تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الفئران



هيثم عبدربه السيد
06-03-2010, 09:20 PM
جارتنا( أم موسى) الصهيونية-هكذا تصفها أمي دائما-لاتكل أبدا عن إثارة المشاكل منذ أن حطت على حارتنا وأبنائها السبعة كهم ثقيل مقيم بذلك البيت العتيق الذى يعلم الجميع أن أباها بمكره استولى عليه قبل أن يموت من احد شيوخ الحارة .
الأسبوع الماضى خرجت واخى (محمود) وأختى الصغيرة (رحمة) نلعب الحجلة.. ظهرت لنا
( أم موسى) على عتبة دارها وطلبت منا بصوت خفيض وهى مغمضة إحدى عينيها أن نلعب بعيدا عن دارها.. ردها محمود - دى حارتنا وإحنا بنلعب هنا من زمان.
احمر وجهها وغمغمت بكلمات التقطت آخرها.."ياولاد الكلب" ثم تاهت فى ظلمات دارها. لحظات وظهرت مرة أخرى على عتبة الدار وبين يديها دلو ملئ با لماء والصابون ,طوحته تحت أقدامنا وصفعت الباب وهى فى طريقها للداخل .حاول محمود أن يحتفظ بتوازنه وهو يحجل فوق الماء والصابون لكنه لم يفلح،طوحه الصابون فى الهواء ،ارتطم بعدها بالأرض مع صرخة زلزلت كيانى جعلتنى أنكب عليه وهو لايزال يصرخ قابضا على قصبة إحدى قدميه..رفعت يده بالكاد عن موضعها فأفزعنى مارأيت. طرت إلى البيت وعلق بلسانى نداء متكرر على أمى ,وصلت دارنا ،صرخت وأنفاسى تتقطع ........
- محمود وقع على الأرض ورجله انكسرت.
وأخذت أرددها حتى جذبتنى أمى من ذراعى وهى تصرخ خارجة من البيت ,سألتنى عن مكان سقوطه ، أفلت ذراعى من قبضتها وطرت أمامها . صراخ أمى أيقظ نائمو الظهيرة، تبعوها حتى وصلت إلى محمود .. احتضنته بطينه،تبرع أحد الذين تبعوها وثبت ساقه ومن تليفونه المحمول طلب إسعافا.
قالت رحمة وهى تنهنه جاذبة طرف ثوب أمى - أم موسى هى اللى دلقت المية والصابون وإحنا بنلعب. ومن حيث لاندرى ظهرت( أم موسى)وأقسمت بدينها وأيمانها أن الماء والصابون كانا بالشارع قبل أن نلعب وأنها لم تدلقها وانفجرت تتهمنا أننا ندعى عليها وأخذت تتلوى وتصفق بيديها وفى النهاية شقت جلبابها من أعلى فانحسرت بعض العيون خجلا وحدقت اخرى.
وعندما وصلت عربة الإسعاف..حملت أمى أخى محمود وصعدت به العربة وقبل أن ينغلق عليهما باب السيارة لمحتها تنظر إلى أم موسى ولم تنزل عينيها حتى أقفل باب العربة .
فى اليوم التالى...عائد أنا ورحمة من المدرسة فلمحت أم موسى من وراء ضلفة شباكها
الموارب والمطل على الشارع وعندما صرنا بمحاذاتها سمعت صوتها الخفيض
- ودينى لأعلمك الأدب يامفعوصة.
قبضت على يد رحمة وهممت فى خطاى فانفتح باب دارها عن فئرانها السبعة يعترضون طريقنا ,حاولنا الفرارفتحلقوا حولنا من كل اتجاه ,وجدتنى ألتقط حجرا ملأ يدى وبكل ماأوتيت من قوة قذفت فى أضخمهم جثة فارتطم الحجر بأسنانه الصفراء ،سال الدم من فمه ومن شفتيه وهو يصرخ بهستيرية ..انطلقت أم موسى إلى الشارع كالممسوسة وأخذت تركلنى وهى تسب وتلعن ....
ومن بعيد لمحت أمى تجرى نحونا ومن خلفها بعض من عماتى وخالاتى وأبنائهن وماإن وصلوا تفرق أبناء ام موسى كالفئران فى كل أنحاء الحارة وخلفهم أبناء عماتى وخالاتى وكأنى سمعت طقطقة عظام أم موسى تحت أمى وعماتى وخالاتى.


هيثم عبدربه السيد

د. نجلاء طمان
06-03-2010, 10:05 PM
ربما وجب على الوجه العربي أن ينظر بنصف عينٍ لأم محمود وأهلها في انتفاضتهم الحازمة فربما انفتحت العين الأخرى المغلقة, واختلف الوضع العربي العام... الفئران وقصة متزنة منذ بدء الحكاء وخلال الحبك ووصولًا إلى الخاتمة التي احتاجت مزيدًا من الحبك والتغيير.

تقديري

ابراهيم السكوري
06-03-2010, 10:24 PM
حياك الله يا هيثم
الحقيقة ان هذه القصة أعجبتي و أعجبني أسلوبك..
قبح الكبار" أم موسى نوذجا" يتضاعف عندما يوظفون الصغار في مكرهم ..
أهنئك أخي على القصة

نادية بوغرارة
07-03-2010, 11:14 PM
لقد عشت مع احداث قصتك كأنني أراها رأي العين ،

قبح الله أم موسى تلك و فئرانها .

شكرا لك أخي هيثم على هذا النزف الذي عاش مديدا ، لكن الحارة لا بد ستنظف يوما ما من قذارة الفئران و أمهم.

سمير خليفة
10-03-2010, 11:17 PM
الأستاذ الكريم هيثم
قصة جميلة ويمكن أن تقرا بأكثر من وجه وقابلة للإسقاط على الواقع الاجتماعي والسياسي ولك أسلوب جميل في السرد لو حذفت بعض التفاصيل الغير ضرورية
واتفق مع الدكتورة نجلاء فيما قالته ولكن هناك بعض الهنات التي يجب الانتباه لها فقد استخدمت أداة التشبه (ك)تكرارا فأضعفت الصور والحبكة (كهم ثقيل- كالممسوسة -كالفئران)على الرغم من ان استخدام اداة التشبيه هو من اضعف انواع التشبيه وهناك ايضا استخدامك للجملة العامية دون وضعها ضمن أقواس وكلمة عربة التي وردت في السياق لا تطلق على السيارة بالفصحى وكنت أتمنى لو انك ختمت بجملة تفرق فئران أم موسى في أنحاء أو ( أزقة ) الحارة ومن خلفهم أبناء عماتي وخالاتي وقدمت الجملة الأخيرة عليها لخدمت العنوان وزدت من قوته وحققت إبهارا في النتيجة
أخي هيثم أتمنى أن تتقبل وجهة نظري كقارئ

دكتور محمد فؤاد
11-03-2010, 06:58 AM
عزيزي هيثم
قصة جميلة ، بسيطة وحمّالة أوجه ، هي من ذلك النوع الذي يُقرأ على أكثر من وجه ، اختيار الأسماء جاء مقصوداً وموظفاً بإتقان .. لذلك ستكون أول اختيار لي للقصة الماسية . أحييك.
:0014:

هيثم عبدربه السيد
02-07-2010, 12:01 AM
الأستاذة الفاضلة /نجلاء طمان ..
قد يكون ردى متأخرا ولكن لى عذرى فى الغياب ....شكرا على مرور سيادتكم الكريم ....لكنى حقيقة لاأفهم ..معنى العبارة الأخيرة "الخاتمة التى احتاجت المزيد من الحبك والتغيير " رجاء التوضيح .....وشكرا شكرا جزيلا على مروركم الكريم

هيثم عبدربه السيد
02-07-2010, 12:04 AM
الفاضل السيد الأستاذ /ابراهيم السكورى ..دمت مبدعا ودام حضورك ومرورك ..شكرا لمرور سيادتكم الكريم ...

هيثم عبدربه السيد
02-07-2010, 12:09 AM
الاستاذ /سمير خليفة ....بالطبع سيدى الفاضل ..أتقبل ملاحظات سيادتكم ...وأسعدنى جدا قراءة سيادتكم المختلفة للقصة.....وان كنت اختلف فى قول سيادتكم " تقبل وجهة نظرى كقارئ."...فما قرأته مماكتبتم سيادتكم ليس بوجهة نظر قارئ ..بل وجهة نظر مبدع متمرس يعى تماما مايقصده ومايكتبه....شكرا سيدى على قراءتكم المختلفة ..ومروركم الكريم

هيثم عبدربه السيد
02-07-2010, 12:13 AM
الدكتور المبدع /محمد فؤاد
شرف كبير لى ان يقوم سيادتكم باختيار قصتى قصة ماسية ....شكرا شكرا جزيلا لمرور سيادتكم الكريم ..وقراءتكم البسيطة العميقة فى الوقت ذاته للقصة....أسعدنى قلمكم الرقيق...دمت مبدعا سيدى الفاضل

د. نجلاء طمان
02-07-2010, 05:13 PM
سلام الله

إن النهاية هي المضلع الرابع في القص, ويجب أن تتميز بخصائص - في القص الناجح- من أهمها ألا تكون مباشرة تعتمد على السردية, لكن يجب أن يشتغل عليها القاص بقوة ليعطيها بعضًا من المفاجأة والرمزية بلا تفريط
أو إفراط .

شكرًا لحرصك, وتقديري .

آمال المصري
20-03-2011, 09:23 PM
قرأتها على عدة وجوه لأجدها من النصوص الناجحة بجدارة
حيث تتألق على أكثر من ساحة سواء كانت اجتماعية أو سياسية
كان من الممكن الاستغناء عن بعض مفردة عامية لاتؤثر سلبا على النص بزوالها
وعلى العام النص جذبني لقرائته ومتابعة أحداته
تقديري الكبير
ومرحبا بك في ربوع الواحة

محمد ذيب سليمان
21-03-2011, 03:27 PM
الحبيب هيثم

قصة جميلة حكت الشارع بصدق وعفوية
وسلوك بعض الناس بنفسالصدق والعفوية
أعجبني ذلك النصوير الماهر وكأن الحدث
فيلم يدور أمام العين

شكرا لك

ربيحة الرفاعي
17-08-2013, 11:52 PM
بات فئرانها اليوم سادة وقادة، وتعلمنا كيف نقتتل فيما بيننا لنرفع عن كاهلهم عبء قتلنا

ما زال الجرح العربي في سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن نازفا، وما زال الدم يسيل وفئران أم موسى بتفرجون

للرفع لنقرأها معا

تحاياي

كاملة بدارنه
18-08-2013, 06:24 PM
لم تعد الفئران لأمّ موسى فقط ... اليوم جرذان أمّ محمّد صارت تقرض ولا تكتفي بالمشاهدة ...
قصّة لها دلالات وإسقاطات سياسيّة وقابلة لأكثر من قراءة
بوركت
تقديري وتحيّتي

هشام النجار
20-08-2013, 04:35 PM
" الفئران " قصة مُوحية رمزية سهلة الايقاع تحتمل أكثر من قراءة ، تلقى الضوء على السبب الرئيسى للتنغيص والقلق وعدم الاستقرار والعيشة الضنكى التى يعيشها العربُ ، فى اشارة لا يخطؤها عاقل للجارة المتربصة سيئة الصيت والأخلاق ، صاحبة المكر والكيد والتخطيط التى زُرعت زرْعاً بحارتنا لننشغل فى نزاع دائم معها ، ولتظل تكيد لأمننا وسلامتنا واستقرارنا .
وبعد كل مكر ومَكيدة وخطة للعبث والايقاع بجيرانها وأبنائهم ، تتصنعُ البراءة وتلجأ الى الكذب والتضليل الاعلامى للتغطية على جريمتها ، وسلاحها الذى يؤذى الشرفاء ويجعلهم أحياناً فى حالة عجز عن الرد هو الفجاجة والتمادى فى البجاحة والتعرى .
تسعى الجارة المخادعة الماكرة سيئةُ الصِيت والسمعة أن تُعرقل مسير جيرانها وأن تستحوذ على أملاكهم ، فلا حق لهم – فى زعمها وسعيها – فى ساحاتهم وشوارعهم وميادينهم وأراضيهم .
هو صراع حاضر ومستقبلى ولذلك تركز الجارة على معاكسة الأجيال الطالعة والشباب والأطفال وتعمدُ الى الاضرار بهم بدنياً ، وأيضاً الاضرار بهم معنوياً بمحاولة ضرب القناعة بالانتماء والوطنية والارتباط بالأرض فى مقتل ، بادعاء أن هذه الأرض التى يعيشون ويلعبون عليها ليست أرضهم .
لولا أن الخاتمة جاءت باهتة وضعيفة نوعاً ما ، الا أن هذا الضعف أنقذه انشغالنا بتفكيك الرموز والشفرات ومحاولة انزال النص على الواقع ، ومحاولة فهم ما يرمز القاص بالفئران السبعة – ولماذا هذا العدد بالذات - وأبناء أم موسى – ولماذا هذا الاسم بالذات - ، ومن هن خالات وعمات الطفلين اللاتى تجمعن للدفاع عنهن مما اضطر الجارة الى الفرار والهرب .. وربما الانهزام .
الجارة التى تستخدم الفئران فى الهجوم جارة مؤذية تلعب على بث الرعب والخوف لاقتناص مكاسب وأراض وملكيات لا حق لها فيها .
لكن الفئران تبقى فئران ، وهى كل ما تمتلكه الجارة المؤذية ، فمهما بثت الرعب فى النفوس فهى ضعيفة لا تقوى على الاستمرار ولا تؤمن بقضية وليس لديها تلك الروح الحية الانسانية التى تؤمن بالقضايا وتدافعُ عنها ، انما هى عند المواجهة الحقيقية سرعان ما تنتكس مذعورة .
المؤامرة واضحة والمعالم واضحة والرموز تكاد تكون سهلة الفهم والنص ترميزى واقعى بامتياز ، وفئران أم موسى المُرعبة للأطفال وألاعيب أم موسى ومكائدها ضعيفة مهترئة أمام التجمع الوحدوى الحى والحيوى والانسانى المتحرك والمندفع بانسانية وطلاقة وقوة ايمان وعقيدة من أهل الحارة ومن العمات والخالات والأقارب .

لانا عبد الستار
08-09-2013, 07:34 PM
تمنيت لو أني مع اللواتي طقطقن عظام أم موسى الصهيونية
أو ابناء العائلة الذين تبعوا فئرانها في الأزقة
لكني مع اخوتي العرب المسلمين الذين تذيقهم أم موسى الصهيونية الويلات بأيدي بعضهم
قصة رائعة
أشكرك

نداء غريب صبري
28-05-2014, 12:04 AM
قصة من أجمل القصص التي قرأتها باستخدام الرموز الدالة والإشارات التي تحرك انتباه القارئ باتجاه المعاني التي يريدها الكاتب

أنت رائع

شكرا لك

بوركت

خلود محمد جمعة
07-04-2015, 08:09 AM
عاثت الفئران بقمحنا حتى أدمته
رمز عميق بسرد ماتع وأسلوب مشوق وحبكة محكمة بيراع متمكن
قصة جميلة
كل التقدير

ناديه محمد الجابي
20-09-2018, 10:10 PM
راق لي ما قرأت ـ القصة جميلة ، بديعة برمزيتها وفكرتها
صيغت بسرد ماتع وأسلوب مائز..
وكانت في رؤية أ. هشام النجار ما ألقى الضوء على كل تفاصيل رموزها
كتبت فأبدعت فشكرا لك.
:007::007: