مشاهدة النسخة كاملة : همسات الأعلام ، في همزات الأعلام
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:09 AM
هَمَسَاتُ الأعْلامِ ،
في هَمَزَاتِ الأعْلامِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .
وبعد ...
يقول العبد المفتقر إلى رحمة مولاه ، الراجي رحمة ربه ورضاه ، سعيد بنعياد ، لطف الله به ، آمين :
لفتتْ نظري قاعدةٌ تكاد تُجْمِع عليها كتُب الإملاء المعاصرة ، تقول : (إن همزة الوصل تتحول إلى همزة قطع ، إذا انتقلتِ الكلمةُ إلى العَلَمِيّة ، بصرف النظر عن كوْنِها في الأصل حرفًا أو فِعْلاً أوِ اسْمًا ؛ نحو : «أَلْ» [إذا قُصِدَ بها اسْمُ الأداةِ] ، و«إِزْرَعْ» [بلدة سوريّة] ، و«إِبْتِسام» [اسم امرأة] ، و«يوم الإِثْنَيْن» ) .
والذي فهِمْتُه من كلامٍ لسيبويه : أن قَطْعَ الهمزة إنما يكُون عند الاِنتقال إلى الاِسْميّة ، بأن تكُون الكلمةُ في الأصل حرفًا [كـ «أَلْ»] أو فِعلاً [كـ «إِزْرَعْ»] . وأمّا ما كان في أصله اسْمًا ، مصْدَرًا [كـ «ابْتِسام»] أو غيْرَ مَصْدَرٍ [كـ «يوم الاِثْنَيْن»] ، فلا تُقْطَع همزتُه .
وقد طرحْتُ في هذا الشأن سؤالاً في أحد المنتديات الأدبية ، فوجدتُ الأستاذ القدير عليًّا المعشي يُوافقني فيما ذهبتُ إليه .
ثم شرعتُ أبحث في المسألة ، فأدهشتني كثرةُ النصوص التي تُخالف الرأيَ الشائع عند المعاصرين ، ولعلّ ما خفي عني أكثر .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:14 AM
مقدمة :
تنبيهات ضرورية
قبل عرض ما عثرتُ عليه من نصوص ، أو لِنَقُلْ : مِن هَمَساتٍ لكبار أعلام النحو العربي (تفاؤلا بأن تستجيب الآذانُ لها استجابتَها للكلام اللطيف المهموس) ، يُستحسَن لَفْتُ الاِنتباه إلى أربع مسائل لا بدّ من مراعاتها عند مناقشة هذا الموضوع :
الأولى : ليس الأمر هنا مجرّد خلاف إملائي حول كتابة الألف بهمزة أو بغير همزة ؛ وإنما الخلافُ أساسا حول النطق الصحيح لهذه الأعلام .
فالخلافات الإملائية مجرّد آراء قابلة للنقاش حول طريقة كتابة الكلمات ، لا تؤثر في طريقة النطق ولا في قواعد النحو والصرف . فحين يختلف كُتّابُنا مثلاً في «يَقْرَؤُون» و«يَقْرَءُون» و«يَقْرَأُون» ، لا يؤثر اختلافُهم هذا إطلاقا في طريقة النطق ولا في قواعد النحو والصرف ، حتى الذين يكتبون «يَقْرَؤُن» يُوجِبون التلفُّظ بالواو المحذوفة رسْمًا . فكيفيّاتُ الرسمِ متعددة ، ولكنّ كيفيّةَ النطق واحدة . وهذا بالطبع لا يمنعُنا من ترجيح هذا الرسم على ذاك .
أما حين يختلف كُتّابُنا في «رأيْتُ إِبْتِسامَ» و«رأيْتُ ابْتِسامَ» ، أو في «يوم الإِثْنَيْن» و«يوم الاِثْنَيْن» ، فهذا يُؤثِّر حتْمًا في طريقة النطق ؛ لأنّ وضع الهمزة تحت الألف يترتّب عليه النطق الآتي : [رَأَيْتُ إِبْتِسَامَ] [يَوْمُ لْإِثْنَيْن] ، وعدم وضعها يترتّب عليه النطق الآتي : [رَأَيْتُــبْتِسَامَ] [يَوْمُ لِـثْنَيْن] .
فلا مجال هنا للحديث عن الرغبة في «توحيد القاعدة الإملائية» أو «التقليل من التعقيد الإملائي» أو «تيسير التمييز بين العَلَم وغير العَلَم» أو ما شابه ذلك ؛ إذِ المسألة لا ترتبط بـ «علم الإملاء» بقدْر ما ترتبط بـ «طريقة النطق الصحيحة» .
الثانية : إذا صحّ القول : إن التسمية بنحو «إِبْتِسام» أوِ «ابْتِسام» كانت في عصر سيبويه مجرّد افتراض نظريّ ، لا يكاد يُوجَد له تطبيق فِعليٌّ على أرض الواقع ، فإن هذا لا يصدُق إطلاقا على «يوم الإِثْنَيْن» أو «يوم الاِثْنَيْن» ، لأن تسمِيَتَه معروفةٌ عند العرب من زمان ، متداولةٌ بينهم بشكل ملحوظ ، وليس لسيبويه ولا لغيره من القدماء - فبالأحْرى مَن يُعاصِرُنا من المُحْدَثين - حقُّ تغيير طريقةِ نطقهم لها .
الثالثة : لا يجوز الاِحتجاج بأبيات الشِّعر في هذه المسألة ، لتأييد هذا الرأي أو ذاك ؛ لأن الشاعر قد يَقْطَعُ همزة الوصل ، أو يَصِلُ همزة القطع ، بحسب ما تقتضيه ضرورةُ الوزن .
الرابعة : لا يجوز الاِحتجاج هنا بالطريقة التي ضُبِطت بها الألف في بعض كتب التراث المطبوعة ، لتأييد هذا الرأي أو ذاك ؛ لاِحتمال أن يكون الضبطُ من الناسخ أو من محقق الكتاب أو من المكلفين بالطباعة ، لا من المؤلِّف نفسه .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:19 AM
الفصل الأول :
هَمَسات تتعلق بالقاعدة العامّة المُتَّبَعة
1- هَمْسة سيبويه
يقول سيبويه في «الكتاب» [3/198] :
( وإذا سمَّيتَ رجلاً بـ «إِضْرِب» أو «أُقْتُل» أو «إِذْهَب» ، لمْ تَصْرِفْهُ ، وقطَعْتَ الألفاتِ حتَّى يَصِيرَ بمنزلة الأسماء ؛ لأنك قد غيِّرتَها عن تلك الحال . ألا ترى أنك ترفعُها وتنصِبُها ؟ وتَقْطَعُ الألف ؛ لآن الأسماء لا تكُون بألف الوصل . ولا يُحتجّ بـ «اسْمٍ» ولا «ابْنٍ» ؛ لقلّة هذا ، مع كثرة الأسماء ) .
ثم يقول [3/199] :
( فإذا سمَّيتَ بـ «امْرِئٍ» رجُلاً ، تركْتَهُ على حاله لأنَّك نقلتَه مِنِ اسْمٍ إلى اسْم ،وصرَفْتَهُ لأنَّه لا يُشبِه لفظُه لفظَ الفعل . ألا ترى أنك تقول : «امْرُؤٌ» و«امْرِئٍ» و«امْرَأً» ، وليس شيءٌ من الفعل هكذا ؟
وإذا جعلْتَ «إِضْرِب» أو «أُقْتُل» اسمًا ، لم يكُن له بدٌّ من أن تجعله كالأسماء ؛ لأنَّك نقلتَ فعلاً إلى اسم .ولو سمَّيتَه «انْطِلاقًا» ، لمْ تَقْطَع الألف ؛ لأنَّك نقلتَ اسمًا إلى اسم ) .
2- هَمْسة الزَّجّاج
يقول أبو إسحاق الزَّجّاج في «ما ينصرف وما لا ينصرف» [19] :
( وإذا سمَّيْتَ رجلاً «إِضْرِب» أو «إِستَضْرَب» أو «إِحْرَنْجَم» ، ومعنى «احْرَنْجَمَ» : اجتَمَعَ ، فإنك تَقْطَع الألف ، فتقول : «هذا إِضْرِبُ قد جاءَ» ، وتَمْنَعُه الصرفَ لأنه على وزن الفعل وهو معرفة [أي : عَلَمٌ] .
فأما قوله عزّ وجلَ : (مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) [الرحمن : 54] ، فإنما صُرِفَ لأنه نكرةٌ [أي : غيرُ عَلَمٍ] ؛ والألفُ مقطوعة .
وإنما قطعْتَ الألف ، لأنك نقلتَ الأفعالَ إلى الأسماء ؛ وأصْلُ ألفاتِ الوصلِ للأفعال ، فلما أخرجْتَها إلى الأسماء أخرجْتَها إلى باب غير ألفات الوصل .
فإن سمَّيْتَه «استِخْراجٌ» أو «استِضْرابٌ» ، وصلْتَ الألف ؛ لأن هذه الألف كانت في المصدر موصولةً كما كانت في الفعل موصولة ، فنَقلْتَ اسْما فيه ألفُ وصلٍ من معنى إلى معنى ، وكِلا المعنيَيْن اسْمانِ ، فتَركْتَ الألفَ على حالها .
وإذا سمَّيْتَ رجلا «ابْنٌ» ، وصلْتَ الهمزةَ أيضا ، فقلت : «هذا ابْنٌ قد جاء» ) .
تعقيب :
يرى الزجّاج وبعضُ العلماء أن كلمة «إِسْتَبْرَقٍ» منقولة من الفعل الماضي «اسْتَبْرَقَ» ، ويرى آخرون أنها معرّبة من الفارسيّة «استبره» . ولَسْنا هنا بصدد مناقشة هذه المسألة .
والذي يعنينا هنا : أن الزجّاج ربط قطْعَ الهمزة بـالإسْمِيّة ، لا بـالعَلَميّة ؛ بدليل إشارتِه إلى قطْعِها في «إِسْتَبْرَقٍ» وإن لمْ تكُن عَلَما .
3- هَمْسة الصَّيْمَرِيّ
يقول أبو محمد الصَّيْمَرِيّ في «التبصرة والتذكرة» [542-543] :
( وإذا سمَّيْتَ بقولك : «إِضْرِب» ، قطعْتَ ألِفَهُ ، ولمْ تَصْرِفْهُ في المَعْرِفةِ لوزن الفعل والتعريف [يقصد : العَلَمِيّة] ؛ تقول : «هذا إِضْرِبُ» و«مَرَرْتُ بإِضْرِبَ» . وإنما قطعْتَ ألفه ، لأنك نقلتَه من الفعل للاِسْمِ ، فوجب أن يَجْرِيَ عليه قياسُ الأسماء . وليس في الأسماء ألفُ وصل إلا في الأسماء المعدودة التي ذكَرْنا في باب ألف الوصل ؛ ولا يَلْزَمُ القياسُ عليها ، لقِلَّتها .
وإذا سمَّيْتَ بِمَصْدَرٍ أوِ اسْمٍ مِمّا فيه ألفُ الوصل ، نحوُ : «اسْتغفارٍ» و«اقْتِدارٍ» و«امْرِئٍ» وما أشْبَهَ ذلك ، لمْ تَقْطَعِ الألف .
والفرقُ بيْنَ هذا والأوّلِ : أنك في الأوَلِ نقلْتَ الفِعلَ إلى الاِسْم ، فوجب أن يَلْزَمَهُ ما يَلْزَمُ الاِسْمَ ؛وفي هذا إنما نقلْتَ اسْمًا إلى اسْمٍ ، فحُكْمُه باقٍ عليه ، لأنك لمْ تنقُلْه إلى غيْرِ بابِه ) .
4- هَمْسة ابنِ مالك
يقول محمد بن مالك في « الكافية الشافية» [شرحها : 3/1459] :
وهَمْزُ وَصْلِ الفِعْلِ إنْ يَصِرْ سمَا *** يُقْطَعْ ، ويُمْنَعْ صَرْفُهُ كـ «إِعْلَما»
واسْتَبْقِ وَصْلَ هَمْزِ ما قَدْ نُقِلا *** مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ كـ«اقْتِرابٍ» و«اعْتِلا»
[ سَمًا ، وسُمًا ، وسِمًا ؛ بتثليث السين : اسْمًا ] .
ويقول في شرحها [3/1466-1467] :
( وإذا سُمِّيَ بما أَوَّلُهُ همزةُ وَصْلٍ ، قُطِعَتِ الهمزةُ إنْ كانَتْ في منقولٍ من فِعْلٍ ، وإلاَّ استُصْحِبَ وَصْلُها .
فيقال في «إِعْلَم» إذا سُمِّيَ به : «هذا إعْلمُ» و«رأيتُ إعلمَ» . ويقال في «أُخرُج» إذا سُمِّي به : «هذا أُخْرُجُ» .
ويقال في المسمَّى بـ «اقْتِرَاب» و«اعتِلاَء» : «هَذا اقترابٌ» و«رأيتُ اقتراباً» و«هذا اعتلاءٌ» و«رأيت اعْتِلاءً» ؛ لأنه منقولٌ مِنِ اسميَّة إلى اسميَّة ، فلم يَتَطَرَّقْ إليه تَغَيُّرٌ أكثرُ من التعيين بعدَ الشِّياعِ .
بخلافِ المنقولِ منَ الفعلية إلى الاِسميّة ؛ فإنَّ التسْمِيَة أحْدَثَتْ فيه - مع التَّعْيين - ما لمْ يكُن فيه ، من إعراب وغيْرِه من أحوالِ الأسماء . فَرُجِعَ به إلى قِياسِ الهمزِ في الأسماء وهو القَطْعُ
) .
تعقيب :
من الواضح هنا أن عبارة «مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ» ، الواردة في بيت ابن مالك ، لا ينبغي أن تؤخذ على إطلاقها ؛ إذ المقصود بها الاسم فقط ، دُونَ الحرف .
وسنرى لاحقا كيف أدى الفهمُ التعميمي الخاطئ لمثل هذا التعبير إلى هدم القاعدة العامة التي وضعها القدماء ، في شأن التسمية بما أوّلُه همزةُ وصل .
5- هَمْسة ابنِ عَقِيل
يقول بهاء الدين بن عَقِيل في «المساعد على تسهيل الفوائد» [3/50-51] :
( (وتُقطَع همزةُ الوصل ، إن كان ما هي فيه فِعْلاً [هذا كلامُ ابن مالك]) : فإذا سمَّيْتَ بـ «إِنْطلق» ، قطعْتَ الهمزة ؛ لأن ما جاء من الأسماء بهمزة الوصل قليلٌ ، لا يُقاسُ عليه .
وخرَجَ بالفعل : الاِسْمُ . فلو سمَّيْتَ بـ «انطلاق» ، لمْ تَقْطَع الهمزة ؛ لأنك إنما نقَلْتَهُ من الاِسميّة .وقال ابنُ الطراوة : تُقطع : لأن همزة الوصل إنما كانت فيه حين كان جاريا على الفعل [يقصد : مَصْدَرا] ، وقد خرَج عن ذلك بالعَلَمِيّة . ورُدَّ بأن العرب لم تُراعِ ذلك ، بدليل «هِبَة الله» عَلَمًا ) .
تعقيب :
يرى ابن الطراوة الأندلسي قطْعَ همزات المصادر المُسمى بها ؛ لخروجها عن مصدريّتها التي كانت السببَ في وصْل همَزاتِها .
وقد احتجّ ابن عقيل في ردّه عليه بمسألة مشابهة ، تتعلق بقاعدة صرفيّة شهيرة ، تُجيز حذْفَ الواوِ من مصادر بعض الأفعال الثلاثية ، وتعويضَها بتاء متطرفة ؛ نحو : «وَعْد ، وعِدَة» ، و«وَعْظ ، وعِظَة» ، «وَوَهْب ، وهِبَة» . فهي قاعدة تخُصُّ الأسماء فقط . ولكن ، لمّا صارت «هِبَة الله» عَلَمًا ، بقيت على حالها ، ولمْ يُوجِبْ أحدٌ إثبات واوها ، بدعوى خروجها عن مصدريّتها التي كانت السبب في جواز حذف الواو .
ويُفهم مما سبق : أن ابن الطراوة لا يقطع الهمزة إلا فيما سُمِّيَ به من المصادر ، دُونَ ما سُمِّيَ به من الأسماء العشرة (كـ «يوم الاثنين» مثلا) .
6- هَمْسة ابنِ هشام
يقول ابن هشام الأنصاري في «مُغْني اللبيب» [666] :
( ومِن هُنا قلت : (حرف التعريف «ألْ») ، فقطَعْت الهمزة .وذلك لأنك لما نقَلْتَ اللفظَ من الحرفيّّة إلى الاِسميّة ، أَجْرَيْتَ عليه قِياسَ همَزاتِ الأسماء ؛ كما أنك إذا سَمَّيْت بـ «إضرب» قطَعْتَ همزتَه ) .
تعقيب :
همسة ابن هشام هذه تطابق تمام المطابقة الرأيَ المُعبَّر عنه في الهمسات السابقة . فهو هنا يُعلِّل قطْعَ الهمزة بصَيْرورةِ الكلمةِ اسْمًا ، لا بصيرورتها علَما . فالعِبْرةُ بالاِنتقال من غيْرِ الاِسميّة (أي : من الحرفيّة أو الفعليّة) إلى الاِسميّة ، لا بالاِنتقال إلى العلميّة .
7- هَمْسة السيوطي
يقول جلال الدين السيوطي في «همع الهوامع» [3/233] :
( (و)يُرَدُّ همزُ (الوصل في فِعْلٍ قَطْعا) . فإذا سمَّيْتَ بنحو «إِنطلِق» ، قلتَ : «إِنطلِقُ» ، بقطع الهمزة ، لقلّة ما جاء من الأسماء بهمزة الوصل ، فلا يُقاس عليه ؛بخلافها في الاِسم ، نحو «انطلاق» ، فلا يُقطع ، لأنها ثبتت فيه وهو اسم لمْ يخرُجْ عن الاِسميّة .
(قيل : أو اسم أيضا) ، وعليه ابنُ الطراوة ، فقال : تُقطع الهمزة في «إنطلاق» ) .
تعقيب :
أوْرَد السيوطي هنا الرأيَ الآخر بصيغة التمريض : «قيل» ، ونسبه إلى ابن الطراوة وحْدَه . فلا يَصِحُّ القول : إن السيوطي مخالف لسيبويه في المسألة ، كما ذكر بعضهم في أحد المنتديات الأدبية ،
ومقتضى ما ذكره ابنُ عَقِيل (في الهمسة الخامسة) : أن كلام ابن الطراوة منحصر في المصادر فقط ، دُونَ الأسماء العشرة . ومعنى هذا : أن عبارة «أو اسم أيضا» ، الواردة في كلام السيوطي ، لا ينبغي أن تؤخذ على إطلاقها .
8 - هَمْسة الأزهري
يقول الشيخ خالد الأزهري في «التصريح بمضمون التوضيح» [3/223] :
( وحُكْمُ همزةِ الوصل في الفِعْلِ المُسمَّى به : القطْعُ ؛ لأن المنقول مِن فِعْلٍ بَعُدَ عن أصْلِه ، فالْتَحقَ بنظائره من الأسماء ، فحُكِمَ فيه بقطْعِ الهمزة .
بخِلاف المنقول مِنِ اسْمٍ ، كـ «اقْتِدار» ، فإن الهمزةَ تبقى على وَصْلِها بعد التسميَة ، لأن المنقول مِنِ اسْمٍ لمْ يبعُدْ عن أصله ، فلمْ يستحقّ الخروجَ عمّا هُوَ له ) .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:29 AM
9- هَمْسةٌ أُولى للصبّان
يقول الشيخ محمد بن علي الصَّبّان في حاشيته على شرح الأشموني للألفية ، عند قول ابن مالك في باب «الكلام وما يتألّف منه» :
بالجَرِّ والتَّنوينِ والنِّدا و«أَلْ» *** ومُسْنَدٍ : لِلاِسْمِ تمييزٌ حَصَلْ
( قَوْلُه (و«أَلْ») : المُرادُ لَفْظُ «أَلْ» . فهو حينئذٍ اسْمٌ همزَتُه همزةُ قطع ، كهمَزات الأسماء غيْرِ المُستَثْناة ، كما في شرح الجامع ) .
تعقيب :
همسة الصبّان هذه شبيهةٌ بهمسة ابن هشام ، المُعلَّق عليها آنفا . فالعِبْرةُ بالاِنتقال إلى الاِسميّة ، لا بالاِنتقال إلى العلميّة .
10- هَمْسةٌ أُخرى للصبّان
يقول الشيخ الصَّبّان في حاشيته ، عند قول ابن مالك في فصل «زيادة همزة الوصل» :
وَهْوَ لِفِعْلٍ ماضٍ احْتَوَى على *** أكْثَرَ مِنْ أربعةٍ ، نَحْوُ «انْجَلَى»
( ثُمّ المُرادُ ، كما هو ظاهرٌ : الفعلُ الماضي وفِعلُ الأمر الباقيان على فِعْلِيَّتِهما ، و«أل» الباقيةُ على حرفيّتها . فلو سمَّيْتَ شخصا بشيء من ذلك ، أو قصدْتَ به لَفْظَهُ ، وجب قطْعُ الهمزة ، على قياس همزاتِ الأسماء الصِّرْفةِ غيْرِ العَشَرة ِالمُستثناة الآتية . وبقولنا : «الصِّرْفة» ، أي : التي ليست جاريةً مجرى الفِعْلِ لا يرد نحوُ «الاِنطلاق» و«الاِقتدار» و«الاِستخراج» .
وإنما أبقيْتَ همزةَ الوصلِ على حالها ، فيما إذا سمَّيَْتَ أو قصدْتَ اللفظَ بنحو «الاِنطلاق» أوِ اسمٍ من العشَرة ، مع تغيُّر المعنى ؛ لأن الكلمة لم تُنقَل من قبيل إلى قبيل ، فاستُصحِب ما كان ؛ بخلاف مِثلِ «إنجلى» و«إستمع» و«إضرب» و«أل» ، فإن فيه نَقْلَ الكلمة من الفعلية أو الحرفية إلى الاِسمية . قاله الدّماميني ) .
تعقيب :
هذه موافقةٌ صريحةٌ للرأيِ الوارد في الهمسات السابقة .
وأما قولُ الصبّان : ( قاله الدّماميني ) ، فإنما يدلّ على أمانته العلمية في الإحالة على المصدر المباشر الذي نقل عنه ، لا أقلّ ولا أكثر . فلا ينبغي أن يُفهَمَ منه عدمُ اقتناعِه بما نقَله ؛ إذ لو كان له رأيٌ مخالف ، لَسارَع إلى الإدلاء به هنا . ولا ينبغي أن يُفهَمَ منه أن الرأيَ المنقولَ مِنِ ابتكارِ الدّماميني ؛ فلقد سبقه إليه سيبويه وغيرُه .
11- هَمْسةٌ أُولى للخضري
يقول الشيخ محمد بن مصطفى الخضري في حاشيته على شرح ابن عَقيل للألفية ، عند قول ابن مالك في باب «الكلام وما يتألّف منه» :
بالجَرِّ والتَّنوينِ والنِّدا و«أَلْ» *** ومُسْنَدٍ : لِلاِسْمِ تمييزٌ حَصَلْ
( و«أَلْ» في كلامه بقَطْعِ الهمزة ؛لأنها اسمٌ ، لِقَصْدِ لَفْظِها . وحَقُّ الاِسمِ قطعُ همزتِه ، إلا ما استُثْنِيَ ) .
تعقيب :
همسةُ الخضري هذه شبيهةٌ بهمسة ابن هشام ، المُعلّق عليها آنفا . فالعِبْرةُ بالاِنتقال إلى الاِسميّة ، لا بالاِنتقال إلى العلميّة .
12- هَمْسةٌ ثانيةٌ للخضري
يقول الشيخ الخضري في حاشيته ، عند قول ابن مالك في باب «العَلَم» :
وجُمْلةٌ وما بِمَزْجٍ رُكِّّبا *** ذا إنْ بِغَيْرِ «وَيْهِ» ثَمَّ أُعْرِبا
( أما المنقولُ من الفعل وحده ، فيُعْرَبُ كـ «ما لا يَنْصَرِفُ» ، للعلميّةِ ووَزْنِ الفعل ؛ ماضياً كان كـ «شَمَّرَ» بِشَدِّ الميم : لِفَرَسٍ ، و«بَذَّرَ» بِشّدِّ المُعْجَمة : لِماءٍ بقُرب مكة ، أو مضارعاً كـ «يَشْكُرَ» : لسيدنا نوح صلوات الله عليه ، أو أمْراً كـ «إِصْمِتَ» بكسْر الهمزةِ والميمِ : لِمَفازةٍ ، لأن سالِكَها يقول لصاحبه : «اصْمُتْ» ، من الفزع . قال الرَّضِيّ : وإنما كُسِرت الميمُ ، وإنْ كان الفعلُ مِن بابِ «نَصَرَ» ، لأن الأعلامَ كثيراً ما تُغيَّرُ عند النقل .وإنما قُطِعت الهمزةُ لِصَيْرُورتِه اسْماً ، فعُومِلَ مُعاملةَ الأسماء ) .
تعقيب :
هنا أيضا : العِبْرةُ بالانتقال إلى الاِسميّة ، لا بالانتقال إلى العلميّة .
13- هَمْسةٌ ثالثةٌ للخضري
يقول الشيخ الخضري في حاشيته ، عند قول ابن مالك في باب «ما لا يَنْصَرِفُ » :
كذاك ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلا *** أو غالِبٍ كـ «أحْمَدٍ» و«يَعْلَى»
( قولُه [يقصد : ابن عقيل] : (كـ «فُعِّلَ») أي الماضي المجهول ، و«فَعَّلَ» أي الماضي المعلوم ، المُضعَّف العين ، كـ «كلّم» بِشَدِّ اللام ؛ وكذا المُفْتَتَح بتاءِ مُطاوَعةٍ كـ «تَعلّم» ، أو بهمزة وصْلٍ كـ «انطلق» ، وتُقْطَعُ همزتُه عند التسمية به لِبُعْدِه عن أصْلِه ) .
تعقيب :
هنا أيضا : العِبْرةُ بابتعاد الفعل عن أصله ، لا بصَيْرُورتِه عَلَمًا .
14- هَمْسة الغلاييني
يقول الشيخ مصطفى الغلاييني في «جامع الدروس العربية» [1/303] :
( ما كان مبدوءًا بهمزة وصلٍ من الأفعال التي سمَّيْتَ بها ، فإنك تقطَعُ همزتَهُ بعد نقْلِه إلى العَلَميّة ؛ لأنه يلتحق بنظائره من الأسماء بعد التسمية به . فإنْ سمَّيْتَ بـ «إِنصرف» و«إِستخرج» ونحوهما ، قلت : «جاء إِنطلقُ وإِستخرجُ» ، بقطع الهمزة .
أما الأسماءُ المُسمَّى بها ، كـ «انطلاق» و«استخراج» ، فلا تُقْطَعُ همزتُها بعد التسمية بها ، بل تبقى على حالها ؛ لان نظيرها من الأسماء همزتُه موصولة ) .
15- هَمْسة فجال
يقول الدكتور محمود فجال في «القلائد الذهبية ، في شرح قواعد الألفية» [4/721] :
( قال كثيرٌ من علماء الرسم الإملائي المُحْدَثين : (إذا كان العَلَمُ منقولاً من لفظ مبدوء بهمزة وصل ، فإن همزته بعد النقل تصير همزةَ قطْعٍ) . وذكروا مثالاً على ذلك : «يوم الاثنين» ، بأن همزَتَه قَطْعٌ ؛ لأنه صار علماً على يوم .
أقول : همزة «يوم الاثنين» وصلٌ ؛ لأنها من الأسماء العشرة التي نصَّ العلماءُ على وَصْلِ همزتِها . وكونُها صارت علَماً على اليوم لا يُخرِجها عن الوصل إلى القطع ؛ لأنها كانت في عائلة الاِسميّة ، ولم تخرُجْ من عائلتها حتى نقولَ بقَطْعِها .
وها أنا ذا أضع بين يديك نصَّ إمام النحاة سيبويه ، فاستمع إليه وهو يقول في كتابه (198:3) : (إذا سميت رجلاً بـ «اِضْرِبْ» أو «اُقْتُل» أو «اِذهَبْ» لمْ تَصْرِفْهُ ، وقطعتَ الألفاتِ حتى يَصير بمنزلة الأسماء ؛ لأنك قد غيّرتها عن تلك الحال) . ثم يتابع قوله في (199:3) : (لأنك نقلْتَ فِعلاً إلى اسمٍ . ولو سميتَ رجلاً «انطلاقاً» ، لمْ تَقْطَع الألف ؛ لأنك نقلْتَ اسماً إلى اسْم ) .
قرّر سيبويه أنك إذا سمَّيْتَ شخصاً بفعل مبدوء بهمزة وصل ، فإن همْزَتََه تصير بعْدَ العلميّة همزةَ قطْع ؛ لأنك نقلْتَ فعلاً إلى اسم . ولو سمَّيْتَ باسمٍ مبدوء بهمزة وصل ، فإن همْزَتَه تبقى بعد العلميّة همزةَ وصْلٍ كما كانت .
وإليك كلام ابن مالك في «شرح الكافية الشافية» (1466) : (وإذا سُمِّيَ بما أَوَّلُهُ همزةُ وَصْلٍ ، قُطِعَتِ الهمزةُ إنْ كانَتْ في منقولٍ من فِعْلٍ ، وإلاَّ استُصْحِبَ وَصْلُها . فيقال في «إعْلم» إذا سُمِّيَ به : «هذا إعْلمُ» ، و«رأيتُ إعلمَ» . ويقال في «أُخرُج» إذا سُمِّي به : «هذا أُخْرُجُ» . ويُقال في المسمَّى بـ «اقْتِراب» و«اعتِلاء» : «هذا اقترابٌ» و«رأيتُ اقتراباً» ، و«هذا اعتلاءٌ» و«رأيت اعْتِلاءً» ؛ لأنه منقولٌ من اسميَّة إلى اسميَّة ، فلم يَتَطَرَّقْ إليه تَغَيُّرٌ أكثرُ من التعيين بعدَ الشِّياعِ ؛ بخلافِ المنقولِ منَ الفعلية إلى الاِِسمية ، فإنَّ التسمية أحْدَثَتْ فيه - مع التَّعْيين – ما لم يكن فيه ، من إعراب وغيره من أحوالِ الأسماء . فَرُجِعَ به إلى قِياسِ الهمزِ في الأسماء وهو القَطْعُ) .
ومثله في «التبصرة والتذكرة» (542:2) و«حاشية الدسوقي على المُغْني» (490:3) و«حاشية الصبان على الأشموني» (208:3) .
وهذه النصوص واضحة في أن همزةَ «يوم الاِثنين» وما سُمِّي به من المصادر ، مثل : «كليّة العلوم الاِجتماعية» و«ابتسام» و«ابتهال» همزةُ وصلٍ ، أُبقِيَت فيها همزةُ الوصل على حالها لعدم نقل الكلمة من قبيلٍ إلى قبيلٍ ، فاستُصْحِب ما كان ثابتاً لها قبْلَ العمليّة ) .
16- هَمْسة المعشي
يسرني أن أختم بقول الأستاذ عليّ المعشي ، جوابا عن سؤالي المُشار إليه في مستهلّ هذا الموضوع :
(يُفهَم من كلام سيبويه قاعدةٌ عامّة ، خُلاصتُها : أن المبدوء بهمزة الوصل إن لم يكن اسْما في الأصل ، وأُرِيدَ نقْلُه إلى الاِسم ليصير عَلَما ، قُطِعتْ همزَتُه ، سواء كان في السابق فعلا كما مثّل ، أم كان حرفا ؛ وأما الاِسمُ إذا سُمِّيَ به فإنه يبقى على حاله .
وإنما اقتصر تمثيلُه على الفعل ، لكثرة همزة الوصل في الأفعال . وإنما ترك التمثيل للحرف ، لأنه لا يوجد إلا حرفٌ واحد مبدوءٌ بهمزة وصل ، هو حرفُ التعريف ؛ لذلك لمْ يُمثِّلْ له ، مُكتفيا بعموم قوله : (وقطعْت الألفاتِ حتَّى يصير بمنزلة الأسماء ؛ لأنك قد غيِّرتها عن تلك الحال . ألا ترى أنك ترفعُها وتنصبها ؟ وتَقْطَعُ الألف ؛ لآن الأسماء لا تكون بألف الوصل) .
وأما قولُ بعض المُحْدَثين بقطع همزة الوصل عند النقل إلى العلمية ، بغَضِّ النظر عن أصل الكلمة ، فهو مخالف لكلام سيبويه ، إذ يقول : (ولو سمَّيته «انطلاقًا» ، لمْ تَقْطَعِ الألف ؛ لأنَّك نقلْتَ اسمًا إلى اسم) . فـ «ابتسام» كـ «انطلاق» التي نصّ سيبويه على عدم قطْعِ همزَتِها .
والصوابُ قول سيبويه ، لا قولُهم . ولو صحّ قولُهم ، لوجب قطْعُ همزةِ «امرؤ» في العلم «امرؤ القيس» . وإنما بَقِيَتْ همزةَ وصلٍ ، لأنها مأخوذةٌ مِنِ اسم ، وليست من فعل أو حرف . ومِثلُها «انطلاق» في مثال سيبويه . وعليه يكون حُكْمُ «اثنين» و«ابتسام» إبقاء الهمزة للوصل إذا صارا علمين ؛ لأننا نقلناهما مِنِ اسم إلى اسم ، كما بقيت همزتا «امرئ» و«انطلاق» عند جعلهما علَمَيْن ) .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:31 AM
الفصل الثاني :
هَمَساتٌ خاصّة ، تتعلق بـ «اثنين» عَلَما
1- هَمْسةٌ أُولى لسيبويه
يقول سيبويه في «الكتاب» [3/374-375] :
( وسألْتُه [يقصد : الخليل] عن الإضافة [يقصد : النِّسْبة] إلى رجل اسمُه «اثْنا عَشَرَ» ، فقال : «ثَنَوِيٌّ» في قولِ مَن قال : «بَنَوِيٌّ» في «ابْنٍ» ، وإنْ شِئَت قُلتَ : «اثْنِيٌ» في «اثْنَيِْن» كما قلت : «ابْنِيٌّ» . وتَحذِف «عَشَرَ» كما تَحذِف نُونَ «عشرين» ، فتُشبَّه «عَشَرَ» بالنون كما شبَّهْتَ «عَشَرَ» في «خمسةَ عشر» بالهاء . وأمّا «اثنا عشر» التي للعدد ، فلا تضاف ولا يضاف إليها ) .
تعقيب :
لو كانت الهمزةُ همزة قطع ، ما جاز حذْفُها عند النسبة ، وما جاز قياسُ الكلمة على «ابْنٍ» .
2- هَمْسةٌ أُخرى لسيبويه
يقول سيبويه في «الكتاب» [3/393] :
( وإنما أوْقَعَت العربُ «الاِثنين» في الكلام على حدّ قولِك : «اليومُ يومانِ» و«اليومُ خمسةَ عشَرَ من الشهر» . والذين جاؤوا بها فقالوا : «أثْناءٌ» [يقصد : في الجمع] ، إنَّما جاؤوا بها على حدّ «الاِثْنِ» ؛ كأنَّهم قالوا : «اليومُ الاِثْنُ» . وقد بلغنا أنَّ بعض العرب يقول : «اليومُ الثُّنَيُّ» .
فهكذا «الاِثنانِ» كما وصفْنا ، ولكنّه صار بمنزلة «الثّلاثاء» و«الأربعاء» اسمًا غالبًا ، فلا تجوز تَثْنِيَتُه ) .
تعقيب :
يُخبرنا سيبويه هنا أن العرب أخذت تسمية «يوم الاِثنين» من قولِهم : «اليومُ يومان» ، فهي مأخوذةٌ أصْلاً من العدد «اثنين» . كما يُخبرنا بامتناع تَثْنِيَتِها وجمْعِها (وإن جاز ذلك في «الجمعة» مثلا) ؛ لأنها مُثنّاةٌ أصْلاً .
فلك أن تُعرِبها إعرابَ المثنّى ، وإن صارت علَما ، فتقول : «مضَى الاِثْنانِ والثلاثاءُ» و«صُمْتُ الاِثْنَيْنِ والخميسَ» و«هذا يومُ الاِثْنَيْنِ» .
فكيف تحتفظ بعلامات إعراب المثنى ، ولا تحتفظ بهمزة الوصل التي كانت فيه ؟!
3- هَمْسةٌ أُولى للمبرّد
يقول المبرّد في «المقتضب» [2/90] :
(ومن هذه الأسماء [أي : المبدوءة بألف الوصل] : «اسْمٌ» . تقول : «بدأتُ باسم الله» . وإذا صغَّرتَ قلتَ : «سُمَيٌّ» .
و«اثْنانِ» كذلك . ولو كان يُفْرَدُ لكان يجب أن يكون في الواحد «اثْنٌ» ؛ ولكنه لا يُفرد في العدد فيَبْطُلَ معناه .
ومن العرب من يجعله اسما لليوم على غيْرِ معنى العدد ، فيقول : «اليَوْمَ الاِثْنُ» ، كما يقول : «الاِبْنُ» ، و«اليَوْمَ الثِّنْيُ» . وليس ذلك بالجيّد ؛ لأن معنى التثنية : أن الواحد [يقصد : الأحد] كان عندهم الأولَ ، ثم بَنَوُا الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس على ذلك ، كما تقول : «اليَوْمُ يومانِ من الشهر» ، أي : تمامُ يومَيْنِ ) .
تعقيب :
كان هؤلاء العرب يقولون : «الاِثْن» ، بألف وصل ؛ بدليل تشبيه المبرّد لها بـ «الاِبْن» . ولم يُنْكِرِ المبرّد ذلك ؛ وإنما ضعَّف إفرادهم لها فقط .
4- هَمْسةٌ أُخرى للمبرّد
يقول المبرّد في «المقتضب» [2/275-276] :
( وتقول فيما كان عَلَماً في الأيام كذلك ؛ في تصغير «سَبْتٍ» : «سُبَيْتٌ» ، وفي تصغير «أَحَدٍ» : «أُحَيْدٌ» ، [و]في «الاِثْنَيْنِ» : «ثُنَيّانِ» ، لأن الألف ألف وصل ، فهي بمنزلة قولك في «ابْنٍ» : «بُنَيٌّ» ، وفي «اسْمٍ» : «سُمَيٌّ» ، وفي «الثّلاثاءِ» : «ثُلَيْثاءُ» في قول سيبويه ، وفي قولنا : «ثُلَيِّثاءُ» ، لأنك إنما صغّرت «ثَلاثًا» ، فتُسْلِمُ الصدرَ ، ثم تأتي بعده بألفي التأنيث ، وفي «الأرْبِعاءِ» : «الأُرَيْبِعاءُ» ، وفي «الخَمِيس» : «الخُمَيِّسُ» ، وفي «الجُمُعةِ» : «جُمَيْعةٌ» ) .
تعقيب :
اختلف العلماء في جواز تصغير أسماء الأيام . والذي يعنينا هنا : تصريح المبرّد بأن ألف «الاثنين» ألفُ وصل .
5- هَمْسة المرزوقي
يقول أبو علي المرزوقي في «الأزمنة والأمكنة» [1/268] :
( قال قُطْرُبٌ : «أسماءُ الأيّامِ : السبتُ ، والأحَدُ ، والاِثْنانِ ، والثلاثاء ، والأربعاءُ ، والخميسُ ، والجمعةُ» ... ) .
ويقول أيضا [1/272] :
( و«الاِثنان» لا يُثنّى ؛ فإنه مُثنى . فإن أردْتَ تثنِيَتَه ، جئتَ بالمعنى ، فقلتَ : «هذان يوما الاِثْنَيْنِ» . ولا يَحْسُنُ «مََضَى الاِثْنانانِ» فيَحصُل الإعرابُ مرَّتَيْن ؛ قال قُطْرُبٌ : ومع ذلك ، قد حُكِيَ .
وفي الجمع أيضا تقول : «مََضَتْ أيّامُ الاِثْنَيْنِ» . إلا أنهم قد قالوا : «اليومُ الثُّنَيّ» ؛ فلا بأس على هذا أن يُجمَع فيُقال : «مََضَتْ أثْناءٌ كثيرةٌ» . ) .
تعقيب :
انظر كيف رُفِعت «الاِثْنانِ» بالألف في كلام قطرب .
وقد سبق الحديث عن التثنِيَة والجمع ، فلْيُرْجَع إليه .
6- هَمْسة الجوهري
يقول أبو نصر الجوهري في معجم «الصِّحاح» [ث ن ي] :
( و«يومُ الاِثْنَيْن» لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ؛ لأنَّه مُثنّى ) .
ثم يقول :
( ولو سًمِّيَ رجلٌ بِـ «اثْنَيْن» أو بِـ «اثْنَيْ عَشَرَ» ، لقُلْتَ في النسبة إليه : «ثَنَويٌّ» ) .
تعقيب :
سبق الحديث عن التثنِيَة والنسبة ، فلْيُرْجَع إليه .
7- هَمْسة المعرّي
يقول أبو العلاء المعرّي في «رسالة الصاهل والشاحج» [2/434] :
( وبعضُ الناس تَؤُضُّهُ الشِّدّةُ [أي : تُلْجِئُهُ] إلى قَطْعِ الحميمِ ، وفراقِ الأليفِ ، وعقوقِ الوالدِ والولد ؛ فيكون مَثَلُه مَثَلَ الشاعر لمّا اضطُرَّ لِقَطْعِ ألفِ الوصل ، كما قال الراجز :
لَمَّا رأَتْ شَيْبَ القَذالِ عِيسَا
وفوقَ ذاكَ لِمَّةً خَلِيسَا
قَلَتْ وِصَالي واصْطَفَتْ إِبليسا
وصامَتِ الإثنينِ والخَمِيسَا
عبادةٌ كُنتُ بها نِقْرِيسَا )
تعقيب :
هذا تصريح بأن ألف «يوم الاثنين» ألفُ وصل ، وأن الشاعر إنما قطعها للضرورة الشعرية .
8- هَمْسة ابنِ منظور
يقول جمال الدين بن منظور في معجم «لسان العرب» [ث ن ي] :
( ولو سُمِّيَ رجلٌ بـ «اثْنَيْنِ» أَو بـ «اثْنَيْ عَشَرَ» ، لقُلتَ في النسبة إِليه : «ثَنَوِيٌّ» في قول مَن قال في «ابْنٍ» : «بَنَوِيٌّ» ، و«اثْنِيٌّ» في قولِ مَن قال : «ابْنِيٌّ» ) .
ثم يقول :
( و«الاِثْنانِ» : من أَيام الأُسبوع ؛ لأَن الأَول عندهم الأَحد . والجمع : «أَثْناء» ، وحكى مطرّز عن ثعلب : «أَثانين» . و«يومُ الاثْنين» لا يُثَنى ولا يًجمَع ؛ لأَنه مثنّى . فإِن أَحبَبْتَ أَن تجمعه كأَنه صفة الواحد - وفي نسخة : كأَن لَفْظَه مبنيٌّ للواحد - قلتَ : «أَثانِين» ... ) .
ثم يقول :
( قال اللحياني : وقد قالوا في الشِّعْر : «يوم اثْنَيْنِ» ، بغيْرِ لامٍ ؛ وأَنشد لأَبي صَخْر الهُذَلي :
أَرائِحٌ أَنْتَ يَوْمَ اثْنَيْنِ أَمْ غَادِي *** ولَمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَةِ الوادي ؟
قال : وكان أَبو زياد يقول : «مَضى الاِثْنانِ بما فيه» ، فيُوَحِّدُ ويُذَكِّرُ ؛ وكذا يَفْعل في سائر أَيام الأُسبوع كلِّها ، وكان يؤنِّث الجمعة . وكان أَبو الجَرَّاح يقول : «مضى السبتُ بما فيه ، ومضى الأَحد بما فيه ، ومضى الاثْنانِ بما فيهما ، ومضى الثلاثاء بما فيهنّ ، ومضى الأربعاء بما فيهنَ ، ومضى الخميس بما فيهنَ ، ومضت الجمعة بما فيها» ؛ كان يُخرِجها مُخْرَجَ العدد
) .
تعقيب :
سبق الحديث عن التثنِيَة والنسبة ، فلْيُرْجَع إليه .
وانظر كيف رُفِعت الكلمةُ بالألف ، في قول ابن منظور : (و«الاِثْنانِ» : من أَيام الأُسبوع) ، وكذا فيما نقله عن أبي زياد وأبي الجرّاح .
ثم انظر كيف اكتفى اللحياني بالقول : (وقد قالوا في الشِّعْر : «يوم اثْنَيْنِ» ، بغيْرِ لامٍ [يقصد : بحذْفِ أداة التعريف]) ، مستشهدا ببيتٍ لا يتَّزِنُ إلاّ بوصل الهمزة ، من غير أدْنى إشارةٍ إلى قضيّة الوصل هذه . فلو كانت همزةُ «الاثْنَيْنِ» همزةَ قطع ، لقال : (وقد قالوا في الشِّعْر : «يوم اثْنَيْنِ» ، بغيْرِ لامٍ ، وبِوَصْل الهمزة للضرورة) .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:42 AM
الفصل الثالث :
منعطفات قلبت الموازين
إذا كان القدماءُ - كما رأينا - مُتَّفقين على بقاءِ همزةِ الوصل على حالها ، عند انتقال المصادرِ والأسماءِ العشرةِ إلى العلميّة ؛ باستثناء ما انفرد به ابنُ الطراوة فيما يتعلق بالمصادر ، فما الذي غيّر الأمور ، حتى صار الراجحُ مرجوحا والمرجوحُ راجحا ؟!
إنها سلسلة انعطافات متتالية ، أدّت في نهاية المطاف إلى سير المُحْدَثين في غير الاتجاه الذي كان يسير فيه القدماء !
1- نقطة الانطلاق
تبدأ حكايتنا من قول ابن مالك ، في باب «النِّداء» من ألفِيّتِه :
وبِاضْطِرارٍ خُصَّ جَمْعُ «يا» و«أَلْ» *** إلاّ مع «اللهِ» ومَحْكِيّ الجُمَلْ
تعقيب :
يرى جمهور النحويّين عدمَ جوازِ دخول «يا» الندائيّة على الأسماء المقترنة بـ «أَلْ» ، أعلاما كانت أم غيْرَ أعلام ؛ إلا عند الاضطرار (أي : الضرورة الشِّعْرية) . فلا يقال : «يا الـمُصطَفَى» «يا الـرَّجُلُ» «يا الـمرأةُ» ؛ بل يقال : «يا مُصطَفَى» «يا أيها الرَّجُلُ ، أو : يا هذا الرَّجُلُ» «يا أيتها المرأةُ ، أو : يا هذه المرأةُ» .
لكنهم استَثْنَوْا حالاتٍ معدودةً ، أشْهَرُها اثْنَتانِ :
* حالةُ اسْمِ الجلالة ؛ أجازوا فيه : «يا أَللهُ» بقَطْعِ الهمزةِ ، و«يا اللهُ» بوَصْلِ الهمزةِ مع عدم التلفُّظ بألفِ «يا» ، و«يا اللهُ» بوَصْلِ الهمزةِ مع التلفُّظ بألفِ «يا» ؛ ولكنّ الأشهرَ مُناداتُه بصيغة «اللَّهُمَّ» .
* وحالةُ الجُمَلِ المَحْكِيّة ؛ أي : الاسم المنقول عن جُملةٍ اسميّة تبدأُ بـ «أَلْ» ، كأنْ تُسمِّي شخصا ما : «الجَوُّ بَديعٌ» أو «الخُبْزُ ساخِنٌ» أو «الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌ» أو «المُنْطَلِقُ زَيْدٌ» أو ما شابه ذلك من الألقاب . وهذا ليس غريبا ؛ فكثيرا ما نُلقِّب شخصا ما بجملة يُكثِرُ تردادَها ، أو بعنوان أُغنية تناسبه أو ما شابه ذلك . يقول سيبويه في «الكِتاب» [3/333] : ( ولو سمَّيْتَهُ «الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌ» ، جاز أن تُنادِيَهُ فتقولَ : «يا الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌ» ؛ لأنك سمَّيْتَهُ بشيئَيْنِ ، كُلُّ واحدٍ منهما اسمٌ تامٌّ ) .
2- منعطف الأزهري
علّق الشيخ الأزهري في «التصريح» [3/334] على حالة اسم الجلالة ، بقوله :
( وعلَّل سيبويهِ نداءَ الجلالةِ بأنّ «أَلْ» لا تُفارقُها ، وهي عِوَضٌ عن همزةِ «إله» ، فصارت بذلك كأنها من نفس الكلمة . انتهى .
وهذا التعليلُ يناسب إثباتَ ألفَ الجلالة في النداء ؛ كما أن الفِعْلَ المبدوءَ بهمزة الوصل إذا سُمِّيَ به قُطِعَتْ همزتُه ، تقول : «جاءني أُنْصُرُ وإضْرِبُ» ، بضمّ الهمزةِ في الأول وكسْرِها في الثاني .
ووجْهُ حذْفِها
[يقصد : ألف الجلالة] في الوصل : النظرُ إلى أصْلِها . ووجهُ حذفِ ألفِ «يا» : أنّ إثباتَها يؤدي إلى التقاء الساكنيْنِ على غيْرِ حَدِّهِ ، لكونهما من كلمتين . ووجهُ إثباتِها مع حذف الثانية : إجراءُ المنفصل من كلمتين مجرى المُتَّصل من كلمة واحدة ) .
ثم علّق على حالة الجُمَل المحكيّة ، بقوله [3/335] :
( الصورةُ (الثانية : الجُمَلُ المَحْكِيّةُ) المبدوءةُ بـ «أَلْ» ؛ (نحوُ : «يا ألمُنْطَلِقُ زَيْدٌ» ، فِيمَنْ سُمِّيَ بذلك . نَصَّ على ذلك سيبويه) ، وقال : لأنه بمنزلة «تَأَبَّطَ شَرًّا» ، لأنه لا يتغير عن حاله ، إذ قد عَمِلَ بعضُه في بعضٍ . انتهى .
ومُقْتَضَى ما قدَّمْناهُ في «أُنْصُرَ» : قَطْعُ الهمزةِ
) .
تعقيب :
يرى الشيخ الأزهري قَطْعَ الهمزةِ في نحو «يا أَلمُنْطَلِقُ زَيْدٌ» ، قِيَاسًا على «أُنْصُرَ» و«إِضْرِبَ» وما شابَههُما من الأعلامِ المنقولةِ مِن الأفْعالِ . وكأنه راعى ابتعادَ الجُمَلِ عن أصلِها ، كما ابتعدت الأفعالُ عن أصلِها .
وهذا رأيٌ يخالفه فيه بعض العلماء . يقول ابنُ الحاجّ في حاشيته على شرح المكودي للألفية [2/65] : ( قولُ المكودي : (و«يا الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌ») ، يتعيّن بقاءُ الألف على وصْلِها ، ولا يجوزُ قطْعُها ، محافظةً على الأصل ، خِلافَ ما في الأزهري مِن أنها همزةُ قطع ) .
وليس هذا موضع مناقشة هذه المسألة . ولكن الذي يعنينا هنا : أن الأزهري لمْ يتراجع إطلاقا عن رأيه الذي سبق لنا الاطّلاعُ عليه (في الهمسة الثامنة من الفصل الأول) ، والذي مِن أنّ همزةَ الوصل إنما ينُصّ على قطْعِ همزة الوصل عند التسمِيَة بالأفعال ، دُونَ الأسماء . وكلُّ ما فعَلهُ هنا : إجراءُ حُكْمِ الأفعال على الجُمَل المَحْكِيّة أيضا . وأمّا موقفُه من المصادر والأسماء العشرة ، فلمْ يَطْرَأْ عليه أيُّ تغيير .
فالمرجوُّ تأمُّلُ كلام الأزهري جيدا ، للتحقُّق من أن التناقُض المنسوبَ إليه مُجرَّدُ وَهْمٍ وقع فيه بعضُ المُحْدَثين .
3- منعطف الصبّان
علّق الشيخ الصبّان ، في باب «النداء» من حاشِيَته ، على حالة الجُمَل المحكيّة ، بقوله :
( قولُه [يقصد : الأشْموني] : (نحو : «يا أَلْمُنْطَلِقُ زَيْدٌ») ، بقَطْعِ الهمزة ؛ لأنّ المبدوءَ بهمزة الوصل ، فِعْلاً أوْ غيْرَهُ ، إذا سُمِّيَ به يجب قَطْعُ همزتِه ، كما أفاده في «التصريح» . قال البعضُ : وانظُرْ ما الفرقُ بيْنَ هذا وبيْنَ «يا الله» ، حيثُ جوَّز فيه الشارحُ الأوجُهَ الثلاثة ! اهـ . وأنت خبيرٌ بأنّ لاِسْمِ الجلالةِ خَوَاصَّ لا يُشاركه فيها غيْرُه ، فلا يبعُد أن يكُونَ منها جوازُ الأوجُهِ الثلاثةِ ) .
تعقيب :
أراد الصبّان هنا التعبير بعبارات من عنده ، عمّا ذهب إليه الأزهري في «التصريح» ، من وجوب قطْعِ الهمزةِ في نحوِ «يا أَلْمُنْطَلِقُ زَيْدٌ» .
ولكنه أتى بعبارةٍ قد تُوهِمُ غيرُ المُرادِ ، وهي قولُه : ( ... لأنّ المبدوءَ بهمزة الوصل ، فِعْلاً أو غيْرَه ، إذا سُمِّيَ به يجب قَطْعُ همزتِه ) . فظنّ بعضُهم أن كلمة «غيْرَهُ» هنا تَشْمَلُ أيضا ما كان في الأصل اسمًا .
وهذا فَهْمٌ يُناقض الرأي الذي صرّح به الصبّانُ في فصل «زيادة همزة الوصل» (انظر الهمسة العاشرة من الفصل الأول) ، علما أن هذا الفصل متأخِّر في ترتيبه عن باب «النِّداء» .
كما أنه يُناقض إحالتَهُ على كتاب «التصريح» للأزهري ، علما أن الأزهري لمْ يُعمِّم القاعدةَ إطلاقا ، وإنما اكتفى بقياس الجُمَل المَحْكِيّة على الأفعال .
فنحن هنا أمام احتمالَيْن لا ثالث لهما :
* إما أن الصبان ناقض نفسه حقّا . وفي هذه الحالة لا يُعْتَدُّ بكلامه الوارد في باب «النِّداء» ؛ لأنه مبني على فهم خاطئ لكلام الأزهري ، وما بُني على باطل فهو باطل .
* وإما أن نلتمس لكلامه الوارد في باب «النِّداء» تأويلا مناسبا ؛ وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس :
- فيمكن القول مثلا : إن كلمة «غيْرَهُ» هنا لا ينبغي أن تؤخذ على إطلاقها ، فهي مثلُ عبارة «مِن غيْرِ فِعْلٍ» في كلام ابن مالك ، ومِثْلُ عبارة «قيل : أو اسم أيضا» في كلام السيوطي ، المُعَلَّقِ عليهما سابقا (في الهمستَيْن الرابعة والسابعة من الفصل الأول) .
- ويمكن القول أيضا : إن عبارة «إذا سُمِّيَ به» تعني «إذا انتَقَل إلى الاِسْمِيّةِ» ، أي : «إذا صارَ اسْمًا ، ولمْ يكُنْ مِن قبْلُ كذلك» ، فيصدُق هذا على ما سُمِّيَ به من الحروف والأفعال والجُمَل المَحْكِيّة ، دُونَ الأسماء .
ولو أخذنا كلام الصبان على ظاهره ، لَقُلنا بقَطْعِ الهمزةِ في نحو «المُصْطَفى» و«الحَسَن» و«الحُسَيْن» و«العبّاس» ونحْوِها من الأعلام ؛ وهو خطأٌ بَيِّنٌ .
4- منعطف الخضري
قال ابن عقيل ، شارحًا بيتَ ابن مالك السابق :
( وأمّا مع اسم الله تعالى ومَحْكِيِّ الجُمَل ، فيجوز ؛ فتقول : «يا أللهُ» بقَطْعِ الهمزةِ ووَصْلِها ، وتقول فِيمَنِ اسمُهُ «الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌٌ» : «يا الرَّجُلُ مُنْطَلِقٌٌ ، أَقْبِِلْ» ) .
فعلّق عليه الشيخ الخضري في حاشيَته ، بقوله :
( قولُه : (بقَطْعِ الهمزةِ) ؛ أي : لأنها – لعدم مُفارقتِها له – صارت كجزء من الكلمة ، فلمْ تُحذَفْ في النداء ؛ وحينئذٍ تثبُت ألفُ «يا» وجوباً . وقولُه : (وَوَصْلُها) ؛ أي : نظراً لأصْلِها ؛ وحينئذٍ تثبُت ألفُ «يا» أو تُحذَف . ففيه ثلاثةُ أوْجُهٍ .
بخلاف «يا أَلمُنطَلِقُ زيْدٌ» ؛ فيجبُ قطْعُ همزتِه مع ثُبوت ألفِ «يا» ، لأن ما بُدِئَ بهمزةِ الوصل ، فِعْلاً كان أوْ غيْرَهُ ، يجبُ قطْعُها في التسميَةِ به ، لِصَيْرُورَتِها جُزءًا من الاِسْمِ ، فتُقطَع في النداء أيضاً ؛ ولا يجوز وصْلُها نظراً لأصالتها كما في الجلالة ، لأنّ له خَوَاصَّ ليسَتْ لِغَيْرِه ) .
تعقيب :
كلام الخضري هذا شبيهٌ بكلام الصبّان السابق .
فيمكن القول هنا أيضا : إن كلمة «غيْرَهُ» لا ينبغي أن تؤخذ على إطلاقها .
ويمكن القول أيضا : إن التعليل الذي أتى به ، في قوله : «لِصَيْرُورَتِها جُزءًا من الاِسْمِ» ، معناه : «لِصَيْرُورَتِها جُزءًا من الاِسْمِ ، بعدما كانت جُزءًا من غيْرِ الاِسْمِ» ، بمعنى : «لاِنتقال الكلمة إلى الاِسْمِيّة» ؛ فيصدُق هذا على ما سُمِّيَ به من الحروف والأفعال والجُمَل المَحْكِيّة ، دُونَ الأسماء . هذا هو المعنى السليم ، الذي يناسب ما سبق نقلُه عن الخضري (في الهمسات 11 و12 و13 من الفصل الأول) .
ولا يَصِحُّ أن يكون المعنى هنا : «لِصَيْرُورَتِها جُزءًا لا يتجزّأ من الاِسْمِ ، بعدما كان يمكن الاستغناءُ عنها» ؛ لأن معنى هذا : أن همزات المصادر والأسماء العشرة كان يمكن الاستغناءُ عنها من قبلُ ، ولَمْ تَصِرْ جُزءًا لا يتجزّأ من الاِسم إلا عند الانتقال إلى العلمية ؛ وهذا خطأ بَيِّنٌ .
5- منعطف الهوريني
قال الشيخ نَصْر الهُورِيني في «المَطالع النَّصْريّة» [148] :
( ولو سُمِّيَ بما همزَتُه وَصْلٌ ، كـ «الاِثْنَيْن» و«المُنْطَلِق» ، صارت همزةَ قَطْعٍ ، كما نقَلَه الصبّانُ في «النداء» ) .
تعقيب :
هذا سَهْوٌ واضح من الشيخ الهوريني (رحمه الله) . فالصبّأن إنما تحدّث عن «المُنْطَلِقُ زَيْدٌ» ، لا عن «المُنْطَلِق» وحْدَها . أما «المُنْطَلِق» ، فلا شكّ أن همزتَها همزةُ وصْلٍ ، مثل همزة «المُعْتَصِم» و«المُصْطَفى» و«المُنتَصِر» و«الحَسَن» و«الحُسَيْن» و«العبّاس» وما شابَهها من الأعلام .
وهذا يُقوِّي احتمالَ سَهْوِهِ في «الاثنين» أيضا ، التي لم يذكرها الصبان إطلاقا . ويزدادُ هذا الاحتمالُ قوّةً إذا عَلِمْنا أن هذه الكلمة ضُبِطت بهمزةِ وصْلٍ في «القاموس المحيط» للفَيْروزابادي ، الذي ضبَطه وصحَّحه الشيخ الهوريني نفسُه .
قد يقول قائل : لعلّ المثال الثاني كان في الأصل : «المُنْطَلِقُ زَيْدٌ» ، ثم سقطت «زَيْدٌ» سهوا عند الطباعة .
فنقول : وما يُدرينا ؟ لعلّ المثال الأول أيضا كان في الأصل : «الاثنينِ صُمْتُ» ، ثم سقطت « صُمْتُ» سهوا عند الطباعة ! وحينئذ يكون حديثه عن همزة «أَلْ» لا عن همزة «اثنين» .
6- منعطف حسين والي
قال الشيخ حسين والي في «كتاب الإملاء» :
( واعلمْ أنّه لو سُمِّيَ بما همزَتُه وَصْلٌ ، كـ «الاِثْنَيْن» و«المُنْطَلِق» ، صارت همزةَ قَطْعٍ ، كما نَبَّهَ إليه علماءُ النحوِ في الكلام على النداء ) .
تعقيب :
لم يتيسّر لي الاطلاع على النص في موضعه الأصلي ، فأخشى أن يكون تعرّض لشيء من التغيير في المرجع الذي اعتمدتُ عليه . أقول هذا مراعاة للأمانة العلمية .
وعموما ، يبدو كلامُ الشيخ حسين والي مقتبَسا من كلام الشيخ الهوريني (رحمهما الله) ، مع زيادة في تعميم المسألة ، بتعويض اسم «الصبّان» بعبارة «علماء النحو» . فليُراجَع التعليق السابق على كلام الهوريني .
7- منعطف عباس حسن
قال الأستاذ عباس حسن في «النحو الوافي» [1/306] :
( إذا كان العلَمُ منقولا من لفظ مبدوء بهمزة وصل ، فإن همزتَه بعد النقل تصيرُ همزةَ قطْعٍ - كما أشرْنا – نحو : «إنشراح» عَلَم امرأة ، و«ألْ» عَلَم على الأداة الخاصة بالتعريف أو غيْرِه ، بشرط أن تُكتَب منفردة مقصودًا بها ذاتُها ؛ فنقول : «"ألْ" كلمة ثُنائيّة» و«"ألْ" فى اللغة أنواعٌ من حيث المدلول» ، ومثل : «يوم الإثنين» ، بكتابة همزة «إثنين» ، لأنها عَلَم على ذلك اليوم ، ومثل : «أُسْكُت» عَلَم على صحراء ) .
وقد أحال ، عند قوله : «كما أشَرْنا» ، على قوله في حاشية الصفحة 304 ، في سياق الحديث عن الأسماء المنقولة من الأفعال :
( ومن أمثلة الأمر : «أُسْكُت» - بضمّ الهمزة – علَم على صحراء عربية . وهذه الهمزةُ للقطع ، مع أنها في الأصل للوصل ؛ لأن همزة الوصل [...] إذا وُجِدت في لفظ ليس علَما ثم صار علَما ، فإنها تصير همزةَ قَطْعٍ ) .
كما أحال على قوله في حاشية الصفحة 421 :
( [...] وهمزةُ العلَم قطْعٌ – في الرأي الأنسَبِ – ولو كان هذا العلَم منقولا من لفظ آخر ، بشرط أن تَصِيرَ جزءا مُلازِما له ، مثل : «ألرَّجُلُ مُسافِرٌ» ، علَم على إنسان ، كما نصُّوا على هذا في باب النداء ) .
ثم قال في الحاشية ، معلّقا على قوله «لأنها عَلَم على ذلك اليوم» :
( ولا الْتِفاتَ لِما اشترطه بعضُهم لإخراج نوعٍ من الأعلام من هذا الحُكم ؛ إذِ الصحيحُ أن هذا الحُكم عامٌّ شاملٌ يشمل الأعلام بأنواعها المختلفة ، كما يشمل غيْرَ الأسماءِ من كل لفظٍ مبدوء بهمزة الوصل قد سُمِّيَ به وصار علَما .
راجع «حاشية الصبان» في آخر باب النداء ، عند قول ابن مالك : (وبِاضْطِرارٍ خُصَّ جَمْعُ «يا» و«أَلْ» ...) . وكذلك : «التصريح» و«الخضري» في هذا الموضع نفسه .
وللخضري تعليل قوي ، نصه : (لأن ما بُدِئَ بهمزةِ الوصل ، فِعْلاً كان أوْ غيْرَهُ ، يجبُ قطْعُها في التسميَةِ به ، لِصَيْرُورَتِها جُزءًا من الاِسْمِ ، فتُقطَع في النداء أيضاً ؛ ولا يجوز وصْلُها نظراً لأصالتها كما في لفظ الجلالة ، لأنّ له خَوَاصَّ ليسَتْ لِغَيْرِه) اهـ .
فلا التفاتَ إلى ما نقله الصبّان عن غيْرِه في موضع آخر ) .
تعقيب :
الأستاذ عباس حسن (رحمه الله) مِنّن لا يُشَكّ في علمهم ومكانتهم اللغوية . ولكن علامات التسرُّع باديَةٌ في موقفه من هذه المسألة ، وجلّ مَن لا يسهو .
ومن مظاهر هذا التسرع :
1- إطلاقُه اسمَ «أُسْكُت» على صحراء عربية . والوارد في المعاجم المعتمدة : «إِصْمِت» ، وليس المقصود منها مكانا محددا بعينه .
جاء في «لسان العرب» [ص م ت] : ( و«لقيته ببلدة إِصْمِتَ» : وهي القَفْر التي لا أَحدَ بها [...] . و«تَرَكْتُه بصحراءَ إِصْمِتَ» : أَي حيثُ لا يُدْرى أَينَ هو . و«تَرَكْتُه بوحش إِصْمِتَ» [...] قال ابن سيده: وعندي أَنه الفَلاةُ ؛ قال الراعي:
أَشْلى سَلُوقِيَّةً باتَت، وباتَ لهَا *** بوَحْشِ إِصْمِتَ ، في أَصْلابها ، أَوَدُ
و«لقيته ببلدة إِصْمِتَ» : إِذا لقيته بمكانٍ قَفْرٍ ، لا أَنيسَ به
) .
فمن وجد «صحراء أُسْكُت» في مرجع من المراجع المعتمدة ، فليدُلَّنا عليه مشكورا .
2- استعماله عبارة «بعضُهم» في الإشارة إلى أصحاب الرأي الآخر . وهذا تعبير لا يليق إطلاقه على سيبويه وأمثاله من الفطاحلة . وأرجحُ الظن أن الأستاذ عباس حسن لم يطّلع على نص سيبويه ، واكتفى بالاطلاع على ما نقله الصبّان عن الدماميني في فصل «زيادة همزة الوصل» (انظر الهمسة العاشرة من الفصل الأول) .
3- إحالتُه على كتاب «التصريح» للأزهري ، وقد رأينا أن الأزهري لم يُعمِّم القاعدة إطلاقا . وأرجح الظن أن الأستاذ عبّاسًا لم يطّلع على كلام الأزهري في موضعه ، وإنما اكتفى بما تُوهِمُه عبارة الصبّان في نقْلِه عنه .
4- قولُه : (وللخضري تعليل قوي) . أين التعليل ؟ إن المتأمل لكلام الخضري لا يجد فيه من التعليل إلا قوْلَه : (لِصَيْرُورَتِها جُزءًا من الاِسْمِ) ؛ وهي عبارة تحتمل التأويل ، كما ذكرنا .
أما قوله : (ولا يجوز وصْلُها نظراً لأصالتها ...) ، فلا تعليل فيه أصلا ، بل لا وجْهَ لنقله هنا ؛ لأنه ليس معطوفا على (فتُقطَع في النداء أيضاً) ، وإنما هو معطوف على (فيجبُ قطْعُ همزتِه مع ثُبوت ألفِ «يا») الواردة في الجزء الذي لم ينقله عباس حسن من مستهلّ كلام الخضري ؛ في سياق الحديث عن «يا أَلمُنطَلِقُ زيْدٌ» .
5- استعمالُه عبارةً تُوهِمُ أن الصبّان في الرأي الآخر كان مجرّد ناقل عن غيره (يقصد الدماميني) . وكأنه يقصد عدم اقتناع الصبان بما نقله . ولو صحّ هذا الاستنتاج ، لَلَزِمَ القولُ : إن الصبان غيْرُ مُقتنِع أيضا بالرأي الذي تُوهِمُ عباراتُه أنه نقَله عن الأزهري .
منعطفات أخرى
وما زالت سلسلة الانعطافات متواصلة :
1- فهذا الأستاذ محمد إبراهيم سليم يقول في «معلَم الإملاء الحديث» [18] : ( [...] ودليلُ ذلك ما قاله السابقون : (اعلمْ أنّه لو سُمِّيَ بما همزَتُه همزةُ وَصْلٍ ، كـ «الاِثْنَيْن» و«المُنْطَلِق» ، صارت همزةَ قَطْعٍ ، كما نَبَّهَ إليه علماءُ النحوِ في الكلام على النداء) ) .
أقول : إنه يزيد المسألة تعميما ، فينسبُ كلامَ الهوريني وحسين والي إلى «السابقين» ، مما يزيد القارئ اقتناعا بصواب الفكرة .
2- وهذا الأستاذ أحمد قَبِّش يقول في «الإملاء العربي : نشأتُه وقواعده ومفرداته وتمريناته» [27] : ( إذا سمَّيْتَ بما فيه همزةُ وصلٍ ، كـ «الاِثْنَيْن» اسم لليوم ، و«ألخميس» اسم لليوم ، صارت همزتُه همزةَ قَطْعٍ ) .
أقول : هذا خطأٌ بَيِّن . فهمزةُ «الخميس» همزةُ وصل بلا شكّ ؛ ولها في القرآن الكريم نظيران : همزةُ «الجُمُعَة» وهمزةُ «السَّبْت» ، وكِلْتاهُما همزةُ وصل في جميع القراءات القرآنية المُعتمَدة .
3- وهذا الدكتور جمال عبد العزيز أحمد يقول في «الكافي في الإملاء والترقيم» [10] : ( إذا سُمِّيَ بما فيه همزةُ وصل ، تحوّلت إلى همزة قطع . وعلى هذا لو سُمِّيَ بكلمة «انتصار» وأصبحت عَلَما على شخص فإنها تُكتب هكذا «إنتصار» . ومن هذا يوم «الإثنين» لأنه علم على اليوم المعروف . وكذلك «الْ» عندما نُخبِر عنها أو نتكلم عنها ؛ لأنها أصبحت عَلَما على أداة التعريف . ومن هذا أيضا «الْ» في الجملة المَحْكيّة المُسمَّى بها ، نحو قولهم : «يا ألله» «يا ألمأمون» «يا ألمنطلق زيد» ) .
أقول : هذا سهوٌ واضح ؛ لأن اسم الجلالة «الله» ليس جُملة مَحْكيّة ، و«المأمون» أيضا - علَما كان أم غيْرَ علَم - ليس جُملة مَحْكيّة ، وجمهور النحويين يمنعون دخول «يا» عليه .
4- وهذا عضو في أحد المنتديات الأدبية يجزم بأن همزة الوصل تتحول إلى همزة قطع عند دخول «ألْ» عليها ، نحو : «الإِسْم» و«الإِبْن» ، بحُجّة أن الهمزة حرف قمري لا بُدّ من ظهوره .
أقول : هذا خطأ بيّنٌ أيضا . فالصواب : «الاِسْم» و«الاِبْن» بهمزة وصل . ويُمكن الاِستماعُ إلى سورة الحجرات مُرتَّلةً بصوت أيِّ واحد من القرّاء المتفنين ، بأي رواية من الروايات المعتمَدة ، للتحقُّق من أن كلمة «الاِسْم» - في قوله تعالى : (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ) [الآية 11] - تُلفَظ : [لِسْمُ] بوصْل الهمزة ، ولا تُلفظ : [لْإِسْمُ] بقطعها .
والقائمة تطول .
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:43 AM
خاتمة
يتبيّن لنا من الفصول السابقة :
1- أن أغلب القُدَماء نصُّوا على قطع همزة الوصل عند التسمية بالأفعال والحروف ، وإبقائها على حالها عند التسمية بالمصادر والأسماء العشَرة .
2- وأن ابن الطراوة انفرد بقطعِ الهمزة عند التسمية بالمصادر أيضا ؛ إجراءً لها مجرى الأفعال .
3- وأن الأزهري رأى قطعِ الهمزة عند التسمية بالجُمَلِ المَحْكِيّة ؛ إجراءً لها مجرى الأفعال .
4- وأن المُحْدَثين هم الذين عمَّموا القاعدة ، فقطعوا الهمزةَ في «يوم الإِثْنَيْن» أيضا ، مُخالِفين بذلك طريقة النطق التي كانت معهودة عند القدماء : «يوم الاِثْنَيْن» .
5- وأن من الإجحاف أن تَعْرِضَ كُتُبُ الإملاء رأيَ المُحْدَثين وحْدَهُ ، وكأنه الحقُّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خَلْفِه .
6- وأن المسألة أصلا ليست مرتبطةً بعِلْم الإملاء ، بقَدْرِ ما هي مرتبطةٌ بطريقة النطق السليمة .
7- وأما ضرورةُ التمييز بين العَلَم وغيْرِ العَلَم ، فمُجرَّدُ مشكلة مُفْتَعَلة ، لا داعي إلى طرحها أصلاً . وإلا ، فكيف نميّز بين العَلَم وغيْرِه ، عند التسمية بما همزتُه همزةُ قطع ( كـ «إِسْلام» و«إِيمان» و«إِحسان») أو بما لا همزةَ فيه أصلا ( كـ «رشيد» و«حسَن» و«رشيدة» و«حياة» ) ؟
سعيد بنعياد
24-03-2010, 11:45 AM
تم الموضوع ، بحمد الله .
نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم .
وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين .
آمال المصري
24-03-2010, 04:13 PM
مررت هنا على عجل أبارك جهودكم الطيبة ولي عودة لأنهل من معين عطاءكم
دمتم ينابيع لاتنضب من العطاء
وتقبل الله منكم وحفظكم
جل التقدير والاحترام
فريد البيدق
25-03-2010, 05:30 AM
دام هذا الثراء والإثراء أخي الحبيب سعيد!
إلى التثبيت تقديرا ودفعا!
سعيد بنعياد
03-04-2010, 11:32 PM
مررت هنا على عجل أبارك جهودكم الطيبة ولي عودة لأنهل من معين عطاءكم
دمتم ينابيع لاتنضب من العطاء
وتقبل الله منكم وحفظكم
جل التقدير والاحترام
أديبتنا الفاضلة رنيم مصطفى ،
ألف شكر لك
على زيارتك الكريمة ،
وكلماتك النبيلة .
بارك الله فيك ،
ورزقك سعادة الدنيا والآخرة ،
وجعلنا جميعا من عباده
(الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) .
تحياتي وتقديري .
سعيد بنعياد
03-04-2010, 11:42 PM
دام هذا الثراء والإثراء أخي الحبيب سعيد!
إلى التثبيت تقديرا ودفعا!
الأخ العزيز
والأستاذ الفاضل
فريد البيدق ،
جزاك الله كل الخير
على ما تنفقه من جهد
في سبيل خدمة لغة كتابه الكريم ،
ولك من شكري أجزلُه وأخلصُه ،
على مرورك الطيب
وتثبيتك للموضوع .
تحياتي وتقديري .
وائل الهجرسي
03-05-2010, 11:16 PM
بارك الله فيكم ،أفادكم الله ،لقد استفدت كثيرا_لا شك_ من هذا البحث القيم وأوافقكم الرأي فيما ذهبت إليه. وائل الهجرسي_درعمي:v1:
فريد البيدق
14-05-2010, 01:47 PM
بورك حرفك الصائل الجائل أيها الدرعمي الحبيب وائل!
سعيد بنعياد
15-05-2010, 01:22 PM
بارك الله فيكم ،أفادكم الله ،لقد استفدت كثيرا_لا شك_ من هذا البحث القيم وأوافقكم الرأي فيما ذهبت إليه. وائل الهجرسي_درعمي:v1:
أستاذنا الفاضل
وائل الهجرسي ،
لك خالص شكري ،
وبالغ تقديري ،
على زيارتك الكريمة ،
وكلماتك الطيبة النبيلة .
بارك الله فيك ،
ورزقك سعادة الدارَيْن .
تحياتي الخالصة .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir