تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قَبْرٌ مِن الْبَرْدٍ بَابُهُ بَابِي..



أحمد حسن محمد
21-12-2009, 11:24 PM
قَبْرٌ مِن الْبَرْدٍ بَابُهُ بَابِي..
فِي رِثَاءِ قِطَّتِي الكفيفة


عَلَى الْبَابِ حَبَّـاتُ الْمُـوَاءِ مُبَعْثَـرَهْ
بِطَعْمِ الرَّجَاءِ الْمُرِّ مِنْ غُصْنِ حَنْجَـرَهْ
وَحَبَّاتُ زَيْتُـونٍ عَلَـى خَـدِّ قِطَّـةٍ
بَكَتْهَا حَمَامَـاتُ الْعُيُـونِ الْمُطَيَّـرَهْ
وَفَرْوٌ مِنَ الْبَرْدِ الثَّقِيـلِ يَمُـصُّ مِـنْ
شُعَيْرَاتِهَا دِفْئًـا؛ وَيَقْرُصُهَـا الشَّـرَهْ
تُمَسِّحُ فِـي أَقْـدَامِ بَابِـيَ جِسْمَهَـا
وَأَقْدَامُ بَابِي فِـي السُّكُـونِ مُسَمَّـرَهْ
وَفِي فَمِ قُفْلِي لُقْمَةُ الصُّلْـبِ؛ شَدَّهَـا
إِطَارٌ لِبَابِـي رُبَّمَـا الْجُـوعُ سَهَّـرَهْ
(أَوِ انْزَلَقَـا فِـي قُبْلَـةٍ، فَلِسَـانُـهُ
عَلَى شَفَتَيْ بَابِـي يُبَعْثِـرُ سُكَّـرَهْ...)
**
تُسَلِّـمُ رِجْلَيْهَـا لِقَرْفَصَـةِ الْمُنَـى
تَرَى رِئَتَيْهَـا مِثْـلَ كَأْسَيْـنِ ثَرْثَـرَهْ
وَزَفْرَتُهَـا أُمِّيَّـةُ الرِّيـحِ؛ لَخَّصَـتْ
سُخُونَتُهَا الرُّوحَ؛ ادْخُلِي الْمَوْتَ مُجْبَرَهْ
تَجفُّ -بِأَعْصَابِ الرَّجَـاءَاتِ- رَفَّـةٌ
تُسَاقِطُ مِـنْ شِرْيَانِهَـا عُمْـرَ قُبَّـرَهْ
فَمَا فِـي شَرَايِيـنِ الْمُـواءِ دَمٌ، وَلا
يُبَقِّى لِعَيْنَيْهَـا الـرَّدَى مَـاءَ مَقْـدِرَهْ
وَآذَانُ بَابِي فـي انْشِغَـالٍ مُخَشَّـبٍ
وَمَا لُقْمَةٌ فِـي كَـفِّ بَابِـيَ مُفْطِـرَهْ
وَتُوقِظُنِي في الفَجْرِ مِئْذَنَـةُ الضُّحَـى
فَأَسْقِي دَمِي مِنْ طُهْـرِ مَائِـيَ مَغْفِـرَهْ
أُربِّـتُ بِالأَشْـوَاقِ بَابِـي، مُمَشِّطًـا
بِتَسْبِيحَةٍ عُشْـبَ الْهَـوَاءِ، مُعَطِّـرَهْ
وَيَفْتَحُ لِي الْمِصْبَـاحُ عَيْنَيْـهِ، مُلْقِيًـا
عَلَـيَّ سَلامَـاتِ الضَّيـاءِ مُكَـرَّرَهْ
هُوَ الآنَ لا يُلْقِي السَّـلامَ لِخُطْوَتِـي
وَلَكِنْ صُرَاخُ الضَّوْءِ فِي الْخَطْوِ عَثَّـرَهْ
فَمِنْ خَلْفِ بَابِي قَبْرُ بَرْدٍ؛ وَقَدْ ثَـوَتْ
بِهِ القِطَّةُ الْخَضْـرَاءُ مَلْفُوفَـةً كُـرَهْ
وَنَظْرَتها الْعَمْيَـاءُ تُنْبِـتُ فِـي دَمِـي
-بِشَوْك عِتَابٍ- أَغْصُنَ الرَّعْشِ مُثْمِرَهْ
هُنَا لَبِسَتْ لَيْـل انْتِظَـارِي، مُـزَرَّرًا
بِـدِفْء أَمَانِـيٍّ؛ غَـدُ الْوَهْـمِ زَرَّرَهْ
هُنَا قِطَّتِي الْعَمْيَاءُ لَـمْ تَعْرِفَـنْ لَهَـا
سِوَايَ صَدِيقًـا، وَالْعَمَـى أُمُّ مَقْبَـرَهْ
هُنَا وَثِقَـتْ بِالشِّعْـرِ أَنْ سَيَحُضُّنِـي
عَلَى لُقْمَتَيْ دِفْءٍ، وَتَذْكُـرُ مَحْبَـرَهْ
ولاوَعْيُهَا الْبَرْدَانُ أَرْسَـلَ فِـي دَمِـي
بَرِيدًا مِنَ الرُّؤْيَا؛ وَذُو اللهْوِ لَـمْ يَـرَهْ
فَوَاقِطَّتِـي! فَضَّلْـتُ دِفْءَ خِيَانَتِـي
وَشَيْطَانَ نَوْمِي؛ رُحْتُ أَرْشُفُ مُنْكَـرَهْ
أَيَمْنَحُنِـي رَبِّـي طُفُولَـةَ عَـفْـوِهِ
وَلُجُّ ذُنُوبِـي، قِطَّتِـي فِيـهِ مُبْحِـرَهْ
وَشِعْرِي ارْتَمَى مِنْ فَوْقِ سَطْرِيَ عَارِيًا
لِيَجْلِدَنِـي بَـرْدٌ؛ دَمُ الْفَقْـدِ سَطَّـرَهْ
وَأَجْدَبَ سَطْرِي بَعْدَ أَنْ كَـانَ مُثْمِـرًا
بِطَلْعَتِهَا فِي الْحَرْفِ حَتَّـى تُخَضِّـرَهْ
ثَكِلْتُكِ يَا بِنْتَ الْقَصِيـدَةِ، وَاسْتَـوَى
عَلَى خَدِّ حَرْفِي حَبُّ دَمْعِـي فَطَهَّـرَهْ
أَسَائِلُ شِعْرِي عنْكِ: إِنْ كُنْتِ مِنْ ثَوَى
أم الْمَيْتُ قَلْبِي مُنْذُ غَـضَّ مَشَاعِـرَهْ
وَأَطْفأتُ فِي نَبْضِي شُمُـوعَ رِعَايِتَـي
فَدُسْتُ زُجَاجَ النَّفْسِ، وَاللوْمُ كَسَّـرَهْ
تَذَكَّرْتُ مَا أَسْدَتْهُ كَفِّي مِـنَ الدُّجَـي

محمود فرحان حمادي
22-12-2009, 01:51 PM
الشاعر المبدع أحمد حسن محمد
لقد رسمت لوحة فنية بقريضك الرصين
فبورك حرفك وبورك البهاء
تحياتي