تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المعجزة الكبرى ..



بهجت عبدالغني
26-10-2009, 07:35 PM
المعجزة الكبرى ..


القرآن الكريم مليء بالمعجزات الإلهية ، فلا يُكشف جانب من هذه الجوانب الإعجازية إلا ويفتح القرآن نوافذه إلى اكتشاف جوانب أخرى ..

فمنذ أول آية نزلت من القرآن ، كان الإعجاز البياني والبلاغي يلقي بظلاله على الآفاق ، فانبهر العرب الأقحاح ، أهل الفصاحة والبلاغة ، واستولى على مسامعهم ، وهزّ ألبابهم وأفئدتهم ، وتحداهم القرآن وأرخى لهم العنان في التحدي بان يأتوا بمثل هذا القرآن ، سورة مثله ، عشر آيات ، لكنهم وقفوا عاجزين عن ذلك{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } .

ومن ثم تمر الأيام تلو الأيام ، وتتطور علوم الإنسان ومعارفه وتتسع مداركه وتتفتح له الآفاق هنا في الأرض وهناك في السماء ، ومع ذلك يبقى القرآن العظيم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، مبيناً للناس إن كل ما توصوا إليه واكتشفوه ما هو إلا جزء صغير من خلق الله تعالى وإبداعه ، وان الله تعالى محيط به عليم ، بل يعدهم سبحانه بأنه { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } ، ليبقى عنق الإنسان يتطلع إلى ما هو أبعد مما هو في يديه ، ليتوصل إلى أن هذا هو الحق .

القرآن كله معجزة ليس له نفاد ، والذي { لا تنقضي عجائبه و لا يخلق من كثرة الرد } .

والمعجزة الكبرى للقرآن انه كتاب هداية من عند الله تعالى ، ما إن يتلقاه الإنسان بعقله وروحه ، ويتشربه ويتفاعل معه ، حتى يدفعه إلى التوجه متأملاً في كتاب الله المنظور ( الكون ) ، فيتحرك حينها منسجماً مع هذا الوجود متعانقاً معه في اشد لحظات الألفة والانسجام والتناغم ، فتتغير معالم الوجود .. نعم .. إن المعجزة الكبرى هي في هذه التفاعلية الثلاثية بين قرآن الله المسطور ( القرآن ) الذي يدعو إلى التأمل في كتاب الله المنظور ( الكون ) وبين ( الإنسان ) ، وبتفاعل هذه الثلاثية يبدأ تاريخ الإنسان الحقيقي ، الإنسان الخليفة ، الذي استخلفه الله تعالى في الأرض لإعمارها ، وسخر له كل شيء { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } .

ودعنا نرى نتيجة هذا التفاعل بين تلك الثلاثية ، وذلك باستقراء تاريخنا الإسلامي ، وخاصة زمن الرسول والصحابة ، حيث كان هذا التفاعل في أشد لحظاته حميمية وتألقاً ، نرى العجب العجاب ..
ماذا نرى ؟

أمة منسية في تاريخ البشرية ، ليس لها أي وزن في ميزان الحضارة ، هذه الأمة .. ومن موت الصحراء .. فجأة .. تقفز قفزة رائعة في جميع مجالات الحياة ، ولا تمر إلا سنوات قليلة حتى تضع هذه الأمة نفسها في مدارج الحضارة وسلم الرقي ، لتصنع لنفسها حضارة قائمة بذاتها ، لها عقيدتها وشريعتها وخصائصها .

والسؤال : كيف حدث هذا ؟ إنه معجزة !

نعم لقد حدثت هذه المعجزة بتفاعل الإنسان مع القرآن ، تفاعل كلام الله تعالى مع الفطرة البشرية ، ويوم يعود الإنسان إلى الفطرة ويتلقى كلام الله ، يهتز له الكون طرباً ، وينسجم معه في تسبيحة مباركة ، وتنزاح بينه وبين الكائنات الحجب ، فتتصل حقيقتها بحقيقته ، في تسبيحة مباركة للبارئ العظيم .

ولنستمع إلى توماس كارليل وهو يتحدث عن هذه النقلة الرائعة العجيبة في حياة العرب الذين تفاعلوا مع القرآن وانسجموا مع نواميس الكون ، فكانت حالة الإصلاح التي شهدته العالم :
( قوم رعاة أغنام فقراء ، هائمون على وجوههم في صحراء مجهولون لا يعبأ بهم أحد منذ فجر التاريخ . هؤلاء العرب مع محمد وقرن من الزمان كمثل ومضة نزلت إلى عالم من الرمال السوداء التي لا يلتفت إليها أحد ! لكن يا للعجب . الرمال تثبت إنها بارود متفجر أشعل السماء من دلهي إلى غرناطة . إنني أقول إن الرجل العظيم دائماً كومضة من السماء ينتظرها بقية الرجال كوعاء من الوقود ومن الاثنين تنطلق الشعلة ) .

وتقول إي لين كوبلد في كتابها ( البحث عن الله ) :
( هذا هو الكتاب الذي خلق العرب خلقاً جديداً ، ثم وحد صفوفهم ودفعهم إلى العالم فاقتحموه وحكموه ) .

إذن .. فالقرآن هو القوة المحوّلة التي غيرت صورة العالم ، وأعادت رسم حدود الممالك ، وحولت مجرى التاريخ ، وأثرت في فكر وحياة العالم ، وأنقدت الإنسانية العاثرة المتخبطة ، فخلقت خلقاً جديداً ..

وكذا إذا تفاعلنا مع هذا الكتاب العظيم ، سنكتب التاريخ من جديد .

ناريمان الشريف
26-10-2009, 08:33 PM
وكذا إذا تفاعلنا مع هذا الكتاب العظيم ، سنكتب التاريخ من جديد .


نعم أخي بهجت ..
القرآن هو المعجزة الكبرى ..وأي معجزة
والجملة الأخيرة هذه فيها الحكمة .. فلو أننا تفاعلنا مع هذا الكتاب العظيم .. مؤكد سنكتب التاريخ من جديد
بل سيكون لنا تاريخ مشرف كما كان لأجدادنا ..
فيا حبذا لو نتصالح مع القديم .. ونصافح هذا الكتاب العظيم
سلمت يداك



..... الى هنا
مع تحيات ... ناريمان

عبدالصمد حسن زيبار
27-10-2009, 01:30 PM
بهجت
مرور أولي حتى لا يفوتني هذا العطاء
الموضوع للتثبيت
لي عودة
تحياتي

بهجت عبدالغني
28-10-2009, 04:41 PM
الأخت الكريمة ناريمان

شكراً على تواصلك ..

نعم ..

لنتصالح مع القديم .. لنبني الجديد

برؤية قرآنية



تحياتي

بهجت عبدالغني
28-10-2009, 04:45 PM
الأستاذ الحبيب عبدالصمد

شكراً لهذا الإهتمام

بانتظار عودتك التي أظنها ستحمل الكثير من الأفكار والإبداع ..

كما عودتنا دائماً




تحياتي

خليل حلاوجي
24-11-2009, 07:55 AM
يقول الأميركي المسلم جفؤي لانغ


إن هذا القرآن يقرأ نفسية قارئه


\
قرآننا
نعم هو أملنا للخلاص ...

بهجت عبدالغني
24-11-2009, 08:15 AM
ولأنه أملنا فلا بد من تفعيله في الحياة

لتكون لنا سعادة هنا في الأرض .. وهناك في الآخرة ..


الحبيب الأديب خليل
سعيد بتواجدك معنا




تحياتي

عبدالصمد حسن زيبار
29-11-2009, 06:50 PM
في اطار بحثنا عن الدراسات المتخصصة في القرآن الكريم نجد في الغالب قراءات لأفكار سابقة و إن بطرق جديدة تتجه في معظمها لاعادة استهلاك التراث
هذا ما يبعدها عن الملامسة الحقيقة للواقع والتطور الحضاري الراهن
القرآن الكريم صالح لكل زمان مبدأ نتفق عليه جميعا
لكن قراءات الافراد للقرآن و التعامل البشري معه يكون نسبي و الاحاطة المنتهية بالقرآن متعذرة بل ممتنعة لأن الدارس حدث و محكوم بالنسبية و القرآن كلام الله مطلق .
من هنا تتبدى الحاجة الماسة لإعادة قراءة كتاب الله وفق العصر بهذا ستتبدى المعجزة القرآنية للعالمين.

المفكر السوداني المرحوم أبو القاسم حاج حمد يقدم قراءة منهجية للقرآن الكريم ويوضح أحد أوجه الاعجاز:
قدرة القرآن الكريم على بناء المنهج العلمي الكوني القادر على إعادة بناء الإنسانية من خلال المنهج والمعرفة والثقافة وإحداث التغيير في العالم كله واحتواء سائر تناقضاته والقضاء على سلبيتها وتحويلها إلى عوامل تفاعل بناء وتجاوز ثنائيات الصراع والتقابل إلى وحدة في تنوع وتعدد وتوحد
و أبو القاسم :
يحاول أن يفكك التراث الإنساني ويعيد تركيبه على ضوء المطلق القرآني ، وذلك من خلال أطر معرفية ووسائط منهجية تستجيب لشروط تارخيتنا ومعطيات ثقافتنا وإشكالاتنا الحقيقة، بما يتبث أن للقرآن في سموه وتعاليه قدرة فائقة على توليد خطاب إستطرادي قادر على التجاوب مع كافة أنماط التفكير ومستوياته


تحياتي

بهجت عبدالغني
21-12-2009, 08:17 AM
شكراً لك أستاذ عبدالصمد

على هذه المعلومات المفيدة والتي تثري موضوعنا



لك مني خالص التحية

بهجت عبدالغني
08-08-2012, 05:09 PM
ثلاثية لا بد منها لتحقيق حقيقة استخلافنا في الأرض وإعمارها
الإنسان + القرآن + الكون
وبفقدان أحدها يتجه تاريخ الإنسان إلى الهلاك والدمار والتخريب
التجربة الغربية الآن تحقق فيها عنصرين فقط : الإنسان + الكون
لكنها لا تملك المنهج ( القرآن ) ، فماذا حدث ؟
قمة التطور المادي والعلمي والتكنولوجي .. رفاهية في الإقامة والسفر لم يكن لإنسان أن يتخيلها .. و ... و ... و
لكنها تجربة تعاني الخواء الروحي ، فتزيد الإنسان شقاء وضياعاً ..
كما أنها باتت تجربة في بعدها الآخر تدميراً وقتلاً وإرهاباً للشعوب والآمنين ..
فبدل أن تتجه تلك الصواريخ الذكية والقنابل الفتاكة في رفع الظلم والضرب على يد الظالمين ، أصبحت أداة لترسيخ الظلم والعدوان ، وصفقة رابحة لتجار الحروب .
وبدل أن تكون تلك القفزات العلمية والتكنولوجية آفاقاً جديدة تضيف لتاريخ البشرية وحضارتها كل ما هو ايجابي ومفيد ، أصبحت تستخدم لتخدير العقول وقتل الضمائر وإفساد الدين والأخلاق ، وتحويل المليارات من البشر إلى أرقام تضاف إلى حساب ( الملأ ) الذين يسيطرون على معظم موارد العالم .
يقول روجيه غارودي في كتابه ( نحو حرب دينية ) :
( لقد اعترف كلنتون منذ مجيئه أن 1 % من المواطنين الأمريكيين يملكون 70 % من الثروة القومية . وإلى هذا الـ 1 % ينتمي بطل ( دالاس ) أو ( سانتا برباره ) الذي تُنشر كل يوم عبر العالم مغامراته القذرة والوهاجة وكأنها تمثل أمريكا بأسرها ، في حين يعيش فيها 33 مليون أمريكي تحت عتبة الفقر ) . ص17 .

أما نحن المسلمون اليوم فقد حققنا من الثلاثية فقط ( الإنسان ) ، فلا فهمنا المنهج ( القرآن ) ولا اتجهنا إلى الكون لفهمه واكتشافه ..

والحل الوحيد لكي يخرج العالم جميعه من الأزمة والتخلف أن يعي هذه الثلاثة ..
الإنسان الذي يستقبل المنهج ( القرآن ) بقلبه وعقله فيعيه ويتفاعل معه ثم يتجه إلى الكون بهذا المنهج يستكشف أسراره وقوانينه ويفك ألغازه ويستخدمه في مقصد خلقه ( العبادة ) بكل أبعادها وشموليتها ..

ربيحة الرفاعي
08-08-2012, 10:16 PM
كانت لنا من الزمان حصتنا يوم حققنا من الثلاثية أركانها جميعا، فعلت رايتنا وسادت أمتنا وانطلقت يدنا في الدنيا تعمرها
وعزلت عنا هداية المنهج اليوم إذ جهلناه فلا اتجهنا به للكون نفهمه ونتكيف بوعي معه، ولا استرشدنا به لحياة طيبة تسمو بها الأرواح وترتقي واعية سر وجودها
فلا حققناه في ثلاثيتنا لنكون ولا حققنا الكون


موضوع قيم وطرح موفق هادف

أهلا بك ايها الكريم في واحتك

تحاياي

بهجت عبدالغني
09-08-2012, 08:29 PM
أشكرك أستاذتي العزيزة ربيحة
وهذا التلخيص المبدع لفكرة الموضوع

رزقك الله دعاء مستجاباً في ليلة القدر


تحياتي ..