المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخرالجذور



عبدالله سليمان الطليان
10-08-2009, 08:45 PM
في كل مرة كان أبو محمد يشق طريقه إلى داره بخطواته الكسولة المعتادة دائماً مكان يتوقف عند طرف الشارع ويرمق الصبية الذين يلعبون بالكرة فنشتعل أحلام يقظته فيعانق التمني ويحول تسلق عنفوان الشباب الذي ولى ويفتح ذاكرته على مصراعيها لتهب منها أحلام صغيرة تخمر عقله وترحل به إلى نسيان ذلك الشيب الذي كسا رأسه , والتجاعيد التي غزت جسده , ولكن مع الوقت ترجع الأمنية تجر أذيالها خائبة ومنهزمة كالعادة تبحر به مع الألم والحزن والحسرة إلى معاناته على فقدان زوجته وأولاده أثناء الحرب فيتجرع المرارة والكدر ويتمنى أن يرحل معهم .
عندما يدلف إلى داره القديمة ذو الأربع غرف يتوسطه ساحة في الوسط زرع فيها بعض الشجيرات الصغيرة كان يعتني بها بشدة , يجد فيها السلوان وطرد الملل في وحدته فأن بصره دائماً ما يسدده مباشرة ألى صورة أولاده وزوجته المعلقة في غرفته التي أصابها التصدع والتشقق .
أنصت إلى طرق على باب داره فعرف على الفور من بالخارج فكبله الغيظ , واندفع الدم إلى وجهه , وأخذ يرسل عبارات السب والشتم هؤلاء الأوغاد المحتلين لا يتركونني وشاني .
أنت أيها العجوز مطلوب في دائرة الإسكان .
فتح الباب ليقابله تلك الصورة القبيحة التي لوثت شوارع القدس العتيقة
ــ ماذا تريدون هذه المرة ؟ !!!
قالها بغضب وشدة
ــ هناك في دائرة الإسكان سوف تعرف
شد ه الجنود بقوة ودفعوه إلى الأمام هيا تحرك
فقال: دعني أغلق باب داري
وفي الدائرة التي يعرفها غرفة غرفة من كثرة التردد عليها أجلس هنا أيها العجوز
منذ فترة وأنت لم تشرفنا قالها محدثه باستهزاء وتندر
أطبق العجوز رأسه , ثم رفعه وراح يلتقط أنفاسه , ويسدد بصره بحده إلى محدثه
ـ ماذا هذه المرة ؟
قالها وهو يبلع ريقه ويخفي توتره
ــ أنت منذ فترة طويلة تعيش لوحدك في دارك .
رد العجوز والاستغراب يرتسم على وجهه ماذا في ذلك ؟
ــ لا عليك
ــ كل ما في الأمر أن جارك يريد أن يقوم بعملية ترميم في داره المحاذي لدارك , ونريد منك أن تمنحه غرفتين حتى ينتهي من الترميم .
تجمد الدم في عروقه , ونزل الكلام عليه كالصاعقة ماذا تقول ؟
ــ سوف يدفع لك مقابل مادي طيلة فترة العمل في داره .
ــ إنني أرفض ذلك .
فأنا لا استطيع أن أتخلى عن شبر من داري الذي بناه جدي .
لا حولا ولا قوة إلا بالله
ــ احمد الله إننا لم نخرجك من دارك فهذه الأرض ملكنا
ــ أنتم قوة احتلال جئتم من الغرب والشرق وأنا وأجدادي وآبائي ولدنا هنا وتربينا هنا قالها بفخر
ــ أنت أشكنازي وهذا الذي بجانبك سفاردي
أما أنا فعربي على هذه الأرض منذ زمن طويل
ــ دعك من الماضي فنحن نعيش معا على هذه الارض ونريد زرع السلام والوئام بيننا وبينكم أيها العرب
ضحك العجوز وقال في نفسه ما أنتم إلا قوم لئام
ــ نعم أيها العجوز نريد السلام .
ــ أنني أرفض ثم وقف إنكم لن تحصلوا ولو على قطعة حجر من داري .
عليك بالامتثال .
خرج وهو يرد عليكم اللعنة أيها المحتلون المعتدون .
وفي أثناء عودته إلى داره قابله مجموعة من الصبية كانوا يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة فأخذ يصيح
ويقول بصوت مرتفع : عليكم بهم قاوموا أيها الأبطال الشجعان
قبض عليه بتهمة المشاركة في المقاومة وأودع السجن وصودرت داره .

أحمد مكاوي
10-08-2009, 09:41 PM
نص راق
وموضوع جميل
وفكرة شريفة
شكرا أيها الرائع
مودتي

عبدالله سليمان الطليان
13-08-2009, 07:07 AM
إخي أحمد مكاوي

تقبل فائق الاحترام والتقدير

مازن لبابيدي
13-08-2009, 07:58 PM
أخي القاص عبدالله الطليان
قصة جميلة من الواقع المرير ، أحسنت في توظيفها لإبراز روح المقاومة والتمسك بالحق وعدم الرضوخ لضغوط وأكاذيب المحتل .
مع التحية والتقدير

عبدالله سليمان الطليان
14-08-2009, 07:06 AM
اخي مازن
اشكرك جزيل الشكر على مرورك
وتقبل الاحترام والتقدير

آمال المصري
05-10-2015, 07:58 AM
يدعون أنهم زراع سلام وهم يجرفون ويبورون ما تبقى من جذور وتربة خصبة لكلمة حق
لكن هؤلاء الصبية يسكنهم الأمل ويدفعهم الإصرار لمواصلة التصدي للمعتدي الآثم حتى يأتي قضاء الله
رائعة شابها بعض هنة متفرقة فحبذا التريث قبل النشر
مرحبا بك في واحتك
تحاياي

ناديه محمد الجابي
05-10-2015, 04:52 PM
نص مؤلم .. وقصة قديمة جديدة ـ تحكي واقع كان ومازال يعيشه
الشعب الفلسطيني في صراع دائم مع الإحتلال الإسرائيلي
ويشير إلى انتهاكات العدو تجاه الشعب الفلسطيني.
بوركت ـ ولك تحياتي. :001:

عبدالله سليمان الطليان
07-10-2015, 04:41 AM
الفاضلة نادية
فلسطين تعيش في وجداني ولن
انسى فلسطين
احيي تلك الوجوه الصامدة التي تحافظ
على ماتبقى من كرامة
اتمنى ان تكون بجانبها
احترامي وتقديري

ربيحة الرفاعي
18-10-2015, 05:29 PM
قص شائق السرد سامق القضيّة رفيع الغاية

دمت بخير أيها الكريم
تحاياي

عبدالله سليمان الطليان
19-10-2015, 12:09 PM
الكريمة ربيحة الرفاعي
ان اهلنا في فلسطين يسجلون بطوله
هي المحافظة على الكرامة التي ماتت لدينا
ولم يتبقى منها سوى هذه الاقلام التي تحاول
انعاش امة تتدافع العدو على دفنها .
احترامي وتقديري

محمد جباري
20-10-2015, 10:11 AM
آخر الجذور..لن يكون آخر الجذور إن شاء الله تعالى، ما دامت الجذور لا زالت على العهد الكريم بالبراعم الواعدة، و الفسائل المتجددة، و ستبقى المقاومة مشروع الشعب الفلسطيني الكريم بكل شرائحه؛ شيوخه، و شبابه، و أطفاله..يتوارثه الللاحق عن السابق..إلى أجل مسمى.
دام قلمك.

عبدالله سليمان الطليان
21-10-2015, 04:32 AM
اخي محمد جباري
هذا الصمود وهذه التضحية الغاليه
التي اننا نكتب عنها فقط الى متى
هذا الامة الكثيرة العدد الا تستطيع
تغيير المعادلة انه لامر محزن ومخجل ايضا
احترامي

سالم سليمان سلامة
21-10-2015, 08:24 AM
منتهى الروعة و الجمال وذوق رفيع كل الود و التقدير تحياتي

عبدالله سليمان الطليان
22-10-2015, 09:52 AM
اخي سالم سليمان سلامة
تقبل احترامي وتقديري