المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شوكة ونقطة



أحمد الرشيدي
12-10-2009, 01:27 PM
شوكة ونقطة

بيني وبينَكِ أستارٌ بعضُها نَسْجُ الحذرِ مني ، وبعضُها نسجُ القدرِ فينا ، وبعضُها نسجِ الحياءُ منك . أستارٌ أراها رياضا خُضْرا أسرِّحُ فيهنَّ الأحلامَ فَجْراً فراشاتِ عَسَسٍ عساها أنْ تقطفَ لي ابتسامةَ من ثغركِ حين تراها عيناكِ ، أو تبلغَني بعضَ أمرِكِ حين تَحُطُّ على شرفتكِ . إيهٍ يا فراشاتُ هاتِ حديثَ الغيبِ : كيف تسريحةُ شعرِها ، وما عنوانُ كتابٍ تحتضِنُه ، وأيُّ أصنافِ القهوةِ تلكَ التي ترشفُ شفتاها ؟ هاتِ لأطيرَ نسيما ، وأُرَاقُ سطرا ، وأُحْرَقُ دُخانا ... ، أَحْلُمُ أسْمَعُ وأرى ... ، ثُمَّ لا شيءَ مِنْ ذلكَ ثَمَّ سوى فراشاتٍ محنطةً بين يديَّ ، أُقلِّبُهُنَّ حائرا ، يُغريني الأملُ : أَنِ انفخْ فيها مجتمعةً تكنْ هدهدا بإذن الطُّهْرِ ، فيصيحُ اليأسُ ستكون طيرا أبابيلَ بكافِ الكَّفِ ، ونونِ الظنِّ ، يَعتوراني هذا وذاكَ ذهابا وإيابا ، فأَجدُني قد نسجتُ سترا آخرَ مِنْ ظُلمةِ اليأس ، وجعلتُه شفيفا لتنفذَ منه ومضاتُ الأمل .

ذاك أنا وأنتِ أستارٌ وأستار ، لا عينَ لي ولكني أراكِ ، ولا أُذُنَ لي ولكني أسمعُكِ ، كأني أبو العلاء في رسالة الغُفْران ، وبيتهوفن في سيمفونية القَدَر ، بل أنتِ أقربُ من ذلك وأدقُّ وأسمى وأعْجبُ ، أنتِ روح تسري في جسدي ، فما مِنْ شِبْهِ لقاءٍ إلا في بِضْعِ ليالٍ تَنتشلينني فيها مِنْ وَهْدَةِ الأرضِ إلى معارجِ سموِّكِ ، شبهُ لقاءٍ في سُويعات حُلْمٍ مُنَجَّمَةٍ تَقتربين مني فيها حتى إذا كِدْتُ أَلمَسُكِ بِعَيْنِي أسْفرَ الحلمُ الواقعُ عَنْ واقعٍ حُلْمٍ ، وهكذا دَوالَيْكَ يا روحي إلى أَنْ يَفْنَى الجسدُ ، وحالُه كحالِ العَيْنِ التي أرادتْ رُؤْيةَ مَوْطِنِ الإبصارِ فيها .


أنا صفحةٌ لَمْ تَقرئيها بين دَفْتي كتابٍ أنتِ قرأتِهِ كلَّهُ ، أ سقطتْ منكِ سهوا ، أم ظننتِها فارغة ؟! إنْ تَكُنِ الأولى ، فبِمثلِ ما أنا فيه الآن أستدِّرُ مِنْ عينيكِ نظراتٍ تُقِيلينَ بها عاثرَ حظِّ صفحةٍ حروفُها طفلٌ رضيعٌ لا يَغْذوهُ إلا شَهْدُ شَفَتِك ، وعصفورٌ شَرِيدٌ لا مَأَوىً لهُ إلا أهدابُك ، ووردةٌ يَغزوها الذُّبولُ ، لا يُحْيِيها إلا ضياءُ ثُغْرَةِ نَحْرِك ... ، وإنْ تكنِ الأخرى ، فباللهِ لا تَعْجَلي ؛ إنَّ الفراغَ معنىً كالامتلاءِ سواءً بِسَواءٍ ، مُحالٌ أنْ يكونَ الفراغُ حَيِّزا لا يَمْلَؤُهُ شيءٌ ، فارْجِعِي البَصَرَ تَرِيِ الصفحةَ ملأى مِنْ نارِ هَجْرِك ، ونورِ طُهْرِك ، وضبابِ حَيْرَتِي .

مِنْكِ قلمي عصا هَرِمٍ تَجُرُّهُ إلى حيثُ يَعْلَمُ ولا يعلمُ بعدَما فَتَكَ اليأسُ بِفَلْذَّاتِ أَمَلِه ، يرى مع كلِّ خُطْوةٍ مَصْرعَ أُمْنِيَةٍ شاهدُها مهدُها ، أكوامٌ من الأماني يَدَبُّ بينَهُنَّ ، أَرْهقتَني يا قلم ، لِمَ تُطيلُ حَرْثَ الألم ؟ إن نصيبي من كلِّ وردةٍ شوكةٌ ، وإنَّ الثمرةَ مِنْ بَعْدِ جَهْدِ الغَرْسِ في الطِّرْسِ نُقْطَةٌ .

فاطمه عبد القادر
14-10-2009, 01:00 AM
مِنْكِ قلمي عصا هَرِمٍ تَجُرُّهُ إلى حيثُ يَعْلَمُ ولا يعلمُ بعدَما فَتَكَ اليأسُ بِفَلْذَّاتِ أَمَلِه ، يرى مع كلِّ خُطْوةٍ مَصْرعَ أُمْنِيَةٍ شاهدُها مهدُها ، أكوامٌ من الأماني يَدَبُّ بينَهُنَّ ، أَرْهقتَني يا قلم ، لِمَ تُطيلُ حَرْثَ الألم ؟ إن نصيبي من كلِّ وردةٍ شوكةٌ ، وإنَّ الثمرةَ مِنْ بَعْدِ جَهْدِ الغَرْسِ في الطِّرْسِ نُقْطَةٌ .





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوحك جميل ,,عتابك يائس ,,وحبك مؤلم
يتغذى بالألم ويعيش عليه
يغلفه حزن تجهل أنت نهايته
ولكن الأمل رغم كل الأحزان يظل موجودا
شعلته لا يمكنها أن تنطفئ
بقليل من زيت الصبر يتوهج باذن الله
اخي أحمد اسجل اعجابي بنصك هذا
دمت بخير وعطاء
ماسة

هشام عزاس
14-10-2009, 01:41 AM
الجميل الأديب / أحمد الرشيدي

مرحى بالأشواك إذن و آلامها ما دامت قادرة على خلق هذا التشظي الإبداعي الجميل , و تكفي تلك النقطة في نظري محصولا وافرا لا يختلفُ في قيمته ذوقان .
ربما لو قرأت تلك الصفحة ما تمكّن المحظوظون أمثالنا من قرائتكَ حرفا نديا مفعما رغم وجعيتهِ المشتعلة .

تظل الكتابة عملية احتراق و كما أقول دائما احتراق يخلق الطاقة و ليس بحريق تتناثر ذراته هباءً في الهواء .

دمت بهذا الثراء ...

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

عبد الرحمن الكرد
15-10-2009, 09:56 AM
الرائع أحمد
تتدفق اللوعه والألم من خلال
قلمك وتعصف بقلوبنا
فحدة الألم تفجر براكين الأبداع والتألق
كل التقدير
تحياتي

ثائر الحيالي
15-10-2009, 11:45 AM
شوكة ونقطة



بيني وبينَكِ أستارٌ بعضُها نَسْجُ الحذرِ مني ، وبعضُها نسجُ القدرِ فينا ، وبعضُها نسجِ الحياءُ منك . أستارٌ أراها رياضا خُضْرا أسرِّحُ فيهنَّ الأحلامَ فَجْراً فراشاتِ عَسَسٍ عساها أنْ تقطفَ لي ابتسامةَ من ثغركِ حين تراها عيناكِ ، أو تبلغَني بعضَ أمرِكِ حين تَحُطُّ على شرفتكِ . إيهٍ يا فراشاتُ هاتِ حديثَ الغيبِ : كيف تسريحةُ شعرِها ، وما عنوانُ كتابٍ تحتضِنُه ، وأيُّ أصنافِ القهوةِ تلكَ التي ترشفُ شفتاها ؟ هاتِ لأطيرَ نسيما ، وأُرَاقُ سطرا ، وأُحْرَقُ دُخانا ... ، أَحْلُمُ أسْمَعُ وأرى ... ، ثُمَّ لا شيءَ مِنْ ذلكَ ثَمَّ سوى فراشاتٍ محنطةً بين يديَّ ، أُقلِّبُهُنَّ حائرا ، يُغريني الأملُ : أَنِ انفخْ فيها مجتمعةً تكنْ هدهدا بإذن الطُّهْرِ ، فيصيحُ اليأسُ ستكون طيرا أبابيلَ بكافِ الكَّفِ ، ونونِ الظنِّ ، يَعتوراني هذا وذاكَ ذهابا وإيابا ، فأَجدُني قد نسجتُ سترا آخرَ مِنْ ظُلمةِ اليأس ، وجعلتُه شفيفا لتنفذَ منه ومضاتُ الأمل .


ذاك أنا وأنتِ أستارٌ وأستار ، لا عينَ لي ولكني أراكِ ، ولا أُذُنَ لي ولكني أسمعُكِ ، كأني أبو العلاء في رسالة الغُفْران ، وبيتهوفن في سيمفونية القَدَر ، بل أنتِ أقربُ من ذلك وأدقُّ وأسمى وأعْجبُ ، أنتِ روح تسري في جسدي ، فما مِنْ شِبْهِ لقاءٍ إلا في بِضْعِ ليالٍ تَنتشلينني فيها مِنْ وَهْدَةِ الأرضِ إلى معارجِ سموِّكِ ، شبهُ لقاءٍ في سُويعات حُلْمٍ مُنَجَّمَةٍ تَقتربين مني فيها حتى إذا كِدْتُ أَلمَسُكِ بِعَيْنِي أسْفرَ الحلمُ الواقعُ عَنْ واقعٍ حُلْمٍ ، وهكذا دَوالَيْكَ يا روحي إلى أَنْ يَفْنَى الجسدُ ، وحالُه كحالِ العَيْنِ التي أرادتْ رُؤْيةَ مَوْطِنِ الإبصارِ فيها .



أنا صفحةٌ لَمْ تَقرئيها بين دَفْتي كتابٍ أنتِ قرأتِهِ كلَّهُ ، أ سقطتْ منكِ سهوا ، أم ظننتِها فارغة ؟! إنْ تَكُنِ الأولى ، فبِمثلِ ما أنا فيه الآن أستدِّرُ مِنْ عينيكِ نظراتٍ تُقِيلينَ بها عاثرَ حظِّ صفحةٍ حروفُها طفلٌ رضيعٌ لا يَغْذوهُ إلا شَهْدُ شَفَتِك ، وعصفورٌ شَرِيدٌ لا مَأَوىً لهُ إلا أهدابُك ، ووردةٌ يَغزوها الذُّبولُ ، لا يُحْيِيها إلا ضياءُ ثُغْرَةِ نَحْرِك ... ، وإنْ تكنِ الأخرى ، فباللهِ لا تَعْجَلي ؛ إنَّ الفراغَ معنىً كالامتلاءِ سواءً بِسَواءٍ ، مُحالٌ أنْ يكونَ الفراغُ حَيِّزا لا يَمْلَؤُهُ شيءٌ ، فارْجِعِي البَصَرَ تَرِيِ الصفحةَ ملأى مِنْ نارِ هَجْرِك ، ونورِ طُهْرِك ، وضبابِ حَيْرَتِي .



مِنْكِ قلمي عصا هَرِمٍ تَجُرُّهُ إلى حيثُ يَعْلَمُ ولا يعلمُ بعدَما فَتَكَ اليأسُ بِفَلْذَّاتِ أَمَلِه ، يرى مع كلِّ خُطْوةٍ مَصْرعَ أُمْنِيَةٍ شاهدُها مهدُها ، أكوامٌ من الأماني يَدَبُّ بينَهُنَّ ، أَرْهقتَني يا قلم ، لِمَ تُطيلُ حَرْثَ الألم ؟ إن نصيبي من كلِّ وردةٍ شوكةٌ ، وإنَّ الثمرةَ مِنْ بَعْدِ جَهْدِ الغَرْسِ في الطِّرْسِ نُقْطَةٌ .



الأستاذ الفاضل أحمد الرشيدي

هذا الغوص في عمق بحر الكلم لايمكن أن يكون إلا لمن سبر أغوار السحر..

رائع..وأكثر..

سلمت..وسلم مدادك


محبتي

أحمد الرشيدي
21-10-2009, 04:16 PM
مِنْكِ قلمي عصا هَرِمٍ تَجُرُّهُ إلى حيثُ يَعْلَمُ ولا يعلمُ بعدَما فَتَكَ اليأسُ بِفَلْذَّاتِ أَمَلِه ، يرى مع كلِّ خُطْوةٍ مَصْرعَ أُمْنِيَةٍ شاهدُها مهدُها ، أكوامٌ من الأماني يَدَبُّ بينَهُنَّ ، أَرْهقتَني يا قلم ، لِمَ تُطيلُ حَرْثَ الألم ؟ إن نصيبي من كلِّ وردةٍ شوكةٌ ، وإنَّ الثمرةَ مِنْ بَعْدِ جَهْدِ الغَرْسِ في الطِّرْسِ نُقْطَةٌ .





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوحك جميل ,,عتابك يائس ,,وحبك مؤلم
يتغذى بالألم ويعيش عليه
يغلفه حزن تجهل أنت نهايته
ولكن الأمل رغم كل الأحزان يظل موجودا
شعلته لا يمكنها أن تنطفئ
بقليل من زيت الصبر يتوهج باذن الله
اخي أحمد اسجل اعجابي بنصك هذا
دمت بخير وعطاء

ماسة


وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

سعدت بمرورك الكريم ، وبمثل ما يدبجه يراعك يشرق الأمل

يا سيدتي ما دام الله موجودا ، فليكن ما يكون .

حرسك الله

أحمد الرشيدي
21-10-2009, 04:22 PM
الجميل الأديب / أحمد الرشيدي

مرحى بالأشواك إذن و آلامها ما دامت قادرة على خلق هذا التشظي الإبداعي الجميل , و تكفي تلك النقطة في نظري محصولا وافرا لا يختلفُ في قيمته ذوقان .
ربما لو قرأت تلك الصفحة ما تمكّن المحظوظون أمثالنا من قرائتكَ حرفا نديا مفعما رغم وجعيتهِ المشتعلة .

تظل الكتابة عملية احتراق و كما أقول دائما احتراق يخلق الطاقة و ليس بحريق تتناثر ذراته هباءً في الهواء .

دمت بهذا الثراء ...

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

أخشى ما أخشاه ذلك الهباء في الحالين ..، وليتنا نذوق احتراقا مختلفا مرة !

دمت من ربك في عظيم النعم

أحمد الرشيدي
21-10-2009, 04:28 PM
الرائع أحمد
تتدفق اللوعه والألم من خلال
قلمك وتعصف بقلوبنا
فحدة الألم تفجر براكين الأبداع والتألق
كل التقدير
تحياتي

الصديق العزيز عبد الرحمن الكرد

سعدت بمرورك الكريم ، والذي فاح شذاه برقيق شعورك

غمر الله قلبك بالمسرات

أحمد الرشيدي
21-10-2009, 04:41 PM
الأستاذ الفاضل أحمد الرشيدي




هذا الغوص في عمق بحر الكلم لايمكن أن يكون إلا لمن سبر أغوار السحر..


رائع..وأكثر..


سلمت..وسلم مدادك



محبتي



الرائع الكبير ثائر الحيالي

بكريم أدبك أبلغ الذي تحب لقلم أخيك ، ويا ليتك تجد في بعض ما أحاوله عزاء لك على ما تقتطعه من وقتك في قراءته والرد عليه ...

أسعد الله قلبك في الدارين

سالم العلوي
21-10-2009, 04:59 PM
الله الله .. أيها الرشيدي المحلق في سماء الحرف .. الغائص في عمق البيان ..
ما شاء الله .. إن من البيان لسحرا هنا .. كما الحكمة من الشعر هناك .. مبدع في الحالين .. وهذا شأن أرباب البلاغة والفصاحة .. زادك الله خيرا على خير.
نص عميق الدلالة .. مكثف الصورة .. يتجاوز المباشرة إلى عمق جميل ساحر.
من قال أن المشاعر حكر على الشعر حتى يجعلوا كل نص جميل شعرا جبرا وقسرا .. فها هو النثر يعبر عن نفسه أحلى من ألف قصيدة ..
دمت للألق والإبداع أخانا الكريم.

أحمد الرشيدي
21-10-2009, 05:08 PM
الله الله .. أيها الرشيدي المحلق في سماء الحرف .. الغائص في عمق البيان ..



ما شاء الله .. إن من البيان لسحرا هنا .. كما الحكمة من الشعر هناك .. مبدع في الحالين .. وهذا شأن أرباب البلاغة والفصاحة .. زادك الله خيرا على خير.
نص عميق الدلالة .. مكثف الصورة .. يتجاوز المباشرة إلى عمق جميل ساحر.
من قال أن المشاعر حكر على الشعر حتى يجعلوا كل نص جميل شعرا جبرا وقسرا .. فها هو النثر يعبر عن نفسه أحلى من ألف قصيدة ..


دمت للألق والإبداع أخانا الكريم.


مثلُ محاولاتي وما تلقى منك من كريم متابعة ، مثلُ ذي حاجة أمَّ كريما ، فرفده ووصله وأكرمه ، ثم جاءه أخرى ، فصنع به فوق ما كان منه في الأولى ، ثم إن الأول ألمت به ضائقة من بعد ، وبينما هو في همه وغمه إذا صاحبه الكريم يطرق بابه والخير كله في وجهه وبين يديه ...

أخي الموقرالشاعر الأديب سالم العلوي

لا حرمني الله من وصل طيب حرفك ، وليحرسك الله .

سحر الليالي
21-10-2009, 07:02 PM
الفاضل القدير " أحمد الرشيدي "
:
دوما حين أقرأ لك أشعر بأني أسبح في بحر من الابداع ..!
لله ما أروع نبضك ..
وأجدني بحق أردد ما قاله الأخ الفاضل (سالم العلوي ) :"ما شاء الله .. إن من البيان لسحرا هنا .. كما الحكمة من الشعر هناك .. مبدع في الحالين .. وهذا شأن أرباب البلاغة والفصاحة .. زادك الله خيرا على خير".

سلمت ودمت دوما بخير
تقبل خالص احترامي وتقديري وتراتيل ورد

ناريمان الشريف
21-10-2009, 07:37 PM
شوكة ونقطة

بيني وبينَكِ أستارٌ بعضُها نَسْجُ الحذرِ مني ، وبعضُها نسجُ القدرِ فينا ، وبعضُها نسجِ الحياءُ منك . أستارٌ أراها رياضا خُضْرا أسرِّحُ فيهنَّ الأحلامَ فَجْراً فراشاتِ عَسَسٍ عساها أنْ تقطفَ لي ابتسامةَ من ثغركِ حين تراها عيناكِ ، أو تبلغَني بعضَ أمرِكِ حين تَحُطُّ على شرفتكِ . إيهٍ يا فراشاتُ هاتِ حديثَ الغيبِ : كيف تسريحةُ شعرِها ، وما عنوانُ كتابٍ تحتضِنُه ، وأيُّ أصنافِ القهوةِ تلكَ التي ترشفُ شفتاها ؟ هاتِ لأطيرَ نسيما ، وأُرَاقُ سطرا ، وأُحْرَقُ دُخانا ... ، أَحْلُمُ أسْمَعُ وأرى ... ، ثُمَّ لا شيءَ مِنْ ذلكَ ثَمَّ سوى فراشاتٍ محنطةً بين يديَّ ، أُقلِّبُهُنَّ حائرا ، يُغريني الأملُ : أَنِ انفخْ فيها مجتمعةً تكنْ هدهدا بإذن الطُّهْرِ ، فيصيحُ اليأسُ ستكون طيرا أبابيلَ بكافِ الكَّفِ ، ونونِ الظنِّ ، يَعتوراني هذا وذاكَ ذهابا وإيابا ، فأَجدُني قد نسجتُ سترا آخرَ مِنْ ظُلمةِ اليأس ، وجعلتُه شفيفا لتنفذَ منه ومضاتُ الأمل .

ذاك أنا وأنتِ أستارٌ وأستار ، لا عينَ لي ولكني أراكِ ، ولا أُذُنَ لي ولكني أسمعُكِ ، كأني أبو العلاء في رسالة الغُفْران ، وبيتهوفن في سيمفونية القَدَر ، بل أنتِ أقربُ من ذلك وأدقُّ وأسمى وأعْجبُ ، أنتِ روح تسري في جسدي ، فما مِنْ شِبْهِ لقاءٍ إلا في بِضْعِ ليالٍ تَنتشلينني فيها مِنْ وَهْدَةِ الأرضِ إلى معارجِ سموِّكِ ، شبهُ لقاءٍ في سُويعات حُلْمٍ مُنَجَّمَةٍ تَقتربين مني فيها حتى إذا كِدْتُ أَلمَسُكِ بِعَيْنِي أسْفرَ الحلمُ الواقعُ عَنْ واقعٍ حُلْمٍ ، وهكذا دَوالَيْكَ يا روحي إلى أَنْ يَفْنَى الجسدُ ، وحالُه كحالِ العَيْنِ التي أرادتْ رُؤْيةَ مَوْطِنِ الإبصارِ فيها .


أنا صفحةٌ لَمْ تَقرئيها بين دَفْتي كتابٍ أنتِ قرأتِهِ كلَّهُ ، أ سقطتْ منكِ سهوا ، أم ظننتِها فارغة ؟! إنْ تَكُنِ الأولى ، فبِمثلِ ما أنا فيه الآن أستدِّرُ مِنْ عينيكِ نظراتٍ تُقِيلينَ بها عاثرَ حظِّ صفحةٍ حروفُها طفلٌ رضيعٌ لا يَغْذوهُ إلا شَهْدُ شَفَتِك ، وعصفورٌ شَرِيدٌ لا مَأَوىً لهُ إلا أهدابُك ، ووردةٌ يَغزوها الذُّبولُ ، لا يُحْيِيها إلا ضياءُ ثُغْرَةِ نَحْرِك ... ، وإنْ تكنِ الأخرى ، فباللهِ لا تَعْجَلي ؛ إنَّ الفراغَ معنىً كالامتلاءِ سواءً بِسَواءٍ ، مُحالٌ أنْ يكونَ الفراغُ حَيِّزا لا يَمْلَؤُهُ شيءٌ ، فارْجِعِي البَصَرَ تَرِيِ الصفحةَ ملأى مِنْ نارِ هَجْرِك ، ونورِ طُهْرِك ، وضبابِ حَيْرَتِي .

مِنْكِ قلمي عصا هَرِمٍ تَجُرُّهُ إلى حيثُ يَعْلَمُ ولا يعلمُ بعدَما فَتَكَ اليأسُ بِفَلْذَّاتِ أَمَلِه ، يرى مع كلِّ خُطْوةٍ مَصْرعَ أُمْنِيَةٍ شاهدُها مهدُها ، أكوامٌ من الأماني يَدَبُّ بينَهُنَّ ، أَرْهقتَني يا قلم ، لِمَ تُطيلُ حَرْثَ الألم ؟ إن نصيبي من كلِّ وردةٍ شوكةٌ ، وإنَّ الثمرةَ مِنْ بَعْدِ جَهْدِ الغَرْسِ في الطِّرْسِ نُقْطَةٌ .


أخي أحمد
سلام الله عليك

حاولت أن أقتبس في هذه النثرية الأجمل .. ولكنني لم أفلح
فإذا كلها أجمل ...
تشبيهات رائعة .. وصور أدبية بالغة الدقة
سلمت يداك .. ولك المودة

.... الى هنا
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

أحمد الرشيدي
23-10-2009, 05:59 PM
الفاضل القدير " أحمد الرشيدي "
:
دوما حين أقرأ لك أشعر بأني أسبح في بحر من الابداع ..!
لله ما أروع نبضك ..
وأجدني بحق أردد ما قاله الأخ الفاضل (سالم العلوي ) :"ما شاء الله .. إن من البيان لسحرا هنا .. كما الحكمة من الشعر هناك .. مبدع في الحالين .. وهذا شأن أرباب البلاغة والفصاحة .. زادك الله خيرا على خير".

سلمت ودمت دوما بخير
تقبل خالص احترامي وتقديري وتراتيل ورد


الفاضلة القديرة سحر الليالي

يطيب لمحاولتي هذا المرور الكريم منك ، وإن لمتابعتك الكريمة لمحاولاتي عظيم الأثر في نفسي ، فلطاما تكرمتِ بالتشجيع وحسن الظن ، وهو ما أرجو أن تكون حروفي أهلا له .

يا فراشة الطهر والجمال كوني بخير وليحرسك الله

أحمد الرشيدي
26-10-2009, 08:39 PM
أخي أحمد

سلام الله عليك


حاولت أن أقتبس في هذه النثرية الأجمل .. ولكنني لم أفلح
فإذا كلها أجمل ...
تشبيهات رائعة .. وصور أدبية بالغة الدقة
سلمت يداك .. ولك المودة


.... الى هنا

مع تحياتي ... ناريمان الشريف


أختي الأديبة الأستاذة ناريمان

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

كرم منك سابغ هذا المرور سائغ الحروف ...

أسعدني جدا رؤية اسمك الكريم هـهنا وما حفه من بديع القول منك كرما وتفضلا .

سلمتِ كلك ولك محض الود ووافر التقدير

سمو الكعبي
29-10-2009, 06:37 PM
الآستاذ الفاضل أحمد الرشيدي"
لازال قثلمك يخط ويرسم فصاحة من نهج قديم متمكن بأساليب اللغة العارف بمكنوناتها ومداخلها , لا يسعني أن أقول إلا : إنك لفي قول مبين مكين
حفظك الرحمن

ثائر الحيالي
23-03-2010, 08:03 PM
أخي الأستاذ القدير أحمد الرشيدي

عودة ..لمناهل الحرف الساحر..

أسال الله لك ..السؤدد والخير الدائم.

حماك الله..

محبتي ..واحترامي

عبدالله المحمدي
23-03-2010, 10:02 PM
لا اريد ان ازيد على ماقالوا اخواني واخواتي الاعضاء

دمت سالما نقيا .....وفي انتظار عودتك أخي احمد

وفاء شوكت خضر
24-03-2010, 06:29 AM
فصاحة البيان ونقاء الوجدان نسجا نصا ولا أروع ..
وكأني بصفحة من صفحات الرافعي في رسائلة التي حملت زفرات العشق الملتهبة من خلف الضلوع ..
قرأت وقرأت فكان للقراءة متعة على هذه الصفحة التي تألقت بفصيح بيانك وجميل بوحك ..

الأديب الشاعر أحمد الرشيدي ..
حرفك خجول حيي جميل ..
سعدت للحظات عشتها بين حروفك رغم ما حملت من زفرات الحرقة والشوق والألم ..


فقط كنت هنا ..
لك الورد بقدر الود ..