تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الموت علي أنغام الموسيقي..



عبدالغني خلف الله
01-06-2010, 10:01 AM
الموت علي أنغام الموسيقي
عبدالغني خلف الله

كانت فتاة حلوة يحبها الجميع ..ليس بسبب جمالها الساحر ولا شخصيتها المرحة والمنفتحة علي الناس والحياة وثقافتها الواسعة وشغفها بالكتابة والموسيقي وإنما لأنها فوق كل هذا وحيدة أبويها ومليكة الأسرة المتوجة علي قلوب الأعمام والأخوال ..العمات والخالات وكل شباب العائلة بلا استثناء ..رحل أبوها مبكراً فعاشت في كنف أمها التي رفضت الزواج للمرة الثانية وكرست بقية حياتها لرعايتها وتربيتها كأحسن ما تكون التربية ..وفجأة وبدون مقدمات يتقدم لخطبتها شاب من أسرة عرفت بالثراء وكرم المحتد ..فهي أسرة محترمة تتمدد تجارتها في جميع أوجه الحياة بتلكم المدينة الصغيرة ..مضت لحظات الخطوبة هادئة وأنيقة لا يعكر صفوها شيء ..فقد كان الحفل مقتصراً علي الأسرتين فقط ..وصدح المغني عبر جهاز المسجل بأغنياتها التي تحبها ..إذ عرف خطيبها حقيقة ولعها بالموسيقي والغناء وعزفها الراقي علي آلة ( الكمان ) ..فأحضر معه كل ال(ألبومات) التي صدرت لذلك الفنان المعروف ..وأٌرسلت زغرودة من هنا وأخري من هنالك وتمايل الجميع طربا ًوحبوراً باستثناء الأم ..لم تكن سعيدة بذاك الحدث الاستثنائي ولم تزغرد كما فعلت شقيقاتها وشعرت وكأنما شخص ما ينتزع قلبها من بين ضلوعها ويضغط عليه دونما هوادة ....شعرت بتأنيب الضمير لهذا الإحساس المروّع ..هل هي أنانية لهذه الدرجة ؟ ..إن الزواج مصير كل فتاة وكان عليها أن تهيئ نفسها لحقيقة أن وحيدتها ستغادر هذا العش إن عاجلاً أو آجلاً ..أما الفتاة فقد كانت سعيدة لدرجة لا يمكن وصفها ..فقد دخل الفرح أخيراً منزلهم منذ وفاة والدها ..ومضت أيام وأسابيع والخطيب يزورهم بين الحين والآخر ومع كل زيارة هدية جديدة.
وذات مساء استأذن الأم لتسمح له بأخذ خطيبته في نزهة بالعربة ..وافقت دونما تردد ..وخرج الاثنان وهما يكادان يطيرا من الفرح ..لعلّه يود مناقشتها حول تفاصيل الفرح وتحديد الموعد المناسب له ..فلماذا هذه العجلة وهي تحتاج كما والدتها للمزيد من التجهيزات ..توقفت العربة عند شاطئ النهر وكان القمر بازغاً وقتها ليضفي علي الأجواء لمحة رائعة من الرومانسية ..أدخل الشريط في آلة التسجيل بالعربة لتنساب الموسيقي في رفق وتؤدة تدوزن المكان بالحب والجمال ..قال لها ..كم أحبك وكم ..وكم ..ومن ثمّ تسللت يده تداعب خصلات شعرها ..والموسيقي لا تزال تتدفق شلالاً من النشوة والحبور ..أراحت جسدها علي الكرسي فانزلقت يده لتلامس خديها وعنقها ..ولكن ما بال أصابعه تضغط علي عنقها بهذه القوة ؟** ..حبيبي أنت تؤلمني ..بت لا أقوي علي التنفس ..حبيبي ماذا تفعل ؟**** ..واليد الآثمة تنضم للأخري لتضغطا معاً ..الموسيقي تزداد عنفواناً وأنفاسها تعلو وتهبط ..وفي محاولة يائسة منها شرعت في التملص من قبضته ولكن دون جدوي ..ورويداً رويداً أسلمت الروح إلي بارئها ..تركها داخل العربة وصار يهرول في الطرقات وهو يرد عبارة ..( لا ..لا ..لم أقتلها ..لم أقتلها ) ..إلي أن وصل إلي منزلهم ليخبر ذويه بما حدث ..أعيدت الفتاة جثة هامدة إلي والدتها التي التزمت الصمت المطلق وصامت عن الكلام وقد ارتسمت فوق جبينها كل أجيال المعاناة والأحزان التي يذخر بها الكون ..اقتادت الشرطة الجاني ليعترف بجريمته ..لتكتشف أسرتها بأن العريس قد عاني في فترة سابقة من اضطرابات عقلية واعتقدت أسرته بأنه قد شفي منها ..وبينما الكبار في الأسرتين يناقشون موضوع الدية والقصاص ..كانت الأم المفجوعة في وحيدتها تجاوبهم بنظرات ساهمة وهي تحدق في البعيد البعيد .

نادية بوغرارة
18-06-2010, 01:07 AM
من قسم الاستراحة ، أستسمح القاص الأخ عبد الغني خلف الله لأنقل هذه القصة " التراجيديا " إن صح التعبير ،
إلى رواد القصة .

قرأت هنا فجيعة الأم في وحيدتها ،
و نهاية محزنة لفتاة كانت على موعد مع الموت و هي تظن أنها تستقبل الحياة .

عبدالغني خلف الله
18-06-2010, 06:50 AM
الإبنة العزيزة نادية ..أسعد الله صباحاتك بكل خير ..في زمن سادت فيه ظاهرة العزوف عن الزواج لدي الشباب صارت بعض الأسر تتلقف أول طارق يرغب في الارتباط ببناتها بدون التوقف هنيهة لدي كنه وهوية الزوج القادم وسلوكه فتنتج لنا هذه الفارقة العجيبة أحداثاً كهذه والقصة واقعية للأسف الشديد .. لك ما تريدين يا ابنتي ..هذا مع تحياتي .

ربيحة الرفاعي
18-06-2010, 03:14 PM
دخول في جو القصة ناجح وانتقال هاديء لسردية موفقة في حبكة بديعة ونهاية أليمة

قصة مؤثرة بمضمونها وناجحة ببنائها

دمت مبدعا أستاذي

تنقل الى قسم القصة

عبدالغني خلف الله
21-12-2010, 07:10 PM
الإبنة العزيزة ربيحة .. بحثت كثيراً عن ها النص لتضمينه في إصدارة تحمل نفس العنوان ( قراءة من الذاكرة ) ..شكراً جزيلاً وأسعد الله أيامك والأسرة الكريمة بكل الخير .

محمد ذيب سليمان
22-12-2010, 07:11 PM
أيها الكريم والحبيب عبد الغني
ودائما بمجرد ملامسة عيني لاسمك
انتقل لقراءة ما تكتب
قصة كم تمنيت أن لا تكون أمامي وأن لاأكون قرأتها " سامحني "
تصورت الحدث كفلم بشخوصه
ولكنني لم أُوفق بالهروب من النهاية
الفجيعة .........

عبدالغني خلف الله
22-12-2010, 07:57 PM
لك العتبي حتي ترضي صديقي وأخي الغالي محمد ..إذا كنت أنت قد أتعبتك وأنهكتك تفاصيل هذا الحدث ..فتصور عزيزنا محمد موقفي وأنا أقوم بكل الإجراءات الجنائية بدءاً بقراءة مسرح الجريمة واستجواب الجاني والشهود ..بالإضافة لمعرفتي اللصيقة بكل المعنيين بالموضوع هنا وهناك ..وأسرة الجاني أسرة فاضلة وقصدها نبيل وأسرة الضحية علي قدر من الأهمية المجتمعية علي نطاق القطر ..وما قصدنه من نشر هذه القضية هو مدلولها ورسالة للمجتمع بأن تقصوا جيداً حقيقة من يتقدم لبناتكم وهذا من حقكم وعمت مساءاً .

آمال المصري
20-05-2013, 07:19 AM
بلغة سلسة وسرد مباشر نقلت لنا صورة حية تتحرك فيها الشخوص وكأنه شريط سينمائي لعمل درامي
بوركت أديبنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

عبدالغني خلف الله
24-08-2013, 03:53 PM
بلغة سلسة وسرد مباشر نقلت لنا صورة حية تتحرك فيها الشخوص وكأنه شريط سينمائي لعمل درامي
بوركت أديبنا واليراع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
عزيزتي آمال ..ترددت كثيراً في طرح هذه الحادثة المؤسفة من جديد ولكن عّز عليّ إنتظارك هنا ..فمعذرة للتأخر في الرد ..دمت ومن حولك بألف ألف خير .

براءة الجودي
08-09-2013, 11:11 PM
قصة مبهرة ومشوقة تخنق الأنفاس حتى النهاية والمفاجئة كانت في الخاتمة
وقد وصلت رسالتك التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في كل أسرة , فمهما بقيت الفتاة عزباء فلن يضيرها شئ فلتصبر حتى يأتي المناسب ذو الدين والخلق وليس كل من يطرق الباب يُقبل دون سؤال عنه وروية واستخارة واستعانة بالله وتوكل عليه
تقديري واحترامي

عبدالغني خلف الله
21-10-2013, 08:17 PM
بداية كل عام وأنت ومن حولك بخير وصحة وعافية ..عزيزتي براءة ..وما نحاول تقديمه هنا من رسائل ..أتمني أن تصل لكل بيت عربي ..وأن يكون ديدنا نحن الكتاب غرس القيم الفاضلة قبل التسلية وملء فراغ القاريء الكريم ..لك كل الود وعاطر التحايا .

نداء غريب صبري
23-01-2014, 10:24 AM
مأساة فيها جنون موجود أكثر مما فيها بناء قصصي
كأنها ملف من ملفات الشركة
أثرت بي قليلا وأبكتني

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
13-04-2014, 10:23 PM
نص اجتماعي وواقعي مؤلم يحمل رسالة هامة
مهارة سردية وأداء قصي متمكن ونهاية مأساوية
دام لك الحرف والإبداع.

ناديه محمد الجابي
13-04-2014, 10:23 PM
نص اجتماعي وواقعي مؤلم يحمل رسالة هامة
مهارة سردية وأداء قصي متمكن ونهاية مأساوية
دام لك الحرف والإبداع.

خلود محمد جمعة
16-04-2014, 07:29 PM
بسرد سلس ولغة ماتعة وأسلوب مشوق ادخلتنا في مجريات الحدث لتأتي الخاتمة المفجعة تأخذنا مع الام الى البعيد
موت على أنغام الموسيقى وألق على أنغام الحرف
دمت بخير
مودتي وتقديري

ناديه محمد الجابي
17-03-2021, 05:11 PM
قد يكون قمة الألم والأسى مدفونا فيما نظنه قمة الفرح
نص قدم لنا رسالة هامة عن أهمية التقصي والتحري عن الخاطب قبل الزواج
قصة واقعية مؤلمة بسرد قوي ونهاية مفجعة أليمة
بوركت ـ ولك كل تقدير وإحترام.
:005::cup::005:

أسيل أحمد
18-07-2021, 07:10 PM
بلغة سلسة وحبكة متقنة برعت في إيصال رسالة من خلال قصة مؤلمة ومن الواضح إنها واقعية
بنهاية مفجعة . بوركت ـ ولك كل التحية والتقدير.