَلَبِّسين بهذه النفس التي ما فَتِئت أن أرشدَتْ حُسن ظني إلى طُهْرِ يقينها في أساس المحافظة على كينونتها صفاءً، فبقاءً!.
عرفتكِ عاقلةً لا تلتمسين التفاصيل التي لا تعودُ جُمْلةً إلا في حيِّز الهوامش التي لا تبْسُطُ عن عقل؛ ولا تتساور عن فكر!.
ثم إني توسَّمتُ فيكِ شيئاً من الحكمة تنميه تلك التجارب المخللة بنظرٍ في دواعي الأفعال، ويستدعيه أمَلُكِ في الصبر على ما سيقبل، عدا أن تلكم الحكمة ما كانت لكِ سربالاً يسبل عليكِ من فيض الوقار والهيبة إلا ما كان في ساعةٍ من تواؤمِكِ معي تحتَ ظِلٍّ من شمس التشبب والنزق!.
يا هذه، ألستِ من آثر الترغيب يوماً على الترهيب؟!.. ألستِ من زَعَمَ بأنَّ للبشائرِ مأخذاً هو خيراً مما للنذر من اقتلاع؟!.. إنْ كُنْتِ ممن قال ذلك وهو يعي ما يقول، فما لي أراكِ لا تَتَأتَّيْنَ للحق إلا بالغلظة، ولا تنساقين له إلا وإفرازات الصَغار بادية على محياك، ثم ترين لذلك السبيل مرأىً يصح في بعض، فتخطِّئينه في كُلّ، وما هذه من أمارات عقلك، بل هي من ركائز هواكِ الذي ضعضع ما مُلئتِ به من خير ونِعم، فأنشأتِ عُمُراً تُذْوِيْنَ أصله بمراهقةٍ لا يعرف العلم إلا أنَّكِ ممن قضى على نحبها عدداً، فأنتِ ممن أتى بها في غير وقتها هامسةً لي في تورد غريب:
ـ ربما هو من التعويض!، فأنا كما تعلم ما راهقتُ إلا في القراءة والاطِّلاع، وما جهالةٌ لي في ذلك الوقت سوى ذلكم الهدوء!… أفأكون راهقت؟!.
لم أجيبكِ حينها، عدا أني أحلت الإجابة إلى صادقٍ فيكِ، فاسمعي ما يقول:
ـ نعم، مُصيبةٌ أنتِ في بعض ما قلتِ؛ ولكن الصواب يقف على ما تقولينه موقف الحقيقة في غايتها؛ ولكنه لا يجري عليه مجرى تقييم الغاية في حقيقتها؛ فأمر حيويتك البدنية استعضتِ عن كثيرٍ منها بكونٍ من حياتكِ العقلية، والتي لولا أنَّها كانت غالبة طاغية، لما تفشى فيكِ ذلكم الألق الروحي، وتفنن الأنفس في أن تصبو إلى الائتلاف معِك، ثم إنَّك لم تكوني إلا متأثرةً في ذلكم الائتلاف، وذا لم يكُ من قبل، الأمر الذي عجَّل بفقدانِك لشخصيةٍ كانت من التأثير كما هو تأثير ممن تتوثبين بسببه إلى كلِّ ما هو دَوْنٌ وتحت!.
بحقي عليكِ ـ وإن كنتُ ذلك الصادق الذي تحنين إليه دوماً ـ فكري في سرِّ من تسعينَ خلفه؛ ولو بلمحةٍ من الأرشيف الأصيل الذي تحملينه، وإنَّ وريقاتٍ لتظمأ إلى ذلك!.
أحبكِ، وإنَّ لي لعودة!.

إن من البيان لسحرا
وهذا هو السحلر الحلال
بوركت الأنامل التي خطت هذه الأشجان
لك ودي

مبارك الهاجري
25-06-2009, 01:42 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سعيدة:
حضوركِ أسعدني، وتعلقكِ أبهجني!.
دمتِ في حفظ الله!.

مبارك الهاجري
25-06-2009, 01:46 PM
هشام:
شكراً لكلِّ ما جئتَ به!.
بوركت!.

د. سمير العمري
25-06-2009, 04:48 PM
أيها الأديب الأريب:

سعيد أن أقرأ لك هذا النص العامر بكل ما هو جميل وأصيل بهذا الأسلوب النثري الأدبي المبهر!

هو نص يمكن أن يعتبر مثالا ناضجا وقطفا دانيا لمن شاء أن يتناول الحرف النثري شهيا.

رائع وأكثر!

أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

مبارك الهاجري
26-06-2009, 01:14 PM
رومية:
حفظكِ الله، وأسعدكِ في الدارين!.

أحمد حاتم
29-06-2009, 05:39 AM
الأخ الفاضل مبارك الهاجرى

بحق أنت ... ساحر

مبارك الهاجري
29-06-2009, 09:29 AM
لكِ الله يا عبير، وكفى!.

مبارك الهاجري
02-07-2009, 03:43 AM
إن من البيان لسحرا
وهذا هو السحلر الحلال
بوركت الأنامل التي خطت هذه الأشجان
لك ودي

وبِكَ بارك الله يا محمود!.
دمتَ بخير!.

مبارك الهاجري
02-07-2009, 03:46 AM
أيها الأديب الأريب:

سعيد أن أقرأ لك هذا النص العامر بكل ما هو جميل وأصيل بهذا الأسلوب النثري الأدبي المبهر!

هو نص يمكن أن يعتبر مثالا ناضجا وقطفا دانيا لمن شاء أن يتناول الحرف النثري شهيا.

رائع وأكثر!

أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي
شكراً د. سمير على هذا الاحتفاء!.
كُن بخير!.

مبارك الهاجري
02-07-2009, 03:50 AM
الأخ الفاضل مبارك الهاجرى

بحق أنت ... ساحر

وأنتم أعوانٌ لي في ذلك يا أحمد!.
بوركت!.

ربيحة الرفاعي
26-02-2014, 12:28 AM
لله أنت وما ينثال من السحر على ضفاف حرفك في عميق الحس وعذب اللغة وجميل المعنى

ماتعا كان عبوري في أفيائها

دمت بخير أيها الرائع

تحاياي

نداء غريب صبري
06-05-2014, 07:01 PM
الله الله

رائع في كل ما تكتب أخي
ومتميز جميل ما تقول

أمتعتني قراءتها

شكرا لك

بوركت

أحمد الأستاذ
06-05-2014, 08:00 PM
إن من البيان لسحر...
نص أدبي فاخر, وأسلوب راق, ولغة ممتعة أخاذة, ومفردات عميقة منتقاة بعناية
الشاعر الرائع/ مبارك
أبدعت في نثرك, وأدهشت
دمت مبدعا
محبتي