المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في الرسم .. إلى من يتفاعلون مع كتب التراث



فريد البيدق
02-04-2010, 04:49 PM
هذه الموضوعات سبق نشرها في منتدى الإملاء ومنتدى النحو، ورأيت جمعها في موضوع واحد هنا لأنها تتصل بالصواب الذي يظنه الكثيرون خطأ في الرسم فيعمدون إلى تصحيحه وهم مخطئون.

فريد البيدق
02-04-2010, 04:50 PM
1- شيء وشيئ
عندما تصادفنا -المراجعين كتب التراث- كلمة "شيء" بهذا الرسم "شيئ" كنا نسارع إلى تعديلها وتصحيحها بردها إلى الصورة الأولى معتقدين خطأ صورة "شيئ" لعدم اعتيادنا إياها.
وبينما كنت أطالع كتاب "الصرف الكوفي" للدكتور أحمد محمد عبد الدايم وجدت أن الصورة الأخرى "شَيِّئ" صحيحة وفق المذهب الكوفي، فأرسلت هذه الرسالة حتى إذا وجدها الإخوة تركوها لصحتها وفق الأصل الصرفي لكلمة "شيء" كوفيا الذي هو "شيِّئ" ووزنها "فَيْعِل".

فريد البيدق
02-04-2010, 04:55 PM
2- من أعراف النساخ والمؤلفين في الرسم
من كتاب "ضبط النص والتعليق عليه" للدكتور بشار عواد معروف، مكتبة الرسالة - ص15-16:

3- ... وقد حاول بعض النساخ القدماء التفرقة بين الياء المتطرفة والألف المقصورة بأن رسم كل ألف وردت في آخر الكلم ألفا قائمة.
ومن طريف ما وجدت في المخطوطات أن العلامة أبا الحجاج يوسف المزي قد أعجم الألف المقصورة التي على صورة الياء وأهمل الياء المتطرفة في الأجزاء التي بقيت من كتابه العظيم "تهذيب الكمال في أسماء الرجال"، والظاهر أنه إنما أعجم الألف لقلة دورانها في كتابه إذا قيس بكثرة دور الياء المتطرفة.
4- ... ويلاحظ أن كثيرا من النساخ يضع مدة على الألف الذي يسبق الهمزة نحو كتابتهم "عليآ" و"شيمآ" ونحوهما.

فريد البيدق
02-04-2010, 04:56 PM
3- في الرسم المغربي
الرسم اصطلاح وعرف، فما يتعارف عليه قوم بخصوص رسم قد لا يتعارف عليه آخرون، وكلاهما مصيب في عرفه.
أقول ذلك بعد أن قرأت في كتاب الدكتور صلاح الدين المنجد "قواعد تحقيق المخطوطات" دار الكتاب الجديد، بيروت، لبنان. ص20 عند معالجة الرسم:
"أما الألفاظ المحذوفة ألفها فالأفضل في رأيي إثبات الألف فيها. مثلا: لاكن بدلا من لكن، وهؤلاء بدلا من هؤلاء، وهاذا بدلا من هذا ... الخ. ولا بد من الإشارة أن المغرب العربي يثبت في الكتابة هذه الألفاظ كلها".

فريد البيدق
02-04-2010, 04:57 PM
4- حذف كرسي الهمزة المتوسطة .. شؤن هي شؤون ورؤس هي رؤوس
ندرس الإملاء على ما استقر في أوقاتنا الحديثة، ولا ندرس الرسم في تاريخه على الرغم من أننا نتابع أثناء مراجعاتنا لكتب الأجداد رسمهم وعلمهم في النحو والصرف وغيره.
ومعلوم أن الهمزة المتوسطة يتكون من جزئين الأول: الهمزة "ء"، والآخر الكرسي وهو حروف المد، مثل الألف في كلمة "سأل"، والواو في "شؤون"، ورأس الياء التي هي النبرة في "هيئة".
وعليه فكلمة "رؤس" قديما تساوي "رؤوس" حديثا؛ لأن الواو الموجودة تحت الهمزة هي حرف المد لا الكرسي، ومثلها "شؤن"، وغيرهما من الكلمات. وقد أظهر الرسم الحديث الكرسي وحرف المد؛ لذلك فكلمة شؤن صحيحة على الرسم القديم، ولا ينبغي تعديلها.
***
وهذا نص كلام الدكتور مازن:
ملحق: في مفهوم حذف الهمزة في الخط عند القدماء
تعرض عدد من علماء السلف لقواعد كتابة الهمزة في جملة ما تعرضوا له من قواعد الإملاء في أبواب الخط والهجاء التي عقدوها في كتبهم، وكانوا يضمنون كتبهم في العربية أبوابا في الخط أو الهجاء أو تقويم اليد كما فعل ابن قتيبة 276هـ في كتابه "أدب الكاتب" حيث عقد بابا طويلا سماه كتاب تقويم اليد، وكما فعل أبو القاسم الزجاجي في كتابه الجمل حيث عقد أبوابا للهجاء وأحكام الهمزة في الخط. وأفرد بعضهم رسالة خاصة لموضوع بعينه كما فعل ابن جني في رسالة "عقود الهمز".
وقد كانت لهم في كتابتهم أصول يصدرون عنها وقواعد يلتزمونها كما كانت لهم في كتابة الهمزة خاصة مذاهب مختلفة، لكل منها أصل يأوي إليه ويعمل عليه، وهي مذاهب أخذ المحدثون في كل قطر بواحد منها فاختلفت قواعد كتابتنا للهمزة في الوطن العربي، وأصبح أهل الشام مثلا يكتبون الهمزة في بعض المواضع على غير ما يكتبها أهل مصر مثل رؤوس رؤس رءوس ومسؤول مسئول وشؤون شئون وقرؤوا قرأوا وقرآ قرأا.
ولا شك أن توحيد قواعد الكتابة أجدى وأقوم، وأن أولى خطوات التوحيد أن نعود إلى الأصول والأحكام نحييها وندرسها، ثم نأخذ بما هو أكثر اطرادا وأيسر فهما وتطبيقا.
ولست أكتم أنني بعد أن حققت رسالة عقود الهمز لابن جني وجدت بعض ما يجدر بي أن أقف عنده وأن أعيد النظر في فهمه. ولست أكتم أيضا أنها كانت وقفة مفيدة علمتني ما لم أكن أعلم، وهدتني إلى فهم جديد لم أفطن له من قبل.
ومن هذا الذي تنبهت عليه مفهوم حذف الهمزة في الخط، وهم مما يعبرون عن ذلك وهم يتحدثون عن قواعد كتابة الهمزة، وتواضعوا على أن الهمزة تحذف من الكتابة أو من الخط في بعض المواضع. وكنت أفهم من ذلك أنهم يريدون الحذف إطلاقا.
فهمت ذلك وقلته وكتبته في بعض ما نشرت، ثم داخلني الريب فيما فهمت فعدت إلى الموضوع أتتبعه في مصادره، وإلى النصوص أستقرئها وأعارض بعضها ببعض- فتهديت إلى ما أعتقد أنهم أرادوه وقصدوا إليه.
لقد كنت أظن أنهم حين قالوا مثلا: إن الهمزة تحذف إذا وقعت متطرفة، وكان قبلها ساكن مثل البدء والجزء والشيء والنوء فإنما أرادوا أنها تحذف إطلاقا ولا تثبت في الخط، وأنهم يكتبون البد والجز والشي والنو. وكنت أظن أنهم حين قالوا: إن الهمزة المتوسطة تحذف إذا كانت مفتوحة وقبلها ساكن مثل مسألة فإنما أرادوا أنها تحذف إطلاقا، وأنهم يكتبونها مسلة وهكذا.
ثم اتضح لي بجلاء أنهم لا يريدون من حذف الهمزة الحذف المطلق، بل يريدون حذف صورة الحرف الذي تكتب عادة عليه، وهي إنما تكتب على واحد من حروف اللين التي هي الألف والواو والياء فإذا قالوا: إنها تحذف- فمعنى ذلك أنها لا تكتب على صورة واحد من تلك الحروف، بل تكتب قطعة مفردة كرأس العين.

فريد البيدق
02-04-2010, 04:59 PM
5- اللغات الواردة في "كلا وكلتا" .. من النحو الوافي
يبدو أن الإمام العيني صاحب "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" كان غارقا في التفصيلات اللغوية، وعالما باللغات المختلفة في المباحث اللغوية؛ فقد ورد في الجزء السادس هذا النص: (قال أبو عمر: اختلف الفقهاء فيما يقرأ به في صلاة الجمعة؛ فقال مالك: أحب إلي أن يقرأ الإمام في الجمعة (هل أتاك حديث الغاشية) مع سورة الجمعة، وقال مرة أخرى: أما الذي جاء به الحديث فـ(هل أتاك حديث الغاشية) مع سورة الجمعة، والذي أدركت عليه الناس (سبح اسم ربك الأعلى). وقال أبو عمر: محصل مذهب مالك أن ==كلتي السورتين == قراءتهما حسنة مستحبة مع سورة الجمعة؛ فإن فعل وقرأ بغيرهما فقد أساء وبئس ما صنع، ولا تفسد عليه بذلك صلاته).
ولأن هذه لغة مستغربة فقد بحثت عن اللغات الواردة في "كلا وكلتا"، فوجدت أن هناك لغة تعربهما إعراب المثنى في كل أحوالهما، فأحببت أن أنقل النص الوارد في ذلك حتى لا تستغرب تلك اللغة.
والنص من "النحو الوافي" للأستاذ العلامة عباس حسن، وقد آثرت نقل النص كاملا لما به من معلومات مفيدة:
أما "كلا، وكلتا" ففيهما مذاهب أيضًا؛ أشهرها وأحقها بالاتباع ما سبق فيهما؛ وهو إعرابهما بالحروف، بشرط إضافتهما إلى ضمير دالّ على التثنية -علمًا بأنهما لا تضافان مطلقًا- إلى ضمير للمفرد، نحو: كلاي وكلتاي، ولا إلى ضمير للجمع، نحو: كلاهم، وكلتاهم، ولا يضافان إلى الظاهر أيضًا، وإلا أعربا معه إعراب المقصور.
وهناك من يعربهما إعراب المقصور في جميع أحوالهما، أي: بحركات مقدرة على الألف دائمًا. ومنهم من يعربهما إعراب المثنى في جميع أحوالهما، ولو كانت إضافتهما إلى اسم ظاهر مثنى. ولا حاجة اليوم إلى غير اللغة المشهورة.
هذا، ولفظهما مفرد، مع أن معناهما مثنى؛ فيجوز في الضمير العائد عليهما مباشرة، وفي الإشارة، وفي الخبر، ونحوه -أن يكون مفردًا، وأن يكون مثنى، تقول: كلا الرجلين سافر، أو سافرا، وكلا الطالبين أديب، أو أديبان، "وكلتا الفتاتين سافرت، أو سافرتا"، "وكلتاهما أديبة، أو أديبتان".
والأكثر مراعاة اللفظ. كقول الشاعر:
لا تَحْسَبَنّ الموتَ موتَ البِلى... وإنما الموتُ سُؤال الرجالِ
كلاهُمَا موْت، ولكنّ ذَا... أفظعُ من ذاك، لذُل السؤالِ
هذا ويتعين الإفراد ومراعاة اللفظ في مثل: كلانا سعيد بأخيه.....؛ من كل حالة يكون المعنى فيهما قائمًا على المبادلة والتنقل بين الاثنين فينسب فيها إلى كل واحد منهما ما ينسب إلى الآخر، دون الاكتفاء بذكر المعنى المجرد من دلالة المبادلة والتنقل بينهما كالمثال السابق، وكقولنا: كلانا حريص على المودة، كلانا محب لخير زميله.

فريد البيدق
02-04-2010, 04:59 PM
6- إلزام المثنى الألف .. من النحو الوافي، ج1
للمرة الثالثة نعيش مع القواعد غير المشهورة في النحو العربي لضرورة العمل؛ فقد صادفني في "عمدة القاري" المثنى ملتزما فيه الألف في مواقع إعرابية مختلفة، وقد يعمد بعض الإخوة إلى إصلاحه إلى اللغة المشهورة التي تعربه بالحروف، وهذا غير صحيح؛ لأن إلزام المثنى الألف لغة واردة، وينبغي إبقاء الكلمات المثناة بالألف كما اختارها المصنف العيني الذي اشتهر عنه اهتمامه باللغة.
لذا آثرت وضع هذا الموضوع الذي يوجه بالأصالة إلى مراجعي الكتب التراثية، وبالتبعية إلى كل محب للنحو العربي؛ إثراء علميا وضرورة عملية.
***
النحو الوافي، ج1:

.................................................. ......
__________
زيادة وتفصيل:
...
ب- إعراب المثنى وملحقاته بالحروف هو أشهر المذاهب وأقواها، كما أسلفنا. ويجب الاقتصار عليه فى عصرنا؛ منعًا للفوضى والاضطراب فى الاستعمال الكلامي والكتابي، وأما اللغات الأخرى فلا يسوغ استعمالها اليوم، وإنما تُذْكر للمتخصصين؛ ليسترشدوا بها في فهم بعض النصوص اللغوية الواردة عن العرب بتلك اللغات واللهجات. ومن أشهرها:
1- إلزام المثنى وملحقاته "غير: كلا وكلتا" الألف فى جميع أحواله، مع إعرابه بحركات مقدرة عليها؛ تقول: عندى كتابانِ نافعانِ، اشتريت كتابانِ نافعانِ، قرأت فى كتابانِ نافعانِ، فيكون المثنى مرفوعًا بضمة مقدرة على الألف، ومنصوبًا بفتحة مقدرة عليها، ومجرورًا بكسرة مقدرة كذلك؛ فهو يعرب إعراب المقصور، والنون للتثنية فى كل الحالات مبنية على الكسر -بغير تنوين- وتحذف عند الإضافة.
2- إلزام المثنى الألف والنون فى جميع أحواله مع إعرابه بحركات ظاهرة على النون كأنه اسم مفرد، تقول: عندي كتابانٌ نافعانٌ، واشتريت كتابانًا نافعانًا، وقرأت في كتابانٍ نافعانٍ، ويحذف التنوين إذا وجد ما يقتضي ذلك؛ كوجود "أل" في أول المثنى أو إضافته. وكذلك لمنع الصرف إذا وجد مانع من الصرف... فيرفع معه بالضمة من غير تنوين، وينصب ويجر بالفتحة من غير تنوين أيضًا.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:01 PM
7- جديد غير مشهور في تأنيث الفعل لابن كيسان
ورد في تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي لأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لجمال الدين عبد الله الأنصاري 761 هـ ما يلي بعد نقلي الهوامش إلى المتن وتقويسها وتلوينها باللون الزهري:
السادس: أنه إن كان مؤنثا أنث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي (سواء أكان جامدا أم منصرفا تاما أم ناقصا، وسواء في ذلك التأنيث الحقيقي أو المجازي) ، وبتاء المضارعة في أول المضارع.
[إذا كان الفاعل مؤنثا أنث فعله]:
ويجب ذلك في مسألتين:
إحداهما: أن يكون ضمير متصلا (أي مستترا، عائدا على مؤنث حقيقي التأنيث أو مجازيه. وقد مثل لهما المصنف. وإنما وجب التأنيث في هذا؛ لئلا يتوهم أن هنالك فاعلا مذكرا منتظرا، كأن يقال: هند قام أبوها والشمس طلع قرنها)، كـ: "هند قامت" أو: تقوم"، و: "الشمس طلعت" أو: "تطلع" بخلاف المنفصل نحو: "ما قام، أو يقوم، إلا هي".
ويجوز تركها في الشعر إن كان التأنيث مجازيا، كقوله (القائل: هو عامر بن جوين بن عبد رضاء بن قمران الطائي، أحد بني جرم من طيئ، كان سيدا شاعرا فارسا شريفا، قيل: هو من معمري العرب وأنه عاش مائتي سنة. خزانة الأدب: 1/ 53، والمعمرين: 41): [المتقارب]
211- ولا أرضَ أبقلَ إبقالَها (تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فلا مزنة ودقت ودقها
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 278، وابن عقيل: "146/ 2/ 92"؛ والأشموني: "369/ 1/ 174" والكتاب: 1/ 240، والخصائص: 2/ 411، والمحتسب: 2/ 112، وأمالي ابن الشجري: 1/ 158، 1/ 161، وشرح المفصل: 5/ 94، والمقرب: 66، والخزانة: 21، 3/ 330، والعيني: 2/ 264 والهمع: 2/ 171، والدرر: 2/ 224، وحاشية يس على التصريح: 2/ 32، ومغني اللبيب: "115/ 860" "1130/ 879".)موطن الشاهد: "ولا أرض أبقل".
وجه الاستشهاد: حذف تاء التأنيث من الفعل "أبقل" المسند إلى فاعله المضمر العائد إلى اسم مجازي. وروي البيت على وجه آخر: ولا أرض أبقلت أبقالها؛ بكسر التاء للتخلص من الساكنين، ووصل همزة القطع من إبقالها، وهو تخلص من ضرورة، للوقوع في أخرى، كما بين المؤلف.
ومن العلماء من خرج البيت تخريجا آخر، وهو أن الشاعر أتى بالضمير العائد إلى الأرض مذكرا؛ لأنه أراد بالضمير المكان؛ فهو من الحمل على المعنى؛ ولهذا نظائرُ كثيرةٌ في الشعر، نحو قول عروة بن حزام:
وعفراء أرجى الناس عندي مودة ** وعفراء عني المعرض المتداني
ففي قوله: "عفراء المعرض المتداني"؛ ذكر الخبر، مع أن المبتدأ مؤنث؛ لأنه أراد شخص عفراء.

وذهب ابن كيسان إلى جواز التذكير والتأنيث في الفعل المسند إلى ضمير مؤنث مجازي التأنيث؛ فكما يجوز في الفعل المسند الاسم الظاهر المجازي التأنيث تذكير الفعل وتأنيثه، فإنه يجوز مع المضمر، لأنه لا فرق بين المضمر والمظهر. انظر حاشية الصبان: 2/ 53-54. والدرر اللوامع: 2/ 224-225.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:02 PM
8- قاعدة غير مشهورة في تذكير العدد وتأنيثه
نتعلم اللغة في مدارسنا بناء على المشهور منها، وهذا صحيح في التعليم، لكنه لا يكون صحيحا في مجال التعامل مع كتب التراث التي قد تعتمد من القواعد على ما هو غير مشهور، فيعمد المتعامل معها إلى التخطئة السريعة. ولو تمهل وبحث لأدرك أن هناك وجها.
وهنا أضع قاعدة تخالف المشهور في باب تذكير العدد وتأنيثه وفق هذا الاعتبار اعتبار التعامل مع كتب التراث، وهذا الاعتبار نادى به الأستاذ عباس حسن كثيرا في كتابه "النحو الوافي" في كثير من القواعد غير المشهورة في مختلف أبواب النحو.
هذه القاعدة ذكرها الإمام اللغوي أبو عبد الله بن محمد بن الطيب الفاسي، في كتابه "نشر الانشراح من روض طي الاقتراح" بتحقيق الأستاذ الدكتور محمود يوسف فجال- ج2- ص867. وقد أحال إلى التصريح (2/271) وحاشية الصبان على شرح الأشموني (4/61) لكنه لم يذكر معلومات الطبعة.

يقول ابن الطيب: يعتبر التذكير والتأنيث مع الجمع بحال مفرده؛ فإن كان مفرده مذكرا أنث عدده، وإن كان مؤنثا ذكر، نحو: ثلاثة إصطبلات وثلاثة حمامات، بالتاء فيهما اعتبارا بالإصطبل والحمام؛ فإنهما مذكران.
ولا يقال: ثلاث- بترك التاء اعتبارا بالجمع، خلافا للبغداديين والكسائي؛ فإنهم يجوزون مراعاة الجمع كما يجوزون مراعاة المفرد.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:03 PM
9- حول الألف الفارقة حذفا وإثباتا

في عمدة القاري شرح صحيح البخاري للإمام العيني، باب ذكر القين والحداد- رسمت الألف بعد الاسم في كلمة "ذووا" في قوله: (وفي الحديث: ليليني منكم ذووا الأحلام والنهى).
فبحثت في موسوعة الحديث، فوجدت رواية ابن ماجه تنفرد بإثبات الألف بعد كلمة "أولوا" كالآتي: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ! لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).

وبدأت البحث اللغوي الخطي، فوجدت نصا في شافية ابن الحاجب يؤيد ذلك، وقد نقلت نصه مشروحا من كتاب "المناهل الصافية إلى كشف معاني الشافية" للعلامة لطف الله بن محمد بن الغياث – تحقيق دكتور عبد الرحمن محمد شاهين- مكتبة الشباب.
وقوست نص الشافية، وحذفت الشروح خارج موضوعنا، ثم أوردت الشرح في موضوعنا المنقول من الجزء الثاني من الكتاب المذكور أعلاه ص414-415:
(وأما الزيادة) ... (فإنهم زادوا بعد واو الجمع المتطرفة في الفعل ألفا نحو أكلوا وشربوا فرقا بينها وبين واو العطف) .. (بخلاف) ... ( نحو يدعو و يغزو)؛ لأن الواو التي هي اللام لا تنفصل عن الكلمة كواو الجمع حتى تلتبس بواو العطف؛ إذ هي من تمام الكلمة متصلة كانت في الخط كيدعو أو منفصلة نحو يغزو أو بأن لا تكون متطرفة. (ومن ثم ) ... (كُتِبَ: ضربوا هم في التأكيد) ... (بألف)... (وفي المفعول) ... (بغير ألف) ... (ومنهم من يكتبها) في الاسم أيضا، فيكتبها (في نحو شاربوا الماء) اعتدادا باللبس الذي يحصل وإن قل. (ومنهم من يحذفها) أي الألف (في الجميع) أي في الفعل والاسم؛ لندور التباس واو الجمع فيهما بواو العطف، فلم يعتد به لو اتفق.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:06 PM
10- حذف ألف تنوين النصب في الرسم تطبيقا للغة ربيعة
لهذه المعلومة دورة علمية.
كيف؟
قرأت قبلا أنه يجوز حذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة كما يحذف تنوين الضم والكسر، لكن لأن ذلك لم يكن مستعملا فيما يصادفني من نصوص قلت: هي معلومة للعلم فقط.
ثم صادفني ذلك مكتوبا، فتمت رحلة هذه المعلومة مع هذا الأمر، وقلت: لم تكن المعلومة للعلم فقط، بل للتطبيق أيضا، وقد طبقها البعض.
فقررت سرد ذلك مكتفيا بنماذج من التنظير والتطبيق حتى إذا صادفها أحدنا في كتاب تراثي تركها كما هي ولم يعدها خطأ، لكن في إنشائنا يجب أن نساير اللغة المشهورة التي تبدل التنوين المنصوب ألفا.
ومن أراد الاستزادة فعليه بمراجعة باب الوقف في كتب الصرف للتنظير، وقراءة الكتب التراثية للتطبيق.
وهاكم الرحلة بشقيها:
أولا: التنظير:
1- توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك- (3/ 1469) المؤلف: أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (المتوفى : 749هـ)- شرح وتحقيق : عبد الرحمن علي سليمان ، أستاذ اللغويات في جامعة الأزهر
في الوقف على المنون ثلاث لغات:
الأولى: وهي الفصحى، أن يوقف عليه بإبدال تنوينه ألفا إن كان بعد فتحة، وبحذفه إن كان بعد ضمة أو كسرة، كقولك: رأيت زيدَا، وهذا زيدْ، ومررت بزيدْ.
والثانية: أن يوقف عليه بحذف التنوين وسكون الآخر مطلقا، وذكر ذلك أبو الحسن وقطرب وأبو عبيد والكوفيون، ونسبها المصنف إلى ربيعة. قال في الإفصاح: والجماعة يرون أن هذا مما جاء في الشعر، ولا يجوز في الكلام.
والثالثة: أن يوقف عليه بإبدال التنوين ألفا بعد الفتحة، وواوا بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، ونسبها المصنف إلى الأزد، وقيده غيره بأزد السراة. وادعى أبو عثمان أنها لغة قوم من أهل اليمن ليسوا فصحاء واقتصر هنا على الفصحاء.
2- جامع الدروس العربية للشيخ الغلاييني:
(1) إذا وقفتَ على مُنَوَّنٍ، حذفت تنوينه بعد الضمة والكسرة، وأسكنتَ آخرَهُ، مثلُ "هذا خالدْ. مررتُ بخالدْ". فإن كانت الحركةُ فتحةً أبدلتَ التنوينَ ألفاً، مثل "رأيتُ خالداً". هذه هي اللغة الفُصحى وهي أرجحُ اللُّغاتِ وأكثرها. وربيعةُ تُجيزُ الوقفَ على المنوَّن المنصوب، كما يوقفُ على المرفوع منه والمجرور، فيقولون "رأيتُ خالدْ".
ثانيا: التطبيق
1- الجزء الخامس من مصنف أبي عوانة:
وجدت الاستخدام الحي لهذا الرأي فيه، وهذا مثال من أمثلة صادفتني في هذا الجزء حذف فيها ألف النصب:
"(28) مُبْتَدَأُ كِتَابِ الصَّيْدِ
1 - بَابُ إِبَاحَةِ صَيْدِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ إِذَا ذَكَرَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ اسْمَ اللَّهِ وَإِنْ قَتَلَ، وَحَظْرِ أَكْلِهِ إِذَا شَرَكَ فِيهِ كَلْبٌ آخَرُ، أَوْ كَانَ الصَّائِدُ كَلْبً غَيْرَ مُعَلَّمٍ ، أَوْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ".

2- عمدة القاري
عثر الزميل أحمد عبد الله على نموذج تخريجي في الجزء الرابع والعشرين ص215 من "عمدة القاري" للإمام العيني على كلمة "قريب" تظهر قيمة هذا الرأي بصورة عملية.
قال البخاري: "حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، ..."
قال الإمام العيني: قوله : "قريب" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي عددهم قريب. قال الكرماني : أو منصوب مكتوب بلا ألف على اللغة الربيعية.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:06 PM
11- الجزم بلن .. من "توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك" للمرادي


لكل عمل مهام، ولكل مهمة مهارات يجب أن تراعى، ومن يتعامل مع كتب التراث ينبغي أن يلم باللهجات واللغات القديمة والآراء غير المشهورة؛ لأن احتمال مصادفته إياها وارد بكثرة.
ولقد حدث هذا بورود أحدها في "لسان العرب" الذي يحتوي بيت جرير الآتي:
وابنُ اللَّبُونِ إِذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ** لن يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيسِ
فظن المراجع أنها "لم"، وأن "لن" خطأ لغوي فسارع إلى التصحيح على الرغم من وجودها في المطبوع، وعلى الرغم من ورود الجزم بلن عن بعض العرب مخالفة للمشهور عنها.

فدفعني ذلك إلى أن أنقل الإشارة إلى الجزم بـ"لن" من كتاب "توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك" لأبي محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (المتوفى : 749هـ)، شرح وتحقيق عبد الرحمن علي سليمان أستاذ اللغويات في جامعة الأزهر.
***
الأدوات التي تنصب المضارع أربعة، وهي الثلاثة المذكورة في هذا البيت وإذن وستأتي.
فأما "لن" فحرف نفي ينصب المضارع ويخلصه للاستقبال ولا يلزم أن يكون مؤبدا، خلافا للزمخشري، ذكر ذلك في أنموذجه، وقال في غيره: إن "لن" لتأكيد ما تعطيه "لا" من نفي المستقبل.
قال ابن عصفور: وما ذهب إليه دعوى لا دليل عليها، بل قد يكون النفي بلا آكد من النفي بلن؛ لأن النفي بلا قد يكون جوابا للقسم، والنفي بلن لا يكون جوابا له، ونفي الفعل إذا أقسم عليه آكد.
تنبيهات:
الأول: مذهب سيبويه والجمهور أن "لن" بسيطة، وذهب الخليل والكسائي إلى أنها مركبة، وأصلها "لا أن" حذفت همزة أن تخفيفا، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. ورد سيبويه بجواز تقديم معمول معمولها عليها نحو: "زيدا لن أضرب".
وأجيب بأنه قد يحدث بعد التركيب ما لم يكن قبله، ومنع الأخفش الصغير تقديم معمول معمولها عليها.
وذهب الفراء إلى أن "لن" هي "لا" أبدلت ألفها نونا، وهو ضعيف.
الثاني: ذهب قوم منهم ابن السراج إلى أنه يجوز أن يكون الفعل بعدها دعاء، واختاره ابن عصفور، وجعلوا منه قوله تعالى: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ}. والصحيح أنه لم يستعمل من حروف النفي في الدعاء إلا "لا" خاصة.
الثالث: حكى بعضهم أن الجزم بلن لغة لبعض العرب.

فريد البيدق
02-04-2010, 05:07 PM
12- انفراد المجمع العلمي العراقي بقطع همزة الوصل ابتداء
(1)
فوجئت بكتاب "ألف خطأ وخطأ .. معجم في تصحيح لغة الإعلام" للدكتور وليد ج النجار الصادر عن مكتبة لبنان ناشرون 2007في طبعته الأولى- يقطع كل همزات الوصل المبدوء بها في الأسماء والأفعال.
كان هذا تطبيقا من دون تنظير؛ مما يوحي أنه مقرر علميا من قبل، لكنني لم أكن وقفت على شيء يبيح ذلك فمضيت عن الكتاب حاملا عجبي وتعجبي!
(2)
وأثناء تصفحي "معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة" للأستاذ "محمد العدناني" فوجئت بأنه في مادة فتو أجرى استفتاء أول برقم (1444) هذا نصه الممتد من ص498 إلى ص499:
كنت قد وجهت الاستفتاء الآتي إلى مجامع اللغة العربية في القاهرة ودمشق وبغداد، والمكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي في الرباط والسادة المستشرقين وأدباء الأمة العربية:
(1) هل تجيزون وضع همزة تحت الألف (إ) في الأفعال الخماسية والساداسية إذا جاءت في أول الجملة، مثل: (إجتمع، إستقبل)؟ أم تضعون تحت الألف كسرة (اِجتمع، اِستقبل)؛ لأن الهمزة في الأفعال الخماسية والسداسية هي همزة وصل كما فعل المعجم الوسيط و... " إلى آخر المراجع التي ذكرها مؤيدة لعدم قطع همزة الوصل.
وقد جاءته الإجابات تؤكد ما هو مشهور عن رسم همزة الوصل ألفا من دون قطعة الهمزة إلا رد المجمع العلمي العراقي الوارد ص500 ونصه:
... ننقل إليكم في أدناه موجز ما أقره مجلس المجمع العلمي العراقي في جلسته المنعقدة في 11/4/1972 حول كتابة همزة الوصل واقعة في أول الكلام:
"يفضل المجمع العلمي العراقي أن تعامل همزة الوصل حين ترد في أول الكلام معاملة همزة القطع في الرسم؛ أخذا برأي أكثرية علماء رسم الحروف، وتجنبا للوهم في النطق، فهي:
أ- تنطق وتكتب تحت الألف ومن تحتها الكسرة في حالة الكسر، وذلك مثل: إِِبتدأ العمل يوم كذا، إِستغفر الله، إِعلم زيد.
ب- تنطق وتكتب فوق الألف وفوقها فتحة في حالة الفتح، وذلك مثل: أَل، وأَيمن.
ج- تنطق وتكتب فوق الألف وفوقها ضمة في حالة الضم، وذلك في الأمر المضموم العين، مثل: أُكتب يا زيد، وفي الماضي المبني للمجهول، نحو: أُنْطلق به.
... ثم أجاب عن سؤال الاستفتاء الثاني الخاص برسم تنوين النصب، ثم قال:
مع مزيد التقدير. ثم وقع باسمه وصفته: الدكتور عبد الرزاق محيي الدين رئيس المجمع العلمي العراقي.
(3)
تمت الصورة النظرية، فانتقل تعجبي إلى المجمع العلمي العراقي لإقراره ذلك، لكنني
لم أقف طويلا مع تعجبي لعدم انتشار هذا القرار، ولولا مصادفتي التطبيق أولا في الكتاب المشار إليه سلفا ما نشرت هذا الموضوع!

فريد البيدق
02-04-2010, 05:08 PM
13- نصب خبر إن .. استثمار الفقه لاستثناءات قواعد النحو

1- الاستثناء .. من كتاب "الجنى الداني في حروف المعاني" لابن أُمّ قَاسِم المرادي
"إن" حرف له قسمان:
الأول: أن يكون حرف توكيد، ينصب الاسم ويرفع الخبر. نحو: إن زيدًا ذاهب. خلافًا للكوفيين، في قولهم: إنها لم تعمل في الخبر شيئًا، بل هو باق على رفعه قبل دخولها. وأجاز بعض الكوفيين نصب الإسم والخبر معًا، بإن وأخواتها. وأجازه الفراء في ليت خاصة. ونقل ابن أصبغ عنه أنه أجاز في لعل أيضًا. قال ابن عصفور: وممن ذهب إلى جواز ذلك، في إن وأخواتها ابن سلام في طبقات الشعراء. وزعم أنها لغة رؤبة وقومه. وقال ابن السيد: نصب خبر إن وأخواتها لغة قوم من العرب. وإلى ذلك ذهب ابن الطراوة. والجمهور على أن ذلك لا يجوز. ومن شواهد نصب خبر إن قول عمر بن أبي ربيعة:
إذا اسود جنح الليل فلتأت، ولتكن ** خطاك خفافًا، إن حراسنا أسدا
وأوله المانعون على أنه حال، والخبر محذوف، أي: تلقاهم أسدًا. أو خبر كان محذوفة، أي: كانوا أسدًا.
2- الاستثمار .. من كتاب "الشرح الممتع على زاد المستقنع" للشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين

ص: وَلاَ يَصِحُّ –يريد الأذان- إِلا مُرَتَّبًا مُتَوَاليًِا من عَدْل وَلَو مُلَحَّنًا أَوْ مَلْحُونًا
ش: قوله: «أو مَلْحُونًا»، الملحون: هو الذي يقع فيه اللَّحن، أي: مخالفة القواعد العربية. ولكن اللَّحن ينقسم إلى قسمين:
1- قسم لا يصحُّ معه الأذان، وهو الذي يتغيَّر به المعنى.
2- وقسم يصحُّ به الأذان مع الكراهة، وهو الذي لا يتغيَّر به المعنى، فلو قال المؤذَّن: «الله أكبار» فهذا لا يصحُّ؛ لأنه يُحيل المعنى، فإن «أكبار» جمع «كَبَر» كأسباب جمع «سبب» وهو الطَّبل.
ولو قال: «الله وكبر»- فإنَّه يجوز في اللغة العربية إذا وقعت الهمزة مفتوحة بعد ضَمٍّ أن تَقلب واوًا. ولو قال: «أشهد أن محمدًا رسولَ الله» بنصب «رسول»- فهو لا شكَّ أنَّه لَحْنٌ يُحيل المعنى على اللُّغة المشهورة؛ لأنه لم يأتِ بالخبر، لكن هناك لغة أن خبر «أن» يكون منصوبًا فيُقبل هذا.
قال عمر بن أبي ربيعة وهو من العرب العرباء:
إذا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ ولْتَكُنْ ** خُطَاكَ خِفَافًا إنَّ حُرَّاسنا أُسْدَا
وعلى هذه اللُّغة لا يضرُّ نصب «رسول» إذا اعتقد القائل أنها خبر «إن»، والمؤذِّنون يعتقدون أن «رسول الله» هو الخبر.
ولو قال: «حيَّا على الصَّلاة» فعلى اللُّغة المشهورة، وهي أنَّ اسم الفعل لا تلحقه العلامات- فهذا لا يتغيَّر به المعنى فيما يظهر، وحينئذ يكون الأذان صحيحًا؛ لأنَّ غايته أنه أشبع الفتحة حتى جعلها ألفًا.