تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حبٌ في الوقت الضائع



عماد محمد اليونس
20-06-2010, 10:34 PM
حبٌ في الوقت الضائع

عندما اطلق القدر صافرته بانتهاء العقد السابع من عمره كان الرجل قد انهى لتوه مراسيم التشييع لشريكة حياته وام عياله , وحين غادر المشيعون المقبرة مكث هنال تلقاء قبرها يستعيد شريط ذكرياته معها حلوها ومرها , صفوها وكدرها اوقف الشريط عند ذلك المشهد مشهد ذلك اليوم الجميل يوم زفافه على المرحومة . تبسم العم عواد ثم واصل استعراض الشريط ببقية مشاهده المثيرة مرورا بمشهد الفرح بولادة ابنهم البكر عزيز ثم بمشهد الحزن الذي خيم عليهم بوفاة ابنهم الثاني بعد ولادته بقليل ثم مشهد الحزن والفخر في ان واحد باستشهاد ابنهم الثالث محمود دفاعا عن حياض الوطن في حرب الخليج الاولى ثم مشهد الفرح بزواج عزيز ومشاهد الفرح في مجيء الاحفاد والحزن في رحيل الاحباب والاصحابو ...و ثم المرض المفاجيء لأم عزيز ومعاناة مراجعة عيادات الاطباء والمستشفيات ثم ينقطع الشريط على صيحات عزيز :
ـــ أبي مابك ياأبي لقد تأخر الوقت وهناك في البيت الكثير من المعزين في الانتظار.
ـــ الكثير من المعزين وماذا سينفعني عزاء هؤلاء هل سيعيد لي أمك ياعزيز؟
مد عزيز يده ليساعده في النهوض فيمشي العم عواد الهوينا متكئاعلى كتف عزيز ثم يلتفت وراءه ليلقي بطرفه الدامع تحية الوداع على العزيزة ام عزيز.
مرت الايام والاشهر معلنة عن الذكرى الاولى لوفاة الشريكة الغالية , كانت بالنسبة للعم عواد سنة من الوحدة , سنة من الحرمان والاتكال على صدقات الكنات ومنتهن في تقديم الخدمة والرعاية له واللاتي لم ولن يرقين الى مستوى المرحومة ام عزيز والتي كانت عنده بمثابة عصاة موسى يتكأ عليها حينا ويهش بها على الاولاد وعلى متطلبات البيت حينا اخر .
من هنا عصفت به الهواجس وراوده التفكير بالزواج على كراهة لكن هذه الاسألة هي الاخرى بحاجة الى اجابة ... فمن سيختار؟ ومن سترضى ؟ وهل سيوفق مثلما وفق اخوه ابو عبدالله ؟ حيث رزقه الله بنت الحلال التي سهرت على رعايته والعناية به حتى اخر يوم من حياته , وهل سيكون العمر كريما معه فيمنحه وقتا اضافيا يمارس به حياته كما كانت أم أن الامراض المزمنة التي بدأت تغزو جسده المتعب وقد لاتسمح للعمر دواما .
لكن العم عواد لم يستسلم فراح يرسل الخاطبات هنا وهناك واخيرا وبعد جهد جهيد وجدن له فتاة بالمواصفات وقد وافقت وبدون عناء كونها من أسرة فقيرة ومعدمة , فرح الرجل فارسل المهر سريعاً وهو يُمنّي النفس بحياةٍ جديدةٍ وعمر مديد فقضى ليلته يضرب الاخماس والاسداس ويبني من الرمل بيوتا من الامال لكن المفاجأاة كانت صاعقة و قاسية اذ سرعان ماتراجعت الفتاة في اليوم التالي حين تقدم اليها خطيب ثان , شاب وسيم صحيح الجسم تملؤه الحيوية والمستقبل مفتوحا أمامه.
لم يتحمل الرجل وقع الخبر فسقط مغشياً عليه لينقل بعدها المستشفى ثم يوضع في قسم العناية المركزة , يأتي الطبيب فيشخص حالته كالاتي ... المريض يعاني من "حبٌ في الوقت الضائع ".

محمد ذيب سليمان
21-06-2010, 10:33 AM
ايها القاص الجميل
سردية جميلة من واقع الحياة المعاش
نرى مثل هذا وليس ببعيد عني " والدي "
ولكن مع تغيير الإتجاه قليلا
حيث تزوج من امرأة تجاوزت الخمسين
ولكنها لم تكن لتهتم به فقط لها عشر سنوات تنتظر الميراث
شكرا لك

عماد محمد اليونس
27-06-2010, 09:59 PM
الاخ المشرف الكريم محمد ذيب
شكرا لمروركم بسرديتي وسعيد لانها اعجبتكم
تحياتي واعتزازي وتقديري

محمود فرحان حمادي
28-06-2010, 12:34 AM
إنه لكذلك بل هو عين الصواب
لقد رسمت لوحة هادفة في زمن غابت فيه الحقيقة برتوش الخداع والزيف
جميل ما سطر يراعك المقتدر
تقبل خالص ودي
تحياتي

عماد محمد اليونس
29-06-2010, 01:28 PM
الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 100 مشاركات


الاخ الكريم محمود فرحان

نلتقي احبة ونفترق على الخير والمحبة

شكرا مروركم بهذه السردية المتواضعة

تحياتي وعاطر شكري وتقديري

آمال المصري
17-04-2011, 04:29 PM
أتعتقد أنه حب في الوقت الضائع أم وهم المراهقة المتأخرة التي تصاحب الناعيين ؟
قصة اقتُطفت من حديقة الحياة
بأسلوب شيق وسردية جميلة
أديبنا الرائع ...
مرحبا بك في ربوع الواحة
تحيتي والجوري

يتكأ - يتكئ
الاسألة - الأسئلة
ومراعاة ألف الوصل وهمزة القطع

كاملة بدارنه
17-04-2011, 08:56 PM
هو ليس بالوقت الضّائع لمن أراد أن يستغلّه أفضل استغلال قبل أن يغادر إلى العالم الآخر

لكن يكبر المرء، ويكبر معه حبّ الحياة، ربّما خوفا من مجهول الحياة الأخرى، وهربا من التّفكير فيها

قصّة واقعيّة بلغة موفّقة عكست قضيّة نصادفها كثيرا، ولا نستسيغ فكرة الزّواج للأجداد من صغيرات السّن؛ لأنّهن يرضين بهم للتّعجيل في دفنهم؛ طمعا بالإرث!

تقديري وتحيّتي أخ عماد

( حبّذا لو راجعت النّص قبل النّشر )

نهلة عبد العزيز
26-07-2013, 02:45 PM
كم سرد قلمك بارع ينساق برونق الاحترام سيدي

الكلمات بين اناملك تتهافت حتي تنصاغ حروفها

اسعدني مروري من هنا

واطلب منك المزيد

تحيه من نهله تليق

نهلة عبد العزيز
26-07-2013, 02:47 PM
كم سرد قلمك بارع ينساق برونق الاحترام سيدي

الكلمات بين اناملك تتهافت حتي تنصاغ حروفها

اسعدني مروري من هنا

واطلب منك المزيد

تحيه من نهله تليق:0014:

ربيحة الرفاعي
24-08-2013, 05:27 PM
ليس بالضرورة حبا في الوقت الضائع، فللمرء الحق بالحياة ما دام من أهلها، غير أن حسن الاختيار يقيه مواطن الأكدار
ولو اختار هذا العجوز من تناسبه لكان حظي برفيقة له

دمت بخير أيها الكريم

تحاياي

د. سمير العمري
29-08-2013, 06:03 PM
نص اجتماعي مميز ومعبر عن حالة باتت مقلقة التناول باعتبار عدم قناعة الناس في هذه الأيام لحاجة المرء إلى صحبة ولو بلغ المشيب. يا أيها الناس إن الزواج ليس مجرد علاقة جسد!

كان أسلوبك وصورك البيانية ممميزة وممتعة واللغة جيدة خلا مواضع شابها بعض هنات.

تقديري

ناديه محمد الجابي
02-02-2014, 11:18 AM
هي مشكلة يقابلها الرجل عندما تتوفى زوجته
فهو في كبره يحتاج لمن يرعاه ويؤنس وحدته
فالأولاد مهما كانوا بارين إلا إن لهم حياتهم الخاصة
المهم أن يحسن الإختيار .. فهل تأتي من اختار يجبرها
العوز والإحتياج ـ أو احتياجا إلى جدار بيت تكون هي صاحبته ..
أو طمعا في ثروة
نص يخترق الوجدان بسرد دقيق شيق وأداء قصي موفق.
تحياتي وتقديري.

نداء غريب صبري
14-02-2014, 11:49 PM
لماذا اعتبرناه مراهقة وحبا في الوقت الضائع
أليس من حق العجوز أن يكون له رفيقة ؟
وهل عليه أن يموت إذا ماتت زوجه؟

أحزنتني الردود أكثر مما أحزنتني القصة
شكرا لك أخي

بوركت