تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حلم لا ينتهي



أحمد عيسى
07-11-2009, 11:12 PM
حين يفتح النوم لك جداره الأسود ،
ماذا ترى ؟ من ستكون هذا المساء ؟

ج. ل. بورجيس




استجاب لنداء المنبه أخيراً ، بيد متكاسلة ضغط على زر الإيقاف ، ثم نهض وهو ما زال مغمضاً عينيه يغلبه التكاسل ..

يريد أن ينهض ، يعد كوبه قهوته الصباحية ، يستقل الحافلة إلى عمله ، يؤدي مهامه الروتينية ، تنقضي دقائقه كساعات وساعاته كأيام .. ثم في طريق العودة يعرج على بيتها القريب .. ويراها ..
أيها الملاك المقدس ، نسمة الحب على وجه الأرض ، روح الحياة الطيبة في كونٍ قاسٍ لا يرحم ..
لا يمكنه الانتظار إلى ما بعد عودته من العمل .. هذا أقصى مما يستطيع تحمله ..
يرفع هاتفه الخلوي ، يضرب رقمها فيطرب قلبه رقصاً على نغمات أزراره ..
وأخيراً .. بعد انتظار طويل وقعه ، ترد بصوتها الهامس .. تتسلل كلماتها على قلبه فلا يسمع شيئاً ..
إنها روحها تسافر عبر الهاتف لتعانق روحه / إحساسه / كيانه .
من نافذة غرفته يشاهد بيتها المكون من طابق واحد غير بعيد عنه ..
أراكِ من شباكي يا غاليتي ، أشعر بك وكأنك معي ، أعيش على وقع صوتك ..
- اشتقتك ..
تقولها بحياء فيرقص قلبه طرباً ..
يريد أن يصرخ ، بأعلى صوته ، أن أحبك ..
يفتح النافذة على مصراعيها ، يجفل لصوت غراب يحوم بالجو .. يبدد أحلام العاشقين ..
أي حبيبتي .. أرى الغربان فوق رأسك فاحذري ..
الصوت يزداد قوة ، والدنيا تزداد قتامة ، والصباح تصبغه ألوان أخرى أكثر غرابة ..
يصرخ بها ..
لكن همسها يجيبه :
- لا تخف أي حبيبي .. لم أفعل شيئاً ليفكر هؤلاء بإيذائي .
الطيور تتوارى قليلاً عن الأنظار ، يختفي صوت العصافير ولون الصباح ، تزداد السماء قتامةً ، وفي لحظة واحدة يعلن الليل هبوطه فجأة ..
أراك أنا ، أسمع أصوات الصراخ في كل مكان ، أشعر بروحك تغادرني ، تتركني وحيداً فانياً ، لماذا تفعلين بي هذا .. لماذا ؟
أيتها القاسية .. لماذا لم تهربين ؟ لماذا لم تشعرين بخطرك عليهم .. ؟
قلبك المحب يشتتهم ، يصيبهم في صميم عقيدتهم ، حقدهم يأبى أن يرى كل هذا الحب .. كل هذا العطاء ..
يصرخ ، يضرب نافذته بيديه حتى يجرحهما ، يرتجف جسده ، يعود إلى سريره ، يغطي نفسه ويتلوى أسفل الفراش ..
لم أنهض بعد .. لازلت أحلم ..
يغفو قليلاً ..
يتيه الحلم بين ذراعيه ..
يوقظه جرس المنبه على صباحٍ آخرْ ..

*********

نبيل مصيلحى
08-11-2009, 05:39 PM
حلم لا ينتهي ..
هكذا أحلام العاشقين ..!!
قصة معبرة ..
تحياتي
نبيل مصيلحي

نزار ب. الزين
21-11-2009, 11:58 PM
***
سرد شيِّق أخي أحمد
و أسلوب من فئة السهل الممتنع
أما عاشقنا هنا فسيطول ليله
حتى يلتئم شمله بمحبوبته
***
دمت متألقا
نزار
ملاحظة :
"لماذا لم تهربين ؟ لماذا لم تشعرين بخطرك عليهم .. ؟"
الصحيح : "لماذا لم تهربي ؟ لماذا لم تشعري بخطرك عليهم ؟ "

أحمد عيسى
22-02-2010, 01:32 PM
حلم لا ينتهي ..
هكذا أحلام العاشقين ..!!
قصة معبرة ..
تحياتي
نبيل مصيلحي

الأستاذ : نبيل مصيلحي

أشكر لك هذا الوجود الأنيق في متصفحي

كن بخير وألق

تحية ود

مازن لبابيدي
22-02-2010, 02:44 PM
أخي أحمد
نص من روعة ، حلم كالواقع أم واقع كالحلم ؟ يبدو أنهما هنا شيء واحد أو حدثان متناوبان يفصل بينهما جرس المنبه .
أحيانا يا صاحبي يكون حلم اليقظة أشد على النفس من حلم المنام كونه يصطدم غالباً بواقع يقترب من المحال ، بينما يبعث حلم المنام في صاحبه نشوة الأمل وشحنة التحدي والطموح .
تحية لك وباقة من الزهر .

أحمد عيسى
24-02-2010, 07:33 PM
***
سرد شيِّق أخي أحمد
و أسلوب من فئة السهل الممتنع
أما عاشقنا هنا فسيطول ليله
حتى يلتئم شمله بمحبوبته
***
دمت متألقا
نزار
ملاحظة :
"لماذا لم تهربين ؟ لماذا لم تشعرين بخطرك عليهم .. ؟"
الصحيح : "لماذا لم تهربي ؟ لماذا لم تشعري بخطرك عليهم ؟ "



أستاذي الفاضل : نزار الزين

أسعدني مرورك أيها الكاتب الرائع ، والأديب الكبير ، وتلك شهادة أفتخر بها ..

تم التعديل أستاذي


تحية ود وحب

ربيحة الرفاعي
10-11-2013, 03:24 PM
لك يراع يعرف كيف يؤثث النص بما يوظف كل معطياته لخدمة الفكرة ببراعة
ولك عين قاص ثاقبة ترى للحدث مهما صغر إسقاطات مدهشة

قصة تألقت في رسم مشهدها وبناء تصاعدها الدرامي لتهبط بالقارئ فجأة إلى حيث كانت البداية وتقيدخ لحيز التساؤل

جميل ما قرأت هنا وموفق

دمت بخير

تحاياي

ناديه محمد الجابي
10-11-2013, 09:40 PM
كان مجرد حلم .. والكلمات تتراقص على موجات العشق والهيام بين الحلم واليقظة
وبناء درامي موفق جداً ـ وبراعة كبيرة في اللعب بالمتلقي وإدهاشه
ولغة جميلة جذلة .. تحياتي وتقديري.

خلود محمد جمعة
13-11-2013, 03:51 PM
ما بين الحلم وبين الليل نتيه
قد يملأنا الحلم فيسكن فينا
قد يفر منا...................
فنمضي ليلنا بحثاً عنه
قد يهجرنا
فتغدو أرواحنا فارغة من الحياة
دمت حالماً
مودتي وتقديري

نداء غريب صبري
27-01-2014, 03:09 PM
الأحلام تكتب واقعنا عندما نعرف كيف نترجمها
والواقع يصنع أحلامنا عندما نعيشه كما نتمنى

قصة رائعة

شكرا لك أخي

بوركت

آمال المصري
19-02-2015, 11:19 PM
بعض الأحلام نشتهي بها الحياة وتمنحنا فسحة دافئة
لك قلم مطواع يعرف كيف يصوغ الجمال أديبنا الرائع
بوركت واليراع
تحاياي

ناديه محمد الجابي
03-08-2021, 09:12 PM
الأحلام تكتب واقعنا عندما نعرف كيف نترجمها
والواقع يصنع أحلامنا عندما نعيشه كما نتمنى

قصة رائعة

شكرا لك أخي

بوركت


راق لي هذا الرد فاستعرته
دمت بكل خير.
:v1::001: