تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور الشاعر سمير العمري في عيون النقاد و الأدباء و المحبّين .



نادية بوغرارة
27-06-2010, 02:07 AM
== منقول ==

مهداة لاخي الدكتور سمير العمري رئيس رابطة الواحة الثقافية رابطة عالمية تهتم بكل انواع الادب
وهو كما اسلفت اهداء مستحق لسمو ادبه وخلقه وتميز اداءه ولحبنا له في الله ولآنه ايضا مبدع وشاعر واديب كبير له بصماته التي لا تضاهى في الشعر العربي
-نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا- انما الوفاء ورد الجميل والفضل


وجهُ صبوحٌ



وَجْهٌ صَبُوحٌ قُدَّ مِنْ قَلْبِ الْوَفَاءْ = إِكْليلُ صَفْوٍ فَاحَ نَبْضًا مِنْ صَفَاءْ
هُوَ ذَا السَّمِيرُ لِأَنْفُسٍ تَشْتَاقُ مَنْ = مِثْلَ الْعبيرِ مُضَمَّخًا نَبْعَ الْعَطاءْ
يَاأَيُّهَا الْوَجهُ الْمُنَدَّى بِالْجَلالْ = يَا أَيُّها الصُّبْحُ الْمُطِلُّ بِكِبْريَاءْ
إِبْداعُ فِكْرِكَ يَشْتَهِيهُ الْمُبدِعونْ = وِشِغَافُ رُوحِكَ صَاغَهَا بَحْرُ الْوَلَاءْ
إِخْبَاتُ قَلْبِكَ غَلَّفَ الْجَمْعَ الرِّضَاءْ= وَسُمُوُّ عَفْوِكَ وَاحَةٌ ذَاتُ الرَّجَاءْ
لَسْتُ الْذِي بِتَزَلُفٍ أَهْوَى الرِّيَاءْ= لَكِنَّهُ الْحَقُّ الْذي مَجْرَاهُ مَاءْ
يُحْيِ إِذَا الصَّحْرَاءُ صَفْحَاتُ النَّمَاءْ = وَ تَحِنُّ إِذَّاكُمْ مَزَامِيرُ الْغِنَاءْ
مَاذا عَسَى أَشْعَارُنَا تَصِفُ الْبَهَاءْ ؟= مَاذا عَسَى أَقْدَامُنا تَرْقَى السَّمَاءْ؟
رَبِّي الْحَسِيبُ عَطَاؤُهُ هَوَ مَا يَشَاءْ = فَانْعَمْ سَمِيراً فَالقُلُوبُ لَكَ الْوِعَاءْ
أَصَفِيَ قَلْبي خَطَّ فِي رُوحِي مَدَاكْ = أَضْحَى بِنَقْشِكَ مُتْرَعاً خُصُباً دِلَاءْ
سِرْ يَا حَبيباً قَدْ وَهَبْناكَ الْوَلَاءْ = وَ انْسَ الْعُواءَ فَلَيْسَ يُجْدِينَا الْعُوَاءْ
إِنَّ الثَّوابَ رَدِيفُ سَيْرٍ في يَقِيْنْ = تِي الْآُمَّةُ الْغَرْقَى فَشُذَّ إِِلَى الْعُلَاءْ
هَبْ يَا سَمِيرَ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ الْخَلَاصْ = هَبْ يَا سَلِيم الصَّدْرِ وَالْفِكْرِ الدَّوَاءْ
وَجْهٌ صَبُوحُ اسْتَلَّ مِنْ نَفْسِي الْعَنَاءْ = فَهَمَى الْيَرَاعُ يَعُبَّ مِنْ نَبْعِ النَّقَاءْ
/
/
دمتم مبدعين اوفياء

نادية بوغرارة
27-06-2010, 02:20 AM
== منقول ==

قراءة في أعمال د. سمير العمري :
عندما تسبح الذات الأدبية إلكترونيًا حاملة هموم الأمة
بقلم : د. مصطفى عطية جمعة

من أهم ثمرات الفضاء الإلكتروني أن الكثير من الأصوات الأدبية وجدت متسعًا لها في النشر والعمل الثقافي ،
فقد استطاعت الشبكة العنكبوتية الدولية أن تكسر احتكارات المجلات الثقافية الرسمية التي ترتهن بأمر وزارات الثقافة ، أوالمجلات الخاصة التي تعبر عن تيار أدبي بعينه ،
ويكون النشر فيها خاضعًا لمعطيات الانتشار وتغذية توجه أدبي أو ثقافي محدد .

ويشكل الشاعر " سمير العمري " النموذج المتمرد ، مثل عشرات النماذج الأخرى ، التي كسرت النمطية الأدبية في عالمنا العربي ،
وأصبحت تراهن على نشاطها الشخصي في مجال تأسيس المواقع الثقافية ، والاضطلاع بنشر الإنتاج الأدبي والثقافي لفئات وأفراد ، كانوا محرومين من هذه الفرص ،
بفعل تنائي المسافات المكانية ، وغياب العلاقات العامة والشخصية مع الناشرين ومدراء التحرير في المجلات والصحف . لقد قام " سمير العمري "
بتأسيس موقع "الواحة" الثقافي على الشبكة الدولية للمعلومات ، محطمًا - مثل غيره – قيود النشر ،
وهو الذي يعاني من النفي خارج الوطن العربي ( يقيم في السويد ) ، حيث تكوّنت بفعل هذا الملتقى الأدبي في الفضاء الإلكتروني فعاليات رائعة ، شكلت كيانات موازية لما يسمى بتيار الثقافة الرسمي والأهلي في المجتمعات العربية ، فنستطيع أن نقول إن هناك تيارًا إلكترونيًا ، بدأ يغزو حياتنا الثقافية .
ويجدر بالذكر أن ملتقى الواحة الثقافي ، لا يقتصر على نشر الإبداعات الأدبية : شعرية أو نثرية ، بل هو " هايد بارك " يتسع لكل مشارك عربي ، دون النظر إلى هويته أو جنسيته ،
فرأينا الكثير من المساهمات الثقافية والفكرية والمشاغبة في هذا الموقع .

ربما يكون الهم الذي تطرحه هذه الدراسة هو النظر إلى الأديب سمير العمري بوصفه أديبًا فحسب ،
واتخاذه نموذجًا في الدرس الأدبي مثل مئات ( أو آلاف ) الشعراء الذين باتت أصواتهم مسموعة في الفضاء الإلكتروني ، وبعضهم لا يعرف طريق النشر الورقي ،
ويكتفي بالمداخلات التي تأتيه من خلال المواقع الأدبية التي يشارك فيها . إن المشكلة التي تكتنف هؤلاء أن إنتاجهم الأدبي يتراكم بفعل مرور السنوات ، دون وجود دراسات نقدية موضوعية لهم ،
تحاول أن تنظر إلى نتاجهم الأدبي نظرة رأسية فتتعرف طبيعة النتاج : من شعر أو نثر ،
بكل الأشكال التي يمكن أن يجتهد فيها المبدع ، أو نظرة أفقية حول تناولات المبدع وموضوعاته ، والخصائص الفنية التي تميز إبداعه ، ومدى التطور الرؤيوي والفني الذي أحدثه المبدع .
فالآفة التي تبتلى بها مواقع الإنترنت الأدبية تلك التعليقات المبتسرة التي يلقيها هذا الأديب أو القارئ بشكل متعجل ، وتكون ذات اقتضاب ، وتكتفي بالتعليق على العمل الواحد المعروض دون النظر إلى سائر أعمال الأديب ، وبالتالي يظل نقدها مفتقدًا إلى القراءة الشاملة العميقة ، ويظل المبدع ضحية هذه التعليقات ،
ولو كانت من ذوي صداقاته فإن طابع المجاملة يغلب عليها ، أو تصطبغ بصبغة العداء إذا كان المعلق يرد الصاع للمبدع الذي هاجمه في عمل من قبل . وما بين هذا وذاك ، فإن المبدع يظل دون تقويم حقيقي، ولا يملك خطوطًا نقدية محددة ، تشمل إبداعاته بشكل هادئ معمق محايد .

وفي تجربة سمير العمري التي تمتد لسنوات سابقة ، وكما أوضح في إحدى قصائده فإنها عميقة منذ أيام دراسته الأولية في المدرسة المتوسطة .
وقد قام الباحث في هذه الدراسة بتجميع منتج التجربة الإبداعية لسمير العمري من تفرقها في صفحات الإنترنت ، فشكّلت ملفًا كبير الحجم ، جمع الشعر والنثر ؛ وإن كان يغلب على تجربته الشعر ،
فيبدو لنا أن نفسه الشاعرة متوقدة دافقة ، وأن الشعر أقرب إليه ليجيش بما يعتمل في نفسه.

لعل أبرز ما يستوقفنا في تجربة " العمري " الشعرية أنه يقول الشعر وفقًا لموروث الشعر العربي ، فهو مولع بتجربة شعراء العروبة القدامى ، ومن سار على دربهم من المعاصرين ، وهذا يظهر في بنى قصائده العمودية التي تلتزم النهج الخليلي التقليدي ، وهذا لا نعده عيبًا أو تأخرًا كما يرى بعض النقاد ، الذي يتصورون أن الحداثة معناها الإبداع بأشكال شعرية جديدة ، مثل شعر التفعيلة أو قصيدة النثر أو النص المفتوح . نقول : من يظن ذلك فهو مخطئ ، فالأشكال الشعرية مثلها مثل الآنية ، أوعية تحوى تقلبات الوجدان ، وعبير الرؤى ، وإنما يكون الأمر في قضية التجديد الشعري من خلال مدى الرؤية المبتكرة التي يرومها الشاعر ، وما مدى اختلافه عن السابقين ؟ أو بالأدق : ما الإضافة الإبداعية التي نتلمسها في تجربته ؟ نقول ذلك ، وهناك شعراء عظام أبدعوا بالشكل العمودي بكل قيوده الموسيقية ، ما تعجز عنه قصيدة النثر بكل انفتاحها وتحررها الموسيقي واللفظي ، مثل : البردوني ( اليمن ) ، الجواهري ( العراق ) ، ( أحمد بخيت ) مصر ، وغيرهم .

فسمير العمري يفضل الشكل العمودي وينحاز إليه ، ويكتب أيضًا قصائد التفعيلة ، بجانب إبداعاته في القصة والمقال والخاطرة . وفي شعره العمودي نقف عند ظاهرة الأغراض الشعرية ، وهو مفهوم قديم قدم الشعر العربي ، فقد التزم "العمري " بها ، كأنه يتنفس بروح القدماء ، وينظر بنفس رؤاهم ، وهذه قضية الكثيرين من ناظمي الشعر بالعمودية أنهم يظلون أسرى الرؤية التقليدية التي تتكئ على ميراث الشعر العربي القديم ، فينظمون في المدح والرثاء والفخر والذم والأسى ... ، وقد يعارض القصائد القديمة ، إمعانًا في التأسي بالسابقين ، وبعضهم يتطور أكثر وينظم حسب المدرسة الرومانسية ، التي أشعلت القلوب نارًا، وغنت للطبيعة ، وربما يشكل هذا الأمر هاجسًا لدى شاعرنا ، فهو يرى أن التمترس في الشعر التفعيلي عنوانًا للشخصية المسلمة العربية ، وهذا يردده كثيرون ، ولكن تبقى الحقيقة أن الأهم في الجنس الأدبي ، وما يتفرع عنه من أشكال شعرية تلك الأحاسيس الجديدة التي يستشعر العالم بها ، أحاسيس تختلف عما يردده العامة ، أو ينظمه باقي الشعراء ، ومن هذا أو ذاك يتميز الشاعر ، فإذا جدّت الرؤية ، ستتجدد الكلمة ، وتكسى الصورة بعبق جديد ، ولنا في فحول شعرائنا القدامى والمعاصرين نماذج مبدعة في الرؤية والخيال .

والقاسم المشترك في تجربة " العمري " تلك الروح المتأججة التي تتعامل مع الشخوص والأشياء والقضايا بنفس درجة التأجج ، من أول النص إلى آخره ، وفي سبيل ذلك تخرج مفردات خطابية في طابعها ، مباشرة في فكرتها ، وتقل الصورة والخيال ، وهذا منطقي في التجربة الشعرية ، فإذا اشتد اشتعال الذات الشاعرة ، أسالت مشاعرها كلماتٍ ، فإن مساحة العقل الشعري تتقلص . ولنغص في تجربة " العمري " ، والغواص موضع التساؤل دومًا .

في ذكرى زواجه ينظم قصيدة مهداة إلى زوجته ، ويعنونها بـ " قرتي وقراري"، والعنوان يشي بالمضمون وهو أن الزوجة موضع المودة والسكن وهي رؤية إسلامية قرآنية ، حيث يقول :
لا رَيْبَ أَنَّـكِ مِـنْ نَعِيـمِ البَـارِي وَبِأَنَّـكِ المَقْسُـومُ مِـنْ أَقْــدَارِي
وَبِأَنَّ رُوحَـكِ رَاحَتِـي بَعْـدَ العَنَـا وَبِـأَنَّ قَلْبَـكِ قُـرَّتِـي وَقَــرَارِي

وعنوان النص جزء من الشطر الثاني في البيت الثاني وهو يندرج تحت ما يسـمى العنوان
الجاذب الذي يعمد فيه الشاعر إلى جذب القارئ لهذه النغمية التي حملتها مفردتا العــنوان
والمتأتية من الجذر المشترك بينهما . تلك الموسيقية التي تشكل علامة مميزة في قصائــد
العمري . وفي هذه القصيدة ، يقف الشاعر عند الحد الظاهري الذي يجترّ المدح للزوجــة
الوفية ، معددًا فضائلها ، وكيف أنها نموذج في العطاء ، وتجدر الإشـارة إلى أن مـدح
الزوجة غرض شعري راق ، ولكن تظل الرؤية مرهونة بنظرة الشاعر إلى طبيـعة العلاقة
بين الزوجين وخصوصيتها ، والخصوصـية تعني : ما يتمايز به الشاعر عن الآخــرين
في وقفته عند حياته الزوجية ، بعد مرور عقدي زمن كما ذكر في النص ، وأرى أن الشاعر لم
يراوح ما سبقه إليه الآخرون ، وإن حفلت القصيدة بإضاءات دينية .
ونفس ظاهرة العنوان تتكرر في قصائد أخرى ، حيث يقتطع الشاعــر من مطلع النص
عنوان قصيدته ، يقول :

علَى السُّيُوْفِ بَقَايَا مِنْ رَحِيْقِ دَمِـي وَفِي الصُّخُوْرِ طَرِيْقٌ مِنْ خُطَى قَدَمِي

فقد حملت القصيدة عنوان : " رحيق دمي " ، المقتطع من البيت الأول ، وهذا لا يساعـد
على تحفيز القارئ على قراءة النص ، وربما يعد ذلك استسهالاً من الشاعــر ، إلا أن
العنوان معبر عن روح النص ، التي حلقت في أزمة الإسلام ، وضياع مقدساته . فنغـمة
التباكي على تهرئ الجسد المسلم ، تهز الكثيرين ، ولكن الشاعر طوّف بكل آلام المسلمين،
مستخدمًا قاموسًا يكاد يكون مشتركًا بينه وبين كل الباكين على أحوال الأمة المسلمة .

وربمـا نجد الرؤية أكثر تطورًا في قصائد التفعيلة ، ففي قصيدة " البدر أحنى الجبين " نرى
انفتاحًا أكثر وهو يخاطب المحبوبة ، يقول :

هَلْ تَكْتَفِيْنْ؟
أَنْ هَلَّ فَجْرُكِ بَاسِمَاً بَعْدَ الأَسَى
يَمْحُوْ سُطُوْرَ الحُزْنِ مِنْ طِرْسِ السِّنِيْنْ
هَلْ تَكْتَفِيْنْ؟
أَنْ حَلَّ طَيْفُكِ يَحْتَوِيْ مِنِّي الْمُنَى
يَغْفُوْ بِأَحْضَانِي أَنَا
يَرْتَاحُ فِي عُمْقِ الفُؤَادِ وَفِي الوَتِيْنْ

لا يقف الخطاب عند المحبوبة الأنثى ، بل هو منصرف إلى المحبوبة ، ولكنه يتمايز هنا بكون
الشاعر متعمدًا الخطاب الأنثوي بشكله المطلق ، لتظل المحبوبة الأنثى ذات شكل هلامي،ندركه
من الصور الشعرية التي تتالى في النص ، والتي تتأرجح بين السعي إلى الخروج من تيه الحزن
إلى عالم رحب من البسمة ، وتظل الأنثى في هذا الفضاء : يمكن تحويل دلالتها إلى الوطن ، أو
الزوجة أو المعشوقة ، ولكن في إطار من الوهج العاطفي ، وتتعمق الرؤية أكثر في قصيـدة :
" أطلقي منك السراح " ، يقول :

ضُمِّي الجِرَاحَ عَلَى الجِرَاحْ
وَتَحَدَّثِي عَنْ ذِكْرَيَاتِ الفَجْرِ يَا شَفَةَ الصَّبَاحْ
عَنْ رِحْلَةِ الطَّيرِ المُغَرِّدِ غُرْبَةً
بِالنَّاسِ
بِالإِحْسَاسِ
عَنْ زَمَنٍ وَسَاحْ
عَنْ رِحْلَةٍ هَاضَتْ وَهَاضَ بِهَا الجَنَاحْ
فِيهَا انْكِسَارَاتُ المَرَايَا لا تُزِيلُ الأَقْنِعَةْ

فقد عمّق رؤيته أكثر عن مأساة الوطن ، متخذًا المحبوبة مخاطبة ، ليسقط عليها أحزانه
وهو يتباكى على أطلال العروبة ، ومجد الإسلام . وقد استحضر " سجاح " وهي امـرأة
ادّعت النبوة ، وتزوجها مسيلمة الكذاب ، في إشارة إلى حجم الكذب الذي يعترينا ، كـذب
على الشعوب ، وعلى النفوس .

أبرز ما نلحظه في القاموس الشعري عند " العمري " غزارة هذا القاموس ، وهذا ناتج عن
تعمقه في قراءة الشعر ، وفي قرضه ، خاصة أن الشعر العمودي يستلزم إثراء في الألفاظ
حتى تكون القافية لينة ، وإلا ستكون منحوتة نحتًا . ولكنني أستطيع أن أقف عند مظهر آخر
دال على هذا الثراء ، وهو الصورة الشعرية ، التي أرى أنها تميز شاعرنا ، وهو يعتني بها
ويحرص على تعميقها ، خاصة في قصائد شعر التفعيلة التي أعتبرها عنوانًا على التطور في
الرؤية والبناء الفني لديه ، يقول في قصيدة " البدر قد أحنى الجبين "

وَالحَرْفُ يَجْمَحُ لِلصَهِيْلْ
يُبْدِي الدَّلِيْلْ
وَعَلَى حَنَايَا القَلْبِ يَكْتُبُ قِصَّةً
وَالنَّبْضُ يَهْتِفُ بِالحَنِيْنْ

إننا أمام صورة ممتدة ، شديدة العذوبة ، فالحرف مثل الخيل جامح للصهيل ، صورة تشي بعنفوان
الحرف أي ثورته ، وتمتد الصورة ليصبح الحرف كاتب أقاصيص ، ويكون القلـب ورقَــه ، ثم
يكون نبض القلب حنينًا للمجد والعظمة . إنها صورة تجيش بشاعرية متقدة .
وفي قصيدته النونية التي عارض بها نونية ابن زيدون ، نجد ما نسميه بظاهرة تراسل الحـواس
فكل حواسنا تتلقى الصورة دون موانع ، فيتداخل البصر والشم والنطق والسمع ، وتتجمع في مركز
الإحساس الواحد وهو القلب ، يقول :

الزَّهْرُ بَسْمَتُنَـا وَالطَيْـرُ هَمْسَتُنَـا وَالصَمْتُ رَبْوَتُنَا وَالشِّعْـرُ وَادِيْنَـا
وَرَوْضَةُ الطُّهْرِ فِي أَسْمَى مَشَاعِرِنَا كَطَلْعَةِ الفَجْرِ فِـي أَدْجَـى لَيَالِيْنَـا

فالزهر يشعل حاستي العين والشم ، ثم يصبح بسمة تزين وجوهنا ، والطير يحفز حاستي البصر
والسـمع ثم يكـون همسة على الشفاه ( منطوق ) . وهكذا نجد بيتــًا شديدة الشاعرية ،محلى
بصور فذة ، وإن كان البيت الثاني اقترب مما يسمى المتداول الشعري فالطهر روضة ، مثل طلعة
الفجر ، وهي صورة تتكرر كثيرًا ، محورها : الطهر مثل الفجر ، أو العفاف كالنور .

وإذا كانت لنا وقفة ، فإن القصة لدى شاعرنا لها نكهة خاصة ، وإن قل نتاجه منها ، فنفس
الشاعر تزاحم عين القاص ،
وربما تاتي قصة " نكهة " نموذجًا مشتركًا في رأيي ، فهذه
القصة جمعت عالم " العمري " في شعريته ، ودلت على لقطاته القصصية ، فالقصة ذات
مضمون يتقاطع كثيرًا في شعر العمري : الوفاء للزوجة ، والوفاء يتخذ صورة تذكر عيد
الزواج ، حيث حمل البطل كعكة هذا العيد ، مصنوعة من الكريمة والكرز ، لونا البياض
والاحمرار ، وذهب إلى منزله ، أسرعت الزوجة بفتح الباب ، وهي ضاحكة للزوج الذي
تذكر ما ينساه الآخرون ، فيفاجأ بوجود أختها المطـلقة عندها ، يشعر بالغضب ، وتشكك
الأخت في وجود آثار إصبع على الكعكة ، وسرعان ما يوضح الزوج كيف أن هذه لمسته
هو عندما تذوق الكعكة . وحين تبدأ الزوجة في التناول من الكعكة ، تشعر بنكهة جديدة ،
نكهة الوفاء . يمتاز أسلوب القصة بدفق عال من المشاعر ، وأرى أن العمري يمتلك نفسًا
قصصيًا ، وقدرة على الحكي ، والأهم : التحكم في اللحظة القصصية ، وإبقـاء القـارئ
في ترقب لما سيحدث . وإن كان الحوار يحلق في آفاق شاعرية ، لا يحتملها عالم القص
الذي يقترب من الواقع المعاش . تقول الزوجة لزوجها مهنئة :
" كُلُّ عَامٍ وَأَنْتَ أَنْتَ ، القَلْبُ الذِي يَحْتَوِي ، وَالرُّوحُ التِي تَسْتَوِي "

ويرد عليها حينما يعلم بوجود أختها :

" لأَجْلِكِ يَهُونُ كُلُّ خَطْبٍ ، لا بَأْسَ أَنْ تُشَارِكَنَا هَذِهِ المَرَّة أَجْمَلَ لَحَظَاتِنَا الخَاصَّةِ "
وربما يكون عذر القاص أن نفس الشاعر تغلفه ، في لحظة شاعرية ، عنوانها المودة.
******
تظل تجربة " سمير العمري " مثل عشرات التجارب الأخرى ، في حاجة إلى وقفة للقراءة
النقدية المتأملة ، لعل هذه الوقفة تكون فرصة لالتقاط الأنفاس ، وهذه إحدى أزمات النقـد
العربي : ركام هائل من الإبداع ، وتجاهل من النقاد ، وأختم بأن أؤكد أن هذه القراءة إنما
هي قراءة أولية في جوهرها ، تحاول أن تكون نبراسًا لقـراءات أخـرى ؛ تجمع الشتات
الذي تكتنزه شبكة الإنترنت ، وتعيد ترتيبه وتنسيقه ، وفي الترتيب بدء حقيقي للتلقي .

آمال المصري
27-06-2010, 04:32 AM
منقول ....

إلى رائد الواحة د. سمير العمري
أخي في الله وأستاذي الدكتور سمير العمري تأثرت بما لديه من حس جميل وشعر أصيل وقبل ذلك سمو في الخلق وعلو في الهمة وألتمس العذر لنفسي إن لم يأت التعبير وافيا فالكمال لله وحده – عز وجل – وسبحان من يجمع القلوب رغم بعد المسافات

سمير الحب عشت لنا سميرا
وللأشــعار والشــعرا أميرا
تذيق الكل من عذب القوافي
روباً سلسبيلاً عذباً نميرا
كسوت الضاد من حلل المعاني
بدائع تمتع الفصحى دهوراً
علا نحرَ القوافي منك در
يزين الصدر منتظماً منيراً
أصيل الشعر منكم في اغتباطٍ
ينادي ها هنا أحيا قريراً
فأنت عرينه الحامي إذا ما
تعدى غاصب يلقى زئيرا
جهادك في فنون الشعر وعيٌ
أتى للضاد معواناً ظهيرا
فكم بلبانها غذّتك طفلاً
وكم أولتك من عطفٍ كبيرا
وكم أعطتك من درر المعاني
ومن غرر شدوت بها قديرا
رقائقها تداعبكم صباحاً
ومابرحت تناجيكم سحورا
أيا بر بأمٍّ قد تسامت
وفاضت من مناهلها هديرا
حسانك بالمودة سامقاتٌ
بنانك لايزال بها جديرا
يراعك من مداد الحق يروي
فيروينا – على حبٍ – طهورا
فعش يارائد الفيحاء ذخراً
ودم لفحولها غيثاً غزيرا
وأسمعنا حلال السحر شدواً
وبث أريج ماتأتي عبيرا
فياعمري كم آنست حِباً
وكنت له – على بعد – سميرا
فواحتنا جمالٌ في اتزانٍ
وقاعاتٌ تشع هدىً ونورا
رجالٌ مشرفون فحول شعر
وتثقيفٍ نراه مستنيرا
جمعت محاسن الشعراء حتى
أتاك الشعر بساماً نضيرا
فأنت البحتري إذا تسامى
وأدخل في مواجدنا السرورا
أبو تمام في جمع المعاني
يُجَمِّلها وينسجها حريرا
أيا متنبي القرطاس تفضي
بحكمته ولا تزهو فخورا
وياقيساً إذا ناجته ليلى
فألهب من محاسنها شعورا
وماقارفت فحش أبي نواسِ
وماخالطت في هجو جريرا
حديقة شعرنا جمعت صنوفاً
ومن فمكم خلاصتها زهورا
مبادئ لاتساوم في علو
ولو ساقوا لك الدنيا مهورا
مجامع فكركم صدق وصفو
مواقف ودكم تضفي حبورا
تطاوعك القوافي في انسجامٍ
فتطربنا وتثلجنا صدورا
إذا ما أُنشأ الإبداع بيتاً
فقد أبدعت واحتنا قصورا
ففي الإشراف تمطرنا ثناءً
وفي نقد تلاطفنا بصيرا
سألت الضاد أيّ بنيك بر
وأحناهم وأولاهم نصيرا
فقالت كثرة أحباب قلبي
وأقربهم أعانقه سميرا
عيون الشعر من يدكم حسانٌ
وقد صورت معناهن حورا
وناظرهن مجذوب بوعيٍ
وبين جمالهن يُرى غيورا
إذا حدثنه يصغي بكل
وإن يرشفنه يسعى سكيرا
إذا ماغربة ضاقتك يوماً
فإني بينهم أصلى سعيرا
فكم من مغربٍ يحيا طليقاً
وكم من قاطنٍ يحيا أسيرا
وإنك في القلوب تعيش فذاً
ومافارقت من حِبٍ ضميرا
فذا قلبي يحادثكم بحبٍ
وذي روحي تناجيكم حضورا
ونفسي من بديع الحب تزكو
وجسمي غابطٌ يبغي مسيرا
وفي الله المحبة سوف تبغي
وماكان المحب بها فقيرا
هي الأقوى هي الأغنى ليومٍ
به الأنساب لاتغنى نقيرا
فنفع الحب في الله عظيمٌ
وصافي الحب حقاً لن يبور
لنا في ظل رحمته لقاء
بفضلٍ منه يثلجنا صدورا


وقد أجاب الشاعر / سيد سليم على أحد الأسئلة الموجهة إليه حيث قال :
س - كيف ترى صفة الأديب الذي يكتب الأدب الإسلامي، هل هو أديب مسلم أم أديب إسلامي؟
ج - سؤال جميل، بل هو الأجمل عندي؛ فهو من جمال، أخي الحبيب ـ وحول إجابته دارت نقاشات متعددة، واختلافات متنوعة، ومجمل القول فيما أرى، ومن خلال ممارساتي أقول: الأديب الذي يكتب الأدب الإسلامي هو الأديب الذي يراعي آداب الإسلام عند الكتابة؛ فهو لا يقترف فحش القول في الغزل، أو في الهجاء، والأديب الإسلامي يكتب في كل الفنون من مدح وغزل وحتى الهجاء ويحاكي السابقين في كل لونٍ وفنٍ؛ إلا أنه لا يكون مسفاً في أدبه. وقد وصفت أحد أساتذتي من الأدباء الإسلاميين بقولي
جمعت محاسن الشعراء حتى * أتاك الشعر بسَّامـاً نضيـرا
فأنت البحتـري إذا تسامـى * وأدخل في مواجدنا السـرورا
أبو تمام في جمـع المعانـي * يُجَمِّلهـا وينسجهـا حريـرا
أيا متنبي القرطاس تفضـي * بحكمته ولا تزهـو فخـورا
ويا قيسـاً إذا ناجتـه ليلـي * فألهب من محاسنها شعـورا
وما قارفت فحش أبي نواسٍ * وما خالطت في هجوٍ جريـرا
حديقة شعرنا جمعت صنوفـأ * ومن فمكم خلاصتها زهـورا
مبادئُ لا تُسـاوَم فـي علـوٍ * ولو ساقوا لك الدنيا مهـورا

نادية بوغرارة
27-06-2010, 12:57 PM
http://www.youtube.com/watch?v=iLOxzXxbBFY

نادية بوغرارة
27-06-2010, 01:02 PM
http://www.youtube.com/watch?v=uL0qpjKIaQ8&feature=related

نادية بوغرارة
27-06-2010, 01:21 PM
= منقول =

القضية في شعر سمير العمري - نموذج قصيدة '' الاخوة نهج ''
عبد الصمد حسن زيبار .
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=32833


مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا
وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً = بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا

الشاعر العربي الكبير شاعر الحكمة و الفكر سمير العمري.

في مثل هذه المواقف لا تسعفنا سوى حكمة الصمت وسمة التفكر

إن دقة البيان و بلاغة القول مع سمو المعنى و مشروعية الغرض و رسالية الوجهة في شعر العمري تمثل مرايا تعكس علو الذوق و جمالية الروح و نبل الأهداف و قداسة القضايا و عزة الإنتماء

سمير العمري ، شاعر الحكمة و الرسالة و الإنتماء

أستسمحك أن أسم شعرك ب : الشعر الرسالي

فأكثر مدعي الشعراليوم تزل بهم أيديهم إلى أغراض لا تتعدى مطامح الجسد و النزوات أو غايات الشهرة و الإعلام فتراهم في أوحالهم يتنافسون.

إن قراءة نتاج العمري محاولة للنفاذ إلى عمق القضايا الكبرى التي يعالجها فسمير من المبدعين القلائل
الذين صاغوا شعرهم هما و قضايا مثلت رسالتهم في الحياة فالقضية ،
و الرسالة تستمد طاقتها مما تحويه ذات الشاعر المندمجة مع إبداعه في تشكل يمثل الوحدة المستعصية على الذوبان و المقاومة لكل أشكال الانحدار .

تنبني قصيدة '' الاخوة نهج " على علاقة حميمية بين الشاعر و القضية و التي هنا فلسطين وما يلحق بها من قضايا تهم واقعنا العربي و السياسي و المجتمعي.

يمكننا أن نبرز حضور القضية من خلال ثلاتة محاور:

العزة و المقاومة - الإنتماء و الكرامة - الرسالية و الأمانة



العزة و المقاومة :

وهذا العنصر يمتد مع القصيدة و يكاد يكون ملازما لكل بيت ,يمثل مقاومة لمسيرة الذل و الإذلال
التي باتت عنوان المدعين للقضية وهو كذلك يوضح أصالة القضية و ضرورة العودة لخط النضال
و العزة و المبادئ فهو خط الممانعة

يأتي في مطلع القصيدة :

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا


و يسترسل الشاعر بنفسية الاعتزاز :

يَا لَيتَ شِعْرِي أَلَمْ يَأْنِ اجْتِبَاءُ خُطَى = نَهْجِ الأُبَاةِ وَإِقْدَامِ المُلَبِّينَا؟

وَسطْوَةٌ مِنْ صَهِيلِ السَّابِحَاتِ عَلَى = وَقْعِ الحَوَافِرِ تَأْمِيلا وَتَأْمِينَا؟

مَا قِيمَةُ السَّيفِ فِي غِمْدَينَ مِنْ ذَهَبٍ = حَتَّى نُجَنْدِلَ مَنْ بِالذُّلِّ يَرْمِينَا؟

وَمَا صَلاحُ إِذَا ارْتَدَّتْ فَوَارِسُهُ = عَنِ البُطُولَةِ فِي إِدْرَاكِ حِطِّينَا؟

كُنَّا وَكَانَتْ بِلادُ العُرْبِ دَارَ عُلا = رَقَّتْ نَسَائِمَ وَامْتَدَّتْ بَسَاتِينَا

أَيَّامَ كَانَتْ خُيُولُ النَّصْرِ مُسْرَجَةً = وَكَانَ مَنْبَعُ صَافِي الدِّينِ يَرْوِينَا


العنصر الثاني : الإنتماء و الكرامة

وهي نفسية الشاعر في القصيدة

الانتماء لوطن تربع في ذات الشاعر المغترب الذي أبعدته مسافات الشتات لكنه يحتضن الوطن ليلاه
و يحتضنه الوطن احتضان الأم وهي نفسية فداء و تقديس للتراب الذي بات رمزا للإباء و الكرامة

فيقدم نفسه لافتداء الوطن :

نَفْسِي فِدَاءُ فِلِسْطِين التِي نَزَفَتْ = منِهْاَ الكَرَامَةُ مَقْتُولا وَمَسْجُونَا

يصدح الشاعر بقول لا في وجه الخنوع و المساومة و لا بديل عن كرامة النفس ومجد الوطن:

لَمْ يَجْزِ غَزَّةَ فِي الحَالَينِ غَيرَ دَمٍ = أَجْرَوهُ خَنْقًا وَتَجْوِيعًا وَتَوهِينَا

فَلا وَرَبِّكَ لا صُلْحٌ عَلَى ضَغَنٍ = وَلا ابْتِسَامٌ يَرَى التَّقْطِيبِ مَدْفُونَا

وَلا تَنَازُلَ لا تَفْرِيطَ فِي وَطَنٍ = سَمَا عَلَى الدَّهْرِ تَقْدِيسًا وَتَثْمِين

نُرِيدُ كُلَّ أَرَاضِينَا التِي انْتُهِبَتْ = النَّهْرَ وَالبَحْرَ وَالزَّيتُونَ وَالتِّينَا

ويفصح الشاعر عن حلمه و حلم غيره من المغتربين عن الوطن :

وَحَقَّ عَودَةِ شَعْبٍ مَلَّ غُرْبَتَهُ = وَحَقَّ دَمْعَةِ أُمٍّ أُهْرِقَتْ هُونَا

الوطن عند سمير فوق الكراسي و المطامح الواهية يتحدد هذا العنصر بقوة في ذيل القصيدة

يَا مَنْ جَعَلْتُمْ إِلَى الكُرْسِيِّ هِمَّتَكُمْ = خُذُوا الكَرَاسِي وَأَعْطُونَا فِلِسْطِينَا

وهي رسالة انتماء لمن تاجر بفلسطين و دماء الشهداء الزكية ليكسب جاها أو مالا

العنصر الثالت : الرسالية و الأمانة

وهو مؤشر على أن الشاعر لا يلقي كلاما سائبا من غير مطمح نبيل و غاية وجيهة
عنصر الرسالية يشكل جوهر القضية بحملها رسالة و أمانة
يمكننا تتبع الرسائل المباشرة و غير المباشرة في القصيدة على النحو التالي :

رسالة حب صادق مقاوم للنفاق :

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا

وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً = بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا

رسالة لعودة جوهر الأخوة و صدق العهد بدل الفراق و الطعن :

مَاذَا اعْتِبَارُ أَخٍ دَسَّ الفِرَاقُ لَنَا = يَأْتِي التَّخَاتُلَ حِينًا وَالأَذَى حِينَا؟

لَمْ يَأْلُ عَهْدُ صَحِيحِ الوُدِّ مُنْتَهَكًا = حَتَّى تَرَدَّى بِكَفِّ العَفْوِ مَطْعُونَا

رسالة طهر تواجه النجس لتتعالى عن السفاسف و تسمو للمعالي :

أَمَّنْ تَوَضَّأَ طُهْرَ القَولِ مِنْ نَجَسٍ = وَقَالَ إِنِّي إِمَامٌ لِلمُصَلِّينَا

رسالة مبدأ راسخ ممكن كما العقيدة وهو تصوير غاية في الإحكام و الجمال و المعنى :

حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً كَمَا العَقِيدَةُ فِي الأَحْشَاءِ تَمْكِينَا

و أخيرا رسالة حق و نداء فطرة و دمعة أم :

وَحَقَّ عَودَةِ شَعْبٍ مَلَّ غُرْبَتَهُ = وَحَقَّ دَمْعَةِ أُمٍّ أُهْرِقَتْ هُونَا

هَذَا نِدَاءٌ لِمَنْ يَأْتِي الحِوَارَ جَدًا = بِصَوتِ كُلِّ مُصَلٍّ قَالَ آمِينَا

لم تكن هذه سوى بعض مما يلمه شعر سمير العمري من معاني و أفكار تمثل خطا في صف الممانعة و المقاومة لكل أشكال الضعف و الوهن الذي بات سمة لمدعي قضايانا و في مقدمتها قضية فلسطين فهي التاريخ و الأمل.

كما لا يمكننا المرور السريع من غير الإشارة إلى أن شعر العمري هو شعر حكمة و معان يكون بها مفخرة للشعر في زمن بات التسابق فيه لمن يكون أكثر جرأة في الفحش و انسلاخا عن القضايا و المعاني.

نادية بوغرارة
27-06-2010, 01:33 PM
= منقول =


القلق و الاغتراب الروحي
في نص الزمان المر
للشاعر الدكتور / سمير العمري
قراءة سيكولوجية في مفاصل حنظلية العصر
الدارسان : حسين علي الهنداوي – حاتم قاسم

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=17034

الزمان المر


خَدَعَتْ فَكَانَ مِنَ الأَسَى مَا كَانَا= وَدَعَتْ لِحَفْلِ خِدَاعِهَا الأَضْغَانَا
رَقَصَتْ عَلَى رَجْعِ الأَنِينِ جِرَاحُهَا= وَتَبَسَّمَتْ كَي تَكْتُمَ الأَحْزَانَا
وَاسْتَمْرَأَتْ خَمْرَ الشُّجُونِ وَأَوْهَنَتْ=صَبْرَ الحَلِيمِ وَأَوْهَتِ الوِجْدَانَا
جَارَتْ عَلَى الحَقِّ الضَّلالَةُ جَوْرَةً=تَدَعُ الحَصِيفَ بِحَزْبِهَا حَيرَانَا
لَيْسَ الدِّيَارُ كَمَا عَرِفْنَهَا وَلا=قُطَّانُهَا مَنْ يَعْرِفُ الجِيرَانَا
وَإِذَا بَحَثْتَ عَنِ الرِّجَالِ مُرُوءَةً=فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ تَرَى شَيْطَانَا
مَنْ بَاعَ مَبْدَأَهُ كَأَبْخَسِ سِلْعَةٍ=أَو مَنْ تَنَكَّرَ لِلعُهُودِ وَخَانَا
مَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حَوْلَكَ فِي الرِّضَا=طُرَّاً وَأَكْثَرَ فِيهُمُ الخَوَّانَا
يَا لَلزَّمَانِ المُرِّ فِي خَطَرَاتِهِ=أَغْلَى المَتَاعَ وَأَرْخَصَ الإِنْسَانَا
نَفَشَتْ بِنَا غَنَمُ الفَسَادِ فَأَهْدَرَتْ=مَجْدًا وَأَغْرَضَ رَأْيُنَا فَدَهَانَا
صَدَفَ الكِرَامُ عَنِ الفَلاحِ وَقَصَّرُوا=فَتَصَدَّرَتْ زُمَرُ الخَنَا الدِّيوَانَا
زَعَمُوا الرَّشَادَ فَقِيلَ مَا بُرْهَانُكُمْ=فَكَفَاهُمُ رَأْيُ الهَوَى بُرْهَانَا
مَالُوا بِمِيزَانِ الحُقُوقِ عَلَى الوَرَى=فَكأَنَّ فِي أَيْدِيِهُمُ المِيزَانَا
مَا أَضْيَقَ الأَزْمَانَ فِي سَعَةِ المَدَى=إِنْ أَرْجَفَتْ بِسِرَابِهَا الأَذْهَانَا
لَمْ يُبْقِ أَهْلُ الغَدْرِ إِلا غصَّةً=فِي القَلْبِ تَسْفِكُ بِالوَفَاءِ قِوَانَا
هَلْ يُعْجِزَ الحَدَثَانِ لَوْ ضَمِنَا لَنَا=يَوْمًا مِنَ الزَّمَنِ المُرِيعِ أَمَانَا
رُمْتُ العِتَابَ فَمَا ظَفِرْتُ بِصَاحِبٍ=يَسَعُ العِتَابَ وَلا وَجَدْتُ بَيَانَا
إِنْ نَابَني بَأسُ الزَّمَانِ أَنَابَهُ=وَتَرَاهُ يَتْعَسُ إِنْ سَعِدْتُ زَمَانَا
وَأَسُومُهُ مَهْمَا تَقَلَّبَ غَالِيًا=وَيَسُومُنِي مِنْ بُخْسِهِ مَجَّانَا
يَا صَاحِبِي ، صِدْقُ المَحَبَّةِ بَلْسَمٌ=يُشْفِي الصُدُورَ ويَصْقِلُ الإِيمَانَا
لَيْسَ الذِي يَأْتِي المَكَارِمَ مُرْغَمًا=يَخْشَى المَلامَةَ كَالذِي يَتَفَانَى
أَو يَسْتَوِي مَنْ لا يَضِنُّ بِجُهْدِهِ=عِنْدَ العَزَائِمِ وَالذِي يَتَوَانَى
مَا عُدْتُ أَعْتِبُ إِنْ تَجَهَّمْنِي الوَرَى=أَو وَافَقُوا الإِرْجَافَ وَالبُهْتَانَا
كَلا وَلا أَزْهُو بِمَدْحِ مُنَافِقٍ=مَهْمَا احْتَفَى أَوْ أَلْبَسَ التِّيجَانَا
قَدْ سِرْتُ دَرْبِي لِلنُّهُوضِ بِأُمَّتِي=أَبْنِي لِرِفْعَةِ عِزِّهَا بُنْيَانَا
أَدْعُو لَهُ الأَحْرَارَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى=قَوْمًا تُفَاخِرُ بِالـرُّؤَى الأَزْمَانَا
لَمَّا بَلَوْتُهُمُ رَأَيتُ يَدَ النَّدَى=وَوَجَدْتُ فِيهَا الصِّدْقَ والإِحْسَانَا
نَزَلُوا بِوَاحَةِ مُخْلِصٍ مُتَوَدِّدٍ=لَمْ يَدَّخِرْ بِرًّا وَلا عِرْفَانَا
نَسْعَى بِكُلِّ عَزِيمَةٍ نَحْوَ العُلا=وَنَجِدُّ فِيمَا يَرْفَعُ الأَوْطَانَا
هُمْ صُحْبَةٌ سَمَتِ النُّفُوسُ بِصِدْقِهِمْ=صَفَتِ القُلُوبُ فَأَقْبَلُوا إِخْوَانَا
دَعْ عَنْكَ قَهْرِي يَا زَمَانُ فَإِنَّنِي= أَمْضِي وَخطْوِي رَاسِخٌ أَرْكَانَا
أَنَا لَسْتُ ذَا بَطَرٍ وَلا أَنَا بِالذِي=بَدَأَ الصُّدُودَ وَآثَرَ الهِجْرَانَا
مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَى=لَكِنْ إِبَائِي يَأَنَفُ الإذْعَانَا
قَدْ تُنْتِنُ الرِّيْحُ الخَبِيْثَةُ حُفْرَةً=لَكِنَّهَا لا تُنْتِنُ البُسْتَانَا
وَتَغَصُّ فِي حَلْقِ الحَقُودِ مَكَارِمٌ=فَيَمَجُّهَا وَهْيَ العَظِيْمَةُ شَانَا
أَنَا مَا غَضِبْتُ مِنَ المُنَاوِئِ بَاغِيًا= لا يَبْلُغُ البَاغِي لَدَيَّ مَكَانَا
وَغَضِبْتُ حِينَ الجَوْرِ غَضْبَةَ نَاصِرٍ=لِلحَقِّ يَأبَى أَنْ يَعُضَّ بَنَانَا
سَأَسِيرُ دَرْبِي مَا حَيِيتُ مُسَدِّدًا=وَمَقَارِبًا كَي أُحْرِزَ الإِتْقَانَا
أَدْعُو إِلَى الحَقِّ القَوِيمِ مُنَافِحًا=عَنْهُ وَأُوْرِدُ نَبْعَهُ الظَّمْآنَا
وَعَلَى الأَزَاهِرِ سَوْفَ أَنْثُرُ حِكْمَتِي= شِعْرًا يَبُزُّ الوَرْدَ وَالرَّيْحَانَا
لا أَرْتَجِي عِنْدَ الأَنَامِ غَنِيمَةً=بَلْ أَرْتَجِي مِنْ رَبِّنَا الرّضْوَانَا

لا شك أن الأدباء في هذا الزمان المر كما أسماه صاحبنا الدكتور سمير العمري يكادون يعيشون حالة
من القلق بسبب تفاعلات الحياة مع المواقف التي أخذت تقصي القيم الإنسانية بعيداً عن إنسانية الحياة المعاصرة 0
الشكوى من الزمان و قلق الزمان المر ديدن المفكرين و الأدباء و الشعراء على مر العصور و لئن كان
الشعر العربي على مختلف مستوياته ما زال يجتر قضية الشكوى من الزمان فإن الشعر المعاصر يعيش في
قلب هذه المرارة الإنسانية التي تكاد تطغى على كل المستويات الإنسانية و لم ينج منها حتى الأطفال الصغار الذين ينوء الزمن بكلكله على صدرهم .
و لو أردنا أن نستعرض الشكوى الإنسانية من الزمن منذ الصراع القابيلي الهابيلي لتحولنا إلى مؤرخين
ينقشون على كل ذرة تراب مأساة إنسانية خلفها الإنسان حفرة عميقة في جبهة أخيه الإنسان .
و لقد اشتكى الشعراء كثيراً من حوادث الزمن التي عبرت بعجلاتها فوق طموحاتهم ، فالشعر العربي هو
الشعر الأعجمي بمختلف جغرافياته يعيش هذه الشكوى بنسب متفاوته و لكن مساحة الزمان المر كما أسماها شاعرنا العمري أكثر ما ترتسم في شعرنا العربي بسبب الارتكاسات و الانتكاسات الفردية و الجماعية التي
تعيشها الأمة .
و إذا أردنا أن نبحث عن عوامل الشكوى من الزمان المر لوجدناها أكثر ما تكون عند الشعراء و المفكرين
الذين يطمحون دائماً إلى بناء برج سامق يرتفع في كل يوم حتى يصل إلى عنان السماء و سنقتصر في
رؤيتنا لانتكاسات الزمان المر على شاعرين أحدهما دوخ الشعر العربي و رسم لوحة طموحاته في كل حرف
من حروفه و لكنه في النتيجة وصل إلى حالة من الخذلان دون أن يدرك أن حوادث الزمان بعضها قدري على الرغم من أنه أشار إلى ذلك في قوله
ما كل ما يتمنى المرء يدركه= تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

و لقد حاول هذا الشاعر العملاق أن يستنزف أوكسجينه الزمن في كل لحظة من لحظات حياته و لكنه في
النتيجة لم يجد في سماء ذاته إلا سراباً من غاز الكربون خنق طموحاته و ليتنا ننتقل مع الشاعر المتنبي
إلى نونيته التي يبرز فيها شكواه هذا الداء الفتاك الذي سرى إلى شاعرنا العمري على الرغم من كونه
يعيش حالة من الوعي الإنساني الواعد ولو رجعنا إلى أبيات المتنبي التي يقول فيها :

صحب الناس قبلنا ذا الزمانا و عناهم من أمره ما عنـــانا
و تولوا بغصة كلهم منــــــــــ ـــــه و إن سر بعضهم أحيانا
كلما أنبت الزمـــــــــان قناة ركب المرء في القناة ســنانــا
و مراد النفوس أصغر من أن تتعـــــادى فيه و أن تتفــــانى
غير أن الفتى يلاقي المنايـــا كالحات و لا يلاقي الهوانـــــا
و لو ان الحيـــــاة تبقى لحي لعددنا أضـــــلنا الشجعــانـــا

إذن لو رجعنا إلى الأبيان السالفة الذكر لوجدنا أن المتنبي لم يستطع أن يحقق من طموحاته الحسية المادية
( البحث عن وزارة ) أي هدف اللهم إلا ما حققه فيما سكبه لنا من أبيات متفردة سلبت اللب الإنساني أما
شاعرنا العمري فقد أحال شكواه إلى الحياة التي بدت مرتسمة في حروفه مع ( تاء التأنيث الساكنة) في
قوله ( خدعت ـ ودعت ـ رقصت ـ تبسمت ـ استمرأت ـ أوهنت ـ جارت ـ ) و كلها إحالات مرضية أحلتها
الحياة المرة لنا و للشاعر لتحدث فراغاً نفسياً يتمثل فيما يشبه الصدمة الاجتماعية فالحياة على الحقيقة كما
صورها شاعرنا العمري امرأة خداعة لا تبعث في النفوس إلا الأسى و الحزن و لا تعكس في صفحة وجهها
إلا الأضغان و لا ترقص إلا على رجع الأنين في نفوس من تعذبهم ببريق أملها و كأنها إذا تكشرت مبتسمة
بدا الحزن وراء أنيابها إنها تختزن لنا جمرة الشجون و لكنها في النتيجة تضعف بتلاعباتها حتى الأحنف القيسي الذي تجاوز بصبره و حلمه عصره .
إذن نحن أمام شكوى من شاعر ( العمري ) يبحث في تيارات العواصف المندفعة عن غيمة يستوطن في
خدرها عله يجد استراحة الفارس بعد معارك عظيمة مع قيم عصرية بدأت تتحول إلى مصالح خاصة يؤطرها
الناس لأنفسهم و كأن العمري يريد أن يلمح لنا إلى أن الناس في عصرنا يلبسون جلود الأرانب و لكنهم
يحنون على قلوب الثعالب .
فالمروءة بكل معانيها لا تجدها في أي مكان في الزمن الذي نعيشه و إن وجدتها فإنك تجد شياطينَ من شياطين القيم المادية يختبئ وراءها و هذا يحيلنا إلى قول الشاعر العربي :

مررت على المروءة و هي تبكي فقلت عــــلام تنتحـــب الفتـــاة
فقالت كيـــــــف لا أبكي و أهــلي جميعاً دون أهل الأرض ماتوا
إن شكوى شاعرنا العمري من النكوص القيمي الذي حل بالناس يستدعي الكثير من الشكوى الشعرية التي
أطلقها شعراء في عصور خلت و انظروا معنا إلى قول العمري :

ما أكثر الإخوان حولك في الرضا طراً و أكـــثر فيــــهم الخوانـــا
يا للزمــــــــــان المر في خطراته أغلى المتاع و أرخص الإنسانا

ثم افتح مذكرة الشعر العربي لتجد أن حسان بن ثابت قد أطلق تلك الزفرة و اشتكى الشكوى نفسها حين قال :

أخلاء الرخــــــاء هم كثير و لكن في البلاء هم قليل
فلا يغررك خلة من تؤاخي فمالك عنـــــد نائبة خليل

حقاً أيها العمري ما أكثر الإخوان حولك في الرضا فإذا ما احتجتهم تطايروا من حولك و صدق رسول الله
صلى الله عليه و سلم حين قال : (( الناس إبل مائة لا تجد فيهم راحلة )) لقد أذقتنا أيها العمري بكلماتك
الشفافة ما ذقته من هذا الزمان المر فالفساد قد أهدر المجد و الجهل قد شتت الشمل و الكرام تعاموا عن
الفلاح و تصدر مجالس القوم ( الرويبضة ) و ادعى أراذل الناس الحكمة و هم يميلون بميزان الحق و حقاً
ما قلت :
مَـا أَضْيَـقَ الأَزْمَـانَ فِـي سَعَـةِ الـمَـدَى=إِنْ أَرْجَفَـتْ بِـسِرَابِهَا الأَذْهَانَــــــا

لقد سقط الوفاء و فقد الأصحاب الصادقون و أطبق الزمان بأنيابه على جسد القيم الإنسانية و كأننا بالعمري شاعراً يحمل إلينا ريحانة الصداقة التي مثلها شاعرنا العربي حين قال :

صديقي من يقاسمني همومي و يرمي بالعداوة من رماني

و لو أنا استعرضنا القيم الشهمة و مكارم الأخلاق التي ألمح العمري إلى افتقادها في عصرنا هذا و التي
حملها إلينا بمفاهيم جديدة لاحتجنا إلى أن نقرأ النص قراءة ( قيمية ) تفتق كل المعاني الإنسانية الخيرة
التي دعا إليها الشاعر و لعرفنا مقدار القيم الصماء السوداء التي نبذها شاعرنا العمري و كأنه يريد ان
يؤكد أن للعربية ( لاميتان ونونيتان ) ( اللامية الأولى هي لامية الشنفرى ) و ( اللامية الثانية هي لامية
الطاغرائي ) و ( النونية الأولى هي نونية المتنبي ) التي أشرنا إليها في البداية و ( النونية الثانية هي
نونية العمري ) التي مثلت طوابع الزمان المر في عصرنا الحاضر .
إن الأخلاقيات التي دعا إليها الشاعر في هذه النونية تستدعي منا مبحثاً آخر يؤطر للقيمية التي نحن بحاجة
إليها في زمن أفلت نجومه المشرقة .
الذاتية المغرقة في شكوى الشاعر العمري ( حاتم قاسم )
لا نستغرب إذا أطلقنا منذ البداية حكماً نقدياً يشير إلى أن معظم الشعر العربي شعر ذاتي وجداني يحمل هم

الشعراء إلى الواقع المحيط بهم و يبرز شكواهم الذاتية مما يحل بهم على مر الأزمان و انظر معي أيها القارئ إلى قول العمري :


دَعْ عَــنْــكَ قَــهْــرِي يَــــا زَمَـــــانُ فَـإِنَّــنِــي=أَمْـــضِ ـــي وَخـــطْــــوِي رَاسِـــــــخٌ أَرْكَـــانَــــا
أَنَــــا لَــسْــتُ ذَا بَــطَــرٍ وَلا أَنَــــا بِــالـــذِي=بَـــــــــد أَ الـــــصُّـــــدُودَ وَآثَــــــــــرَ الــهِــجْـــرَانَـــا
مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَـى=لَــــكِـــــنْ إِبَـــــائِـــــي يَـــــأَنَـــــفُ الإذْعَـــــانَـــــا
أَنَـا مَــا غَضِـبْـتُ مِــنَ المُـنَـاوِئِ بَاغِـيًـا=لا يَـــبْـــلُـــغُ الـــبَـــاغِـــي لَـــــــــدَيَّ مَـــكَـــانَــــا
وَغَضِبْتُ حِينَ الجَوْرِ غَضْبَةَ نَاصِرٍ=لِــلـــحَـــقِّ يَــــأبَـــــى أَنْ يَــــعُـــــضَّ بَـــنَـــانَـــا

سأســــير دربي ما حييت مســـــددا و مقارباً كـــي أحرز الإتقـــانــا
فما قاله الشاعر في
الأبيات السابقة لو رحنا نبتسر منه كلمة ( قهري – خطوي – لست ذا بطر – لكن إبائي – أنا ما غضبت – سأسير دربي )
لوجدنا أن شكوى الشاعر هي شكوى تنبع من حناياه و تخص
ذاته أولاً و إن كانت هذه التجربة الذاتية هي تجربة موضوعية من حيث إن الزمان لم يحقق للطامحين إلا
النزر القليل و هذا ما جعل الشاعر يصر على تحقيق أهدافه و متابعة مسيره

سأســــير دربي ما حييت مســـــدداً و مقارباً كـــي أحرز الإتقـــانــا
أدعوا إلى الحق القويـــــــم منافــحاً عنه و أورد نبعه الــظمــآنــــا

حقاً إن الشاعر يتوق إلى أن ينهل من مبادئ الحق القويم الذي ينافح عنه مبتغياً رضا الله و جافياً رضا الناس

لا أرتجي عند الأنــــــام غــنــيمــــة بل أرتجي من ربـنـا الرضوانــا

القيم التصويرية و التعبيرية في نص العمري ( حسين الهنداوي )

لا شك أن المتقري لنص الزمان المر للشاعر سمير العمري يكتشف منذ العبارة الأولى و حتى أخمص العبارة

الأخيرة أن شاعرنا متجذر في ساحة التراث متأبط ٌ له بحيث أنك لا تستطيع أن تفرز الشخصية العمرية عن

العبارة التراثية فتراثنا الشعري العربي يحمل في طياته سبائك من الذهب الكلامي الذي يجعل بلاغة العرب
في الصف الأول من البلاغات الأدبية العالمية فكل عبارة في هذا النص تعبيرية كانت أم تصورية تغترف من
معين شعراء التراث بعضاً من جمالياتها و هذا ما جعل النص يختزل بلاغة أكثر الشعراء الذين سبقوه
فالحياة في قيم الشاعر التعبيرية امرأة خداعة ترقص على رجع الأنين و هذه قيمة تصويرية و تبتسم لأبناها
بخداع و هي مستمرئة لخمرة الشجون و هذه عبارات كلها مستقاة من معين التراث و كأن شاعرنا العمري
في نصه صنه ما صنعه صاحب الألفاظ الكتابية ذاك الذي جمع جماليات العربية في كتيب صغير .

فالنص الذي بين أيدينا نص يحمل جماليات العبارات الشاعرية العربية منذ القديم و حتى يومنا هذا فـ
ـ ( الزمان مرٌ يغلي المتاع و يبخس الإنسان ) و ( الكرام يصدفون عن الفلاح و يميلون بميزان الحق )
و ( الزمان نفسه ضيق ) و كأننا بالشاعر يصوغ ديباجته على طريقة البحتري مرة و المتنبي مرة أخرى
و ابن زيدون تارة ثالثة و لكنك حين تمعن في القيم التصويرية لهذا النص تجد أن الخيال فيه استقل حافلة ضيقة و أسر نفسه بعربة صغيرة تحمل من مكنونات القيم التعبيرية و العواطف الجامحة الصادقة أكثر مما
تحمله من التشبيهات و الاستعارات و ليتني بالشاعر يطلق العنان لذائقته الإبداعية و يترك لحصان شعره أن
ينطلق فاتحاً جناحيه و عابراً حدود المسيسبي إلى المتوسط فالمحيط العربي لينقل لنا جماليات الزمن المر الذي أذاقنا بعاطفته ما لم يذقنا إياه بصوره .
للشاعر أن يقف في مصاف شعراء التراث الذين حملوا على كواهلهم أن تبقى صكوك النقد اللفظي العربي
كما صنعها شعراء العصر الجاهلي أو كما أرادها شعراء العصر الأموي .

نادية بوغرارة
27-06-2010, 01:45 PM
منقول :

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=11579


أمام خيمة د.سمير العمري
أحمد الفلاسي


الأستاذ الفاضل د.سمير العمري..
لقد جئت زائرا قصيدتك بل رائعتك التي رددت بها على أختها رائعة شاعرنا الجميل علي المعشي فلم أجد موضع قدم لشدة الزحام لذا أفردت لسلامي هذاالمكان وقدمت هذه الحروف التي ولدت لتوها دون مراجعة إعلانا بكامل اعترافي وإقراري أنك شاعر حق لهذه الألوف أن تزدحم أمام هالات قصيدك.



شعراً أرى أم ومض نجم زاهر=أم عقد در بين كفيْ ناثرِ
أم ديمة وقف الهجير أمامها=فغدت تحييه بكفٍ ماطر
هذا القصيد فلا تلمني مسمعي=لو خان عهدكَ في المحافل ناظري
قد كنت تصغي للحمام مغردا=فاعجب لإصغاء الحمام لشاعر
هو ذا سمير فيا حمامة أفسحي=حتى أروي بالهديل مشاعري
َأَلَقٌ أحار إذاأُخِذتُ بوصفه=حتى أرى الأوصاف تسبق خاطري
وإذا وقفت مع الوفود ببابه=لم ألق بين الجمع موضع ناظر
الشعر قول يا سمير فكيف بي=ألقاه عندك نفث حرف ساحر
رَبَّ القريضِ أدم رهامك إنني=ألفيت جدبا في مسمى شاعر
ورأيت إفلاسا تردى بالغنى=ولصيق جبن في عباءة قاهر
عجزوا عن النظم الأصيل فأودعوا=أجواف لفظ كل سقم عاثر
من لم يحط بالضاد كان كلامه=كالدقل يحشى كل سوس ناخر
وردوا السراب فما عسى أن ينهلوا=إلا خسارا بئس مثوى الخاسر
لو قلت إن الشعر قبلك لم يكن=شيئا فما أشبعت فيك سرائري
ذكرتني في النظم أحمد سابقا=وطلعت أحمد في الزمان الحاضر
عذرا إذا جف اليراع فإنه=طلٌ ومدحك عرض بحر زاخر

ملاحظة:أحمد السابق هو المتنبي وأحمد الحاضر هو شوقي.

نادية بوغرارة
27-06-2010, 02:03 PM
= منقول =

شعر :محمد إبراهيم الحريري

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=13724


تهنئة
الأخ الدكتور سمير العمري

عشرة الآلاف تغري عبري= فتهانينا سمير العمري
من قوافي الشكر مليون منى=أجرها مثل أيامى فكري
يا خميل الضاد هــيـا إنني=ثمل الحرف لبحر مسكر
بكوؤس الوصل هاجت صبوتي=لسلاف من عذارى أسطري
يا نديمي هاتها عذراء لي=خمرة توئد فتيا حذري
تحت ظل البوح هيـَّا واسقني=طـَـفـْـلـَة َ الأنس بشتى الصور
راودي بالضاد خجلى أحرفي= لم أعد أخشى بنات الغــِيـَر ِ
وقميص العذر قـُدِّيْ قبلا=فالنجوم استشهدت من سمري
تحت نخل الملتقى هيا بنا=نلثم الذكرى بفيه عطر
هذه ليلة أنسي والهوى=رتــَّلَ المعنى بعين الأحور
ليلة الأنس حذار غفلة=يا عروس الشعر غنِّي درري
واخلعي جلباب شيبي لم أعد=أغبر العين ومهوى الضرر
وافتحي صدري بوجداني جرى=مركب العشق ببحر العمري
بسمة الحب أريني ثغره=يتهام َ الشعر مثل المطر
وعتاق الضاد تغزو واحة=بحروف من مدار القمر
من يدارِ ِ يا فتاتي خجلا=خفقة َ الوجد ِ يكنْ كالحجر
فاجعلي مهد لقائي طاهرا=كنقاء الروح ليل السمر
وعلى ناي السهارى رتلي=نغمة الترحيب أهلا قدري
واجعلي متكــأ من حبق= ومن السندس مهد َ العبر
وزرابيَ فؤادي موطئا=ومن الفل وسادَ الفكر
لا تلمني عاذلي في دمعة=تتلظى كعسيس النذر
لست إلا شاعرا ألحانه=درجت فيها جواري كبري
شارد الألفاظ يهذي ألما=يتراءى كسراب الوطر
وإذا الناس تمتطت سحرا=يغتدي بالآه طيف الخبر
بين شك ويقين وأسى=يمتح الشكوى بدلو حـَذِر ِ
كقوارير متى لامستها=بلظى كــفٍّ فتاتا يُكسرِ
كزجاج الصبح نورا آيتي=خلقت تهوى ضياء السور
زفرة العذل تراها غيمة=حملت إثما بريح صرصر
لائمي ارحم فؤادي لم يكن=مرود الثكل لعين المبصر
بسمة القلب تداوي صبوتي=وصدود الشك يعمي سيري
جرعة الكيد سقوني غيلة=بكوؤس ضامني قول احذر
فرمى الغدر بقايا رجل=بين فـَكـَّيْ ذئب ِ بـِيد ِالغــِيـَر ِ
لم يروا طمريه أسمال عـُرا=تحتها ظل بقايا بشر
لست يا صاح وضيعا يزدرى=ببقايا من كؤوس العكر
وسلوا قلبي عن خلانه=كتبوا بالصدق فجرالسمر
سيرة الحب سميري شاهد=فاقرؤوها تعرفوا ما قدري
كم تسامرنا على قافية=وشواطي الخير بحر السهر
ورمى كل بحرف لم يزل=يخلد الذكرى بماء الكوثر
خذ كوؤس الروح يا ساقي الهوى=لسمير تحت ظل العمري
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الأخ الدكتور تحية والله تستحق أكثر لكن الخيال تواطأ مع قافية البحر وتبنى تمرد مجداف الألفاظ فكانت التهنئة قاصرة الحرف كليلة البصر صيدها غير عبر حبي ودرر مشاعري .
لك الحب

=================


الأخ الحبيب الدكتور سمير العمري
قبلة حرفي ومحجة بياني
تحية

يا أخي في الله هذي عبري=فوق روض الحب تهمي فكري
واحة الأشعار غنت وانبرت=بتحايا من شفاه السكر
بكمو الذكرى ثريا فلكي=بـَسُمـَتْ جذلى لوجه القدر
وسها ضادي في واحتكم=رشدت حرفا بوزن القمر
حرف ود هامسا قلت انثري=بل صبا وجدان قلبي واشكري
غايتي حرف فابدى خجلا=ويح شعري عسجد هيا انثري
فإذا العشرة آلاف بها=زاد فضل من صباح مسفر
سكب الشعر عليها بهدى=رشفة الثغر بدوح الثمر
يا صديقي ليس حقي ابدا=غير لثم الخد يا بن العمري
هاتها عذراء من خد الوفا=قد أبحت العذر من فيه طري
(لا يجازى الحر) صدقا مثله=إن يكن شرطي فهذي نذري
لست إلا شاعرا حطت به=برؤى سلطان عيس البصر
لم يزل للعهد يبدي أسفا=ضل قبلا عن رشاد السور

رحلة الأنس بدوح جمعت=كل مشتاق بواد مثمر
سيدي (لا تنس أسرانا) فلي=( أيها الراحل) اطلق تشكر ِ
مركب العشق بماء طاهر=أبحر القلب بليل مقمر
لم يكن مجدافه من خشب=بل ورود من عذارى الصور
يا منى الريان بحري منكمو=شاطأ السلم بلوح القدر
ارحم القلب الذي فوضته=لالهي من عظيم الشرر
بعد رب الكون من لي غيركم =فارحم القلب سمير العمريـــــــــــــــــــ ـــــــ
تحية متجددة إن عدتم عدنا حتى تضع الأقلام أحمالها

آمال المصري
27-06-2010, 08:09 PM
[SIZE=4][B] منقول ....

الدكتور سمير العمري

و هو كما عرف بنفسه طبيب صيدلاني ، فلسطيني مقيم في السويد من مواليد 1964 ،و قد كتب الشعر و القصة فنجح فيهما و أبدع ، و من قصصه اخترت : ( النحلة و الدبور ) و من شعره اخترت ( عين التأمل )
آ – النحلة و الدبور
في هذه القصة يلجأ الدكتور سمير إلى الرمزية فيربط من خلالها الكسل و الخمول بالتطفل و العدوان ، بينما يقدس من ناحية أخرى العمل و الإنتاج و إعمال الفكر و الإجتهاد ، فرمز إلى الخمول و العدوانية بالدبور و رمز إلى النشاط و العمل الدؤوب بالنحلة ، و استمر الصراع بين عالم الدبابير و عالم النحل ، إلى أن قدمت إحدى النحلات العاملات اقتراحا قد يجنب جميع المخلوقات اللطيفة من عصافير و فراشات و نحلات إبر الدبابير اللاسعة و أزيزها المزعج :
" أَرَى أَنْ لا نَطْرُدُهَا وَلا نُدَابِرُهَا ، وَلا نُعَامِلُهَا بِذَاتِ أُسْلُوبِهَا ، بَلْ دَعُونَا نَفرِضُ عَلَيهَا أُسْلُوبَنَا فَنُرْهِقُهَا بِالحِلْمِ وَنُغْرِقُهَا بِالعَسَلِ ؛ فَإِمَّا أَدْرَكَتْ قِيمَةَ العَمَلِ وَالفِطْنَةِ ، وَإِمَّا طَوَاهَا الكَسَلُ مِنْ بَيْنِنَا وَالبِطْنَةُ. "
أما اللغة فكانت في جمل مسجعة على نسق المقامة التي برع بها أبو البديع الهمزاني .
للإطلاع على قصة (النحلة و الدبور ) كاملة يرجى استخدام الرابط التالي:
http://www.freearabi.com/النحلةوالدبور-سميرالعمري.htm (http://www.freearabi.com/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AD%D9%84%D8%A9%D9%88%D8%A7%D 9%84%D8%AF%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D 8%B1%D9%8A.htm)

ب - الشعر
برع الدكتور سمير العمري بقرض الشعر الموزون المقفى و فق علم العروض و تفعيلات الخليل بن أحمد ، و قد أخترت من شعره قصيدة ( عين التأمل ) التي جاءت بست و أربعين بيتا من عيون الشعر ابتدأها بالغزل وفق أسلوب الشعر الجاهلي و صدر الإسلام ، ثم أتبعها بالحكم وفق المنهج ذاته ، اخترت منها مايلي :
في الغزل قال :
لَوْنَ الوُرُودِ عَلَى الخُـدُودِ أَرِيقِـي
وَتَرَاقَصِي فَـوْقَ الرُّبَـى وَأَفِيقِـي
وَتَعَبَّقِي رَغْـمَ العَوَاصِـفِ زَهْـرَةً
فِيهَـا أَذُوبُ بِرَوْنَقِـي وَرَحِيـقِـي
وَاسْتَورِقِي جَدْبَ الخَرِيفِ نَضَـارَةً
تُحْيِي فُـؤَادَ العَاشِـقِ المَعْشُـوقِ
أَرْضَعْتِنِـي لَبَـنَ المَحَبَّـةِ سَائِغَـا
وَفَطَمْتِ أَجْنِحَتِـي عَـنِ التَّحْلِيـقِ
وَبَنَيْتِ لِـي عُـشَّ الهَنَـاءِ بِقِمَّـةٍ
فِيهَا أُرَفْرِفُ فِي سَمَـاءِ سُمُوقِـي
يَا أَنْتِ يَا قَدَرِي إِلَيْـكِ مِـنَ الـذِي
يَهْوَاكِ كُلَّ الشَّـوْقِ كُـلَّ شُـرُوقِ
القَلْـبُ لَـمْ يَهْنَـأْ بِـدِفْءِ لِقَائِـهِ
حَتَّـى دَهَـاهُ الدَّهْـرُ بِالتَّفْـرِيـقِ
و في التأملات الفلسفية قال :

أَيْنَ المُرُوءَةُ فِي النُّفُوسِ فَمَـا أَرَى
إِلا نِفَاقَـاً فِـي فَــمٍ مَـمْـذُوقِ
أُمٌّ تُغَادِرُ فِـي الخُطُـوبِ وَلِيدَهَـا
وَأَبٌ يُـبَـادِرُ نَسْـلَـهُ بِعُـقُـوقِ
وَابْنٌ تَجَهَّـمَ وَالِدَيْـهِ وَلَـمْ يَـزَلْ
مُتَرَنِّـحَ الخُطُـوَاتِ كَالبِطْـرِيـقِ
وَأَخٌ يَبِيـعُ مِـنَ الشَّقَـاءِ شَقِيقَـهُ
وَيَظُـنُّ أَنَّ المَـالَ خَيْـرُ شَقِيـقِ
وَالزَّوجُ تَخْدَعُ وَالأَقَـارِبُ تَـزْدَرِي
وَالجَـارُ يَمْنَـعُ جَاحِـدَاً لِحُقُـوقِ
و اختتمها بقوله :
مِحَنٌ لَهَا حِلْـمُ الكَرِيْـمِ وَصَبْـرُهُ
وَالصَّبْرُ أَعْظَمُ مَا يُفَـرِّجُ ضِيقِـي
هَتَكُوا حِجَابَ الحَقِّ فِـي بُهْتَانِهِـمْ
بِالـزُّورِ يَحْمِـلُ عَاتِـقُ التَّلْفِيـقِ
زَعَمُوا بِأَنَّ الخَيْـرَ غَايَتُهُـمْ فَهَـلْ
لِلخَيْرِ دَرْبٌ فِـي اقْتِـرَافِ فُسُـوقِ
هَـذَا ابْتِـلاءُ اللهِ بَيْـنَ عِـبَـادِهِ
يَبْلُـو فَرِيقَـاً مِحْـنَـةً بِفَـرِيـقِ
مِحَنٌ لَهَا حِلْـمُ الكَرِيْـمِ وَصَبْـرُهُ
وَالصَّبْرُ أَعْظَمُ مَا يُفَـرِّجُ ضِيقِـي

شاعر لا يقل بنظري عن زهير بن أبي سلمى أو عن أبي تمام ، ذاك هو الطبيب الأديب الدكتور سمير العمري .
للإطلاع على قصيدة (عين التأمل) كاملة يرجى استخدام الرابط التالي :
http://www.freearabi.com/عينالتأمل.htm (http://www.freearabi.com/%D8%B9%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D 9%84.htm)
*****
----------------------------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب

نادية بوغرارة
27-06-2010, 08:41 PM
كل الشكر لك أختنا رنيم على الإضافات المميزة التي تضعينها على هذه الصفحات .

دمت معينة على الخير ، متفانية لأجْله .

وفاء شوكت خضر
27-06-2010, 08:48 PM
أَيْنَ المُرُوءَةُ فِي النُّفُوسِ فَمَـا أَرَى
إِلا نِفَاقَـاً فِـي فَــمٍ مَـمْـذُوقِ
أُمٌّ تُغَادِرُ فِـي الخُطُـوبِ وَلِيدَهَـا
وَأَبٌ يُـبَـادِرُ نَسْـلَـهُ بِعُـقُـوقِ
وَابْنٌ تَجَهَّـمَ وَالِدَيْـهِ وَلَـمْ يَـزَلْ
مُتَرَنِّـحَ الخُطُـوَاتِ كَالبِطْـرِيـقِ
وَأَخٌ يَبِيـعُ مِـنَ الشَّقَـاءِ شَقِيقَـهُ
وَيَظُـنُّ أَنَّ المَـالَ خَيْـرُ شَقِيـقِ
وَالزَّوجُ تَخْدَعُ وَالأَقَـارِبُ تَـزْدَرِي
وَالجَـارُ يَمْنَـعُ جَاحِـدَاً لِحُقُـوقِ
و اختتمها بقوله :
مِحَنٌ لَهَا حِلْـمُ الكَرِيْـمِ وَصَبْـرُهُ
وَالصَّبْرُ أَعْظَمُ مَا يُفَـرِّجُ ضِيقِـي
هَتَكُوا حِجَابَ الحَقِّ فِـي بُهْتَانِهِـمْ
بِالـزُّورِ يَحْمِـلُ عَاتِـقُ التَّلْفِيـقِ
زَعَمُوا بِأَنَّ الخَيْـرَ غَايَتُهُـمْ فَهَـلْ
لِلخَيْرِ دَرْبٌ فِـي اقْتِـرَافِ فُسُـوقِ
هَـذَا ابْتِـلاءُ اللهِ بَيْـنَ عِـبَـادِهِ
يَبْلُـو فَرِيقَـاً مِحْـنَـةً بِفَـرِيـقِ
مِحَنٌ لَهَا حِلْـمُ الكَرِيْـمِ وَصَبْـرُهُ
وَالصَّبْرُ أَعْظَمُ مَا يُفَـرِّجُ ضِيقِـي

أقتبس هذه وأقول ..
هذا هو حال البشر متقلبين حتى مع خالقهم فكيف يكونون مع خلقه ..

شكرا لك ناديا ..

نادية بوغرارة
28-06-2010, 10:28 AM
كلي شكر للغالية وفاء ، رمز الوفاء و النقاء و الصفاء .

دمت .

نادية بوغرارة
28-06-2010, 12:34 PM
قراءة في رائعة د. سمير العمري ,..ياشآم

للأستاذ خليل حلاوجي .

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=22539


كنت اقول ولازلت ... ان على الاديب أن يسير امام الجمهور لاخلفه
ومادعاني لذلك أني وبكل أسف ومرارة أقرأ الادب العربي الآن في صيغته المخيالية المقيتة كأنه يقر بعقم فضاءنا الفكري اليوم ونحن نخوض أشد مواجهاتنا الحضارية قسوة ً ...

وعندما أقرأ للأديب الكبير ... العمري

تغادرني بعض حالاتي التشاؤمية ...

انه الرجل الذي عاهدنا ان يجعل الفكر القائد للشعر ...

هنا في هذه القصيدة يجود علينا شاعرنا بطرح رؤية لاأقول جديدة بل رؤية تحفزنا على الاستبصار وتجعلنا نبحث عن دواعي حضور هذه المشاعر النبيلة ...

فالشاعر لايخص الشام _ الارض _ بقصيدته انه يخاطب دار النصر والحشر واهلها

أَنَا المُتَيَّـمُ يَـا شَـامَ العُـلا فَدَعِـي
مِنْ طِيبِ رُوحِكِ فِي رُوحِي الذِي عَلِقَا

وهنا يمتزج الشاعر ويذوب في روح السمو التي نفثتها ارض الشام للبشرية أوليست هي دار الديانات _ روح الانسانية _ والناس اليوم في تصحر الروح فهي دواء العطش

ثم ينتقل بنا الشاعر

يَا شَامُ فِيكِ صَبَابَاتِـي فَـلا اخْتَلَفَـتْ
وَفِيـكِ بَـابُ مَسَرَّاتِـي فَـلا انْغَلَقَـا


لكأنه يقول عن فلسطين وهي تربته ... انها ارض الشام التي لن تنغلق في وجهه ... وهو من شامويوا او فلسطينيوا الشتات .. بدليل انه يعزز قوله في بيت ٍ تالِ ٍ فيقول

أَلَيسَ أَصْدَقُ أَهْـلِ العِشْـقِ أَخْفَرَهُـمْ
عِنْـدَ اللِقَـاءِ وَأَضْنَاهُـمْ إِذَا افْتَرَقَـا


ويقول

إِلامَ لَهْـفَـةُ أَشْـوَاقِـي تُنَازِعُـنِـي
إِلَى ثُـرَاكِ تَبَارِيـحَ الضَّنَـى طُرُقَـا
وَهَلْ سَتَرْسُمُ فِي الأَحْدَاقِ يَـا بَـرَدَى
مَتَى التَّقَينَـا مَسَـارَاتٍ لِمَـنْ عَشِقَـا
وَغُوطَةً هَفْهَفَ الحُسْـنُ البَدِيـعُ بِهَـا
وَزَادَهَا النَشْرُ مِنْ رِيحِ الصّبَـا أَنَقَـا


ويقول
وَمِنْ حَمَاة إِلَى حِمْـصٍ إِلَـى حَلَـبٍ
رَأَيتُ دَارِي وَفِي حورَان أَهْـلَ نَقَـا


لقد صرح هنا انه رأى داره ... !!!

ثم ينتقل الشاعر الى اخطر ابياته الفكرية ....
فيقول
بَنُـو أُمَيَّـةَ لَـمْ تَفْتَـأْ حَضَارَتُـهُـمْ
تَزِيـدُ تَدْمُـرَ مَجْـدًا فَـاقَ وانْعتَقَـا

فهوتنبه الى خطأ جسيم وقع كثيرون هنا ، كون الامويون لم يصنعوا حضارتهم لان الشام موطنهم .

ان الانسان هو الوطن الحقيقي لا التراب ، الانسان المشبع بالقيم المجدية النافعة ، قيم التسامح وقبول الآخر ... قيم الاسلام
فلا فخر لبنو امية ولا فخر للشام في حضارتنا
فحضارتنا صنعتها قيم قرآنية في منهاجنا المهيمن
فحيث العدل فثمة شرع الله
والعدل ماهو بقيم مطلقة معلقة في الهواء ... انه العدل .. روح الاسلام في مضمون التوحيد
وحين يبغتنا من يقول ان بنو امية فيهم من جعل الناس أسرى رؤيتهم فساقوهم كما زعموا بقضاء الله وقدره وخدعوهم ان شرعة السلطان هي شرعة القرآن .
نرى الشاعر يصحح لهم و يدهشنا حين يقول

فِي عَهْدِهِمْ نَطَقَـتْ بِالفَخْـرِ شَاهِـدَةً
يَدُ الفُتُوحَاتِ أَنَّ الوَعْـدَ قَـدْ صَدَقَـا

ويقول
مَـا المَجْـدُ إِلا دَمُ الأَحْـرَارِ تَبْذُلُـهُ
بِتَضْحِيَـاتٍ وَلَيـسَ الفَخْـرَ وَالأَنَقَـا


وَلَو غَدَا مَجْدُنَـا حِبْـرًا عَلَـى وَرَقٍ
وَلَيسَ إِلا حَرَقْـتُ الحِبْـرَ وَالوَرَقَـا

ويأخذنا الشاعر لنتجاوز الامويون في ارض الشام ليحدثنا عن الشام في زمن غير زمان آل امية

انه زمن الشعر والفكر حيث عقلاء الملة لازالوا لحد ساعة الله هذه يتغنون بجلالك ياشام وجمالك ..
ليضع اسمه في قائمة المادحين الذي اعلنوا الولاء في العشق لهذه الارض الطاهرة



أَبُو فِرَاس سَقَاكِ الشِّعْرَ كَـأْسَ عُـلا
وَالبُحْتُـرِيُّ تَغَنَـى فِيـكِ وَانْطَلَـقَـا
وَكَـمْ أَجَـازَ أَبُـو تَـمَّـام قَافِـيَـةً
وَأَبْـدَعَ المُتَنَبِّـي فِـيـكِ وَاسْتَبَـقَـا
وَمَا قَصِيدِي وَقَدْ قَالُـوا سِـوَى أَثَـرٍ
كَالشَّمْسِ غَابَتْ وَأَبْقَتْ بَعْدَهَـا الشَّفَقَـا
هُوَ ابْتِهَـالُ فُـؤَادٍ فِيـكِ ذَابَ هَـوَى
وَبَابَ فَجْرِكِ يَـا لَيـلاهُ قَـدْ طَرَقَـا
فَسَابِقِي الدَّهْـرَ لِلعَلْيَـاءِ فِـي شَمَـمٍ
وَعَانِقِي النَّصْرَ فِي عِزٍّ وَطُـولِ بَقَـا

وهكذا يضع سمير العمري بصمته ... وهو واثق كل الثقة من سمو مشاعره في معشوقته ... الشام

ريم محمد
28-06-2010, 11:46 PM
شكراً بحجم قاسيون الشام لك أختي الكريمة نادية على هذا المتصفح الجميل

ولمن لا يملك الموهبة والإمكانية الأدبية ليكتب عن أستاذنا د. سمير العمري

كحالي طبعا :002:

يكتب دعوات من صميم القلب والروح والأخوة في الله


تقديري

نادية بوغرارة
15-01-2011, 12:24 AM
بطاقة للعزيز الدكتور سمير العمري

للشاعر : ماجد احمد الراوي .

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=569073&posted=1#post569073



تُهدى التحيةُ من قيسٍ ومن مضرِ = إلى سمير العلا ذي الرفعة العمري
المنصف الشعر والكاسيه مفخرةً = أخو الوفاء ومن طبع النفاق بري
والمرجع الأمر للدرب القويم إذا = خاض الأنام بطين المين والكدر
والموضح الحق إذ أودت به سُدَفٌ = حتي تلألأ فوق الأفق كالقمر
حُييتَ ياابن فلسطين العلا فلقد = أثبتّ أنك بالمجد الأثيل حري
سقاك رب السما غيثا نعمت به = ورحت ترفل بالإسعاد والظفر

نادية بوغرارة
13-12-2011, 01:04 PM
قُبلة على جبين العمري

إلى الأمير .. ( سمير العمري ) عرفانا وامتنانا ومحبة


شعر : مصطفى حسين السنجاري

سميرَ القوافي عَشِقْتُ حِسانَكْ
***سيَقْتُلُ قلبي ،إليها، حَنينُهْ

فَلَوْ شامَ قَيْسٌ مَعي.. أقْحَوانَكْ
***لَجُنَّ بِها قبلَ ليلى جنونُهْ

وَتَعْشَقُ مِثلي الحَمائِمُ بانَكْ
***وَمَنْ مِثْلُ بانٍ تَميسُ غُصُوْنُهْ

تَجَسَّدَ زَهْوُ الجمالِ فَكانَكْ
لأنَّكَ أَنّى تكونُ تَكونُهْ

مَلأْتَ بِكُلِّ فُؤادٍ مَكانَكْ
لأَنَّكَ راقي الفُؤادِ حَنُوْنُهْ

عَقَدْتَ معَ الخيرِ ، أنتَ ، قِرانَكْ
وعاهَدْتَهُ أن ..فكيفَ تَخوْنُهْ

وَلَوْ يَكُنِ الخيرُ شَخْصاً لَكانَكْ
على كَفِّكَ ،الخيرُ، حَطّتْ شُؤوْنُهْ

وأَدْمَنَ تَقْوى الوجودِ احتِضانَكْ
ويحْتَضِنُ الغافِلينَ مُجُوْنُهْ

فَكمْ لَكَ مِنْ مَوْقِفٍ صانَ شانَكْ
وَحَسْبُكَ مِنْ تاركٍ ما يشيْنُهْ

تَمنُّ سَخاءً وَتُبْدي امْتِنانَكْ
كما لوْ أَعانَكَ مَنْ قَدْ تُعينُهْ

وَكَمْ خانَ عَهْداً صَديقٌ وَخانَكْ
وَأرداهُ مِنْكَ وفاءٌ يَصوْنُهْ

أيا مَوْقِداً كَمْ شَهقْتَ دُخانَكْ
وَتَحْسبُ أنَّ الدّخانَ يُدينُهْ

فَتَحْلمُ إذْ ما سَفيهٌ أهانَكْ
وَمَنْ ذا يَهينُ الذي لا يُهينُهْ

وللهِ دَرُّكَ تُزْجي بَيانَكْ
يعزُّ على سامِعيْهِ قَريْنُهْ

إذا ما نَطَقْتَ ..نَضَدْتَ جُمانَكْ
كَأَنْ مِنْ جَبينِكَ عَبَّ جَبينُهْ

تُغازِلُ شَرْوى الحبيبِ بَنانَكْ
إذا ما أتيتَ القَريضَ فُنوْنُهْ

فَمِنْ أيِّ شَيءٍ نَسَجْتَ حَنانَكْ
كأَنَّ حروفَ القَريضِ ( بَنُوْنُهْ)

فأسْحَرْتَ بالشّعْرِ فَذّاً زَمانَكْ
وَشِعْرُكَ مِنْ كلِّ شِعْرٍ عُيونُهْ

27/9/2011
سنجار

نادية بوغرارة
15-12-2011, 04:02 PM
مقارنة بين "لوعة البين" و "نونية ابن زيدون"

للناقدة / صفاء الزرقان

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=647833&posted=1#بوستط٤حضعع


المُعارضة الشعرية فنٌ قديم لجأ الكتاب إليه كأُسلوبٍ يعرض من خلاله الشاعر قدرته و مهارته الشعرية، والمُعارضة لغةً من الجذر عرض بمعنى ظهر، و(عارضه) سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. و(عارض) الكتاب بالكتاب: قابله. وقد جاء في معجم (لسان العرب) أن (المعارضة) هي المحاذاة.

وهي (اصطلاحا) أن يقوم شاعر بنظم قصيدة على غرار أخى كتبها شاعر آخر ، محاكياً القصيدة الأولى وزناً و موضوعاً و قافيةً في محاولةٍ لمُحاكاة النص الأول و التفوق عليه, و بالتالي فإن هناك نموذجاً أمام الكاتب المُعارض ليُحاكيه و يقتدي به بل مُحاولاً تجاوزه و التفوق عليه .

قامَ العديد من الشعراء بكتابة المُعارضات على مر العصور لكن هناك مُعارضات نالت شُهرةً أكبر من غيرها فكانت محط الأنظار و الاهتمام , من أشهر المُعارضات في العصر الجاهلي معارضة بين امرؤ القيس و علقمة بن عبد فقد احتكما الى أم جندب (زوجة امرؤ القيس)إذ قام كل منهما بكتابة قصيدةٍ يصف فيها فرسه بحيث تكون القصيدتان على رويٍ واحدٍ و قافيةٍ واحدة , كان حكم أم جندب أن علقمة أشعر من امرئ القيس فكان ذلك سبب طلاقها منه و زواجها من علقمة المُلقب بالفحل .
لكن المُعارضات بلغت أهميةً كبيرة في الشعر الأندلسي , لقد قام الكتاب و الشعراء في الأندلس بمُحاكاة كُتاب و شعراء الشرق قام محمد بن عبد ربه في كتابه "العقد الفريد"بمُحاكاة كتاب ابن قتيبة "عيون الأخبار " , و عارض أبو بكر الأشبوني رائية أبي فراس الحمداني و غيرها الكثير من المُعارضات . و من الأمثلة الحديثة على ذلك الفن ما قام به أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته "نهج البُردة التي تُحاكي قصيدة البوصيري "البُردة " .


" لوعة البين" للأمير الدكتور سمير العمري قصيدة كُتبت مُعارضةً لقصيدة بحتري المغرب ابن زيدون الشهيرة " أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا" التي تعرف أيضاً بنونية ابن زيدون , تُعد قصيدة ابن زيدون من أشهر القصائد التي تعرض حال الألم الذي يُعانيه المُحب جراء فقد و غياب من أحب , فهو قد كتبها يصف فيها حاله بعد فراق حبيبته ولادة بنت المستكفي , جاءت قصيدة الأمير مُعارضة لها تحمل القافية نفسها و الموضوع ذاته لكن بأُسلوبٍ رائعٍ مُباغتٍ ذكي فلم تكن فقط مُحاكاةً فقط و إنما تفوقت على قصيدة ابن زيدون في نقاطٍ سيتم توضحها في القراءة .


"لوعة البين " اللوعة لُغةً حُرقة القلب للحزن، والهوى والوجد؛ يقال: " في قلبه لوعة " أي: أسى وحزن. ولاعَه الحبُّ: أمرضه، ولوَّعه , أما البين فهو الفُرقة , نجد عبارة لوعة تصورُ الحالة الوجدانية للمُحب و شدة ألمه , لأنها كلمة رقيقة تُناسب دفئ مشاعر المُحب و قوة حبه و مرارة الفقد التي عاناها لغياب المحبوب و بُعده عنه , رقة الكلمة "لوعة " تُضاعف ألم الفقد و تنقل الصورةَ بشكلٍ دقيقٍ للقارئ , أثر الفراق ليس عادياً على ذلك المُحب الذي يُعاني اللوعة و يُقاسي مرارتها و بالتالي فإن عرض الصورة الداخلية للمُحب بدأ من العنوان و لم يكن فقط في الأبيات و هذا مما يزيد تفاعل القارئ مع ما عاناه المُحب .


"أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا " عنوان يصف تبدل الحال و تغيره من القُرب إلى البُعد و التنائي لكنه لا يُصور الحالة الوجدانية أو الألم الذي يعيشه المُحب و لم يعرض عاطفته وما يجول بداخله و إنما كان تلميحاً لما بداخله و ليس عرضاً صريحاً .



أَعَــادَكِ الـعِـيْـدُ أَمْ عَـــادَتْ عَـوَادِيْـنَـا***أَمِ اسْتَعَـادَتْ مِــنَ الـذِّكْـرَى دَوَاعِيْـنَـا
أَمْ جَـدَّكِ الوَجْـدُ يَـا نَفْـسًـا أَذْوُبُ بِـهَـا***أَمْ أَوْهَــنَ القَـلْـبَ مَــا أَفْـشَـتْ مَآقِيْـنَـا


تبدأ قصيدة "لوعة البين " بتبيان داعي التذكُر و الحسرة , فالعيد مُناسبةٌ سارة لها طابعٌ يحمل السعادة لاجتماع الأحباب و المُتقاربين فيه لكنه لمن عاش لوعة الفراق سبب حسرةٍ و ألم , الحديث عن العيد لا يتضمن أن المُحب لا يذكر محبوبه في الأيام العادية لكنه يواسي نفسه فهي أيامٌ لا تحمل شيئاً خاصاً يستدعي وجود المحبوب أما العيد فإنه لا يكون كذلك إلا بوجود المحبوب , وجوده يحول الأيام العادية إلى أعيادٍ و أفراح و غيابه يجعل العيد بائساً , فالعيد زاد من حزنه و حرقته ,فيكون لسانُ حال المُحب

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ***بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ***فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ

يصور حبه لها فهو يذوب فيها حُباً , وهذه أرق صور الحب عندما يغيب المحبوب و يتلاشى و يذوب في كيان محبوبه وكأنه لا يكون إلا إذا كان محبوبه , قلبه أصابه الضعف و هو ضعفٌ لرقةِ ذلك القلب , جادت عيناهُ دمعاً حارقاً لفراق ذلك الحبيب فرق قلبه , دموع عينه باحت بسره و أفشته و أعلنت عن حبه و حرقته .


*

أضحى التنائي بديلاً من َتدانينا***ونابَ عن طيبِ لقيانا تجافينا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا***حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا


يصف ابن زيدون حال البُعدِ الذي حل بينه و بين ولادة بنت المُستكفي بعد أن كان حالهما القُرب ,تغير الحال و تبدل , و كأن خبر الرحيل و الفراق كان نعوةً لعهدهما الذي مضى حينَ كانا سعيدين ينعمان بالقُربِ , كان فراقها بمثابة موته و نهاية سعادته .



أَشْجَاكِ مِـنْ مُهْجَتِـي نَجْـوَىً أُرَدِّدُهَـا***شِعْـرَاً يَفِيْـضُ بِغَـيْـرِ السَّـعْـدِ تَلْحِيْـنَـا
فَـصِـرْتِ لِـلأَلَــمِ المَـكْـتُـوْبِ مُـدْمِـنَـةً***وَصِـرْتِ بِالأَمَـلِ المَكْـذُوْبِ تُغْرِيْـنَـا


دموعُ عينه جعلت لسانه يفيضُ شِعراً حزين النغم , كان شعره مُناجاةً لها , كلمة " نجوى " كلمةٌ رقيقةٌ تصور رقة الخطابِ و تلطفهِ و قُربه من روحه , تصفُ حُباً روحياً راقياً و الحب أو التعلق الروحي من أسمى حالات الحُبِ و أرقاها , و معنى نجوى إظهار ما في القلب من أسرار وعواطف، السرّ. "نَجْوَى النَّفْسِ" : حَدِيثُهَا، أَيْ مَا يُوَجِّهُهُ الْمَرْءُ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى نَفْسِهِ, نقول ناجى العبد ربه دلالةً على قربه منه و شدة حبهِ له فالمُناجاة لا تكون إلا من قلبٍ مُحبٍ مُقبلٍ بصدقٍ على محبوبه , و كلمة مُهجتي و تعنى الرُّوح، النَّفْس, الدم، القلب، دم القلب، الروح. ومهجةُ كل شيء أحسنُه وخالصه, فالكلماتُ المُستخدمة رقيقةٌ جداً تدلُ على شدة القُربِ الروحي و القلبي حتى وإن كان البُعد الماديُ كبيراً و شاسعاً فإنه لم يُقلل من وهج هذا الحب بل زاده , استخدام تلك الكلمات رفع مكانة حبه فهو تعلقٌ روحيٌ سامٍ و ليس فقط تعلقاً مادياً .



مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ،*** حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا*** أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا


خبر رحيلهم كان سبباً في حزنه و امتد أثره ليكون سبباً في حُزن الدهر أيضاً على انقضاء زمان الوصل و الود , كاد الحُزن أن يكون سبب هلاكه و مرضه , فها هو الزمان يتغيرُ و يتبدل فبعد أن كان يؤنسه بقربها كان هو ذاته سبب شقائه لبُعدها عنه فكان الزمن المُضحكُ المُبكي .



قَـدْ كَـانَ عَهْـدٌ مِـنَ الفِـرْدَوْسِ نَفْحَـتُـهُ***بِأُمْسِيات كَسَوْنَـا سَـمْـتَـهَـا لِـيْـنَــا
وَأُمْـنِـيَـاتٍ بَــتُــوْلٍ مِــــنْ سُـلافَـتِـهَـا***نَسْقِـي الرَّجَـاءَ بِكَـأْسٍ مِـنْ تَصَافِيْنَـا


كان زمان الوصل بمثابة الفردوس لهما لشدة سعادتهما و أُنسهما في حال القُربِ , فاكتست هيئةُ أيامهما ليناً مُتناسيان قسوة ما حولهما , وصف أُمنياته لطهارتها بأنها بتولٌ و قرن بين لفظِ بتول و سُلاف و هي الخمر أو من الشئ خالصه فكان ذلك مما يدلُ نقائها بالرغم مما قد يُحيطُ بها من كدر فكان ربط هاتان الكلمتان سويةً سبباً يُعزز الصور و يُقويها لأن ربط و مُقارنة الشئ بنقيضه تزيد من وضوح الفارق , كان يرجو أن يدوم حالهما على ما هو عليه من تصافٍ و قُرب لكن رجائه لم يتحقق.



غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا*** بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛*** وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،*** فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم،*** هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا


حسدهم العاذل و شعر بالغيظ لرؤيتهما في هذا الحالِ من الصفاء و الود فتمنى زوال هذا الحالِ عنهما فكان الزمن مُلبياً لتلك الرغبة و مؤمناً على ذلك الدعاء فانقلب الحال , بعد اتصال نفسهما انحل ذلك الاتصال و تفرقا, انقضى زمان الوصل و حل زمان البُعد فأصبح أمل اللقاء ضعيفاً , و نال عاذلهم و مَن حسدهم ما تنمى و حل الفراق بينهما .



فَتَسْبَحُ الـرُّوْحُ نَشْـوَى وَالهَـوَى ثَمِـلٌ***وَيَقْطِـفُ القَلْـبُ بِالـشَّـوْقِ الرَّيَاحِيْـنَـا
لَكَـمْ سُقِيْنَـا بِــدَارِ السَّـعْـدِ هَـمْـسَ فَــمٍ***وَاليَـوْمَ يَسْكُـنُ جَـفْـنَ العَـيْـنِ سَاقِيْـنَـا

حالٌ من السعادة جعل روحه تُحلق بانتشاءٍ و فرح, و كان قلبه يجني ورود تلك السعادة , صورٌ رقيقةٌ مُعبرةٌ تعكس حال السعادة و الطهر الذي كان يحيطهما , العبارات و الصور تُعزز فكرة التعلقِ الروحي و تُقويها لتزداد رسوخاً , اكتسب المكان صفةَ دار السُعد لأنهما التقيا فيه حيثُ كان حديثهما همساً و مُناجاةً بصوتٍ هادئٍ رقيق لشدة الوجد و الحب , لكن عينه اليوم لا تتوقف عن البُكاء تحسُراً و ألماً لما آل إليه حالهما .



لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ*** رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ*** بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه،*** وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا

رغم البُعد و الفراق إلا أنه بقيَ على العهدِ وفياً مُخلصاً , فكان الوفاء دينه و مذهبه , كان وفاؤه موجباً لبقاء محبوبته كان فراقها موجباً لشماتة حاسده و سبب سرور مُبغِضِه , تسلل اليأسُ إلى نفسه فلم يعُد يأمل أن يعود زمان الوصل فينعمَ بقُربِ محبوبته من جديد .



وَكَــمْ قَطَفْـنَـا نَـوَاصِــي كُـــلَّ دَانِـيَــةٍ***مِــــنَ الــغَــرَامِ وَضَـمَّـتْـنَـا أَمَـانِـيْـنَـا
الـزَّهْـرُ بَسْمَتُـنَـا وَالـطَـيْـرُ هَمْسَـتُـنَـا***وَالصَمتُ رَبْوَتُـنَـا وَالشِّـعْـرُ وَادِيْـنَـا
وَرَوْضَةُ الطُّهْرِ فِي أَسْمَى مَشَاعِرِنَا***كَطَلْعَةِ الفَـجْـرِ فِــي أَدْجَــى لَيَالِـيْـنَـا


كانت أُمنياتهم بدوام حال الوصل تُحيطهم و تضمهم , يستظلون بظلها من هجير الحياةِ من حولهم , شاركتهم أرق المخلوقاتِ سعادتهم فكانت بسمتهم زهراً يتفتح على شفاههم فتُشرق وجوههم بابتسامةِ الرضى و السعادة , ينقلُ رسول الحبِ همساتهم وما من رسولٍ للمُحبين أرق ولا أرهف من الطير ,فهو يُحلق حاملاً رسائلهم و أشواقهم, كان كلامهم همساً و صمتهم ربوةٌ مُرتفعة و كأن ارتفاعها مكاناً دليلٌ على رفعتها و رُقي قدر ذلك الصمت فهو أرقى من الكلام و أبلغ حيثُ يكون كلامُ العيون أبلغ فبعض أحساسينا يظلمها الكلام و لا يفيها حقها و مما يُؤكد فكرة رفعة قدر الصمت قوله "الشعر وادينا" كلنا ندرك روعة الشعر و بلاغته في إيصال المشاعر و جماله كأسلوبٍ يُحمله الشاعر ما وقر في قلبه لكنه بالرغم من قدرته على صياغة الشعر يجدُ الصمت أفصح و أرقى , بحيث يكون الصمت أطهرَ و أنقى , يسطع الطهرُ في سمائهما ليجلو عتمة ما حولهما .



بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا*** شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا،*** يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حالتْ لفقدِكمُ أيامُنا فغدتْ***سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
إذْ جانبُ العيشِ طلْقٌ من تألّفنا***ومربعُ اللّهوِ صافٍ منْ تصافينا


يصفُ حال بكائه الدائم و جفاف جوانحه فهي لم تبتل بالماء الذي هو علامةُ الحياة و كأن جوارحه قد ماتت عطشاً , و الماء هنا هو الوصلُ و اللقاء , يستخدم هنا ابن زيدون كلمة مُناجاة أيضاً لتصوير رقةِ الخطاب و رُقيه , و تزداد روعة الخطاب عندما يقرن المُناجاةَ بالضمير حيثُ يكون شعوره الذي يُخفيه فلا يظهر إلا للخاصة , لكنه لشدة حزنه يكاد يهلك لولا أملُ اللقاء الذي يُصبرُ نفسه به , تحولت أيامُهُ كئيبةً و تبدلت لياليه فأصبحت سوداء بعد أن كان وجودها معه يُكسبُ ليلَه حُلةً بيضاء فلوجودها يتغير الليل و يُصبح أبيضاً مُنيراً , كانت أيامهم هنيئةً رائقةً صافية لصفاء حالهما و اتفاقهما فتغير الحال بعد الفراق من النقيض إلى النقيض , هذا التغيرُ في عالمه و ما يُحيطُ به ما هو إلا تصويرٌ لما حل بداخله فهي كانت تُنيرُ قلبه و روحه و بعد فراقها و غيابها كست الظُلمةُ و الكدر روحه و قلبه .



فِيْهَـا رَسَمْتُـكِ أَحْلامَـاً أَطُــوْفُ بِـهَـا***بَـيْـنَ النُّـجُـوْمِ بِنَـجْـوَى مِــنْ قَوَافِيْـنَـا
أَبُـثُّـهَـا الـشَّــوْقَ لا تَـخْـبُـوْ لَـوَاعِـجُـهُ***وَأَنْثُر الأُفْــقَ عِـطْـرًا مِــنْ مَعَانِيْـنَـا
أَعَانِـقُ الفَجْـرَ فِــي عَيْنَـيْـكِ مُبْتَسِـمًـا***وَأَلْثِمُ الـزَّهْـرَ فِــي خَـدَّيْـكِ وَالتِّـيْـنَـا


صورةُ رائعةٌ عذبةٌ لتلك المحبوبة ففي عينيها تكمن شمس الصباح و في خديها زهورٌ نضرة , رسمها كالحلمِ في رقته حملها يطوف بها عالياً في سمائه , كتبها شعراً رقيقاً يعبق بأريجٍ انتشر في كل ما يُحيطُ بهما .



وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ***قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما*** كنتم لأروَاحِنَا إلاّ رَياحينَا
لا تَحْسَـبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا***أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً***مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا


كان الوصل يُظلهما فيجنيان منه سعادةً و هناءً , يتذكر ما مضى من وصلٍ مُتحسراً لانقضائه , المُحبُ لا يرضى بغير محبوبه بديلاً و إن فاقه غيره حُسناً و جمالاً و ذكاءً , المُحب يُمثلُ لمحبوبه جمال الحياةِ و صفائها , كانت لروحه رياحينها و ورودها التي تنشر في حياته عبقاً و شذاً يُهون عليه مرارة الأيام و يُروح عنه , بالرغم من البُعد و الفقدِ إلا أنه ما زالَ على العهد مُحباً مُخلصاً لم يرضَ بغير حبيبته و لم يُبدلها.



يتبع
========



وَأَعْـصُــرُ الـوَجْــدَ آهَــــاتٍ مُـعَـتَّـقَـةً***وَأَمْــ أُ الـكَـأْسَ مِـمَّـا أَوْدَعَــتْ فِـيْـنَـا
يَا رَاحَةَ النَّفْسِ إِنْ ضَاقَـتْ بِنَـا سُبُـلٌ***وَمُتْـعَـةَ القَـلْـبِ فِــي أَقْـصَـى تَدَانِيْـنَـا
لَـقَـدْ تَـصَـرَّمَ حُـلْــوُ الـعَـيْـشِ بَـعْـدُكُـمُ***وَكَـانَ مِنْـكُـمْ كَـفَـافُ العَـيْـشِ يَكْفِيْـنَـا
وَكُنْـتُ فِـي اللُـجَّـةِ الـزَّرْقَـاءَ مَرْكَـبَـةً***تَــأْوِي إِلَـيْـكِ وَقَــدْ شَـطَّـتْ مَرَافِيْـنَـا


نعود لذكرياتها لنقتات فُتاتها علها تُصبرنا و تُعيننا , فها هو يعصر الذكريات عصراً ليُخرج كل ما فيها من وجدٍ و عاطفة, كانت هدوء نفسه راحتها و سكنها , كانت ملاذ روحه عندما تشتد خطوبُ الحياةِ من حوله و كأنها كانت زورق النجاةِ الذي يحميه و مرفأ روحه و شاطئها ,هي مُتعة قلبه , لكن الحال تغير فبعد طيب العيش و السرور بالقُرب و عطاء الحبيب و إن قل حلَ زمانُ الجدب و القحط , لم يعد يجدُ ذلك الشاطئ و لا ذلك الملاذ .



يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به***مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسـألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا***إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّـبَا بلّغْ تحيّتَنا***مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة***مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا


يطلبُ من البرق أن يذهبَ إليها , استعان بالبرقِ لقلةِ صبره فالبرقُ سيذهبُ إليها بسرعةٍ تُناسبُ شوقه و شدة اشتياقه لها , سأله أن يعرف فيما إذا كانت تذكره , و حمل النسيم الرقيق العذب تحتاً و سلاماً مُتأملاً أن يعودَ النسيمُ مُحملاً منها بالسلام ,يقول ابن الزقاق البلنسي
أما غير الخيال لنا لقاء *** أما غير النسيم لنا رسول
هذا السلامُ بالرغم من البُعد كفيلٌ بأن يروي ظمأ روحه و يُعيد له حياته , في البُعدِ هو أشبهُ بالميت يتأملُ أن يأتيهِ منها ما يُحيه و لو كان قليلاً , يتساءل فيما إذا أسعفه الدهرُ بالوصال فيُعيدُ لهما شيئاً من ألقِ ما مضى من أيام .




يَا نَفْسُ لا تَعْذِلِي المَلْهُوْفَ مِنْ شَرَقٍ***فَالشَّـرْقُ مَطْلَعُـهَـا وَالـغَـرْبُ يُغْوِيْـنَـا
أَلا وَقَـدْ غَـابَ عَـنْ عَيْنَيْـكِ مَبْسَمُـهَـا***فَلَيْـسَ إِلا الدُّجَـى فِــي عَـيْـنِ نَاعِيْـنَـا
وَلَـيْـسَ إِلا الــذِي قَــدْ أَنْـهَـكَـتْ يَـــدُهُ***قَلْـبًـا يَـــذُوْبُ أَسَـــىً لَـــوْلا تَأَسِـيْـنَـا


تعذله نفسه و تلومه لشدة حزنه و أساه عليها فكيف يتأسى و هو يُعاني غُصةَ و مرارة الفقد , "مهلا أفي وجد بسلمى تعذلاني؟" اللوم لا يثنيه و لايُغير حاله , يقول ابن زريق :
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ***قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
روحه مُمزقة , يحنُ للشرق إلى أصالته لكن الغرب ببريقه يجذبه , يصور الصراعُ الذي يدور بداخله فيزدادُ حجم ألمه , لم يَعد بإمكانه رؤية وجهها , رؤيتها تُعيد له الحياة و غيابها عنه يُمثل موته, لغيابها ذاب قلبهُ حُزناً لكنه يؤمله باللقاء فيحيى على ذلك الأمل .




رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأ***مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجه***مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ***تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته***بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ***زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَ
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً***وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟



يتغنى ابن زيدون بجمال محبوبته و يصف علو مكانتها و رفعتها فهي ليست كباقي البشر , البشر خُلقوا من طين أما هي فإنها قد خُلقت من مسكٍ و توجت بالتبر , يصفُ جمالها و رقتها و لينها إذا انثنت , و كأن الشمس قد أرضعتها و لكنها لعلو مكانتها لم تظهرحتى للشمس إلى نادراً , خداها منبتُ زهورٍ رائعة , يرى أنه أقل منها مكانةً لكن ذلك لا يمنعهما من أن يكونا سوياً فالمحبةُ تكفى ليتساوى قدرُهما .



يَا لَوْعَةَ البَيْـنِ هَـلا غِبْـتِ عَـنْ أُفُقِـي***غِـلْـتِ الـفُــؤَادَ وَقَـطَّـعْـتِ الشَّرَايِـيْـنَـا
جَفَّتْ سَوَاقِي عُيُوْنِ الوَجْـدِ وَاحْتَقَنَـتْ***عَـيْـنُ الغَـمَـامِ وَمَــا جَـفَّـتْ سَوَاقِـيْـنَـا
وَهَـزَّتِ الخَافِـقَ الأَشْـوَاقُ فَارْتَجَفَـتْ***مِـنْــهُ الـضُّـلُـوْعُ وَجَافَـتْـنَـا بَـوَاقِـيْـنَـا


يُخاطب اللوعةَ و كأنها إنسان يسمعُ ويعي يطلبُ منها أن تغيب عن أُفقه علَ شمس عودتها تُشرقُ في عالمه من جديد , ألم الفراق و لوعته أنهكت قلبه و جسده , جفت الغيوم و ما زالت عيناهُ تبكيانها رغم الجفاف , تهتزُ جوانحه لذكراها و كأنه عصفورٌ مذبوح تنتفض أطرافه عند ذبحه , صورةٌ تعرض شدة ألمه و قساوة ما يُعانيه .



يا روضة طالما أجنت لواحظنا***وردا، جلاه الصبا غضا، ونسرينا
ويا حياة تملينا، بزهرتها،***منى ضروبا، ولذات أفانينا
ويا نعيما خطرنا، من غضارته،***في وشي نعمى، سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة،***وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة***فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا



يُنادي ابن زيدون محبوبته بالروضة و الحياة ليصورَ مدى أهميتها في حياته و ما يعنيه وجودها في حياته من نعيمٍ و سعادة, فهي الروضة التي أظلته و منحته أجمل الأزهار و أرقها , هي تنفردُ عن غيرها في تلك الصفات لا يُدانيها أحدٌ قَدراً و منزلةُ .



كُنَّـا وَكَـانَـتْ لَـنَـا الأَسْـبَـابُ سَانِـحَـةً***وَاليَـوْمَ نَرْجُـوْ اللِقَـا وَالوَصْـلُ قَالِيْنَـا
كَــأَنَّ بَـاسِـمَ أَيَّـامِــي وَقَـــدْ عَـبَـسَـتْ***وَجْـهُ المَنُـوْنِ بِثَـغْـرِ الـيَـأْسِ يُشْقِيْـنَـا
مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَـتْ مُشَعْشِعَـةً***فِـيْـهِ الحَـيَـاةُ وَأَوْفَــى العَـهْـدَ وَالدِّيْـنَـا


يعود للتحسُرِ على ما مضى من ودٍ و قُربٍ و ما آل له الحال من بُعدٍ و أملٍ ضئيلٍ في اللقاء و الاجتماع من جديد , كانت حياته سعيدةً هانئةً لكنها عبست و قطبت الجبين , مَن يحيى على أملِ اللقاء بعثَ فيه الأملُ طاقةً تُعينه على مواجهة الحياة ,طاقةً تُمكنه من الوفاء بما قطع من عهودٍ .



يا جنة الخلد أبدلنا، بسدرتها ***والكوثر العذب، زقوما وغسلينا
كأننا لم نبت، والوصل ثالثنا،***والسعد قد غض من أجفان واشينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم ***في موقف الحشر نلقاكم وتلقونا



حسرةُ الفقد حولت الكوثر و العنب إلى الزقوم و الغسلين , هذه الأطعمة و الأشربة تدل على الجنة و النار فالكوثر و العنب من طعام الجنة بينما الزقوم و الغسلين طعام أهل النار لكنه لم يستخدم كلمة الجنة و كلمة النار صريحتان و إنما أورد ما يدلُ عليهما , لو ذكرهما مُباشرة لكانت الصورة أضعفُ مما هي عليه لأنه انتقلَ من الجنةِ إلى النار دون ذكرِ تفاصيلٍ توضحُ المعاناة و تزيدُ من قسوة الانتقال , بعدَ انتقاله و شدة ما قاساه بدى و كأنهُ لم ينعم بقربها و لم يعش يوماً هانئاً , يعودُ ليواسي نفسه و يُصبرها راجياً لقائها في الآخرةِ إن لم يلقها في الدُنيا , هذا حالُ العشق لا ييئس من اللقاء حتى و إن استحال فإن لم يكن في الدنيا كان في الآخرة فيكون لقاءا راقياً حيثُ تلتقي الأرواح عند بارئها .




وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوْطِ قَضَى***وَأَصْـبَـحَ التِّـبْـرُ فِــي أَحْـزَانِـهِ طِيْـنَـا
سَـقَـى المُهَيْـمِـنُ أَيَّـامًـا بِـكُـمْ أَنُـسَــتْ***وَلَـيْـسَ تَـعْـرِفُ أُنْـسًـا فِــي تَجَافِيْـنَـا
لَئِنْ قَضَـى الدَّهْـرُ قَسْـرًا فِـي تَشَتُّتِنَـا***فَنُـوْرِك المُقْتَـدَى فِـي القَـلْـبِ يَهْدِيْـنَـا


من طال يأسهُ و قنوطه تحول الذهب عنده إلى طينٍ لا يُساوي شيئاً فيفقدُ قيمة الحياة و بهجتها , المُتأملُ يعيشُ على أملِ اللقاء على أمل أن يسمعَ خبراً يُعيد الحياة لروحه و قلبه من جديد , رغم انقضاء أيام اجتماعهما و مُضيها إلا أنها ما زالت حيةً في قلبه و ذاكرته و عاطفته , حتى و إن كان القدرُ قد حكم بالفراق و البُعد فإن النور الذي غرستهُ في قلبه سيبقى مضيئاً و هادياً يقتدي به لكي لا يضلَ عن طريقه .



سران في الخاطر الظلماء يكتمنا،***حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
لا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت***عنه النهى، وتركنا الصبر ناسينا
إنا قرأنا الأسى، يوم النوى، سورا***مكتوبة، وأخذنا الصبر تلقينا
أما هواك، فلم نعدل بمنهله***شربا وإن كان يروينا فيظمينا


يكتم حبه و شوقه لها بداخله و كأن جوفه الظالم و لسانه الذي يكادُ يُفشي السر نور الصباح التي تجلو الظلام و تمحوه , قد نُهي عن الحُزن و أُمر بالصبرِ و التأسي لكن فراقها كان أقوى من الصبر فهو سورٌ مكتوبةٌ يدوم أثرها و يبقى بينما كان الصبرُ مما تعلمهُ تلقيناً من غيره فيكف يكون الصبرُ أقوى من الحزن الذي يوجدُ له أثرٌ مادي "مكتوب " قد ظهر على جوارحه و جسده لما أصابه من وهنٍ و تعب و سقم , كان هواها منهلاً يشربُ منه ماء الحياة لكنه لم يروي عطشه , يقول الحلاج " يا نسيم الريح قولي للرشا لم يزدني الوردُ إلا عطشا" .



وَاللهِ مَـا انْصَرَفَـتْ عَنْكُـمْ ضَمَائِرُنَـا***يَـوْمًـا وَلا رَغِـبَــتْ عَـنْـكُـمْ أَمَانِـيْـنَـا
مَـا كُـلُّ مَـنْ فَـارَقَ الأَحْبَـابَ مُفْتَـرِقٌ***بَعْـضُ الفِـرَاقِ يَزِيْـدُ الـحُـبَّ تَمْكِيْـنَا


يؤكد الشاعر وفائه و بقائه على العهد فعاطفته لم تتغير ما زال مُحباً مُخلصاً لها بالرغم من البُعد , قد يكون البُعدُ سبباً في زيادة قوة الحب و تمكنيه في القلوب , فغيابها عن عينه لا يعني غيابها عن قلبه و فكره .


لم نجف أفق جمال أنت كوكبه ***سالين عنه، ولم نهجره قالينا
ولا اختيارا تجنبناه عن كثب،***لكن عدتنا على كره، عوادينا
نأسى عليك إذا حثت، مشعشعة***فينا الشمول، وغنانا مغنينا
لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا***سيما ارتياح، ولا الأوتار تلهينا


ينفي ابن زيدون أن يكون قد نسيَ محبوبته أو هجرها مُتجنباً رؤيتها لكن الحياة أكرهتهُ و أجبرته على ذلك , فقد وصفها بأُفق الجمال إي أن عالمه و حياته من دونها لا جمال فيها و كيف له أن يختار غيابها بإرادته , لم يشغله عنها شاغل و لم تُلهيه عنها مُتعُ الحياة و زينتها فكلُ شئٍ يُذكرهُ بها .



لَيْتَ التِي أُوْدِعَـتْ رُوْحِـي تَـرِقُّ لَهَـا***وَلَيْتَـهَـا مِــنْ لَـذِيْـذِ الـوَصْـلِ تُحْيِـيْـنَـا
وَلَيْـتَ أَنَّــا وَمَــا أَبْـقَـى الـزَّمَـانُ بِـنَـا***نَـعُـوْدُ نَـمْـرَحُ صَـفْـوًا فِــي رَوَابِيْـنَـا
هُنَـاكَ حَيْـثُ رُبُــوْعِ الأَهْــلِ عَابِـقَـةٌ***بِكُـلِّ صِـرْفٍ مِــنَ التَّحْـنَـانِ يُنْشِيْـنَـا


استجداءٌ للمحبوبة علها ترق له و ترأف بحاله فتُعيدُ له روحه و تُحيه فتسقيه من ماء اللقاء بعد أن جفت حياته , عل زمان الوصل يعودُ فيمرحان و تصفو الحياة , فيكون اللقاء في الوطن حيثُ الحنان و الدفئ و تنتشي روحه و تُحلق في سماء السعادة, لا يكون الدفئُ و الحنان و العاطفةُ الصادقة إلا في موطنه و بين أهله .



دومي على العهد، ما دمنا، محافظة***فالحر من دان إنصافا كما دينا
فما استعضنا خليلا منك يحبسنا***ولا استفدنا حبيبا عنك يثنينا
ولو صبا نحونا، من علو مطلعه،***بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا

يطلبُ منها ابن زيدون أن تبقى على عهدها و أن لا تترضي غيرهُ حبيباً تهواه , فتكون بذلك قد عاملته بالمثل له لأنه لم يرتضِ غيرها حبيبةً و لم ينشغل عنها بغيرها مهما علة مكانة غيرها و بلغت قدراً عالياً من السمو فإنه لن يرضى بغيرها .



نُعَاقِـرُ الـرُّوْحَ حِيْنَـاً مِـنْ غَضَارَتِهَـا***مِــنَ القُـلُـوْبِ وَنَسْـقِـي وُدَّهَــا حِـيْـنَـا
لَــوْلا تَـعَـلُّـلِ مُـشْـتَـاقٍ لَـمَــا خَـفَـقَـتْ***فِي القَلْبِ مِـنْ خَفْقَـةٍ بِالشَّـوْقِ تُرْدِيْنَـا


تُداوم روحه أن تشرب و تقتات من غضارة العيش و طيبه فيما مضى مع محبوبته في زمان الوصل , فلولا تصبره و تأسيه و أمله باللقاء لتوقف خفقان قلبه, شوقه لها يكادُ يقتله لشدة خفقان قلبه كلما تذكرها و اشتاق لها .




أبكي وفاء، وإن لم تبذلي صلة،***فالطيف يقنعنا، والذكر يكفينا
وفي الجواب متاع، إن شفعت به***بيض الأيادي، التي مازلت تولينا
عليك منا سلام الله ما بقيت***صبابة بك نخفيها، فتخفينا


يختتم ابن زيدون قصيدتها بعرض صورته باكياً علها ترأفُ لحاله , فهو قد رضيَ منها بالقليل , طيفها يُقنعهُ و ذكرها له يكفيه ,فإن تكرمت و بعثت له جواباً كان ذلك سبب إمتاع روحه و سعادته , و يُنهي خطابه لها بأن اقرأها السلام من الله ما بقيَ حُبها مُستقراً في قلبه و ما بقيت صبابتهُ محفوظةً في قلبه يُخفيها عن الناس لكنها قد تكون سبب هلاكه و سقمه . الخاتمةُ قدمت صورةً غايةً في الرقة لعاشقٍ شقيَ و تعذب .



إِنِّــي أَمُــوْتُ بِـهَـذَا البَـيْـنِ فَاجْتَـهِـدِي***أَنْ لا أَمُــوْتَ بَعِـيْـدًا عَــنْ أَرَاضِيْـنَـا
لا زِلْتِ أَنْتِ شَذَى الأَنْفَاسِ فِـي مِقَـةٍ***وَلا يَــزَالُ لَــكِ الإِحْـســاسُ يُدْنِـيـنَـا
حَبِيْـبَـةً بِالْحَـنِـيـنِ الـعَــذْبِ تَسْكُـنُـنِـي***وَفِــي الـشِّـغَـافِ أَنَـادِيْـهَـا فِلِسْطِـيْـنَـا



يُناجيها مُستجدياً أن تجتهد ليلقاها فالهجرُ و البعد قد أضنيا روحه , تُرعبهُ فكرة موته بعيداً عن وطنه , ابن زيدون قد رضي بالقليل منها لكن الصورة هنا كانت أروع , بأن تمنى منها فقط أن تحوي رفاته ميتاً , قد رضيَ منها بالوصل و إن عاد لها و قد فارقتهُ روحه , فهي ما زالت الهواء العليل الذي يُحييه و ما زالَ إحساسه و شوقه لها يُقربانه منها مهما بعدت المسافةُ بينهما , هي التي تسكنُ حنايا روحه و تُقيمُ في شغاف القلب إنها فلسطين ..................... هُنا كانت الروعة بعينها عشنا في جو نصٍ غايةٍ في الرقةِ و الجمال , نصٌ يُقدم أروعَ ما يُمكن أن يكون عليه حال العاشق الذي فارق محبوبته, لكنه فاق النص الأصلي روعةً عندما باغتنا بعد كل تلك الصور العشقية بأن المحبوبة هي فلسطين .


تهدفُ المُعارضة كما تمت الإشارةُ سابقاً إلى مُحاكاة نصٍ شعري وزناً و قافيةً و موضوعاً في مُحاولةٍ للتفوق على النص الأصلي , تحقق الهدفُ في هذه المُعارضة و بلغ درجة التفوق بأن كانت النهايةُ غير مُتوقعةٍ مُباغتةً قالبةً المقاييس ليُعيدَ القارئُ تأملَ النصِ من جديد بعد أن اتضحت الرؤية و اكتملت فيقفُ مُستكشفاً التلميح الذي احتوته القصيدة , قد تحدثَ عن صراعه بين الشرق و الغرب فتكتمل الرؤيا و الفهم بعد أن يُكمل القارئُ القصيدة "فَالشَّـرْقُ مَطْلَعُـهَـا وَالـغَـرْبُ يُغْوِيْـنَـا"


و استخدامه للتين في قوله :
وَأَلْـثِـمُ الـزَّهْـرَ فِــي خَـدَّيْـكِ وَالتِّـيْـنَـا , من المعروف أن التين من أهم الأشجار التي تشتهرُ بها فلسطين , النور الذي تحدث عنه اكسبها قُدسيةً و أضاف هالةً نورانية و كأنه دليلٌ على المكانة الدينية لفلسطين و القدس تحديداً :
نُـوْرِكِ المُقْتَـدَى فِـي القَـلْـبِ يَهْدِيْـنَـا
ثم حديثُه عن ربوع الأهل و حنانهم في قوله :
هُنَـاكَ حَيْـثُ رُبُــوْعِ الأَهْــلِ عَابِـقَـةٌ***بِكُـلِّ صِـرْفٍ مِــنَ التَّحْـنَـانِ يُنْشِيْـنَـا
كان ذلك تلميحاً يدلُ على هوية المحبوبة فأتت آخر كلمة في آخر بيت لتضع النقاط على الحروف و تُعلنها صريحةً بأن المحبوبة الرائعة هي فلسطين , محبوبةٌ لا تُشببها محبوبةٌ لا قدراً و لا مكانةً و لاقيمةً و لا يوازي غيابها و البعد عنها أي جُرح , فراق المحبوبة لا يوازي فراق الوطن و ضياع الحب لا يوازي ضياع الوطن ,بداحُزنُ ابن زيدون و ألمه أمامها ضئيلاً صغيراً و كان التفوق كله هنا .

bodyبناء القصيدة
ولعل مما يزيد من روعة "لوعة البين"و يجدر الإشارة إليه هنا قوة بنائها و روعته , حيث جاءت الألفاظ و العبارات مُناسبةً لموسيقى القصيدة و للوزن الشعري , وعمل هذا التناسق على تعزيز المعنى , وقد قرن الشاعر بين الماضي و الحاضر بطريقةٍ توضح المُفارقة بين ما مضى و ما هو كائنٌ حالياً ,و بين جمال الطبيعة و روعتها و جمال محبوبته
وبالنظر إلى النص الأصلي لابن زيدون نرى بوضوح تغنيه بالطبيعة في إشارة إلى محبوبته و قد أشار الدكتور ناصر الدين الأسد إلى هذه الحيثية بقوله “إنّ إحساس ابن زيدون بالطبيعة كان جزءاً من إحساسه العام بالجمال ممزوجاً بإحساسه بالمرأة وشعوره بها, ومن ذوب هذه الأحاسيس صاغ شعره في الغزل والتشوّق والتذكر... فهو لا ينظر إلى الطبيعة بعين عقله ولا بعين خياله ليتصيد الأوصاف والتشبيهات... وإنما هو شاعر فنان يستجيب لدواعي نفسه ولأحاسيسه الداخلية ومشاعره الخاصة الذاتية... ومن هنا جاء شعوره بالطبيعة مبثوثاً في ثنايا شعره الذي يعبر فيه عن ذوب عاطفته"
و قال الدكتور إحصان عباس "وقد بلغ ولعهم بالطبيعة والاستعانة بها في أغراضهم الشعرية حداً يصعب معه على القارئ أن يدري إذا كان الشعراء يتحدثون عن الطبيعة أم كانت الطبيعة تتحدث عنهم لفرط ما تغلغلت في نفوسهم ولكثرة ما وصفوا من مناظرها"
لقد تفوق ابن زيدون برسم صورٍ رائعة للطبيعة و توظيفها كرمزٍ في نصوصه ففاق غيره من شعراء الأندلس بذلك ولم يكن وصفه للطبيعة يتعلق فقط بالشكل الخارجي و إنما وظف ذلك لكي يُشير به إلى العاطفة الداخلية ولم يقتصر وجود الطبيعة في قصيدته على كونها موقعاً فقط و إنما كانت مُتفاعلةً مع ما حدث و مُتأثرةً به
بالمقابل كانت لوعة البين تحاكى قصيدة ابن زيدون في النقاط السابقة , لكن التفوق كان عندما يكتشفُ القارئ أن الصور تلك كانت فعلاً للطبيعة و الوطن و بذلك يكون النص قد ضاعف الصور، فقد حمل القارئ في البداية على رسم صورة المحبوبة من خلال صور الطبيعة التي تم استخدامها وتم لاحقاً إعادة رسم الصورة بتحويلها من صورةِ امرأة إلى صورة وطن .
الصور البيانية كانت صادقةً مُعبرة , بحيث أن القارئ لا يشعر أن النص مُتكلف أو أن بعض المٌفردات تم إقحامها في النص خضوعا للقافية أو ليستقيم الوزن الشعري ويُناسب النص الأصلي لابن زيدون, و إنما كانت كل مُفردةٍ في مكانها المُناسب دون تصنعٌ أو افتعال للعاطفة , الألفاظ ناسبت موسيقى القصيدة و أكسبتها رقةً و عذوبة , الصور امتازت بسعة الخيال حيث تمت الإشارة إلى الود و الهناء و طيب العيش من خلال تصوير تلك الفترة بأرق الصور و أعذبها فاستخدم مثلاً "الفردوس و الروضة " ليُشير إلى تلك الفترة , شبه محبوبته بالمركب الذي يحميه من لُجة البحر و أهواله ,استخدام هذه العبارات و الصور عزز من قوة بناء القصيدة ,
أدت التراكيب البنائية في القصيدة دوراً في إيضاح البنية المعنوية للنص و حافظت القصيدة على الوحدة العنصرية .


تضمن القصيدة أساليب بديعية وظفت بذكاءٍ في النص ,مثلاً تم استخدام اسلوب الطباق في قوله "
وَأُمْـنِـيَـاتٍ بَــتُــوْلٍ مِــــنْ سُـلافَـتِـهَـا" وصف أُمنياته لطهارتها بأنها بتولٌ و قرن بين لفظِ بتول و سُلاف و هي الخمر أو من الشئ خالصه فكان ذلك مما يدلُ نقائها بالرغم مما قد يُحيطُ بها من كدر فكان ربط هاتان الكلمتان سويةً سبباً يُعزز الصور و يُقويها لأن ربط و مُقارنة الشئ بنقيضه تزيد من وضوح الفارق.باكتمال روعة البناء و قوته و تفوقه تكتمل روعة القصيدة و تفوقها .

د. مختار محرم
19-12-2011, 10:24 AM
الله الله ..
مجهود رائع أختي الكريمة نادية

ضمد القلب جراحه ... زال عني ضجري
حينما ألفيت ساحة ... للنقاء المزهر
واحة داخل واحة ... مثل قلب العمري
حرفه روح وراحة ... فاق حرف البحتري
هو نجم للسماحة .. في بهاء المشتري


تحية لك على هذا البستان الجميل الذي أتمنى ان يتسع ويجود بأطيب الثمار
وتحية لامير ورائد الواحة الدكتور سمير العمري تصل إليه أينما حل وارتحل

ربيحة الرفاعي
30-12-2011, 09:54 PM
قيل في الدكتور سمير العمري وروائع حرفه الكثير
فأبدع الناقد واستثير الحاسد وتشوّق القاريء فقرأ مستعذبا ومنتفعا
وبقي نجمه محلّقا في مدار من فضاءات الإبداع متفرد

باقة مدهشة نقلت هنا أيتها الرائعة

تحيتي

لطيفة أسير
30-12-2011, 10:04 PM
الدكتور سمير العمري
فخر الواحة وسيدها وأميرها
جعل الله صالح عمله في ميزان حسناته
وجزاه عنا خير الجزاء
اطال الله عمره ليقدم كل خير
وأكرمك الله أستاذتي الغالية نادية
مودتي

نادية بوغرارة
31-12-2011, 10:06 PM
تحية لك على هذا البستان الجميل الذي أتمنى ان يتسع ويجود بأطيب الثمار
وتحية لامير ورائد الواحة الدكتور سمير العمري تصل إليه أينما حل وارتحل
========

و تحية لك يا أخي الكريم على المرور الجميل .

دمتَ .

نادية بوغرارة
31-12-2011, 10:11 PM
قيل في الدكتور سمير العمري وروائع حرفه الكثير
فأبدع الناقد واستثير الحاسد وتشوّق القاريء فقرأ مستعذبا ومنتفعا
وبقي نجمه محلّقا في مدار من فضاءات الإبداع متفرد

باقة مدهشة نقلت هنا أيتها الرائعة

تحيتي
=======

بارك الله فيك يا أختنا الكريمة .

شكرا لك

نادية بوغرارة
31-12-2011, 10:14 PM
الدكتور سمير العمري
فخر الواحة وسيدها وأميرها
جعل الله صالح عمله في ميزان حسناته
وجزاه عنا خير الجزاء
اطال الله عمره ليقدم كل خير
وأكرمك الله أستاذتي الغالية نادية
مودتي
===========

صدقتِ ،

و نحن بهذا العمل لا نقصد إلقاء الضوء على الشمس ، لكننا نريد أن ندخل دائرة ضوئها

فننهل مما قيل و ما كتب عن هذا الرجل الأديب المميّز ، وفي ذلك إثراء لا ينتهي .

أختي بلابل السلام ،

كم يريحني اسمك و يسرني حضورك !!!

:001:

نادية بوغرارة
31-12-2011, 10:17 PM
قراءة في قصيدة رسالة إلى نخل العراق للشاعر د. سمير العمري
بقلم الأستاذ : عبد الله حسين كراز

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=50464


نص القصيدة

اسْقِ ثَغْرَ الغَدِ مِنْ دَمْعِ المَآقِي=وَابْتَسِمْ لِلشَّمْسِ يَا نَخْلَ العِرَاقِ
وَاسْتَمِدَّ العَزْمَ عَنْقَاءَ العُلا=مِنْ رَمَادِ الحُزْنِ قَامَتْ بِانْطِلاقِ
لا تَلُمْ لَيلًا عَلَى ظُلْمَتِهِ=كُلُّ لَيلٍ زَائِلٌ وَالنُّورُ بَاقِ
فَانْبِلاجُ الفَجْرِ مِنْ عَينِ الدُّجَى=وَمَخَاضُ البَدْرِ مِنْ رَحْمِ المحَاقِ
وَانْعِتَاقُ التِّبْرِ مِنْ إِحْرَاقِهِ=وَابْتِسَامُ الزَّهْرِ مِنْ نَزْفِ السَّوَاقِي
يَا عِرَاقَ القَلْبِ يَا لَحْنَ الأَسَى=حُزْنُكَ المَبْثُوثُ كَأْسَ المُرِّ سَاقِ
أَيْنَ مِنَّا دَارُ مَجْدٍ حَلَّقَتْ=بِجَنَاحِ العِزِّ تَعْلُو كُلَّ رَاقِ
غَرَّدَتْ فِيهَا عَصَافِيرُ المُنَى=مِنْ تَرَانِيمِ ائْتِلافٍ وَائْتِلاقِ
وَفُرَاتُ الحُبِّ يَلْقَى دِجْلَةً=عِنْدَ ذَاكِ الشَّطِّ فِي ذَاكِ العِنَاقِ
أَيْنَ مِنَّا مَوْطِنٌ فِي دَمِهِ=نَكْهَةُ التَّارِيخِ تَسْرِي بِاعْتِبَاقِ
وَرَشِيدُ المَجْدِ فِي مَجْلِسِهِ=يَجْتَبِي العِلْمَ وَيَقْضِي بِخَلاقِ
وَازْدَهَتْ بِالحَزْمِ فِيهِ دَوْلَةٌ=زَانَهَا الفَخْرُ وَأَعْلاهَا التَلاقِي
ذُلَّ لَيثُ الشَّرْقِ فِي صَوْلَتِهِ=يَومَ رَامَ العِزَّ مِنْ ذِئْبِ الشِّقَاقِ
مَنْ سَقَى الأَيَّامَ مِنْ أَتْرَاحَهَا=غَيرُ مُرِّ الغَدْرِ مِنْ كَأْسِ النِّفَاقِ
وَانْتِهَازِيٍّ وَغِرٍّ تَمْتَمَا=إِنْ يَفُتْنَا السَّبْقُ أَدْرَكْنَا البَوَاقِي
وَيح قَومٍ كَيفَ يَومًا صَدَّقُوا=أَنَّ عِزَّ الحُرِّ فِي ذُلِّ الوَثَاقِ
وَعَلامَ المَوتُ أَضْحَى زَائِرًا=لِلمَنَايَا كُلَّ يَومٍ فِي اشْتِيَاقِ
كُلُّ طِفْلٍ سَابِحٍ فِي دَمِهِ=كُلُّ شَيخٍ عَظْمُهُ وَقْدُ احْتِرَاقِ
وَإِذَا الأَحْقَادُ رَانَتْ أَخْبَثَتْ=وَسَقَتْنَا مِنْ كَرِيهَاتِ المَذَاقِ
يَا عِرَاقَ الجُرْحِ فِي خَاصِرَتِي=وَدَمٌ يَنْثَالُ مِنْ جُرْحِ البُرَاقِ
طَالَ شَوْقُ القَلْبِ هَلْ مِنْ عَودَةٍ؟=إِنَّ حَرْقَ الشَّوْقِ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ
مِنْ إِبَاءِ الصَّخْرِ تَنْمُو زَهْرَةٌ=بِلِحَاءِ الصَّبْرِ فِي جَذْرٍ وَسَاقِ
وَمِنِ الضِّيقِ المُسَجَّى نَزْعَةٌ=لانْعِتَاقِ الرُّوحِ فِي رَحْبِ الوِفَاقِ
فَانْتَصِبْ فَوْقَ احْتِدَامَاتِ الأَذَى=أَنْتَ أَعْلَى هِمَّةً مِمَّا تُلاقِي
سَوفَ يَخْبُو كُلُّ بَرْقٍ طَارِئٍ=وَبَرِيقُ المَجْدِ فِي عَيْنَيكَ بَاقِ
وَالمَعَالِي تَجْتَلِي أَسْبَابَهَا=وَاللَيَالِي تَبْتَلِي وَاللهُ وَاقِ


القراءة

قرأت القصيدة على عجالةٍ و خرج القلم بشظايا الملاحظات التالية:
يبوح النص بالظاهري و الباطني من المعنى و المكنون، السطحي و العميق بلغة شعرية و حس شعوري سامق يستدعي دقة الملاحظة النقدية و التذوقية.
اسْقِ ثَغْرَ الغَدِ مِنْ دَمْعِ المَآقِـي ... وَابْتَسِمْ لِلشَّمْسِ يَا نَخْلَ العِـرَاقِ
هنا تشمخ صورة الشمس التي تستقبل ذاك الثغر المبتسم حين تهب رياح الحرية لا محالة و تسقي من شآبيب الدمع نخل العراق المتعطش لقطرة ماء – أو دمع حرّى - تعيد للعراق أنفاسه و حيويته و خلود أرضه وخصوبة تربها الحاضن لحضارات عربية و إسلامية أصيلة.
أما عندما نقرأ:
وَاسْتَمِـدَّ العَـزْمَ عَنْقَـاءَ العُـلا ... مِنْ رَمَادِ الحُزْنِ قَامَتْ بِانْطِلاقِ
ففيها بعد أسطوري يحمل دلالة على الشموخ و التحدي رغم الجراح الغائرة في الجسد المنهك أصلاً، عزز الفكرة صورة رماد الحزن والتي تنطوي على تكثيف التصوير لحالة الأمة في انكسار إرادتها و لحظة الإحساس بالهزيمة الداخلية، وليس فقط تلك الناجمة عن الاشتباك مع الآخر.
ثم يـأتي البيت الذي يقول:
لا تَلُـمْ لَيـلًا عَلَـى ظُلْمَـتِـهِ ... كُلُّ لَيـلٍ زَائِـلٌ وَالنُّـورُ بَـاقِ
وهنا يتعزز الأمل مرةً أخرى، فلا مكان للاستسلام أو الانكفاء على البكاء والتباكي على الأطلال، فلا بد مع العزم أن نرى النور يأتي ولا بد لليل أن ينجلي، وهنا يتضح التناص مع سابقات القصيدة من نصوص شعرية أخرى، ما يعني وعي الشاعر بضرورة التذكير و التنبيه و التأكيد على بزوغ نور الحرية و لو بعد حين.
أما في :
يَا عِرَاقَ القَلْبِ يَا لَحْنَ الأَسَـى ... حُزْنُكَ المَبْثُوثُ كَأْسَ المُرِّ سَاقِ
فهنا ينبري النص على عرض المشاعر الإنسانية وتفاعلها مع الواقعي الأليم والمحزن والذي أصبح قيثارة أحزان تذكر الناس بما اعتراها من هم و غم فظيعين.
وعندما يسقط ناظرنا على:
وَفُـرَاتُ الحُـبِّ يَلْقَـى دِجْلَـةً ... عِنْدَ ذَاكِ الشَّطِّ فِي ذَاكِ العِنَـاقِ
نحس أن النص يأتي على عذب ماء "الفرات" ببُعد الصورة التعبيرية التاريخي والحضاري، واللغة هنا أيضاً لا تستكين في العادي من الوصف و التصوير بل تعمل على التركيز على بؤر فاعلة و مؤثرة تستنهض خيال المتلقي دون تردد وبلا غموض.
ثم تتابع مدللولات النص الأكثر شموليةً في:
ذُلَّ لَيثُ الشَّـرْقِ فِـي صَوْلَتِـهِ ... يَومَ رَامَ العِزَّ مِنْ ذِئْبِ الشِّقَـاقِ
حيث لا ينسى النص أن يذكرنا بأنّا خير أمة أُخرجت للناس يوم كنا أتقياء وأقوياء، و لكن عندما ركنا لغيرنا ما نرنو إليه و سلمنا عهدة الأوطان و عزتها للغريب و المغتصب ضاعت أمانينا و أمجادنا وأصابنا من الذل ما لا نحسد عليه، كل هذا يأتي بلغة سامقةٍ جماليةٍ و قوية الأداء والتشخيص.
يَا عِرَاقَ الجُرْحِ فِي خَاصِرَتِـي ... وَدَمٌ يَنْثَالُ مِـنْ جُـرْحِ البُـرَاق
ِوهنا يصر الشاعر على التماهي مع العراق وأهل العراق ممن أصابهم من الكدر و الخدر و الكرب و الأحزان والأتراب، مستحضراً ما يصيب الأهل و الربع في فلسطين الأكثر حزناً و الأعمق جرحا.
على أن النص يذكر القراء – أينما كانوا – بالصبر و التحدي والوفاق و الجلد و القوة و المنعة:
مِنْ إِبَاءِ الصَّخْرِ تَنْمُـو زَهْـرَةٌ ... بِلِحَاءِ الصَّبْرِ فِي جَـذْرٍ وَسَـاقِ
وَمِنِ الضِّيقِ المُسَجَّـى نَزْعَـةٌ ... لانْعِتَاقِ الرُّوحِ فِي رَحْبِ الوِفَاقِ.
ثم يعزز الشاعر نصه بالروحي من قوة يستلهمها من رب الأكوان و السموات و الأرضين، في مناجاة صادقة تخرج من القلب و بكل خشوع:
وَالمَعَالِـي تَجْتَلِـي أَسْبَابَـهَـا ... وَاللَيَـالِـي تَبْتَـلِـي وَاللهُ وَاقِ
بارك الله فيك حبيبي سمير و جعلك سيفاً من سيوف الكلم الطيب لا تخاف في الله لومة لائم...وكن مع الله ولا تبالي........

د. عبدالله حسين كراز
أستاذ الأدب الإنجليزي و النقد المقارن المساعد

نادية بوغرارة
10-02-2012, 10:33 AM
قراءة لقصيدة"تدللي" للشاعر د. سمير العمري
بقلم : الأستاذ أحمد خلف

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=663304#post663304
===========



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على المبعوث هداية للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
مقدمة لا بد منها
لعب الشعر بوصفه أحد الأجناس الأدبية دوراً كبيراً في تشكيل الهوية الحضارية لأمتنا العربية على مر العصور، القديمة والحديثة، وليس أدل على أهمية الشِعر في تاريخنا العربي من وصف أمتنا بأنها أمة شعر
ولقد لعب الأدب كأحد أشكال الوعي الاجتماعي المتميزة دوراً هاماً وأساسياً في تعبئة وتحريض وتثوير الشعوب والأمم التي تناضل من أجل انعتا قها، وفي صياغة الوجدان الشعبي العام، وبلورة الوعي الثوري والحضاري لدى الجماهير، هذا بالإضافة إلى وظيفتهِ الجمالية باعتبارهِ قيمة فنية مضافة للحياة تساهم في إعادة صياغتها وإنتاجها جمالياً.
إن جمال القصيدة بقوتها ، وقوتها بما تحدثه لدى القارئ و السامع ، وهذا ما لم يغفله شاعرنا الذي ابتعد عن كل المقدمات والشروح فالقصيدة التي تستوقفك طويلاً وتجبرك على القراءة بروية والتمعن في جزئياتها وعدم الاكتفاء بالتحليل اللفظي الشكلي للقصيدة ،بل الدخول لنفسية الشاعر
تعتبر من القصائد التي لها دلالية خاصة..
وإننا إذ نحاول فهم ما ذهب إليه الدكتور الشاعر سمير العمري والذي يلازمه هم الأرض والاغتراب ولا تفارق مخيلته مرابع الصبا – فلسطين – فإننا نحاول المشاركة في الهم الذي يوحد أصحاب القضية ... إذ لم يسلم الأدب العربي، عبر تاريخه الطويل، من تجربة المنفى الأدبي؛
فقد شعر الكثير من شعرائه وكتّابه بطعم الاغتراب والبعد عن الوطن، واشتاقوا إلى الأمكنة التي هجروها، لسبب قاهرٍ على الأرجح.
تجسّدت معاناة هذه التجربة في صيغٍ كتابيّة متنوّعة، بدءا من طلليّات الشاعر الجاهلي، ومروراً بكتّاب وشعراء ذاقوا النفي حنظلاً وكتبوا عنه، ولعلّ أشهر هؤلاء أبو حيان التوحيدي ودعبل بن علي الخزاعي وأبو فراس الحمداني والمتنبي وأبو تمام وابن عبد السلام الخشني وابن زيدون، إلى أحمد شوقي وسامي البارودي وعلال الفاسي وطه حسين وتوفيق الحكيم في العصر الحديث
والشاعر الدكتور سمير العمري يشاركهم الهم ففي هذه القصيدة يجمع عدة خيوط ليوشي بها شوق نفسه لبيت المقدس ويمزج ذلك بعدة رؤى من خلال معتقده الفكري و تجربته الحياتية
حيث بدأ القصيدة بمنولوج داخلي بينه وبينها محاولاً أن يرسم صورة حركية للولد المدلل الذي يعتلي ظهر والده فلا يزيد الوالد إلا حنانا والمولود إلا دلالاً
وهي صورة فريدة للشاعر وقد استمدها من الواقع المعاش فقال:
خَطَرَتْ عَلَى قَلْبِي فَقُلْتُ لَهَا: اعْتَلِي**وَتَدَلَّلِي مَـا شِئْـتِ أَنْ تَتَدَلَّلِـي
وَتَجَوَّلِي بَينَ الكَوَاكِـبِ نَجْمَـةً**وَتَسَلَّلِي فِي القَلْـبِ بَـدْرَ تَبَتُّـلِ
دعيني أتكلم غصباً عني ..فالكلمات إن لم تخرج وتناغيك ..فلمن تكون ؟؟؟؟
وَتَصَوَّرِي مَا رَاقَ مِنْ قَوْلِي هَـوَى**وَتَسَوَّرِي مِحْرَابَ صَمْتِيَ مِنْ عَـلِ
ثم أن الشاعر لم يستند إلى عنصر "الصنعة" فقط في عملية البناء الشعري،
بل زواجَه مع عنصر "الانسياب" والتدفق الشعوري، ولولا هذا التزاوج المدهش لفقدت القصيدة
عفويتها وانسيابيتها وتدفّقها العاطفي.
ويمكن القول بأن كلا العنصرين المذكورين:"الانسياب والصنعة"، قد تزاوجا وتلاقحا بشكل فني وكلي، وأنتجا لنا محاولة حسية في مطلع القصيدة
بأن أمسك بخاصرة إبريقه قائلاً:
إِنِّـي بِإِبْرِيـقِ المَحَبَّـةِ أَحْتَسِـي**جَدْبَ المَشَاعِرِ فِي القُلُوبِ العُـذَّلِ
وانسكبت المعاني والصور مشفوعة بأفعال حركية
( أحتسي - ألوك –أغض ...وأسعى ... وأجني )
وَأَلُوكُ مِنْ هَرَجِ الحَوَادِثِ بَاسِمًـا**جَنَفَ الوَرَى وَأَغُضُّ عَمَّنْ يَأْتَلِـي
مَا انْفَكَّ يَمْنَعُنِي التَّوَرُّعُ فِي الجَوَى**حَتَّى جَنَيتُ عَلَى غَرِيـبِ المَنْـزِلِ
أَسْعَى بِأَجْنِحَةِ الخَيَالِ إِلَـى غَـدِي**وَأُعِيدُ مِنْ ذِكْـرَى الزَّمَـانِ الأَوَّلِ
زَمَنٌ بِـهِ خَلّفْـتُ أَيَّـامَ الصِّبَـا**وَتَرَكْتُ طِيـبَ تَهَلُّلِـي وَتَأَثُّلِـي
حَيْثُ النُّهَى انْطَلَقَتْ لَهَا سُرُجِ المُنَى**قِيَمًا تَجِلُّ بِهَا النُّفُـوسُ وَتَجْتَلِـي
أَرْنُـو إِلـى دَارٍ تَبَـدَّلَ عَهْدُهَـا**لَكِنَّهَا فِـي القَلْـبِ لَـمْ تَتَبَـدَّلِ
وكلها أفعال تدل على الفعل الذاتي الذي يحاول الشاعر عن طريقه رسم الصور وتوليفها بحيث تؤكد للسامع والقارئ كما أسلفنا قوة القصيدة
فاستدعاء ما كان سابقا من موروثات ,شخصها حاليا بهذه المقاربات للفعل الشخصي
ثم عمد إلى إدخال الفعل ...إخال
وَإِخَالُ لَوْ نَطَقَ الحَنِيـنُ لأَقْبَلَـتْ**بِالشَّوْقِ مِثْلِي تَجْتَبِي وَتَبَـشُّ لِـي
وهذا الفعل كما ورد في المعاجم :
خالَ (. القاموس المحيط)
خالَ الشيءَ يَخالُ خَيْلاً وخَيْلَةً، ويُكْسَرانِ، وخالاً وخَيَلاناً، محرَّكةً، ومَخيلَةً ومَخالَةً وخَيْلُولَةً: ظَنَّه،
وتقولُ في مُسْتَقْبَلِهِ: إِخالُ، بكسر الهَمْزَةِ
و~ فيه الخَيْرَ: تَفَرَّسَهُ
وكنت أظن أن الشاعر قد أخطأ في استعمال الفعل ولكنه الإيراد عن قصد للمستقبَل من الفعل
وهذه بحق قوة في الصنعة لايجيدها إلا بارع في فنه

ثم يطرح الشاعر رؤيته للغربة ومآلاتها ويستدعي شوقه لفلسطين الحبيبة على قلب كل بر يراها اغتصبت وهجّر اهلها
بأبيات لايسع المتلقي إلا أن يتأثر بها
أَنْفَقْتُ عُمْرِي فِي التَّقَلُّـبِ غُرْبَـةً**مَـا بَيْـنَ دَرْبِ تَأَلُّـمٍ وَتَأَمُّـلِ
وَعَصَرْتُ أَيَّامِي وَأَحْلامِـي التِـي**نَضَجَتْ لأَسْقِي مِنْ دِنَـانِ تَعَلُّـلِ

دَارَتْ مُشَعْشِعَـةً تُـرَاوِدُ رَبَّهَـا**فَكَأَنَّ أَعْذَبَ كَأْسِهَـا كَالحَنْظَـلِ
يَا لَيْتَ مَا قَدْ فَاتَ عَـادَ فَعِشْتُـهُ**كَي أنْصِفَ المَاضِي وَأُنْقِذَ مَا يَلِـي

ولعل إبداع الشاعر الدكتور سمير في هذه القصيدة يتجلى أكثر مايتجلى في كيفية رسم وبناء الصورة الفنية،
فهو يتمتع بطاقة تخييلية عالية ومخيلة مبدعة أنتجت لنا العديد من الصور الشعرية المشرقة والموحية واللماحة،
إن رسم الصورة بحرفية عالية يتجلى في أنها صور مبتكرة تمتاز بجدتها، وبتماسكها الفني،
كما أنها "غالباً" صور مركبة تتكون من عدة ظواهر، ويتزاوج فيها المجرد بالمحسوس، والواقعي بالحلمي، والعاطفي بالفكري
مثل سُرُجِ المُنَى عصر الأيام- التسول – التوسل- جداول – صخر السنين- الروح- الفراشات السفرجل في المرجل
فالشاعر يسعى إلى بناء طقس شعري، وإلى إضفاء روح الشعر على مفاهيمه من خلال تآلفها وتمازجها.
بعبارة أخرى يسعى إلى شعرنة الواقع
ثم يختمها بالأمنيات التي نرجو أن تتحقق بعونه تعالى وتكتحل عيوننا برؤية بيت المقدس والصلاة فيه
مَا زِلْتُ أَحْلـمُ بِاللِقَـاءِ بِلَحْظَـةٍ**عُذْرِيَّةِ الإِحْسَـاسِ لَمَّـا تَذْهَـلِ
وَنَقِيمُ فِي القُدْسِ الصَّلاةَ وَنَحْتَفِـي**بِالأُمْسِيَ اتِ عَلَى جِبَـالِ الكَرْمِـلِ
إن حفظ العهد والمودة..من الصفات الحميدة التي يجب أن تتوارثها الأجيال وهذه تتمثل في شاعرنا، خير تمثيل إذ يقول

سَأَظَـلُّ أَحْفَـظُ لِلمَحَبَّـةِ ذِمَّـةً**تُقْصِي عَنِ الوَاشِينَ كُـلَّ مُؤَمَّـلِ
لَوْ جِئْتِنِي لَفَتَحْتُ جَنَّـةَ مُهْجَتِـي**وَلَقُلْتُ: يَا نَفْسُ اطْمَئِنِّي وَادْخُلِـي
ويقول لنفسه تدللي
وحق لها أن تتدلل فلقد أغناها بما يمكن أن يتحقق
وهذه القصيدة.... تعتبركرمية بحجر في الماء الساكن....فلقد حرص
صائغها على تضمينها إرثاً أدبياً يحرك ويساهم بشكل مباشر في بلورة المفاهيم السياسية والعامة لدى كثير من شباب الوطن ،
وهو صاحب امتداد تاريخي نرجو أن يؤثر في الجيل الصاعد من الشعراء والشواعر الشباب الفلسطينيين
وكما يبدو بنظري المتواضع يمثل إبداعاً يبشر بمستقبل وحضورٍ فلسطينيّ قويّ في المشهد الشعري العربي،
وربما العالمي أيضاً، من يدري! هو رأي!!!
إن هذه القصيدة " تدللي" تكشف عن موهبة شعرية خلاقة، وطاقة فنية مبدعة، وتؤكد على أنها من القصائد النادرة فعلاً،
التي تعبر عن د. سمير العمري بشكل فني خلاق.
وإنني أعترف بأن قراءتي النقدية هذه متواضعة لأني لم أدخل فيها في تفاصيل التفاصيل للنقد وإنما قدمت نقدا بسيطا يفهمه الجميع كوني أعي تماما أن أصحاب المواهب ينظمون الشعر سليقة وليسوا بحاجة لأمثالي ..
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى نعتها بالمتواضعة لأنها صدرت مني وأنا لست بناقد والاعتراف بالحق فضيلة كما يقال ,هذا جهد مقل ولكنه التذوق الذي رأيته ولمسته
فأرجو المعذرة إن حصل قصور وعجزت كلماتي عن اللحاق بمقاصد الشاعر والقصيدة
وختاما أجدني مدينا بواجب الشكر والتقدير للواحة التي حفزتني لتقديم مثل هذه المشاركة
ودمتم بكل الود العامر
وكتبه أبو عبيد الله أحمد خلف

نادية بوغرارة
10-02-2012, 11:27 AM
قراءة في قصة قرش بقرش (للدكتور العمري)
للأستاذة كاملة بدارنة .

