المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نـــــكـــبــــــــة



أحمد عيسى
19-07-2009, 06:12 PM
في زمن أحد النكبات وعلى جانبي الخط الحديدي الذي يقطع رفح الفلسطينية وصولاً إلى رفح المصرية كانت النسوة يرقبن ذلك الحدث الاستثنائي ..
قوات كبيرة مدعومة بالدبابات والجيبات المصفحة تتقدم من الشمال إلى الجنوب وصولاً إلى رفح المصرية التي سينطلقون منها إلى الحدود مع مصر ..
الدهشة كانت البادئة على وجه النساء اللاتي صرخن في ظفر عندما أعلنت أحداهما بصوتها الجهوري :
- قوات الجيش العراقي يا بنات ..
ثم بدأت الزغاريد تنطلق من كل مكان ، لون الفرح يغطي وجوههن ، ثم التقافز فرحاً على جانبي السكة الحديد ..
سعاد ..توجت لحظات السعادة هذه بمبادر ة منها ..
حملت صينية بها ما توفر من غذاء ثم اقتربت من أحد الجنود تناوله إياها :
الجندي الذي بات الدهشة على ملامحه أكثر من كل من يحيطون به يشيح برأسه أن لا ..فتصر سعاد .. ثم تجد نساء المخيم وقد التفوا حولها يحملون الطعام والشراب للجنود الذين كان ردهم واحداً .. إشاحة برؤوسهم لليمين واليسار أن لا ..
لكن أبو أحمد لم يعجبه الحال ..المخيم كله يعرفه ويعرف جبروته وقوة قلبه وبندقيته ..
كيف يبقى جنود الجيش العراقي صامتين هكذا .. ثمة أمر محير في الموضوع ..
لم يكن يعي كثيراً ما تعنيه نجمة داوود التي يعلقها الجنود على بذلهم العسكرية ..
لكنه كان يعرف ويعي تماماً أن في الأمر ما يريب .. جمع حوله بعض رجال المخيم صارحهم بشكوكه
أقسم أحد الرجال أنه رأى علم العراق فوق الدبابات الزاحفة ، وأقسم آخر أنه سمع في الإذاعة عن طلائع الجيش العربي القادمة لكي تحارب معهم ..
ثم قرروا أمراً ما .. اختبار لتجربة رد فعلهم ..
أبو أحمد :
- سنطلق النار مرة واحدة في الهواء باتجاههم .. ولنرى رد فعلهم ..
إن كانوا من الجيش العراقي لن يردوا بالمثل .. وان كانوا من اليهود والعياذ بالله فإنهم سيردون على إطلاق النار ..
- وما الذي سيأتي باليهود إلينا .. كان الجيش المصري سيسحقهم قبل أن يدخلوا غزة .
قالها أحد الرجال معترضاً على فكرة أبو أحمد لكنه كان صاغراً يتجه معهم لتنفيذها ..
أبو أحمد وهو يجهز بندقيته :
- إن كنت قد لاحظت يا جاري العزيز فان الجيش المصري لم يظهر له أثر منذ الأمس ، ومعسكراتهم صامتة وكأنها فارغة .. كنا نظنهم يستغرقون بأمر ما .. أو يخططون لشيء ما .
انتبه .. أطلق النار ..
قالها لكي يقطع بها الحوار المشكك ..ويدوي صوت إطلاق الرصاص من بنادقهم ..
لم يتعمدوا أن يصيبوا أحداً ، إنما أطلقوا النار في الهواء .. مباشرة فوق رؤوس الجنود القادمين مع ضوء الصباح ..
دقيقة مرت .. دقيقتان .. لم يسمعوا إطلاق نار باتجاههم ..
تجهز الرجال للخروج من مكامنهم .. للترحيب بالجيش الذي جاء ليحارب معهم ..
لكن الرد لم يأتي بالرصاص .. فقد تحول المكان إلى قطعة من جهنم .. عشرات .. بل مئات القذائف سقطت فوق رؤوسهم في لحظات ..
فر الرجال ، وتفرق الجمع ، وسقطت البنادق أرضاً تعانق التراب الصامت ..
صرخ أبو أحمد برجال المخيم ..
- إنهم اليهود ... والجيش المصري ترك معسكراته وهرب .. فلنوحد الصفوف يا رجال .
صرخته هكذا .. بقيت معلقة في سماء المخيم ولم يجبها أحدهم فقد كان الجمع مشغول بسرقة معسكرات الجيش التي تركوها فارغة .. والبعض الآخر كان لا زال يحمل أواني الطعام واضعاً إياها أمام الجندي الذي يشيح برأسه قائلاً :
- لا .. طعام لا ..
أبو أحمد يدور حول المخيم كالمجنون .. يحمل بندقيته العتيقة .. يراقب الجهل المطبق ، وينتظر لحظة الصفر كي يهاجم .. وحده ..



*****

ابريل 2009

عبدالرحمن حسن
22-07-2009, 10:57 PM
الأستاذ الأديب : أحمد عيسى
سلام الله عليكم
لقد سرني الوقوف في هذه المحطة
لك كل الود والتقدير
دمت مبدعا

أحمد عيسى
28-07-2009, 09:55 PM
الأستاذ الأديب : أحمد عيسى

سلام الله عليكم
لقد سرني الوقوف في هذه المحطة
لك كل الود والتقدير

دمت مبدعا



الأستاذ الكريم : عبد الرحمن حسن

وأنا سرني وجودك هنا

دمت طيباً يا طيب

مصطفى السنجاري
28-07-2009, 10:25 PM
** أحمد عيسى الحبيب
تحياتي لقلمك المثابر
وابداعك المتواصل
تقبل حبي واعجابي

أحمد عيسى
31-07-2009, 11:05 PM
** أحمد عيسى الحبيب
تحياتي لقلمك المثابر
وابداعك المتواصل
تقبل حبي واعجابي

الأستاذ الفاضل : مصطفى سنجاري

مرورك أسعدني وزاد الصفحة بهاء وألقاً ..

دمت بكل الخير والحب

د. مصطفى عراقي
02-11-2009, 08:48 PM
... إنهم اليهود ... والجيش المصري ترك معسكراته وهرب ..



=======

حتى متى سيستمر هذا التمادي في الكذب والحقد والافتراء على الجيش المصري

راجع التاريخ لتعلم كيف تم اغتصاب فلسطين الغالية من داخلها وليس عن طريق مصر كما تزعم قصتك الكاذبة الحاقدة

نعم
إن جميع الدول العربية مقصرة الآن في حق فلسطين والمسجد الأقصى
ولكن لماذا ينصب الحقد والافتراء على مصر وحدها
وغسل ضمير الجميع كأنهم حرروا البلاد من جنود الاحتلال ومن يساعدهم من الداخل بعد أن سقطت الأقنعة ؟!




لا حول ولا قوة إلا بالله
وحسبنا الله ونعم الوكيل


مصطفى

أحمد عيسى
05-11-2009, 08:28 PM
أستاذي مصطفى

كان غضبك شديداً علي أستاذي .. وأنا لست بحاجة لمراجعة التاريخ لأعرف أن الجيوش العربية كلها فشلت في الاختبار الصعب وكانت دون مستوى المسئولية ..
أما بالنسبة للقصة فأقسم بالله قد نقلتها حرفياً كما سمعتها من قريب لي كبير في السن ، ولم أتدخل فيها اطلاقاً سوى بالأسلوب لا غير ..
غضبي لا ينصب على مصر أستاذي ، وأنا أحترم مصر وأحترمك أنت شخصياً وأنت تعرف ذلك ..
سامحك الله ..

أحمد عيسى
05-11-2009, 08:31 PM
لو لاحظت أيضاً في القصة فقد ذكرت أن الناس صاروا يسرقون معسركات الجيش الخالية من أصحابها .. وهو حدث ينم عن قلة دين وجهل لدى الناس .. ومع ذلك نقلته بكل أمانة كما سمعته .. ولم أعتبر أن هذا قد يكون اهانة لفلسطين ..

ربيحة الرفاعي
11-02-2014, 09:18 PM
حين أشتاق لصور الإباء على صفحة الوطن، وألتمس سطورا من تاريخ بلادي السليبة، أبحث في أدبك الموغل في دروب النضال
وقد نلت هنا جرعتي

لا حرمك البهاء

تحاياي

خلود محمد جمعة
14-02-2014, 11:08 PM
قصة جميلة وتروي صفحات مما نقل لنا اجدادنا
أستغرب الحقد الذي ورد في ردود البعض
دمت صادقاً
مودتي وتقديري

د. سمير العمري
12-04-2014, 08:29 PM
تلك هي الحقيقة التي أنكرها الكثير واعترف بها الكثير خصوصا مؤخرا حين بدأ الوعي بأهمية المواجهة الصادقة مع النفس ، وهذه قصة واقعية بالتأكيد من خلال أحداثها وأسلوبها الواضح المباشر ، ودقة الوصف ، وهي مما يوجع النفس كثيرا ، وأما لماذا كان هنا التركيز على دور الجيش المصري وفراره عن المواجهة من قبل أن تبدأ فلأنه جيش العرب الأعظم والأهم ولكن أيضا وأساسا لأنه الجيش الذي كان مشرفا على تلك المنطقة من فلسطين بشكل تام ، ولأنه كان يحاسب كل من يحمل سلاحا ولو كان سكينا كما سمعت من شهود عيان عدول كثر ، وكان يقول بأنه الجهة الوحيدة الشرعية لحماية وأمن تلك الأراضي فجرد الشعب من قوته وسجن كل مقاوم ثم انخذل عن مواجهة العدو كما ورد ، وهذا لا يعفي عددا غير قليل من أهل تلك الأرض ممن غلب بعضهم الجهل وبعضهم المباغتة وبعضهم الطمع والهمالة والعمالة.

نص مميز ورصد تاريخي مفجع للبعض وموجع للبعض الآخر.

تقديري

أحمد عيسى
13-04-2014, 07:26 AM
حين أشتاق لصور الإباء على صفحة الوطن، وألتمس سطورا من تاريخ بلادي السليبة، أبحث في أدبك الموغل في دروب النضال
وقد نلت هنا جرعتي

لا حرمك البهاء

تحاياي

الأديبة الفاضلة : ربيحة الرفاعي

تاريخ بلادنا مليء بالأحداث ، بالبطولات ، بالنكبات ، بالتناقضات ,

أشكرك ، دائماً أنت كبيرة بأدبك ، بقلمك ، بقراءتك

أحمد عيسى
13-04-2014, 07:34 AM
قصة جميلة وتروي صفحات مما نقل لنا اجدادنا
أستغرب الحقد الذي ورد في ردود البعض
دمت صادقاً
مودتي وتقديري

الأديبة والزميلة القديرة : خلود جمعة


لا بأس أختي خلود ، فقد كان شيئاً قديماً وانتهى .. مجرد سوء فهم لا أكثر ..

رحم الله أديبنا وأستاذنا د. مصطفى العراقي ، وأسأل الله أن يوسع عليه قبره ، وأن يغفر له ذنوبه ، وأن يجمعنا معاً في جنان الخلد باذنه تعالى ,,

أحمد عيسى
13-04-2014, 07:39 AM
تلك هي الحقيقة التي أنكرها الكثير واعترف بها الكثير خصوصا مؤخرا حين بدأ الوعي بأهمية المواجهة الصادقة مع النفس ، وهذه قصة واقعية بالتأكيد من خلال أحداثها وأسلوبها الواضح المباشر ، ودقة الوصف ، وهي مما يوجع النفس كثيرا ، وأما لماذا كان هنا التركيز على دور الجيش المصري وفراره عن المواجهة من قبل أن تبدأ فلأنه جيش العرب الأعظم والأهم ولكن أيضا وأساسا لأنه الجيش الذي كان مشرفا على تلك المنطقة من فلسطين بشكل تام ، ولأنه كان يحاسب كل من يحمل سلاحا ولو كان سكينا كما سمعت من شهود عيان عدول كثر ، وكان يقول بأنه الجهة الوحيدة الشرعية لحماية وأمن تلك الأراضي فجرد الشعب من قوته وسجن كل مقاوم ثم انخذل عن مواجهة العدو كما ورد ، وهذا لا يعفي عددا غير قليل من أهل تلك الأرض ممن غلب بعضهم الجهل وبعضهم المباغتة وبعضهم الطمع والهمالة والعمالة.

نص مميز ورصد تاريخي مفجع للبعض وموجع للبعض الآخر.

تقديري

أستاذنا وحبيبنا وأمير واحتنا : د. سمير العمري


يحب البعض أستاذي أن ينكر الحقائق التي يعرفها القاصي والداني ، وربما يعتمد على بعض كتب التاريخ ، ويتجاهل التاريخ المحكي ، لكن التاريخ الذي أثبت أنه يمكن تزويره بسهولة ، أثبت أيضاً أن هذا التزوير لا يدوم طويلا
وأنا لحداثة سني لم أعاصر الأحداث السابقة لكني سمعتها من مصادر عدة ، وقد تأكدت من ذلك ، ضعف وتخاذل الجيش المصري ، وجهل الشعوب بما فيها شعبنا وقتها ، وعوامل كثيرة ساقت الينا الهزيمة ..,


أشكرك لردك المنصف

كل التحية والتقدير

نداء غريب صبري
29-08-2015, 03:19 PM
لقد خذلت الجيوش العربية فلسطين قديما
وهي تخذلها اليوم وكل يوم
ومشكلتنا أننا نحاول أن نغطي الشمس بغربال ( تعليق على بعض الردود)

شكرا لك أخي
بوركت