تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : * . . لوحة في مهب الريح . . *



سعيد العواجي
09-05-2010, 04:23 PM
....
...
..
.
عيونكِ خنجرٌ في الصدرِ
يطعنني وأحضنهُ
لعل الجرح يرميهِ إلى الأغرابْ
وأقبضهُ بتاريخي وأنزعهُ وراء البابْ
أخبئهُ بوسط النخلِ
أحميهِ بلا أسبابْ
سوى أني إذا ما جئتُ أرقبُ لوحةَ الأيامْ
سأذكر أنني قد كنتُ طول الأرض أعشقها
وأستر جرحيَ المزروعَ في صدري
وأنسى لحظة الإيمانِ حين تقابُلِ القلبينْ
بأنا قد تقاتلْنا صغارا في سفوح الغابْ
لأني كنتُ أعشقها
كطعم العيد حلوى في فم الأطفال
وأكبرُ دمعةً في العين ترميني إلى الأطلالْ


* *
عيونكِ من مساءِ الليل أرسمها
ألونها بلا ألوان
وكنتُ أحاولُ الإمتاعْ
ولكنّ الدموعَ لها سياجٌ يمنع الإبداع
عيونك ،، مخلبٌ للنسرِ،، يجرحني
ويشربُ من دمائي
ثم يهربُ في فضاءِ الله يهربُ نحو أعدائي
فلا أدري له عنوان
سأرسم حين أرسم لوحتي وطنا بلا أبوابْ :
ولكني نسيتُ الشكل في لغتي
نسيتُ الوجه والأحزانْ
* *
أهيم الآن في ركني
وأحشدُ كلَّ ذاكرتي لتسألني :
غريبٌ أنت في الميناءِ أم وعدٌ بلا ميعاد؟!
كريشتك التي حارتْ
فغاب المشهد الفضيًّ والذهبيُّ والأشجارْ
وغاب الحلم في عينيك والآمال والأقمارْ
ويأكل أخضر الأيام في رئتيك أفئدةً من الأوغاد
وذاكرتي ستصرخ من وراء البابْ:
أعيدي يا بلاد الله أمنيتي
أعيدي الآن أوردتي وشرْيَاني
أعيدي كلَّ ذاكرتي
فلا موتٌ سيبقى في تصاويري ولا ميلاد
أعيديني فإني قد أضيع بدربيَ المأفونِ
يرميني إلى خطرٍ ويتركني وحيدا لا
أرى أفْقَا يعيد العشق في دربي ولا أحبابْ
* *
سأرسم أي شيءٍ في مهبِ الريحْ
فيا عين الهوى مهلا ،،، أعيديني
فهذا الطفل في خَلَدِيْ يُعذبُني
ويشقى بي
لديه اليتم في جنبيه
ونَظْرَاتٌ تصارعُ شهوةَ الأوهام في عينيه
لديه الجرح يحمله على كتفَيْه
يناجيني
لأرسم دمعةً صفراء من زمنٍ تثور
وارسم أمه الحسناء صامتة تبور
تعاشر غيمة مرت وتندب حظها في بيتها المهجور
ويجلدها الهجير المر مذ عادتْ وتجلس في زوايا العشقِ
تنتظر البساط لرحلة الأحلام في زمن العبور
ووالدهُ يغرد في بلاد الغدر يعشق ألف حسناء
ولكن من يكون لبيته المغمور
* *
دواتي الآن ترمقني
أعيديني
فعينيك التي لا زلت أرقبها تصارعني
وألواني يصارع بعضها بعضا
ولا زالت مواكبنا
تخبئ نفسها زمنا مع الأعراب
تسير بألف صحراء قوافلنا
بها ظمأٌ وأناتٌ ورملٌ يملأ الأنفاسَ والأوداجْ
بها غدرُ الدليلِ ،، وأنةُ المحتاجْ
بها تلك العجوزُ تراقب الريح التي لا تحفظ الأسرار :
وترجوني
لأرسم قصة الأنفال والأرض اليباب
وارسم في غياباتِ الزمانِ المرِّ قارونا
لديهِ المال محمولا على الأكتافْ
وأرسمها مع الفقراء تجمع من رصيف الموتِ
أمواجا من الماء السرابْ
فقارون الذي في كفه الجنات يمنعهم رغيف العيشِ
يمنعهم كساءً منذ آلافٍ من الآلامْ
يحاصرهم
ويرميهم بسهم الغدر والأحلافْ .
* *
سأرسم أيَّ شيءٍ يجمع الأشتات والأضدادْ
فذاك الساحلُ المسجونُ يلهو في منافي الغارْ
وفي أكواخهِ رجلٌ حكيمٌ من بياضِ الفكرِ و الأنوارْ
يُقَلِّبُ أوْرُقا صفراء مزقها المغولُ وفي يديه العارْ
تَلَفَّتَ حولهُ ثم انثنى للأرض قَبَّلَها وقال بسرهِ غضِبا :
لترسم ساحلي أبدا بهِ علمٌ يقينيٌ
وفيه العقل منحدرٌ كطفلٍ من سفوحِ الغابةِ الخضراءِ
مرتجلا حكايتَهُ
لديهِ الحكمةُ الكبرى ويمنعها عن الإنسان يمنحهُ غوايتَهُ
يَشِبُّ الطفل مغرورا ومتشحا خيانتَهُ
لقد جاءته أنواري،
ويحرمني لكي لا أستعيد النورَ في عقلي
و يسلبُ نطفةً للشمس قد زُرِعُتْ بها أرضي
وها أنذا وراء الغيب منبوذا أصارع نكبة الأسوارْ
**
وكيف الآن ارسمها
وعينيها التي لا زلت أعشقها وأعشقها وأعشقها ،، تصارعني
أراها الآن خافيةً ولا أدري لها وجها ولا شكلا
تعاقر خمرةً للغدر في أرضي وتحرمني
فلا جبلا أعاشرها ولا سهلا
أأرسمها وحسناءٌ من الأمصار قد دخلت إلى قلمي
بعينيها عرفت بأنني قد كنت أعرفها
وتصرخ يا ربيع النار:
أ ترسمني ؟!!
أريك الآن ما أُخْفِيهِ من جسدي
هنا (هامان) يرفع رايةً للعشق مزهوا بلا إحساسْ
هنا (الإسكندر) الهمجيُّ يرفع رايةً أخرى
ويرتقب السبيل يقول : كلا لا مساسْ
هنا (سيزيفُ) يحمل صخرةً كبرى
يغرد في فؤادي مذْ تصارعْنا بأرضي في سفوح الغابْ
ولكني أراه الآن محبوسا وراء البابْ
لترسمني
كطيرٍ كان في قفصٍ من الألماسْ
وكان الباب مفتوحا بلا حراسْ
فيهرب من منافي القصر مسرورا
ويغدو في بلاد الله أمنية بلا عنوان
* *
وها أنذا أكون الماءَ والحبرَ الذي في مدِّهِ جزرٌ
وفي جزرِ اليقينِ الشكُ والأوهامْ
وها أنذا أصير الطين والصلصال مَلْقِيّا على أرض الجمال أرتب الأفكارْ
يبعثرها الذي في الظهر يطعنني ويغدر بي
فلا رأيٌ يسليني ولا أصحاب
وتلك اللوحة البيضاء خلف الغيم ملقاةٌ أمام جدارْ
تظن بأن ريشتيَ التي طاشتَ هيَ السيف الذي في حده موتٌ لها
وأنا أسير الدار
وما تدري بأني رغم قسوتها أخبئ ألف ذاكرةٍ
وأحمل ألف شاديةٍ
تغرد فيك يا عيني
سأرسمها مع الأفلاك راحلةً إلى ما شاءتِ الأقدارْ
ولكني إذا ما شئتُ أجعلُها تعودُ إليَّ من أقصى خيالاتي
من الوشم الذي قد دُقَّ في كتفي
من التذكارْ
..
..
..
..

محمود فرحان حمادي
09-05-2010, 07:58 PM
شاعرنا المبدع سعيد العواجي
لك شاعرية مقتدرة ونفس طويل ببهاء فريد
بورك النبض وشموخ الحرف
تحياتي

محمد ذيب سليمان
09-05-2010, 08:47 PM
ما شاء الله أي طول نفستحمل ايها الشاعر العاشق
تجولت بنا وصحبناك الى حيث تريد فما كللنا ولا مللنا
تنقلنا مروض لروض نتفيؤ ظلاله ونستمتع بألوان أشجارها وأثمارها
لله درك وأنت تتركنا وتمضي ولا نزال نكرر ما رأينا وسمعنا
شكرا لك

حازم محمد البحيصي
09-05-2010, 10:35 PM
أخي الحبيب
شعر جميل ونفس طول وشاعرية لهي خير دليل على حسك المرهف

أحسنت القصد والقصيد
تحيتي لك

ماجد الغامدي
10-05-2010, 02:24 AM
أخذتنا إلى حيث الجمال والإمتاع والإبداع فسلم القلبُ واللسان

وما تدري بأني رغم قسوتها أخبئ ألف ذاكرةٍ
وأحمل ألف شاديةٍ
تغرد فيك يا عيني
سأرسمها مع الأفلاك راحلةً إلى ما شاءتِ الأقدارْ

القصيدة للتثبيت

مع التحية والإعجاب

يحيى سليمان
10-05-2010, 02:36 AM
لعلك تأثرت بالخطيب كثيرا في هذا
ولكنه رائع

سعيد العواجي
10-05-2010, 12:16 PM
الأخ العزيز/ محمود فرحان الحمادي

إني لأسعد بتواجدكم ولثنائكم

فشكرا لك ودمت بخير

سعيد العواجي
10-05-2010, 10:15 PM
الاستاذ والشاعر القدير/ محمد ذيب سليمان

لقد سعدت كثيرا بتواجدك ، وقراءة اعتز يها كثيرا ،، كن بالقرب دائما

شكرا لك ودمت بخير

سعيد العواجي
10-05-2010, 10:17 PM
عزيزي / حازم البحيصي

شهادة اعتز بها كثيرا ، ولي أن أفخر بهكذ حضور

سلمت ودمت بخير

سعيد العواجي
10-05-2010, 10:20 PM
الشاعر الكبير/ ماجد الغامدي

لك مني أجمل التحايا وأعطرها

فاللسان يعجز عن الثناء لما قمت به ،، أشكرك على التثبيت أيها الأصيل

لقد سررت ببهاء حضورك ،، دمت بخير

د. عمر جلال الدين هزاع
11-05-2010, 01:53 AM
مزيج من الشعر و الدموع هو مزيج فذ له نكهته المميزة اللاذعة
و أنا - و الله - أحب هذا الشعر الفاره الباذخ
لك تقديري أخي

د. سمير العمري
11-05-2010, 07:54 PM
الشاعر الملهم سعيد:

قراءة أخرى تؤكد ما عرفنا من شاعريتك الفذة وتحليقك المبهر في عالم الحرف الجميل.

ليقرأ من شاء أن يعرف كيف كيون الحرف كائنا حيا واعيا مدركا ، وليتعلم الإبداع من نبع هذا الحس الناضج الناضح.

أرحب بك كثيرا في الأفياء وأوسع لك المكانة بيننا.

دام تفردك!


تحياتي

الطنطاوي الحسيني
11-05-2010, 07:54 PM
وأحمل ألف شاديةٍ
تغرد فيك يا عيني
سأرسمها مع الأفلاك راحلةً إلى ما شاءتِ الأقدارْ
ولكني إذا ما شئتُ أجعلُها تعودُ إليَّ من أقصى خيالاتي
من الوشم الذي قد دُقَّ في كتفي
من التذكارْ
رائعة وسابحة وموجعة حد الطفولة وبراءتها
تحياتي لكك هذا الإمتاع والتحليق الرائع

سعيد العواجي
11-05-2010, 08:39 PM
يحي سليمان

رائعٌ أنت هنا وهناك

وأنا من متابعيك ولقد قرأت لك كثيرا ولقد أسعدتني بحضورك

أما بالنسبة لتأثري بالخطيب فأنا لم أفهم من تقصد؟ أرجو توضيح ذلك أكثر كيف وبمن تأثرت لأنني لا أذكر أنني قرأت لأحد بهذا الاسم

شكرا لك أخي ودمت بخير

جهاد إبراهيم درويش
13-05-2010, 12:47 PM
وتلك اللوحة البيضاء خلف الغيم ملقاةٌ أمام جدارْ
تظن بأن ريشتيَ التي طاشتَ هيَ السيف الذي في حده موتٌ لها
وأنا أسير الدار
وما تدري بأني رغم قسوتها أخبئ ألف ذاكرةٍ
وأحمل ألف شاديةٍ
تغرد فيك يا عيني
سأرسمها مع الأفلاك راحلةً إلى ما شاءتِ الأقدارْ
ولكني إذا ما شئتُ أجعلُها تعودُ إليَّ من أقصى خيالاتي
من الوشم الذي قد دُقَّ في كتفي
من التذكارْ

لله درك .. ولله در حرفك الرصين
ولله در لوحتك السامقة هذه
شاعرية متألقة وأحاسيس مرهفة
عذبة الخيال .. رقيقة رقراقة
طوبى لحرف يعانق ملكوت الإبداع
أجدت السبك وأحسنت الأداء
أهنيك على هذا النفس الشعري الطويل

سعيد العواجي
19-05-2010, 07:15 PM
د. عمر جلال الدين هزاع

وأنا لي أنا أزهو بهكذا حضور

فلك مني أجمل التحايا أخي دمت بخير

سعيد العواجي
08-06-2010, 07:16 PM
أخي د. سمير العمري

شكرا لك ولي أن أزهو بك وبقلبك الكبير الكبير

دمت لنا أيها العزيز

سعيد العواجي
08-06-2010, 07:17 PM
أخي / الطنطاوي الحسيني

شكرا لك ولحضورك الذي اسرني كثيرا

دمت بخير