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=52908

=========


قراءة في قصّة قرش بقرش ( للعمري)


مع أنّ الليل شاخ، والشّيخوخة ضعف، إلّا أنّ هذا الضّعف وُلِدت منه القوّة والحياة... صوت الطّيور وسعيها وراء أرزاقها، وأذان الفجر الذي يعلن ميلاد يوم جديد. فالبداية حركة ونشاط وتجديد، بعد كسر السّكون والسّبات.
هذا النّشاط كان لمختار نصيب فيه، حيث " قَد سَبَقَ عَصَافِيرَ الفَجْرِ يَحُثُّ الخُطَى خَلفَ وَالدِهِ .."
الحركة ذات قطبين: روحانيّ وماديّ، التّسبيح، وصوت الأذان، وذهاب مختار للعمل... وتقوى الحركة، ويقوى النّشاط مع ازدياد حركة الموج... فالصّوت يتدرّج من الأضعف إلى الأقوى، كمّا وكيفًا... تغريد العصافير، صوت المؤذّن، الرّيح، تلاطم الأمواج الغاضبة...
" بدأ نهار جديد في حياة هذا الطّفل.." النّهار هو النّور الذي بدّد ظلام الليل، وهو بداية يوم جديد. وهنا إشارة مسبقة أنّ أمرا جديدا سيحصل في حياة مختار.
بدأ نهاره بإزاحة الثّلج. والثّلج هو الماء في حالة تجمّد- عكس الحركة- أزال هذا التّجمّد عن الأسماك كي تكون طعما، يجني منه حياة( يصيد أسماكا حيّة).
البحر يعلو ويهبط( توتّر)... البحر هو الحياة الرّحيبة ... " هو رمز لديناميّة الحياة، أو فعالياتها، هو مكمَن، وموضع وِلادات وتحوّلات ونهضات. هو الماء المتحرّك، ويرمز إلى حالة داخليّة انتقاليّة بين الممكن اللامتشكّل، والحقائق الممكنة المتشكّلة... ويدلّ على وضع ثنائيّ .. واقع الارتياب والشّك والحيرة الذي يمكن أن يؤدّي إلى خير أو شرّ، لذا فهو صورة الحياة والموت"
القارب هو السّبيل الذي نسلكه في حياتنا ومعركتها في البحر الكونيّ الواسع الغامض أحيانا والمجهول.
" أغمض عينيه انشغل يدعو الله... حتّى إذا صفا ذهنه في تامّل.. رأى سمكة تعوم..."
السّمكة هي الرّزق المقدّر من عند الله" وفي السّماء رزقكم وما توعدون"، وربّما يكون رزقا غير متوقّع؛ ممّا جعل الأب لم يصدّق ابنه في البداية، ويذهل عند دنوّ السّمكة من القارب.
عمليّة الصّيد الصّعبة هي الصّعوبة والجهد الذي يبذل لتحقيق المبتغى، وتحصيل الأرزاق المقدّرة. وفي النّهاية اصطيدت السّمكة، وإذ بها قرش. والقرش سمكة ضخمة مفترسة، وصنّفت من قبل الأب أنّها دون قيمة. وهنا إشارة لعدم إعطائنا القيمة لما يستحقّ ذلك؛ لأنّنا نجهل الماهيّة، ولا نرى الأمور بوضوح، ولا ندرك كنهها... لذلك عرض القرش للبيع بأبخس الأثمان: عشر ليرات! ولكن، الاستهزاء بقيمة ما أتى، جعل الآخرين أكثر استهزاء بالمعروض، فجاء من يبخس الثمّن إلى قرش واحد!
قرش بقرش... وهو العنوان الذي اختير بدقّة. القرش السّمكة العملاقة، تباع بقرش!( سخرية)
وتأتي النّهاية تفيض حكمة عندما وجد في بطنه ما يغني ويسعد... وكان من نصيب من اشترى القرش بقرش " لا تدري نفس ماذا تكسب غدا..." إشارة واضحة إلى جهل الإنسان للجوهر، وتقييم ما يستحقّ التّقييم، وأنّه أضعف من أن يفهم سرّ ما يأتي به الله من أرزاق وأقدار.
وجاءت الحكمة في النّهاية على لسان الوالد،وتعكس استسلاما للقدر الذي لم يفهمه. وربّما أجد هنا تلميحا لرفضنا وتذمّرنا من أقدارنا التي لا نفهم الحكمة منها!
وتعود الحركة النّصيّة في النّهاية إلى الهدوء الذي بسطه الليل، ولفّه تغريد العصافير، وأذان الفجر ... النّهاية سكنت بعد عصف كلّ الأحداث في النّصّ، وكانت قمّتها أثناء اصطياد القرش.( سكون... حركة بدرجات متفاوتة... سكون ).
عمليّة السّرد كانت بحبكة قويّة، أمسكت القارئ بحبالها جيّدا حتّى النّهاية التي جاءت مفاجئة، لكنّها زادت من قوّة الحبكة!
الاسم مختار ... اختياره موفّق ... فهو مختار ليصبح غنيّا، بعد صيد القرش. لكنّه لم يفلح في المحافظة عليه؛ لأنّ سلطة والده أقوى من سلطته. فبيع القرش وظلّ مختار محتارا!
شكرا لك أخي الدكتور سمير على هذه القصّة، وما تضمّنته وهدفت إليه!
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
10-02-2012, 05:52 PM
وقرأت للشاعر شادي الغول تلك الدرة في أمير واحتنا
https://www.rabitat-alwaha.net/showpost.php?p=662448&postcount=1


تَعلمتُ القَوافي مِن سَمِيرِ=مِن العُمَريِّ ذِي العلمِ الغَزِيرِ
أَرَاهُ بِواحةِ الشُّعرا غَدِيراً=وَحَظِي أَنْ شَربتُ مِن الغَديرِ
فَهَذَّبتُ المَبانِي واستَقامَتْ =مَعاني الشِّعرِ مِن رَجُلٍ قَديرِ
بُحُورُ الشِّعرِ قد تَخفَى عَلينا =وَما تَخفى البُحُورُ على خَبِيرِ
وَلَو أنِّي شَرِبتُ الشِّعرَ خَمراً =لَكانَ السُّكرُ مِن شِعرِ السَّمِيرِ
كَنابِغَةِ الزَّمانِ إذا تَراهُ =وَحِيناً كَالفَرزدَقِ أَو جَريرِ
إِنِ الشُّعَراءُ مُا فِيهمْ كَشوقِي =فَذا العُمريُّ مِن بَعدِ الأميرِ
وَمَهما صَدَّنِي الشَّيطانَ عَنهُ =فَما نَحلٌ يَعيشُ بِلا عَبيرِ
فَلا بُغضٌ وَلا كُرهٌ لَديه =يَضَّمُ النَّاسَ فِي صَدرٍ كَبِيرِ
وَرُبَّ صَداقةٍ مِن بَعدِ سُوءٍ =يكون بها المَصيرُ مَعَ المَصيرِ

نادية بوغرارة
13-02-2012, 11:21 AM
المتألقة آمال المصري ،

أشكرك على المشاركة في الموضوع .

:0014:

نادية بوغرارة
17-02-2012, 12:06 AM
سؤال عن مفهوم الأدب الإسلامي ، و قصيدة من عيون أدب العمري في نظري ،


أحـــجّ روحــــا


http://www.youtube.com/watch?v=iLOxzXxbBFY&feature=related

نادية بوغرارة
17-02-2012, 12:18 AM
رأي في مفهوم الأخوة الحقيقية



الأخــوّة مــنــهــج


http://www.youtube.com/watch?v=YGthtCZPI3A&feature=related

نادية بوغرارة
19-02-2012, 08:09 PM
عذرية الإنشاد

الأستاذ محمد ذيب سليمان


https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=53283



عذرية الإنشاد
مهداة الى أخي سمير العمري بأعياد الواحة



شـيَّدت صرحا للأديب الصـــادي



ومزجــــت قلعتــــه بطيـــن وداد


وجمعتنــا يا ابن الكـرام بواحـــة

عــذريــة الأزهــــــار والأعــــواد







بتنـــا نغني كيف شـاء لنا الهوى

ومرادنـــا التقـــريب بعـد بعـــــاد







فهنـــاك حســون وذلـــك بلبـــــل

وعلى الغصون يمامة في الوادي

وعلى النهيـر تنـــام في أحضائه

ســرب الظبـــاء برفقــة الصيــاد


وقصائد العشاق تسبح في الضيا

فكأنمــا فـوق الســـحاب تنــــادي







والنثــر ينقش في الجدار بيانـــه

بين الحـــروف بريشـــة العــــواد



والفكر يضحك والرواية تنتشــي

ملء الكــؤوس وروعـة الإنشـاد



هــذا القليــل من الكثيـــر مجنـــد

في واحــة العمري بيت الضــــاد







فكأنمــا شـــمس نــراه موزعــــا

خيــط الضيــاء بعتمـــة المنقـــاد



بيت القصيد وجدت نفسي مبحرا

مـــا بين حرف ســـامق وجيـــاد


فلهـــا البهــاء بكل حــرف يرتقي

ولهــا وفـــاء الصّيـــد والأجــــواد

احمد خلف
26-02-2012, 03:56 AM
الدكتور والشاعر سمير العمري .....غني عن التعريف
وكل ما يرد ..يستحقه واكثر
على الأقل (الدال على الخير كفاعله)
وهذه الواحة الغناء....سيل من الحسنات
نسأل الله أن ينفعنا وينفعه بها
يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلا من أتى الله بقلب سليم
عندها نقول.........
فزنا.......................ورب الكعبة .إن شاء الله

وليد عارف الرشيد
26-02-2012, 05:41 AM
ردي على قصيدة الأمير ( صوتٌ دعاك ) :


يا سَيِّدِي مَنْ ذَا يُغِيثُ بَوَابَلٍ مِنْ مُفْرَدَاتْ
بَغْوَ الْقَرِيضِ إِذِا ازْدَرَتْهُ الْهَاطِلَاتُ الْمُمْرِعَاتْ
مَنْ ذَا يُسَانِدُهُ إِذَا عَدِمَ الْوَسِيلَةَ ..
لِلتَّبُصِّرِ فِي ضِيَاكْ
مَنْ ذَا يُعِينُ الْوَاجِفَ الْمَبْهُورَ يَلْهَثُ سَاعِيًا
مَا أَسْعَفَتْهُ سَمَاؤُهُ قَدْحًا وَمَا أَصَابَ مِنْ أَنْوَائِهِ غَيْرَ السُّكَاتْ
وَمَا بِأُنْمِلِ وَحْيِهِ مَهْمَا اسْتَطَالَ بِنَائِلٍ
أَلَقَ الثُّرَيَّا فِي سَمَاكْ

نادية بوغرارة
27-02-2012, 10:28 AM
جمع لأبيات الحكمة في شعر الدكتور سمير العمري ، بمبادرة مشكورة من الشاعرة

ربيحة الرفاعي .


أبيات الحكمة في شعر العمري

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=55701

نادية بوغرارة
27-02-2012, 10:31 AM
الدكتور والشاعر سمير العمري .....غني عن التعريف
وكل ما يرد ..يستحقه واكثر
على الأقل (الدال على الخير كفاعله)
وهذه الواحة الغناء....سيل من الحسنات
نسأل الله أن ينفعنا وينفعه بها
يوم لا ينفع مال ولا بنون
إلا من أتى الله بقلب سليم
عندها نقول.........
فزنا.......................ورب الكعبة .إن شاء الله
=========


بوركت يا أخي أحمد خلف ،

شكرا لك على المرور و على رأيك الذي يعبر عن رأي كل من عرف أدب الدكتور سمير عن حق .

دمتَ و الواحة .

نادية بوغرارة
27-02-2012, 10:35 AM
ردي على قصيدة الأمير ( صوتٌ دعاك ) :


يا سَيِّدِي مَنْ ذَا يُغِيثُ بَوَابَلٍ مِنْ مُفْرَدَاتْ
بَغْوَ الْقَرِيضِ إِذِا ازْدَرَتْهُ الْهَاطِلَاتُ الْمُمْرِعَاتْ
مَنْ ذَا يُسَانِدُهُ إِذَا عَدِمَ الْوَسِيلَةَ ..
لِلتَّبُصِّرِ فِي ضِيَاكْ
مَنْ ذَا يُعِينُ الْوَاجِفَ الْمَبْهُورَ يَلْهَثُ سَاعِيًا
مَا أَسْعَفَتْهُ سَمَاؤُهُ قَدْحًا وَمَا أَصَابَ مِنْ أَنْوَائِهِ غَيْرَ السُّكَاتْ
وَمَا بِأُنْمِلِ وَحْيِهِ مَهْمَا اسْتَطَالَ بِنَائِلٍ
أَلَقَ الثُّرَيَّا فِي سَمَاكْ

==========


مرحبا بالأديب و الأخ وليد عارف الرشيد ،

سررت بحضورك و مشاركتك الداعمة للموضوع .

دمتَ بكل خير .

نادية بوغرارة
12-03-2012, 11:07 AM
من الشاعر الأستاذ عبداللطيف استيتي



عرفتك في القريض أيا سميري = تعد الدفء لليوم المطير
فما الدنيا سوى كر وفر = وما الإخلاص إلا في الضمير
ملأت شواطئ الواحات حبا = وصنت بناءها بدم الجسور
فلا عجبا أخيَّ البوح إنا = على طرفي جهاد في المصير


//

تحياتي لك أيها العمري الجسور ,,,

نادية بوغرارة
12-03-2012, 11:11 AM
الشاعر ماجد أحمد الراوي






تُهدى التحيةُ من قيسٍ ومن مضرِ = إلى سمير العلا ذي الرفعة العمري
المنصف الشعر والكاسيه مفخرةً = أخو الوفاء ومن طبع النفاق بري
والمرجع الأمر للدرب القويم إذا = خاض الأنام بطين المين والكدر
والموضح الحق إذ أودت به سُدَفٌ = حتي تلألأ فوق الأفق كالقمر
حُييتَ ياابن فلسطين العلا فلقد = أثبتّ أنك بالمجد الأثيل حري
سقاك رب السما غيثا نعمت به = ورحت ترفل بالإسعاد والظفر

نادية بوغرارة
12-03-2012, 11:15 AM
الشاعر فرج أبو الجود


يا شيخنا العمري
أقبلت كالقمر ِ
وخطاك ساحرة
يا ساحر البشر ِ
ويديك حانية
في واحة السمر ِ
أفنانها ذهبٌ
والحَبُ من درر ِ
ونسيمها عبق
أواه في السحر ِ
والحُبُ خيمتها
والود كالشجر ِ
والفكر صورتها
في أروع الصور ِ
والحسن بلبلها
يشدو مع المطر ِ
أهديك قافيتي
يا شيخنا العمري

نادية بوغرارة
12-03-2012, 11:31 AM
أَقُول و قَدْ رأيتُ بذاتِ صبحٍ = تألُّق واحَة تزْداد سبْقا

هنيئا للرِّفاق بفجر حلم = تَراهُ عيوننا حقًّا و صدقا

و ربِّي إنني أختال فخرا = لأني من مَعينِ العِلْمِ أُسْقى

و ما لي غايةٌ إلا اجْتهاد = و أرْجو في سَما الآداب، أرْقى

و لا شكرا أرومُ و لا مديحا = و لكن مِنْحَتي أَنِّي سأبقى

أيا العمريُّ أبشر بالمعالي = و ذو صِدْقٍ غَدًا لَا بُدَّ يَلْقَى

إذا ما هاجت الأصوات تَعْلو = فَصَوْتُ الواحَة الخَضْراء أنْقَى


:os:

=====

https://www.rabitat-alwaha.net/showpost.php?p=637922&postcount=2

نادية بوغرارة
12-03-2012, 11:43 AM
للواحة و أميرها و أعضائها .





أفياء و أوفياء


هاتِهَا بَسْمات حُبٍّ = مِنْ أَزَاهِيرِ الصَّفَاءْ

هَاتِهَا و اسْقِ القَوَافِي = شَربَةَ الفَرْح الرّوَاءْ

يا بُحُورَ الشِّعْرِ قُولِي = هل تُجيدِينَ الغِنَاء؟؟

إنَّ لِلأَفراحِ لَحْناً = بَاتَ يَرْنُو للبَقاءْ

واحَةٌ فيهَا نُسَرّي = عَنْ هُمُومٍ وَ استِيَاءْ

واحَةُ فِيها غِراسٌ = مُثْمِرٌ ،فَخْرُ النَّمََاءْ

سَامِقٌ فِيهَا " سَمِيرٌ "= شِعْرُهُ فَذُّ البِنَاءْ

"مَازِنُ " الدُّكْتُورُ فِيهَا = صَارَ عُنْوانَ الوَلاءْ

للعِراقِ الحُرِّ وَهْجٌ = منْهُ "مَحمُودٌ " أضاءْ

" سَالمٌ " في اللَّهِ آخَى = دَرْبُهُ دَرْبُ الوَفاءْ

و " ابْنُ سِنْجَارَ " المُصَفَّى = بَارِعٌ بِالشِّعرِ جَاءْ

مِصرُ منهَا قَدْ أَطَلَّتْ = مَنْ؟؟ " رَنِيمٌ " كَالضِيَاء

و " الرَّفاعِي " قَدْ كَسَاهاَ = اللهُ مِنْ ثَوْبِ البَهَاءْ

هلْ رَأَيْتُمْ مِثْلَ " رِفْعَتْ " = فِي التَفانِي وَ الإِخَاءْ ؟؟

أَوْ رأَيْتُمْ مِثْلَ " نَجْوَى " = في صُّعُودٍ وَ ارْتِقَاءْ ؟؟

سَلَّمَ اللهُ" البَيَاسِي " = عِلْمُهُ رَحْبُ العَطَاءْ

ليْتَني أَدْرَكْتُ ذِكْرًا = شَامِلا دُونَ انْتِقَاءْ

كُلُّكُمْ إِخْوانُ حَرْفٍ = إِنْ رجالٌ أَمْ نِسَاءْ

زَيِّنوا أَفياءَ صرْحٍ = بالأَغَانِي في سَخاءْ

وَرْدَة الإصْباحِ اُهْدي = في ابتِدَاءٍ و انتِهاءْ

أيُّهَا الأَحْبَابُ إِنِّي = لِي إِذَا زُرْتُمْ رَجَاءْ

دَعْوَةٌ بِالخَيْرِ تَدنُو = نَحْوَهَا بَابُ السَّمَاءْ





https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=49636

نادية بوغرارة
12-03-2012, 08:26 PM
بمعروف(للعمري) بين الموجود والمنشود


بقلم / الأديبة كاملة بدارنه

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=56002


https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=55640


(بمعروف) عنوان يذكر بآيات قرآنية كريمة تدعو إلى معاملة النّساء بالمعروف.
"فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" (البقرة 299)
"أمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف" (البقرة 231)
"فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف" (الطلاق 2)
"واتمروا بينكم بمعروف" (الطلاق 6)
نحن أمام فكرة عرضت في قصتين. ففي القصة الأولى الزوجة تقوم بواجباتها تجاه زوجها على أكمل وجه. وجاءت الأحداث معروضة لنا من قبل راوٍ مشرف كلّي، وصف لنا الخارج والداخل. حيث استقبلت الزوجة زوجها مشعلة الشّموع بكل هدوء وروية. والبيئة المصورة هي بيئة ثرية زاخرة بمسببات الراحة. أريكة وثيرة، مائدة غنية بالأطعمة، وغنى عاطفي وتنتظره بشوق. ثم ينتقل الوصف إلى الداخل: شعور الحب والرضا والسعادة لعلاقة بدأت منذ عشر سنين وتطورت. ويبدأ توتر الأحداث بجملة " ولست أدري لمَ أشعر.." أي أنّ المشاعر تغيرت... ثم راحت تستعيد الذكريات بالنظر إلى الصّورة. ويطول المونولوج لتعرض لنا الشخصية من خلاله الخلل الذي أصاب العلاقة الزوجية.
لم يعكس دخول الزوج إلى بيته وتعامله مع زوجه أن هناك مشكلة في العلاقة. لقد عبّر الزوجان عن شوقهما وبدت الأمور سوية؛ ليتفاجأ القارئ بعدها بأن جوزيف حاضر جسدا، وليس روحا ومعترفا لزوجه بارتباط وتعلق قلبه بأخرى؛ لأن بينهما ميولا واهتمامات مشتركة، وطلب منها المسامحة. ويدهش القارئ من ردّة فعل (ماريا) التي أبدت استعدادا لالعيش مع ضرّة لكن الكنيسة والقانون لا يسمحان وأعطته مطلق الحرية في التصرف، ثم اتصلت بعشيقته تستأذنها أن تكون صديقة، وطلبت من الزوج الاحتفاظ بصورته.
يقف القارئ أمام مشهد غير مألوف. زوجة تتحلى بصفات غير معهودة بالنسبة للمرأة - من وجهة نظر نسائية - فلا يمكن أن تدعو امرأة ضرة إلى بيتها وإن سمح القانون، فالضَرّة لغةً من الضرر. وكأننا هنا أمام الواقع المنشود، أي احترام وتقبل، وإن اختلفت الآراء، ففراق بمعروف.
الصورة مركبة وتظهر بدعوة للحفاظ على الأخلاقيات والمثاليات ضمن إطار الأسرة، طالما الزوجان مرتبطان وهي هنا المعاشرة بمعروف. وطيبة المرأة ربما كانت إشارة لعدم إعطاء الشرعية للزوج للذهاب إلى من فضّلها عليها. فهي تقوم بواجبها - حسب ما عرض في النص - وما ادّعاه من حاجته لأخرى لم يعطه النص أهمية نصيّة، حيث لم يحتل مساحة في النص كتلك التي احتلها ما تقوم به الزوجة.
في القصّة الثّانية، حافظ الكاتب على نفس الزّمان الذي ذكر في الأولى وهو الشّتاء، (يلبس معطفه الثقيل...لنهار شتوي) وفي كلتا القصتين نظر البطل من خلال النافذة. فالنافذة هي المنظار الذي ينظر من خلاله للكون، وأداة كشف. لكن ما رأى يوسف يختلف عما رأته ماريا، فالأخيرة رأت الثلوج وكان الوقت ليلا. الثلج حالة جامدة من المادة. إشارة ورمز مسبق إلى أن هناك جمودا وفتورا في العلاقة، والليل زاد من القتامة، فرحيل الزّوج في النهاية مهّد له النص.
ينظر يوسف لنهار شتويّ. النهار نور والنور حياة. وهنا رمز أن حياته مستمرة بوضوح فهو مشغول جدا، وزميلته في الجامعة تحبّه وقد وجد نفسه ينساق وراء هذا الحب، وفي نفس الوقت يحرص على إسعاد زوجه.
إشراف الراوي الكلي هنا بدا أيضا جليّا. فقد وصف السّلوكيّات والمظهر وما يختلج في النفس من مشاعر وأفكار... يدخل يوسف مبتسما ومريم بعكس ماريا التي حضّرت مائدة فاخرة، تحتسي القهوة بعبوس وترفض إقترابه منها وهديّته. صورة معاكسة لما قرأناه في الأولى (تصرف المرأة)، وليس هذا فحسب فالمرأة هنا تتغنى بماضيها وبمن تقدم لها من شبّان. وهذا المنشود خطير لأنّه ماضٍ. فحياتها قائمة على ذكرى وهميّة تتحسر عليها وترغب فيها وتذكّره نقمةً من الحاضر الموجود.
أثناء جدال يوسف ومريم نلاحظ الإسقاط على الآخرين هي تقول: (سامح الله أبي)، وهو يقول: (سامح الله أمّي). هنا تنصّل من المسؤولية في الاختيار ونقمة على الموجود. وهذا نوع من الهروب ووسيلة دفاع عن النّفس التي لم تفلح في التأقلم والعيش مع واقعها.
يوجد تطرق لقضيّة اجتماعية هامة وخطيرة في الزواج. وهي اختيار الأهل وتدخلاتهم في حياة أبنائهم. وهذه ظاهرة تميّز المجتمع الشرقي؛ لذلك لم تذكر في القصة الأولى (عشر سنوات منذ التقيته)
ويكمل الرجل بالدفاع عن ذاته بذكر قيامه بواجبه وتقديم كلّ ما يلزم (هل قصرت بحقك يوما؟، هل قسوت عليك) يعكس كلامه أنه ملتزم بواجباته تجاه زوجه رغم عدم اختياره لها. وهنا دعوة للالتزام بالعشرة الحسنة والمعاملة الجيدة، وان لم يكن الحبّ هو أساس العلاقة. لكن علاقة المرأة تعكس الموجود الصعب، والرجل يعكس المنشود رغم أنه موجود.
هناك أيضا تطرق إلى قضية الجمال الخارجي التي تباهت به مريم. ولهذا أهمية كبرى، فهو اهتمام بالمظهر دون الجوهر. وربما كان القصد أن الجمال دون الأخلاق والتعامل الحسن لا قيمة له، وبيّن كلامها أنها سخيفة وسطحيّة ولا تفكر بعمق. فلم يفدها جمالها في سعادتها.
كانت نهاية الجدال باعلان يوسف نيّته الزواج بأخرى. وهنا نقف أمام حالة من الحالات التي تبيح للرجل الزّواج من أخرى، طالما كان تعسا في حياته ولا يجد ما يحبّ، رغم عدم تقصيره في واجباته .
فالزواج بالثانية يعرض كضرورة وحاجة، وليس ركضا وراء الأهواء والشهوات. النهاية في كلتا القصتين كانت الفراق، لكن في الثانية ساد العنف الذي كان سوءا في التصرف وكبتًا داخليا. حيث لم تحسن الشخصية التّعبير فجاء السلوك همجيّا بينما في الأولى ساد الهدوء والعقلانية.
الواقع الموجود في القصتين غير مرضٍ. هناك طرف ممتعض مما يؤدي إلى تخلخل العلاقة الزّوجيّة. وتعرض القصتان شخصّية الرّجل الباحث عن سعادته مع امرأة أخرى، بينما لم تظهر المرأة رغبة في البحث عن بديل للزوج الذي تركها برضا، وللزوج الذي تركها مخذولا. أي أنّ الحل أعطي للرجل ولم يعط للمرأة. وقد يكون ذلك إشارة أو توضيحا لأسباب التعددية وليس البحث عن بديل للطرف الآخر.
تعيش الشّخصيات في القصتين حياة غير مرضية لذا كان المنشود حياة أفضل. وهنا دعوة لعدم التقوقع أو البقاء ملتصقين بطين الحياة طالما كانت هناك مياه عذبة يمكن التّطهير بها مع الحفاظ على الحكمة والفطنة أثناء الغوص في طين العلاقة التي ينوي طرفٌ التخلص منها. وهذا ما تحقّق في القصّتين ومع رجلين ينتميان لعالمين مختلفين في كل شيء. وهنا يظهر هدف القصة القصّتين (مع أن كل قصة بالإمكان اعتبارها مستقلة وقائمة بحد ذاتها) ، لكن جاءت الثّنائية للمقارنة وإثبات الشّمولية في الفكر والتّجربة بين بني البشر من أجناس مختلفة، ودعوة لحياة كريمة حسب ما يحتاج الفرد، وبما أقرّه الله له ولا حاجة لظلم النفس.

نادية بوغرارة
12-03-2012, 08:31 PM
الشاعر إدريس الشعشوعي

إلى أستاذي الحيب سمير

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=8861






فمن حبٍّ أتيناكم نزورُ=و في صفحٍ عسى قلباً يُشيرُ
سميراً قد عرفنا ما أصبنا=و كانَ الصّدقُ حوّاماً يدورُ
لقدْ أعياني ما قلتُ احتجاجاً=و كلُّ الحرصِ في قولي مديرُ
فلو تعفو فأنت الأهلُ أرجو=و إنْ تعدِلْ فقدْ جئنا نسيرُ
هيَ الأخطاءُ تستلُّ البقايا=و هذا الودُّ في قلبي منيرُ
بأيِّ الثوبِ تختارُ اختباري=فإنَّ الصّفوَ إيماني الكبيرُ
وما جئناكَ منْ زورٍ ننادي=و لكنَّ الفؤادَ لكمْ حسيرُ
يجرُّ الحزنَ في تيهٍ و فكرٍ=و بعضُ الحزنِ ملاّكٌ خطيرُ
إلى عهدٍ من الصفوِ اشتياقي=لعلّ اللهَ في يومٍ يثيرُ
لئنْ حطّتْ غيومِ السوء دهراً=ففي الآفاقِ قد لاحَ البشيرُ
على الإخلاصِ قد سرنا اعتماداً=و هل يذوى و لي سربٌ قديرُ
و لنْ تفنى المعاني ما استدامتْ=معاني الصّفوِ في جمعٍ تمورُ
تذيبُُ الوحرَ و الإحسانُ ينمو=كما الروضاتُ يغزوها العبيرُ

نادية بوغرارة
20-03-2012, 04:22 PM
الشاعر همام رياض


https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=677955&posted=1#post677955





بِئْرُ الحطَيْئَة ..... وَهَالَةُ العُمَرِيّ
إعْتذارٌ لواحة الخير عن (ربيع واحات الحطيئة)
شعر : همَّام رياض

.........................................

رِيحٌ - وَهَدَّ اللَّهُ - منْ أفْشَاهَا
وبِكُلّ مُخْتَلفِ التُّخومِ حَشَاهَا
<>
حتّى عَثَا الإِدْغَامُ في الْفَاظِنَا
من طُولِ شَدِّ أنُوفِنَا وهَوَاهَا
<>
لَبِسَتْ لَهَا ثَوْبَ العبِيرِ تَسَتُّرًّا
وَمَضَى علَى رَطْبِ الحَرِيرِ سُرَاهَا
<>
كَمُنَتْ لَنَا خَلْفَ الهَوَاءِ فَلَمْ نَفِقْ
إلاَّ وَقَدْ غِبْنَا فَمَا أَحْجَاهَا
<>
عَجَبًا قَضَيْتُ وتَشْرَئِبُّ تَأنُّقًا
لَكَأَنَّ حَشْدًا هَائِمًا حَيَّاهَا
<>
لَوْ كانَ للمُتَنَبِّئِ اسْتِنْشَاقُهَا
لَبَكَى لِزَائِرَتِي العِظَامِ حَيَاهَا
<>
ما لِلحُطَيْئةِ لاَ يكُفُّ دَمَامَةً
وَطِئَ القَصِيدَةَ خسَّةً وسِفَاهَا
<>
فكأنّمَا قد حدَّثَتْهُ لدى الكَرَى
احْشَائُهُ عَنْ غَيِّهَا فَرَوَاهَا
<>
وَ مضى يميدُ بصوتها مترَنِّمًا
يَجْتَرُّه في سُكْرِهِ مَسْرَاهَا
<>
إِنَّ المكَارِمَ أَنْ تُشَمِّتَ عاطِسًا
لا منْ يَطُوفُ عَلَى المَلا بِرَحَاهَا
<>
يَارُبَّ ضَحْكٍ اسْتَقِيهِ وَخَلْفُهُ
دَمْعٌ تقَلَّبَ في الشُّجُونِ فَتَاهَا
<>
أفْضَى فَضَلَّ الى المَآقِي سَبِيلَهُ
وَرَأى تقَلُّبَ حَيْرَتِي فَسَقَاهَا
<>
لِلّه واحُ الخيرِ منْ كَرَمٍ بها
مَا دِرْعُهَا إلاَّ كَرِيمُ جَنَاها
<>
-والعَفْوُ قَبْلَ الصَّفحِ -دَيْدَنُ عِزِّهَا
غَمَرَ النُّفُوسَ تجِلَّةً بشذَاها
<>
للّه مَاءٌ بِئْرُهُ من زمْزَمٍ
يَرْعَى القُلُوبَ صَفَاءُها وشِفاهَا
<>
ما إِنْ يَرىَ فيه الحُطَيْئَةُ وجْهَهُ
حتَّى يَخِيبَ شَنَاعَةً بِبَهَاهَا
<>
مَازَالَ بِالعُمَريِّ هَالَةُ حِلْمِهِ
دُجَنُ الجَهالَةِ دُونَهَا تَتَنَاهَى
<>
مَا زَالَ يَدْفَعُ بالتي اخْضَرَّتْ بِهِ
-نُبْلاً تَسَامَى - واحَةٌ تَتَبَاهَى

نادية بوغرارة
21-03-2012, 10:58 AM
فخر بمجد

الشاعر نافع مرعي بوظو

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=678287&posted=1#post678287




.



إهداء إلى : الدكتور سمير العمري الموقر حفظه الله.



كَمِثلكَ لمْ يُلاقِ الفَخرُ إِنْ لاقَى =كَمِثلكَ ، أَنْتَ بالأخلاقِ مَنْ فَاقَا
وَرِفعةُ قَدرِكُمْ رَسَخَتْ بِأكبادٍ= تَرَاكَ عَلَى جَبِينِ الدَهْرِ عِملاقَا
سُروْجُ المجدِ تَاهَتْ دُونَ راكِبها= فَصَاغَ المَجْدُ للعُمَريِّ مِيثَاقَا
غَرَسْتَ الخَيرَ وَاحَاتٍ مُغَرِّدَةً =لِعُشَّاقٍ أَحَبُّوا فِيكَ أَخْلاقَا
أَيَا العُمَرِيُّ إنَّكَ خَالِفٌ مَجْداً= بِنِعْمَ الخاَلِفِيْنَ الفخرُ قَدْ لاقَا


كمِثلكَ لمْ يُلاقِ الشِعرُ إنْ لاقَى= أَمِيرَ الحَرْفِ للأشْعَارِ ذوّاقَا
قَصِيدةُ شِعْرِكمْ فتَحَتْ لأذْهَانٍ =وللأَشعَارِ آفَاقاً وَ أَعْمَاقَا
بيُوتُ الشعرِ ضَاقتْ منْ مَضاجِعِنا =وَبَاتَ الشعرُ بالعُمَريِّ خَلّاقا
فَرُوَّادٌ لِحَرْفِكَ فِي تَأَلُقِهِ = وَإِبْدَاعٌ يَزِيدُ النَّفْسَ إِشْراقَا
أيَا العُمَرِيُّ إنِّكَ سَابقٌ عَصْراً= فَنِعمَ الفاتحينَ العَصرُ قدْ لاقَى


كمِثلكَ لمْ يُلاقِ الطهْرُ إِنْ لاقَى =فَمَا تَنْفَكُّ لِلفَحْشَاءِ مِغْلاقَا
وَأَنتَ الخَيرُ إنْ مَا غَيمَةٌ هَطَلتْ =وَبِالأَفَضَالِ تَأْتِي البِرَّ سَبّاقاً
سَكينةُ قلبكمْ خَفقتْ بأفئدةٍ =وعَاشَ القلبُ بالعُمَريِّ خَفَّاقَا
فَذُو بِرٍّ وَذُو فَضْلٍ وَذُو أَدَبٍ=جَعَلتَ الحُبَّ بِالإِحْسَانِ مُنْسَاقَا
أيَا العَمَرِيُّ إنّكَ سَاكنٌ قَلبِي=لنِعمَ الساكنينَ القلبُ قدْ تَاقَا

نادية بوغرارة
21-03-2012, 08:40 PM
بمجد أميرنا العمري

الشاعر د. مختار محرم

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=56326







قَصِيدٌ فِيهِ لَاحَ الْحَرْفُ دَفّاقَا = أَتَى بِالنُّورِ أَطْيَافًا وَأَطْوَاقَا

حُرُوفُكَ نَافِعٌ بِالْحِكْمَةِ اتَّشَحَتْ = لِتَزْرَعَ فِي ثَنَايَا السَّطْرِ مِيْثَاقَا

وَتَنْسِجُ مِنْ شُعُورِ الْحُبِّ قَافِيَةً = تُطَوِّقُ مِنْ عُقُودِ الفُلِّ أَعْنَاقَا

رَأَيْتُكَ شَاعِرًا بِالْحَقِّ مُعْتَصِمًا = يُجَسِّدُ فِي دُرُوبِ الصِّدقِ أَخْلاقَا

يُعَلِّقُ فِي سَمَاءِ الْمَجْدِ أَنْجُمَهُ الـــ = زَهَتْ بِالْحُبِّ تَرْوَي مَنْهُ آَفَاقَا

بَدَوْتَ كنجمة ألقت أشعتها = بِوَاحَتِنَا التِي تَختَالُ إِشْرَاقَا

فَكُنْتَ بِأَجْمَلِ الأَشْعَارِ مُنْتَشِيًا = وَكُنتَ لِمَدْحِ خَيْرِ الْقَوْمِ سَبَّاقَا

بِمَجْدِ أَمِيْرِنَا العُمَرِيِّ يَحْتَفِلُ الـــ = قَصِيدُ وَيَنْبَرِي لِلْمَدحِ تَوَّاقَا

بِبَابِ سَمِيرِنَا تَزْهُو قَصَائِدُنَا = وَيَبْدُو الْحَرفُ فِي نَجْوَاهُ عِمْلاقَا

وِإِنْ سُقْنَا لِوَصْفِ نَدَاهُ أَحْرُفَنا = مَلَأنَا مِنْ بَدِيعِ الْقَولِ أَوْرَاقَا

حَكِيمٌ تَعْرِفُ الْأَقْوَامُ حِكْمَتَه = بَلِيغٌ لَمْ نُشَاهِدْ مِنْهُ إِطْرَاقَا

حَلِيْمٌ عَادِلٌ سَمْحٌ بِمَكْرُمَةٍ=لَهُ الأَمْجَادُ تَطْوِي الْأَرضَ أَشْوَاقَا

فَمَا بَالَغْتَ حِيْنَ بَدَأتَ مُفْتَتِحًا = (كَمِثْلِكَ لَمْ يُلاقِ الطُّهرُ إِنْ لاقَى)

وَقَدْ أَنْصَفْتَ حِيْنَ أَتَيْتَ مُمْتَدِحًا = وَقُلْتَ مَقَالَةً أَحْيَيتَ أَذْوَاقَا

(بُيُوتِ الشِّعْرِ ضَاقَتْ مِنْ مَضَاجِعِنَا = وَبَاتَ الشِّعْرُ بِالْعُمَرِيِّ خَلَّاقَا)

نادية بوغرارة
08-04-2012, 12:07 PM
هذه المرة أترككم مع تحفة فنية من إنجاز الفنان سائد ريان ،

أهداها إلى الدكتور سمير العمري .


( قمت بتصغير الصور لكي لا تتأثر قياسات الصفحة ، لتكبيرها
يرجى فتحها في صفحة مستقلة بالضغط عليها .)



http://www5.0zz0.com/2012/04/04/16/680525615.png




http://www11.0zz0.com/2012/04/05/07/865472600.png



https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?p=686366#post686366

سائد ريان
08-04-2012, 12:43 PM
أختنا الأستاذة القديرة
نادية بوغرارة

سلاما لكم من حنايانا
و نسرينا و ريحانا
و جزيل الشكر
و تحايانا

ربيع بن المدني السملالي
08-04-2012, 12:47 PM
فسحة رائعة وراقية عن الأمير الكريم والشاعر الطيب الفحل والأديب الماهر د . سمير العمري
لله درّك نادية ما أروع ما تطرحين
كوني بخير أيتها العريقة
تحياتي

نداء غريب صبري
08-04-2012, 01:16 PM
تعجبني جدا صفحتك هذه أختي الحبيبة
تجمعين فيها عسل النحل الذي وقف على زهرات الأمير سمير العمري
قتصنعين لنا خلية رائعة

شكرا لك

بوركت

آمال المصري
08-04-2012, 03:40 PM
سمر الواحة للشاعر رياض شلال المحمدي

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=56707


طــيّــبُ الـقـلـب ، نــاصــعُ الإنــتــمـــاء
واســـع الـصــــــــدر ، رقـــــــــــــةً ووفــــــاء
يـخـلـب الـلــبّ فـي اقـتـنــاص الـمـعـانـي
ولــهـــــــذا أحــــــبّــــــــه الـخـــــــلـــــصـــــاء
عُــمَــريٌّ لــم يــثــنــه الــدهــر عــزمــا
فــــــتــــــزاهــــــى حــيـــــــــاؤه والــوفــــــاء
يــغــرس الـخــيـر شــاديــا ثــمّ يـمـضـي
يــجــتـــنــــي الأنــس مــن طــيــوب العـــــلاء
رائــق واثــــقٌ ، أديــبٌ أريـــبٌ
هــــاديءٌ ثــائــــرٌ ، ســـــخــيّ الـحــــفـــــــاء
فــاذكــروا فــضــل واحــة يــتــنــامــى
مــــــــن مـُـســـمّــــاه ، أيــّــــهــا الأدبــــــــاء
ولــيــكــن أســـوة لــكـــلّ شـــجــيٍّ
يـــــنــــشـــــد الـعــــزّ أو دروب الإبـــــــــــاء
أيـّـهـا الـشــعـر بـالـذي أنت تـهـوى
خــــــذ فـــــؤادي فـقــد عــشــقــــت الـبـهــاء
وتــمـهّــل : مَــقــام صــرح الأغــانـي
يــتــأتـــــى مـــــن واحــــــــــــــة الــدوكــــاء
كــالأقــاحــي مــم الـنـســيــم تــداعــت
وهــي خــجـلــى عــلــــى حــفـيــف الــدعــاء
فــاحــمـل الــدرّ أيــّــهـا الـبـحــر فــضــلاً
فــنــصــيــبــي مــن النــضـــــــيــد الـفـضـــاء
وارســم الإبـــداع الــنــقــيّ بــروجــا
يــرتــقــي حــسّــــــهــا جــبــيـــــن اللــقـــــاء
تــلــك هــمــزيّــة أبــلــت حــروفــي
ســمــر الروح عـــــــن ســمــيــر الــنــقـــاء
بــيــن وعــيٍ بــثــثــتــهــا ووعـــاءٍ
وافــتــقـــــارٍ إلـــى هـــــــــدى الــعــصــمــاء
تــتــهــادى هــديّــة دون مَــــنٍّ
فــهــي تــشــــــدو عــن نــاصــع الإنــتــمــاء
**********************:0014:

نادية بوغرارة
09-04-2012, 10:43 AM
أختنا الأستاذة القديرة
نادية بوغرارة

سلاما لكم من حنايانا
و نسرينا و ريحانا
و جزيل الشكر
و تحايانا

==========


بارك الله فيك يا أخي الفنان سائد ريان ،

ألف شكر

نادية بوغرارة
09-04-2012, 08:31 PM
فسحة رائعة وراقية عن الأمير الكريم والشاعر الطيب الفحل والأديب الماهر د . سمير العمري
لله درّك نادية ما أروع ما تطرحين
كوني بخير أيتها العريقة
تحياتي
========


بعض مما عندكم يا أخي السملالي ،

حين تكون الواحة فيها أمثالك ، يكون سقف الهمم عاليا ،

و يغري بالتشبّه .

جعلني الله عند حسن ظنك بي ، و اعذرني إن بدر مني أي تقصير .

بارك الله فيك .

ربيع بن المدني السملالي
15-04-2012, 03:28 AM
========


بعض مما عندكم يا أخي السملالي ،

حين تكون الواحة فيها أمثالك ، يكون سقف الهمم عاليا ،

و يغري بالتشبّه .

جعلني الله عند حسن ظنك بي ، و اعذرني إن بدر مني أي تقصير .

بارك الله فيك .

لا لم يبدر منك إلا الخير والإحسان ، وأنا جدا فخور بك أنادية ، فأنت من طينة خالصة ، وقليل مثلك ..كما أحسبك ولا أزكيك على الله ...
دمت ودام إشراقكِ أيتها السامقة
وفيك بارك المولى سبحانه
تحياتي لك وخالص الود

نادية بوغرارة
15-04-2012, 04:49 AM
لا لم يبدر منك إلا الخير والإحسان ، وأنا جدا فخور بك أنادية ، فأنت من طينة خالصة ، وقليل مثلك ..كما أحسبك ولا أزكيك على الله ...
دمت ودام إشراقكِ أيتها السامقة
وفيك بارك المولى سبحانه
تحياتي لك وخالص الود
========


بارك الله فيك ، و أسعدك ،

و فتح لك من خزائن العلم و الحكمة .

أخجلت حرفي الذي عجز عن شكرك بما تستحق .

لك مني دعوة خالصة في هذه الساعات المباركة .

د. سمير العمري
22-04-2012, 10:21 AM
أعجز عن الشكر والامتنان لك أيتها الكريمة الفاضلة على هذه الجهد الطيب والذي يدل على رقي همتك وعظيم خلقك وصدق وفائك.

هنا يعجز الكلام عن التعيبر عن مدى التقدير والامتنان فلا حرمنا فضلك الدائب في عوالم الأدب.

دام دفعك!

ودمت كربمة نبيلة!


تحياتي

نادية بوغرارة
22-04-2012, 01:06 PM
أعجز عن الشكر والامتنان لك أيتها الكريمة الفاضلة على هذه الجهد الطيب والذي يدل على رقي همتك وعظيم خلقك وصدق وفائك.
هنا يعجز الكلام عن التعيبر عن مدى التقدير والامتنان فلا حرمنا فضلك الدائب في عوالم الأدب.
دام دفعك!
ودمت كربمة نبيلة!
تحياتي
========


العفو يا دكتور سمير العمري ،

بل أنا من تتلعثم في صدري الكلمات عاجزة عن التعبير عن عظيم امتناني لإطلالتك الكريمة ،

و عن عميق سعادتي أن نال هذا العمل استحسانك .

و هو لا شيء أمام ما يستحقه قدرك و جهدك و قلبك .

دمت رمزا لكل خير .

نادية بوغرارة
22-04-2012, 01:14 PM
تعجبني جدا صفحتك هذه أختي الحبيبة
تجمعين فيها عسل النحل الذي وقف على زهرات الأمير سمير العمري
قتصنعين لنا خلية رائعة
شكرا لك اخي
بوركت
===========


مرور أحبه ، من أخت لها مكانة خاصة .

الغالية نداء ،

دمت بكل خير .

نادية بوغرارة
25-05-2012, 02:32 AM
أقمت في قلبك الحاني لنا وطنا
من رام سعداً ومن رام الجمال دنا

زهور صدرك كم اهدت معاطسنا
عبير ودك صحواً كان أو وسنا

أنعم بقصر سميرٍ في حدائقه
وفي خلائقه أنعم به سكنا

نادية بوغرارة
28-05-2012, 01:34 AM
إطلالة على عالم الشاعر: سمير العمري

بقلم الدكتور مصطفى عراقي

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=21672




إطلالة على عالم الشاعر: سمير العمري

الناظر المتأمل في عالم الشاعر القدير سمير العمري يلمح تميزه بسماتٍ عديدة أحب أن أشير هنا إلى ملمحين مهمين من ملامحها :
أولاهما : اتساق البناء وتوازنه :
والثانية : العزف البارع على أوتار اللغة مبناها ومعناها؛ لبلوغ آفاق شعرية تتجلى في هذا التلاقي الحميم تشكيلا تصويريا ، وتوظيفا عضويا.
وقد تجلت هاتان السمتان وما يتفرع عنهما من سمات فنية وأسلوبية في العديد من قصائده
ولكنني سأمثل لها هنا أولا: بقصيدته

" قرتي وقراري"

ويمثل هذا التلاقي بين الكلمتين هنا ظاهرة أسلوبية لدى شاعرنا حيث تطالعها في الكتب الفكرية: مثل:
القيمة والشيمة
والقصة كما في المفارقة الدرامية بين الكنه والنكهة في قصة"نكهة"
وتنظير وتدبير
ولست أقصد هنا إلى ما قد يتبادر إلى الذهن من الجناس اللفظي فإن هذا سهل ميسور وإنما أشير إلى ما يتولد من هذه المقابلات اللغوية من استثارة تدعو إلى التأمل الدلالي للوصول إلى دلالات ثرية ، وأبعاد ممتدة ، تماما كما تضع مرآة لن تحصل منها على صورتين فحسب ، بل أضعافا مضاعفة حيث تتولد "الأبعاد من أبعاد" حسب تعبير نزار .
فتكون العناية باللفظ هنا ليست من باب إظهار البراعة والاقتدار بل من باب اللجوء إلى التشكيل الفني اللفظي المؤدي إلى تحقيق جوهر الغرض الدلالي.
ثم يضاف إلى ذلك المفارقة المعنوية ويكون ذلك بالجمع بين كلمتين مختلفتين في اللفظ ولكن الشاعر يقرنهما في قرَنٍ واحد لتحقيق التوازن المنشود في المعنى والمبنى.
وسوف أتناول هاتين السمتين مجتمعتين كما أتتا في نسيج القصائد متضافرتين ، متشابكتين
حيث يتجلى توازن البناء منذ البيت الأول :

لا رَيْبَ أَنَّكِ مِنْ نَعِيمِ البَارِي=وَبِأَنَّكِ المَقْسُومُ مِنْ أَقْدَارِي
حيث يقرن "النعيم" إلى "المقسوم" ؛ ليجمع بين كلمتين ينتمي كل منهما إلى خقل دلالي مغاير ، لكنهما تتآزران معا في سياق تجربة إنسانية متميزة وذلك بالجمع بين فضيلة شكر النعمة ، وفضيلة الرضا بما قسمه الله له. في اتساقٍ واضح.

على أنني لم أحبذ استهلال القصيدة بعبارة "لا ريب" التي أراها بعيدة عن روح الشعر التي تجلت في القصيدة كلها.

ثم يقصد الشاعر إلى رسم الشخصية المحورية هنا بإشارة غاية في الذكاء بالتلميح ، الذي هو هنا أنسب وأليق للمقام

وَبِأَنَّ عَيْنَيكِ ابْتِسَامَةُ خَاطِرِي =وَحَدِيثَهُنَّ مَوَاسِمُ الأَزْهَارِ
بالجمع بين الابتسامة والحديث لأن بهما كليهما تكتمل الصورة الإيجابية بخلاف ما لو اكتفى بأحدهما دون الآخر.، ومن الجميل أنه لم يضف الحديث إليها بل إلى روحها وعينيها مستخدما نون النسوة فكأنها صارت شخوصا حية في القصيدة
فأما على مستوى التشكيل فنلمسه في هذه الأبيات التي تتضافر فيها عناصر الطبيعة مع سمات المحبوبة لرسم صورة شعرية مشهدية ، حيث يتم تبادل الدوار بينها فيما يسمى في البلاغة العربية بالتشبيه المقلوب تحقيق عنصر الإدهاش في ذهن المتلقي:

البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ
وَالدَّهْرُ لا عَينٌ تَغضُّ وَلا فَمٌ=يَحْكِي وَلا أُذُنٌ لِغَيرِ السَّارِي
وَقَفَ الوُجُودُ عَلَيكِ وَالْتَزَمَ الهَوَى=يَرْنُو إِلَيكِ بِنَظْرَةِ اسْتِعْبَارِ
يَرْنُو إِلَيكِ فَأَنْتِ كُلُّ مَسَالِكِي=وَمَدَائِنِي وَمَرَافِئِي وَبِحَارِي
فالبدر هو الذي يعرف فيها رقة فجره ، ولا تقف الصورة هنا بل تنمو تصاعديا فإذا بنا نتأمل هذا الفجر في الأطهار، بل إن الدهر بل الوجود كله يشارك في هذا المشهد المثير وقد أضحينا نطالعها وقد أضحت فيه كل المسالك والمدائن والمرافئ والبحار يضيفها الشاعر إلى ذاته .
وتأمل معي كيف تحقق توازن البناء هنا في هذه الأبيات :
بين النور، والنار: للجمع بين نور الطيف في العين ، ولوعة الشوق في الحشا

وَأَقَامَ حَيثُ الطَّيْفُ نُورُ مُتَيَّمٍ=يَسْرِي وَحَيثُ حَشَايَ شُعْلَةُ نَارِ
بين الليل، والنهار: للمزج بين غفو الحلم وإفاقة اليقظة

يَغْفُو عَلَى كَفَّيكِ لَيلِي هَانِئَاً=وَيفِيقُ فِي شَوقٍ إِلَيكِ نَهَارِ
يبين الرؤى، وشوارد الأفكار: للالتقاء الرؤى الجلية ، وشوارد الأفكار الهائمة

وَتُقِيمُ عِنْدَ حُدُودِ عَالَمِكِ الرُّؤَى=وَتَهِيمُ فِيكِ شَوَارِدُ الأَفْكَارِ
بين حصن الأمان، ونبع الحنان: حيث يمثل الأول حاجة الجسد ، والثاني ضرورة الروح

يَا أَنْتِ يَا حِضْنَ الأَمَانِ لِغُرْبَتِي=وَلِمُهْجَتِي نَبْعُ الحَنَانِ الجَارِي
بل إن الشاعر يوازن حتى بين سخطٍ مفترض ، ورضا متحقق:

وَفَقَأْتِ عَينَ السُّخْطِ لا عَيْبَاً أَرَى=وَفَتَحْتِ عَينَاً لِلرِّضَا فِي الدَّارِ
وإن كنت أفضل اختيار فعل غير فقأت الذي أراه هنا يخدش سياق الجمال في القصيدة رغم وضوح مقصد الشاعر.
ومن طرائف التوازن هذا المقابلة الحميمة بين الإطعام والسقي ، في استخدام موفق لمفردات الحياة الزوجية التي تتسق مع التجربة اتساقا جليا:

أَطْعَمْتِ حَتَّى سَالَ شَهْدُ مَحَبَّتِي=وَسَقَيتِ حَتَّى غَرَّدَتْ أَطْيَارِي
ثم هذا التوازن الجميل بين عذوبة الهمس ، وجمال الحديث المؤنس:

وَمَنَحْتِ عَذْبَ الهَمْسِ مِنْ كَأْسِ الهَوَى=وَصَدَحْتِ لَحْنَ الأُنْسِ مِنْ قِيثَارِي
ومن الجلي أن هذه المقابلات قد نجحت في تصوير ثراء التجربة، وحركتها الداخلية والخارجية، لأنها تجربة إنسانية حية تموج بالحركة والحيوية.
ومن نماذج توازن البناء العالية التي تجمع بين جمال الشعر ودقة الفكر قوله في قصيدته النونية " لوعة البين" التي تجاوز فيها فكرة التأسي في المعارضة إلى آفاق أرقى حيث ينقل القصيدة من تجربة حب ذاتية إلى تجربة حين نكتشف في النهاية مع الشاعر اسم المحبوبة إذ يقول:
:

حَبِيْبَـةٌ بِالحَنبنِ العَذْبِ تَسْكُنُنِـي=وَفِـي الشِّغَـافِ أَنَادِيْهَـا فِلِسْطِيْنَـا
وفي هذه القصيدة نلمح التوازن بين الأمل المكتوب ، والأمل المكذوب:

فَصِرْتِ لِلأَلَمِ المَكْتُوْبِ مُدْمِنَةً=وَصِرْتِ بِالأَمَلِ المَكْذُوْبِ تُغْرِيْنَا
بما يحقق التوازن بين الإحساس الصادق بالألم ،
وبالرغم من الأمل هنا مكذوب فإنه يمد المتلقي بقيمة تحققه رغم افتقاده أو ربما بسبب افتقاده هنا ، ولكنه يعود إليه بعد ذلك في صياغة شعرية فكرية :

مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَتْ مُشَعْشِعَـةً=فِيْهِ الحَيَاةُ وَأَوْفَـى العَهْـدَ وَالدِّيْنَـا
وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوْطِ قَضَى=وَأَصْبَحَ التِّبْرُ فِـي أَحْزَانِـهِ طِيْنَـا
دلالة على أن الشاعر يتجاوز هنا فكرة الاكتفاء بالألم والجرح والبكاء إلى الأمل الحي الإيجابي
وأما فيما يتعلق بملمح الجمع بين التشكيل والتوظيف ، فأحب أن اعرض له من خلال مشهد مثير هو مشهد الطوفان ، من قصيدة : "فلك نوح":
حيث جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان، وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى :
"فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً جماليا ودلاليا ، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
فجاء المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
"صَفِّقِي يا روحُ
ثُوري
وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي بالرهبة والجلال
ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
"كالأطيارِ
تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها صراعا فنيا مثيرا
أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا.
هذا من حيث التصوير
أما من حيث التعبير
فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند "القلب النحوي البلاغي" هنا:
قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة نحوية إبداعية مبتكرة عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
وهذا قريب من التشبيه المقلوب الذي أشرت إليه في قول الشاعر:
البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ
ومن النماذج المشرقة للتصوير عبر التوظيف قوله في قصيدة :"يا مصر"

يَا مِصْرُ إِنِّـي أَنَـا يَعْقُـوبُ لَهْفَتُـهُ=لِرِيحِ يُوسُفَ قَدْ أَذْكَـى الحُشَاشَـاتِ
أَلْقِي القَمِيصَ فَفِي عَيْنَـيَّ مِـنْ وَلَـهٍ=هَالاتُ نُورٍ وَفِـي القَلْـبِ ابْتِهَالاتِـي
حيث يوظف قصة يوسف توظيفا دراميا ناميا لتصوير مدى الشوق .

وبعد فهذه إطلالة أولى أرجو أن تتبعها إطلالات أكثر تعمقا . لشاعرنا ولشعراء وأدباء الواحة الأجلاء ، وشواعرها وأديباتها الفضليات.
ودمتم بكل الخير والسعادة والتوفيق

نادية بوغرارة
28-05-2012, 01:50 AM
قراءة في قصيدته نهج الأخوة
للأستاذ خليل حلاوجي


https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=33487


قراءة في قصيدته نهج الأخوة


أولاً :

يطرح الشاعر نصوصاً فلسفياً مأخوذاً بروحية رؤيته القائمة على متون فكرية ترتكز على ( القياس) متغافلاً عن طريقة التفكير القائمة على (الإستقراء) فهذا البيت الثالث يقدم للقارئ سؤالاً عن الأخوة التي تعطي معنى الوفاق في ضمير الشاعر إذ يستصرخ البيت فينا حاسة الدهشة لتستنزف المشهد الذي صار الوفاق فراقاً وتخاتلاُ وإذاية ..وتناسى الشاعر أن الله تعالى حدثنا بأفجع من هذه الصورة في قرآنه المجيد وفي الساعات الأولى لبدء الحياة عن نبأ من قربا له (جل في علاه) قرباناً قادهما إلى اللحظة التي فارق أحدهما الآخر بالقتل .. ونحن أحبتي نتناسى أننا أبناء قابيل القاتل وأن المظلوم على الدوام .. مقتول ومفارق لنا.
هذا التاريخ يؤكد ما أقول فقد نعمت البشرية بسنة واحدة من السلام مقابل ثلاثة عشر سنة من الحروب كدلالة على بربرية ووحشية الإنسان .
مَاذَا اعْتِبَـارُ أَخٍ دَسَّ الفِـرَاقُ لَنَـا
يَأْتِي التَّخَاتُلَ حِينًـا وَالأَذَى حِينَـا

ثانياً
ينتقل النص إلى زاوية فكرية مبدعة حينما يخبرنا البيت الثامن وبإيجاز عن معضلة قيمية يقع في فخاخ عللها الكثيرون ، ذلك أننا نعتقد ونطلب المعاني بالألفاظ ونتحصن بالشعارات عن الولاءات ، فكل إمام وخليفة وقائد وزعيم وقد جلس فوق رؤوس السيادة لتفاصيل حياتنا مخادعاً بزخرف القول فصدقناه أن شرعة السلطان هي بعض شرعة القرآن فهتفنا بالروح بالدم نفديك يا .. زعيم المزاعم.

أَمَّنْ تَوَضَّأَ طُهْرَ القَولِ مِـنْ نَجَـسٍ
وَقَـالَ إِنِّـي إِمَــامٌ لِلمُصَلِّيـنَـا

والعلة التي يفكك أسرارها هذا البيت الخطير هي الوباء الذي أصاب الأمة في مقتلها.
حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْـرَارِ رَاسِخَـةً
كَمَا العَقِيدَةُ فِـي الأَحْشَـاءِ تَمْكِينَـا

فكما يحدثنا القرآن عن صنف المنافقين الذين رفعوا في وجوهنا آيات عقيدتهم المزيفة ونحن لانشاهد الزيف كذا تحدثنا الأيام عن صنف المخاتلين الذين رفعوا في وجوهنا آيات مبادئهم المشوشة ونحن لا نشاهد التشويه.
ثالثاً

عندما يصل الشاعر إلى رفح وطابا وسينا في قوله

أَمَّنْ يُهَدِّدُ سَـاقَ العِـزِّ فِـي رَفَـحٍ
وَيَقْبَلُ الذُّلَّ فِي طَابَـا وَفِـي سِينَـا

تبدأ القصيدة بأخذ منحى جديد منتقلة من التلميح إلى التصريح ليغوص الشاعر في تفاصيل حكايات فجيعتنا الكبرى ، ليصل التصور الشعري إلى أقصى مدى المصارحات إذ يقول :
مَاذَا اصْطِبَارُكِ يَا دَارِي وَقَدْ عَصَفَتْ
فِيكِ النَّوَائِبُ مِمَّـنْ قِيـلَ: أَهْلُونَـا؟
فالشاعر يعزو ما أصابنا إلى أنفسنا وهو تقرير قرآني مجيد ؛ اقرأ إن شئت قول الله تعالى :
وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ..{30}سورة الشورى


أخيراً

خلاصة ما تريد أن تقوله القصيدة من أن معادلة النصر هي:
(همتي + همتك أخي ) يساوي أو أكبر من ( همومنا )

\
الشاعر هنا يبدو متألقاً حتى في حزنه ؛ فهذا النص الثري يخبرنا عن نبضه الشعري وهو يكتب بقلم من نقاء.

