تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قد كُنْتَ يوماً ما تُريد..



أحمد وليد زيادة
06-08-2009, 01:19 PM
قد كُنْتَ يوماً ما تُريد..
مهداة للراحل محمود درويش



أحمد وليد زيادة


(1)



يَمُرُّ التُّرابُ فَيَجْذِبُهُ لاشتهاءِ الخديعةِ

كانت أغانيهِ واضِحَةً سَهْلَةً

ليسَ فيها مكانٌ لِغَيْرِ المُرَادِ مِنَ الشَّيءِ

والآنَ يَكْتُبُها في الكنايَةِ

صارَ التُّرابُ يُكَدِّسُ فتنَتَهُ في عُروقِ القَصِيدَةِ

إذ صارَ يُدْرِكُ فيها المَعانِيَ أكْثَرَ

كُلُّ العُروقِ تُرَى مِنْ خِلالِ الزُّجاجِ الرَّقيقِ على سوءةِ الحَرْفِ

يسألُهُ الماءُ:

"ما الماءُ؟

ما الشَّيءُ؟

ما النُّورُ داخِلَ قَبْوٍ مِنَ الوقت؟

مَنْ أنت؟"

قالَ:"احتِضارٌ يُغِيرُ العُرُوقَ لِمَا خَلْفَها مِنْ كِنايَةْ.....!"

***

لِدرويشَ في فَجْوَةِ الحَرْفِ بِنْتٌ يَتِيمَةْ

فقد ماتَ قَبْلَ ولادَةِ آخِرِ حَرفٍ هناكَ

وكانَ مخاضُ القصيدَةِ مُرٌّ

يُطِيلُ الوُقوفَ أمامَ المرايا...

لِتُعْلِنْ رِضَاها عَنِ الزِّينَةِ-الآنَ-تِلكَ المَرايا

لِيولَدَ حَرْفٌ مِنَ المُسْتَحيلْ..

ولكن..مَخاضُ القصيدَةِ مُرٌّ طَوِيلْ

/

تنادي عليهِ سنابِلُها للسَّماءِ:

"تعالَ إلَيَّا..وقُلْ لِي تعالي إلَيَّا..

ودَعنِي أُخَبِّؤُ وجْهَكَ في مُقْلَتَيَّا

أُناجِزُ شهوَتَكَ الآنَ حَدَّ نُخاعِكَ حيثُ تَجِفُّ جداوِلُ جِسْمِكْ...

فإن كانَ حُبٌّ وتِلْكَ القصيدَةْ

ستأمَنُ حرفاً جديداً

وفَصْلُ الحَصادِ بعيدٌ

ويومٌ مِنَ الحُبِّ شيءٌ قليلْ...

ولكن مخاض القصيدَةِ مُرٌّ طويلْ...


(2)


لِرُوحٍ مِنَ الأشجانِ عشرونَ سوسنَهْ= وقلبٌ رأى بالدَّمْعِ شِعْراً..فَلَحَّنَهْ
لِدَرويشَ أفْقٌ مِنْ سَماءٍ وجَنَّةٍ= وبينَهما جُرْحُ المَسيحِ ومِئْذَنَه
وقيثارةٌ تغفو على وهْجِ عَينِهِ= وتصْحُو على وَقْعِ الحروفِ مُدَنْدِنَهْ
أَسَرَّتْ لَهُ الأيامُ سِرَّاً بِما رأتْ= وتسألُهُ كَتْماً، فقامَ لِيُعْلِنَهْ



(3)



(سأكونُ يوماً ما أُريد)

درويشُ عَزْمٌ مِنْ شُعاعِ الشَّمْسِ يَصْهَرُ دورَةَ العَثَراتِ والآلامِ و الآهاتِ فوقَ جِراحِهِ ويداهُ مِثْلُ حَمَامَتَيْن..

(سأكونُ يوماً ما أُريد)

عَيْنٌ تَرى الدَّربَ القَصيرَ إلى السَّماءِ مِنَ المَمَرِّ اللولَبِيِّ

فَتَحْتَسي آلامَها كأسَيْ نبيذٍ مُتْرَعَينْ..

(سأكونُ يوماً ما أُريد)

حُلمٌ هِيَ الدُّنيا وحُلْمُكَ واقِعٌ تَحياهُ مُذْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ

أنتَ تَنسِجُهُ وتَحيا كَيفَ شِئتَ..

يَلُومُكَ الماضي المُغَبَّرُ:

"لو رَجَعْتَ..

لو اختَبَرْتَ مَهارتي وتَرَكتَني أهدي لك الأيامَ باسِمَةً

ولم تُزعِجْ أبا تمَّامِ والهُذَلِيَّ والقَيْسِيَّ والشُّعراءَ فيما كانَ"

والأُمُّ البعيدَةُ خَلْفَ مذْبَحَتَيْنِ تبكي:

"عُدْ إلَيَّ ولا تَذَرْني يا بُنَيَّ بِبَابِ مأساتي وصورَتِكَ القديمَةِ في الجدارِ

فَعُدْ إلَيَّ"

وأنتَ تَبْحَثُ عَن وُجودِكَ في السماءِ وفي التُّرابِ ..

وفي فنادِقَ قد أعَدَّتْ ليلَها لِدَمِ المسافِرِ كَيْ يَحُكَّ دَمَ الغَريبَةِ...

أنتَ مَنْ مَلَكَ الكواكِبَ ألفَ عامٍ ثُمَّ غازَلَهُ الرَّحيلُ فهاجَهُ

ومضى إلَيْهِ يَشوقُهُ الأبَدِيُّ في كَوْنٍ مَدِيد..

قد كُنْتَ يوماً ما تُريد

ما زالَ فيكَ الحَرْفُ مؤتَلِقاً يَزُفُّ الرُّوحَ للآمالِ

أنتَ الأرضُ..

أنتَ البَحْرُ..عُدْ...(لا تَعْتَذِرْ إلا لأُمِّك)

سالم العلوي
06-08-2009, 09:20 PM
عزف شعري على نسق عال لشاعر كبير
واحتراف يخبر عن شاعر متألق في سماء الشعر
لا فض فوك يا أحمد
وتقبل خالص التحية والتقدير.

حازم محمد البحيصي
06-08-2009, 11:34 PM
الحبيب أحمد وليد زيادة
نص جميل وحرف شفيف ورحم الله الشاعر محمود درويش
تحيتي لك

عمر زيادة
07-08-2009, 01:02 PM
رحم الله درويشَ و سامحَ ظلالَهِ ..
....
القصيدة جميلة ..
لكنْ حافظ على جهاتكَ و تضاريسَكَ ..
...
تحيتي

الطنطاوي الحسيني
07-08-2009, 05:27 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي احمد وليد زيادة
تحفة هذه القصيدة
انت كنته مرتين بل شممت فيك شعره مرة اخرى
هل تمشي على دربه ثم تريد ان تكون ما تريد يارجل
تحياتي ايها البديع الجميل
شعر رقراق دفاق
تقديري وامتناني

أحمد وليد زيادة
08-08-2009, 11:04 AM
عزف شعري على نسق عال لشاعر كبير
واحتراف يخبر عن شاعر متألق في سماء الشعر
لا فض فوك يا أحمد
وتقبل خالص التحية والتقدير.

أهلاً بك أخي الفاضل


أسعدني مرورك الألق


كن بخير

أخوك

يحيى سليمان
11-08-2009, 06:15 PM
لِرُوحٍ مِنَ الأشجانِ عشرونَ سوسنَهْ=وقلبٌ رأى بالدَّمْعِ شِعْراً..فَلَحَّنَـهْ

لِدَرويشَ أفْقٌ مِنْ سَمـاءٍ وجَنَّـةٍ=وبينَهما جُـرْحُ المَسيـحِ ومِئْذَنَـه

وقيثارةٌ تغفو علـى وهْـجِ عَينِـهِ=وتصْحُو على وَقْعِ الحروفِ مُدَنْدِنَهْ

أَسَرَّتْ لَهُ الأيامُ سِـرَّاً بِمـا رأتْ=وتسألُـهُ كَتْمـاً، فقـامَ لِيُعْلِنَـهْ


ستصير يوما ما تريد
هذا شعر
وقد عرفتك شاعرا
فما الجديد

رائع أنت واكتفيت بهذا الاقتباس
لمن يحب خامة الشعر