المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيضة الفارغة



مصلح أبو حسنين
24-01-2010, 01:24 PM
في قرية مبنية بيوتها من الطين اللبن ، معروشة بالخشب وسعف النخيل ، أبوابها ونوافذها ألواح خشبية صفت بجانب بعضها ككتلة غير متراصة ، ينفذ الضوء من بين ألواحها مشعاعا ، لها عصى خشبية ضخممة كمزلاج لغلقها
يلف القرية ظلام دامس كل ليلة ، خلا بعض الليالي القمرية ، وتسمع في جوف الليل أصوات بعض الحيوانات من ثعالب وكلاب ، ويقض مضجع قاطنيها بين الحين والآخر صوت الذئاب آت ٍ من أطرافها ، تهتك أصواتها هدوء الليل البهيم
اعتاد قاطن البيت المرور بدكان القرية الوحيد في الأطراف ، لشراء ما يلزمه بشكل شبه يومي قبيل غروب الشمس ، ثم يعود حاملا ما ابتاعه لبيته المتواضع ، ويغلق باب بيته عليه ولا يلبث إلا قليلا من أول الليل ، ثم يأوي إلى فراشه لينام
اشترى ذات ليلة من الدكان ثلاث بيضات ، وضمة من خبز القمح لزوم إفطاره في الصباح ، ولما كان الجو حارا ، وخوفا من فساد بيضاته الثلاث ، وضعها على حافة النافذة المطلة على سفح الجبل القريب ، عل النسيم الجبلي البارد يعمل على حفظها ، حتى الصباح وأغلق النافذة بالمزلاج الخشبي ونام
في الصباح ، عمد لقلي البيضات في الزيت ، فوجد إحداها فارغة من محتوياتها ، فاستغرب ، ولم يطل التفكير واكتفى ببيضتين مع رغيف صغير من الخبز
في مساء اليوم التالي ، عاد للدكان المذكور، وأبلغ البائع عن البيضة الفارغة ، فأنكر أنه يبيع بيضا فارغا ، وكيف له أن يفرغ البيض من محتواه ؟
لكن البيضة كانت فارغة يا سيدي ، أنا لا أكذب عليك
البيض أمامك ، فانتقي بيضا ممتلئا ، واترك الفارغ إن وجدته
بالفعل ، تم له ذلك ، وانصرف للبيت ليضع البيض في نفس المكان السابق ، حتى إذا جاء الصباح ، وعند القلي بدت إحداها فارغة
جن جنون صاحبنا ، لقد اشترى البيض وتأكد من أنه سليم ، فكيف لهذه البيضة أن تكون فارغة ، ومن ذا الذي أفرغها من محتوياتها ؟!!
تسربت الظنون لخلايا دماغه الذي أوسع مجال التفكير والتخمين ، وذهب العقل بصاحبنا لشيخ طاعن في السن ، راح يتلو عليه بعض الأحاديث عن الجن والشياطين وأفعالهم
جن الليل واستبد الخوف به ، فأغلق الباب الخارجي ثم الداخلي بعد أن وضع البيض في المكان المعتاد على حافة النافذة ، ودثر نفسه بغطاء خفيف أخذ يلفلفه على جسده حتى أصبح كالكفن خلا فتحة صغيرة ينظر منها بعين واحدة لمكان البيض
أخذ خوفه يتحول إلى رعب فارتعاش في الجسد كلما أوغل الليل ، وأسدل أستاره
تتهادى بعض خيوط من نور القمر ، متسللة بين الألواح الخشبية ، في بنية النافذة ، وقد بدت له وكأنها من عيون بعض الجان ، تنظر إليه فيزداد ارتعاد جسده
وبينما هو كذلك ، وإذ بشيء أسود كالعصا الصغيرة ، يمتد بين ألوح خشب النافذة ، فيزيح المزلاج
تجمد في مكانه بلا حراك ، توقفت أنفاسه ، وتسارعت ضربات قلبه ، وبلغت الروح منه الحلقوم
لحظات وإذا بالنافذة تفتح ، ويطل منها مخلوق أسود اللون ، غريب المنظر ، بعينين تبرقان
يقترب من البيض ، يفتح فمه ، فتبدو الأنياب الحادة ، يثقب إحداها قشرة البيضة بدقة وإتقان ثم يبدأ فمه بشفط محتوياتها. . . . .

الطنطاوي الحسيني
30-01-2010, 06:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي المبدع مصلح ابو حسنين
اخذتني هذه الجميلة المخيفة في باطنها من اول السرد
صدقني خفت مع البطل بعض الشيئ
واراك تريد حلها بدلا من قراءتها
اظنه الذئب وهو المرة هذه متهم لا كما نقول براءة الذئب
تحياتي فقد امسكت بالخيط جيدا ولو اني كنت اريد للبيضة الفارغة نهاية غير ذلك اقصد كنت اودها الرمز لا الذئب
تقبل مشاكسة اخيك
دمت مبدعا جميلا

مصلح أبو حسنين
30-01-2010, 08:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي المبدع مصلح ابو حسنين
اخذتني هذه الجميلة المخيفة في باطنها من اول السرد
صدقني خفت مع البطل بعض الشيئ
واراك تريد حلها بدلا من قراءتها
اظنه الذئب وهو المرة هذه متهم لا كما نقول براءة الذئب
تحياتي فقد امسكت بالخيط جيدا ولو اني كنت اريد للبيضة الفارغة نهاية غير ذلك اقصد كنت اودها الرمز لا الذئب
تقبل مشاكسة اخيك
دمت مبدعا جميلا
_____________________________

الأديب الجميل والأخ الحبيب / الطنطاوي الحسيني

وعليك ولك السلام والمحبة

مرحبا أخي الحبيب بهذه المشاكسة الرائعة

وصدقني بدأت أفكر فيما شاكستني به إمعانا في الروعة التي تبثها بحضورك

لك مني باقة ورد منداة

آمال المصري
17-04-2011, 10:41 AM
كان لتصاعد الأحداث هنا الأثر الكبير في جذب الانتباه ومتابعة القراءة باهتمام لكشف اللغز
ومعرفة سببا للعرب الذي عاشه البطل كل ليلة
لتأتي الخاتمة غير متوقعة في صورة طريفة
أديبنا المكرم ...
نص جميل راق لي
مرحبا بك في ربوع الواحة
ولكم طوق ياسمين

محمد البياسي
17-04-2011, 11:02 AM
راقية
باسلوب جميل و سرد أجمل

تقبّل احترامي و اعجابي



البيض أمامك ، فانتقي بيضا ممتلئا =البيض أمامك ، فانتقِ بيضا ممتلئا
في نفس المكان السابق =في المكان السابق نفسه

كاملة بدارنه
17-04-2011, 09:18 PM
كثيرا ما يأخذنا الفكر الخرافي الذي اختزنه "اللاوعي الجمعي" دهورا إلى عوالم تفتقد المنطق، والفكر السّليم؛ لنجد أنفسنا بعد استرداد وعينا أنّنا أمام واقع بسيط، ولكن قد لا نفهمه؛لأنّنا لم نحكّم عقولنا، ويسييطر علينا ضعف العاطفة دون قوّة المنطق!

قصّة رائعة بقوة سبك، ولغة ماتعة، ونهاية مفاجئة .. شرعت أبواب مكنونات النّفس وجزعها وقت الضّيق، وتغييب دور العقل

تقديري وتحيّتي أستاذ مصلح

مصلح أبو حسنين
21-07-2011, 11:06 AM
كان لتصاعد الأحداث هنا الأثر الكبير في جذب الانتباه ومتابعة القراءة باهتمام لكشف اللغز
ومعرفة سببا للعرب الذي عاشه البطل كل ليلة
لتأتي الخاتمة غير متوقعة في صورة طريفة
أديبنا المكرم ...
نص جميل راق لي
مرحبا بك في ربوع الواحة
ولكم طوق ياسمين

مرحبا بك أستاذة رنيم

سعدنا بإطلالتكم البهية على الموضوع

وسرتنا الحروف

لكم التقدير والاحترام

مصلح أبو حسنين
21-07-2011, 11:08 AM
راقية
باسلوب جميل و سرد أجمل

تقبّل احترامي و اعجابي



البيض أمامك ، فانتقي بيضا ممتلئا =البيض أمامك ، فانتقِ بيضا ممتلئا
في نفس المكان السابق =في المكان السابق نفسه

مرحبا بك أستاذ محمد

سرنا تواجدكم العطر بالجوار

أسعدنا عبير الحرف

شكرا لكم على الزيارة والملاحظة

وتقبلو فائق التقدير

مصلح أبو حسنين
21-07-2011, 11:12 AM
كثيرا ما يأخذنا الفكر الخرافي الذي اختزنه "اللاوعي الجمعي" دهورا إلى عوالم تفتقد المنطق، والفكر السّليم؛ لنجد أنفسنا بعد استرداد وعينا أنّنا أمام واقع بسيط، ولكن قد لا نفهمه؛لأنّنا لم نحكّم عقولنا، ويسييطر علينا ضعف العاطفة دون قوّة المنطق!

قصّة رائعة بقوة سبك، ولغة ماتعة، ونهاية مفاجئة .. شرعت أبواب مكنونات النّفس وجزعها وقت الضّيق، وتغييب دور العقل

تقديري وتحيّتي أستاذ مصلح

مرحبا بك أستاذة كاملة

إنه لمن دواعي سرورنا أن نجدكم هنا

شكرا على عاطر الزيارة وجميل التعليق

بارك الله فيكم

تقديري واحترامي

ياسر ميمو
22-07-2011, 03:12 PM
أستاذي الفاضل قصة جميلة ومميزة



شكراً جزيلاً لك

مصلح أبو حسنين
23-07-2011, 05:16 AM
أستاذي الفاضل قصة جميلة ومميزة



شكراً جزيلاً لك

الشكر لك أخي ياسر على هذه الإطلالة

تقديري لك ومودتي

ربيحة الرفاعي
03-06-2013, 08:55 PM
سرد مشوق لفكرة ذكية ناقشت بلغة قوية شأنا نفسيا هاما وجعلت من دخيلة البطل منطلقا للحدث ملفتا
السبك متين والأداء القصي رائع والقفلة مباغتة وملفتة

دمت أديبنا بألق

تحاياي

د. سمير العمري
24-06-2014, 12:52 AM
أصارحك بأنني لم أجد مفاجأة أو مفارقة في نهايتها بل كنت قرأت النهاية منذ أول القص ، ولم أجد في هذا النص سوى قص للتسلية جاء عاديا ولم يخل من بعض هنات قليلة متفرقة.

تقديري

نداء غريب صبري
18-08-2014, 03:46 AM
قصة جميلة استعرضت كيف أننا بالخرافة نجعل العادي غرائبيا ونسكن قلاع الخوف
تشويق الأسلوب شدني رغم أني أخاف قراءة الغرائبيات التي تقوم على هذه الأفكار
أنت كاتب قصصي صاحب بصمة احب متابعتها أخي

شكرا لك

بوركت

ناديه محمد الجابي
09-03-2017, 06:44 PM
بأداء متقن وسرد ماتع ولغة مثيرة جعلت الرعب يتسلل إلى قلوبنا مثل البطل
أحسنت التصوير وأجدت التعبير.
تحياتي وتقديري. :0014: