تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التصوير الحسّي من أساليب التربية النبوية



د عثمان قدري مكانسي
11-03-2010, 12:42 PM
من أساليب التربية النبوية



التصوير الحسي (5)



الدكتور عثمان قدري مكانسي

الإنسان روح وفكر وقلب .
والإنسان ـ كذلك ـ عين وسمع وذوق ولمس وشم . .
فهو معنوي ومادي بآن واحد ، وإذا عجز أحياناً عن الوصول إلى الفكرة الشفافة ذهناً وصل إليها مادة وحساً . . فهو أولاً وآخراً مخلوقٌ من صلصالٍ من حمأٍ مسنون ، من طين لازب .
وقد تعامل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ـ وهو أستاذ المربين ـ مع أصحابه على هذا الأساس ، فقرب إليهم الفكرة والإيمانَ بها بعد العقل والتدبير ، رؤية ولمساً ، فحرك المشاعر واستجاش الخواطر ، ووطد أركان الإيمان ودعائم الإسلام في نفوسهم . . فكانوا ـ كنبيّهم ـ قرآناً يمشون على الأرض .
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( يؤتى بأنعم أهل الدنيا يوم القيامة من أهل النار ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم : هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب .
ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة ، فيُصبَغ صبغة في الجنة ، فيقال له : هل رأيت بؤساً قط ؟! فيقول : لا والله يا رب ، ما مر بي بؤس ولا رأيت شدة قط ))(1) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn1) .
إنها صورة ترتجف لها القلوب وتزهق لها الأرواح . . تقرب إلى الفهم صورة الكافر في النار ـ نعوذ بالله منها ـ فتنخلع الأفئدة ، وتطيش العقول .
ما هذه الصبغة التي تنسي نعيم الدنيا وفتونها ..؟!
ما هذه الغطة الرهيبة التي تغطي على بهارج الحياة الدنيا وغرورها ؟!
لمثل هذا فليحذر الحاذرون ، وليرْعَوِ الغافلون .
بل ما هذه الصبغة التي تُنسي بنعيمها من شقي في الدنيا سنوات وسنوات ؟!
ما هذه الحياة الرضية التي تنسي مآسي الدنيا الدنية ، فيقسم الإنسان ـ وهو صادق ـ أنه لم يعرف البؤس قط ؟!.
ما أجمل الجنة إذ يرى فيها المؤمن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ! ...
لهذا فليعمل العملون وليتسابق المتسابقون ، نسأل الله أن نكون منهم .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( صنفان من أمتي لم أرهما(2) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn2) :
قوم معهم سياط من نار كأذناب البقر ، يضربون بها الناس .
ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ))(3) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn3) .
إنهما فئتان ممن يدَّعون الإسلام وليسوا بمسلمين :
من يا رسول الله ؟
إنهم الظَّلَمةُ الذين يعذبون الناس ويخيفونهم ، ويُلهبون وجوههم وأجسادهم بسياط تلسع كالنار ، وزبانيتُهم الذين قرنوا أنفسهم بهم ، يَصدرون عن أوامرهم وينفذون تعليماتهم ، لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة ، يسلبونهم ، يهينونهم ، يقهرونهم . . ليسوا منا ولسنا منهم . . لا يدخلون الجنة ، بل لا يدنون منها ، بل هم بعيدون لا يشمون رائحتها ، وإن رائحتها لتصل إلى الناس عن بعد بعيد ، ومسافة كبيرة . .
وإنهن النساء اللواتي خلعن برقع الحياء ، وأمَطنَ حجاب الطهر والعفاف ، يلبسن وهنّ في الحقيقة لا يسترن أجسادهن .
يرتدين الثياب الرقيقة ، فلا تحجب عن العيون النهمة والذئاب الجائعة شيئاً .
ويرتدين الثياب القصيرة ، فلا ترد عن السوق والأفخاد وقاحة الغربان الجائعة .
ويرتدين الثياب الفاضحة ، عارضات الشعر والأعناق والصدور والنهود لكل من يرغب ، فلا يتمنّعن عن لمس الفاسقين وإجابة الفاجرين ، يتزيَّن للزنا ويتهيأن للخنا .
هؤلاء وهؤلاء لم يرَهُم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين عرضت عليه النار فرأى أهوالها ، إنما يأتون في أخَرة من الحياة . . وها نحن الآن نراهم بيننا ، وما أكثرهم ! ظلمٌ وإرهاب وقهر وإيذاء للمسلمين وللذين بدينهم يتمسكون ، هؤلاء هم الصنف الأول .
وفسق ودعارة ، ودعوة إلى الفساد وترويجٌ للفجور على صفحات المجلات والجرائد ، وفي وسائل الإعلام ، المسموعة ، والمرئية ، في الشوارع والطرقات . . بلاء . . بلاء . . وهؤلاء هن من الصنف الثاني .
فليحذر الحاذرون وليعُد إلى دينهم المسلمون .
إنه تصوير واضح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :
(( عُرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرُهيط(4) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn4) ،
والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي ليس معه أحد ، إذ رُفع لي سوادٌ عظيم ، فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه . ولكن انظر إلى الأفق ، فنظرت ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب )) .
ثم نهض فدخل منزله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فخاض الناس في أولئك(5) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn5) ،
فقال بعضهم : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وقال بعضهم : فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ، فلم يشركوا بالله ،
وذكروا أشياء . .
فخرج عليهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : (( ما الذي تخوضون فيه ؟ )).
فأخبروه فقال : هم الذين لا يَرْقون ولا يستَرْقون(6) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn6) ، ولا يتطيرون(7) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn7) وعلى ربهم يتوكلون .
فقام عُكـّاشة بن مِحصَن فقال : ادع الله أن يجعلني منهم .
فقال : (( أنت منهم )) .
ثم قام رجل آخر فقال : ادعُ الله أن يجعلني منهم .
قال : (( سبقك بها عكاشة(8) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn8) )) .
الحديث كله صورة شعرية امتدت زمناً استغرق جلوس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أصحابه ، يعرض عليهم صورة حية ، تشترك فيها الحواس البصرية والسمعية ، وتتحرك آلة التصوير فيها نحو الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ فهذا وحده ، وهذا معه رجل ورجلان ، وهذا معه عدة رجال ، وهذا عدد المؤمنين به وافر . .
وفجأة يظهر جمع عظيم يظنه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع المسلمين ، فيقول له مرافقه من الملائكة : هذا موسى والمؤمنون به ، وهم كثر ، وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتقد أن المسلمين أكثر ، وهذا صحيح فقد ظهر جمع المسلمين يسد الأفق ، ويتقدم نحو منصة سيد الأنبياء ، فيشعر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسعادة تغمره ، فأتباعه كثيرون ، وكثرتهم زيادة في فضله ، فهو هاديهم وبسببه أسلموا وعرفوا ربهم .
والمسلمون ينظرون بعيون بصائرهم إلى اللوحة التصويرية التي عرضها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيتفاعلون ويتحمسون ، ويرجون أن يكونوا من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
ويدخل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيته ، ويظل بعض المسلمين في المسجد يتحاورون ويعللون ، يريدون أن يعرفوا فضل هؤلاء والسبب الذي جعلهم يفوزون بالجنة بغير حساب ، ليسيروا على نهجهم ، ويتخلقوا بأخلاقهم ، فيفوزوا بالجنة مثلهم .
إن هذا التصوير البديع الذي عرضه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليهم أوْصلَ العظة التي أرادها الرسول الكريم أن تمتزج بالنسائم التي يستنشقونها ، وتختلط بدمائهم ، وأنفاسهم ، ونجح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك . فهذا عكاشة بن محصن يسأل رسول الله أن يكون واحداً منهم ، فكافأه رسول الله على نباهته ومبادرته وبشره أنه واحد منهم ، ويسأله آخر أن يكون منهم . . فينبهه المعلم العظيم أنه ضيع على نفسه الفرصة حين تأخر عن عكاشة ، وأنه كان عليه أن يسبقه ، فالنجاح حليف المتنبهين اليقظين الذين يغتنمون الفرص فلا يُفَوتوّنها ، وهكذا نجح رسول الله مرة أخرى في إثارة الحوافز والدفع إلى التنافس ، صلى الله عليه وسلم .
وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غَمْر(9) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn9) على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات )) (10) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn10) .
صورة أخرى متحركة ، تمثل مكاناً جميلاً فيه نهر كثير الماء ، بنى أحدهم بيته إلى شاطئه ، يغتسل فيه صباحاً وظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءً خمس مرات كل يوم . . أين منه القذارة ؟ إنها لا تعرفه ولا يعرفها ، بدنه نظيف ، ورائحته طيبة ، بعيدٌ عن الأدران والأمراض ، تتجد خلايا جسمه باستمرار . .
هذه هي الصلوات الخمس يقابل الإنسان ربه فيها ، فيناجيه ، ويناديه ويسأله العفو والمغفرة ، العفو عن زلاته ، وغفران خطاياه ، مُحِب يلقى حبيبه فياحدثه باللغة التي يحبها ، يقف أمامه معظماً ، ويسجد له مقراً بالربوبية ، لا يشغل نفسه إلا به ، فإذا انتهى من صلاته سبحه وحمده وكبّره ، وختم ذلك بتوحيد الله وإفراده بالألوهية .
خمس مرات في اليوم ! . . تقف في باب ملك الملوك , وفاطر السموات والأرض تضْرع إليه ، وتعاهده على العبودية لجلاله ! ! . أنت إذن دون ذنوب ، قريب إلى مولاك ، يقول لك : لقد رضيت عنك يا عبدي لقد رضيت . .
وكثيراً ما نجد الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرن التصوير الحسي بالحركة المعبرة أو الرسم والإيضاح :
فمثال الأول ( الحركة المعبّرة ) : ما رواه أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضاً " وشبك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم بين أصابعه " ))(11) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn11) .
فأنت ترى جداراً من المؤمنين قوياً مرصوصاً لا فرجة فيه ، كل مؤمن يسد ثغرة أخيه ، ويمنعه أن يقع أو يميل ، يعينه على أمر دينه ، ويرفع معنوياته ، يساعده مادياً ومعنوياً ، يدله على الخير ويوضح له طريقه ، ويبعده عن الشر ويحذره الوقوع فيه ، يدافع عنه ويحمي ظهره أن يقع فيه بنميمة أو غيبة أو أذى .
ولم يكتف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا التشبيه الواضح الجلي ؛ إنما شبك بين أصابع يديه العشر ، فبدت لحمة واحدة ، وكتلة متماسكة لا ينفذ منها الماء ولا الهواء ، فهي ـ وإن كانت عشر أصابع ـ قطعة ٌواحدة على عدوات الدهر . وهكذا المسلمون بعضهم لبعض .
ومن مثاله أيضاً : ما رواه سفيان بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال :
قلت : يا رسول الله ، حدثني بأمر أعتصم به .
قال : قل : ربي الله ، ثم استقم .
قلت : يا رسول الله ، فما أخوف ما تخاف علي ؟
فأخذ ـ عليه الصلاة والسلام ـ بلسان نفسه ثم قال : ( هذا )(12) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn12) .
فالصحابي سفيان ـ رضي الله عنه ـ يحتاط لآخرته فيسأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يدله على أمر يتمسك به ، ويعيش عليه ليلقى ربه ناجياً من عذابه ، فيأمره الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيئين : الأول : أن يؤمن بالله رباً لا شريك له ، يعبده ويخلص في عبادته .
الثاني : أن يستقيم في حياته ، فيقرن الإيمان بالعمل . .
فالله تعالى لا يقبل إيماناً بلا عمل ولا عملاً بلا إيمان ، لأن الإيمان الخالص بالله يترجمه إلى واقع الالتزام بتعاليمه ، فيأتمر بأوامره ، وينتهي عن نواهيه ، وإلا ما كان إيماناً. ... يجب أن يكون الظاهر كالباطن ، والعلانية كالسر ، وإلا كان النفاق والكذب والمراءاة ، وهذه صفات ينأى عنها المسلم ويأباها .
فلما سأله الصحابي عن أشد ما على الإنسان أن يخافه ليكون على حذر منه ، فاجأه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجواب عمليّ لن ينساه . . ما هو ؟! . .
إليك هذا التصوير العملي : فتح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمه الطاهر ، وأخرج لسانه الشريف ، وأمسك به ، ورآه سفيان يفعل ذلك فانتظر التوضيح ، ولكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم ينبس إلا بكلمة واحدة . . (( هذا )) . .
سبحان الله!. . وماذا يفعل اللسان بصاحبه ؟ .
إنه يرفعه مكاناً علياً ، أو يخفضه في حفرة من حفر النار .
وفي رواية أخرى لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ حين أشار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى لسانه وقال : كف عليك هذا ، قال : أو نحن مؤاخذون بما نتكلم به ؟ كان جواب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثرَ عجباً ، كان على صيغة السؤال الإنكاري الذي يوضح الفكرة ويؤكد المعنى : (( وهل يكبّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟!. لقد قرن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ العظة بالكلام ، بالعظة بالحركة والإشارة ، فكانت عظته بالغة وتحذيره واضحاً .
وحبذا استخدام الداعية بعضاً من حواسه لخدمة الدعوة وتثبيتها في نفوس الناس .
ومثال الثاني ( الرسم والإيضاح ) : ما رواه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال :
خط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطاً مربعاً ، وخط خطاً خارجاً منه ، وخط خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط ، فقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذي خارج ( أي عن الخط ) أمله ، وهذه الخطوط الصغار والأعراض هي الحوادث والنوائب المفاجئة ، فإن أخطأ هذا نهشه هذا وإن أخطأه كلها أصابه الهرم(13) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn13) .
وهذا هو المخطط الذي خطه ـ عليه الصلاة والسلام ـ :


فبين لهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالخطوط التي رسمها بعض المفاهيم الهامة ، وقرّب إليهم بعض التصورات المفيدة .
وفي الحديث الذي رأيناه بيّن رسمُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الأرض كيف يحال بين الإنسان والآمال الواسعة بالموت المباغت ، أو الحوادث النازلة ، أو الهرم المضني المقعِد .
وهو توضيح جميل من المعلّم الأول ـ عليه الصلاة والسلام ـ(14) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn14) .
ومن المثال الثاني كذلك ( الرسم والإيضاح ) ما رواه جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال :
كنا جلوساً عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فخط بيده في الأرض خطاً ـ هكذا ـ فقال : هذا سبيل الله ، وهذه سبل الشيطان ، ثم وضع يده في الخط الأوسط ثم تلا هذه الآية : (( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)))(15) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn15) .


وأنموذج الخطوط كما يلي :


فبين لهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ بما رسمه لهم على الأرض ، أن منهج الإسلام هو الصراط المستقيم الموصل إلى العزة والجنة ، وأن ما عداه من المبادئ والنظم والأفكار . . هي سبل الشيطان ، وطرقه الموصلة إلى الدمار والنار .(16) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_edn16)

(1) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref1) أخرجه مسلم

(2) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref2) لم يرهما في حياته فقد كانت الجاهلية إذ ذاك أكرم من جاهليتنا هذه فلا سجون ولا تعذيب بالكهرباء وقلع الأظافر وإذابة الأجساد
بالأسيد و . . . . وكانت النساء مستورات محتشمات لا تظهر مفاتنهن .

(3) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref3) رواه مسلم .

(4) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref4) الرُهيط : تصغير الرهط وهي الجماعة دون العشرة .

(5) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref5) خاض الناس في أولئك ـ تكلموا وتناظروا بما يميز السبعين ألفاً .

(6) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref6) لا يطلبون الرقية .

(7) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref7) لا يتطيرون : من الطيرة وهي التشاؤم .

(8) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref8) متفق عليه ، ورواه الترمذي .

(9) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref9) الغَمْر : الكثير الماء .

(10) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref10) رواه مسلم ، ومن رياض الصالحين الحديث / 427 .

(11) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref11) رواه الشيخان .

(12) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref12) رواه الترمذي في سنته .

(13) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref13) رواه البخاري في صحيحه ( عن تربية الأولاد في الإسلام ج/2 ، ص/682 ) .

(14) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref14) تربية الأولاد في الإسلام ، ج/2 ، ص/683 .

(15) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref15) رواه الإمام أحمد في مسنده . سورة الأنعام : الآية ( 153 ) .

(16) (https://www.rabitat-alwaha.net/newthread.php?do=newthread&f=38#_ednref16) تربية الأولاد في الإسلام .

حسن العطية
12-03-2010, 08:02 AM
- وهذا الأسلوب أيضا من أساليب القرآن الكريم .. فالله تعالى ضرب لنوره بالمشكاة ..

لك جزيل الشكر على هذا الابحار المسهب في أسلوب من اساليب رب البلاغة ..

- دمت بعين الله أستاذنا المبجل ..

د عثمان قدري مكانسي
12-03-2010, 10:42 PM
لا شك في ذلك فالقرآن الكريم سيد الأساليب التربوية
وقد ذكرت في كتابي " من أساليب التربية في القرآن الكريم " أكثر من 72 أسلوباً وهي - الأساليب - كثيرة
أما هنا فذكرت الأسلوب النبوي في التربية
لك الشكر الجزيل

عبدالصمد حسن زيبار
14-03-2010, 01:20 AM
د.عثمان لك كل الشكر و التقدير على موضوعك الجميل و الممتع
فالحياة مع النبي صلوات ربي و سلامه عليه نبراسا للمربين فهو القدوة المبين و المعلم الأمين
تحياتي

د عثمان قدري مكانسي
14-03-2010, 01:08 PM
عسى أن يكون صلى الله عليه وسلم قدوة وقائداً إلى مرضاة المولى سبحانه
شكر الله لك أخي هذه اللفتة الكريمة ، وأسأل الله تعالى لك ولي وللمسلمين كل خير