مشاهدة النسخة كاملة : سِفرُ التَّضْحِيَة المَيِّتَة .
عبدالله مصالحة
20-04-2010, 01:02 PM
سِرتُ وقَمرِ الإحتِضار يتَبَخَّر مِن خَلف أكَوامِ الرَّحيل , أمضي بعناءٍ في وَجه البَديعِ مِن خَطايايْ ولا يَنبس الوَقت يَشرَح المَكلومَ مِن بُكاءِ جَفنيَّ المُتَرَهِّلَتانِ حينَ صَرَختا هَوسَ إمتِعاضِهما , لأجِدَ صَوتَ الكَون يزأر على مَقربَة مِن حَولِ قامَتي , فـ أستقرُّ على كَتفِ اللامَرغوب , أحتَسي لُقيماتٍ مِن قَسَماتِ الشُّرود , أردِّدُ في الأفق ألفَ مَجهولٍ صائِحَ إتِّخاذِه وُجودا ً وأنكر ما تَمَّ دَحضَه في عَقلِ الرَّجاءْ , أتغذَّى على شَفير الهاويَة المَركونَة في رؤايَ الهارِبَة مِن جَوفِ المُنى , يَكشِفُني المَوت بشَمسه السّاطِعَة ويُرثي حُجَّته في تَكبيلِ ثِقَتيَ في العَيش , تَستَحوذ الإرادَة على نواة القَلب لـ تبتَلع مَثوايَ الأخير عِندَ فُرَج الضّياءْ , أهيمُ في منأى ماجِنٍ لـ استِقطابِ شَيء جَديد والنّور يَضمَحل مِن على شَفتيَّ لأنطِقَ بوصولي زَعمَ الفِكرْ , أستَنجِدُ وأقَع في ظِلٍّ بارِد الجَوابْ ولا أتقِنُ مِن مَمشايَ سوى ضَرب الحنجَرة لـ تَذرِف كَلامَ الأمل القريبِ البعيد , فمِن أينَ يَجيء رأسيَ بهاتِه التَّعويذاتِ المُناقِضَة لشموليَّة " أن تَكون " وقَد وفّاكَ الغُروب مأخذَه في جَرِّ سَواعِدَك إليه , أقفَلتَ بِضعَ الحَقائِب المَحشوَّة بجُنون كَي لا تَلمَح نَهجا ً قَديما ً يُذَكِّرُك بـ كَدرِ الماءِ في جَبينك , عَلمتَ غَدرا ً يأتي بعيائِه في كلِّ لَحظَة تَرمُقها بنعيم , وما نَسيت أنَّ كلَّ شَيءٍ جَميلٍ يَرحل , حتَّى الغَيمات التي تُذكرني بفضاء اللِّه وأنفاسٍ عَظيمَة الإنتِعاش تَفرُّ مِن غاياتِ السَّواد المَجبولَة برُفاتيَ الذي لا أجده صادِقا ً وأنا أتلمَّسُ جرحه وإقبالَه لـ قَبرٍ يليق به , فمَفاتيحَ الخُروج إلى بَياضٍ مِن خَلق هذه الانشغالاتِ المُركَّزة في العَقل تائِهَة ما بَين الرَّماد وأصوات إنحِلالِ العُقود التي تُرمَى في بَحرٍ مُغتَصبُ الحَياة , زَعمتُني ألهثُ في مُكابَدة الغَريزَة والفِطرَة المُقوّيَة لـ إنسيَّتي , وما عَلِمت أنَّ الفِطرَة في وادٍ لا أجِده إلا تَذَكُّرا ً حينَ صَفعٍ إلهيٍّ قَويم , كأنَّ غازَ الوجود حُقنَ في دِماغي لأتصيَّر في مرآة كاذِبَة لا تَجدُ مِن مَلامِحي غيرَ شَخصٍ آخر لا أعرِفه , نَزفَت ما استَطعت مِن تَكهُّناتٍ هاجَمت المَسامَ وجَريانَ الدِّماء الواصِلَة إلى لُبِّ عَقليَ المَنخور بدقَّة المُحتَرفين لـ تَعديمِ غايَة النَّجاة وذاكَ الشَّيطانُ المُوسوِسُ يَبتَسِمُ لـ فاعليَّته في صَدِّ الحُريَّة عَن مَرماي ولا اَستَند إلا لـ خيوطِه العالِقَة في أنسِجَة ضَميري , تقيَّأت مَنالَه واستَعذتُ مِنه لـ أجِدَ نورا ً يُفضي إلى سُكون أو هُدوء يَشرَح إقبالي لـ ربٍّ حَكيم , وما تَزالُ الحَربُ قائِمَة في خِلدي على تَثبِيت الخَير ولَعق الشَّر مِن على كَتفيّ لأنحازَ على إرضاءٍ تامٍّ يَفكُّ أسرَ رَقَبتي مِن لَهبٍ لا يَرحَمْ , أظًنُّها الحَياةُ تأكُلُكَ مِن حَيثُ لا تَحتَسب , تُقيمُ عليكَ المَوانِع وأنتَ راغبٌ بِها , وتًثقِلُ عليكَ مَعنى أن تَكونَ بَشرا ً يَميلُ إلى دَفع الضُّر عَنه , تَكادُ تَبكِ وتَضحَك على هذهِ التَّرانيم المَعقودَة بِحنكَة في قَرار وُجودك ولا تَجدُ أنّك في نِضالٍ مَع ذاتِكَ المُيَسَّرِ لَها أن تَرضى رَغما ً عَن نَواياها , فـ الاستِسلامُ واجب والصَدُّ كُفرْ وأنا بَينَ ذَلك أتلَوّى وَحيدا ً غَريبا ً , أصطَنع كلَّ شَيْ وأخلِقُ عَوالِمَ جَديدَة كُتِبَ فيها الوَهم واقِعا ً لا زَال يَنهَشُ بِعَضُدي حتَّى أشَرَب كَيدَه كَما يَنبغي فـ اللّهُ ناظِرٌ أمريَ وكُلّي طَواعيَة تَذرف دَمَع المَضمونْ .
ثائر الحيالي
20-04-2010, 06:41 PM
اقتباس لكامل النص
الأستاذ القدير عبد الله مصالحة
ونعم بالله ..نعم المولى ونعم النصير
تتبعت هذا النزف ..وتجليات الحرف وهو يجرد الحقيقة بنبل الكلمة ومضمونها..
ووجدت روحا ً تواقة للنقاء والصفاء..وهي تكابد الأهواء وتصارع الحياة في منازلة غير متكافئة الأطراف..
تحية تقدير ..لحرفك الرائع..
محبتي ..واحترامي
عبدالله مصالحة
23-04-2010, 04:10 AM
الاريب : ثائر الحيالي
حضورك الوعي أخي وجزيل الخير في إثر العِطر , دم بود وعِزَّة , تقديري .
وفاء شوكت خضر
23-04-2010, 04:53 AM
ألأخ الأديب عبدالله مصالحة ..
أدهشني النص بلغته وبمضمونه ، حيث أتت المفردات قوية قاسية تحمل كم الحزن الذي تبثه النفس اللوامة
في لحظة ندم وحسرة ومراجعة للنفس ، كي تترك أثرها في نفس المتلقي الذي يضيع بين التركيز على جمالية النص
والتفاعل بمضمونه الذي لا بد يصيب مقتلا ..
جميل هذا النص بكل حرف فيه معنى ومبنى ، وقد استوقفني طويلا ، *وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا* أية تتلى وأنا أقرأ هذا النص فارتجف القلب ..
لم أشأ تشويه جمال النص بتعقيبي ولكن لفت نظري همزة القطع في غير موضوع لم تكن في مكانها ، فقط أتساءل هل كنت تقصدها أم أنها أتت سهوا !!؟؟
فمعرفتي لحرفك الذي يرتدي الجمال حلة قشيبة قد شككتني في أن تكون هذه الهمزة سقطت سهوا أثناء الطباعة ..
نسأل الله العفو والمغفرة لكل ما قدمنا وأخرتا وما علمناه وما هو أعلم به منا ..
نهاية لا أدري ما أقول فما قرأته هنا زلزل الروح التي أمنت واطمأنت بذكر الرحيم الغفور شديد العقاب أمام ما قدمت يداي وما مشت قدماي في معصيته ..
غفر الله لنا ولك ..
تقبل مروري .
آمال المصري
23-04-2010, 08:13 AM
مضيت الليل أقرأها وأبيت الخروج ... وخجلت الرد
فقررت الانصراف دون تعكير لتلك الدرة الثمينة التي صيغت بأسلوب أكرمه
سيدي الفاضل ...
أبحرت مع حرفك الأسطوري الذي يعانق النور
للتثبيت
تقديراً وتبجيلاً لسموكم
احتراماتي
عبدالله مصالحة
25-04-2010, 11:39 AM
الفاضلة : وفاء شوكت خضر
ممتنٌ لهذه الإطلالة الوارفة والجميلة , كان خطأ اصابعي في استنزافها على هذه الشاكلة ولم تكن سهوا ً لا شك
تقديري لجمال أحرزته بقوام هنا .. تقديري .
عبدالله مصالحة
25-04-2010, 11:41 AM
الفاضلة : رنيم مصطفى
شُكرا ً كبيرة تليق بحفاوتكم المداد , وللتثبيت إنحناء الامتنان , تقديري .
ربيحة الرفاعي
05-10-2012, 01:12 AM
نص نثري بديع يحكي عنف النفس اللوامة عند الخطأ بلغة جميلة وأداء نثري متقن لولا بعض هنة وددت لو تلافيتها بشيء من المراجعة قبل النشر
أهلا بك في واحتك
تحاياي
كاملة بدارنه
27-12-2012, 11:08 PM
فـ الاستِسلامُ واجب والصَدُّ كُفرْ وأنا بَينَ ذَلك أتلَوّى وَحيدا ً غَريبا ً , أصطَنع كلَّ شَيْ وأخلِقُ عَوالِمَ جَديدَة كُتِبَ فيها الوَهم واقِعا ً لا زَال يَنهَشُ بِعَضُدي حتَّى أشَرَب كَيدَه كَما يَنبغي فـ اللّهُ ناظِرٌ أمريَ وكُلّي طَواعيَة تَذرف دَمَع المَضمونْ .
نريد ونريد ولا نحصل إلّا على ما أراده الله فنستسلم ونرضى
حرف عبق بجمال اللّفظة والفكرة
بوركت
تقديري وتحيّتي
براءة الجودي
09-04-2013, 01:17 PM
حقيقة مواضعُ الجمال فيها كثير , تجعل الارئ يسرح معك في المك الخاص ويغوص في بحرك اللجيِّ
ورغم الحزن والحسرة وبعض من الكبت الذي لفَّ النص إلا أنه يبقى ممتعًا مميزا !
سلِمَ البنانُ ياعبدَ الله ..
تقديري
د. سمير العمري
06-12-2015, 05:14 PM
نص جميل وأداء مميز للفن النثري غير أني وجدت عدو مواضع خانتك فيها اللغة وتحتاج تنقيحا وتصحيحا!
دمت بخير وعافية!
تقديري
خلود محمد جمعة
19-01-2016, 07:17 AM
هي الروح التي نحجب عنها نور الحقيقة وماء الصدق وتربة اليقين فتضرب جذورها في متناقضاتنا فلا تثمر الا الما وندما على ذنوب اقترفناها بحق انفسنا ومن حولنا
نفس لوامة وخطاءة تعود وتستسلم لربها بتوبة خير من نفس غافلة وهي لاتدرك ذلك
بوح مؤثر
بوركت وتقديري
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir