حسين الطلاع
11-12-2009, 08:05 AM
بانَتْ فما رَجَعَت والبَيْن مذبحة ( على البسيط )
بانتْ[1] فما رجعت والبين[2] مذبحـــة=لمثل قلبي تشظّى وهو مفلـول[3]
يا صاحب الليل إنّ الليل مرتســـخ = يا صاحب العشق إنّ الحب مبــذول
مضناكَ معسول حبّ حاطه الحــذر = وا حُرقة من فم بالأجّ[4] مأهــــول
يا قاتلي في النوى قد هاجني شغـفٌ = لظبية طرفها والوطف مكحــــول
يا وجه قاهرة قد حلّ بي كَمَــــد = يَرُضّني رضّة سيقتْ لمقتـــــول
لم الجوى ناره قد سُعّرت أمــــدا= تضرّمت لهبا بالجوف محمــــول
أوّاه من وجع لا يُرتجى سَكَنُـــه = لمّا تمادى بها دلّ وتذليــــــــل
سئّآل رحمتها ، طَلاّب عفّتهــــا= مسحور مجدولها كالسِّتر مســــدول
كم من أغنّ ألِفْتُه على شــــدن=ومُقلة فتكتْ فتكا بتنكيـــــــــل
أورثني في الحياة حبها ألمــــا = سيق لقلبي ، وقلبي اعتلّ مهــــزول
فَبِتّ في سقم صريع وجنتهــــا = وبتّ في حبها ليلا كَمَكْبـــــــول
تَيْنع حال تغزّلي بها فرحـــــا=كالزهر يُروى بماء وهو مشمــــول
رُضابها العسل وريحها الشـــذَر = ممشوقة القَدّ ليِّن ومصقـــــــول
كأنّ في روحها للربط مَتْيَهــــة=أتِيْه فيها كدرب سِيْم مجهــــــول
وكلما بذختْ بفتنة سحــــــرتْ= حتى تُصَيِّره لا بُدّ مفعـــــــول
كأنها جسد حلّ به ذهـــــــب= لو أنه يُنتقى لعاد مجبــــــــول
تشفى بأنفاسها نفسي كأن بهــــا= نفل لروحي يمدها بمأمـــــــول
ونحرها ظلّ يفتري بلا وهـــــن= صنوف حُرقته ، بالصّلْي[5] موكـــول
أوثقني سحرها وثاق مجرمـــــة= قاتلة ، لحظها كالسيف مسلــــول
كفاكَ من وَلَع تُحسّه لهبـــــــا= فالقلب في قلبها قد بات مغلــــول
رفقا هداكِ الذي حَبَاكِ نافلة الــــ= حُسْن لوجهٍ ونور فيه موصـــــول
أُهديكِ حبي وما أهديكِ من غَـــزَل= أُشْرِبته شرْبة كالماء معلـــــــول
لله دَرّ الفتى[6] إذ قالها غــــــزلا= أتقنها في سياق جدّ معســــــول
بانت سعاد فقلبي اليوم متبـــول = متيّم إثرها لم يُجز مكبـــــــــول
ــــــــــــــــ
حسين الطلاع
11/12/2009
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] : بانت أي بعُدت وغابت
[2] : البين هو البعد .
[3] : المفلول هو المكسور المقطوع .
[4] : الأج هو اللمعان .
[5] : الحرق المسبب بالجمر
[6] : المقصود بالفتى هو الشاعر العملاق كعب بن زهير بن أبي سُلمى ، صاحب الرائعة ( بانت سعاد ) ،،، وهي اللامية المشهورة التي ترجمت إلى الإيطالية ، وقد اهتم بها المستشرق Rene Basset فترجمها إلى الفرنسية مشروحة شرحا جيدا بتقديم رفيع المستوى لكعب بن زهير .
وهو شاعر مخضرم ولد في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم .
ومجمل القضية : أن كعبا أرسل إلى أخيه بُجير بن زهير بن أبي سُلمى ينهاه عن الإسلام .
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأوعد كعبا على فعلته تلك ، ومن أوعده رسول الله كان القتل جزاءه .
فعلم بجير بوعيد الرسول فأرسل إلى أخيه كعب يقول : ويحك ،،، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوعدك لما بلغه عنك ، وقد كان أوعد رجالا بمكة ممن كانوا يهجونه ويؤذونه فقتلهم .
فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فَطِر إلى رسول الله فإنه لا يقتل من جاءه تائبا ،،، وإلا فانج إلى نجاتك ، فإنه والله قاتلك .
فهلع كعب وضاقت عليه الأرض بما رحبت ،،، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم متنكرا ، فلما صلى الفجر وضع كعب يده في يد رسول الله وقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد أتى مستأمنا تائبا ، أفتؤمنه فآتيكَ به ؟
قال النبي : هو آمن .
فحسر كعب عن وجهه وقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هذا مكان العائذ بك ، أنا كعب بن زهير .
فأمّنه رسول الرحمة صلوات الله وسلامه عليه .
ثم أنشد رائعته على البسيط ( بانت سُعاد )
وقد بدأها جريا على عادة العرب بالغزل بحبيته القاسية سعاد فتغزّل بها ثم وصفها وصفا دقيقا ، ثم ذكر شيئا من معاناته في إخلاف مواعيدها ، وأن مواعيد الوصال عند النساء كمواعيد عُرقوب .
وعرقوب هذا من العماليق من أهل اليمامة وهي مدينة الخَرْج حاليا جنوب مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية تبعد عنها مسافة 60 إلى 80 كيلو متر ، كان قد وعد أخاه بالتمر ، وكان يبتدع السب تلو السبب للتأجيل ،،، حتى فقد أخاه الأمل في الحصول على التمر .
وقد ضرب به المثل في إخلاف الوعد فقالوا : مواعيد عُرقوب أخاه بيترب .
ويَتْرِب ( ياء وتاء وراء وباء ) هو الإسم القديم لليمامة في زمن العماليق سكان المنطقة أنذاك وهم ( عمليق وجديس وعبيل وطسم ... الخ ) من العرب البائدة ،،، وليست هي يثرب الإسم القديم للمدينة المنورة ،،، نسبة إلى يثرب بن قانيه بن إرم بن عبيل ... بن سام ، أول من بنى المدينة المنورة وسميت بإسمه وهو أول من زرع النخلة بها .
ـــــــــــــــ
ثم تسلسل كعب حتى ذكر تخلي الأحبة عنه بسبب الوعيد ، فقال عدة أبيات من الدهاء والحكمة بمكان ، بحيث ينال رضا رسول الله فقال :
فقلت خلّوا طريقي لا أبا لكــــم = فكل ما قدّر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته = يوما على آلة حدباء محمول
أنبئتُ أن رسول الله أوعدنــــي=والعفو عند رسول الله مأمول
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة ال = قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولـــــم=أذنب ولو كثرت عني الأقاويل وعند بلوغه :
إن الرسول لنور يستضاء بــــه = وصارم من سيوف الله مسلول
أعطاه الرسول بردته الشريفه ،،، فاشتراها معاوية بثلاثين ألف درهم وتوارثها الخلفاء يلبسونها في الأعياد والجمع تبركا بها .
ــــــــــــــ
لله درك يا كعب ما أدهاك وما أحكمك ،،، ولا عجب !!! فمن أبوك ؟؟؟
.
بانتْ[1] فما رجعت والبين[2] مذبحـــة=لمثل قلبي تشظّى وهو مفلـول[3]
يا صاحب الليل إنّ الليل مرتســـخ = يا صاحب العشق إنّ الحب مبــذول
مضناكَ معسول حبّ حاطه الحــذر = وا حُرقة من فم بالأجّ[4] مأهــــول
يا قاتلي في النوى قد هاجني شغـفٌ = لظبية طرفها والوطف مكحــــول
يا وجه قاهرة قد حلّ بي كَمَــــد = يَرُضّني رضّة سيقتْ لمقتـــــول
لم الجوى ناره قد سُعّرت أمــــدا= تضرّمت لهبا بالجوف محمــــول
أوّاه من وجع لا يُرتجى سَكَنُـــه = لمّا تمادى بها دلّ وتذليــــــــل
سئّآل رحمتها ، طَلاّب عفّتهــــا= مسحور مجدولها كالسِّتر مســــدول
كم من أغنّ ألِفْتُه على شــــدن=ومُقلة فتكتْ فتكا بتنكيـــــــــل
أورثني في الحياة حبها ألمــــا = سيق لقلبي ، وقلبي اعتلّ مهــــزول
فَبِتّ في سقم صريع وجنتهــــا = وبتّ في حبها ليلا كَمَكْبـــــــول
تَيْنع حال تغزّلي بها فرحـــــا=كالزهر يُروى بماء وهو مشمــــول
رُضابها العسل وريحها الشـــذَر = ممشوقة القَدّ ليِّن ومصقـــــــول
كأنّ في روحها للربط مَتْيَهــــة=أتِيْه فيها كدرب سِيْم مجهــــــول
وكلما بذختْ بفتنة سحــــــرتْ= حتى تُصَيِّره لا بُدّ مفعـــــــول
كأنها جسد حلّ به ذهـــــــب= لو أنه يُنتقى لعاد مجبــــــــول
تشفى بأنفاسها نفسي كأن بهــــا= نفل لروحي يمدها بمأمـــــــول
ونحرها ظلّ يفتري بلا وهـــــن= صنوف حُرقته ، بالصّلْي[5] موكـــول
أوثقني سحرها وثاق مجرمـــــة= قاتلة ، لحظها كالسيف مسلــــول
كفاكَ من وَلَع تُحسّه لهبـــــــا= فالقلب في قلبها قد بات مغلــــول
رفقا هداكِ الذي حَبَاكِ نافلة الــــ= حُسْن لوجهٍ ونور فيه موصـــــول
أُهديكِ حبي وما أهديكِ من غَـــزَل= أُشْرِبته شرْبة كالماء معلـــــــول
لله دَرّ الفتى[6] إذ قالها غــــــزلا= أتقنها في سياق جدّ معســــــول
بانت سعاد فقلبي اليوم متبـــول = متيّم إثرها لم يُجز مكبـــــــــول
ــــــــــــــــ
حسين الطلاع
11/12/2009
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] : بانت أي بعُدت وغابت
[2] : البين هو البعد .
[3] : المفلول هو المكسور المقطوع .
[4] : الأج هو اللمعان .
[5] : الحرق المسبب بالجمر
[6] : المقصود بالفتى هو الشاعر العملاق كعب بن زهير بن أبي سُلمى ، صاحب الرائعة ( بانت سعاد ) ،،، وهي اللامية المشهورة التي ترجمت إلى الإيطالية ، وقد اهتم بها المستشرق Rene Basset فترجمها إلى الفرنسية مشروحة شرحا جيدا بتقديم رفيع المستوى لكعب بن زهير .
وهو شاعر مخضرم ولد في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم .
ومجمل القضية : أن كعبا أرسل إلى أخيه بُجير بن زهير بن أبي سُلمى ينهاه عن الإسلام .
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأوعد كعبا على فعلته تلك ، ومن أوعده رسول الله كان القتل جزاءه .
فعلم بجير بوعيد الرسول فأرسل إلى أخيه كعب يقول : ويحك ،،، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوعدك لما بلغه عنك ، وقد كان أوعد رجالا بمكة ممن كانوا يهجونه ويؤذونه فقتلهم .
فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فَطِر إلى رسول الله فإنه لا يقتل من جاءه تائبا ،،، وإلا فانج إلى نجاتك ، فإنه والله قاتلك .
فهلع كعب وضاقت عليه الأرض بما رحبت ،،، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم متنكرا ، فلما صلى الفجر وضع كعب يده في يد رسول الله وقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد أتى مستأمنا تائبا ، أفتؤمنه فآتيكَ به ؟
قال النبي : هو آمن .
فحسر كعب عن وجهه وقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هذا مكان العائذ بك ، أنا كعب بن زهير .
فأمّنه رسول الرحمة صلوات الله وسلامه عليه .
ثم أنشد رائعته على البسيط ( بانت سُعاد )
وقد بدأها جريا على عادة العرب بالغزل بحبيته القاسية سعاد فتغزّل بها ثم وصفها وصفا دقيقا ، ثم ذكر شيئا من معاناته في إخلاف مواعيدها ، وأن مواعيد الوصال عند النساء كمواعيد عُرقوب .
وعرقوب هذا من العماليق من أهل اليمامة وهي مدينة الخَرْج حاليا جنوب مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية تبعد عنها مسافة 60 إلى 80 كيلو متر ، كان قد وعد أخاه بالتمر ، وكان يبتدع السب تلو السبب للتأجيل ،،، حتى فقد أخاه الأمل في الحصول على التمر .
وقد ضرب به المثل في إخلاف الوعد فقالوا : مواعيد عُرقوب أخاه بيترب .
ويَتْرِب ( ياء وتاء وراء وباء ) هو الإسم القديم لليمامة في زمن العماليق سكان المنطقة أنذاك وهم ( عمليق وجديس وعبيل وطسم ... الخ ) من العرب البائدة ،،، وليست هي يثرب الإسم القديم للمدينة المنورة ،،، نسبة إلى يثرب بن قانيه بن إرم بن عبيل ... بن سام ، أول من بنى المدينة المنورة وسميت بإسمه وهو أول من زرع النخلة بها .
ـــــــــــــــ
ثم تسلسل كعب حتى ذكر تخلي الأحبة عنه بسبب الوعيد ، فقال عدة أبيات من الدهاء والحكمة بمكان ، بحيث ينال رضا رسول الله فقال :
فقلت خلّوا طريقي لا أبا لكــــم = فكل ما قدّر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته = يوما على آلة حدباء محمول
أنبئتُ أن رسول الله أوعدنــــي=والعفو عند رسول الله مأمول
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة ال = قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولـــــم=أذنب ولو كثرت عني الأقاويل وعند بلوغه :
إن الرسول لنور يستضاء بــــه = وصارم من سيوف الله مسلول
أعطاه الرسول بردته الشريفه ،،، فاشتراها معاوية بثلاثين ألف درهم وتوارثها الخلفاء يلبسونها في الأعياد والجمع تبركا بها .
ــــــــــــــ
لله درك يا كعب ما أدهاك وما أحكمك ،،، ولا عجب !!! فمن أبوك ؟؟؟
.