تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكايات الدفء والتوت والكلاب



محمد نديم
09-11-2009, 05:52 PM
حكايات الدفء والتوت والكلاب





بقلم محمد نديم علي



لا تخفْ فالعباءة كثيفة الشعر، سميكة الملمس يعمك دفؤها ويشعرك بالأمان.



( أجابها : أشك في ذلك)



***********



ينشق قلبك فرحا لذيذا، وينبثق صدرك آمالا حلوة، حين تشق رأس المحراث قلب الأرض، عصافير تجوب الفضاء، وطيور ناصعة البياض تتبع المحراث ولا تجئ إلا في هذا الموعد، رائحة الطين حين يلثمه الماء تعبق بها الآفاق التي تضم النجوع الطيبة.



***********



لحظة محفورة في جعبة ذاكرته، ممسكا بكتابه قبيل قليل من امتحان صعب، يراجع درسه العصي :



(أسباب الحملة على وطنه – ودواعي المقاومة)



عيونها تغازله بين السطور، ورغيف نزق يراوح بين كفيها وبين فوهة التنور وسلة عامرة بما هوحميمي دافئ وحقيقي صادق ، ألقت إليه واحدا ، لسعته حرارته فوقع منه أرضا ، ضحكت . ثناياها الفرِحة تشعل حماسته للمقاومة.



***********



لذيذ هو التوت... فليترجل قليلا عن كتابه.... وليمتطي صهوة ما هو آت.



(كم يحلم بالوصول إلي ذراها كي يغفو بين أغصانها على رحيق لذيذ.)



الشجرة وارفة... لكن تحتها كلاب مسعورة.



***********



(لا تخش شيئا -- سيشملنا دفء عباءته جميعا --- أقول لك لا تخش شيئا.)



(أشك في ذلك )



***********



(البرد يتسلل بين خروق العباءة ، والريح أذنت بالقدوم)



يا للتوتة الحبيبة ...هل ضمرت فيها ثمارها؟



أم أن الكلاب تحتها تكاثرعددها وزاد ضجيج نباحها؟



***********



حين تغفو الحرب قليلا .... يدور الشاي في خندق للجنود ،.....



( تزهوالحكايات، ويحلو السمر : ويأتي على وجه الصحاف الوطن)



(الشاي في سُكـره وطن، في مرارته وطن ، في تلألئ حمرته وجوه نحبها وسويعات اختلسناها تحت توتة ناصعة الخضرة في باحة البيت الكبير. يومها كان صوت الكلاب بعيدا .. بعيدا.. نسترق إليه السمع ونحن في أمان. نضحك كالأطفال ويشاغب بعضنا بعضا ثم نغفو. كيف ومتى ؟ لا ندري)



(قريب هو النباح الآن.... قريب .... يصم الأذان ...ومع كل نبحة كلب دنيء، تسقط قنبلة جديدة ،وتنكسر معها قلوب ، وأحلام ،وأكواب شاي دافئة.)



( أدمنتُ الشعر وقراء الحكايات القديمة ،وأدمنت هي الإعلانات المبهرة)



***********



ألم أخبركِ ؟



(ها هي العباءة تزداد خروقها، وتتسع فجواتها، وتنبت في ملمسها الناعم حقول الشوك.)



(نباح الكلاب صار أكثر شراسة.)



لم تعد عيناها تغازله بين حروف الكتاب، ولا الطيور الناصعة البياض أتت لتتبع المحراث الذي اختفى، ولم يعد بين كفيها رغيف دافئ، هل أخلف القمح موعده في الموسم الجديد؟



وفي باحة البيت الذي كان كبيرا، كانت الكلاب تمرح بين عظام نخرة.



وتحت التوتة الممصوصة العروق ، كانت الريح تتلاعب بأوراق مصفرة من كتاب للحكايات القديمة.

محمود فرحان حمادي
10-11-2009, 10:46 AM
حكايات الدفء والتوت والكلاب





بقلم محمد نديم علي



لا تخفْ فالعباءة كثيفة الشعر، سميكة الملمس يعمك دفؤها ويشعرك بالأمان.



( أجابها : أشك في ذلك)



***********



ينشق قلبك فرحا لذيذا، وينبثق صدرك آمالا حلوة، حين تشق رأس المحراث قلب الأرض، عصافير تجوب الفضاء، وطيور ناصعة البياض تتبع المحراث ولا تجئ إلا في هذا الموعد، رائحة الطين حين يلثمه الماء تعبق بها الآفاق التي تضم النجوع الطيبة.



***********



لحظة محفورة في جعبة ذاكرته، ممسكا بكتابه قبيل قليل من امتحان صعب، يراجع درسه العصي :



(أسباب الحملة على وطنه – ودواعي المقاومة)



عيونها تغازله بين السطور، ورغيف نزق يراوح بين كفيها وبين فوهة التنور وسلة عامرة بما هوحميمي دافئ وحقيقي صادق ، ألقت إليه واحدا ، لسعته حرارته فوقع منه أرضا ، ضحكت . ثناياها الفرِحة تشعل حماسته للمقاومة.



***********



لذيذ هو التوت... فليترجل قليلا عن كتابه.... وليمتطي صهوة ما هو آت.



(كم يحلم بالوصول إلي ذراها كي يغفو بين أغصانها على رحيق لذيذ.)



الشجرة وارفة... لكن تحتها كلاب مسعورة.



***********



(لا تخش شيئا -- سيشملنا دفء عباءته جميعا --- أقول لك لا تخش شيئا.)



(أشك في ذلك )



***********



(البرد يتسلل بين خروق العباءة ، والريح أذنت بالقدوم)



يا للتوتة الحبيبة ...هل ضمرت فيها ثمارها؟



أم أن الكلاب تحتها تكاثرعددها وزاد ضجيج نباحها؟



***********



حين تغفو الحرب قليلا .... يدور الشاي في خندق للجنود ،.....



( تزهوالحكايات، ويحلو السمر : ويأتي على وجه الصحاف الوطن)



(الشاي في سُكـره وطن، في مرارته وطن ، في تلألئ حمرته وجوه نحبها وسويعات اختلسناها تحت توتة ناصعة الخضرة في باحة البيت الكبير. يومها كان صوت الكلاب بعيدا .. بعيدا.. نسترق إليه السمع ونحن في أمان. نضحك كالأطفال ويشاغب بعضنا بعضا ثم نغفو. كيف ومتى ؟ لا ندري)



(قريب هو النباح الآن.... قريب .... يصم الأذان ...ومع كل نبحة كلب دنيء، تسقط قنبلة جديدة ،وتنكسر معها قلوب ، وأحلام ،وأكواب شاي دافئة.)



( أدمنتُ الشعر وقراء الحكايات القديمة ،وأدمنت هي الإعلانات المبهرة)



***********



ألم أخبركِ ؟



(ها هي العباءة تزداد خروقها، وتتسع فجواتها، وتنبت في ملمسها الناعم حقول الشوك.)



(نباح الكلاب صار أكثر شراسة.)



لم تعد عيناها تغازله بين حروف الكتاب، ولا الطيور الناصعة البياض أتت لتتبع المحراث الذي اختفى، ولم يعد بين كفيها رغيف دافئ، هل أخلف القمح موعده في الموسم الجديد؟



وفي باحة البيت الذي كان كبيرا، كانت الكلاب تمرح بين عظام نخرة.



وتحت التوتة الممصوصة العروق ، كانت الريح تتلاعب بأوراق مصفرة من كتاب للحكايات القديمة.




مفردة طيّعة وخيال رحيب رحابة الألق والرصانة
أحيي هذا الحرف السامق
كل الود

أحمد عيسى
10-11-2009, 01:59 PM
الرائع : محمد

لوحتك المتنوعة ، البديعة ، جميلة كانت كقصيدة لاليوت ..
طريقة العرض .. والسرد ، انسياب الكلمات ، وتتابع الفصول ، المشاهد ، بين العباءة التي كانت تبث الدفء ، وشجرة التوت ، ونباح الكلاب الذي بدأ حين فقدت العباءة قدرتها على بث الدفء مرة أخرى ..
هل فقدت الأمل في النهاية .. ولم يعد بالامكان لشجرة التوت أن تزهر ثانية أو للعباءة أن تمارس مهمتها على خير وجه ..؟
أتمنى أن لا ..

أشكرك على قلمك المبدع محمد
كل الود
.
.

محمد نديم
10-11-2009, 02:38 PM
مفردة طيّعة وخيال رحيب رحابة الألق والرصانة
أحيي هذا الحرف السامق
كل الود



أخي أ. محمود فرحان
تحيتي لتواجدك العذب، أهلا بك دائما هنا.
ودي.

محمد نديم
10-11-2009, 02:46 PM
أخي الأديب الراقي
أ.أحمد عيسى
الحال لا تحتمل الإطالة فالمشاهد الرهيبة في الواقع صارت أكثربشاعة أمامنا من خيال شييطان أمرد.
فلنكف عن الثرثرة ، ونصمت قليلا ، ولننزف ما قل من الكلام حرفا حرفا ...نصقله حد الذبح ,....
ربما ...الحل هو القصيدة .... الحادة ... الحل .... هوالمقصلة.

شيرين يوسف
16-11-2009, 11:38 AM
العباءة في الروح تضم أرواحنا فى صرة شفافة تعتم أحيانا وتنقشع غماماتها أحيان اخرى وتفتح نوافذ جيوبها ذات أوقات إلا أنها تبقى عباءتنا التي تبقى شمس لنا

تحياتى .... شيرين

محمد نديم
26-11-2009, 10:32 PM
العباءة في الروح تضم أرواحنا فى صرة شفافة تعتم أحيانا وتنقشع غماماتها أحيان اخرى وتفتح نوافذ جيوبها ذات أوقات إلا أنها تبقى عباءتنا التي تبقى شمس لنا

تحياتى .... شيرين


أشكر هذا التواجد الرائع والتذوق الراقي.
تحياتي .

وفاء شوكت خضر
01-05-2010, 06:03 PM
النديم النديم ..

لعلنا يوما نرقع عباءتنا أو نرفيها فنتحصن بها من برد التمزق والشرذمة ..
ربما تكون شجرة التوت جفت وتطايرت صفحات الكتاب الذي حمل تاريخنا وأمجادنا العريقة التي بادت ..
ربما نستطيع أن نبني مجدا من صنع يدينا ..
ربما ..

رمزية حملت الكثير من المعاني والإسقاطات السياسية أتت بأسلوب سردي تصويري متقطع لينتهي بنا النص
بحالة من اليأس الساخر من واقع أليم ..

رؤيتي للنص اخذت هذا الاتجاه وأنا أتخيل حقبة زمنية حملتنا الكثير من المآسي والانتصارات الوهمية والنكسات المتتالية والأحلام الضائعة ..


فقط أحببت ان أسجل حضوري على صفحتك ..
اشتقنا لتواجدك بيننا ..

كن بخير أينما كنت ..
ودي .

نادية بوغرارة
11-05-2010, 11:02 AM
كان نباح الكلاب هو الأعلى إذن ، و كان قلبه المعتاد على الخوف يعرف حقيقة الرتق،
و زيف الأمان.

قصة جميلة ، أحببتها بحزنها و يأسها .

محمد نديم
27-05-2010, 11:04 AM
كان نباح الكلاب هو الأعلى إذن ، و كان قلبه المعتاد على الخوف يعرف حقيقة الرتق،
و زيف الأمان.

قصة جميلة ، أحببتها بحزنها و يأسها .



أهلا بمرورك العاطر وتذوقك الراقي ... وما الحزن؟ سوى تكية الأدباء ... وخيمة العاشقين للفن الجميل ... وللحقيقة .. بلا يأس .

نادية بوغرارة
دمت بخير

د. سمير العمري
07-10-2010, 08:25 PM
هذا نص بدا كمشاهد ملونة في داخل لوحة فنية مبدعة صورا وخيالا ولغة وأداء!

لله أنت أخي الأديب الشاعر فإن شاعرية التعبير هنا يؤكد أنك شاعر يهرب من الشعر فيطارده.

دمت مبدعا!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

ربيحة الرفاعي
09-06-2015, 11:10 PM
نص ساخرحمل مرارة الواقع تكشف عنها مشاهد مقطعة
كلها يحكي يباب الأرواح المتعطشة لشيء من الأمل

اسقاطات سياسية واجتماعية بارعة

دمت بألق

خلود محمد جمعة
11-06-2015, 08:43 AM
حكاية تجمع حكايات وحكايات تحكي حكاية واحدة ويراع جمع وبعثر، ونسج عباءة الكلمات بحروف التوت بدفيء غمر أرواحنا
ستبقى الكلاب كلابا مهما علا نباحها
رمز عال وإسقاط رائع بحرف محلق
اسجل اعجابي
بوركت وكل التقدير

فردوس شيخاني
11-06-2015, 08:51 AM
قصة رائعة...حين تغفو الحرب قليلا .... يدور الشاي في خندق للجنود ........... في الفرجات بين تلال الانفجارات,, يحاول الجنود والعائلات استرجاع الحياة الطبيعية......صابح الخير أيها الأصدقاء الآمنون

ناديه محمد الجابي
13-08-2016, 06:21 PM
لله در لغتك .. ولله در معانيك وصورك
استمتعت وحلقت مع هذه المعزوفة الرائعة لنص يبعث الدهشة
في قلب المتلقي برمزية عالية أتت بصور أدبية لواقع أليم فرسمته
بإحساس عميق ، ومهارة وإبداع في التعبير.
كن بخير دائما ـ ولكن لا تبتعد عن الواحة
تحياتي وتقديري. :0014: