تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ابن سيرين يريق الزيت!!



رأفت علي جبر
11-08-2009, 01:38 AM
ابن سيرين يريق الزيت ويشحب وجهه حين يرى أمه في البيت!!
من منا لا يعرف ابن سيرين؟!
ذلك التابعي الجليل من الزمن الجميل,من امتطى صهوة المجد أميراً للبر والتقوى,وكيف له ألاّ يكون وقد تخرج من مدرسة الفرسان الأوائل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتتلمذاً على يدِ خادم أشرف الخلق الصحابي الجليل أنس بن مالك.
ابن سيرين أميراً للبر فلقد كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع وإذا دخلت أمه البيت تغير وجهه إجلالاً وبرأ.
وما أغربنا اليوم عمن عاشوا بالأمس,فكم من الشباب في هذا الزمان إذا دخلت عليه أمه شحب ولكن هل كشحوب ابن سيرين ؟!
أم أنه شحوب الإجلال لزوجه, غضباً على أمه ,عبساً وتولّيا عنها لأنها باتت لظهره حملاً وعبئا ,وخطابها لزوجه غصة و رزءَ!
بات تضرع ابن سيرين لأمه , نهراً وزجرا, تأففاً وتوبيخا في شرع من جعلوا قدوتهم ابن جاكسون وبنت النيل, وخلعوا ربقة ابن سيرين سلفا وابن جبرين تبعا!
ابن سيرين يريق الزيت الذي اشتراه بدين مؤجل بلغت قيمته أربعين ألف دينار, قيل أنها ذهبية,لا لسبب إلا لينال إمارة التقوى كما نال إمارة البر.
يفتح زقاَ من الزيت ليجد فيه فأراَ تفسخ هالكاَ ,فيأمر بإراقة الزيت كله ردءً للشبهة ,خشية أن يكون الفأر قد هلك في معصرة الزيت فأصابت النجاسة الزيت كله, ولم يكن يأمن إن أخبر التاجر ألا يسوّقه للناس على عيبه.
ويسجن ابن سيرين لإفلاسه وعجزه عن دفع الأربعين ألفاَ المؤجلة, ويمكث فيى السجن زمنا, حتى يأتي خبروفاة الصحابي الجليل أنس بن مالك, ومعه الوصية للوالي بأن يقوم ابن سيرين
على تجهيزه وتكفينه, ويرسل الوالي من يخرج ابن سيرين تنفيذا لوصية أنس, ولكنها التقوى تمنع ابن سيرين من الخروج قائلا : والله ما الوالي من يملك أمر إطلاق صراحي, فذلك حق لصاحب الدين.
ويخرج ابن سيرين ليغسل ويكفن أنس بن مالك بعد أن أذن له صاحب الدين وفي طريقه يمر بجوار بيته فيتنحى عن الطريق إلى الجانب الأخر منه, خشية أن يستظل بجدار بيته فتحصل له

مصلحة من الخروج من سجنه غير الذي خرج من اجله! وينجز مهمته ثم يعود إلى سجنه!

فأين منه أصحاب الوساطات , وأرباب النفوذ؟! الذين ما تورعوا يوما عن استخدام مناصبهم ونفوذهم خدمة للباطل وأعوانه, وإمعانا في تهميش الحق وأصحابه! وأين أصحاب الأعذار

والترخص في غير مكان للرخص؟!

وتمر الأيام ويدعي رجل اشترى من ابن سيرين بضاعة بأنه قد أعطاه درهمين فيقسم ابن سيرين بالله أنه ما أعطاه , فيدهش من حضر أتقسم على درهمين وأنت من أراق أربعين ألف دينار ذهبية

زيتا تورعا وتقوى؟!

فيجيبهم أمير التقوى بأنه ما أقسم إلا خشية أن يطعم هذا الرجل حراماَ لو أخذ الدرهمين بغير حق فينبت جسده سحتاً!

فأين الذين يجهدون أنفسهم حلفاَ بالله على بضائعهم , بأنها عسلا خالصا وزيتا صافيا ولبنا سائغا للشاربين,والله تعالى يشهد إنهم لكاذبون...

واين الذين حرموا المسلمين من زيتهم وثرواتهم وأراقوا الخمور في كروشهم لتزداد ترهلا على ترهل؟!

ليت زيتك الذي أرقت يابن سيرين وجدنا في زمننا هذا من يهديه للأقصى كي يسرج منارا وضياء للمصلين فيه, وليتهم ما قذفوا بالقمح إلى أعماق البحار والمحيطات.. و لكن ليس خشية من

نجاسة للفأر بل حفظأً لسعره من الهبوط ليحدثو توازنا اقتصاديا.. وما راعهم ملايين البشر ممن انتفخت وتدلّت بطونهم, وغارت حذقات عيونهم حاجة وجوعا, حرمانا وضياعا...

لله درك يا أمير البر والتقوى وأنت تنقش اسمك عاليا فوق قمم جبال المجد , ورِعا عشت وبرا حييت وزاهدا قضيت فلك منا ألف ألف سلام يا بن سيرين..


أرقت الزيت خشية لله ترعى وأريقت دمائنا وأمة المليار ترعى هملاَ قد تركنا في الفيافي نرعى العين منا كفيفة والأجساد صرعى



د. رأفت علي

عبدالملك الخديدي
11-08-2009, 02:31 PM
جزاك الله خيراً يا دكتور رأفت علي
ورحم الله بن سيرين
بورك فيك ، ذلك جيل النصحاء والأمناء
تقبل التحية

سيلفا حنا حنا
11-08-2009, 03:22 PM
أخي رأفت علي جبر
ربطت الماضي بالحاضر
فأين نحن منهم
راق لي نصك أيها الأديب المفكر
حفظك الله من لصوص الحاضر

ليوفقنا الله

رأفت علي جبر
11-08-2009, 06:02 PM
أخي عبد الملك الخديدي
بوركت وجزيت خيراً على المرور,ونسأل الله أن يحشرنا مع هذا الجيل من النصحاء الأمناء , ولا عز ولا أمل للأمة جمعاء إلا بعودة أمثال هؤلاء ...
أما نحن فلنا نصيب من حبهم عسى الله أن يجمعنا بهم....
أوالتشبه بهم "تشبهوا بالرجال إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح"
والله المستعان على حالنا اليوم!!
أخوك د.رأفت علي

رأفت علي جبر
11-08-2009, 06:13 PM
الأخت سيلفا حنا حنا

أسعدني وأبهجني مرورك

أن يروقك ما كتب دليل على حبك لأصالتنا وتراثنا العربي الذي كتب لنا به المجد والسؤدد بقوة الاخلاق قبل قوة السيف

أما ربطي للماض بالحاضر , فإن الأمم تنهض بتمسكها بروائع تراثها وأصالته, معلماً يرسم نجاحات المستقبل ومرآة تعكس

تطلعات المستقبل....

أما الأمم التى تنسى ماضيها, فعليها ألا تنزعج إن كانت يوما طيفاَ من نسيان في ذاكرة الأمم الحاضرة فضلاً عن اللاحقة!!

كل امتناني وتقديري لتعليقكم وكلماتكم الراقية

د. رأفت علي

لمياء سليمان
11-08-2009, 11:18 PM
ابن سيرين أميراً للبر فلقد كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع وإذا دخلت أمه البيت تغير وجهه إجلالاً وبرأ
وما أغربنا اليوم عمن عاشوا بالأمس,فكم من الشباب في هذا الزمان إذا دخلت عليه أمه شحب
هاذان المشهدان من اصعب مشاهد العصر يا اخي
ربما كان يجب على كل ام ان تدعى ابنائها ابن سيرين
رحمه الله وحفظ الاله انامل تكتب لنا عن عصر مضى لنحتسب
كثير من الامهات يتمنن لو يحفرن لهن حفرة تطمهن
جزيل الشكر لكل ما تقدمه لنا اخي د. رأفت علي
مع احترامي

رأفت علي جبر
12-08-2009, 06:19 AM
حفظك الله اخت لمياء ورعاك
وحفظ أناملك ويرعاك وبوركت على كلماتك الراقية.
وأظن أن بر ابن سيرين بامه هو جرح غائر لكثير من أمهات هذا العصر فهن يتمنين ابناء كابن سيرين ولكني أبشرك أختي بأنه لازال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم الخير الكثير. فوالله لقد عاش في زماننا هذا رجال ونساء كثيرون شابهت سجاياهم سمت ابن سيرين واذكر لك في هذه المقام شهيد الاسلام الصائم العابد مسلمة الأعرج فلقد سجل صفحات ناصعة من بر الوالدين ولربما سنحت لنا فرصة بأن نقصها عليك يوما ما . يكفيك أن تعلمي بأنه كان إذا علم أن أمه في الطابق الأرضي لم يصعد إلى غرفته في الطابق العلوي خشية أن يمشي في الطابق وهي في مكان أسفل منه....

أخوك د. رأفت علي