المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلة بين المقنع الكندي و جمال حمدان .



علي قسورة الإبراهيمي
16-01-2003, 10:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

و انا اقرأ قصيدة (عتاب قلب) للشاعر /جمال حمدان ، حاولت اغوص في اعماق نفسية الشاعر ، علّني اجد دافعا جعله ينظم هذه القصيدة ، ... و بعد تمعن ورويّة ، خرجت ببعض الافكار و المقارنات . سأطرحها ان سمح لي شاعرنا الكبير . و ذلك لطول باعه في الشعر و الادب ، و قصر فهمي في النقد الادبــي .

و لفهم القصيدة اكثر لابد ان نجري مقارنة جوهرية بين شاعرنا و قصيدته هذه ... و المقنع الكندي و قصيدته (يعاتبني في الدين قومي...) لأن كلا الشاعرين اتحدا في العتاب و اللوم ، و تباعدا في المعاتب . بينما نرى المقنع يستهل قصيدته :
يعاتبني في الدين قومي انما *** ديوني في اشياء تكسبهم حمدا

اي ان هناك اناس قد يستطيع محارتهم و الدفاع عن نفسه ، وهناك سبب يرمي اليه ، الا و هو حمد قومه و شرفهم.

الى ان الشاعر جمال حمدان ، يستهل قصيدته :

إلامَ قلبُكَ يا حمْدانُ ينخَدِعُ

.............. وهلْ بصَدرِكَ وِسْعٌ فوقَ ما يَسَعُ!

هنا نجد صراع شديد ، وحرب لا هوادة بين الشاعر و مابين جنبيه الا وهي نفسه ، نلمح من اول وهلة المعاناة التى يقاسيها الشاعر... و رغم اصيب من تقلب الزمان ، و تنكر الاصحاب و الخلاّن ، و بلغ الضيق مداه... الاّ انه مازال يردد في اعماقه...لعل ... و عسى ...

أمَا تَمَلٌّ !...... و الملل الذي يقصده شاعرنا ، ما هو الاّ خيبات الامل التي تجرعها الواحدة تلو الاخرى
رغم ان شاعرنا ذا همة عالية ، و قلب كبير ، و اياد بيضاء ، الا انه يلاقي الجفاء ، ونكران الجميل. و الام القطيعة .
و يبين لنا الشاعر الغرض الذي جعله يداوم على هذه السجايا ، نلمحه في هذين البيتين :
فإن كتمتُ ... فإنَّ القلبَ منزلُهُم

................. وإن جزِعتُ .. ففي قلبي همُ بِضَعُ

وحسبُ عيني أنْ قَرَّتْ بِهْم زمنًا

................ فكيفَ أقلعُ عيني .. إنْ بِها وجَعُ !
هكذا يريد ان يصور لنا .... ان له نفس كبيرة ، و له صفات مطبوع عليها ، و ملتصقة به ، و يحيا بها.

هذا ، اما اذا نظرنا الى القصيدة من ناحية المعاني و البيان ... نجد ان شاعرنا قد صاغ قصيدته بمعان محكمة مترابطة بنسيج من المفردات و الالفاظ ، تتصاعد في منحنى يوحي لنا بالمعاناة و الالام الذي اصيب بها شاعرنا( ينخَدِعُ ـ قطعوا ـ الهمٍّ ـ تنتزع ـ سهمٍ ـ الم ـ وجع ....)
هذا اما اذا نظرنا الى المحسنات اللفظية ، نجد شاعرنا قد جاء بها ، و لكنها عفوية ... ولا ضير ان يأتي الشاعر ببعض الطباق مثل(قطعو /وصلوا ـ اعطوا/منعوا ....) و نلاحظ بعض الجناس غير التام مثل(تزعزع/ تنتزع ـ قرعت/اقترعوا ...)

هذا ، و قد التعليق بالانتهاء ، اننا نحس ، بل نكاد نلمس الالام الذي يعيشها جمال حمدان ، لانه استطاع ان يبرزها لنا و كأنها ماثلة للعيان ، و حسبه انه كان صادق العاطفة . و يكفيه فخرا ان المقنع الكندي اراد يظهر لقومه خصال حميدة ... لكن جمال حمدان ليس بحاجة لأظهار ذلك ، لأنه مطبوع على هذه الخصال . و احسبه كذلك ، و الله حسيبه .

جمال حمدان
18-01-2003, 05:18 AM
الأخ الحبيب / القسورة

لا ادرِ والله بماذا ارد وبماذا أجيب؟ اما ان تضعني في مقارنة مع شاعر بحجم ووزن وإسم المقنع الكندي فهذا كرم منكَ ولا أدعي لنفسي أن استحق هذه المنزلة .. واتمنى أخي العزيز أن اكون عند حسنَ ظنك بي وظن الآخرين واسأله تعالى لي ولكم وللمسلمين أن يجري على ألستنا ويلقي في قلوبنا ما يحبه ويرضاه ..

شكرا لكم اخي العزيز وبارك الله فيكم وبكم ولا حرمنا هذا الإبداع والعقل النير ..

واقبل تحيات أخيكم

جمال حمدان

د. سمير العمري
20-01-2003, 08:57 PM
هذا يؤكد مرة أخرى على قدراتكم النقدية العالية للشعر ومعرفتكم بمكانة الشعراء وقدراتهم مما يزيدنا إصراراً على أن تكونوا في الواحة نقاداً لروائع الشعراء لتزيدوها ألقاً وبهاءا

ولا شك إن أخي جمال يستحق كل ما قيل فيه وأكثر ....

أدامك الله وحفظك من كل سوء ...

تحياتي وتقديري

صفاء الزرقان
17-02-2012, 12:39 AM
فإن كتمتُ ... فإنَّ القلبَ منزلُهُم

................. وإن جزِعتُ .. ففي قلبي همُ بِضَعُ

وحسبُ عيني أنْ قَرَّتْ بِهْم زمنًا

................ فكيفَ أقلعُ عيني .. إنْ بِها وجَعُ !

قصيدة جميلة و عبارات تصور المعاناة و تعرضها بلغة جميلة

و قراءة عرضت بعض مكامن الجمال في القصيدة

شكراً للشاعر الذي رسم اللوحة و للاستاذ علي على هذه الوقفة لتأمل القصيدة

و عرض صورها و توضيح الجمال فيها

تحيتي و تقديري

ربيحة الرفاعي
07-03-2012, 02:52 AM
مقابلة جميلة تكشف قدرات نقدية لدى الناقد علي قسورة الابراهيمي كبيرة ومهارات في القراءة المتعمقة مميزة

تحيتي لصاحب النص وللناقد الرائع
وشكرا لمبدعتنا صفاء الزرقان استخراجها الموضوع من وراء الصفحات

اهلا بكما
ودمتما بخير