المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين دفتي كتاب



حسن العطية
21-01-2010, 06:48 PM
بين دفتي كتاب ( النقد الأدبي أصوله ومناهجه )
تعريف بالكتاب
***
* اسم الكتاب : النقد الأدبي أصوله ومناهجه .
*المؤلف : سيد قطب .
*الطبعة : الشرعية الخامسة عام1403هـ - 1983م
* الناشر : دار الشروق – بيروت – القاهرة .
* عددالصفحات: 229
* الإهــداء : " إلى روح الإمام عبد القاهر , أول ناقد عربي أقام النقد الأدبي على أسس علمية نظرية , ولم يطمس بذلك روحه الأدبية الفنية , وكان له من ذوقه النافذ , وذهنه الواعي ما يوفق به بين هذا وذاك , في وقت مبكر , شديد التبكير " سيد قطب .
* مكان شرائه : نسيت حاليا .. فهو عندي من 1416هـ .. لكن أظنه من الكتب المنتشرة في المكتبات لأنه كتاب أدبي ليس من الكتب المحظورة .
* قيمته المادية : 15ريالا سعوديا .
* قيمته المعنوية : لا يقدر بثمن يفتح أمام الأدباء أفاقا واسعة لإنشاء النصوص الأدبية وتذوقها .
***
إلى لقاء قريب مع أول النقولات عن هذا الكتاب القيم ..

حسن العطية
21-01-2010, 07:22 PM
(( وظيفة النقد الأدبي وغايته تتلخص في : تقويم(تقييم) العمل الأدبي من الناحية الفنية , وبيان قيمته الموضوعية , وقيمه التعبيرية والشعورية , وتعيين مكانه في خط سير الأدب , وتحديد ما أضافه إلى التراث الأدبي في لغته وفي العالم الأدبي كله , وقياس مدى تأثره بالمحيط وتأثيره فيه , وتصوير سمات صاحبه وخصائصه الشعورية والتعبيرية , وكشف العوامل النفسية التي اشتركت في تكوينه والعوامل الخارجية كذلك )) ص 7
تعليقات :
1ورد في التعريف كلمة "تقويم" ونحن نستخدم هذه الكلمة في التعديل .. والمؤلف استخدمها بمعنى إظهار القيمة..
2ركـِّز على القيم التعبيرية والشعورية فلها عند المؤلف أهمية بالغة وسترد عليك في الكتاب كثيرا ..
(( معظم ما يكتب في النقد عندنا اجتهاد , وذلك طبيعي ما دامت الأصول لم توضع والمناهج لم تحدد بالدرجة الكافية )) ص 7
(( هناك دراسات نقدية تطبيقية للأدب , ولكن هذا شيء آخر غير الدراسات التي تتولى الحديث عن النقد أصوله ومناهجه )) ص 7
(( حاولت أن أضع أصولا للنقد حتى لا يكون الذوق الخاص هو وحده المحكم )) ص 7
تعليق :
من العبارة أفهم أن مقابل الحكم على أساس القواعد هو الحكم على أساس الذوق الشخصي وحده .. وأفهم أيضا أن قواعد النقد إنما هي ذوق أيضا لكنه ذوق نوعي لا شخصي .. وأفهم أيضا أن الذوق الشخصي له قيمته أيضا في قواعد النقد لكن شريطة أن لا يكون هو وحده أساس الحكم على الأعمال الأدبية ..

حسن العطية
23-01-2010, 04:35 PM
(( لم أرد أن أحمل النقد العربي على مناهج أجنبية عنه )) ص 8
(( المنهج المختار هو المنهج المتكامل ( لا المنهج الفني وحده ولا المنهج النفسي وحده ) )) ص 8
(( المناهج إنما تصلح وتفيد حينما تتخذ منارات ومعالم , ولكنها تفسد وتضر حين تجعل قيودا وحدودا , فيجب أن تكون مزاجا من النظام والحرية والدقة والابتداع وهذا هو المنهج الذي ندعو إليه في النقد والأدب والحياة ! )) ص 8
(( لكل ناقد مبتكر طريقته )) ص 8
تعليق :
هذه العبارة لا تخالف وضع القواعد والأصول للنقد .. لأن العبارة تقول "مبتكر" وليس كل احد مبتكر فلا يحق لكل احد أن يتبع طريقته ويهمل القواعد المقررة .. وهذه العبارة مثل ما ينقل عن أبو العتاهية حينما سئل عن وزن بعض أبيات أنشأها بأنها تخالف عروض الخليل فأجاب : أنا أكبر من العروض .. فالمبتكر في اختصاصه وعلمه ومجاله أكبر من نفس العلم وهو المحكم فيه فليعرف كل منا قدره ولا يناطح من هو أعلى منه مكانة كي لا ينكسر قرنه و لا تزل به قدمه ..

هبة الأغا
23-01-2010, 06:30 PM
شكراً أخ حسن ..
الكتاب قيم وعالي الفائدة، وقد تناولنا كثيراً من قضاياه أثناء دراسة مادة النقد الأدبي في المرحلة الجامعية ..

" معظم ما يكتب في النقد عندنا اجتهاد , وذلك طبيعي ما دامت الأصول لم توضع والمناهج لم تحدد بالدرجة الكافية "

الأدب هو التجربة الإنسانية الاجتماعية النفسية التي تعبر عن نفسها .. ووجود المناهج فقط لتحديد ملامح النقد، ومهما حاول النقاد الغوص، استناداً إلى مناهجهم لن يستطيعوا النقد الكامل والدقيق، فأنا أرى من منطلق كون الأدب مادة إنسانية لايمكن حصرها بمناهج مهما كانت دقتها ..

أماني عواد
23-01-2010, 11:42 PM
السيد حسن العطية


موضوع رائع
فالقراءة الجماعية تكثيف للفهم اذا كان الحوار متاحا

تسجيل متابعه


دام عطاؤك

حسن العطية
24-01-2010, 04:59 PM
شكراً أخ حسن ..
الكتاب قيم وعالي الفائدة، وقد تناولنا كثيراً من قضاياه أثناء دراسة مادة النقد الأدبي في المرحلة الجامعية ..

" معظم ما يكتب في النقد عندنا اجتهاد , وذلك طبيعي ما دامت الأصول لم توضع والمناهج لم تحدد بالدرجة الكافية "

الأدب هو التجربة الإنسانية الاجتماعية النفسية التي تعبر عن نفسها .. ووجود المناهج فقط لتحديد ملامح النقد، ومهما حاول النقاد الغوص، استناداً إلى مناهجهم لن يستطيعوا النقد الكامل والدقيق، فأنا أرى من منطلق كون الأدب مادة إنسانية لايمكن حصرها بمناهج مهما كانت دقتها ..
- كلامك صحيح الى حد كبير .. لكن علينا أن لا ننسى بأن من يضع تلك المناهج هو إنسان وهو محور تلك التجارب .. فلا غرابة إن وضع أنسان مناهج لتجارب إنسانية .. حين نتنبه على هذا سنثق كثيرا في تلك المناهج .. ولن نعتبرها الانسان غريبة عن الانسانية بل هو مصدرها !!
- لك خالص الشكر على مداخلتك القيمة ..

حسن العطية
24-01-2010, 05:04 PM
السيد حسن العطية


موضوع رائع
فالقراءة الجماعية تكثيف للفهم اذا كان الحوار متاحا

تسجيل متابعه


دام عطاؤك
بل لم يدرج الموضوع إلا لنستفيد من مداخلاتك أمثالك من صاحبات الفكر والأدب والأخلاق .. فطالما استفدنا من كنوزك أيتها الاستاذة القديرة ..
دمت نهرا من العطاء متدفقا ..

حسن العطية
24-01-2010, 05:08 PM
العمل الأدبي هو موضوع النقد الأدبي , فالحديث عنه هو المقدمة الطبيعية للحديث عن النقد , وستجد بعد قليل إن هذه المقدمة ليست خارجة عن الموضوع , بل ربما كانت هي ذات الموضوع , فتحديد معنى العمل الأدبي وغايته وقيمه الشعورية والتعبيرية , والكلام عن أدواته وطرائق أدائه وفنونه , هي نفسها النقد الأدبي في أخص ميادينه )) ص 9
))العمل الأدبي : التعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية ... فكلمة "تعبير" تصور لنا طبيعة العمل ونوعه , و"تجربة شعورية" تبين لنا مادته وموضوعه , "وصورة موحية " تحدد لنا شرطه وغايته )) ص 9
((التجربة الشعورية هي العنصر الذي يدفع إلى التعبير , ولكنها بذاتها ليست العمل الأدبي , لأنها مادامت مضمرة في النفس فهي إحساس أو انفعال , لا يتحقق به وجود العمل الأدبي )) ص 9
(( التعبير يشمل كل صورة لفظية ذات دلالة , ولكنه لا يصبح عملا أدبيا إلا حين يتناول تجربة شعورية معينة . وبعضهم يميل إلى اعتبار كل تعبير جميل – ولو عن حقائق العلوم البحتة – داخلا في باب الأدب , ولكننا لا نميل إلى هذا التوسع في مدلول العمل الأدبي )) ص 9
((الموضوع لا يحدد طبيعة العمل , ولكن طريقة الانفعال بالموضوع هي التي تحدده , فمجرد وصف حقيقة طبيعية مثلا وصفا علميا بحتا , ليس عملا أدبيا مهما تكن صيغة التعبير فصيحة مستكملة لشروط التعبير , أما التعبير عن الانفعال الوجداني بهذه الحقيقة فهو عمل أدبي , لأنه تصوير لتجربة شعورية )) ص 10
((التعبير عن التجربة الشعورية لا يقصد به مجرد التعبير . بل رسم صورة لفظية موحية مثيرة للانفعال الوجداني في نفوس الآخرين , وهذا شرط العمل الأدبي وغايته , وبه يتم وجوده ويستحق صفته )) ص 10
(( ليست غاية العمل الأدبي أن يعطينا حقائق عقلية ولا قضايا فلسفية ولا شيئا من هذا القبيل ... وليس معنى هذا أن العمل الأدبي لا غاية له . فالواقع أنه هو غاية في ذاته , لأنه بمجرد وجوده يحقق لونا من ألوان الحركة الشعورية . وهذه في ذاتها غاية إنسانية وحيوية , تدفع عن طريق غير مباشر إلى تحقق آثار أخرى أكبر وأبقى )) ص 10
تعليق :
أرى في العبارة الأخيرة أمرا مهما للغاية , يرد على الكثيرين من محدودي النظرة , والذين طالما قالوا – في انتقادهم الأدب والأدباء - : لِمَ كل هذا الاهتمام بالأدب والشعر والخيال والكلمات المنمقة والصور الشعرية وكل هذه الزخارف التي لا تسمن ولا تغني إذا ما قيست بالحقائق العلمية أو حتى بأبسط الأعمال التي يمارسها الناس العاديون في حياتهم اليومية ؟! العبارة الأخيرة ترد على مثل هؤلاء و تقول : بأن الأدب يسيطر على القلب الذي هو سيد الجوارح في الإنسان .. فإذا صار القلب مطيعا للأدب فبقية الجوارح للأدب أطوع .. وكان من السهولة بمكان أن يحرك الأدب الناس في أي طريق شاء من خير أو شر ..

هشام عزاس
24-01-2010, 06:07 PM
الأستاذ الفاضل / حسن العطية

مرحبا بك و بقلمك في الواحة الخضراء

مما لا شك فيه أن وظيفة النقد الأدبي تكتسي أهمية كبيرة جدا و هذا لا يختلف عليه اثنان ، لأنها تقوم بغربلة النص الأدبي و اكتشافه بعين مغايرة و توضيح نقاط القوة و الضعف فيه ، و تسليط الضوء على عوالمهِ الحسية و المعنوية.

جميلة منكَ هذه القراءة و هذا الوقوف منكَ على نقاط مهمة للغاية .

نتابع معكَ و نتعلم بإذن الله

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

زهراء المقدسية
24-01-2010, 11:33 PM
أرى في العبارة الأخيرة أمرا مهما للغاية , يرد على الكثيرين من محدودي النظرة , والذين طالما قالوا – في انتقادهم الأدب والأدباء - : لِمَ كل هذا الاهتمام بالأدب والشعر والخيال والكلمات المنمقة والصور الشعرية وكل هذه الزخارف التي لا تسمن ولا تغني إذا ما قيست بالحقائق العلمية أو حتى بأبسط الأعمال التي يمارسها
مساؤك خير أستاذ حسن العطية

ربما من قلت عنهم محدودي نظر هنا ليسوا كذلك لسبب أنهم أدركوا فعلا أن الأدب
هو تعبير عن تجربة شعورية,لا يحتاج الى كل هذه الصور التي ترهق قارئها
ولا يحتاج إلى كل هذه الزخارف التي تجعلك تدوخ معها

أصدقك القول أنني أقرأ أحيانا ولا أفهم ما يريده الكاتب
ومتأكدة أنه هو نفسه لا يعلم ما يريد
فقط اختيارات منتقاة لكلمات يتفنن في صياغتها

هل يعقل أنني أحتاج الى قاموس ليكون معي دوما عندما
أقرأ لأحدهم عن تجربته الشعورية؟؟

ثم طالما وعينا أن للأدب تأثيره العميق على الناس
ما الضير في تنويع المطروح فيه حتى لو كان فلسفيا أو علميا؟؟
ولنخرجه من دائرته المغلقة التي يحيط نفسه بها

شكرا لجهودك الرائعة أستاذ حسن
وبإذن الله معكم نتابع

ودمت بكل الخير

حسن العطية
25-01-2010, 05:21 PM
مرحبا بك و بقلمك في الواحة الخضراء

مما لا شك فيه أن وظيفة النقد الأدبي تكتسي أهمية كبيرة جدا و هذا لا يختلف عليه اثنان ، لأنها تقوم بغربلة النص الأدبي و اكتشافه بعين مغايرة و توضيح نقاط القوة و الضعف فيه ، و تسليط الضوء على عوالمهِ الحسية و المعنوية.

جميلة منكَ هذه القراءة و هذا الوقوف منكَ على نقاط مهمة للغاية .

نتابع معكَ و نتعلم بإذن الله

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام
- أستاذي الكريم هشام .. ستبقى شهادتك وساما يزين صدر صفحتي .. دمت بعين الله ..

حسن العطية
25-01-2010, 06:02 PM
الأستاذ الفاضل / حسن العطية

مساؤك خير أستاذ حسن العطية

ربما من قلت عنهم محدودي نظر هنا ليسوا كذلك لسبب أنهم أدركوا فعلا أن الأدب
هو تعبير عن تجربة شعورية,لا يحتاج الى كل هذه الصور التي ترهق قارئها
ولا يحتاج إلى كل هذه الزخارف التي تجعلك تدوخ معها

أصدقك القول أنني أقرأ أحيانا ولا أفهم ما يريده الكاتب
ومتأكدة أنه هو نفسه لا يعلم ما يريد
فقط اختيارات منتقاة لكلمات يتفنن في صياغتها

هل يعقل أنني أحتاج الى قاموس ليكون معي دوما عندما
أقرأ لأحدهم عن تجربته الشعورية؟؟

ثم طالما وعينا أن للأدب تأثيره العميق على الناس
ما الضير في تنويع المطروح فيه حتى لو كان فلسفيا أو علميا؟؟
ولنخرجه من دائرته المغلقة التي يحيط نفسه بها

شكرا لجهودك الرائعة أستاذ حسن
وبإذن الله معكم نتابع

ودمت بكل الخير

- أستاذتي زهراء القدس الكريمة ..
- أولا صباحك ومساؤك بل وكل أوقاتك بخير ..
- ثانيا .. قد أثرت نقاطا مهمة .. سأحاول إبداء رأيي فيها حسب ما يسمح به وقتي ..
- أولا أستاذتي : حين يقول – مثلا – الحارث بن حلزة اليشكري : آذنتنا ببينها اسماء – رب ثاو يمل منه الثواء .. ربما انا – او أنت – تحتاجين لقاموس لمعرفة آذنتنا أو ثواء .. لكن أنت – أو أنا – لا أحتاج .. فهذا يعود إلى المخزون المعرفي لكل منا .. وكذا الامر بالنسبة للصور والتشبيهات والكلمات .. فالأمر هنا نسبي ..
- هذا امر والأمر الآخر .. الدنيا كلها في تطور وتغير مستمرين .. لا يبقى شي على حاله ابدا .. ومن ذلك الأدب .. فالمستساغ في عصر غير مستساغ في آخر .. ولوا ذلك لم يتطور شي .. فالوقوب بالأطلال هناك من انكره وحاول تجديده وكان مستهجننا في بدايته إلى ان فرض وجوده .. والاغاني العصرية ذات الرتم السريع كانت مستهجنة في بدايتها ولكنها حصدت الجمهور الآن ..
- ما أريد قوله : نفس ما قاله احد الائمة حين انكر عليه بعضهم حديث من الأحاديث فقال له : حين لا تفهمون حديث من احاديثنا فلا تنكروه بل ردوه إلينا نحن اولى به ..
- الامور بالنسبة لي – ولك – ثلاثة : امر مقبول نأخذ به .. وأمر مردود نرفضه .. وامر لم يتضح لنا جلية الأمر فيه فعلينا ان نتريث في قبوله او رده ونفسح له المجال الى ان يستبين حاله ..
- فما لا تفهمينه انت – او أنا – له جمهوره وهناك من يستسيغه .. فعلينا أن نتريث في رده او قبوله .. وعلينا ان نلاحق كل ما هو جديد لنرى ما يعجب اصحابه فيه فلربما وجدنا لهم عذرا في ذلك .. وإلا فإذا رددنا كل ما هو جديد فإن قطار التطور الابدي سيسحقنا تحت قضبانه !!
• وستاتي تعليقتي على بقية النقاط ..
• أستاذتي الكبيرة لا حرمنا الله من مداخلاتك الثرية .. دمت بخير ..

حسن العطية
25-01-2010, 07:12 PM
((ليست غاية العمل الأدبي أن يعطينا حقائق عقلية ولا قضايا فلسفية ولا شيئا من هذا القبيل... ليس الأدب مكلفا أن يتحدث – مثلا – عن صراع الطبقات , ولا عن النهضات الصناعية , كما أنه ليس مكلفا أن يتحول إلى خطب وعظية , عن الفضيلة والرذيلة , ولا عن الكفاح السياسي والاجتماعي ... إلا أن يصبح أحد هذه الموضوعات تجربة شعورية خاصة للأديب , تنفعل بها نفسه من داخلها , فيعبر عنها تعبيرا موحيا مؤثرا )) ص 10

(( باعث العمل الأدبي هو الانفعال بمؤثر ما (التجربة الشعورية ) , ومناط الحكم عليه هو كمال تصويره لهذه التجربة , ونقلها إلينا نقلا موحيا يثير في نفوسنا انفعالا مستمدا من الانفعال الذي صاحبها في نفس قائلها )) ص 10
(( لا يفهم من هذا أن الأدب عدو للحقائق من أي لون كانت , إنما المهم أن تصبح هذه الحقائق شعورية , وأن تتجاوز المنطقة العقلية الباردة إلى المنطقة الشعورية الحارة )) ص 11
(( يبقى مجال للتفاضل بين القيم الشعورية – بعد تحقق صفة العمل الأدبي بالانفعال الشعوري والتعبير الموحي – حسب تفاوتها كبرا وصغرا كما سيأتي )) ص 11
(( على أن للأدب حقائقه الأصيلة العميقة . بل إن الأدب الصحيح لا يتجاوز منطقة الحقائق ولو شط به الخيال , وكل ما هناك هو تحديد معنى الحقائق ! ..
وقد يكون الأدب المثالي والأدب الأسطوري هما ابعد ألوان الأدب عن عالم الحقائق , كما يفهم الكثيرون , لأنهما بعيدان عن "الواقع" حسبما يظهر للنظرة العجلى . ولكن ما الواقع ؟ إن كان المقصود واقع جيل في فترة محدودة من الزمان والمكان , فهذان اللونان من الأدب بعيدان عن الحقيقة بلا جدال . أما إن كان المقصود هو واقع الإنسانية كلها في غير حدود ولا قيود , فهما مغرقان في الحقيقة , مغرقان في الواقع , بل هما واقعيان أكثر من الأدب الواقعي , الذي يصور حقائق فرد أو جيل من الزمان ! ... نحن نهش لصورة البطل المثالي أو الأسطوري لأنه يحقق لنا رغبات إنسانية تعوقنا عنها الضرورات والقيود الأرضية , ولأننا نحس في كياننا بذور هذا البطل لم تبلغ تمامها من النمو , بسبب هذه القيود والضرورات . فالبطل هو المثال الحقيقي لللإنسان كما يرتسم في ضمير الإنسانية أما الأفراد العائشون الواقعيون فهم نسخ لم تكمل لسبب خارج عن إرادتها ! وحين يقع أن تكمل صفة إنسانية مثالية في إنسان فرد , فإننا نحب هذا الفرد جدا . لماذا ؟ لأنه طابق بين حقيقته وحقيقة المثال الذي يعيش في خيالنا , والذي يرسمه الأدب المثالي لنا ... وهنا تسعفنا نظرية "المُثل" لأفلاطون حين يرى أن الأشياء الخارجية لا حقيقة لها . إنما هي صور لأفكار مكنونة هي "المُثل" وهذه المثل المكنونة هي الحقائق الشعورية التي هي مادة الأدب )) ص 11 , 12, 13
لا زال الحديث عن الحقيقة في الأدب
***
((وحقائق الحس والشعور الناشئة من ملاحظة العالم الخارجي الواقع .. لقد تبدو في ظاهرها بعيدة عن الحقيقة , لكنها على بعد معين تلتقي مع حقيقة أخرى أكبر وأعمق من هذه الحقيقة الظاهرية القريبة .
فابن الرومي مثلا حين يقول عن الأرض في الربيع :
تبرجت بعد حياء وخفر – تبرج الأنثى تصدت للذكر .
يبدو هذا القول خيالا شاعريا يخالف الحقيقة العلمية . فالأرض مادة جامدة والأنثى حية متحركة . ولكن الحقيقة الأعمق , أن الأرض في الربيع بكل ما فيها من الحياة والأحياء تستعد للإخصاب في جميع عوالمها : عوالم النبات والحيوان والإنسان . وتتهيأ بكل ما فيها من رصد لهذا الإخصاب , وتتبرج روحها لتلقيه , وتتفتح من الأعماق .
والبحتري حين يقول :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا – من الحسن حتى كاد أن يتكلما ...
فما الضحك ؟ أليس هو إطلاق طاقة فائضة بطريقة حسية ؟ وماذا يصنع الربيع إلا أن يطلق طاقة حيوية فائضة في الأرض وأبنائها الأحياء ! )) ص 13 , 14
تعليق :
أفهم من حديث المؤلف – رحمه الله تعالى – عن الحقيقة أن مناط الحقيقة عنده على الإقناع .. فمتى ما أقنعك القائل بأمر ما فهو حقيقة .. فيدخل في الحقيقة عنده من القرآن الكريم أمثال : يوم تحدث الأرض أخبارها– تكاد تميز من الغيظ وهي تفور – طلعها كأنه رؤوس الشياطين – وأمثاله وهو في القرآن والحديث كثير يفوق حد الحصر .. وكذا في الحديث .. أما ما لا يدخل في الحقيقة فتلك التشبيهات الباردة المعتمدة على الظاهر فقط كتشبيه الهلال بالزورق .. والسماء بالبساط الأزرق وكالعشق المعتمد على المفاتن الظاهرية للمرأة .. أو كاختراع جبل من عقيق وأعلام من زبرجد .. أو كالأشكال الهندسية التي يخرج بها الفنانون من تلاعبهم بالأشكال التي تخلو من الحياة ..
فإذا صدق فهمي فبالإمكان أن يقال : لكل إنسان حقيقته وخياله .. فما عند أحد بأنه مجرد خيال كتلك التشبيهات التي يراها البعض تشبيهات حسية باردة .. مثل هذه التشبيهات - عند أصحابها الغارقين في الملاذ الحسية - حقيقة .. ويبقى بعد ذلك - للتفاضل بين هذه الحقائق والخيالات - الحكم للمتلقي , وأنا أظن أن أغلب المتلقيين سيصفون في الجانب المقابل للمؤلف ..لأن أكثر الناس غارقون في هذه الحسيات .. وربما يكون هذا السبب فعلا في انتشار ورواج مثل هذه التشبيهات التي وصفها البعض بالبرود ..

حسن العطية
26-01-2010, 04:40 PM
التجارب الشعورية تعم كل فنون الأدب ***
((التجارب الشعورية إذن هي مادة التعبير الأدبي .. وقد يبدو هذا في الشعر – والغنائي منه بصفة خاصة – ولكنه في الحقيقة في سائر فنون الأدب . فالأديب لا يملك – في القصة والتمثيلية مثلا – أن يعبر عنهما تعبيرا موحيا يثير انفعالنا ما لم يستحضر هو نفسه التجارب الشعورية لأبطالهما وحوادثهما وجوِّهما , وينفعل بهما انفعالا معينا . والترجمة الشخصية ليست عملا موضوعيا كوصف تجربة علمية , فلابدَّ للمؤلف من إحياء هذه الشخصية لتصبح عملا أدبيا , وإحياء الشخصية معناه الانفعال بوجودها وبتصورها . وكذلك التاريخ يصبح عملا أدبيا إذا انفعل المؤرخ بالحوادث وصورها حية ممتزجة بالأحياء الذين اشتركوا فيها , كما لو كان يكتب قصة كائن حي لا قصة حادثة .
كل ما هنالك إن درجة الانفعال تختلف في فنون الأدب المختلفة , فهي في الشعر أعلى منها في سائر الفنون الأدبية . وفي القصة والترجمة والمقالة تتفاوت , وقد تصل إلى درجة الشعر في بعض المواقف )) ص 14 , 15
تعليق :
كلام المؤلف – رحمه الله تعالى – عن التفاوت بين الشعر وبقية الفنون الأدبية , وكونه أعلى انفعالا منها , هذا الكلام يشبه تماما قولنا – مثلا - : الرجل أقوى من المرأة , أو الذهب أغلى من الفضة , فالمقصود من مثل هذه العبائر : هو أن نوع الرجل أقوى من نوع المرأة , لا أن كل رجل أقوى من كل امرأة .. نوع الذهب أغلى من نوع الفضة , لا أن كل قطعة ذهب , هي أغلى من كل قطعة فضة .. فكذا ما نحن فيه : فجنس الشعر أعلى انفعالا من بقية أنواع الأدب , لا أن كل شعر أعلى انفعالا من أي نوع من أنوع الأدب الأخرى .. ولهذا ترى بعض القصص أو المقالات أو الخواطر تأثـِّر بك أكثر من كثير من أنواع الشعر .. ولهذا السبب – أيضا – كان الشعراء الحقيقيون قلـَّة من بين جمهرة الشعراء المبهرجين .. وعليه حين يدور الأمر بين أن أكتب خاطرة مؤثرة , و أن أكتب شعرا أقل تأثيرا أو غير مؤثر أصلا , فالاختيار سيقع على الخاطرة الأكثر تأثيرا , حتى إذا كانت هذه الخاطرة عاميـَّة مكسرة , ولن يشفع للشعر , كونه موزونا مقفى فصيحا ..

حسن العطية
26-01-2010, 08:04 PM
ثم طالما وعينا أن للأدب تأثيره العميق على الناس
ما الضير في تنويع المطروح فيه حتى لو كان فلسفيا أو علميا؟؟
ولنخرجه من دائرته المغلقة التي يحيط نفسه بها
- هذه هي النقطة الثانية التي اثرتها أستاذتي الكبيرة الزهراء ..
- وهي تتعلق بحدود دائرة الأدب .. لتشمل كل مناحي الحياة ولا تقتصر على الأدب الخاص فقط !!
- وسيأتي من المؤلف – عليه الرحمة – توسيعه للأدب ليشمل بعض الكتابات الفلسفية والعلمية وغيرها حين تشارك الأدب في خطابها للقلب ..
- أما وجهة نظري الخاصة بي والتي لا اعلم هل هي وجهة نظر خاصة فعلا او هي ما يقول به الكثيرون .. وهي :
- في نظري الأدب هو كل ما يخاطب القلب .. أو فلنقل : الأدب كل كل ما يستطيع أن يحل عقال العقل ويحرره وينتقل به إلى حيث أراد ..
- تماما مثل التنويم المغناطيسي .. فحين نريد أن ننيم شخصا تنويما مغناطيسيا فإننا نعمد على أن نحرر شعوره من عقاله العقلي ويمسك المنوم بالعقال في يديه ليقوده به حيث شاء .. والأدب هكذا تماما .. حين يحل الأديب عقال شخص ما .. ويقوده إلى حيث يشاء فذاك هو الأديب حقا !!
- القلب أعلى منزلة من العقل .. والعقل هو الذي يتحكم بجميع حواس الإنسان ويعقلها ويبقيها تحت سيطرته .. وحين ينجح الأديب في حل هذا العقال عن الحواس ويقلب العقل حيث يشاء .. ينتقل العقل من خانة العقل الحاكم إلى خانة القلب المتقلب المحكوم ..
- القلب والعقل كلاهما لشيء واحد إلا أنه يسمى عقلا حين يمسك بزمام الحواس .. وحين ينحل هذا العقال ويسمك به شخص آخر يقلبه حيث يشاء يسمى قلبا !!
- فمن يستطيع الإمساك بزمام العقل وتصريفه أنى يشاء فذاك هو الأدب ..
- وعليه .. يمكن أن يكون نص ما داخلا في الادب تارة وهو نفسه خارجا منه تارة أخرى .. كيف ؟
- مثلا : قطعة شعرية رائعة لأحمد شوقي .. حين يقرؤها العارف يهتز بها وتصل إلى شغاف قلبه .. لكن حين يلقي تلك القطة ذاتها شخص سيئ الإلقاء – كاحمد شوقي ذاته – لا تحرك مشاعر احد حينها تخرج تلك القطعة عن الادب ..
- وكذا الأمر في الشعر العامي .. حين يقرؤه من لا يحسن قراءته لا يحركه ولا يهزه فلا يعتبر من الأدب في شي .. وحين يسمعه ممن يحسن إلقاءه فهو داخل في صميم الأدب !!
- وهذا مشابه تماما لبقية الفنون الجميلة .. فأنا مثلا حين أشاهد لوحة فنية ما وانا لا احسن قراءتها فهي بالنسبة لي ليست من الفنون الجميلة في شيء .. لكن حين يرى ذات اللوحة من يحسن قراءتها فهي في صميم الفنون الجميلة !!
- فإذا كان الشعر نفسه يمكن ان يكون ادبا حينا وغير أدب حينا آخر .. فالفلسفة والقضايا العلمية أيضا يمكن أن تدخل في دائرة الأدب حينا وتخرج منه حينا آخر ..
• أرجو أن أكون أوصلت ما أريد قوله بوضوح ..
• وأكرر شكري لك استاذتي الكبيرة زهراء القدس ..

زهراء المقدسية
27-01-2010, 12:46 PM
الامور بالنسبة لي – ولك – ثلاثة : امر مقبول نأخذ به .. وأمر مردود نرفضه .. وامر لم يتضح لنا جلية الأمر فيه فعلينا ان نتريث في قبوله او رده ونفسح له المجال الى ان يستبين حاله ..
- فما لا تفهمينه انت – او أنا – له جمهوره وهناك من يستسيغه .. فعلينا أن نتريث في رده او قبوله .. وعلينا ان نلاحق كل ما هو جديد لنرى ما يعجب اصحابه فيه فلربما وجدنا لهم عذرا في ذلك .. وإلا فإذا رددنا كل ما هو جديد فإن قطار التطور الابدي سيسحقنا تحت قضبانه !!
أستاذ حسن العطية
بعد التحية المسائية دعني أحييك تحية تليق بعمق فهمك وفكرك الجميل
ما قلته هنا هو درر الكلام وأحمق وجاهل من يعترض عليه

لا كمال لبشر وكلنا نتعلم وهناك كثيرون من هم أوعى منا وأقدر
وعن نفسي أعتبر أنني دخيلة على مجالكم الأدبي طرقته بعد أن وجدت فيه ملاذا
آخر من السياسة المجنونة التي أرهقتني معها


وبالتالي كما قلت لك سابقا أنا هنا تلميذة أتتلمذ على أيديكم جميعا

ولكن ما قلته في مداخلتي جاء لأني أعلم أن هناك كتابا وأدباء
ومنهم أعلمهم معرفة شخصية ووجهت نقدي لهم فعلا يتفنون في انتقاءاتهم
لأصعب المفردات,وكأن تمايز النص أصبح بكم المفردات المبهمة
مما يضطرهم لوضع فهرس بالكلمات الصعبة.

فشكرا لك ودام بحر عطائك

ودمت بكل الخير

زهراء المقدسية
27-01-2010, 01:09 PM
ثم طالما وعينا أن للأدب تأثيره العميق على الناس
ما الضير في تنويع المطروح فيه حتى لو كان فلسفيا أو علميا؟؟
ولنخرجه من دائرته المغلقة التي يحيط نفسه بها
- هذه هي النقطة الثانية التي اثرتها أستاذتي الكبيرة الزهراء ..
- وهي تتعلق بحدود دائرة الأدب .. لتشمل كل مناحي الحياة ولا تقتصر على الأدب الخاص فقط !!
- وسيأتي من المؤلف – عليه الرحمة – توسيعه للأدب ليشمل بعض الكتابات الفلسفية والعلمية وغيرها حين تشارك الأدب في خطابها للقلب ..
- أما وجهة نظري الخاصة بي والتي لا اعلم هل هي وجهة نظر خاصة فعلا او هي ما يقول به الكثيرون .. وهي :
- في نظري الأدب هو كل ما يخاطب القلب .. أو فلنقل : الأدب كل كل ما يستطيع أن يحل عقال العقل ويحرره وينتقل به إلى حيث أراد ..
- تماما مثل التنويم المغناطيسي .. فحين نريد أن ننيم شخصا تنويما مغناطيسيا فإننا نعمد على أن نحرر شعوره من عقاله العقلي ويمسك المنوم بالعقال في يديه ليقوده به حيث شاء .. والأدب هكذا تماما .. حين يحل الأديب عقال شخص ما .. ويقوده إلى حيث يشاء فذاك هو الأديب حقا !!
- القلب أعلى منزلة من العقل .. والعقل هو الذي يتحكم بجميع حواس الإنسان ويعقلها ويبقيها تحت سيطرته .. وحين ينجح الأديب في حل هذا العقال عن الحواس ويقلب العقل حيث يشاء .. ينتقل العقل من خانة العقل الحاكم إلى خانة القلب المتقلب المحكوم ..
- القلب والعقل كلاهما لشيء واحد إلا أنه يسمى عقلا حين يمسك بزمام الحواس .. وحين ينحل هذا العقال ويسمك به شخص آخر يقلبه حيث يشاء يسمى قلبا !!
- فمن يستطيع الإمساك بزمام العقل وتصريفه أنى يشاء فذاك هو الأدب ..
- وعليه .. يمكن أن يكون نص ما داخلا في الادب تارة وهو نفسه خارجا منه تارة أخرى .. كيف ؟
- مثلا : قطعة شعرية رائعة لأحمد شوقي .. حين يقرؤها العارف يهتز بها وتصل إلى شغاف قلبه .. لكن حين يلقي تلك القطة ذاتها شخص سيئ الإلقاء – كاحمد شوقي ذاته – لا تحرك مشاعر احد حينها تخرج تلك القطعة عن الادب ..
- وكذا الأمر في الشعر العامي .. حين يقرؤه من لا يحسن قراءته لا يحركه ولا يهزه فلا يعتبر من الأدب في شي .. وحين يسمعه ممن يحسن إلقاءه فهو داخل في صميم الأدب !!
- وهذا مشابه تماما لبقية الفنون الجميلة .. فأنا مثلا حين أشاهد لوحة فنية ما وانا لا احسن قراءتها فهي بالنسبة لي ليست من الفنون الجميلة في شيء .. لكن حين يرى ذات اللوحة من يحسن قراءتها فهي في صميم الفنون الجميلة !!
- فإذا كان الشعر نفسه يمكن ان يكون ادبا حينا وغير أدب حينا آخر .. فالفلسفة والقضايا العلمية أيضا يمكن أن تدخل في دائرة الأدب حينا وتخرج منه حينا آخر ..
• أرجو أن أكون أوصلت ما أريد قوله بوضوح ..
• وأكرر شكري لك استاذتي الكبيرة زهراء القدس ..
أفهم إذا أنه لا حدود للأدب المهم أن يكون نتاج تجربة شعورية
يجيد الأديب التعبير عنها بطريقة توصلها جيدا للقارئ
إذا لا ضير لو كان عن الحقائق العلمية والأخلاق وغيرها من المجالات

وأما عن الأدب ودور القلب والعقل فيه
أستطيع التلخيص
أن أجمل الأدب ما يخاطب القلب ويقره العقل

شكرا جزيلا أستاذي حسن العطية
وبوركت جهودك

(طلب :حبذا لو شطبت كلمة أستاذتي عند مخاطبتي
فأنا أمام شخصكم الكريم لا أستحقها)


وتحية تليق بكhttp://www.ynbu3.com/vb/images/smilies/hi.gif

حسن العطية
27-01-2010, 03:44 PM
(طلب :حبذا لو شطبت كلمة أستاذتي عند مخاطبتي
فأنا أمام شخصكم الكريم لا أستحقها)
آسف ما اقدر :020:

حسن العطية
27-01-2010, 03:54 PM
هل يستحق الأدب كل هذه الأهمية ؟!
***
((إذا كانت غاية العمل الأدبي هي مجرد التعبير عن تجربة شعورية تعبيرا موحيا مثيرا للانفعال في نفوس الآخرين , فهل تراه يستحق من الإنسانية أن تشغل به نفسها فترات من هذه الحياة المعدودة الأيام ؟
والجواب : أن أنعم , فليس بالقليل أن يضيف الفرد الفاني المحدود الآفاق إلى حياته صورا من الكون والحياة , كما تبدو في نفس إنسان ملهم ممتاز هو الأديب . وكل تجربة شعورية يصورها أديب تصبح ملكا لكل قارئ مستعد للانفعال بها , فإذا انفعل بها فقد أصبحت ملكه , وأضاف بها إلى رصيده من المشاعر صورة جديدة ممتازة . ولحسن الحظ الإنسانية التي لا تملك من العالم المادي المحسوس إلا حيزا ضئيلا محدودا أن في استطاعتها أن تملك من العوالم الشعورية آمادا وأنماطا لا عداد لها . وكلما ولد أديب عظيم , ولد معه كون عظيم , لأنه سيترك للإنسانية في أدبه نموذجا من الكون لم يسبق أن رآه إنسان . وكل لحظة يمضيها القارئ المتذوق مع أديب عظيم , هي رحلة في عالم , تطول أو تقصر , ولكنها رحلة في كوكب متفرد الخصائص , متميز السمات . )) ص 15
تعليق :
طبعا , قال : ((وكلما ولد أديب عظيم , ولد معه كون عظيم)) لأن الحديث عن الأدب , وإلا فحق العبارة أن تكون : كلما ولد إنسان عظيم ولد معه كون عظيم , أعم من أن يكون أديبا أو عالما أيا كان اختصاصه .. بل وأكثر من ذلك .. حق العبارة أن تكون : في كل شيء عظيم كون عظيم .. حتى مثل النملة والبعوضة والذبابة .. فكل هذه أكوان وعوالم عظيمة لكن أين المتدبر ؟؟!!

حسن العطية
28-01-2010, 07:57 PM
بعض عوالم الأدباء العالميين
عالم طاغور
***
(( تعال نصاحب "طاغور" فترة من الوقت في عالمه الراضي السمح , فإن عنده دائما ما يعيطه , ولن نعود صفر اليدين بعد رحلة مع هذا الروح المانح الوهاب :
حظي لم يسلبني كل شيء !
***
((اليوم لم يختم بعد . والسوق التي على شاطئ النهر لا تزال .
لقد خفت أن يكون يومي قد تبدد , وآخر دراهمي قد ضاع
ولكن .لا. يا أخي . إني ما زلت أملك شيئا لأن حظي لم يسلبني كل شيء .
***
الآن انتهى البيع والشراء
لقد جمعت حصيلتي من الطرفين
والآن حان وقت عودتي إلى البيت
ولكن , أيها الحارس ,أ فتطلب ضريبة ؟
لا تخف يا اخي . لني ما زلت أملك شيئا . لأن حظي لم يسلبني كل شيء .
***
إن سكون الريح ينذر بالعاصفة
وإن السحب المتجهمة في الغرب لا تبشر بخير
والماء ساكن ينتظر الريح
أما أنا فأهرول لأعبر النهر قبل ان يدركني الليل
ولكن , يا صاحب المعبر , أفتريد أن تطلب أجرك ؟
"أجل" يا أخي إني ما زلت أملك شيئا . لأن حظي لم يسلبني كل شيء .
***
وفي ظلال الشجرة على جانب الطريق , تربع الشحاذ
وا اسفاه , إنه يحدق في وجهي , وف عينيه رجاء وحياء !
إنني في ظنه , غني ربما ربحت في يومي
أجل يا أخي إني ما زلت أملك شيئا , لأن حظي لم يسلبني كل شيء .
***
لقد اشتد ظلام الليل , وأقفر الطريق , وتألق الحباحب بين أوراق الشجر
من عساك تكون يا من تتبعني في خطوات متلصصة سامتة ؟
آه , لقد عرفت , إنك تريد أن تسرق مني كل أرباحي
لن أخيب ظنك !
لأني ما زلت أملك شيئا , لأن حظي لم يسلبني كل شيء !
***
وصلت المنزل عند منتصف الليل بيدين فارغتين
وأنت لدى الباب تنتظرين في يقظة وصمت , وفي عينيك الرغبة
وكعصفورة وجلة طرت إلى صدري , يدفعك حب تواق
آه يا إلهي . إن شيئا كثيرا ما يزال باقيا معي , لأن حظي لم يخدعني , ولم يسلبني كل شيء)) .
***
أترى أنها رحلة إلى السوق , أم أنها رحلة في حياة ؟ وأي رضا واطمئنان , وأية ثقة تلك التي تستشعرك في هذه الرحلة مع "طاغور" ؟ .. الحياة والحياة تأخذ , ولكن هناك في النهاية ثروة لا تنفذ . ثروة القلب والشعور . وتلك السماحة الراضية حتى مع السارق المتلصص الذي يريد أن يسرق أرباح اليوم كله "لن أخيب ظنك" وذلك الحب العميق الشفيف الرفاف : " وأنت لدى الباب تنتظرين في يقظة وصمت , وفي عينيك الرغبة
وكعصفورة وجلة طرت إلى صدري , يدفعك حب تواق " وقد سرقت حصيلة اليوم كله لئلا يخيب ظن السارق ! ولكن " إن شيئا كثيرا ما يزال باقيا معي " إنه هنا في ذلك القلب الكبير .
إن لحظات مع هذا "الإنسان" في هذا العالم الراضي كالفردوس , الناعم كالأحلام , لهي عمر جديد , وكون جديد . )) ص15 – 17
تعليق :
نسمع كثيرا عن غنى النفس .. من أراد أن يعرفه فهو ما كان يملكه طاغور .

أماني عواد
28-01-2010, 11:55 PM
السيد حسن العطية


التجربة الشعورية هي العنصر الذي يدفع إلى التعبير

اعجبني جدا ربط العمل الادبي بالتجربة الشعورية التي تدفع الكاتب نحو تعبير يليق بها
فبرأيي ان نسبة نجاح العمل الادبي تتناسب طرديا مع مدى تاثير التجربة الشعورية في الكاتب
لذا نرى ان للكاتب نفسه اعمال متفاونة في جمالها اعتقد ان مرد ذلك هو عمق اثر تجربته الشعورية الدافعة للتعبير

رائع انت سيدي

حسن العطية
29-01-2010, 03:34 PM
اعجبني جدا ربط العمل الادبي بالتجربة الشعورية التي تدفع الكاتب نحو تعبير يليق بها
فبرأيي ان نسبة نجاح العمل الادبي تتناسب طرديا مع مدى تاثير التجربة الشعورية في الكاتب
لذا نرى ان للكاتب نفسه اعمال متفاونة في جمالها اعتقد ان مرد ذلك هو عمق اثر تجربته الشعورية الدافعة للتعبير

رائع انت سيدي

- بل صرتُ رائعا بعد تشريفك لي أستاذة أماني !!
- أما عن التجربة الشعورية فأظن أنا لي معها وقفة عند حديث المؤلف عن الصدق الفني ستأتي تقريبا ..

حسن العطية
29-01-2010, 03:39 PM
عالم " الخيَّام "
***
(( من هذا الرضا السمح الواهب المستبشر الوديع , تعال نخط ُإلى عالم آخر ,عالم يائس حائر , يحس أنه معجل عن الحياة و الوجود , إلى الموت و الفناء , و لا تتراءى له شعاعة من نور يكشف بها ظلمات الغيب و القضاء , فينغمس في غيبوبة التراب يستجيب لها لينسى حيرته في الظلام , بعد ما أعياه دق أبواب الغيب , و تلمس بصيص من ضياء . إنه عالم الخيَّام:
(( سمعت صوتا هاتفا في السحر * نادى من الحان : غفات البشر
هبوا املئوا كاس الطلى قبل أن * تفعم كأس العمر كف القدر
أحس في نفسي دبيب الفناء * و لم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتاه قد حان حيني و لم * يتح لفكري حل لغز القضاء
أفق و صب الخمر أنعم بها * واكشف خبايا النفس من حجبها
و روِّ أوصالي بها قبلما * يصاغ دن الخمر من تربها
تروح أيامي و لا تغتدى * كما تهب الريح في الفدفد
و ما طويت النفس هما على * يومين : أمس المنقضي و الغد
غد بظهر الغيب و اليوم لي * و كم يغيب الظن في المقبل
و لست بالغافل حتى أرى * جمال دنياي و لا أجتلي
سمعت في حلمي صوت أصاب * ما فتق النوم كمام الشباب
أفق فإن النوم صنو الردى * واشرب فمثواك فراش التراب
سأنتحي الموت حثيث الورد * و ينمحي أسمي من سجل الوجود
هات اسقينها يا منى خاطري * فغابة الأيام طول الهجود ))
***
هذه رحلة أخرى في عالم آخر : رحلة مضنية و لا شك , و لكنها لذيذة , لذة الألم , ذلك الزاد الإلهي الذي تقتاته الأرواح . و كم خالجنا فيها من شاعر : مشاعر الأسى و الكآبة و العطف على ذلك الروح المعذب الحائر الذي يفني نفسه في طلب النور . )) ص 17
تعليق :
كما لاحظتم وتلاحظون وستلاحظون , من العوالم التي يعرضها المؤلف , أن ليس المهم أن أتفق مع قائلها أو أختلف , بل المهم هو صدقها , وليس المقصود من الصدق صدق الواقع , بل صدقها الفني - الذي ستعرفه لاحقا - ودليل الصدق الفني هو تأثرك بما تقرأ ..

زهراء المقدسية
29-01-2010, 04:15 PM
جميل ما أوردته عن طاغور الأديب العالمي

في كلماته الحكمة والعبرة لمن أراد أن يعتبر

تعجبني مقولته:

شكراً للأشواك علمتـني الكثير

تحية مسائية تليق بك أستاذنا حسن

ومعكم ما زلنا نتابع

تحياتي

أماني عواد
29-01-2010, 10:55 PM
السيد حسن العطية


ليست غاية العمل الأدبي أن يعطينا حقائق عقلية ولا قضايا فلسفية ولا شيئا من هذا القبيل ..


احيانا تلعب الفلسفة دورا في ربط بعض الحقائق العلمية والاحداث الكونية بذلك الموضوع الذي خلق الحالة الشعورية لدى الكاتب بصورة رائعة لا اعتقدها خارج نطاق العمل الادبي لذا قد يحنوي العمل الادبي حقائقا علمية وفلسفة وايضا فكر لكن بالطبع لا يقصد منه التعرف على تلك الحقائق بل هو يعتمد في فهم نصه على معرقةالقارئ المسبقة لها
وهناك امر هام جدا ان النص الادبي الذي يحوي حقائق علمية او معلومات تاريخية مثلا او بشير لقضية فلسفية اكثر قدرة على ايصال تلك المعلومات الموجودة النصوص العلمية البحتة
اذكر من امثلتها الاناشيد في الكتب المدرسية, قصائد شعر المديح /الهجاء/الرثاء في العصور الماضية التي تقدم لنا بطرق غير مباشرة معلومات تاريخية وغيرها الكثير

حسن العطية
30-01-2010, 02:22 PM
تحية مسائية تليق بك أستاذنا حسن

ومعكم ما زلنا نتابع

تحياتي

- ولك مني من التحايا أعطرها ..
- دمت بعين الله أستاذتي زهراء القدس ..

حسن العطية
30-01-2010, 02:26 PM
السيد حسن العطية
اقتباس:




ليست غاية العمل الأدبي أن يعطينا حقائق عقلية ولا قضايا فلسفية ولا شيئا من هذا القبيل ..




احيانا تلعب الفلسفة دورا في ربط بعض الحقائق العلمية والاحداث الكونية بذلك الموضوع الذي خلق الحالة الشعورية لدى الكاتب بصورة رائعة لا اعتقدها خارج نطاق العمل الادبي لذا قد يحنوي العمل الادبي حقائقا علمية وفلسفة وايضا فكر لكن بالطبع لا يقصد منه التعرف على تلك الحقائق بل هو يعتمد في فهم نصه على معرقةالقارئ المسبقة لها
وهناك امر هام جدا ان النص الادبي الذي يحوي حقائق علمية او معلومات تاريخية مثلا او بشير لقضية فلسفية اكثر قدرة على ايصال تلك المعلومات الموجودة النصوص العلمية البحتة
اذكر من امثلتها الاناشيد في الكتب المدرسية, قصائد شعر المديح /الهجاء/الرثاء في العصور الماضية التي تقدم لنا بطرق غير مباشرة معلومات تاريخية وغيرها الكثير

- ما شاء الله عليك لارائعة القديرة أماني ..
- فعلا اشرت الى امرين مهمين للغاية بمنتهى اللطف والسهولة .. فأتيت بالأمر ودليلة في آن ..
- دمت نهر عطاء يروينا بمعينه العذب ..

حسن العطية
30-01-2010, 02:30 PM
عالم ((توماس ها ردي))
***
(( و الآن فإلي عالم ثالث , عالم يائس من الخير في الدنيا ساحر بخداع العواطف و المشاعر ,
يتصور النظم الكونية تطار بعنف أبناء الغناء الضعاف , لكنه ساكت لا يبدي الجزع و لا يثور .. إنه توماس ها ردي :
الوفاء كذب وهراء
***
(( آه أخالك تحفر عند قبري يا حبيبي , نغرس في حوافيه أشجار السذاب .
كلا حبيبك ذهب البارح ليخطب كريمة من أجمل كرئم الثراء و هو يقول في نفسه ماذا عليه من ضير أن أنقض لها عهدي في الحياة ؟!
إذن من ذلك الذي يحفر في ناحية القبر أقاربي الأعزاء؟
لا بنية ! إنهم يجلسون هناك و يقولون ماذا يجدي ؟ أي نفع لهذه الأشجار و الأزهار , إن روحها لن يفلت من براثن القضاء خلال ذالك التراب المركوم !
ولكني أسمع حافراً يحفر هناك فمن ذا عسى إن يكون ! أهو عدوتي اللئيمة الرعناء !
لا , إنها حين علمت أنك عبرت الباب الذي لا مفر منه , ضنت عليك بالعداوة و لم تجدك أهل للكره و البغضاء فما تبالي اليوم في أي مرقد ترقدين !
أذن من يكون ذالك الحافر على قبري ؟ فلقد أعياني الظن , و أقررت بالإعياء !
أوه , إنه أنا يا سيدتي الودود ! أنا كلبك الصغير أعيش بقبرك و أرجو ألا يزعجك ذهابي و مآبي في هذا الجوار !
آه نعم أنت الذي تحفر على قبري . عجب كيف غفلت عنك , و نسيت أن قلبا واحدا وافيا قد تركته بين تلك القلوب الخواء ! و أي عاطفة لعمرك في قلوب الناس تعدل عاطفة الولاء في فوائد الكلب الأمين ؟
سيدتي إنني أحفر عند قبرك لأدفن عظمة أعود إليها ساعة الجوع في هذه الطريق , فلا تعتبي عليَّ على إزعاجك فقد نسيت أنك في ذلك المكان تنامين نومك الأخير !!! ))
إنه عالم قانط يائس . لا بصيص فيه من أمل أو عزاء . حتى العواطف و المشاعر التي قد تعزي عن كثير من قسوة الحياة , لا يراها إلا عبثاً و سخرية . لا حقيقة لها و لا وجود . و لكنه عالم . عالم كبير وفريد . )) ص 18 - 19

حسن العطية
31-01-2010, 03:35 PM
عوالم الأدباء موجودة في الشعر وفي غيره
***
(( و قد اضطررت أن أجعل أمثلتي هنا من الشعر . لأن الاقتباس من الشعر ممكن , لا لأنه وحده الدليل على أن الأدب يفتح للإنسانية عوالم جديدة من الشعور . ففي التمثيلية و الأقصوصة و القصة و تراجم الشخصيات ...الخ تجد هذه العوالم . و لكنهه تفقد قيمتها بالتلخيص و الاختصار .
و ما دمنا قادرين على أن نعيش تجارب هؤلاء الأدباء ـــــ مرة أخرى ـــــ و ننفعل بها كما انفعل بها أصحابها , فإن هذا رصيد يضاف إلى أعمارنا , و زاد يضاف إلى أوزادنا في الرحلة القصير المحدود على هذا الكوكب الأرضي الصغير ! )) ص 20
((

حسن العطية
01-02-2010, 02:47 PM
((القيم الشعرية و القيم التعبيرية
في النقد الأدبي
العمل الأدبي وحدة مؤلفة من الشعور و التعبير . و هي وحدة ذات مرحلتين متعاقبتين في الوجود بالقياس الشعوري , و لكنهما بالقياس الأدبي متـَّحدتان في ظرف الوجود . ذلك أن التجربة الشعورية في العالم الشعوري مرحلة تسبق في نفس صاحبها , ثم يليها التعبير عنها في صور لفظية . أما في العالم الأدبي فلا وجود لهذه التجربة قبل أن يعبر عنها في هذه الصور اللفظية . و إنها لتبقي مضمرة في النفس , ملكا خاصا لصاحبها , فلا تعد عملاً أدبياً له و جود خارج إلا حين تأخذ صورتها اللفظية . و حين يدركها الآخرون فإنما يدركونها من خلال التعبير اللفظي الذي وردت فيه , و لا يملكون لها صورا أخرى إلا إذا صورت في تعبير لفظي آخر , و في هذه الحالة لا تكون بعينها في هذه كما صورها التعبير الأول ــ على الأقل بالقياس إلى القراء ـــ فما يستطيع تعبيران مختلفان أدنى اختلاف , أن يرسما صورة واحدة لتجربة شعورية معينة . و من هنا نجد أن هناك صعوبة مادية في تقسيم العمل الأدبي إلى عناصر : لفظ و معنى . أو شعور و تعبير . فالقيم الشعورية و القيم التعبيرية كلتاهما وحدة لا انفصام لها في العمل الأدبي , و ليست الصورة التعبيرية إلا ثمرة انفعال للتجربة الشعورية , و ليست القيم الشعورية إلا ما استطاعت الألفاظ أن تصوره , و أن تنقله إلى مشاعر الآخرين و لكننا على الرغم من هذه الحقيقة الواقعة مضطرون أن نتحدث عن هذه القيم كأنها منفصلة , كيما نستطيع أن نضع قواعد عملية للنقد الأدبي , تقربنا من الصواب و الدقة في إصدار أحكام أدبية معللة !
و هذا العمل لن يكون مأموناً إلى إذ ظللنا على الدوام , و في كل خطوة , نتذكر أن العمل الأدبي وحدة , و أن لا سبيل لنا إلى تقدير القيم الشعورية إلا من خلال القيمة التعبيرية . )) ص 21
(( و لقد كان من حق القيمة التعبيرية ان تتقدم في الحديث , لأنها وسيلتنا إلى القيم الشعورية . و لكن القيم الشعورية هي المقصودة أولاً و أخيراً , و هي التي أسلفنا انه تستحق من الإنسانية تمضية فترات في تمليها من عمرها المحدود على هذه الأرض , لأنه تضيف زاداً جديداً إلى رصيدها المحدود من الحياة .. لهذا كله لا نرى بأساً في البدء في الحديث عنها , على أن يكون مفهوماً أن كل قيم شعورية نعرض لها إنما ندرسها في النص التعبيري الذي وردت فيه , و كما تطهر من خلال النص المعروض )) ص 21

حسن العطية
02-02-2010, 03:13 PM
فلسفة الحياة


***


((القيم الشعورية

يجزم المشتغلون في تحقيق الشخصية بأنه لا يوجد اثنان على ظهر الأرض تماثل بصمات أصابعهما . و كذلك نستطيع نحن أن نجزم بأنه لا يوجد اثنان على ظهر الأرض تتماثل مشاعرهما . كل إنسان هو نسخة فريدة لم يطبع مثلها نظير , حتى التوائم الذين تتشابه ملامحهم ــ تتشابه , لكنه لا تتماثل قط , كذالك نفوسهم , بل لا بد أن تكون شقة الخلاف هنا أوسع , لأن كل انحراف صغير في جزئيات صغيرة من جزئيات التكوين و البيئة و الملابسات , تنتهي إلى انحراف كبير غي النهاية .
و هذه النظرية تبدي لن الكون أوسع كثيراً من حدوده المادية . فهذه الأعداد التي لأحصر لها من الأناسي من فجر الحياة إلى مغربها , أكبر كثيراً مما تدل عليه أرقامها , لأن كل فرد فيها قد تصور الكون صورة خاص على نحو الأنحاء , فغدا للكون نسخ متغايرة بعداد هؤلاء الأفراد .
و تصور الناس على هذا النحو يوحي لنا بعظمة الحياة , أكثر مما يوحي إلينا أي تصور آخر .
و لكن ما الذي يعنينا من هذا كله في النقد الأدبي ؟ أنه يعنينا لأن الأديب فرد ممتاز . وإذ نحن تطلعنا لن نر نسخ الكون العادية في شعور الأفراد العاديين , فكم يشقونا أن نطلع على النسخ الممتازة عن الكون و الحياة في نفوس الأدباء و أن نقضي لحظات و نقوم برحلات في هذه الأكوان العجيبة , و نر فيها من المشاهد قدر ما نقضيه من اللحظات والرحلات )) ص 22
تعليق :
•كما ترون بأن هذه النظرة العميقة من المؤلف – عليه الرحمة – إنما هي فلسفة من فلسفات الوجود .. وأحببت أن أشقق الأمر قليلا لا أن انحرف عنه .. إذا كان غير المؤلف يعتقد بن لا وجود لبصمتين متشابهتين .. والمؤلف يعتقد بلا وجود لاثنين تتماثل مشاعرهما .. إذا كان ذلك كذلك – وهو كذلك بلا ريب – فإن هناك من يعتقد بعدم وجود خليتين من أي عالم من العوالم متطابقتين من كل جهة .. يستحيل أن يقع أحد على ذرتين وخليتين متطابقتين تمام التطابق .. هذا أمر ..
•و الأمر الآخر : هو – رحمه الله يقول – بأن كل فرد قد تصور الكون صورة خاصة .. لكن هناك من يرى الأمر أسهل لكنه أعظم .. لأنه يرى أن كل ذرة وخلية من ذرات وخلايا هذا الكون هي مرآة تعكس الحقيقة حسب صفائها .. ومن يدقق في الأمر لعله يرى أن لا وجود إلا لحقيقة واحدة ومرايا متعددة .. والله أعلم بالصواب ..

أماني عواد
02-02-2010, 10:12 PM
السيد حسن العطية


فالبطل هو المثال الحقيقي لللإنسان كما يرتسم في ضمير الإنسانية أما الأفراد العائشون الواقعيون فهم نسخ لم تكمل لسبب خارج عن إرادتها !
راق لي جدا هذا التفسير الرائع
لكني اشعر بعدم وضوح جلي امامي بين الحقيقة والخيال
هل يريد الكاتب ان يلغي جانب الخيال في الادب ويعزيه لحقائق مثالية داخليه لم تطابق والواقع؟
لكن ما الخيال بنظر كاتبنا ؟
هذا ما اتوق جدا لمعرفته
استمتعت جدا بالقراءة اخيار موفق سيدي
بانتظار المزيد

حسن العطية
03-02-2010, 05:25 PM
السيد حسن العطية
اقتباس:




فالبطل هو المثال الحقيقي لللإنسان كما يرتسم في ضمير الإنسانية أما الأفراد العائشون الواقعيون فهم نسخ لم تكمل لسبب خارج عن إرادتها !



راق لي جدا هذا التفسير الرائع
لكني اشعر بعدم وضوح جلي امامي بين الحقيقة والخيال
هل يريد الكاتب ان يلغي جانب الخيال في الادب ويعزيه لحقائق مثالية داخليه لم تطابق والواقع؟
لكن ما الخيال بنظر كاتبنا ؟
هذا ما اتوق جدا لمعرفته
استمتعت جدا بالقراءة اخيار موفق سيدي
بانتظار المزيد
- حين أخرج فألتقي بحبيب لي صدفة .. فهل هي حقا صدفة أم أن اللقاء حدث حين تحققت اسبابه ؟؟
- العرف العام يقول عن الأمر صدفة .. أما الواقع فيقول لا شيء يحدث صدفة على الإطلاق .. فلولا أني خرجت في نفس اللحظة التي خرج فيها لحبيبي لما التقينا !!
- فكذا ما افهم من رأي المؤلف – رحمه الله تعالى – عن الخيال .. فهو لا يريد ان ينكر ما يسمى خيالا في الادب .. لكنه يريد ان يقول أن ما نراه خيالا في حقيقته واقع .. وكما لا وجود للدفة كذلك لا وجود للخيال !!
- ولعل هذا التفسير يتفق مع ما يذهب إليه المناطقة من تقسيمهم الوجودات الى وجودات متعددة يدخلون فيها كل ما نعرفه من الاشياء .. فيقولون – مثلا – هناك وجود خارجي وهو ما نعيشه في الخارج .. وهناك وجود ذهني وهو كل ما يدور في الذهن .. فالصور التي تدور في أذهاننا يسمونها وجود لكنه ذهني لا أنها خيال .. لا فرق بينهما في الوجد إلا أن هذا خارج الذهن وهذا داخله !!
• استمتعت بإثاراتك الرائعة سيدتي الرائعة اماني ..
• دمت بعين الله ..

حسن العطية
03-02-2010, 09:04 PM
الطابع الذاتي للأديب
***
(( و في الفصل السابق قمنا بثلاث رحلات ممتع في عوالم طاغور و الخيام و توماس هاردي . و لقد لا حظنا التنوع و التفرد في كل عالم , و لاحظنا طابع ذاتي في كل كون من الأكوان العظيمة .
هاذ الطابع هو السمة الأولى للتجارب الشعورية في العمل الأدبي ومنه تستمد قسطاً من قيمتها في ميزان النقد .
فليس مطلوب من الأديب أن يقول كلاماً كيفما اتفق , لكن المطلوب أن يكون له ميسم ذاتي , و طابع شخصي , يدمغ به كل عمل يخرج من يديه , فيلمسه القارئ في كل أعماله , لا في طريقة تعبيره , ولكن أولا في طريقة شعوره .
و هاذ الطابع لا يبدو فقط في الأدب الذي يعتبر تعبيراً مباشراً عن الانفعال الشخصي كالشعر الغنائي مثلاً بل في كل ما مسته يد الأديب من قصة أو رواية آو ترجم حياة أو مقالة أو بحث أدبي , لأن الطابع الشخصي لا يفارق صاحبه في لحظة من اللحظات , و كل أدب هو أدب ذاتي في الحقيقة من هذه الناحية . و ليس هذا الطابع أسلوب تعبيري لفظي فحسب , و لكن قبل ذلك طريقة شعور . نعم إن طريقة تناول الموضوع , و طريقة التعبير اللفظي جزء من هذا الطابع و لكنه جزء تابع لطريقة الشعور , و لتصور الأديب للكون و الحياة , أو لإحساس في فترة من الفترات بالكون والحياة . )) ص 22 , 23

حسن العطية
04-02-2010, 03:39 PM
عناصر الطابع الذاتي
***
(( وفي الأمثلة التي اخترناها لطاغور والخيام وهاردي , ليست طريقة تناول الموضوع وحدها هي التي تحمل طابع كل من الشعراء الثلاثة , ولكنها قبل هذا طريقة الإحساس بالحياة , والجو الشعوري الذي نتنسم روائحه في رحلتنا هناك . (تجد عوالمهم في كل ما يكتبون لا في الشعر خاصة ) )) . ص 23

حسن العطية
05-02-2010, 05:09 PM
من عوالم الأدب العربي
***
كذلك نجد أنفسنا في عوالم خاصة حينما نكون مع المتنبي وابن الرومي والمعري , وهي عوالم قد لا تبلغ في العمق والشمول حدود تلك العوالم , ولكنها على كل حال عوالم كاملة , مميزة السمات , واضحة المعالم , معروفة الخصائص . )) . ص 24
عالم المتنبي
***
(( فنحن مع المتنبي في عالم كله صراع وكفاح , لا رحمة فيه ولا بر , ولا تحرج فيه ولا أبقاء ( لعله إبطاء ) وهو مع هذا صراع لذيذ محبب , حتى لكأن المواقع فيه أعراس ومهرجانات ! :

" ومن عرف الأيام معرفي بها – وبالناس روى رمحه غير راحم
فليس بمرحوم إذا ظفروا به – ولا في الردى الجاري عليهم بآثم
***
ولا تحسبن الجد زقا وقينة – فما المجد إلا السيف والفتكة البكر
وتضريب أعناق الملوك وأن ترى لك الهبوات السود والعسكر المجر
وتركك في الدنيا دويا كأنما – تداول سمعَ المرء أنمله العشر
***
نثرتهمُ فوق الأحيدب نثرة – كما نثرت فوق العروس الدراهم !" )) ص 24

أماني عواد
05-02-2010, 11:17 PM
السيد حسن العطية


والبحتري حين يقول :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا – من الحسن حتى كاد أن يتكلما ...
فما الضحك ؟ أليس هو إطلاق طاقة فائضة بطريقة حسية ؟ وماذا يصنع الربيع إلا أن يطلق طاقة حيوية فائضة في الأرض وأبنائها الأحياء


أفهم من حديث المؤلف – رحمه الله تعالى – عن الحقيقة أن مناط الحقيقة عنده على الإقناع .. فمتى ما أقنعك القائل بأمر ما فهو حقيقة
اعتقد ان الكاتب يعتمد في اطلاق الحقيقة على خيال تربطه بالحقيقة علاقة وثيقة
فمن وجهة نظر الكاتب ( وصف الربيع ضاحكا ) هو خيال لان الربيع لا تملك فما للضحك اما حين ربط الضحك( باطلاق طاقة فائضة) دخل الخيال مدخل الحقيقة تماما كما قلت سيدي ان الاقناع شريطة دخول الخيال مدخل الحقيقة

حسن العطية
06-02-2010, 03:02 PM
السيد حسن العطية




اعتقد ان الكاتب يعتمد في اطلاق الحقيقة على خيال تربطه بالحقيقة علاقة وثيقة
فمن وجهة نظر الكاتب ( وصف الربيع ضاحكا ) هو خيال لان الربيع لا تملك فما للضحك اما حين ربط الضحك( باطلاق طاقة فائضة) دخل الخيال مدخل الحقيقة تماما كما قلت سيدي ان الاقناع شريطة دخول الخيال مدخل الحقيقة
محصل الرأيين رأيي ورأيك واحد أستاذتي الكريمة .. فالعلاقة التي ذكرتها انت هي سبب الاقتاع الذي ذكرته أنا .. كم النتيجة ؟؟
دمت نهر عطاء متدفقا ..

حسن العطية
06-02-2010, 04:11 PM
عالم ابن الرومي
***
(( ونحن مع ابن الرومي في عالم منهوم بلذائذ الحس والجوارح , تتصل بها لذائذ النفس والمشاعر , ويدور عليها شعر الوجدان والحرمان , ويواجه بها مشاهد الطبيعة ولذائذ الجوارح والبطون سواء :
((أجنت لك الوجد أغصان وكثبان – فيهن نوعان تفاح ورمان
وفوق ذينك أعناب مهدَّلة – سود لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك عناب تلوح به – أطرافهن قلوب القوم قنوان
غصون بان عليها الدهر فاكهة – وما الفواكه مما يحمل البان
ونرجس بات ساري الطل يضربه – وأقحوان منير النور ريان
ألـّفن من كل شيء طيب حسن – فهن فاكهة شتى وريحان
***
برياض تخايل الأرض فيها – خيلاء الفتاة في الأبراد
منظر معجب تحية أنف – ريحها ريح طيب الأولاد
***
لولا فواكه أيلول إذا اجتمعت – من كل نوع و رقّ الجو والماء
إذن لما حفلت نفسي متى اشتملت – عليَّ هائلة الجالين غبراء ))
فالنساء في الأبيات الأولى ...والرياض في الأبيات الثانية ...والفواكه في الأبيات الثالثة ... وهكذا تختلط اللذائذ في حسه ونفسه , وتتوحد الطبيعة الجميلة واللذائذ الشهية , ويتعمق هذه وتلك على السواء , وهذا هو عالمه المنهوم بالسطوح والأعماق من لذائذ الطبيعة ولذائذ الحياة ! )) ص 24 - 25

حسن العطية
07-02-2010, 06:42 PM
عالم المعرِّي
***
(( ونحن مع المعري في عالم مشؤوم , كله ظلم وخداع وشر ونفاق ويأس وظلام , وتخدعنا الحياة فنعيش في هذا العالم الذي لا خير فيه ولا صلاح له , ولا رجاء في ماضيه ولا مستقبله .
ظلم الحمامة في الدنيا وإن حسبت – في الصالحات كظلم الصقر ولابازي
***
يغادر غابه الضرغام كيما – ينازع ظبي رمل في كناس
سجايا كلها غدر وخبث – توارثها أناس عن أناس
***
شقينا بدنيانا على طول ودها – فدونك مارسها حياتك واشقها
ولا تظهرن الزهد فيها فكلنا – شهيد بأن القلب يضمر عشقها
تنازع في سواك وما له – ولا لك شيء في الحقيقة فيها
ولم تحظ في ذاك النزاع بطائل – فمتفقيها مثل مختلفيها ! ))
ص 25 - 26
الفرق بين العوالم العالمية والعربية
***
(( وهكذا نجد لكل عالم طعمه و جوه وطابعه وسماته , ولكن تختلف آفاق هذا العالم سعة وضيقا وارتفاعا وانخفاضا , ويتسم كل عالم بخصائص صاحبه وميزاته .
كل ما هنالك أن شعراء العربية في الغالب يصورون لنا فلسفتهم الشعورية في قوالب فكرية , ويصوغونها لنا قواعد في أبيات قليلة , أما طاغور والخيام و توماس هاردي , فقد صوروا لنا عوالمهم في مشاعر ومشاهد جزئية , تنتهي من خلالها إلى عوالم شعورية حية , وذلك يتعلق بطريقة تناول الموضوع والسير فيه ( وسيأتي تفصيل ذلك ) ولكن طابع الشخصية واضح هنا وهناك على كل حال )) ص 26
تعليق :
لا يخفى أن هذا الفرق بين العوالم العربية والعالمية فيما اطلع عليه المؤلف - رحمه الله تعالى - وإلا فقد تكون هناك عوالم عربية أروع من عالميته هو إلا أنه لم يطلع عليها لسبب أو لآخر .. فعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود كما هو معروف .. وأنا اقصد بالتحديد أنه قد نحصل على عالما عالميا في الآداب المغيبة كالأدب الشيعي .. أو الخارجي .. أو الصوفي ..أو الشعبي العامي .. أو أو أو ..

حسن العطية
08-02-2010, 02:32 PM
عناصر الطابع الشخصي
***
(( طابع الشخصية هو السمة الأولى لكل أديب أصيل , وهو لا يقتصر على النظرة الشعورية إلى الكون والحياة , بل يتعداها إلى طريقة تناول الموضوع , أي الأسلوب , وإلى التعبير نفسه واختيار الألفاظ فيه . وحقيقة إن لكل فرد إنساني طابعه الخاص كما أسلفنا , ولكن التقليد قد يقضي على هذا التفرد , أو قد يكون الامتياز ضئيلا فينبهم في غمار الطبائع والسمات العامة , وهذا يفقد العمل الأدبي أخص قيمه الشعورية )) ص 26
تعليق :
•و أسلفنا أن كل ذرة من ذرات أي عالم من عوالم المخلوقات لها طابعها الخاص ..هذا أمر ..
•والأمر الآخر :حين يقول المؤلف – رحمه الله تعالى – بأن التقليد قد يقضي على التميز ...أقول نعم : قد يقضي على التميز إلا أنه يبقى سمة مميزة لأصحابه المقلدين أيضا .. أي كما أن سمة البعض الإبداع .. سمة البعض التقليد .. وبما أن النفس تميل للجديد غير المسبوق في الغالب يكون الإبداع أكثر تميزا وجذبا من التقليد .. وهذا لا يخرج التقليد من كونه سمة تميز أصحابه .. والله أعلم بالصواب .. والحمد لله أولا وأخيرا ..

حسن العطية
09-02-2010, 01:42 PM
(( ولا تعارض بين أن يكون للأديب طابعه الخاص , وأن يقع التجاوب بينه وبين الآخرين , فهناك قدر مشترك من المشاعر الإنسانية العميقة , كما أن هناك استعدادا في الكثيرين لأن يسموا على طبيعتهم , ويتطلعوا على ما فوق رؤوسهم .. ومن خصائص الأدب الحي أن يمنحنا القدرة على الانفعال به , ولو كان أسمى من مشاعرنا الخاصة , لأنه يستطيع أن يرفعنا إليه لحظات , وأن يخرجنا من قيد اللحظة الحاضرة في حياتنا كذلك , ويصلنا بنبع الحياة الساري وراء اللحظات المفردة والأحداث المحدودة , ويضيف إلى أعمارنا و إلى أرصدتنا الخاصة من الحياة آمادا وآفاقا أكبر وأوسع من حياة الأفراد في جيل من الزمان )) ص 26
تعليق :
1 قوله : (فهناك قدر مشترك من المشاعر الإنسانية العميقة ) ..
لعل أمّ تلك المشاعر الإنسانية العميقة هو الوجود نفسه .. فسلك الوجود هو السك الذي ينتظم حلقات الكون قاطبة ..
2 قوله : (لأن يسموا على طبيعتهم ) ..
لعل الأصوب أن يقال : يتمثلوا طبيعتهم لا أن يسموا عليها .. لأن الطبيعة هي الفطرة .. ولا خير من فطرة الله التي فطر الناس عليها .. إلا أنَّ البعض يحيد عن هذه الفطرة والبعض يتمثلها ..
3 قوله : (ومن خصائص الأدب الحي أن يمنحنا القدرة على الانفعال به )
قارن بين هذه النظرة العميقة منه – رحمه الله تعالى – وبين ما يفعله القرآن العظيم في النفوس .. لتعلم عن يقين بأن القرآن الكريم قمة الأدب ..
4قوله : (لأنه يستطيع أن يرفعنا إليه لحظات , وأن يخرجنا من قيد اللحظة الحاضرة )
أما يرفعنا إليه لحظات فنعم .. أما يخرجنا من قيد اللحظة الحاضرة فلا .. فأنى لنا الحياة إذا خرجنا من اللحظة الحاضرة .. وهل الحياة إلا هذه اللحظة .. فالصحيح أن يقال : يجعلنا نحيا اللحظة الحاضرة حين يرفعنا إليه .. أما ما دمنا في الحضيض فنحن أموات ..

حسن العطية
10-02-2010, 04:41 PM
(( الأديب الكبير رائد من رواد البشرية يسبق خطاها , ولكنه ينير لها الطريق , فلا تنقطع بينه وبينها الطريق ! وهو رسول من رسل الحياة إلى الآخرين الذين لم يمنحوا "حق الاتصال " كما منحه ذاك الرسول , فهو يطلع من خفايا الحياة على ما لا يطلع عليه الآخرون , وهو يحسها في صميمها مجردة من الملابسات الوقتية , والحدود الزمنية , يحسها كما انبعثت أول مرة من نبعها الأصيل , وكما تدفقت غير منقطعة في جراها الواسع الطويل . و وظيفته أن يفتح النافذة بيننا وبين هذا النبع بقدر ما نطيق , وقيمة الأديب الكبرى إنما تقاس بمقدار اتصاله بالنبع من وراء الحواجز والسدود . وبعض الأدباء يبدو دائم الصلة بالنبع الكبير , أولئك هم الكبار , وبعضهم يتصل بهذا النبع فيرتشف منه قطرات سريعة , ثم يحال بينه وبين النبع فيقف وراء السدود , حتى تتاح له قطرات أخريات , أولئك هم الممتازون على تفاوت في هذا الامتياز )) ص 27
تعليق :
•ها نحن نعود مع المؤلف – رحمه الله تعالى – إلى الفلسفة .. فهذا البحث أقرب إلى فلسفة الحياة منه إلى أي شيء آخر .. وبالتالي فحديثه هذا لا يخص الأدباء الكبار فقط بل يعم كل ثاقب البصيرة متأمِّل في الحياة ..ذلك الذي يرى الله تعالى في كل شيء .. يرى أن كل ذرة مرآة تعكس النور الرباني حسب طاقتها ..
•ما جاء هنا كتعريف للأدباء الكبار لخَّصه مولى الموحدين .. رب البلاغة والأدب .. الإمام علي عليه السلام قبل مئات السنين : (( ما رأيت شيئاً إلا و رأيت الله قبله و بعده و معه ))..

حسن العطية
11-02-2010, 04:48 PM
(( الكثير – حتى من العباقرة – يستطيعون أن ينقلوا إلينا شعورهم باللحظات الجزئية والحالات النفسية قويا دافقا يسري في شعورنا , وأن ينقلونا إلى عالمهم لنشاركهم مشاعرهم كأنما نعيشها ..
•وقد يصلوننا في بعض اللحظات بالأزل والأبد , ولكن كل لحظة عندهم منفصلة عن كل لحظة , وكل حالة شعورية هي وحدة قائمة بذاتها , ولحظاتهم مع الكون الكبير معدودة , ومن هذا النحو كبار الشعراء في الأدب العربي عامة في القديم والحديث )) ص 27
بين القلب والعقل
***
(( ليس من الضروري أن يصلنا الشاعر بالكون عن طريق عرض مشاهد الطبيعة , ولكنه ينقلنا من خلال التجارب الجزئية التي يذكرها إلى شعور شامل غير محدود , شعور منساب وراء اللحظات الجزئية , وهناك إحساس شامل بقضية كبرى وراء الجزئيات ..يقودنا من الحيز المحدود بالتجارب الجزئية , في مسارب خفية , إلى الفضاء المطلق وراء الحدود والقيود , ويلهم شعورنا الحقيقة الكبرى دون أن يشغل أذهاننا بإدراكها )) ص 30
تعليق :
قوله : ((في مسارب خفية )) يدل على أن الأديب الكبير هو من يخاطب القلوب قبل العقول ..
•فهناك بعض الأمور التي ندرك أحقيتها بقلوبنا وإن لم نستطع إقامة الدليل عليها .. وهذا ما يشير إليه قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين : استفت قلبك ..

حسن العطية
12-02-2010, 08:44 PM
الصدق الفني
***
(( وسمة ثالثة ربما كان فيما مضى غنية عنها , ولكن لا بأس من إفراد كلمة قصيرة لها .. تلك هي سمة الصدق .. و لن يكون للشاعر طابع خاص , ولن يستطيع أن يصلنا بالكون الكبير , إلا إذا كان صادقا .. ولكن أي صدق : لسنا نعني الصدق الواقعي , فذلك مبحث يهم الأخلاق , إنما نعني صدق الشعور بالحياة , وصدق التأثر بالمشاعر أي الصدق الفني )) ص 32
تعليق :
•أظن أنه ستأتي من المؤلف إشارة إلى أن الصدق الفني يعم الصدق في التقمص أيضا .. وإن خاب ظني فلابد من الإشارة إلى ذلك ..
•فلا يشترط كي يكون الأديب صادقا أن تكون التجربة مرت عليه شخصيا .. ولا أن يكون مقتنعا بها أيضا .. بل الصدق يشمل حتى إجادة التقمص .. وتمثيل الصادق المتأثر بالتجربة ..
•تماما مثل الممثل : فكلما كان أكثر إقناعا كلما دل على أنه أجاد في التمثيل أكثر .. وإجادة التمثيل لا تشترط من الممثل أن يؤمن بكل ما يقوله .. بل قد يجيد التقمص وهدفه المال فقط ..
•نعم الإيمان الحقيقي حين يكون عند الأديب الكبير في قطعة ما فإن تأثيره سيكون أكبر مما لو كان متقمصا لأن النائحة ليست كالمستأجرة ..

زهراء المقدسية
13-02-2010, 03:52 PM

فلا يشترط كي يكون الأديب صادقا أن تكون التجربة مرت عليه شخصيا .. ولا أن يكون مقتنعا بها أيضا ..
أستاذ حسن العطية

برأيي إذا لم يكن هناك قناعة لدى الأديب بما يكتب
لن يجيد التعبير مهما حاول
ومهما امتلك من مهارات الكتابة والتعبير

فحتما ستكون كلماته من داخلها خاوية
خالية من أي صدق في الشعور

مجرد رأي ليس إلا

تحياتي اليك
ودمت بكل خير

أماني عواد
13-02-2010, 10:17 PM
السيد حسن العطية


وكل تجربة شعورية يصورها أديب تصبح ملكا لكل قارئ مستعد للانفعال بها , فإذا انفعل بها فقد أصبحت ملكه , وأضاف بها إلى رصيده من المشاعر صورة جديدة ممتازة . ولحسن الحظ الإنسانية التي لا تملك من العالم المادي المحسوس إلا حيزا ضئيلا محدودا أن في استطاعتها أن تملك من العوالم الشعورية آمادا وأنماطا لا عداد



هذا كلام رائع جدا حد جعل مسؤولية الاديب كبيرة تفوق مسوولية رب العائلة
فحين يملك الفرد فينا مالا وجاها وسمعمة طيبة فهو قد اتم مسؤوليته على اتم وجه بالرغم من ان مالكيها بعده محدودين


فكيف ستكون مسؤولية الاديب حين سترك ارثا يتجدد لكل قارئ
لذا اعتبر ان مسؤولية الاديب اعلى مرتبة من مسؤولية رب العائلة
فقط لان الشريحة المتأثرة به اكبر بكثير من تلك الشريحة المتأثره بارث رب العائلة
سيدي اختبار موفق ورائع
دمت مبدعا

حسن العطية
14-02-2010, 04:04 PM

أستاذ حسن العطية
برأيي إذا لم يكن هناك قناعة لدى الأديب بما يكتب
لن يجيد التعبير مهما حاول
ومهما امتلك من مهارات الكتابة والتعبير
فحتما ستكون كلماته من داخلها خاوية
خالية من أي صدق في الشعور
مجرد رأي ليس إلا
تحياتي اليك
ودمت بكل خير

أستاذتي الجليلة زهراء .. حياك الله وبياك .. وأهلا وسهلا بك دوما ..

أستاذتي موضوع التقمص يحتاج بسط أكثر .. وعمق أكبر .. وربما لو بسط الموضوع كما ينبغي لبان أن لا خلاف بيننا !!

لكن على ظاهرك قولك هنا .. كيف يستقيم رأيك هنا ورأيك في : متى ستسقط اقنعتنا المزيفة ؟؟!!

أما أن لااقنعة الزيفة محرمة على الأدباء والشعراء ؟؟!!

دمت أستاذتي ..

حسن العطية
14-02-2010, 04:08 PM
السيد حسن العطية





هذا كلام رائع جدا حد جعل مسؤولية الاديب كبيرة تفوق مسوولية رب العائلة
فحين يملك الفرد فينا مالا وجاها وسمعمة طيبة فهو قد اتم مسؤوليته على اتم وجه بالرغم من ان مالكيها بعده محدودين


فكيف ستكون مسؤولية الاديب حين سترك ارثا يتجدد لكل قارئ
لذا اعتبر ان مسؤولية الاديب اعلى مرتبة من مسؤولية رب العائلة
فقط لان الشريحة المتأثرة به اكبر بكثير من تلك الشريحة المتأثره بارث رب العائلة
سيدي اختبار موفق ورائع
دمت مبدعا

ليه اللف والدوران .. قولي هو رب اسرة اكبر وخلصينا :v1:

مزحة مسائية لمعلمتي القديرة أماني عواد ..

دمت بود ..

حسن العطية
14-02-2010, 04:11 PM
أمثلة على الصدق الفني
***
(( ونحن لا نملك حق الاطلاع على ضمير الأديب , ولكننا لا نعدم وسيلة الإدراك الصادق الفني في عمله من خلال تعبيره .
ونضرب على ذلك مثالا قول شوقي في قصر أنس الوجود :
قف بتك القصور في اليم غرقى – ممسكا بعضها من الذعر بعضا
كعذارى أخفين ف الماء بضا – سابحات به وأبدين بضا
كل بيت بمفرده يعرض صورة جميلة الرسم والإيقاع , ولكنهما مجتمعين يكشفان عن اضطراب في الشعور أو تزوير في هذا الشعور , ذلك أننا حين نستعرض البيت الأول :
قف بتك القصور في اليم غرقى – ممسكا بعضها من الذعر بعضا
نجد أنفسنا أمام مشهد غرق , والغرقى مذعورون , يمسك بعضهم من الذعر بعضا , فالشاعر إذن يرسم لنا مشهدا مثيرا لانفعال الحزن والأسى , مشهدا يظلله الفناء المتوقع بين لحظة وأخرى , ونشعر أن هذا هو الانفعال الذي خالج نفسه وهو يعاني هذه التجربة الشعورية .
ولكنه ينتقل بنا فجأة ونحن أمام المشهد لم نزايله فيقول :
كعذارى أخفين ف الماء بضا – سابحات به وأبدين بضا
فأي شعور بالانطلاق والخفة والمرح يوحيه مشهد العذارى , ينزلن الماء سابحات يخفين في الماء بضا ويبدين بضا ؟
هنا ظل لا يتسق مع الظل الأول , يصور انفعالا شعوريا يغاير الانفعال الأول , فأي الانفعالين إذن هو الذي خالج نفس الشاعر ؟ أقرب تفسير انه لا هذا لا ذاك . إنما هي صورة لفظية لا رصيد لها من الشعور . فالتجربة الشعورية هنا مزورة , كما تبدو من خلال هذا التعبير )) ص 33
تعليق :
إنما يحكم بالتعارض والتضاد بين الأمور المتضادة في الظاهر .. حين لا يمكن الجمع بينها .. كما فعل المؤلف – رحمه الله تعالى – هنا .. أما حين يمكن الجمع بينها فالجمع أولى – كما يقوله علماء الأصول .. لأن بالجمع أخذ بكلا الأمرين .. وهو أولى من اطراح أحدهما أو أحدها ..
•وهنا في بيت شوقي يمكن الجمع بين المنظرين مع بقاء العظمة لكليهما ..
•فمشهد القصور الغارقة في النيل مشهد أسى صحيح إلا انه عظيم .. والعظمة كما قد تأتي من الفرح قد تأتي من الحزن والأسى ..
•ومنظر العذارى السابحات في النيل مشد بهجة عظيم أيضا .. فالجامع بين المشهدين هو العظمة ..
•وهذا تماما كما في قول الحكيم حين وقف على صاحبه الممدد أمامه بعد مماته :
" وكانت في حياتك لي عظات - وأنت اليوم أوعظ منك حيا"
فالحي يعظ والميت يعظ أيضا بل أكبر عظة من الحي .. على الرغم من أن الحياة عظيمة ببهجتها والموت عظيم بأساه ..
•كما في بيت شوقي بالضبط .. فكأنه يريد أن يقارن بين عظيمين .. عظيم تدب فيه الحياة .. العذارى الجميلات السابحات .. وعظيم طأطأ رأسه للموت .. وهن القصور التي كانت يوما ما كهؤلاء العذارى الحسناوات لكن انظر إلى اين صرن !!
•والله أعلم بالصواب .. وله الحمد أولا وأخيرا .. وصلى الله على حبيبه المصطفى وآله النجبا ..

زهراء المقدسية
15-02-2010, 09:22 PM
أستاذتي الجليلة زهراء .. حياك الله وبياك .. وأهلا وسهلا بك دوما ..
أستاذتي موضوع التقمص يحتاج بسط أكثر .. وعمق أكبر .. وربما لو بسط الموضوع كما ينبغي لبان أن لا خلاف بيننا !!
لكن على ظاهرك قولك هنا .. كيف يستقيم رأيك هنا ورأيك في : متى ستسقط اقنعتنا المزيفة ؟؟!!
أما أن لااقنعة الزيفة محرمة على الأدباء والشعراء ؟؟!!
دمت أستاذتي ..

مساؤك خير أستاذ حسن
رأيي هنا كما هناك

الأقنعة المزيفة ستبقى مزيفة وستنهار
ومهما حاول الأديب بمهاراته أن يجيد الكتابة
فحتما في داخلها خاوية كما قلت سابقا
ويضحك بها على نفسه قبل الآخرين

أحرم الأقنعة على الكتاب بالذات
لأنهم كما قيل فيهم ملح البلد ومن يصلح الملح إذا الملح فسد
-لا تقل لي أدخلت هموم أمتي هنا-

دمت بدون قناع

حسن العطية
16-02-2010, 08:14 AM
مساؤك خير أستاذ حسن

-لا تقل لي أدخلت هموم أمتي هنا-


لا لن اقول .. يكفي نحشتك من هناك فلن انحشك من هنا أيضا !!

دمت أستاذتي ..

حسن العطية
16-02-2010, 03:40 PM
أمثلة أخرى على الصدق الفني
***
(( وحين يقول ابن المعتز في وصف الهلال :
"انظر إليه كزورق من فضة – قد أثقلته حمولة من عنبر "
يفقد صدق الاتصال بالكون , أنه لا يتجاوز البصر , ولا يلمح وراءها أية رؤيا شعورية من منظر الهلال والسماء والطبيعة , إنما هو شكل جامد لا إيحاء له , ولا ظل في الحس ولا في الشعور )) ص 33
تعليق :
لعل المؤلف – رحمه الله تعالى – يقصد من (يفقد صدق الاتصال بالكون) يقصد الاتصال العميق بالكون وإلا فالاتصال حاصل بدرجة من درجاته هنا أيضا.. فكل نظرة لها تأثيرها المناسب لها .. إن كانت حسية فتأثيرها حسي .. وإن كانت عميقة فتأثيرها سيكون عميقا .. والله تعالى أعلم بالصواب ..

حسن العطية
17-02-2010, 04:03 PM
(( الخصوصية في الشعور , ومدى العمق والشمول في الاتصال بالكون والحياة , وصحة الشعور وصدق الاتصال , هي أخص القيم الشعورية في العمل الأدبي )) ص 34
تعليق :
لله در المؤلف !! فكم كان حكيما حينما قال :(وصحة الشعور وصدق الاتصال ) !! فمهما كان الشعور عميقا .. ما لم يكن صادقا في اتصاله بالحياة فإنه لن يعدو أن يكون زوبعة في فنجان !!

(( التقويم الكامل لا يكون إلا حين تبحث القيم التعبيرية كذلك , وهي التي تتبدى من خلالها تلك القيم الشعورية )) ص 34
تعليق :
هنا أمر بالغ الأهمية يمكن الإشارة إليه وهو : أن القيم الشعورية لها تأثيرها بغض النظر عن القيم التعبيرية .. فهما مفصولان تماما عن بعض .. فحين كان يتأثر الجاهلي بمعلقة زهير أو امرئ القيس لم يكن يدري بالقيم التعبيرية .. ولم يحول جهله بها بينه وبين تأثره بالقيم الشعورية في تلك المعلقة ..
•ولا يقتصر الأمر على الجاهلي فقط بل علينا نحن الآن .. نتأثر وقد لا نعلم بالقيم التعبيرية والقواعد المقررة أصلا ..
•وإنما تفيد هذه القيم التعبيرية في حال أردنا أن نبين سبب تأثرنا بالقيم الشعورية للآخرين فقط ..
•والله أعلم بالصواب .. وصلى الله على حبيبه المصطفى وآله النجبا ..

حسن العطية
18-02-2010, 03:45 PM
القيم التعبيرية
((لا يتعلق النقد بالتجربة الشعورية في العمل الأدبي إلا حين تأخذ صورتها اللفظية , لأن الوصول إليها قبل ظهورها في هذه الصورة محال , ولأن الحكم عليها لا يتأتى إلا باستعراض الصورة اللفظية التي وردت فيها , وبيان ما تنقله هذه الصورة إلينا من حقائق ومشاعر . ومن هنا قيمة التعبير في العمل الأدبي )) ص 34

تعليق :
- لا يخفى بأن مقصوده من الصورة اللفظية اللفظ وما يقوم مقامه من كتابة وإشارة ..
- وكان الأجدى بالمؤلف أن يأتي بهذا القيد لكي لا يعترض عليه بأن ذلك ليس محالا عقلا !!
- وهذا يبدو جليا في عصر الانترنت وبعد أن اصبحت الإشارة لغة عالمية !!

حسن العطية
19-02-2010, 06:50 PM
(( وظيفة التعبير في العلم هي مجرد تأدية الحقيقة الذهنية أو المعنى المجرد .. أما الحقيقة الشعورية فكل تغيير في الألفاظ أو نظامها أو في تنسيق العبارات وترتيبها أو في طريقة تناول الموضوع والسير فيه يؤثر قي صورتها التي ينقلها التعبير الى الآخرين ويؤثر تبعا لذلك في طبيعة الأثر الذي تتركه في مشاعرهم وفي نوعه ودرجته كذلك .. وذلك أن وظيفة التعبير في الأدب لا تنتهي عند الدلالة المعنوية للالفاظ والعبارات .. بل تضاف إلى هذه الدلالة مؤثرات أخرى يكمل بها الاداء الفني وهي جزء أصيل من التعبير الأدبي .. هذه المؤثرات هي : الايقاع الموسيقي والصور والظلال ثم طريقة تناول الموضوع أي الأسلوب )) ص 34
تعليق :
حديث المؤلف – رحمه الله تعالى – انما هو عن المؤثرات الداخلية للتجربة الشعورية .. وإلا فهناك مؤثرات خارجية تؤثر في تلك التجربة تأثيرا ربما يفوق تأثير بعض ما ذكره المؤلف ..فطريق إلقاء العمل الأدبي له تأثير .. وأيضا ما يصاحب الإلقاء من إضاءة مناسبة وإيقاعات موسيقية مناسبة لها أبلغ الأثر في التجربة الشعورية وفي تأثرها في المتلقين !!
- ولا استبعد أن الجاهليين كانوا يستغلون بعض هذه المؤثرات الخارجية .. أما العصور الإسلامية وعصرنا الحديث أيضا فقد استفادوا منها استفادة كبيرة .. فمجالس السمر والملحنين كانت مشهورة في العصور الإسلامية المتقدمة .. والفيديوكليبات في عصرنا الحاضر والالحان والموسيقى كلها من هذا القبيل !!
- بل بات اللحن اليوم ربما وضع قطعة أدبية الى الحضيض .. ورفع قطعة تافهة الى القمة !!
- لم يعد العمل اادبي على ما كان عليه في العصور القديمة .. بل إننا حين نستخدم ما يزيد في تاثير التجربة الشعورية نكون قد اقتفينا اثرهم أيضا لكن بوسائل عصرنا !!

حسن العطية
21-02-2010, 07:48 PM
(( ونبدأ بالألفاظ :
كيف تدل الألفاظ .. أولا: على معانيها الذهنية .. وثانيا: على الصور والظلال المصاحبة ؟ ))
تعليق :
سيشرح المؤلف – رحمه الله تعالى – العلاقة بين اللفظ والمعنى .. وكيف أن اللفظة تحمل إرث طويل مرت به عبر مسيرتها من أول ما اطلقت إلى أن وصلتنا !!
- والعقل يقول بأن اللفظة في أول اطلاقها .. كانت تدل على المعنى فقط .. ثم تدل على الصور والظلال في وقت لاحق .. فالعقل يمكن ان يتصور لفظة بدون صور ولا ظلال !!
- إلا أنني.. لا اكاد أتصور – الآن – لفظة ما بدون صور ولا ظلال !!
- وأشبه اللفظ والمعنى في عالم الكلام .. كالرجل والمرأة في عالم الإنسان ..
- فنطفة الرجل وغن خرجت ذكرا إلا أنها تحمل في نواتها كل ما مر على الإنسان عبر عصوره السحيقة ..
- كذلك لفظة زيد – مثلا – و معنى زيد ..وإن يدلان على زيد .. إلا أنهما يحملان كل ما مرت به الكلمة من تطورات وصور وظلال من اول خلق عالم الكلمات !!
- والفرق بين الناس فيما يخص لفظ زيد ومعناه .. كالفرق بين البشر تماما في تذكرهم لأصولهم ومراحل تطورهم .. حذو القذة بالقذة !!
- فالإنسان ينسى بعض مراحل تطوره السحيقة لضعف ذاكرته .. كذلك قد ينسى بعض ظلال وصور بعض الألفاظ .. تلك الصور والظلال التي كانت يوما ما هي الظاهرة من ذلك المعنى وذلك اللفظ !!
- وهذه المقارنة وإن بدت فلسفية نوعا ما .. وبعيدة عما نحن فيه .. إلا أنني هكذا أرى الامر .. خاصة ونحن نقرأ كل يوم : الحمد لله رب العالمين .. فما عالم الكلام غلا عالم من هذه العوالم التي لا يحصيها الا خالقها العظيم .. كعالم الإنسان تماما !!

حسن العطية
24-02-2010, 05:12 PM
(( أغلب الظن أن شيئا ما في جرس الالفاظ الاولى , ذلك الجرس الناشئ من مخارج حروفها كان له صلة ما بالمشاهد أو بالحالات التي اطلقت لتدل عليها ..وقد لا نهتدي نحن اليوم الى هذه الخاصة في كل لفظة في جميع لغات العالم ..لأن عوامل اخرى تدخلت في الموضوع .. ولأن الدلالة لكل لفظ لم تظل كما كانت منذ اللحظة الأولى .. فكثيرا جدا من الالفاظ قد اتخذ دلالات مختلفة قد يصل اختلافها الى ان تطلق على عكس ما تطلق عليه ... لكن هذا كله لا ينفي المبدا الاول وهو أن جرس اللفظ كان له حسابه في الدلالة )) ص 36
تعليق :
أرى أن في هذا الرأي – واحسبه صحيحا – الذي ذكره المؤلف .. من كون لجرس اللفظ دلالة ما في معناه .. هذا الرأي اراه يتفق مع من يذهب على أن دلالة اللفظ ذاتية وليست تواضعيه !!
- لأن لاآراء اختلفت في هل ان دلالة الألفاظ على معانيها ذاتية أم توافقية اصطلاحية ؟؟ وإلى كل ذهب قائل !!
- والمعترضين على كون دلالة الألفاظ ذاتية قالوا : لو كانت الدلالة ذاتية لكان بمجرد أن اطلق لفظ نار لعلم بالنار حتى من لم يعرف اللغة العربية ,, لان الدلالة الذاتية لا تختلف من لغة على لغة .. كالنار تماما حرارتها ذاتية عند كل احد !!
- لكن رأي المؤلف هنا – كما أرى - حل هذا الإشكال !! فلعل من يذهب الى ان الدلالة ذاتية يقصد الدلالة الاولى ذاتية تلك الناشئة من حاق اللفظ .. أو كما يعبر المؤلف : الناشئة من جرس اللفظ !! أصل الجرس يدل ذاتا على اصل المعنى .. ويعرفه منه كل الناس على اختلاف لغاتهم .. نعم عبر العصور السحيقة تغطى اللفظ والمعنى بلفائف كثيرة سترته فما عاد يرى لا اصل الجرس ولا أصل المعنى .. ولو قدر أن رجع الزمن القهقرى وأزيح عن اللفظ والمعنى تلكل اللفائف التاريخية لبان أن الجرس يدل على المعنى عند الجميع !!
- وهذا تماما للأنا حين تطلق .. فحين أقول : أنا .. فإلى من اشير بها ؟؟ هل إلى كل هذا لابد نام الى أصلي وهو روحي ؟؟
- ولن أرخي الزمام للقلم كي لا يتقحم بنا الى المعاد الجسماني والروحاني .. فلهذا ارتباط وثيق بما نحن فيه !!

أماني عواد
25-02-2010, 10:19 PM
السيد حسن العطية

اعتقد ان الصدق الفني الذي تتحدث عنه
هومدى صدق التعبيرعن تلك التأثيرات التي رافقت التجربة الشعورية في نفس الكاتب

فان كان توافقا بين التعبير اللفظي والتأثير النفسي لدى الكاتب تمتع النص بصدق فني
وان كان التاثير النفسي اقل من التعبير اللفظى فان النص يعاني نوعا من المبالغة (او المغالاة)
اما ان كان التاثير النفسي اكبر من التعبير اللفظي فان النص سيعاني بلا شك من اقتضاب يسمه بالغموض


سيدي كتاب قيم جدا جدا
نسيت ان اشيد بتلك المفارقات التي انشاها الكاتب بين العوالم الادبية المختلفة كي يثبت لنا اهمية الصدق في سمو العمل الادبي

بانتظار المزيد

حسن العطية
26-02-2010, 07:11 AM
السيد حسن العطية

اعتقد ان الصدق الفني الذي تتحدث عنه
هومدى صدق التعبيرعن تلك التأثيرات التي رافقت التجربة الشعورية في نفس الكاتب

فان كان توافقا بين التعبير اللفظي والتأثير النفسي لدى الكاتب تمتع النص بصدق فني
وان كان التاثير النفسي اقل من التعبير اللفظى فان النص يعاني نوعا من المبالغة (او المغالاة)
اما ان كان التاثير النفسي اكبر من التعبير اللفظي فان النص سيعاني بلا شك من اقتضاب يسمه بالغموض


سيدي كتاب قيم جدا جدا
نسيت ان اشيد بتلك المفارقات التي انشاها الكاتب بين العوالم الادبية المختلفة كي يثبت لنا اهمية الصدق في سمو العمل الادبي

بانتظار المزيد



لا غرابة معلمتي من هذه النظرة الصائبة واللفتة البديعة .. فطالما كنت أهلا لكل بديع !!

دمت بعين الله معلمتي ..

أماني عواد
26-02-2010, 07:17 PM
السيد حسن العطية


و كذلك نستطيع نحن أن نجزم بأنه لا يوجد اثنان على ظهر الأرض تتماثل مشاعرهما

كم ارى ذلك صائبا رائعا منطقيا جدا سيدي
بدليل هناك من تفوق عندهم القيمة الشعورية الناشئة من نص ما ,حدا اعلى من من خاض التجربة الشعورية التي قادته للتعبير عنها

رحم الله الكاتب
وسلمت لنا يمناك

حسن العطية
27-02-2010, 05:00 PM
السيد حسن العطية



كم ارى ذلك صائبا رائعا منطقيا جدا سيدي
بدليل هناك من تفوق عندهم القيمة الشعورية الناشئة من نص ما ,حدا اعلى من من خاض التجربة الشعورية التي قادته للتعبير عنها

رحم الله الكاتب
وسلمت لنا يمناك

وسلمت ذائقتك بل كلك معلمتي الرائعة ..

دمت بعين الله ..

حسن العطية
02-03-2010, 05:13 PM
((وشيء آخر كذلك أخذ يضاف فيما بعد إلى مدلول اللفظة اللغوي وجرسها , ذلك هو صورة المشهد أو الحادث الذي صاحب إطلاق اللفظ , هذه الصورة التي تستحيل إلى ذكرى شعورية ترد على الخيال كلما ذكر اللفظ , ورن جرسه في السمع )) ص 36
تعليق :
ذكرنا في التعليقة السابقة مباشرة وجها لعله يوفق بين الذاهبين إلى كون دلالة الألفاظ ذاتية والذاهبين إلى كونها تواضعية !!
- حين قلنا بأن الجرس يدل ذاتا على اصل اللفظ .. لا ما طرأ عليه من تغييرات وتحولات !!
- ولعل في كلام المؤلف هنا ايضا ما يجلي ذلك التوافق أكثر ..
- فالصور والحوادث التي قد تصاحب اللفظ في مرحلة من مراحله .. هي التي يعلم بها البعض ويجهلها آخرون .. وهي الجنبة التوافقية في دلالة الالفاظ .. وإلا فدلالة اصل اللفظ على حاق معناه فذاتية !!

أماني عواد
02-03-2010, 11:31 PM
السيد حسن العطية



و هاذ الطابع لا يبدو فقط في الأدب الذي يعتبر تعبيراً مباشراً عن الانفعال الشخصي كالشعر الغنائي مثلاً بل في كل ما مسته يد الأديب من قصة أو رواية آو ترجم حياة أو مقالة أو بحث


يخطر ببالي هنا سؤالا
ايهما لاثرين اشد عمقا اثر ( التجربة الشعورية ) لدى الكاتب الذي يكتب الادب باشكاله المتنوعة (الشعر - الخاطرة - القصة - الرواية -......).
اعتقد ان الشعر والخاطرة نتاج اني لتجربة شعورية ذات تنبيه عالي الاثر
اما الرواية والقصة فهما حصاد تجربة شعورية طويلة بمنبهات متعدده تتفاوت في عمق اثرها لكن لا يصل احداها حد عمق المنبه الذي نتجت عنه القصيدة او الخاطرة لكن لجميعها مجتمعة عمقا اكبر

بانتظار ما تجود به دائما

حسن العطية
03-03-2010, 05:32 PM
معلمتي الكبيرة .. أماني عواد .. أرى أن رايك تطابق مع رأي المؤلف - رحمه الله تعالى - كما في الاقتباس التالي من كلامه :


((كل ما هنالك إن درجة الانفعال تختلف في فنون الأدب المختلفة , فهي في الشعر أعلى منها في سائر الفنون الأدبية . وفي القصة والترجمة والمقالة تتفاوت , وقد تصل إلى درجة الشعر في بعض المواقف [/color])) ص 14 , 15

- وأظن أن لهذا أسبابه المنطقية .. كالتركيز الشديد في الشعر والخاطرة .. وأيضا الموسيقى المتولدة من الأوزان والقافية في الشعر مما يضفي جوا خارجيا يسرع في التأثير ..
- وأظن أيضا بأن القصة القصيرة يمكن ان تشارك أو تتفوق - احيانا - على الادب في ذلك .. وأيضا الروايات يمكن له ذلك لكن في مواقع خاصة منها !!

- دمت بعين الله معلمتي الكريمة ..

حسن العطية
04-03-2010, 08:32 AM
((وشيء آخر كذلك أخذ يضاف فيما بعد إلى مدلول اللفظة اللغوي وجرسها , ذلك هو صورة المشهد أو الحادث الذي صاحب إطلاق اللفظ , هذه الصورة التي تستحيل إلى ذكرى شعورية ترد على الخيال كلما ذكر اللفظ , ورن جرسه في السمع .
وحينما كثرة التجارب والمشاهد استغل الإنسان ذاكرته وخياله ووعيه . فصار يكرر اللفظ الواحد كلما تكرر المشهد أو التجربة وصار يصنف المشاهد والتجارب على أنواع , ويطلق على كل واحد منها لفظا معينا يدل على النوع كله . وبذلك يأخذ اللفظ معناه الذهني التجريدي .
لكن ترى يستطيع الذهن _ حتى إلى هذه اللحظة _ أن يجرد هذا المعنى من ملابساته _ أي من مفرداته _ أو الـ[ ما صدقاته ] بلغة المنطق ؟ حينما يذكر لفظة [ جبل ] تراه لا يقفز على خياله صورة أو أكثر لجبل معين شاهده أو وصف له فتخيله , ولا تستعيد ذاكرته صور المشاهد التي أدركها هناك _ أي نوع من الإدراك _ وصور الأحاسيس التي اختلجت بها نفسه , وصور الملابسات الكثيرة التي أحاطت بهذه الأحاسيس ؟
ومن منا يستطيع أن يجرد اللفظ _ أي اللفظ _ من هذه الملابسات والمشاعر التي صاحبته
في نفسه الخاصة ؟ وكذلك هو لا يستطيع أن يجرده من كثير جدا من هذه الملابسات والمشاعر التي صاحبته على مدى الأجيال الطويلة في نفوس الآخرين , وفي رواسب النفس البشرية على العموم .
كل ما هناك أن ذكرياته هو عن اللفظ قد تكون واضحة قريبة في شعوره أما ذكريات البشرية التي استخدمت هذه اللفظ في مدى التاريخ الطويل فتكون متوارية مبهمة , وقد لا يحسها الفرد أصلا . ولكن ليس معنى هذا أنها ضاعت وانمحت , ما دام هذا اللفظ يستخدم ويعيش .
ومن هنا نرى المسافة كبيرة بين المدلول الذهني المجرد للفظ , والمدلول الشعوري الذي يشمل هذا المدلول الذهني ويضيف إليه تلك الذكريات الغامضة والواضحة , وتلك الملابسات
المتنوعة , تلك المشاعر والصور التي لا تحصى كما يضيف إليه الإيقاع الموسيقي للفظ , وهو جزء من دلالته كما أسلفنا , وقد كان هذا الجزء ملحوظا غالبا عند إطلاقه للمرة الأولى .)) ص 36 - 37
تعليق :
قوله – رحمه الله تعالى - : ((كل ما هناك أن ذكرياته هو عن اللفظ قد تكون واضحة قريبة في شعوره أما ذكريات البشرية التي استخدمت هذه اللفظ في مدى التاريخ الطويل فتكون متوارية مبهمة , وقد لا يحسها الفرد أصلا . ولكن ليس معنى هذا أنها ضاعت وانمحت , ما دام هذا اللفظ يستخدم ويعيش ))
- أشبه مسيرة اللفظ من أول أطلاقه إلى ما وصلنا إليه .. أشبه ذلك بالنجوم التي نراها في السماء .. فما بين كل نجمة نراها وأخرى .. نجوم كثيرة متوارية لا نراها لبهوت نورها لدينا .. فبهوت أنواها لا يدل على عدم وجودها !!
- لكل لفظ – عبر مسيرته – محطات شاخصة مضيئة .. هذه المحطات هي عادة ما تستطيع الذاكرة الاحتفاظ به من معانيها .. وتنسى الذاكرة عادة ما بين المحطتين من ألفاظ ومعاني متوارية !!
- وهذا ما ترون يعتمد على قوة الذاكرة وضعفها .. تماما مثل ما نشاهده من الأشخاص حولنا : فهناك من يستطيع استرجاع ذكريات قبل عشر سنوات .. وهناك عشرين سنة .. وهناك من يتذكر طفولته بكل وضوح .. فضعيف الذاكرة مرّ بنفس مراحل قوي الذاكرة إلا أن هذا يتذكر وهذا ينسى !!

حسن العطية
06-03-2010, 06:19 PM
((حينما يستخدم العالم أو الفيلسوف لفظا من هذه الألفاظ يحاول أن يجرده من كل هذه الملابسات الشعورية ليحتفظ له بدلالته الذهنية التجريدية حتى يضمن وضوح الدلالة وثبوتها , فالمعنى التجريدي ثابت لا يتغير على مدى الزمان ما دام الاصطلاح مقررا لم يتغير , أما المعنى الشعوري فمتغير لأنه كل يوما يكتسب ملابسة شعورية جديدة تضاف على رصيد هذا اللفظ ولا نهاية لهذه الملابسات طالما أنها تخالج مشاعر الأفراد والأجيال التي تستخدم هذا اللفظ [ وتضيف إلى رصيده الشعوري ما أحسسته من مشاعر , وما عانته من تجارب ] .
ومن هنا كذلك تختلف دلالة اللفظ الشعورية من فرد إلى فرد , كما تختلف من جيل إلى جيل . تختلف أولا بحسب المشاهد والتجارب التي مرت بهذا الفرد مما ينطبق عليه دلالة هذا اللفظ
وتختلف ثانيا بحسب استجابة كل فرد لما يمر به من هذه المشاهد والتجارب , مما يفسح المجال لأنماط لا تحصى من الانفعالات والمشاعر كلما ذكر لفظ من الألفاظ , فاستدعى من الذاكرة صور من هذه التجارب والمشاهد .
وبديهي أن واضعي اللغة الأوائل لم تكن خواطرهم تزدحم بكل هذه الصور لأن أحاسيسهم وأذهانهم لم تكن مرت بتجارب كالتي مرت بنا )) ص 37
تعليق :
قوله رحمه الله تعالى : ( ومن هنا كذلك تختلف دلالة اللفظ الشعورية من فرد إلى فرد)
وأيضا : هذا من أهم اسباب الاختلاف في التوصل الى المعنى المراد من قول الشعراء والأدباء !!
- فترى أحيانا بعض الشراح ينحو ببيت شعري منحا جميلا ورائعا ومنطقيا .. لكن ليس بالضرورة هو ما عناه الشاعر .. بل ربما لم يخطر هذا المعنى ببال الشاعر مطلقا !!
- لهذا اشتهر : المعنى في قلب الشاعر !!

حسن العطية
18-03-2010, 08:00 AM
((والآن فلننظر ... كيف يستخدم الأديب الألفاظ للدالة على تجاربه الشعورية الكامنة .
قلنا : إن الانفعال بالتجربة الشعورية يسبق التعبير عنها , وإن كان بعضهم يقول : ( ( إننا نفكر بالألفاظ ) ) أي أن الألفاظ هي المظهر المدرك لأفكارنا بالقياس إلينا نحن أنفسنا , لا بالقياس إلى الآخرين وحدهم . أي أنه لا وجود للفكرة في أذهاننا قبل أن نصوغها في لفظ معين .)) ص 38
تعليق :
- ويمكن أن يكون الإنسان استفاد من هذا التناجي بأفكاره بينه وبين نفسه استفاد منه ليتناجى مع الآخرين أيضا !!
- بمعنى أن الإنسان حين يرى التشابه بين نفسه وبين نفوس الآخرين .. ويرى نفسه – أيضا – إنما تتبلو أفكارها ضمن قوالب الألفاظ .. فقال بما أن نفوس الآخرين كنفسي انا فلتكن طريقتي في بلورة افكاري للآخرين نفس طريقتي لبلورة افكاري لنفسي ذاتها !!
- امر آخر يمكن أن يدلل اكثر على صحة الرأي القائل بأن الإنسان يناجي نفسه من خلال الألفاظ .. وهو : حين نقول بأن المعنى هو السبب في وجود اللفظ .. وكأن المعنى هو من يخلق اللفظ وهو العلة التامة له يوجد بوجوده ويعدم بعدمه !!
- مثلا : لنفرض أن أمامنا لون أحمر .. فهو مكون من معنى الأحمر ومن لفظ الأحمر .. حين يتغير معنى الأحمر إلى لون اقل حمرة .. بمجرد أن تغير درجة واحدة أشد أو أضعف يبرز لفظ ليدل على هذا اللون الجديد .. حتى قبل أن يصطلح عليه الإنسان .. واللفظ البارز تلقائيا هو : أحمر أقل أو أحمر أشد أو أحمر متغير تغييرا ما .. أو غيرها من الألفاظ .. وبعد ذلك يأتي دور الإنسان في الاصطلاح ليقول : بدل ان اطلق على هذا المعنى الجديد : أحمر اخف .. فلاصطلح عليه : وردي .. فالأحمر الأخف هو اللفظ التلقائي البارز مباشرة بسبب تغير المعنى والذي ليس للإنسان دور مباشر في نشوئه .. أما الوردي : فهو اللفظ المصطلح عليه من قبل الإنسان

حسن العطية
19-03-2010, 09:25 AM
((وأما الأحاسيس والمشاعر فلها شأن آخر . ولا شك
أنها توجد في نفوسنا في وقت سابق للتعبير عنها . نعم انها توجد في حالة مبهمة يصعب إدراكها بالذهن من قبل التعبير عنها . ولكنها توجد على كل حال . تجد انفعالا مبهما لا قوام له ولا ضابط , يحاول أن يتبلور ويخرج في صورة مدركة محدودة . وقد نعبر عنه بحركة _ على طريقة آبائنا الأوائل _ ولكن الأديب يميل في الغالب إلى التعبير عنه بالألفاظ .
ففي بعض الحالات يكون هذا الانفعال من التوهج والحرارة والإشراق بحيث يغمر أحاسيس الأديب ويجعله في شبه نشوة , أو في نصف غيبوبة !
وأغلب ما تصيب هذه الحالة الشعراء , وذلك في اللحظات المتفردة للأوهام . وعندئذ يتم التعبير اللفظي عن هذه الحالة الشعورية بنصف وعي , أي أن اختيار الألفاظ وتنسيقها لا يتم بإرادة كاملة لصحو , وإنما تقفز الألفاظ والعبارات وتناسق وتتناغم , وكأنها تصنع ذلك بدون اختيار . وخرافة ( ( شيطان الشعر ) ) ربما تكون قد نشأت من وقوع مثل هذه الحال !
وقد يتم الشاعر عمله ي هذه الحالات الفذة _ ثم يراجعه , فيعجب لنفسه كيف واتته القدرة على صوغ العبارات ! وقد يقف أمام بعضها معجبا متعجبا كما لو كان ليشهدها لأو مرة . لأنه لم ينتبه لها كل التنبه في أول مرة !
ولا ينفرد الشعر المنظوم بهذه الحالة وحده فقد توجد في القصة . بل في البحث حين
يرتفع إلى المستوى الشعري . وقد عاينت بنفسي حالات من هذا النوع الكثيرة وأنا أكتب ( ( التصوير الفني في القرآن ) ) وكذلك وأنا أكتب ( ( في ضلال القرآن ) ) في بعض الأحيان . )) ص 38

حسن العطية
21-03-2010, 04:48 PM
((ولنقف لحظة لندرك كيف تم العمل الأدبي في هذه الحالة .
إن الرصيد المذخور من الألفاظ وصورها وضلالها وإيقاعاتها في هذه الحالة الفذة أن تشع الألفاظ أكبر شحنة من صورها وظلالها وإيقاعاتها , فتطابق الانفعال الشعوري مطابقة تامة أو مقاربة , إذ قلما تستطيع الألفاظ مهما حفلت بالظلال والإيقاع أن تستنفد الطاقة الشعورية .
وتناسق التعبير مع الشعور , وتطابق الانفعال مع شحنات الألفاظ , واستنفاد العبارة اللفظية للطاقة الشعورية , وهو ما وصف بأنه عمل من صنع الإلهام .
ولكن هذه الحالات نادرة أو قليلة في حياة الأديب على وجه الإجمال, وهو في حالاته التالية _ وبخاصة في غير الشعر _ يستمتع بقسط أكبر
من الوعي والمعاناة والاختيار ليطابق بين القيم الشعورية والقيم التعبيرية , وليستنفد الطاقة الشعورية بالتعبير .
ووظيفة الأديب حينئذ أن يهيئ للألفاظ نظاما ونسقا وجوا يسمح لها بأن تشع أكبر شحنتها من الصور والظلال والإيقاع , وأن تناسق ظلالها وإيقاعاتها مع الجو الشعوري الذي تريد أن ترسمه , وأن لا يقف بها عند الدلالة المعنوية الذهنية , وأن لا يقيم اختياره للألفاظ على هذا الأساس وحده ,
وان يكون لا بد منه في التعبير , ليفهم الآخرون ما يريده , وإن يرد إلى اللفظ تلك الحياة التي كانت له وهو يطلق أول مرة ليصور حالة حية , قبل أن يصير له معنى ذهني مجرد . فوصول اللفظ إلى الحالة التجريدية معناه أنه مات وأصبح رمزا فحسب , والأديب الموهوب هو الذي يرد عليه حياته , فيجعله شع صورة وظلا ويرسم حالة ومشهدا .)) ص 39
تعليق :
قوله : ((إن الرصيد المذخور من الألفاظ وصورها وضلالها وإيقاعاتها في هذه الحالة الفذة أن تشع الألفاظ أكبر شحنة من صورها وظلالها وإيقاعاتها , فتطابق الانفعال الشعوري مطابقة تامة أو مقاربة )) نفهم منه أنه بدون هذا الإرث المذخور لن ينفع كثيرا ذلك الإلهام .. بل ربما اتجه الإلهام للتعبير عن الحالة الشعورية إلى وسيلة أخرى غير غير الألفاظ لابرازها !!
- بمعنى : أن الرصيد المذخور في نفس كل منا هو الذي يحدد طبيعة الانفعال عند التعرض لموقف شعوري عنيف !!
- فمن كان رصيده الصور الشعرية فإنه سيلجأ الى الشعر لإبراز حالته تلك .. ومن كان رصيده الكلمات الرنانة الملتهبة الحماسية سيلجأ الى الخطابة .. من رصيده الفروسية سيلجأ الى السيف والفرس .. ومن رصيده التمثيل يلجأ الى المسرحية .. ومن رصيده الألوان وتناسقها يلجأ الى الرسم ... وهكذا ..
- فما يمتلكه الشخص هو من يحدد الوسيلة التي سيفرغ من خلالها شحناته الشعورية والإلهامية !!

حسن العطية
25-03-2010, 09:11 AM
(( ومن الصعب وضع قواعد تفصيلية أضيق من هذه وأدق لاستخدام الألفاظ , فالملابسات التي تحدد اختيار لفظ دون لفظ في سياق ملابسات شتى يصعب تحديدها . وفي أولها : نوع التجربة الشعورية , وطبيعة الانفعال بها في هذه النفس الخاصة , ونوع الانفعال ودرجته .
ولكن يمكن عرض بعض الأمثلة التي توضح ما نريد من الآثار الأدبية التي انتهى تقريرها وتقدريها والقرآن يسعفنا في هذا المجال أكثر مما تسعفنا أعمال البشر . وقد عرضت لهذا
المظاهرة في كتاب ( ( التصوير الفني في القرآن ) ) فأكتفي هنا بنقل فقرات من هذا البحث المطول هناك . ( ( قد يستقل لفظ واحد _ لا عبارة كاملة _ برسم صورة شاخصة _ لا بمجر د المساعدة على إكمال معالم صورة _ وهذه خطوة أخرى فقي تناسق التصوير ابعد من الخطوة الأولى , وأقرب على قمة جديدة في التناسق , خطوة يزيد من قوتها أن لفظا منفردا هو الذي يرسم الصورة تارة بجرسه الذي يلقيه في الأذن , وتارة بظله الذي يلقيه في الخيال , وتارة بالجرس والظل معا . ( ( تسمع الأذن كلمة ( ( اثاقلتم ) ) في قوله : (( يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض )) فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل يرفعه الرافعون في جهد , فيسقط في أيديهم في ثقل . إن في هذه الكلمة ( ( طنا ) ) على الأقل من الأثقال ! ولو أنك قلت ( ( تثاقلتم ) ) لخف الجرس , ولضاع الأثر المنشود ,ووارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ واستقل برسمها . ( ( وتقرأ : (( وإن منك ليبطئن )) فترسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها , وفي جرس ( ( ليبطئن ) خاصة ,وأن اللسان يكاد يتعثر وهو يتخبط فيها حتى يصل ببطء إلى نهايتها . ( ( وتتلوا حكاية قول هود: (( قال أرئيت إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم )) . أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ؟ فتحس أن كلمة ( ( أنلزمكموها )
تصور جو الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق وشد بعضها إلى بعض ,كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون , ويشدون عليه وهم نافرون !
( ( وهكذا يبدو لون من التناسق أعلى من البلاغة الظاهرية , وأوقع من الفصاحة اللفظية , اللتين يحسبهما بعض الباحثين في القرآن من أعظم مزايا القرآن .)) ص 39 - 40

أماني عواد
31-12-2011, 07:52 PM
الاستاذ الكبير حسن العطية


قوله : ((إن الرصيد المذخور من الألفاظ وصورها وضلالها وإيقاعاتها في هذه الحالة الفذة أن تشع الألفاظ أكبر شحنة من صورها وظلالها وإيقاعاتها , فتطابق الانفعال الشعوري مطابقة تامة أو مقاربة )) نفهم منه أنه بدون هذا الإرث المذخور لن ينفع كثيرا ذلك الإلهام .. بل ربما اتجه الإلهام للتعبير عن الحالة الشعورية إلى وسيلة أخرى غير غير الألفاظ لابرازها !!
- بمعنى : أن الرصيد المذخور في نفس كل منا هو الذي يحدد طبيعة الانفعال عند التعرض لموقف شعوري عنيف !!
- فمن كان رصيده الصور الشعرية فإنه سيلجأ الى الشعر لإبراز حالته تلك .. ومن كان رصيده الكلمات الرنانة الملتهبة الحماسية سيلجأ الى الخطابة .. من رصيده الفروسية سيلجأ الى السيف والفرس .. ومن رصيده التمثيل يلجأ الى المسرحية .. ومن رصيده الألوان وتناسقها يلجأ الى الرسم ... وهكذا ..
- فما يمتلكه الشخص هو من يحدد الوسيلة التي سيفرغ من خلالها شحناته الشعورية والإلهامية !!

تفسير رائع وفهم عالي للحالة التعبيرية التي نلجأ اليها بتأثير حالة شعورية واحدة كلٌ حسب رصيده
فهذا الاختلاف كان سببا في تعدد انواع الابداع الفني ودرجاته

بانتظار المزيد

صفاء الزرقان
01-01-2012, 02:33 AM
الأستاذ الأديب حسن عطية
موضوعٌ رائعٌ و قيم
نقلت من روائع و درر كتاب ( النقد الأدبي أصوله ومناهجه )
الشئ الكثير . شكراً لجميل نقلك لما له من دور في اثراء معلوماتنا
مرور ترحيب بك و بعودتك المباركة متمنين عدم انقطاع هطولك الجميل
نتابع معك هذه النقولات المفيدة
اهلا و مرحبا بك من جديد
تحيتي و تقديري

حسن العطية
01-01-2012, 05:21 PM
الاستاذ الكبير حسن العطية



تفسير رائع وفهم عالي للحالة التعبيرية التي نلجأ اليها بتأثير حالة شعورية واحدة كلٌ حسب رصيده
فهذا الاختلاف كان سببا في تعدد انواع الابداع الفني ودرجاته

بانتظار المزيد

أهلا وسهلا بك استاذتي المبدعة أماني ,, سعدت بمرورك الكريم ,, واهتمامك ,,
أما المزيد فالله يقدم الخير ..
ربي يخليك ويبارك فيك ولا يحرمنا إطلالتك بصفحاتي ,,

حسن العطية
01-01-2012, 05:34 PM
الأستاذ الأديب حسن عطية
موضوعٌ رائعٌ و قيم
نقلت من روائع و درر كتاب ( النقد الأدبي أصوله ومناهجه )
الشئ الكثير . شكراً لجميل نقلك لما له من دور في اثراء معلوماتنا
مرور ترحيب بك و بعودتك المباركة متمنين عدم انقطاع هطولك الجميل
نتابع معك هذه النقولات المفيدة
اهلا و مرحبا بك من جديد
تحيتي و تقديري

أديبتنا الناقدة الكريمة صفاء ,, ازدانت الصفحة بحضورك الكريم ,,
كل الشكر لك على هذا الترحيب وحسن الظن الذي أرجو أن أكون بمستواه ,,
والله أسأل أن يقدرني على ما فيه الخير ,,
ربي يخليك ويبارك فيك ولا يحرمنا هطول يراعك ,,

ربيحة الرفاعي
02-01-2012, 03:59 AM
الرائع حسن العطية

شكرا لرفعك للموضوع فمحتواه كنز جدير بالقراءة
وستكون لنا معه جلسة نشكر لكة فائدتها مقدما

تحيتي

حسن العطية
02-01-2012, 07:55 AM
الرائع حسن العطية

شكرا لرفعك للموضوع فمحتواه كنز جدير بالقراءة
وستكون لنا معه جلسة نشكر لكة فائدتها مقدما

تحيتي

الشكر لك أستاذتنا ربيحة على المرور الكريم والمديح السخي ,,
لكن أنا لم أرفع الموضوع لكن رددت على تعليقتين كريمتين جديدتين ,,
على العموم سررت بتشريفك ومديحك ورأيك الكريم ..
ربي يخليك ويبارك فيك ولا يحرمنا نمير يراعك المتدفق ,,

حسن العطية
21-01-2012, 06:57 AM
نزولا تحت طلب المشرفتين الفاضلتين والأختين الكريمتين " أماني عواد " و " صفاء الزرقان " سأستأنف الحديث في الموضوع ,,
أشكر لهما حسن ظنهما ,,
والله أسأل أن يعيننا على طاعته واجتناب معصيته وأن يتم لنا أعمالنا ويجعلها خالصة لوجهه الكريم بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين

حسن العطية
21-01-2012, 07:00 AM
(( ومن الصعب وضع قواعد تفصيلية أضيق من هذه وأدق لاستخدام الألفاظ , فالملابسات التي تحدد اختيار لفظ دون لفظ في سياق ملابسات شتى يصعب تحديدها . وفي أولها : نوع التجربة الشعورية , وطبيعة الانفعال بها في هذه النفس الخاصة , ونوع الانفعال ودرجته .
ولكن يمكن عرض بعض الأمثلة التي توضح ما نريد من الآثار الأدبية التي انتهى تقريرها وتقدريها والقرآن يسعفنا في هذا المجال أكثر مما تسعفنا أعمال البشر . وقد عرضت لهذا
المظاهرة في كتاب ( ( التصوير الفني في القرآن ) ) فأكتفي هنا بنقل فقرات من هذا البحث المطول هناك . ( ( قد يستقل لفظ واحد _ لا عبارة كاملة _ برسم صورة شاخصة _ لا بمجر د المساعدة على إكمال معالم صورة _ وهذه خطوة أخرى فقي تناسق التصوير ابعد من الخطوة الأولى , وأقرب على قمة جديدة في التناسق , خطوة يزيد من قوتها أن لفظا منفردا هو الذي يرسم الصورة تارة بجرسه الذي يلقيه في الأذن , وتارة بظله الذي يلقيه في الخيال , وتارة بالجرس والظل معا . ( ( تسمع الأذن كلمة ( ( اثاقلتم ) ) في قوله : (( يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض )) فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل يرفعه الرافعون في جهد , فيسقط في أيديهم في ثقل . إن في هذه الكلمة ( ( طنا ) ) على الأقل من الأثقال ! ولو أنك قلت ( ( تثاقلتم ) ) لخف الجرس , ولضاع الأثر المنشود ,ووارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ واستقل برسمها . ( ( وتقرأ : (( وإن منك ليبطئن )) فترسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها , وفي جرس ( ( ليبطئن ) خاصة ,وأن اللسان يكاد يتعثر وهو يتخبط فيها حتى يصل ببطء إلى نهايتها . ( ( وتتلوا حكاية قول هود: (( قال أرئيت إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم )) . أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ؟ فتحس أن كلمة ( ( أنلزمكموها )
تصور جو الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق وشد بعضها إلى بعض ,كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون , ويشدون عليه وهم نافرون !
( ( وهكذا يبدو لون من التناسق أعلى من البلاغة الظاهرية , وأوقع من الفصاحة اللفظية , اللتين يحسبهما بعض الباحثين في القرآن من أعظم مزايا القرآن .)) ص 39 - 40

أماني عواد
21-01-2012, 08:43 PM
الاستاذ الكبير حسن العطية

نزولا تحت طلب المشرفتين الفاضلتين والأختين الكريمتين " أماني عواد " و " صفاء الزرقان " سأستأنف الحديث في الموضوع ,,
أشكر لهما حسن ظنهما ,,
والله أسأل أن يعيننا على طاعته واجتناب معصيته وأن يتم لنا أعمالنا ويجعلها خالصة لوجهه الكريم بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين
كبير شكري وامتناني على تلبيتك لطلب يحتاج منك جهدا ووقتا جعله الله في ميزان حسناتك



المظاهرة في كتاب ( ( التصوير الفني في القرآن ) ) فأكتفي هنا بنقل فقرات من هذا البحث المطول هناك . ( ( قد يستقل لفظ واحد _ لا عبارة كاملة _ برسم صورة شاخصة _ لا بمجر د المساعدة على إكمال معالم صورة _ وهذه خطوة أخرى فقي تناسق التصوير ابعد من الخطوة الأولى , وأقرب على قمة جديدة في التناسق
ومن غير خالقنا يستطيع تحديد اعلى قيمة تأثيرية للفظ الذي تترتب عليه اعلى قيمة شعورية لدى عباده
ولو بحثنا لوجدنا ان القران يحتوي الكثير من هذه الالفاظ التي ترسم صورة شاخصة

ما اراد ان يوصل الكاتب ان هناك الفاظ ادبية ترسم لنا صورة شاخصة عن طريق
1- تاثيرها على حاسة السمع
2- قدرتها على صناعة الخيال لدى القارئ
3- تاثيرها على السمع والخيال معا
ومن وجهة نطري ان القيمة الشعورية للصورة الشاخصة تكون في اوجها ادا كانت من النوع الثالث وامتد اثرها ليطال الخيال والسمع معا

دام عطاؤك
بانتظار البقية

صفاء الزرقان
22-01-2012, 01:30 AM
"( تسمع الأذن كلمة ( ( اثاقلتم ) ) في قوله : (( يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض )) فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل يرفعه الرافعون في جهد , فيسقط في أيديهم في ثقل . إن في هذه الكلمة ( ( طنا ) ) على الأقل من الأثقال !"

شرح رائع و توضيح بأمثلة كانت ممتازة لايصال الفكرة و توضيحها ,

كلام سليم ورائع فهناك كلمات قادرة على استحضار صورة و رسمها في خيال القارئ

ليزداد تأثره و شعوره و فهمه للمعنى المراد في النص و هو أمر لايجيده الا كاتب محترف

يجيد توظيف ألفاظ تخدم الصورة .

شكرا لك استاذ حسن على تلبية الطلب ايها الكريم
تحيتي و تقديري
بانتظار المزيد

حسن العطية
22-01-2012, 08:03 AM
الاستاذ الكبير حسن العطية

كبير شكري وامتناني على تلبيتك لطلب يحتاج منك جهدا ووقتا جعله الله في ميزان حسناتك


ومن غير خالقنا يستطيع تحديد اعلى قيمة تأثيرية للفظ الذي تترتب عليه اعلى قيمة شعورية لدى عباده
ولو بحثنا لوجدنا ان القران يحتوي الكثير من هذه الالفاظ التي ترسم صورة شاخصة

ما اراد ان يوصل الكاتب ان هناك الفاظ ادبية ترسم لنا صورة شاخصة عن طريق
1- تاثيرها على حاسة السمع
2- قدرتها على صناعة الخيال لدى القارئ
3- تاثيرها على السمع والخيال معا
ومن وجهة نطري ان القيمة الشعورية للصورة الشاخصة تكون في اوجها ادا كانت من النوع الثالث وامتد اثرها ليطال الخيال والسمع معا

دام عطاؤك
بانتظار البقية

طيب أستاذتي : لم السمع فقط ؟؟ وثانيا : هل سمعت أنت الآن هذه الكلمات الموحية أم قرأتها ؟؟

حسن العطية
22-01-2012, 10:13 PM
"( تسمع الأذن كلمة ( ( اثاقلتم ) ) في قوله : (( يأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض )) فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل يرفعه الرافعون في جهد , فيسقط في أيديهم في ثقل . إن في هذه الكلمة ( ( طنا ) ) على الأقل من الأثقال !"

شرح رائع و توضيح بأمثلة كانت ممتازة لايصال الفكرة و توضيحها ,

كلام سليم ورائع فهناك كلمات قادرة على استحضار صورة و رسمها في خيال القارئ

ليزداد تأثره و شعوره و فهمه للمعنى المراد في النص و هو أمر لايجيده الا كاتب محترف

يجيد توظيف ألفاظ تخدم الصورة .

شكرا لك استاذ حسن على تلبية الطلب ايها الكريم
تحيتي و تقديري
بانتظار المزيد

كلام سليم ورائع لأنه مأخوذ من إنسان رائع وعظيم ومفكر كبير " سيد قطب " رحمه الله تعالى ,,
سررت بمرورك الرائع مشرفتنا الكريمة ,,
ربي يخليك ويبارك فيك ولا تعدمك سطوري المتواضعة ,,

حسن العطية
24-01-2012, 06:12 AM
الحديث عن العبارة في العمل الأدبي
((الحديث عن "العبارة" في العمل الأدبي متصل بالحديث عن "اللفظ المعبر" فالعبارة مجموعة من ألفاظ منسقة على نحو معين لأداء معنى ذهني أو معنى شعوري . والألفاظ لا تستطيع أن تعطي دلالتها كاملة إلا في هذا النسق ))

(( أحيانا تستقل العبارة الواحدة بتصوير تجربة شعورية , وأحيانا – وهو الأغلب – لا تكفي عبارة واحدة للتعبير , فتتبعها عبارات أخرى بالقدر الذي يستنفذ الشحنة الشعورية ويعادلها , ولكن العبارة الواحدة على كل حال تستقل بجزء - وإن لم يكن مفصولا - في هذه المهمة ))
تعليق :
قوله :(( أحيانا تستقل العبارة الواحدة بتصوير تجربة شعورية)) لعل من العبارات التي تستقل بتصوير تجربة شعورية ويكون تأثيرها فائق القوة هو الأمثال خاصة القصير منها والتي لا تتجاوز بضع كلمات إلا أن وقعها في النفوس كبير !!
- وهنا أمر آخر مهم أحب الإشارة إليه بمناسبة استقلال بعض الألفاظ أو العبارات بالتعبير عن التجربة الشعورية لأقول : حين تنقل العبارات أو الأبيات أو المقاطع حين تنقل الشحنة العاطفية المراد نقلها فإن الزيادة على ذلك قد تضر بالنص من عدة أوجه ,, منها : أن تلك الزيادة المتكلفة تفقد الصدق في الزيادة نفسها ولربما يسري إلى بقية التجربة الشعورية فيشك فيها المتلقي مما يقلل تأثيرها في المتلقي ,, بل ينبغي الاكتفاء بما ينقل الشحنة العاطفية بلا تزيد ويكتفى بما تم به المطلوب وإن كانت عدة عبارات أو أبيات لا غير ,, فالعبرة بالكيف لا بالكم ,, ولا ينسى أن الزائد مضر كالناقص !!
(( خصائص اللفظ كلها تنطبق هنا على العبارة , ويزيد عليها التنسيق الذي يسمح لكل لفظ بأن يشع شحنته من الصور ومن الإيقاع , والذي يؤلف إيقاعا متناسقا بين الألفاظ , وظلالا متناسقة كذلك من ظلال الألفاظ ))


تعليق :
هذا منه – رحمه الله – مثل ما يقولونه في التفريق بين الفصاحة والبلاغة من قولهم إن الفصاحة تتعلق بالألفاظ المفردة أما البلاغة فبها منضمة مع غيرها !!

أماني عواد
25-01-2012, 10:08 AM
طيب أستاذتي : لم السمع فقط ؟؟ وثانيا : هل سمعت أنت الآن هذه الكلمات الموحية أم قرأتها ؟؟
الاستاذ الكبير حسن العطية

كلنا نعلم ان الحواس هي خمسة السمع / البصر/ اللمس / الشم / التذوق
وعندما نريد تقييم اي عمل فني نستثني الثلاثة الاخيرة وتبقى حاستي السمع والبصر
المؤثر الخارجي للبصر هو التغيرات الضوية وهي محدودة في العمل الادبي المكتوب والتي هي تقتصر على اللونين الابيض والاسود للتمييز بين الحروف ليس الا
اما المؤثر الخارجي للسمع هو الصوت وقد يتبادر للذهن ان العمل الادبي يفتقر للصوت كونه مقروء واقول اننا حين نقرا فأننا نخضع لتأثير الصوت الذي يدوي في دواخلنا بدرجة انفعالية تتناسب والتعبير اللفظي اذ كلنا يكرر اللفظ في داخله ويسمعه.



اما الخيال فهو ذلك الفضاء الذي يصنعه الانفعال الناشئ عن القيمة التعبيرية التي استخدمت بالنص, تحتاج لكل ما فينا من حواس (الاحساس) والاكثرلحاسة البصر بالمعنى الخيالي كي تستطيع ان تصف وتعيش العوالم التي ينقلنا اليها عمل ادبي ما

وفي الحقيقة الله في كتابه العزيز يقدم دائما السمع عن البصر وذلك لعلمه الذي لا نعلم

اتمنى ان اكون قد وفقت بالاجابة

كبير تقديري لهدا العمل الرائع ( بكل الحواس )

حسن العطية
26-01-2012, 03:01 PM
الاستاذ الكبير حسن العطية

كلنا نعلم ان الحواس هي خمسة السمع / البصر/ اللمس / الشم / التذوق
وعندما نريد تقييم اي عمل فني نستثني الثلاثة الاخيرة وتبقى حاستي السمع والبصر
المؤثر الخارجي للبصر هو التغيرات الضوية وهي محدودة في العمل الادبي المكتوب والتي هي تقتصر على اللونين الابيض والاسود للتمييز بين الحروف ليس الا
اما المؤثر الخارجي للسمع هو الصوت وقد يتبادر للذهن ان العمل الادبي يفتقر للصوت كونه مقروء واقول اننا حين نقرا فأننا نخضع لتأثير الصوت الذي يدوي في دواخلنا بدرجة انفعالية تتناسب والتعبير اللفظي اذ كلنا يكرر اللفظ في داخله ويسمعه.



اما الخيال فهو ذلك الفضاء الذي يصنعه الانفعال الناشئ عن القيمة التعبيرية التي استخدمت بالنص, تحتاج لكل ما فينا من حواس (الاحساس) والاكثرلحاسة البصر بالمعنى الخيالي كي تستطيع ان تصف وتعيش العوالم التي ينقلنا اليها عمل ادبي ما

وفي الحقيقة الله في كتابه العزيز يقدم دائما السمع عن البصر وذلك لعلمه الذي لا نعلم

اتمنى ان اكون قد وفقت بالاجابة

كبير تقديري لهدا العمل الرائع ( بكل الحواس )

أستاذتي الفاضلة أماني !!
حين يأتي في نص ما ذكر : رائحة طعام زكي ,, أو طعمه الحلو كالعسل ,, أو ملمسه الحريري ,, أو لونه الفاقع ,, ألا تنقل لنا هذه العبارات والكلمات صورا متخيلة متصورة ؟؟
فلا اظن أن هناك تحييدا لأي حاسة من الحواس وإلا لقلنا بعجز الكلمات عن نقل الألوان والمذاقات و و و الكثير من الامور !!
- حين نسمع القرآن الكريم يصف بقرة بني إسرائيل : (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) فقد استطاعت الآية أن تنقل لنا ذلك اللون المميز للبقرة وكأنها أمامنا في الزريبة !! وةكذا الأمر في المذاقات والملموسات وغيرها !!
- أما مسألة أي الحواس أكثر تأثيرا فقد يقال السمع ,, لكن هنا أمر مهم في نظري ينبغي الالتفات إليه ألا وهو : حين نقول بأن السمع أكبر الحواس تاثيرا فينا أو البصر أو أي حاسة أخرى ,, فالمقصود حين نستخدمها الاستخدام الأمثل ,, وإلا فقد فقد نتوافق على أن السمع هو الأكثر تأثيرا لكن شخص ما اسأء التاُير في سمعنا وأجاد استخدام الخدع البصرية وتأثرنا بها أكثر ففي مثل هذه الحالة يكون تاثير البصر علينا أكبر في هذه الحالة فقط لا نقول على وجه الاطلاق : البصر أكبر تأثيرا !! وهذا هو المهم وهو : التأثير الجيد والاستفادة المثلى من تلك الحواس !!
- هذا ما عندي في الأمر ,, وهو قابل للأخذ والرد وللمزيد من التأمل !!
- وذيل تعليقتك السالفة تشير إلى ما قلته أيضا فنحن متفقان فيها وإلا شرايك :002:
- خالص الشكر والامتنان لك سيدتي الكريمة على هذا الحضور الشامخ دوما :wow:

أماني عواد
26-01-2012, 08:49 PM
أستاذتي الفاضلة أماني !!
حين يأتي في نص ما ذكر : رائحة طعام زكي ,, أو طعمه الحلو كالعسل ,, أو ملمسه الحريري ,, أو لونه الفاقع ,, ألا تنقل لنا هذه العبارات والكلمات صورا متخيلة متصورة ؟؟
فلا اظن أن هناك تحييدا لأي حاسة من الحواس وإلا لقلنا بعجز الكلمات عن نقل الألوان والمذاقات و و و الكثير من الامور !!
- حين نسمع القرآن الكريم يصف بقرة بني إسرائيل : (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) فقد استطاعت الآية أن تنقل لنا ذلك اللون المميز للبقرة وكأنها أمامنا في الزريبة !! وةكذا الأمر في المذاقات والملموسات وغيرها !!
- أما مسألة أي الحواس أكثر تأثيرا فقد يقال السمع ,, لكن هنا أمر مهم في نظري ينبغي الالتفات إليه ألا وهو : حين نقول بأن السمع أكبر الحواس تاثيرا فينا أو البصر أو أي حاسة أخرى ,, فالمقصود حين نستخدمها الاستخدام الأمثل ,, وإلا فقد فقد نتوافق على أن السمع هو الأكثر تأثيرا لكن شخص ما اسأء التاُير في سمعنا وأجاد استخدام الخدع البصرية وتأثرنا بها أكثر ففي مثل هذه الحالة يكون تاثير البصر علينا أكبر في هذه الحالة فقط لا نقول على وجه الاطلاق : البصر أكبر تأثيرا !! وهذا هو المهم وهو : التأثير الجيد والاستفادة المثلى من تلك الحواس !!
- هذا ما عندي في الأمر ,, وهو قابل للأخذ والرد وللمزيد من التأمل !!
- وذيل تعليقتك السالفة تشير إلى ما قلته أيضا فنحن متفقان فيها وإلا شرايك :002:
- خالص الشكر والامتنان لك سيدتي الكريمة على هذا الحضور الشامخ دوما :wow:

الاستاذ حسن العطية

كأنك تقول ان كل الحواس غير السمع لا نستطيع استحضارها من النص الا عن طريق تخيلها اما السمع فأننا في نستطيع استحضارها عن طريق لفظها فادا كانت الصورة الشاخصة تمثل لونا \ رائحة\ طعما اوملمسا لا نستطيع ان نحولها من صورة خيالية الا صورة واقعية اما حين نلفظها نكون قد اتحنا ولو بنسبة قليلة لتحويلها الى صورة واقعية

لذا كانت الية التعبير عن الصورة الشاخصة
السمع \وبقية الحواس التي يندرج تحت الخيال

ورايي اننا متفقان بأدن الله
دمت معطاءا

حسن العطية
27-01-2012, 07:09 AM
الاستاذ حسن العطية

كأنك تقول ان كل الحواس غير السمع لا نستطيع استحضارها من النص الا عن طريق تخيلها اما السمع فأننا في نستطيع استحضارها عن طريق لفظها فادا كانت الصورة الشاخصة تمثل لونا \ رائحة\ طعما اوملمسا لا نستطيع ان نحولها من صورة خيالية الا صورة واقعية اما حين نلفظها نكون قد اتحنا ولو بنسبة قليلة لتحويلها الى صورة واقعية

لذا كانت الية التعبير عن الصورة الشاخصة
السمع \وبقية الحواس التي يندرج تحت الخيال

ورايي اننا متفقان بأدن الله
دمت معطاءا

- كل الحواس يمكن التاثير بها من خلال الكلمات بما تحمله من دلالات وإشارات وإيحاءات وظلال !!
- ما فيه أحسن من الاتفاق ونبذ الاختلاف !!
- ربي يخليك ويبارك فيك ولا يحرم سطوري المتواضعة منك أبدا ,,

حسن العطية
06-02-2012, 06:57 PM
لا إفراط ولا تفريط
***
((وقد غالت "المدرسة العقلية " في الأدب الحديث عندنا في نزعتها التفكيرية , وفي إغفال القيم التعبيرية ,لأنها فصلت بينها وبين القيم الشعورية . وقد كان لها عذرها في هذه المغالاة , لأنها كانت تعاني رد فعل للاتجاه التعبيري البحت الذي سبقها علي يدي المنفلوطي في النثر وشوقي في الشعر , وعلى أيدي السائقين (لعله : التابعين) لهما مما يهبطون عن هذا المستوى كثيرا , ولكن هذه المغالاة عوقت الاكتمال الفني , الذي يجمع بين القيم الشعورية والقيم التعبيرية ويجعلهما وحدة متكافئة الأجزاء ))
تعليق :
لا تخفى مكانة المؤلف – رحمه الله تعالى – وإحاطته ومع ذلك ارى في اتهامه للمنفلوطي وشوقي بأن اتجاههما كان تعبيريا بحتا فيه الكثير من التجني ومجانبة الصواب – والله أعلم بالصواب - !!

أماني عواد
06-02-2012, 07:57 PM
الاستاذ الكبيرحسن العطية


وقد غالت "المدرسة العقلية " في الأدب الحديث عندنا في نزعتها التفكيرية , وفي إغفال القيم التعبيرية ,لأنها فصلت بينها وبين القيم الشعورية

هنا لم استطع الفهم كيف كيف تغفل المدرسة العقلية القيمة التعبيرية وهي طريقة ايصال المعنى ؟

دمت معطاءا

حسن العطية
07-02-2012, 08:58 AM
الاستاذ الكبيرحسن العطية


هنا لم استطع الفهم كيف كيف تغفل المدرسة العقلية القيمة التعبيرية وهي طريقة ايصال المعنى ؟

دمت معطاءا

أولا أشكر لك اهتمامك المستمر ,,
ثانيا : نورت الصفحة ,,
ثالثا : حضور مثلك بين سطوري يحفزني على الاستمرار في هذا الموضوع المرهق !!
رابعا : المدرسة العقلية همها إيصال المعنى - كما قلت انت - كيفما اتفق دون رعاية الصور بليغة والخيال و و و !!
مثلا : يمكن للمدرسة العقلية حين تريد تعريف الربيع تقول :الربيع هو الفصل الذي يأتي بين الخريف والصيف !! ويمكن أن تقول في تعريفه : الربيع هو الفصل الذي تكتسي فيه الأرض أبهى حللها !!
فالتعريف الاول اغفل القيم التعبيرية والثاني لم يغفلها !!
- المدرسة العقلية تهتم بالمعنى فواحد زائد واحد اثنان عندها ,, أما عند المدرسة التعبيرية فيمكن أن يختلف الجواب كثيرا بأن يقال : واحد زائد واحد يساوي أمة تعيش المدينة الفاضلة أو غابة من الوحوش !!
خامسا : هذا ما عندي والله أعلم بالصواب !!

أماني عواد
20-02-2012, 10:14 PM
أولا أشكر لك اهتمامك المستمر ,,
ثانيا : نورت الصفحة ,,
ثالثا : حضور مثلك بين سطوري يحفزني على الاستمرار في هذا الموضوع المرهق !!
رابعا : المدرسة العقلية همها إيصال المعنى - كما قلت انت - كيفما اتفق دون رعاية الصور بليغة والخيال و و و !!
مثلا : يمكن للمدرسة العقلية حين تريد تعريف الربيع تقول :الربيع هو الفصل الذي يأتي بين الخريف والصيف !! ويمكن أن تقول في تعريفه : الربيع هو الفصل الذي تكتسي فيه الأرض أبهى حللها !!
فالتعريف الاول اغفل القيم التعبيرية والثاني لم يغفلها !!
- المدرسة العقلية تهتم بالمعنى فواحد زائد واحد اثنان عندها ,, أما عند المدرسة التعبيرية فيمكن أن يختلف الجواب كثيرا بأن يقال : واحد زائد واحد يساوي أمة تعيش المدينة الفاضلة أو غابة من الوحوش !!
خامسا : هذا ما عندي والله أعلم بالصواب !!


الاستاذ الكبير حسن العطية

كفيت ووفيت رد رائع وتحليل منطقي جميل

باننظار ما يرهقك

تقديري الكبير

حسن العطية
21-02-2012, 05:22 PM
باننظار ما يرهقك



حكم القوي !!

حسن العطية
23-02-2012, 07:01 PM
قيمة الدلالة المعنوية :
قال رحمه الله : (( وحين نحكم على قيمة العمل الأدبي من خلال العبارة , لا يجوز أن نكتفي بدلالتها المعنوية , فهي عنصر واحد من عناصر دلالتها , فلا بد أن نضم إليها عنصري الإيقاع والظلال , فهي في مجموعها تدل على القيمة الكاملة لهذا العمل . وكثيرا ما تكون الدلالة المعنوية هي اصغر عنصر في العمل الأدبي ...
ولنضرب على ذلك مثالا بيت البحتري في مطلع الربيع :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا – من الحسن حتى كاد أن يتكلما
فهذا البيت بنسقه ونظمه وألفاظه هذه هو الذي يعبر عما خالج نفس البحتري من الإحساس بالربيع , وهو يحس الجمال الحي المتفتح , ويخيل إليه أن هذا الربيع يختال ضاحكا من الحسن , ويهم بالكلام لفرط ما في أعطافه من الحيوية والتفتح والابتسام .
فإذا نثرنا البيت هكذا :
" جاء الربيع الطلق يختال من الحسن ويضحك حتى ليكاد أن يتكلم " فإن هذا النسق لا يفي بتصوير الحالة الشعورية التي مرت بالشاعر , لأنه يفقد التعبير جزءا من إيقاعه الموسيقي الذي اختاره , والذي يشترك في تصوير الحالة التي تخيلها الشاعر للربيع , وتصوير الحالة التي كان الشاعر عليها وهو يتلقى صورة الربيع في حسه وتصوره .
فإذا نحن أمعنا في البعد عن النسق اللفظي والتعبيري للشاعر , فنثرنا البيت غلى النحو التالي :
" إن الدنيا لتبدو في الربيع جميلة كأنها كائن حي يختال ويضحك ويتكلم " فإننا نكون قد قضينا القضاء الأخير على روح الشاعر , وعلى عمله الأدبي , لأننا قضينا على الصورة المتخيلة للربيع في حسه وعلى الإيقاع الموسيقي أيضا .
فالألفاظ التي يختارها الأديب , والنسق الذي يرتبها فيه , عنصران أصيلان في تعبيره , وفي قيمة عمله الأدبي , لأنهما هما وحدهما اللذان ينقلان إلينا كامل شعوره )) انتهى
تعليق :
قوله الأخير من كون الألفاظ التي يختارها الأديب والنسق ... يظهر جليا بما نصف به بعض الشعر المميز أحيانا بقولنا : هذا الشعر من السهل الممتنع !!
- فبعض الشعر يكون قريبا للقلب إلى درجة تظن أن باستطاعتك قول مثله إلا أن ما اختار له قائله من ألفاظ ونسق يجعله صعب المنال إلا على المبرزين . والله أعلم !!

أماني عواد
23-02-2012, 07:17 PM
قيمة الدلالة المعنوية :
قال رحمه الله : (( وحين نحكم على قيمة العمل الأدبي من خلال العبارة , لا يجوز أن نكتفي بدلالتها المعنوية , فهي عنصر واحد من عناصر دلالتها , فلا بد أن نضم إليها عنصري الإيقاع والظلال , فهي في مجموعها تدل على القيمة الكاملة لهذا العمل . وكثيرا ما تكون الدلالة المعنوية هي اصغر عنصر في العمل الأدبي ...
ولنضرب على ذلك مثالا بيت البحتري في مطلع الربيع :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا – من الحسن حتى كاد أن يتكلما
فهذا البيت بنسقه ونظمه وألفاظه هذه هو الذي يعبر عما خالج نفس البحتري من الإحساس بالربيع , وهو يحس الجمال الحي المتفتح , ويخيل إليه أن هذا الربيع يختال ضاحكا من الحسن , ويهم بالكلام لفرط ما في أعطافه من الحيوية والتفتح والابتسام .
فإذا نثرنا البيت هكذا :
" جاء الربيع الطلق يختال من الحسن ويضحك حتى ليكاد أن يتكلم " فإن هذا النسق لا يفي بتصوير الحالة الشعورية التي مرت بالشاعر , لأنه يفقد التعبير جزءا من إيقاعه الموسيقي الذي اختاره , والذي يشترك في تصوير الحالة التي تخيلها الشاعر للربيع , وتصوير الحالة التي كان الشاعر عليها وهو يتلقى صورة الربيع في حسه وتصوره .


الاستاذ الكبير حسن العطية

قد تكون الحالة الشعورية التي انجبت العمل الادبي ذاتها باختلاف النسق واللفظ والايقاع يترتب عليه اختلاف في القيمة الشعورية لدى القارئ
ومن هنا يأت التمييز بين كاتب واخر وعمل وآخر , وباعتقادي ان الشعراء وهم الاكثر مقدرة على ضبط ايقاعات العمل الادبي لذا نرى ان للقصيدة
الشعرية تأثيرا اعمق على القارئ من النثر

دمت معطاءأ
بانتظار المزيد

فإذا نحن أمعنا في البعد عن النسق اللفظي والتعبيري للشاعر , فنثرنا البيت غلى النحو التالي :
" إن الدنيا لتبدو في الربيع جميلة كأنها كائن حي يختال ويضحك ويتكلم " فإننا نكون قد قضينا القضاء الأخير على روح الشاعر , وعلى عمله الأدبي , لأننا قضينا على الصورة المتخيلة للربيع في حسه وعلى الإيقاع الموسيقي أيضا .
فالألفاظ التي يختارها الأديب , والنسق الذي يرتبها فيه , عنصران أصيلان في تعبيره , وفي قيمة عمله الأدبي , لأنهما هما وحدهما اللذان ينقلان إلينا كامل شعوره )) انتهى
تعليق :
قوله الأخير من كون الألفاظ التي يختارها الأديب والنسق ... يظهر جليا بما نصف به بعض الشعر المميز أحيانا بقولنا : هذا الشعر من السهل الممتنع !!
- فبعض الشعر يكون قريبا للقلب إلى درجة تظن أن باستطاعتك قول مثله إلا أن ما اختار له قائله من ألفاظ ونسق يجعله صعب المنال إلا على المبرزين . والله أعلم !!

حسن العطية
26-02-2012, 07:29 PM
أماني عواد :
الاستاذ الكبير حسن العطية

قد تكون الحالة الشعورية التي انجبت العمل الادبي ذاتها باختلاف النسق واللفظ والايقاع يترتب عليه اختلاف في القيمة الشعورية لدى القارئ
ومن هنا يأت التمييز بين كاتب واخر وعمل وآخر , وباعتقادي ان الشعراء وهم الاكثر مقدرة على ضبط ايقاعات العمل الادبي لذا نرى ان للقصيدة
الشعرية تأثيرا اعمق على القارئ من النثر

دمت معطاءأ
بانتظار المزيد

الأستاذة المتألقة دوما ,, أماني عواد ,,
جزيل الشكر والامتنان على هذه المتابعة والإثراء المتواصل !!
بالنسبة لأيهما أكثر تأثيرا الشعر أم النثر فمسألة عويصة تقدم شيء منها سابقا !!
ربي يخليك ويبارك فيك ولا يحرم صفحاتي من ثاقب نظرك أبدا ,,