تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أكلمك يا أبي



فرح حمداوي
02-05-2010, 05:02 PM
أكلمك يا أبي


...و كل يوم أفتح شباك غرفتي و أرنو إلى السماء لعلني أراك يوما هناك.

أخبرتني أمي أن الشهداء لا يموتون بل هم عند ربهم أحياء يرزقون...أتراك لا تزال تذكر شكلي يا أبي؟ لقد تغيرت ...اممممممم...تغيرت قليلا...أصبحت في طول اكرة باب المطبخ المتآكل.

أمي صبحت تعتمد علي كثيرا ، كل يوم تعطيني بضع ليرات كي أجلب الحليب من الدكان المجاور .

البارحة وجدت جارنا الشيخ علي في الدكان . سألني : كم عمرك يا ولد ؟
فبسطت راحة يدي اليمنى و رفعت إصبعا من اليسرى. ربت على كتفي و قال في شموخ : أنت رجل يا صخر...و ما اختار لك أبوك هذا الإسم إلا إيمانا بصلابة الصخر.
ثم سرعان ما نسيني و استغرق في عالمه الخاص، و سبحته لا تفارق يده التي حفر فيها الزمن أخاديدا واضحة المرأى.

أمي تجلس كل ليلة أمام ماكينة الخياطة، تحيك و تطرز ثم سرعان ما تترك كل ذلك و تراقب القمر من الشباك. في احدى المرات ظبطتها تبسم له...جن جنوني...أمعلق في سقف السماء يسرق أمي منا؟
لكنني تذكرت فجأة ،أنك أيضا هناك...في الأفق البعيد...وربما كانت صفحة القمر تعكس وجهك الصبوح...و ربما ما أضاء القمر إلا لوجودك هناك.

لقد اشتاقت لك أمي يا أبي... كل شيء فيها يشي بذلك حتى و إن أخفت دموعها المتلألئة.
أتصدق أنني أرى وجهك منحوتا في عينيها ؟
أتصدق أني أسمع اسمك ممتزجا بنبضها؟

إنك معنا يا أبي...لم تغب عنا لحظة واحدة.
أخي محمود سألني عنك البارحة يا أبي ، أخبرني أن علبة الألوان التي اشتريتها له حزينة،و أن الألوان فيها باتت باهتتة كأوراق شجرة الكستناء.

أتذكر شجرة الكستناء يا أبي؟ أتذكر حينما علمتنا كيف نسقيها كل يوم؟ حتى هي اشتاقت لك. لقد باتت لا ترتوي يا أبي . تخيل أنني البارحة سقيتها ماءا خمس مرات و في كل مرة كانت تجف و تطلب المزيد...تخيل !

لقد صدقت يا أبي حينما قلت أن الحياة إحساس. كيف تحيا الشجرة إن صببت عليها ماءا، بل و أغرقتها فيه ،دون أن تحبها،دون أن تمنحها بعضا من روحك...بعضا منك.

اليوم حينما كنت جالسا فوق التلة، هبت ريح داعبت وجهي و وأصتني أن أقرئك السلام .

الوطن كله يحبك...لأنك منحته روحك و دمك...أعلم أن وطننا لن يضيع...و أعلم عادتي بالخربشة على الجدران و النبش في أعماق روحي...و أعلم أنك في جنان الرحمن تعيش.

رحمك الله يا أبي !!

أحمد عيسى
02-05-2010, 07:06 PM
الأخت الفاضلة : فرح

محزنة قصة الشهيد دائماً ، تصيب القلب وتدمي العين .. لكنها تكون جميلة لمن يستحق تلك النعمة والمكرمة ..
كنت مباشرة جداً ، وهذا ليس جميلاً في القص ..
لكني أثق بقدرتك على تجنب ذلك ..

تحيتي دائماً

ابن الدين علي
02-05-2010, 08:21 PM
قصتك يا أخت فرح هي من حيث المضمون مفهومة و بسيطة، و لكن من حيث الفن القصصي فهي تحتاج إلى مجهود أكبر
و الجدث الذي جعلتي منه صلب الموضوع هو حدث عادي كثير الحدوث.، عليك ان تجعليه غير عادي و تجعلي القارئ يُشد اليه

ربيحة الرفاعي
02-05-2010, 08:23 PM
فكرة رائعة المحتوى، في قالب بين القص والكتابة النثرية
أجدت اختيار الموضوع، واحسنت انتقاء زاوية الطرح لنص نثري زخم مسكون بأحاسيس وصور مؤثرة، لكن السرد تأرجح هنا بين منثور ناضج محكم ، وقص يتقمص براءة الطفولة ....
قلم واعد وحس محلق
دمت بخير غاليتي

آمال المصري
03-05-2010, 03:58 PM
نص ينبئ بقلم واعد إن شاء الله
اعتمد على الكثير من المباشرة وافتقد لبعض عناصر القصة
وجاءت مناجاة الوالد وكأنها نثرية تفتقر لحظة التنوير ودهشة الخاتمة
أتمنى أن أقرأ لك المزيد والأفضل
تقديري

فرح حمداوي
03-05-2010, 05:23 PM
الأساتذة الأفاضل : أحمد عيسى ، ابن الدين علي ، ربيحة الرفاعي

قد أفادتني توجيهاتكم و أسعدني تواجدكم هنا


كنت مباشرة جداً ، وهذا ليس جميلاً في القص

فعلا...ربما لأنني تخيلت أن هذا الكلام لطفل في السادسة. و الطفل يقول كل ما لديه ببراءة و عفوية.

تحياتي

فرح حمداوي
03-05-2010, 05:27 PM
رنيم...شكرا لمرورك :)

محمد ذيب سليمان
03-05-2010, 09:27 PM
الجميلة فرح
حتى عندما رأى الزملاء قصتك ليست محكمة كنص قصصي
فإن بها من الجمال شيئا كثيرا وقد استمتعت برأي الأخت ربيحة
من أنه يميل الى النثرية الجميلة
أسلوب وموضوع شائقين وممتعين
شكرا لهكذا جمال

مصطفى بطحيش
03-05-2010, 09:43 PM
نص قوي استطاع من خلال التفاصيل الصغيرة البسيطة ان يحكي الكثير كعبارة :

البارحة وجدت جارنا الشيخ علي في الدكان . سألني : كم عمرك يا ولد ؟
فبسطت راحة يدي اليمنى و رفعت إصبعا من اليسرى. ربت على كتفي و قال في شموخ : أنت رجل يا صخر...و ما اختار لك أبوك هذا الإسم إلا إيمانا بصلابة الصخر.

تحدثت هذه الفقرة عن صغر سن الطقل الذي بالكاد يحفظ عمره بحركات اصابعه
وعن حكمة صاحب الدكان التي زرعت الصلابة في هذا الغصن الغض الطري

اسلوب رائع ونمط مميز

تحية لك

فرح حمداوي
06-05-2010, 07:56 PM
الأساتذة الكرام : محمد ذيب سليمان و مصطفى بطحيش

أشكركم على التفاعل مع نصي المتواضع و نقل آرائكم عنه.

تحية طفولية طيبة :)

نادية بوغرارة
11-05-2010, 12:24 PM
لسنا جميعا نقرأ بعين الخبير بفن القصة ،و لكننا نشترك جميعا

في القراءة الوجدانية ، التي جعلتنا نحب قصتك رغم ما عليها من ملاحظات .

الفكرة ، و توظيف الحس الطفولي ، و جو القصة عناصر تستحق التقدير هنا .

في انتظار المزيد من إبداعاتك .

فرح حمداوي
03-06-2010, 08:58 PM
الفاضلة نادية بوغرارة

أشكر لك هذا التواجد المضيء...
دمت بخير

بدر عرفج التميمي
03-06-2010, 09:13 PM
رغم رحيلهم يوجد شيء يصبرنا
وهو موتهم على أفضل شهادة

شكراً لكِ اختي
ودي واحترامي

بدر ..

فرح حمداوي
03-06-2010, 09:17 PM
صحيح أيها الأخ الكريم...

إن الشهادة شرف عظيم !!
جزيل شكري لتواجدك :)

د. سمير العمري
08-12-2012, 05:53 PM
هذا نص مؤثر تراوح بين النثر والقصة ، والأسلوب كان جذابا من ناحية السرد ولكن اللغة وأسلوب القص كان دون ذلك.

دمت بخير وعافية!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

نداء غريب صبري
21-12-2012, 08:36 PM
حديث ابن الشهيد مؤثر جدا
استخدام اصابعه لذكر عمره وبراءته
كلها جميلة جدا

شكرا لك أختي

بوركت

ناديه محمد الجابي
15-08-2016, 08:28 PM
فكرة رائعة المحتوى، في قالب بين القص والكتابة النثرية
أجدت اختيار الموضوع، واحسنت انتقاء زاوية الطرح لنص نثري زخم مسكون بأحاسيس وصور مؤثرة، لكن السرد تأرجح هنا بين منثور ناضج محكم ، وقص يتقمص براءة الطفولة ....
قلم واعد وحس محلق
دمت بخير غاليتي

رأيت في رد القديرة ربيحة ما يعبر عما أحسست به
أحببت قصتك واستمتعت بها فشكرا لك
تحياتي وتقديري. :001: