المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحلام على الأسفلت ..!!



هبة الأغا
23-01-2010, 05:24 PM
أحلام على الأسفلت


أم يحيى لاتعرف القراءة ولا الكتابة، ولكنها تمارس كل يوم كتابة الأماني في ذهنها الممتلئ بمشاغل الحياة، تخبئ عشها الصغير في كومة من القش أعلى مطبخ بيتهم، وتضع فيها ذكرياتها وذكريات من سبقوها ..
التقت أمس بالسيد شاكر، القادم من الجنوب، أخبرها أن يحيى سعيد بعمله في الأنفاق، وهو لا ينوي العودة إلى غزة وقد أرسل لها مبلغاً من المال لتقضي حوائجها، وكيساً من الحلوى أهداه إياه أحد التجار الذين جلبوها من مصر ..
_ وكيف يعيش هناك في رفح ؟
_ بخير، ووضعه عال العال ..
أدارت ظهرها للرجل، فخرج من بيتها و صوت شهيقها يرن في أذنيه .

* * *

تلوى جسده الغض من شدة البرد، وبحث حوله فلم يجد إلا قطعة قماش بالية يلف بها نفسه، ولا يحميه إلا جزءا من " زينكو " قديم، وجده ملقى عند تجمع نفاية قريب ..
كان صوت أمه دائماً يرن في أذنيه حينما يخلد لنومه، ولا يحلم إلا بكفها ترويه من دفئها بعدما أظمأته الأيام .
عند "رمزون" السرايا، كان يمارس عمله الصباحي، يذهب فجراً لصاحب الدكان يطلب منه بعض البسكويت وأقلام الرصاص والمحارم، ليبيعها للسائقين وأصحاب السيارات الملاكي حين تتوقف الإشارة .
_ بنص شيكل المحارم
_ شكراً .. مش عازين
_ لحظة ..
وأخرجت السيدة من حقيبتها " شيقلاً " وأعطته لماجد بعد أن امتنع كل من في السيارة عن الشراء، لم تطلب شيئاً، لكنه أصر على إعطائها قلماً وعلبة محارم، كي لا يشعر بشيء ما في نفسه .
لم يكن يؤلمه إلا طلبة المدارس وهم يرتدون زيهم ويتجهون لمدارسهم ..
في آخر موجة عاصفة ضربت البلاد، وجدوه ميتاً تحت كومة " الزينكو" ، وبجانبه قلم رصاص ودفتر صغير، به بعض خربشات كان يحاول بها أن يكتب .. " أحلم بالحياة " .

هبة الأغا
يناير2010

مازن لبابيدي
23-01-2010, 05:39 PM
أختي القاصة الفاضلة هبة الآغا

أحييك أولاً على هذا الطرح المبدع ، فقد قرأت هنا مشهدين مؤثرين يصوران بكل براعة واختزال واقعاً اجتماعياً ونفسياً ومادياً ينطوي على معاناة كبيرة .
في الحقيقة أختي الكريمة لم أجد رابطاً واضحاً بين المشهدين من الناحية الفنية لحبكة القصة ، وإن كانا مشهدين يجمعهما مكان واحد ، وقد كنت أتوقع أن البطل في المشهد الثاني هو ابن أم يحيى ، ولكن لا يوجد ما يدل على ذلك .
وأرى أن كلا من المشهدين يصلح أن يكون قصة قصيرة مستقلة . طبعاً هذا رأيي الخاص كقارئ ولست معلماً أو ناقداً .
أرجو أن تتقبلي مروري وتعليقي ، ولك كل الاحترام والتقدير .

هبة الأغا
23-01-2010, 05:53 PM
أهلاً وسهلاً أخي مازن ..
في الحقيقة نسيت أن أنوه بأن المشهدين ليسا قصة واحدة .. إنما العنوان فقط يشير إلى ما يحتويه المشهدان ..

وربما مزيداً من المشاهد لأحلام تناثرت على الأسفلت .. ولكن هذا ما دار في خلدي في خط الكتابة ..

كل التحية لمرورك الفاضل ..

تحية غزيّة

مصطفى الشيمي
24-01-2010, 11:05 AM
هي أحلامٌ على الأسفلت
هي أوجاع متناثرة
ربما مشهدان فقط يكفيان - رحمة بنا- لما بهما من ألمٍ
شكرًَا لكِ ،، مصطفى الشيمي

هشام أبو شمالة
24-01-2010, 11:56 PM
قلم جميل ومبدع ..


رائع يا هبة

مصطفى السنجاري
26-01-2010, 04:10 PM
استمتعت بالقراءة لك
وأسعدني هذا السرد البهي
لك كل التقدير
تحياتي

فدوى يومة
11-02-2010, 09:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحلم بالحياة
ابكتني عندما وصلت لنهاياتها ولست اعرف لماذا لعل صورة أخرى نبثث في فكري لاخر يشبه هذا الذي جسدته سطورك هنا كان يحلم هو ايضا بالحياة غير ان الحياة افقدته شرعية الحلم
القديرة هبة
بين الأم في الاولى والابن في الثانية رحلة حياة نسجت تناقضها
تقديري لك وامتناني

عبد السلام دغمش
26-01-2014, 11:47 AM
احلام مشروعة لكن الواقع بسواد الاسفلت أحالها الى الام.
نصين يجمع بينهما رابط المأساة رأيت أن اعيدهما للمتصفحين.
بوركتم أديبتنا الفاضلة.

سامية الحربي
26-01-2014, 05:30 PM
كان يبيع حلمه!
قص جميل موفور اللغة كريم المعاني. تحياتي الكبيرة وتقديري.

خلود محمد جمعة
29-01-2014, 12:10 AM
احلام بلون الأسفلت أبت ان تفارق الورقة
واحلام بين الأسفلت ماتت
صور مؤلمة بسرد ماتع ويراع رشيق
دمت بخير
مودتي وتقديري

آمال المصري
01-02-2014, 08:39 AM
كم من أحلام تبعثرت على الإسفلت وكم من طموحات ذهبت أدراج الرياح
لقطتان من الواقع أتقنت فيهما فن التصوير بالكلمات
بوركت واليراع أديبتنا الفاضلة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

ربيحة الرفاعي
10-03-2014, 01:14 AM
قرأت هنا قصتين قصيرتين نسجتا بعميق الحس وجميل الحرف
ولم أوفق لاكتشاف الرابط الذي حدا بالكاتبة لمجهما في نص واحد

دمت بخير أيتها الكريمة

تحاياي

كاملة بدارنه
13-03-2014, 04:40 PM
قصّتان من الواقع الصّعب صوّرتا موت الحلم وقسوة الحياة!
بوركت
تقديري وتحيّتي

نداء غريب صبري
25-05-2014, 12:59 AM
قصتان جميلتان بسرد مشوّق
الصور محزنة والمشاهد مؤلمة

شكرا لك أختي

بوركت

عدنان الشبول
25-05-2014, 01:13 AM
أسلوب جميل


يخرج القارئ من هنا وما زالت تلك المشاهد ماثلة أمامه وساكنة في عقله وقلبه



دمتم بخير

وحفظ الله أوطاننا وأهلنا

د. سمير العمري
12-07-2014, 03:21 AM
أولا .. شكرا لأنك أعدتني لشوارع بلدنا الحبيب غزة العزة وأثرت الكثير مت الذكريات.

ثانيا ... آلمتني القصة الثانية ولقد كنت رأيت مثل هذا وتألمت جدا ، ولكن فلسطيننا وغزة بالذات مليئة بقصص مؤلمة وإني عشت مسيرة حياة لا تصدق ولكني لا أزال أعيش.

دمت بخير وألق!

تقديري

ناديه محمد الجابي
06-03-2021, 08:08 PM
بلغة تصويرية، وأسلوب فني راقي ولغة موحية معبرة
قدمت لنا قصتين لأحلام بسيطة ومشروعة ولكنها تناثرت على الأسفلت
دون ان تتحقق.
بناء سردي مميز وأداء جميل بأسلوب شيق ومؤثر
بارعة أنت وقلمك ـ ولك تحياتي.
:009::008::009:

مجدي محمود جعفر
13-03-2021, 12:19 AM
ومضتان يدينان واقعنا التعس وحالنا المزري، تحياتي

أسيل أحمد
18-07-2021, 08:37 PM
أوجعتي قلبي بمشهدين لأحلام بسيطة أريقت على الأسفلت بقسوة
تألقت هنا بروعة السرد وبلاغة التصوير.. ولك تحياتي.