المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَرثِيَّةُ الأُمِّ /غيداء الأيوبي



غيداء الأيوبي
21-03-2010, 03:46 PM
مَرْثِـيَّـةُ الأُمِّ



أُمَّاهُ عُودِي لِلْحَيَاةِ فَإِنَّنِي=نَبَضَتْ عَلَى رُوحِي الْحَيَاةُ تَيَتُّمَا
كَيْفَ السَّبِيِلُ إِلَيْكِ ؟..رَبِّي دِلَّنِي=وَالْمَوْتُ حَقٌّ فِي الدُّنَى قَدْ سَلَّمَا
الْعَيْشُ مُرٌّ دُونَ صَدْرٍ يَنْحَنِي=وَيُقَبِّلُ الصَّدْرَ الْفَقِيِرَ تَرَحُّمَا
قَدْ مَرَّ عُمْرِي وَالشَّبَابُ يَذِلُّنِي=وَبِرِحْلَةِ الأَيَّامِ شَيْبِي عَلَّمَا
كَمْ قَدْ تَبَقَّى فِي الْحَيَاةِ لِأَعْتَنِي=بِمَلاَمِحٍ فِيِهَا الشُّحُوبُ تَجَهَّمَا ؟!!
لَكِنْ بِرُوحِي طِفْلَةُ الْقَلْبِ الْهَنِي=سَتَظَلُّ تَبْكِي مِنْ فُرَاقٍ أَظْلَمَا
وَالطِّفْلُ لَوْ تَدْرِينَ..أُمِّي..لِلْحَنِ يـِ = ـنِ يَتُوقُ دَوْماً فِي الظَّلامِ إِذَا اْنْعَمَى
وَأَنَا عُمِيِتُ..بُعَيْدَ فَقْدِكِ لَفَّنِي=شَبَحُ اللَّيَالِي..وَاللِّحَافُ تَحَزَّمَا
وَتَجَعَّدَ الْفَرْشُ الْوَثِيِرُ وَلَمَّنِي=لَكِنَّ جِسْمِي طَيَّ فَرْشِي كَالدُّمَى
لَعِبَتْ بِهِ الآهَاتُ جَهْلاً..وَالأَنِيِـ = ـنُ مُعَرْبِدٌ..صَوْلاً وَجَوْلاً نَغَّمَا
الآهُ يَا أُمِّي تُجَلْجِلُ مَعْدَنِي=وَأَنَا هُدُوئِي فِي انْزِعَاجِي حَطَّمَا
وَالْحُزْنُ يَا أُمِّي يُعَانِقُ مَسْكَنِي=وَأَنَا عِنَاقِي لِلشَّقَاءِ تَصَنَّمَا
عُودِي لَعَلِّي فِي الإِيَابِ أَدِلُّنِي=إِنَّ الضَّيَاعَ بِرِفْقَتِي قَدْ لُمْلِمَا
أُمَّاهُ..دَمْعِي بَعْدَ مَوْتِكِ شَلَّنِي=فَلَقَدْ جَرَى فِي الْعَيْنِ حَتَّى وَرَّمَا
وَالرِّمْشُ سَيْفٌ فِي الْمَآقِي خَزَّنِي=لَمَّا تَغَلْغَلَ فِي الدُّمُوعِ مُعَلْقَمَا
الدَّرْبُ يَشْكُو مِنْ مَنَاظِرِ مَوْطِنِي=أَيْنَ الَّتِي نَقَشَتْ بِدَرْبِي مَعْلَمَا ؟
وَالأَيْكُ لَفَّ مُشَبَّكاً بِتَلَوِّنِي=وَكَأَنَّنِي الْجُورِيُّ مَحْبُوسُ الدِّمَا
وَلَكَمْ غَفَتْ فِي وَرْدَتِي وتَزَيُّنِي=كلُّ الْمَعَانِي..فَاسْتَفَقْتُ لِأَفْهَمَا
إِنَّ الْوُرُودَ بِلاَ مِيَاهٍ تَنْثَنِي=وَتَمُوتُ فِي بِسْتَانِهَا لَو قُلِّمَا
وَالْجَذْرُ إِذْ يَسْقِي الْغُصُونَ سَتَجْتَنِي=مَا خَرَّ مِنْ وَرَقِ الْوُرُودِ مُخَرَّمَا
جَنَّاتُ عُمْرِي قَدْ ذَوَتْ فِي مَدْفَنِي=مُذْ مَاتَ جَذْرٌ مِنْ دَمِي مُسْتَسْلِمَا
وَالطَّيْرُ غَابَتْ فِي صُرُوحٍ تَنْبَنِي=مُذْ هُدَّ بَيْتٌ..وَالْفُرَاقُ تَجَسَّمَا
تِلْكَ الْمَوَاسِمُ لَمْ تَعُدْ فِي أَرْكُنِي=فَالْعُشُّ مَا بَيْنَ الْغُصُونِ تَهَدَّمَا
أَيْنَ الَّتِي كَانَتْ تُلَمْلِمُ مِحْضَنِي ؟=أَحَمَامَتِي عُودِي لِحِضْنٍ قُسِّمَا
يَا رُبَّ عَوْدٍ بِالْحَنَانِ يَضُمُّنِي=وَيَضُمُّ أَشْتَاتَ الْعَوَائِلِ بَلْسَمَا


غيداء الأيوبي

خالد الهواري
21-03-2010, 05:04 PM
بارك الله فيك
نص رائع جاء في مناسبته الرائعة
خالد الهواري

حازم محمد البحيصي
21-03-2010, 05:45 PM
المبدعة الفاضلة
غيداء الأيوبي
كرم الوفاء وحظ الفضلاء ونقاء الصفاء أنت
قطرة ندى في أوام الصحاري أمثالنا , لله أنت وهذا الوفاء الوارف والظل العامر والقلب المشاطر
نشاطرك ما أنتِ به

لقصيدك روح تحلق في المكان وأعين ترقب مرورنا المقفر



صبَّ الفراق على الحنين تألُّما = وأدار لي كأس ادِّكاري علقما
غيداء ما كان الفراق بخاطري = من ليس فينا للقضاء مُسلِّما ؟!
هذي منيتنا فصبرا كلما = قام السنونو في الأراك تَرَنْما

تقبلي المرور والتنسيق
تحيتي لك

ربيحة الرفاعي
21-03-2010, 07:32 PM
مقصرون نحن بحق الغالية
اعتدنا عليها ملجأ وليست لاجئا، ويفوتنا أنها بعد أن نصبح قادرين على الاستغناء عن رعايتها لنا، تكون هي قد أمست في أمس الحاجة لرعايتنا لها، تستولي على اهتمامنا شؤننا الصغيرة، وهي أهم من كل شؤوننا وأولى باهتمامنا...
تقدمتها في حياتنا صغائر لن ندرك قزميتها أمامها حتى نفقدها، تقدمتها أسرنا المتفرعة أصلا عنها، وتقدمها الأولاد والزوج والعمل، وتقدمها المال وجمعه وإنفاقه على كل ما عداها، فاتنا أنها تملك برضاها مفاتيح الجنة...
ومتى مضت عن دنيانا يكون الوقت قد فات على التوبة والندم، نكون قد فقدنا كل وسيلة لدفن رؤسنا في حنان صدرها...
لا حرمني الله واياكم فرص بر والدينا والتنعم برضاهم دنيا وآخرة

المبدعة غيداء الأيوبي
مؤثرة مرثيتك غاليتي ... وأتمنى لكي من كل قلبي أن تكون بكليتها تهاويم شاعرة
دمت بألق

محمود فرحان حمادي
21-03-2010, 08:57 PM
لغة دقيقة صلدة، وصور قريبة المتناول مضمّخة بشعور فني رخيم
وضعت يدك على رأس اليتيم بحنان يكتنفه صدق واضح المعالم يتشظى جماله ليكون بلسما ناجعًا وترياقًا غدِقا
أحسنت أداء رائعتك فجاءت مؤثرة ميّاسة تحمل بين طياتها جنات عمر قد ذوت لتكون موئلا وخميلة أخّاذة تتحول برياضها دمعة اليتيم إلى بسمة مشرقة تطفح على جنبات الروح
بورك نبضك الشاعري أيتها الشاعرة المقتدرة وتقبلي وافر احترامي
تحياتي

محمود أبو سل
22-03-2010, 04:54 PM
الفاضلة غيداء الأيوبي

قرأت هنا شعراً يسير مع الشعور يدا بيد

ونار العاطفة هنا لا يقوى عليها الماء

تقبلي تقديري

د. سمير العمري
05-06-2010, 10:02 PM
أحسن الله عزاءك أيتها الكريمة في أمكم ونسأل الله لها الرحمة والمغفرة.

ثم أشكر لك هذا الشعر الجميل وهذا الشعور الصادق النبيل.

وأشير إلى التزام قافية في الأعاريض وهو وإن زين القصيدة فقد أوقعك تحت سطوة المفردة.


علما ... لعل أعلما أنسب للمعنى.


دمت بخير!

وأهلا ومرحبا بك دوما في الأفياء.



تحياتي

محمد ذيب سليمان
06-06-2010, 01:23 AM
أحسن الله العزاء
كوني لها ذلك الولد الصاح الذي يدعو لها
وكفى تكونين بذلك نفذت وصية سيد الخلق
شكرا