تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقطة !



خلود داود أحمد
14-11-2009, 04:48 AM
نقطة !



في أحيان كثيرة نحتاج إلى الماء يتدفق يضرب الجسد فيوقظ الغافي منه ، ولربما تنبت عليه أزهار النوير كما هي على أرض صحراوية تتمايل مع عزف البكور وأهازيج الطفولة ، وماذا يمكن أن يحدث بعدها ؟!
قد يحدث الاستيقاظ وتنتفض الذكريات وتتطاير الهمم هنا وهناك ، وتتلون السماء بلون الشروق ، أو قريب من لون الضحى الصافي. وتتقافز الأمواج على شغب الدلافين ، وترقص الزوارق خلف أسراب السمك ، وترقص ثم الحياة ، والكل يدخل ضمن معزوفة منتظمة ، ويمضي الكل في قوافل متتابعة في بيداء الوجود .


في كل يوم أحاول أن أجد معنى أوسع من الحياة ، فأدلف مدخلا ثم أخرج من آخر ، وأقفز فوق نهر ، أو أتخطى جبلا ، أو أرتقي سورا ، وتجري المحاولات كجريان الماء الذي أحب ، فتنبت أزهار النوير هنا وهناك ، وتعزف الحياة مقطوعتها ، أو أنصت إليها مجددا كما هي دائما ، ثم أنظر إلى وجهها فإذا بعيني رضية كحيلة تبتسم ، فلا أكون حينها سوى طفل يكتشف الأراضي البكر التي لم يعبث بها بعد.


وأنساق إلى نظرات جدتي وهي تهم أن توجهني بقصة طريفة ، فلعل المعنى الذي أبحث عنه يكمن عندها وهي لا تدري ولا أدري ، فما أن تصفّ الحروف تلو الحروف تتلبسها المعاني حتى تتسع عليها أو تضيق ، فأجد أن جدتي تفهم الحياة بأسلوب بسيط .
كانت تقص علي حكايتها وترتسم في ذهني صورة الحياة وهي تذوب بكل محتوياتها في ممر طويل ينتهي إلى...


وتعجبت أن الحياة الواسعة تنتهي إلى نقطة ، وأنها ممر طويل فقط ، وأن علي أن أمضي في هذا الطريق وأنا أبذر أزهار النوير أو مثيلاتها ، أو شجيرات ، أو أن أطرب الأحياء التي تقطن الضفتين بأناشيد عفوية تشبه تلك التي تهدهدنا بها جدتي صغارا.


ضحكت من الأعماق ، تلك الأعماق التي طالما نبشت أرضها فإذا بها مليئة بالصدى ! فأنزعج من الأصوات بقدر ما أعبث فيها . وهكذا قالت لي جدتي : كل الأشياء التي تحصل حولك صدى لحركتك وكلماتك. ففهمت حينها أن علي أن أهدأ وأن أخطو في درب الحياة بتأن حتى لا تزعجني أصداء عشوائيتي .


أوسع من الحياة النقطة التي في آخرها ، هناك تتجمع كل الثمار التي بذرتها ، هكذا استنتجت. وعندما نعتنق هذا المعنى تذوب كل الزواحف التي تحاول أن تشق طريق حياتنا ، وكل المخلفات التي تعشعشت في الذهن ، فما للظروف والعقبات بل وحتى الحقائق المؤلمة أن توقف خطواتنا ، ولا بإمكانها أن تمنعنا من بذر أزهار النوير ومثيلاتها ، ولا أن تمنعني من أن أطرب الأحياء على ضفتي دربي ، ولا تستطع أن تقتلع بذورا رميتها كي تتبرعم ، كل ذلك قد يحصل ! حين تتوه نقطتي فيبدو طريقي بلا انتهاء .


ثم بعد ،،،
جدتي.. كثيرة هي أزهار النوير التي تهش المارة في دربك ، ممر طويل طويل.. ينتهي إلى نقطة هي أوسع من الحياة وإن بدت نطفة !




بقلم / خلود داود أحمد

أحمد الرشيدي
14-11-2009, 08:38 AM
النقطة تخيفني كثيرا وتعظني كثيرا ، يخيل إلي أنها في آخر الصفحة كآخر نبضة يدقها القلب في الحياة ، وسيدقها القلب لا محالة ، ولكن بعد أي لحن ؟ أهو لحن الصفاء والحب والخير ؟ أهو لحن التسبيح والترتيل ؟ أهو لحن الطيب من العزف .. أهو لحن الحكمة والعلم .. أهو لحن السحر من البيان .. أم أنه - وآه من أم هذه - الضد من ذلك ؟ أم أنه من هذا وذاك ؟

( شوكة ونقطة ) لأخيك فيها حروف مبعثرة .

ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

ثائر الحيالي
01-03-2010, 09:43 PM
نقطة !




في أحيان كثيرة نحتاج إلى الماء يتدفق يضرب الجسد فيوقظ الغافي منه ، ولربما تنبت عليه أزهار النوير كما هي على أرض صحراوية تتمايل مع عزف البكور وأهازيج الطفولة ، وماذا يمكن أن يحدث بعدها ؟!
قد يحدث الاستيقاظ وتنتفض الذكريات وتتطاير الهمم هنا وهناك ، وتتلون السماء بلون الشروق ، أو قريب من لون الضحى الصافي. وتتقافز الأمواج على شغب الدلافين ، وترقص الزوارق خلف أسراب السمك ، وترقص ثم الحياة ، والكل يدخل ضمن معزوفة منتظمة ، ويمضي الكل في قوافل متتابعة في بيداء الوجود .


في كل يوم أحاول أن أجد معنى أوسع من الحياة ، فأدلف مدخلا ثم أخرج من آخر ، وأقفز فوق نهر ، أو أتخطى جبلا ، أو أرتقي سورا ، وتجري المحاولات كجريان الماء الذي أحب ، فتنبت أزهار النوير هنا وهناك ، وتعزف الحياة مقطوعتها ، أو أنصت إليها مجددا كما هي دائما ، ثم أنظر إلى وجهها فإذا بعيني رضية كحيلة تبتسم ، فلا أكون حينها سوى طفل يكتشف الأراضي البكر التي لم يعبث بها بعد.


وأنساق إلى نظرات جدتي وهي تهم أن توجهني بقصة طريفة ، فلعل المعنى الذي أبحث عنه يكمن عندها وهي لا تدري ولا أدري ، فما أن تصفّ الحروف تلو الحروف تتلبسها المعاني حتى تتسع عليها أو تضيق ، فأجد أن جدتي تفهم الحياة بأسلوب بسيط .
كانت تقص علي حكايتها وترتسم في ذهني صورة الحياة وهي تذوب بكل محتوياتها في ممر طويل ينتهي إلى...


وتعجبت أن الحياة الواسعة تنتهي إلى نقطة ، وأنها ممر طويل فقط ، وأن علي أن أمضي في هذا الطريق وأنا أبذر أزهار النوير أو مثيلاتها ، أو شجيرات ، أو أن أطرب الأحياء التي تقطن الضفتين بأناشيد عفوية تشبه تلك التي تهدهدنا بها جدتي صغارا.


ضحكت من الأعماق ، تلك الأعماق التي طالما نبشت أرضها فإذا بها مليئة بالصدى ! فأنزعج من الأصوات بقدر ما أعبث فيها . وهكذا قالت لي جدتي : كل الأشياء التي تحصل حولك صدى لحركتك وكلماتك. ففهمت حينها أن علي أن أهدأ وأن أخطو في درب الحياة بتأن حتى لا تزعجني أصداء عشوائيتي .


أوسع من الحياة النقطة التي في آخرها ، هناك تتجمع كل الثمار التي بذرتها ، هكذا استنتجت. وعندما نعتنق هذا المعنى تذوب كل الزواحف التي تحاول أن تشق طريق حياتنا ، وكل المخلفات التي تعشعشت في الذهن ، فما للظروف والعقبات بل وحتى الحقائق المؤلمة أن توقف خطواتنا ، ولا بإمكانها أن تمنعنا من بذر أزهار النوير ومثيلاتها ، ولا أن تمنعني من أن أطرب الأحياء على ضفتي دربي ، ولا تستطع أن تقتلع بذورا رميتها كي تتبرعم ، كل ذلك قد يحصل ! حين تتوه نقطتي فيبدو طريقي بلا انتهاء .


ثم بعد ،،،
جدتي.. كثيرة هي أزهار النوير التي تهش المارة في دربك ، ممر طويل طويل.. ينتهي إلى نقطة هي أوسع من الحياة وإن بدت نطفة !





بقلم / خلود داود أحمد



الأستاذة خلود داود أحمد

عنوان إستوقفني..

وحين دلفت إلى النص..وجدت نقطة تتشعب من مركزها محاور عدة ..

لم يكن العنوان ذكيا ً فقط..بل كان المضمون رائع وأكثر..لغة وفكرة. وصورا ً جميلة التوظيف

سلمت..وسلم مدادك ِ

محبتي

راضي الضميري
02-03-2010, 01:26 AM
نقطة !


كل الأشياء التي تحصل حولك صدى لحركتك وكلماتك. ففهمت حينها أن علي أن أهدأ وأن أخطو في درب الحياة بتأن حتى لا تزعجني أصداء عشوائيتي .[/color][/size][/right]



بقلم / خلود داود أحمد
عنوان رائع ومضمون ولا أروع تتجلى فيه الحكمة وبعد النظر ، تشي بأن كاتب هذه الحروف إنسان فهم ما له وما عليه.

حرفك رائع وجميل

تقديري واحترامي

هشام عزاس
02-03-2010, 02:42 AM
المورقة / خلود داود أحمد

نص رائع شكلا و مضمونا ، و قد أبهج العين و الذائقة بحق .

نعم تلك نقطة لا بد من معرفتها ، و السير نحوها بخطى وئيدة ، واثقة ، و مستمرة ، رغم كل المشقات ، و الأشواك التي قد تعترض طريق الحياة الطويل !!

نفتقد هذا الحرف المغرد

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

ثامر المحمدى
02-03-2010, 01:17 PM
هذة ليست نقطة هذا شلال متدفق من الاحاسيس المعبرة
دمت بخير