ابن حيزان
14-02-2004, 08:29 PM
بدايةً أحبُّ أن أنوه أنَّ الأبيات الثلاثة الأولى مسروقة >>>>>:002:
لكنني أجبرتُ علي سرقتها إجباراً <<<<:003:
نعم ، هي مطلعُ قصيدة أخي الشاعر ابن بيسان :0014:
في قصيدته (( مجرد سؤال )) :os:
والتي ما إن قرأتها حتى تملكت قلبي وعقلي وفكري ، عشتها ولم أقرأها ، فصرت أرددها صباحَ مساء ، في غدوتي وروحتي ، مرة هدرا ، ومرة لحنا ، ومرة حزنا ، وأخرى حنيناً وشوقا .
:cup:
المهم أنها لم تفارقني ، ليس هذا فحسب ، بل وجدتُ الأفكار والكلمات والأبيات تتوارد توارد الإبل العطشى إلى الماء .
قطفتها من روضة أخي ابن بيسان ، تصرفت في شيء منها ، أضفت لها خمسة وثمانين بيتاً ، فأخرجتُ لكم
:pr:
(( ماذا تقولي ؟! ))
ثم أهدرتُ لكم دمها ، فدونكم إياها
انقدوها
ومن التصويب
لا
لا تحرموها
:0014:
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ الآنَ=ورحلتُ عنكِ وعن ورى دنيانا ؟
وغدوتُ في الأحلامِ عندكِ قصةً=تُنْهَى إذا انبثقَ الضياءُ وبانا ؟
أتُرَى تمدي فوق قبري زوجتي=كفاً فَتُدْفىء موتي البردانا ؟
أَوَترفَعِيها للسماءِ وتَطْلُبي=لمُوَسَّدٍ في تُرْبهِ الغُفْرَانا ؟
أَوَتحزني أنِّي رحلتُ وتذرفي=من جَوْفِ عَيْنِكِ دَمْعَكِ الهتانا ؟
أَوَتَذْكُرِيْ عِنْدَ النِّسَاءِ محاسني=ومَنَاقِبِي أمْ تكتُمِي الإحسانا ؟
أتُحَدِّثي الأطفالَ أَنَّ أباهمُ=مِنْ أجلِ أَنْ يرووا قضى عطشانا ؟
ولأجلهمْ أرخى العنَانَ لفاسقٍ =وتَحمَّلَ السفهاءَ والجُرْذَانا
رَغِبَ الحياةَ بِقُرْبهِمْ لكنَّهُ=سيفُ المنونِ يُفَرِّقُ الخِلاَّنا
وإذا أويتِ إلى الفراشِ فهل تَرَيْ=طيفي جوارَكِ هائماً ولهانا ؟
أَوَتكتمي سِرِّي الذي لم يَدْرِهِ=مِنْ كُلِّ هذي الكائناتِ سِوَانا ؟
أَوَتذكري عهدي وحُقْبَةَ صُحْبَتِيْ=أَمْ سوفَ يُطْوَى ذِكْرُنا نسيانا ؟
أَوَتذْكُري يومَ التقينا وحدنا=والبدرُ يَرْمُقُ والنُجُومُ ترانا ؟
وَسَقَيْتِنِيْ ماءَ الحَيَا وأَخَذْتِهِ=مِنِّيْ فذاك الماءُ قد أحيانا
ووعَدْتِني أَنِّيْ الحياةُ جَمِيْعُها=ومَعِيْ نسيتِ الأَهلَ والإخوانا !
وبِأَنَّنِيْ ماءُ العيونِ بدونهِ=لا تُبْصِرِيْ الأشياءَ والألوانا
أَوَتَذْكُرِيْ يومَ الحديقةِ ؟ يومها=ذُبْنَا ولمْ نَعْبَأْ بها الأكوانا
التُربُ مَفْرَشُنا عليهِ تعانقتْ=أرواحُ ظَمْأَى والسماءُ غِطَانَا
والنَّجْمُ ذابَ لِمَا يرى لعِنَاقِنَا=والبدرُ مِنْ عَجَبٍ لَهُ نَادَانا
أَوَتَذْكُرِي الشجراتِ تَرْقُصُ حَوْلَنَا=والعِطْرُ يَملأُ أرضَنَا وفَضَانَا ؟
عودي قليلاً للوراءِ .. أَتذكري ؟=في أرضِ مَكَّةَ كيفَ كانَ لقانا ؟
لولا الحياءُ وغَيْرَتِيْ لوصَفْتُهُ=ذاكَ اللِّقا بَيَّنْتُهُ تِبْيَانا
أنَا إِنْ قَضَيْتُ فمَا تُرَى سَتُقَدِّمِيْ=لِيْ من حَلالِكِ زَوجَتِيْ عِرْفَانا ؟
هَلْ تَحْفِرِي بِئْرَاً فأُطْعَمُ ماءَها=أَمْ مَسْجِداً ستُشَيِّدي عُمْرَانا ؟
أَمْ قَدْ تَضُنِّي بالنقُودِ وتَطْلبي=غَيْرِي وتَنْسَي مفرداً ظمآنا ؟
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ حَبِيْبَتي فلْتَسْأََلي=باللهِ نَفْسَكِ ما الذي أَقْصانا ؟
ماذا جَنَيْتُ حبِيْبَتِي كي تَذْهبي=عنِّي وتُبْقِي عِنْديَ الْوِلْدَانا ؟
أَنَا ما زَنَيْتُ وما اقْتَرَفْتُ رَذيِلَةً=كلَّا وما عانقتُها الأخْدَانا
أَنَا لَمْ أَخُنْكِ وكانَ ذاك مُهَيَّأً=فِي عُقرِ داركِ ممكناً إتيانا
عُرِضَتْ عليَّ مفاتنٌ لم تعلمي=زوجي بها فتركتها إيمانا
إِنِّي حفظتُكِ في الغيابِ ولم أَكُنْ=يوماً لِعَهْدِ حبيبتي خوَّانا
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الكريمِ مخافتي=من خالِقِي لم أَرْقُب الإنسانا
والله ما عانقتُ مُنْذُ زواجِنَا=إلاكِ ما قارفتهُ العصيانا
أَوَأَسْتَحِقُّ الهجرَ منك لأنَّنِي=مارستُ حقِّي طائعاً رحمنا
ورغبتُ في شرعِ الإله بزوجةٍ=أُخرى وكنتُ لعهدنا صوَّانا
أَنا يا مُعَلِّمةَ الحديثِ منحتُها=لَكَمُ الحقوقَ مودةً وحنانا
أَوَلمْ تكوني في بدايةِ أمرِنا=تلميذةً فوهبتُكِ الوِجْدَانا
آزرتُكِ ما كنتُ حَجْرَةَ عَثْرَةٍ=حتى تفوقي الصحبَ والأقرانا
أَوَتذْكُري بَعْضَ المسائلِ جِئْتِنِي=كي تشتكيها لم تُطِعْ إذعانا
فحللتُها بتودُّدٍ وشرحتُها= وأَرَحْتُ منها فكرَكِ الحيرانا
فرسَمْتِ بسمتكِ التي أرنو لها=لتُضِيءَ حالكَ ليلنا ودجانا
أحرَزْتِ مرتبةً من الشرفِ الذي=بكمُ تَشَرَّف والسرورُ أتانا
وسَعَيْتُ في التعليمِ حتى نِلْتِها=أَسْمى الوظائفِ تُقْرِئِي القرآن
وتُعَلِّمِي نشىء البناتِ عقيدةً =قدْ حطمتْ بثباتها الأوثانا
وتُدَرِّسيهم سيرةَ الهادي الذي=بالحقِّ جاء وأَزهَقَ البطلانا
وتُفَقِّهيهم في العباداتِ التي=يُرْضِينَ فيها الواحدَ الديَّانا
وصَعَدتِ في درجِ النجاحِ مَرَاتِبَاً=وأنا وراءَكِ أَدْعَمُ الأركانا
وشربتُ في هذي الحياةِ مرارةً=وسُقِيْتُ من ألمٍ بها طوفانا
ولأجلِ عينيكِ التي أهفو لها=قاسيتُ مُرَّ العيشِ والحرمانا
وصَبَرتُ لولا صِبْيَتِي وحبيبتي=هاجرتُ لم أَعبأْ بها الأوطانا
أَنا لستُ أَزْعُمُهُ الكمالَ حبيبتي=كَلَّا ولم أَكُ زوجتي منَّانا
لكنها الذِّكرى فلا تَنْسَيْنِنِي=إنْ مَا لَحِقْتُ بِرَكْبِهِمْ موتانا
الله قدَّرَ لي زواجاً ثانياً=فاختَرْتِهِ النُكْرَانَ والهِجْرَانا
وكَفَرْتِ يا زوجي بصادقِ عِشْرتي=قابلتِ كُلَّ محاسِنيْ نُكْرَانا
ونسيتِ عِشْرَةَ عَشْرَةٍ من عمرنا=وكأننا لم نَلْتَقِ أزمانا
وكأنه ما لفَّنا بردائِه=عشقُ الهوى وبِبُرْدِهِ غطَّانا
وكأن عين الحب لم تنضحْ لنا=شهداً يُغَذِّي حبَّنا وهَوَانَا
وكأنَ ليلَ الصَّبِّ لم يجمع بنا=والناسُ تُغْمِضُ حولنا الأجفانا
سَهِرَ الدُّجَى معنا وفارقهُ الكرى=لَمَّا سَهِرْنا لفَّنا سهرانا
إِنْ كانَ يرضيكِ الفراقُ حبيبتي=لا بأس ..لن تبكي عليَّ الآنا
ستُجَرِّبي وَسَتَعْرِفي قدري الذي=فرَّطتِ فيه وبعتهِ خُسرانا
إنِّي ابتغيتُكِ زوجةً وحليلةً=لكنْ أردتِ البُعدَ والإظعانا
لا تَرْجِعِيْ إن كانَ ذا سيسركِ=أو كُنْتِ كارهةً لها لُقْيانا
عِيشي حياتكِ في سرابِ سعادةٍ=وَأَنا وأولادي لنا مولانا
سنعيشُ في غُصَصِ الحياةِ حبيبتي=لكِنَّنَا لن نَحْنِيَ الأَذْقَانَا
إِنْ كان مطلبُكِ متاعاً فانياً=فلْتأْخُذي البنيانَ والأثمانا
ولتأخذي ما تَشْتَهيه فليس ذا=أغلى علينا منكِ يا ريحانا
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ حبيبتي ؟=وغدوتُ تحَْتَ جنادلٍ جُثْمَانا
باللهِ قولي لي أَريحي خافقاً=لا زالَ ينبضُ مُنْهَكَاً تعبانا
أَوَتَذْكُرِي أَرْضَ الرياضِ حبيبتي ؟=صُغْنا بها الأشعارَ والأوزانا
وقصيدتي تلك التي ألصَقْتِهَا=أعلى المرايةِ تُعْجِبُ الفنانا
أَوَتذِكُرِي ذاك الحُداء حدوتِهِ=فأسرتِ فيه القلبَ والآذانا
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الذي ما طِعْتِهِ=إذ قالَ :(عودي وارحمي الصبيانا )
أَنَا إنْ نسيتي حبَّنا وَوِدَادنا=في القبرِ سوفَ أَضُمُّهُ تحنانا
وسأذكرُ الأيامَ عشناها معاً=والناسُ تَغْبِطُ فرحنا وهنانا
أَنا إِنْ قَضَيْتُ قَضَيْتُ أعْلَمُ أنني=لم أُوفِ حَقَّ حبيبتي ميزانا
قَصَّرتُ لا أنِّي قصدتُ وإنما=حَكَمَ الإلهُ على الورى نقصانا
لَكِنَّ حسبي نية أبغي بها=إرضاءَكمْ وبذلتُهُ الإمكانا
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ فيا تُرَى أَتُغَسِّلِي=جسماً مُسجَّاً بارداً عُريانا ؟
أَتُقَبِّلِي ثَغْرِي بآخرِ قُبْلَةٍ=وبراحتيك تَلُفِّها الأكفانا ؟
أَمْ تترُكيني للرِّجَالِ حبيبتي=ليُنَظِّفوا الأكتافَ والأردانا ؟
أَنا سوفَ أَقْضِي فالحياةُ قصيرةٌ=واللهَ أسألُ رحمةً وجِنَانَا
فَوَصِيَّتي الأَوْلادَ لا ترمي بهمْ=فلكمْ فقدتُ وصِبيتي الأحضانا
لا تَحْرِميهمْ من ودادِك ساعةً=فَلَذَا يساوي الدرَّ والمرجانا
أَسْقِيهمُ لبن الأمومة سائغاً=لا يطلبوا من غيركِ الألبانا
أمَّا أنا فَطَمِعْتُ مِنْكِ بلحظةٍ=تُحْيِيْ بها يا زوجتي ذكرانا
أَنْ تَرْفَعِيْ الكفينِ في غسقِ الدُجى=بعدَ الصلاةِ وتَطْلُبي الرحمنا
جمعاً لنا في جنةِ الخُلْدِ التي=نهفو لها في صُبْحِنَا ومَسَانا
لكنني أجبرتُ علي سرقتها إجباراً <<<<:003:
نعم ، هي مطلعُ قصيدة أخي الشاعر ابن بيسان :0014:
في قصيدته (( مجرد سؤال )) :os:
والتي ما إن قرأتها حتى تملكت قلبي وعقلي وفكري ، عشتها ولم أقرأها ، فصرت أرددها صباحَ مساء ، في غدوتي وروحتي ، مرة هدرا ، ومرة لحنا ، ومرة حزنا ، وأخرى حنيناً وشوقا .
:cup:
المهم أنها لم تفارقني ، ليس هذا فحسب ، بل وجدتُ الأفكار والكلمات والأبيات تتوارد توارد الإبل العطشى إلى الماء .
قطفتها من روضة أخي ابن بيسان ، تصرفت في شيء منها ، أضفت لها خمسة وثمانين بيتاً ، فأخرجتُ لكم
:pr:
(( ماذا تقولي ؟! ))
ثم أهدرتُ لكم دمها ، فدونكم إياها
انقدوها
ومن التصويب
لا
لا تحرموها
:0014:
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ الآنَ=ورحلتُ عنكِ وعن ورى دنيانا ؟
وغدوتُ في الأحلامِ عندكِ قصةً=تُنْهَى إذا انبثقَ الضياءُ وبانا ؟
أتُرَى تمدي فوق قبري زوجتي=كفاً فَتُدْفىء موتي البردانا ؟
أَوَترفَعِيها للسماءِ وتَطْلُبي=لمُوَسَّدٍ في تُرْبهِ الغُفْرَانا ؟
أَوَتحزني أنِّي رحلتُ وتذرفي=من جَوْفِ عَيْنِكِ دَمْعَكِ الهتانا ؟
أَوَتَذْكُرِيْ عِنْدَ النِّسَاءِ محاسني=ومَنَاقِبِي أمْ تكتُمِي الإحسانا ؟
أتُحَدِّثي الأطفالَ أَنَّ أباهمُ=مِنْ أجلِ أَنْ يرووا قضى عطشانا ؟
ولأجلهمْ أرخى العنَانَ لفاسقٍ =وتَحمَّلَ السفهاءَ والجُرْذَانا
رَغِبَ الحياةَ بِقُرْبهِمْ لكنَّهُ=سيفُ المنونِ يُفَرِّقُ الخِلاَّنا
وإذا أويتِ إلى الفراشِ فهل تَرَيْ=طيفي جوارَكِ هائماً ولهانا ؟
أَوَتكتمي سِرِّي الذي لم يَدْرِهِ=مِنْ كُلِّ هذي الكائناتِ سِوَانا ؟
أَوَتذكري عهدي وحُقْبَةَ صُحْبَتِيْ=أَمْ سوفَ يُطْوَى ذِكْرُنا نسيانا ؟
أَوَتذْكُري يومَ التقينا وحدنا=والبدرُ يَرْمُقُ والنُجُومُ ترانا ؟
وَسَقَيْتِنِيْ ماءَ الحَيَا وأَخَذْتِهِ=مِنِّيْ فذاك الماءُ قد أحيانا
ووعَدْتِني أَنِّيْ الحياةُ جَمِيْعُها=ومَعِيْ نسيتِ الأَهلَ والإخوانا !
وبِأَنَّنِيْ ماءُ العيونِ بدونهِ=لا تُبْصِرِيْ الأشياءَ والألوانا
أَوَتَذْكُرِيْ يومَ الحديقةِ ؟ يومها=ذُبْنَا ولمْ نَعْبَأْ بها الأكوانا
التُربُ مَفْرَشُنا عليهِ تعانقتْ=أرواحُ ظَمْأَى والسماءُ غِطَانَا
والنَّجْمُ ذابَ لِمَا يرى لعِنَاقِنَا=والبدرُ مِنْ عَجَبٍ لَهُ نَادَانا
أَوَتَذْكُرِي الشجراتِ تَرْقُصُ حَوْلَنَا=والعِطْرُ يَملأُ أرضَنَا وفَضَانَا ؟
عودي قليلاً للوراءِ .. أَتذكري ؟=في أرضِ مَكَّةَ كيفَ كانَ لقانا ؟
لولا الحياءُ وغَيْرَتِيْ لوصَفْتُهُ=ذاكَ اللِّقا بَيَّنْتُهُ تِبْيَانا
أنَا إِنْ قَضَيْتُ فمَا تُرَى سَتُقَدِّمِيْ=لِيْ من حَلالِكِ زَوجَتِيْ عِرْفَانا ؟
هَلْ تَحْفِرِي بِئْرَاً فأُطْعَمُ ماءَها=أَمْ مَسْجِداً ستُشَيِّدي عُمْرَانا ؟
أَمْ قَدْ تَضُنِّي بالنقُودِ وتَطْلبي=غَيْرِي وتَنْسَي مفرداً ظمآنا ؟
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ حَبِيْبَتي فلْتَسْأََلي=باللهِ نَفْسَكِ ما الذي أَقْصانا ؟
ماذا جَنَيْتُ حبِيْبَتِي كي تَذْهبي=عنِّي وتُبْقِي عِنْديَ الْوِلْدَانا ؟
أَنَا ما زَنَيْتُ وما اقْتَرَفْتُ رَذيِلَةً=كلَّا وما عانقتُها الأخْدَانا
أَنَا لَمْ أَخُنْكِ وكانَ ذاك مُهَيَّأً=فِي عُقرِ داركِ ممكناً إتيانا
عُرِضَتْ عليَّ مفاتنٌ لم تعلمي=زوجي بها فتركتها إيمانا
إِنِّي حفظتُكِ في الغيابِ ولم أَكُنْ=يوماً لِعَهْدِ حبيبتي خوَّانا
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الكريمِ مخافتي=من خالِقِي لم أَرْقُب الإنسانا
والله ما عانقتُ مُنْذُ زواجِنَا=إلاكِ ما قارفتهُ العصيانا
أَوَأَسْتَحِقُّ الهجرَ منك لأنَّنِي=مارستُ حقِّي طائعاً رحمنا
ورغبتُ في شرعِ الإله بزوجةٍ=أُخرى وكنتُ لعهدنا صوَّانا
أَنا يا مُعَلِّمةَ الحديثِ منحتُها=لَكَمُ الحقوقَ مودةً وحنانا
أَوَلمْ تكوني في بدايةِ أمرِنا=تلميذةً فوهبتُكِ الوِجْدَانا
آزرتُكِ ما كنتُ حَجْرَةَ عَثْرَةٍ=حتى تفوقي الصحبَ والأقرانا
أَوَتذْكُري بَعْضَ المسائلِ جِئْتِنِي=كي تشتكيها لم تُطِعْ إذعانا
فحللتُها بتودُّدٍ وشرحتُها= وأَرَحْتُ منها فكرَكِ الحيرانا
فرسَمْتِ بسمتكِ التي أرنو لها=لتُضِيءَ حالكَ ليلنا ودجانا
أحرَزْتِ مرتبةً من الشرفِ الذي=بكمُ تَشَرَّف والسرورُ أتانا
وسَعَيْتُ في التعليمِ حتى نِلْتِها=أَسْمى الوظائفِ تُقْرِئِي القرآن
وتُعَلِّمِي نشىء البناتِ عقيدةً =قدْ حطمتْ بثباتها الأوثانا
وتُدَرِّسيهم سيرةَ الهادي الذي=بالحقِّ جاء وأَزهَقَ البطلانا
وتُفَقِّهيهم في العباداتِ التي=يُرْضِينَ فيها الواحدَ الديَّانا
وصَعَدتِ في درجِ النجاحِ مَرَاتِبَاً=وأنا وراءَكِ أَدْعَمُ الأركانا
وشربتُ في هذي الحياةِ مرارةً=وسُقِيْتُ من ألمٍ بها طوفانا
ولأجلِ عينيكِ التي أهفو لها=قاسيتُ مُرَّ العيشِ والحرمانا
وصَبَرتُ لولا صِبْيَتِي وحبيبتي=هاجرتُ لم أَعبأْ بها الأوطانا
أَنا لستُ أَزْعُمُهُ الكمالَ حبيبتي=كَلَّا ولم أَكُ زوجتي منَّانا
لكنها الذِّكرى فلا تَنْسَيْنِنِي=إنْ مَا لَحِقْتُ بِرَكْبِهِمْ موتانا
الله قدَّرَ لي زواجاً ثانياً=فاختَرْتِهِ النُكْرَانَ والهِجْرَانا
وكَفَرْتِ يا زوجي بصادقِ عِشْرتي=قابلتِ كُلَّ محاسِنيْ نُكْرَانا
ونسيتِ عِشْرَةَ عَشْرَةٍ من عمرنا=وكأننا لم نَلْتَقِ أزمانا
وكأنه ما لفَّنا بردائِه=عشقُ الهوى وبِبُرْدِهِ غطَّانا
وكأن عين الحب لم تنضحْ لنا=شهداً يُغَذِّي حبَّنا وهَوَانَا
وكأنَ ليلَ الصَّبِّ لم يجمع بنا=والناسُ تُغْمِضُ حولنا الأجفانا
سَهِرَ الدُّجَى معنا وفارقهُ الكرى=لَمَّا سَهِرْنا لفَّنا سهرانا
إِنْ كانَ يرضيكِ الفراقُ حبيبتي=لا بأس ..لن تبكي عليَّ الآنا
ستُجَرِّبي وَسَتَعْرِفي قدري الذي=فرَّطتِ فيه وبعتهِ خُسرانا
إنِّي ابتغيتُكِ زوجةً وحليلةً=لكنْ أردتِ البُعدَ والإظعانا
لا تَرْجِعِيْ إن كانَ ذا سيسركِ=أو كُنْتِ كارهةً لها لُقْيانا
عِيشي حياتكِ في سرابِ سعادةٍ=وَأَنا وأولادي لنا مولانا
سنعيشُ في غُصَصِ الحياةِ حبيبتي=لكِنَّنَا لن نَحْنِيَ الأَذْقَانَا
إِنْ كان مطلبُكِ متاعاً فانياً=فلْتأْخُذي البنيانَ والأثمانا
ولتأخذي ما تَشْتَهيه فليس ذا=أغلى علينا منكِ يا ريحانا
ماذا تقولي لو قَضَيْتُ حبيبتي ؟=وغدوتُ تحَْتَ جنادلٍ جُثْمَانا
باللهِ قولي لي أَريحي خافقاً=لا زالَ ينبضُ مُنْهَكَاً تعبانا
أَوَتَذْكُرِي أَرْضَ الرياضِ حبيبتي ؟=صُغْنا بها الأشعارَ والأوزانا
وقصيدتي تلك التي ألصَقْتِهَا=أعلى المرايةِ تُعْجِبُ الفنانا
أَوَتذِكُرِي ذاك الحُداء حدوتِهِ=فأسرتِ فيه القلبَ والآذانا
أَنَا يا ابنةَ الخالِ الذي ما طِعْتِهِ=إذ قالَ :(عودي وارحمي الصبيانا )
أَنَا إنْ نسيتي حبَّنا وَوِدَادنا=في القبرِ سوفَ أَضُمُّهُ تحنانا
وسأذكرُ الأيامَ عشناها معاً=والناسُ تَغْبِطُ فرحنا وهنانا
أَنا إِنْ قَضَيْتُ قَضَيْتُ أعْلَمُ أنني=لم أُوفِ حَقَّ حبيبتي ميزانا
قَصَّرتُ لا أنِّي قصدتُ وإنما=حَكَمَ الإلهُ على الورى نقصانا
لَكِنَّ حسبي نية أبغي بها=إرضاءَكمْ وبذلتُهُ الإمكانا
أَنَا إِنْ قَضَيْتُ فيا تُرَى أَتُغَسِّلِي=جسماً مُسجَّاً بارداً عُريانا ؟
أَتُقَبِّلِي ثَغْرِي بآخرِ قُبْلَةٍ=وبراحتيك تَلُفِّها الأكفانا ؟
أَمْ تترُكيني للرِّجَالِ حبيبتي=ليُنَظِّفوا الأكتافَ والأردانا ؟
أَنا سوفَ أَقْضِي فالحياةُ قصيرةٌ=واللهَ أسألُ رحمةً وجِنَانَا
فَوَصِيَّتي الأَوْلادَ لا ترمي بهمْ=فلكمْ فقدتُ وصِبيتي الأحضانا
لا تَحْرِميهمْ من ودادِك ساعةً=فَلَذَا يساوي الدرَّ والمرجانا
أَسْقِيهمُ لبن الأمومة سائغاً=لا يطلبوا من غيركِ الألبانا
أمَّا أنا فَطَمِعْتُ مِنْكِ بلحظةٍ=تُحْيِيْ بها يا زوجتي ذكرانا
أَنْ تَرْفَعِيْ الكفينِ في غسقِ الدُجى=بعدَ الصلاةِ وتَطْلُبي الرحمنا
جمعاً لنا في جنةِ الخُلْدِ التي=نهفو لها في صُبْحِنَا ومَسَانا