رائد عبد اللطيف
25-06-2009, 10:57 AM
بعدتم (*)
بَعُدتُمْ فَصَارَ الشَّوقُ يَسْكُنُ أَربُعِي = وَحَالي كَحَالِ الطفلِ إنْ لَم يَرْضَعِ
أُنادِي ونارُ الوجْدِ تحْرِقُ مَضْجَعِي = رُوَيدَكَ قَد أَفنَيتَ يا بَينُ أَدمُعي
وَحَسبُكَ قَد أَضنَيتَ يا شَوقُ أَضلُعي=****
كأَنِّي بكَفِّ الدَّهْرِ دَفْترُ غُربَةٍ= دَواليكَ يَطويْ صَفحةً تِلْوَ صَفْحَةٍ
وما لي بذِي الأصْقَاعِ مَنزِلُ عزَّةٍ = إِلى كَم أُقاسي فُرقَةً بَعدَ فُرقَةٍ
وَحَتّى مَتى يا بَينُ أَنتَ مَعي مَعي=****
بُلِيْنَا بِليلٍ أثقَلَ الصَّدْرَ طُولُهُ= وليلُ المُعنَّى ليسَ يَهْنَى خَلُيلُهُ
فَجَادَ بِوصْلٍ ما رَوتْكَ طلولُهُ=فَيا راحِلاً لَم أَدرِ كَيفَ رَحيلُهُ
لِما راعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرِّعِ=****
أيا داخِلاً في لبِّ قَلبي، رَاعِهِ= فأنْتَ غَدَوْتَ اليومَ كُلَّ مَتاعِهِ
وقَدْ أعْمَلَتْ بالصَّبِ حُسْنُ طِبَاعِهِ=يُلاطِفُني بِالقَولِ عِندَ وَداعِهِ
لِيُذهِبَ عَنّي لَوعَتي وَتَفَجُّعي=****
فقُلْتُ: (أيَا مَنْ قدْ أطَلْتُ رجَاءَهُ)= (وكيفَ بجرمٍ إنْ أضاعَ فضَاءَهُ؟!)
فقَالتْ: (بِقلبيْ قَدْ أقمْتُ سَمَاءَهُ..) =وَلَمّا قَضى التَوديعُ فينا قَضاءَهُ
رَجَعتُ وَلَكِن لا تَسَلْ كَيفَ مَرجِعي=****
ولمَّا أضاعَ اللَّيلُ صوتَ رُعَاتِكُمْ= وأطَّتْ (1) نياقُ البُعْدِ بينَ حُدَاتِكُمْ
صرَخْنَا ومَا في الحيِّ غيرُ صِفاتِكُم= أَأَحبابَنا لَم أَنسَكُم وَحَياتِكُم
وَما كانَ عِندي وُدُّكُم بِمُضَيَّعِ=***
فيَا سَامعيْ وجْدِيْ وقلبيَ عندَكُمْ= علامَ التَّجَافِي.. لِمْ أطلتَمْ ردَّكُم؟!
ولمْ يحَْلُ عَيْشٌ مُذْ حُرِمْنَا شَهْدَكُم =عَتَبتُم فَلا وَاللَهِ ما خُنتُ عَهدَكُم
وَما كُنتُ في ذاكَ الوَدادِ بُمِدَّعي=****
وليسَ لبدرٍ بعدَ وجهِكِ مَطْلَعٌ= وليسَ لشمسٍ بعدَ حسنِكِ مَضْجَعٌ
وأَيُّ جمَالٍ مِن جمالِكِ منبَعٌ =مَلَأتُم فُؤادي في الهَوى فَهوَ مُترَعٌ
وَلا كانَ قَلبٌ في الهَوى غَيرَ مُترَعِ=****
أَموْتُ غَراماً، والمحِبُّ ملوَّعٌ= ولَحْدُ المنيَّةِ في يديَّ مُشيَّعٌ
فَهَلَّا عَجِبتُمْ مَنْ بموتٍ مُولَّعٌ!=لَئِن كانَ لِلعُشّاقِ قَلبٌ مُصَرَّعٌ
فَما كانَ فيهِم مَصرَعٌ مِثلُ مَصرَعي=****
(*) القصيدة مخمسة عن قصيدة الشاعر الأندلسي بهاء الدين زهير، والتي مطلعها:
رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي= وحسبك قد أضنيت يا شوق أضلعي
إلى كم أعاني فرقة بعد فرقة= وحتى متى يا بين أنت معي معي
(1). أطت النياق: أصدرت صوت أنين، أو هو صوت الحِمْل الثقيل فوقها.
بَعُدتُمْ فَصَارَ الشَّوقُ يَسْكُنُ أَربُعِي = وَحَالي كَحَالِ الطفلِ إنْ لَم يَرْضَعِ
أُنادِي ونارُ الوجْدِ تحْرِقُ مَضْجَعِي = رُوَيدَكَ قَد أَفنَيتَ يا بَينُ أَدمُعي
وَحَسبُكَ قَد أَضنَيتَ يا شَوقُ أَضلُعي=****
كأَنِّي بكَفِّ الدَّهْرِ دَفْترُ غُربَةٍ= دَواليكَ يَطويْ صَفحةً تِلْوَ صَفْحَةٍ
وما لي بذِي الأصْقَاعِ مَنزِلُ عزَّةٍ = إِلى كَم أُقاسي فُرقَةً بَعدَ فُرقَةٍ
وَحَتّى مَتى يا بَينُ أَنتَ مَعي مَعي=****
بُلِيْنَا بِليلٍ أثقَلَ الصَّدْرَ طُولُهُ= وليلُ المُعنَّى ليسَ يَهْنَى خَلُيلُهُ
فَجَادَ بِوصْلٍ ما رَوتْكَ طلولُهُ=فَيا راحِلاً لَم أَدرِ كَيفَ رَحيلُهُ
لِما راعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرِّعِ=****
أيا داخِلاً في لبِّ قَلبي، رَاعِهِ= فأنْتَ غَدَوْتَ اليومَ كُلَّ مَتاعِهِ
وقَدْ أعْمَلَتْ بالصَّبِ حُسْنُ طِبَاعِهِ=يُلاطِفُني بِالقَولِ عِندَ وَداعِهِ
لِيُذهِبَ عَنّي لَوعَتي وَتَفَجُّعي=****
فقُلْتُ: (أيَا مَنْ قدْ أطَلْتُ رجَاءَهُ)= (وكيفَ بجرمٍ إنْ أضاعَ فضَاءَهُ؟!)
فقَالتْ: (بِقلبيْ قَدْ أقمْتُ سَمَاءَهُ..) =وَلَمّا قَضى التَوديعُ فينا قَضاءَهُ
رَجَعتُ وَلَكِن لا تَسَلْ كَيفَ مَرجِعي=****
ولمَّا أضاعَ اللَّيلُ صوتَ رُعَاتِكُمْ= وأطَّتْ (1) نياقُ البُعْدِ بينَ حُدَاتِكُمْ
صرَخْنَا ومَا في الحيِّ غيرُ صِفاتِكُم= أَأَحبابَنا لَم أَنسَكُم وَحَياتِكُم
وَما كانَ عِندي وُدُّكُم بِمُضَيَّعِ=***
فيَا سَامعيْ وجْدِيْ وقلبيَ عندَكُمْ= علامَ التَّجَافِي.. لِمْ أطلتَمْ ردَّكُم؟!
ولمْ يحَْلُ عَيْشٌ مُذْ حُرِمْنَا شَهْدَكُم =عَتَبتُم فَلا وَاللَهِ ما خُنتُ عَهدَكُم
وَما كُنتُ في ذاكَ الوَدادِ بُمِدَّعي=****
وليسَ لبدرٍ بعدَ وجهِكِ مَطْلَعٌ= وليسَ لشمسٍ بعدَ حسنِكِ مَضْجَعٌ
وأَيُّ جمَالٍ مِن جمالِكِ منبَعٌ =مَلَأتُم فُؤادي في الهَوى فَهوَ مُترَعٌ
وَلا كانَ قَلبٌ في الهَوى غَيرَ مُترَعِ=****
أَموْتُ غَراماً، والمحِبُّ ملوَّعٌ= ولَحْدُ المنيَّةِ في يديَّ مُشيَّعٌ
فَهَلَّا عَجِبتُمْ مَنْ بموتٍ مُولَّعٌ!=لَئِن كانَ لِلعُشّاقِ قَلبٌ مُصَرَّعٌ
فَما كانَ فيهِم مَصرَعٌ مِثلُ مَصرَعي=****
(*) القصيدة مخمسة عن قصيدة الشاعر الأندلسي بهاء الدين زهير، والتي مطلعها:
رويدك قد أفنيت يا بين أدمعي= وحسبك قد أضنيت يا شوق أضلعي
إلى كم أعاني فرقة بعد فرقة= وحتى متى يا بين أنت معي معي
(1). أطت النياق: أصدرت صوت أنين، أو هو صوت الحِمْل الثقيل فوقها.