أحيي في سطور القصيدة عنفوانها.

وباركك ربي أيها الشاعر الفحل .

نادية بوغرارة
28-05-2012, 01:54 AM
قراءة فكرية لقصيدة ( إزار العفو ) لسمير العمري
بقلم الأستاذ : خليل حلاوجي

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=20837



قراءة فكرية لقصيدة ( إزار العفو ) لسمير العمري
القضية هنا ان الانسان ولكي يفهم العالم كما هو لا كما يتمناه لابد ان يعرف مصادر الحقيقة عند كل انسان في عالمنا هذا .
وهذه الخطوة يجب ان تسبق حكمنا على مواقف من نقابلهم لاننا لن نفهم المعنى مما تسمعه آذاننا أو تنطقه حروف لسان من نادانا او عادانا .
لن نعرف معاني الحروف الا لحظة الصفو لا الكدر ولحظة الهدوء لا الغضب
وَأَلْبَسْتُ الْحُرُوْفَ عَلَى الْمَعَانِـي
ثِيَابَـاً مِـنْ حُمَيَّـاتِ السُّـلافِ
والشاعر هنا في هذا البيت يشير وبوضوح وببلاغة مدهشة الى اننا قد نسكر بشعورالمؤانسة كسُـكرنا بشعور الغضب فلا نأبه لمصادر الحقيقة التي أشرنا اليها صدر المقال .
الشاعر لايقع في هذا الفخ فيورد لنا حروفه وهي تصور لحظة قلق سبقت حزنه الدفين من موقف تعرض له ، والشخصنة في هذا الموقف هي سر هذا الحزن
أَتَانَا بِالتَّجَنِّـي خَيْـرُ صَحْبِـي
وَظُلْمُ الصَّحْبِ كَالسُّمِّ الزّعَـافِ
فأقربهم اليه أورده المظالم فكان الشاعر يتحسس تجنيه كأنه قد تجرع السم القاتل وكذا نذوق من الحروف ماقتل .
ثم ينقلنا الشاعر الى تاريخانية هذه المشاعر وانه بذل لصديقه الحفاوة لصون عهده وكان نصيبه من جنة حروف الشاعر أزهار المديح صدقا ً وعهداً في القوافي لنصل معه الى لحظة المعاناة كونه نسّاج يحيك من خيوط الحروف كلماته ليري للعالمين سجادة مشاعره كدالة على نقاوة العلائق التي ربطته بصديقه بحقيقة مشاعر الشاعربل نراه قد ذهب الى أبعد من هذا وهو يصرح ان نسيج المديح قد أصبح قميصا ً طالما رآه الناس ملبوسا ً عند ذاك الصديق وكأن الشاعر يخفي مرارة حزنه لانه الآن غير قادر على محي حروف المديح بعد خذلان الصديق لصديقه كما هو متعذر أن ينزع القميص الهدية عمن أهداه ذات يوم لذاك الصديق
انه يقول لنا ببلاغة الشعراء ان الحميمية التي تتملك قلوبنا حين تقابل بالخذلان فان الفؤاد سيبكي نبضه الذي أسرف في الولاء للصاحب الحميم .
شاعرنا يجيد عرض البأساء التي أورثه اياها أقرب صحبه فيصور لنا مشاهد من العتاب قلما قرأناها شعرا ً بهذه الدرجة من الرفعة في الادب فكان حقا ً علينا إذن الاعتراف بهذه الشدة من الانبهار كوننا الطرف المقابل للمعادلة مابين الاديب والقارى
*
*
وحينما نصل الى قوله
وَلَسْنَا مَنْ نَجُـورُ وَإِنْ ظُلِمْنَـا
وَلَسْنَا بِالإِسَـاءَةَ مَـنْ نُكَافِـي
فانه يضعنا في مربع حواري مختلف اللهجة عما قدم في صدر القصيدة ، انه يصرح ان ثمة ظلم قد وقع وثمة إساءة ، فننتقل معه وهو يقلب محاور العلاقة بينه وبين الصديق الذي صار ظالما ً مسيئا ً ، ونحن نتذوق المعاني هنا ينقلنا الشاعر الى المنظومة الخلقية القرآنية والآية فيها تقول لنا كيف نجعل العدو كأنه وليا ً حميما وإنها لانتقالة موفقة من الوصف ( أتانا ) والضمير فيها يعود على الصديق وهو لايحتمل الا صيغة الإفراد الى تكرار الوصف ( لسنا ) يصيغة الجمع كأن الشاعر يقرر سلوكياته مع كل أحد من الناس سوى هذا الصديق المتجني .
وبعد كل تلك المواقف ينقلنا الشاعر الى المشهد الفصل في حكايته وهو يصف لنا لقاحات قد جربها وهو يعرض لنا إساءة المرض الانساني الاخطر ... ( غدر الصاحب لصاحبه)
سَنَشْفِي الْجرْحَ مِمَّنْ جَارَ فَينَـا
وَفَاءً ، فَالوَفَـاءُ بِـهِ انْتِصَافِـي
ولقاح هذا الوباء هو الوفاء تحت قاعدة الانصاف وقليل من البشر بات اليوم في زمن الزيف هذا يستطيع ان يعي حقيقة الانصاف فيعطي كل ذي حق حقه فالمسلم الحقيقي من آمن ان لاقوة الا بالله فلا يجور الا بالله ولا يغضب الا لله ولا يصاحب الا لله ولعمري هذه هي خلاصة الحكمة الانسانية والعملية ... انه الاسلام دين القيم مهذبة السلوك
الشاعر أخذنا الى فضاء فكري فالرؤية الاسلامية تقر بالوحدانية للإنسان كعنصر فاعل في هذا العالم ولايقر الفردية التي تنم عن انانية تسحب البساط من تحت اقدام انسانية الانسان وسموه كما فعلت في الغرب ، والقصيدة تفصح عن نفسها بثقافة اللاعنف ورفض الإقصاء للآخر المذنب المسىء بل تؤكد على قبوله تحت عنوان الوفاء لاهل الوفاء ، والشاعرتبنى هذه الحقيقة وهو يعي ربطها ادبيا ً بالنص الالاسلامي المقدس فقدم لنا مرة أخرى ماعاهدنا عليه كون الفكر هو قائد الشعر
انه الدكتور سمير العمري ...الذي وفى فكرا ً وشعرا ً

ملاحظة أخيرة
كان تصدير القصيدة بعبارة من قديمي الأثر البالغ في نفسي ولكني أتسائل هل كان يعني ان الشاعر كتب القصيدة اليوم عن حادثة قديمة ان انه نشرها اليوم وهي مكتوبة من دون ان ينشرها قبل اليوم
ففي الجواب عن هذا السؤال يكمن معنى ً بنيوي يخص رؤيتي كمتذوق ...
لازلت انتظر الجواب لعلي اكمل القراءة

نادية بوغرارة
28-05-2012, 02:01 AM
قراءة في فكر الدكتور سمير العمري

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=20768






*قراءة في فكر الدكتور سمير العمري
بقلم د. محمد حسن السمان


عندما قررت الكتابة هذا اليوم في موضوع " الفكر عند الأديب والشاعر الدكتور سمير العمري " وجدتني اعود بالذاكرة , الى ايام خلت كنت فيها , أتذمر مما يجري في عالمنا العربي والاسلامي , أتألم للفوضى والضياع , والعلاقات غير الحميدة , ومنعكسات هذه الحالة على مستقبل الأمة , كنت أتألم وأنا اشهد الابتعاد عن اللغة الاصيلة , والتدهور اللغوي والذوقي عند معظم الناس , كنت ومازلت , اشاهد الحيود عن التربية الاسلامية الحقّة , والدين القويم , فاللغة بالنسبة لي , هي مستوى الفرد في المجتمع , ومعيار رقيه وسموّه , وفي تجربتي الشخصية المتواضعة , قادتني ظروفي أن أعايش بعض المجتمعات , فقد عشت في انجلترة لفترة لابأس بها , تضمنت فترة الدراسة لتحضير درجتي الماجستير والدكتوراة , تبعها فترة عمل ليست بالطويلة , كنت خلالها ألحظ مستويات الافراد من خلال لغتهم , كم كنت أتمنى أن أحيي البروفسور "كونر" , لاتلقى منه جواب التحية , باسلوبه الراقي الأخاذ , كنت اختلق المناسبات لاجلس معه في حديث , لاستمتع بلغته الانجليزية العالية , ولمست مثل هذا في البروفسور" باجنال " وهو رجل كيمياء الاكتنيدات ( اليورانيوم والثوريوم ... ) في العالم , وإن كنت لااعده صديقا , وإنما رئيس عمل , ثم صرت أتابع هذه الظاهرة في المجتمع البريطاني , وناقشت السيد بيتر راج بهذا الموضوع , وبيتر كان مع "جورج ميتشل" , في المنظمة البريطانية المعادية للصهيونية , وهما حاليا اسمان لامعان في السياسة الاوروبية , قال لي " بيتر راج " إن اللغة السليمة هي الاصالة والمستوى والانتماء , وخلال فترة وجودي في اليونان في جامعة " يانينا " , وعلى الرغم من عدم فهمي الكافي للغة اليونانية , لكني لمست شيئا مشابها , عرفته من خلال من كان يشرح لي بنية المجتمع وسلوكياته , ولاحظت شيئا مماثلا خلال فترة وجودي في الولايات المتحدة الامريكية , إنها نفس الآلية التي نتبعها في مجتمعاتنا العربية , للتفريق بين العامة والخاصة , نوعية اللغة المستخدمة عند كل منهما , فالخاصة والنخبة تميل الى استخدام اللغة الفصيحة والسليمة , ويبدو أن الدكتور سمير العمري وعى هذه الحقيقة جيدا , اللغة مستوى , اللغة اصالة , اللغة انتماء , وهكذا جاء تركيز العمري على اللغة العربية السليمة , كأداة لاعادة صياغة الانسان العربي , ولمّا كان الشعر العربي , بشكله الفراهيدي , هو الضمان الاقرب للاصالة اللغوية , جاء تركيز العمري على هذا اللون من الشعر العربي , بشكل عفوي , وقد خدمته موهبته الاصيلة في الشعر , فهو قد نظم الشعر موزونا ومقفى , في مرحلة مبكرة من عمره , وتلقى تعليما كرّس لديه حب اللغة وآدابها , وحفظ القرأن الكريم , وأحسن تمثل آياته البينات , فارتقى في موسوعيته اللغوية , وارتقت ذائقته الانسانية , وتعمقت ابعاده الروحية , وقد تجذرت تجربة العمري الحياتية , نتيجة للظروف التي مر بها , خلال مراحل حياته المختلفة , وهجراته الثلاث , لقد عانى كثيرا من رؤية الصراعات والنزاعات , بين ابناء البلد الواحد , والنزعة الواحدة , والهدف الواحد , فأرجع ذلك الى عدم تقبل الآخر , وعدم وضوح الرؤية , والاخلاق المستوردة التي تشوش الفرد , وتحيد به عن الطريق السوي , وخاصة الايدلوجيات الغريبة , والسلوكيات التلفازية والسينمائية , وحمى الانانية والشجع والطمع , وضعف الارتباط والانتماء للارض والعرض والدين , أو قيام ردود الفعل الحدية , وغير المحسوبة , حيال التحديات والازمات والصراعات , والطفيلية السياسية والادارية , وتفشي الامراض المجتمعية والنفسية , فأصبح المواطن العربي مريضا مهزوزا , وفي القرأن الكريم :( كما تكونوا يولى عليكم) , وحيث أن الحكام والحكومات , لم تأت من فراغ , أو من مجتمعات اخرى ’ بل كانت افرازا لمجتمعاتنا المريضة , فالمجتمع غير السوي , يفرز حاكما أو حكومة غير سوية , وبالتالي فإن الحكومات التي انبثقت عن هذه المجتمعات المريضة , كانت حكومات مريضة بكافة أمراض الانسان , ولكي نصل الى حكام اسوياء أو حكومات سوية , يلزم أن نقيم في الأرض انسانا سويا , ينتج عنه قاعدة اجتماعية سوية , وهذا ما يقودنا الى فكرة : ضرورة إعادة صياغة الانسان العربي الذي فقد هويته , واستحوذت عليه امراض عجيبة غريبة , ليكون انسانا سويا صحيحا , وبالتالي نصل الى مجتمع صحيح معافى , يفرز في النهاية , حكاما وحكومات سوية صحيحة , وهكذا جاءت نظرية إعادة صياغة الانسان في فكر الدكتور سمير العمري , فعندما أسس موقع رابطة الواحة الثقافية , هدف من خلال ذلك تحقيق نظريته وفكره , مصرّا على الرقي في اللغة , مركزا على الشعر العربي الأصيل , بشكله الفراهيدي , معتبرا أن الشعر واللغة الأصيلة وسيلة لتحقيق هدفه السامي , في بناء الانسان , وقد نجح الدكتور سمير العمري , بجعل موقع الواحة , مختلفا عن بقية المواقع الموجودة على الشبكة العنكبوتية , فقد أصبح منبرا للفكر الحر الوسطي , وليس موقعا لنشر النتاج الأدبي , أو موقعا حواريا , بل ملتقى للنخبة من حملة فكر الوسطية , من أدباء وشعراء وعلماء ومفكرين , وقد حقق الموقع سمعة طيبة مشهودة , باعتراف البعيد قبل القريب ,
وبفضل الجهود المشتركة , التي تضافرت مع الدكتور سمير العمري , من أسماء أعلام يؤمنون بفكرة الرقي بالأدب , وفكر إعادة صياغة الانسان العربي , فقد استقطبت رابطة الواحة الثقافية على مدى عمرها المتواضع الذي لايتجاوز الخمس سنوات , عددا كبيرا من الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين الذين يؤمنون بنفس الفكر والمبادئ , البعض منهم يرتاد موقع الرابطة بانتظام , أو على فترات متباعدة , في حين أن البعض الآخرعبر الى مواقع أخرى لينشر فكر إعادة الصياغة , ومن الطبيعي أن تتفاوت وجهات النظر بين الأدباء والمفكرين , ليس في القضايا الاستراتيجية , وإنما في القضايا اليومية والاجرائية , فهجر البعض من الواحة إلى ساحات أخرى , ولكن لابد أن نشيد بالمستوى الراقي في التعامل مع الامور الخلافية و سواء من قبل الدكتور سمير العمري , أو من قبل الأخوة والأخوات من المفكرين والأدباء المهاجرين , والذين تركوا بصمات طيبة في مسيرة الواحة الثقافية .
وهكذا يمكن تلخيص ما تقدم وكأنه نواة نحو نظرية فكرية رائدة , يصوغها الدكتور سمير العمري , مع كوكبة ممن أسهموا في بناء صرح الواحة الثقافية , منذ البدايات الأولى , عبر مبدأ مهم من مبادئ العمل الفكري القائم على الاختلاف الذي يؤدي إلى حوار فكري ايجابي يفرز في النهاية توافقا أو تأكيدا على صحة المسار ,وترّكز هذه النظرية على إعادة بناء الانسان , باستخدام الأدب والشعر والفكر الحواري الوسطي , من أجل ايجاد قاعدة جماهيرية عريضة راقية , يكون عليها المعوّل في نشرأفكار التغيير , للوصول الى مجتمع سليم صحيح البنية , قويم التفكير , مجتمع يقرب في تركيبته من مجتمع المدينة الفاضلة , ولكن بشكل عملي , تقوم آلية الوصول اليه على خطوات مدروسة , ورؤية موضوعية , إن مثل هذا المجتمع لابد أن يفرز حكاما وحكومات فاضلة , يقوم عليها بناء الدولة القوية .

* قدمت هذه القراءة ضمن ندوة قراءات في فكر وأدب الدكتور سمير العمري , ضمن اجتماع أدباء الواحة الثقافية في دولة الكويت , في الاجتماع المخصص لها , من يوم الاثنين الموافق 26/2/2007
- الدكتور سلطان الحريري - الدكتور مصطفى عراقي
- الاستاذ مأمون المغازي - الاستاذ حسام القاضي
- الدكتور محمد حسن السمان

نادية بوغرارة
28-05-2012, 02:13 AM
قراءةٌ في بيتين من قصيدة " ابن قلبك " للشاعر المتألق د.سمير العمري

بقلم الأستاذ عمار الخطيب

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=22197


قراءةٌ في بيتين من قصيدة " ابن قلبك " للشاعر المتألق د.سمير العمري

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه..وبعد :

يقولُ الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ "(1) ، وفي الحديثِ أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ من الشعر حكمة "(2).

إنّ القارئ في نصوص الدكتور سمير العمري يقعُ على شعر مليءٍ بـ" الحكمة " ، حتى لتحسبُ – لوفرة الحكمة في شعره – أنّ صاحبنا قد بلغ من الكبر عتيّا!

والدكتور سمير نعرفه من خلال شعره شاعرا ومفكرا وحكيما ، فكما نلاحظ في شعره جزالة اللغة وبراعة التصوير ودقة التعبير…فإننا نلاحظ أيضا رجاحة العقل واتزان الفكر ونضوج الحكمة ، ولا نبالغ أبدا إذا خلعنا على الدكتور لقب الشاعر المفكر والشاعر الحكيم ، ومن اطّلع على أشعاره يدركُ أننا لا نرسلُ القولَ على عواهنه.

يقول شاعرنا في قصيدته التي يرثي بها والد الدكتور جمال مرسي – رحمه الله – :


فيابْنَ هَدْي رسول الله محتسبا =أحسن عزاك فخير الصبر في الجزع
والموتُ خير لسانٍ قال موعظة =مهما أذاقك من صابٍ ومن سلع

"
فيابْنَ هَدْي رسول الله محتسبا "
يخاطبُ شاعرنا في هذا البيت مَنِ ابتلاه الله - سبحانه وتعالى - بفقد حبيبٍ أو فراقِ عزيز... فينادي المُنادَى بــ " ابن هدي رسول " ، ولنا أن نتأمّل وقعَ هذه العبارة على الأذن والقلب...ذروة الرقة والملاطفة والمؤانسة ، فكأنّ الشاعر أراد البدءَ بها لتسلية المُخاطَبِ وتهيئته نفسيا قبل وعظه وإرشاده...

كان بوسع شاعرنا أن يقول : " يا من فقدتَ حبيبا ، اصبر واحتسب..." لكنّه هنا يراعي الحالة النفسية للمتلقي... فيذكّره أولا بأنه ابنُ هدي رسول الله تهدئة لنفسه وبعثا للطمأنينة في قلبه...فهي إذًا – إن صحّ التعبير – جُرْعَةٌ مُسَكّنَةٌ للآلام...وشرابٌ مهدئٌ للأعصاب...
ثم بعد ذلك نجده لم يقل : " إن كنتَ ابن هدي رسول الله فاحتسب " بل نراه يُوفّق في إيصال ما يريدُ بأسلوبٍ يذوبُ رقة وجمالا...يقولُ :
" فيابْنَ هدي رسول الله محتسبا " أي : حال كونك محتسبًا...
فبعد أن هدأتِ النفسُ واطمأنّتْ – ولو قليلا – بــ : " ابن هدي رسول الله "...يستيقظ المُخاطَبُ من ذهوله على صوتِ " محتسبا "!
تلميحٌ ذكيّ...وموعظةٌ رقيقة بأسلوبٍ غير مباشر ، مراعاة لحال المخاطَب من ذهول وغفلة وشَجَنْ...


" أحسن عزاك فخير الصّبْرِ في الجزع "
أيها المُبْتلَى إذا أردتَ أن تعزّي نفسكَ بما يخففُ عنها آلامها وأشجانها...فعزّها بالصبر....فإنّ الخيرَ كلّ الخير في الصّبرعند حلول المصيبة...
ولعل سائلا يسألُ هنا : لكنْ لماذا لم يُصَرّح الشّاعر بذكر " المصيبة " بل نجده قد ذكر أثرها ، أو ما يمكن أن يكونَ ناتجا عنها...فما السّر يا ترى في لفظة " الجَزَع "؟!
نقول : الجزعُ هو : نقيض الصبر كما يقول صاحب لسان العرب(3) ، والجَزَعُ عادةً ما يكونُ عند الصّدمةِ الأولى!
فكأنّ شاعرنا أراد - بإيراده هذه اللفظة - أن يُذَكّر المُمْتَحَن بأنّ صدمة المصيبة قد تدكّ أسوار صبره...وتُزَعْزِعُ حصونَ إيمانه...فيتحول حزنُه الممضّ في هذه اللحظات العصيبة إلى جزع...ولذا رأى شاعِرُنا أن يُذكّر المُصَابَ بأنّ الصبرَ الذي يُحْمَدُ عليه صاحبه...ويثابُ عليه فاعله بجزيل الأجر هو ما كان عند الصّدمة الأولى.
وهذا مصداق ما جاء في الحديث الصحيح أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم
قال : " الصّبْرُ عندَ الصّدمةِ الأولى "(4).
ولا يخطرنّ على بالكَ – أيها القارئ الكريم - أنّ القافية ألجأتْ شاعرنا لاستخدام لفظة " الجزع " دون سواها! فهذا الاحتمال بعيدٌ جدا...بل لا أراهُ صحيحا البتة ، ونحن نعلمُ علم اليقين أنّ شاعرنا القدير يمتلك معجما واسعا من المفردات...ولذا فإنّ القافية طوعُ بنانه في قصائده.


" والموتُ خير لسان قال موعظة ** مهما أذاقك من صاب ومن سلع "
حكمةٌ جليلة صُبَّتْ في قالب شعريّ مبهر...يقول الشاعر مخاطبا المُبْتلى :
كفى بالموتِ واعظا لك!
فالإنسان مهما استمع إلى وعظ الوعّاظ - وإن كانوا أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء -...فإنه لا يجد نفس الأثر الذي يجده عند هذا الواعظ الأصم الأبكم (الموت)!
ولذا يقولُ الرسول صلى الله عليه وسلم : " أكثروا ذكر هاذم اللذات " بالذال المعجمة : أي قاطعها(5).


" مهما أذاقك من صابٍ ومن سلع "
مهما جرّعَكَ الموتُ غُصَصَ الحزنِ والأسى...فلا تُلْهينّكَ أشجانك عن سماع موعظةٍ بليغةٍ تحاسبُ بها نفسك...وتذكّرها بأنّ مصيرَها الفناءُ أيضا!
والشّاعرهنا يشبّه مرارة الأحزان والآلام التي يتجرّعها مَنْ ابتُليَ بفقد حبيبٍ بمرارة شجر الصّاب والسّلع...
ثمّ لعل في ذكر الصّاب والسّلع (المرارة الحسّية) إشارة إلى أنّ الحالة الوجدانيّة
للمفجوع قوية ثائرة...يضطرب لها كلّه جسما ونفسًا...
فاللقمة الشهية قد تصير في فم المحزون علقما...!
ولعل قائلا يقول : لا أرى فائدة في ذكر " السّلع " بعدَ " الصّاب "...فكأنّه حشو!
نقول : يا أخانا الكريم ، وهل كلامُ البلغاء يتكرَّرُ عبثًا ؟!
صحيحٌ أن اللفظين مختلفان والمعنى واحد (المرارة)...لكن ألا ترى معنا بلاغة التأكيد
في كلمة " السّلع " وما تُحْدِثه من زيادةٍ في تقرير المعنى في ذهن السامع وتثبيته ، فشاعرنا يريد مِنْ سامعه أن ينظرَ للموتِ نظرة اتّعاظ واعتبار...مهما أذاقة الموتُ من صنوفِ الغصص والمرارات...
ثمّ إنّ في ذكر ضربَيْنِ من الشّجر المرّ إشارة إلى أنّ درجات الانفعال تختلف من شخصٍ لآخر...
فمرارة الأحزان والآلام قد تكونُ صابا عند البعض...وسلعا عند البعض الآخر...وهكذا بحسب درجة الانفعال.

ولعلنا أيضا في نهاية رحلتنا العُمَرَيِّة هذه نتأمل اختيار شاعرنا لــ "قافية العين" التي جاءت مناسبة لجوّ القصيدة الحزين بتأثيرها الموسيقيّ الفاجع...فنراها قد ألقتْ بظلالها الحزينة على جوّ القصيدةِ المفعم بالشّجن واللوعة.


عمار محمد الخطيب
2007-04-24
________________________________
(1) سورة البقرة ، آية رقم 269
(2) رواه البخاري في كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه.
(3) انظر : ابن منظور : " لسان العرب " - مادة (جزع).
(4) رواه البخاري في كتاب الجنائز ، باب الصبر عند الصّدمة الأولى.
(5) انظر : المباركفوري : " تحفة الأخوذي بشرح جامع الترمذي " (6 / 594)

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:03 AM
ترجمة قصيدة أهواك



وهذه ترجمة إنجليزية مني لأبيات أخي الشاعر سمير


shall i say i love you?
or shall i forget
and carry on
with no sustainance?
shall i keep on
walking the thorny trecks
niether bleeding nor in pain?
shall i go on ..
missing you
and loving you
hoping to see you
hiding in my tears
with rejected vain
led by all sorts of pain
in a place full of sadness
so far away
for without your love
i 'd have tasted
no grief
nor would i have
lost my belonging.
tell me,
for how long
shall we keep on going
in a world full of hell?
with no poetry
nor any melody?
in a world
with no place to rest
for a love-refugee
like me
tired of his long journey.
a journey so hard to understand
full of hopelessness
and bordom
ever.....


أصل النص


أَهْوَاكِ أَمْ أَنْسَاكِ
أَمْ أَمْضِي بِلا زَادٍ وَمَاءْ؟!

أَمْشِي عَلَى الأَشْوَاكِ
لا قَدَمٌ تَئِـنُّ
وَلا دِمَـاءْ

القَلْبُ يَخْفقُ بِالْحَنِينِ
وَيَرْتَجِـي قُـرْبَ اللِقَـاءْ

وَالكِبْرِيَاءُ مُحَرِّمٌ حَتَّـى عَلَـى العَيْـنِ
البُكَـاءْ

فِي غُرْبَةِ الأَحْـزَانِ يَحْدُونَـا الأَسَى
نَحْوَ الشَّقَـاءْ

لَوْلاكِ مَا ذُقْتُ الأَسَى يَوْمَاً
وَلا اضْطَرَبَ الوَفَاءْ

فَإِلَى مَتَى صَمْتٌ يَسِيرُ بِنَا لِدُنْيَا مِـنْ سَقَـرْ؟!

لا شَاعِـرٌ فِيْهَـا يُغَنِّـي لِلغَـرامِ
وَلا وَتَــرْ

أَوْ سَاعَةٌ تَصْفُو
لِمَنْ قَدْ مَلَّ مِنْ طُـوْلِ السَّفَـرْ

فِي رِحْلَةٍ لا اليَأْسُ يَفْهَمُ مَا تَكُونُ
وَلا الضَّجَـرْ

أَسْعَى إِلَيْكِ حَبِيبَتِي دَوُمًـا
وَلَكِـنْ لا أَثَـرْ !

هَلْ يَا تُرَى يَصْفُو الغَمَامُ
وَيَنْجَلِي وَجْهُ القَمَرْ؟!


وَمَضَيْتُ
والقَلْبُ الرَّقِيقُ يَكَادُ يَفْطرُهُ الأَلَـمْ

أَلْقَى بِهِ مِنْكِ الغُـرُورُ بِحُفْـرَةٍ
فِـي قَـاعِ يَـمْ

قَدْ عِشْتُ عُمْـرِي كُلَّـهُ
مَـا بَيْـنَ آلامٍ وَهَـمّ

فَمَتَى أَرَى دُنْيَا الْهَنَاءِ تَضُمُّنِي
مِنْ بَعْـدِ غَـمْ؟!

لا زِلْتُ أَحْلمُ بِاْلَهَوى
رَغْمَ الصُّدُودِ
وَلَيْسَ ثَمْ!

وَأَعُودُ أَسْأَلُكِ السُّؤَالَ بِحُرْقَةٍ


أَهْـوَاكِ أَمْ؟!

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:04 AM
قراءة في قصيدة الشيب والقلب


لمن فاته نقد الأستاذ "سامي" لهذه القصيدة فليبحر مستمتعا :

يسعدني أن أتعرض في هذه العجالة لقصيدة الشيب والقلب للأخ الشاعر : سمير العمري
وكعادتي دائما أحاولُ الغوص في أعماق الشاعر إن وجدت لذلك سبيلا لأُسلطَ الضوء - بقدر المستطاع- على ما تحتويه قصيدته في متنها من صور وبديع ناظرًا في الصدر ومارًا بالحشو ومنتهيا بالعجز ... فقد قرأت بعض مشاركات للشاعر سمير وأحب أن أُسجل هنا إعجابي بكثير مما قرأت .... إذن لنبحر سويا( في ) الشيب والقلب وليس( مع ) الشيب والقلب ..

وأضاءتِ الشمسُ الظلامَ بمفرقي
............................ شيبـاً تلألأ في الصبــاح المشرق

وأضاءت الشَّمسُِ ...أي جرأة في استهلالٍ بدون أي مقدماتٍ بواو كانها أداة نداء ! هي تختلف عن قول الشعراء ..وقائلة .. أقول وكانها أداة نداء لأن الشاعر أراد أن يجذب انتباه قارئه كالذي ينادي على شخص ما ليقول له شيئا .. فواو استهلال القصيدة هذه تدل على أن الشاعر كان مشغولا بأمر ما قبل نظمه للقصيدة ولا مناص من الجزم بأن هذه الواو كانت وليدة لمخاض في ذهن الشاعر وهذا المخاض أتى بوليدة قوية البنية ولا أراها تحبو حيث سمى الشاعر وليدته الشيب والقلب ..
أضاءت الشمس شيبا تلالأ رغم نور الصباح .. هل كان الشاعر ينظر لوجه حبيبته ورأى به انطباعات توحي له بأنه تقدم في السن ..هل كان ينظر بمرأة من زجاج وفضة ورأى بياض شعر رأسه أم كان ينظر بمرأة قلبه ... إنني أستبعد الاحتمال الأول وأُرجِّحُ الثاني ولا أُهمل الثالث كثيرًا ..

ولكن ما الذي كان يختلج في نفس شاعرنا من هواجس وظنون في حينها ؟؟ أهو التحسر أم الندم أم الجزع ؟ وكيف تناول الشاعر هذه الهواجس بل كيف خاطبها ..فلنرَ ..
لا تجزعي يا نفسُ مِنْ هذا الذي
........................... كالفجــرِ يبزغُ بعد ليــلٍ مغـدقِ
ما هذا الذي يتكلم عنه الشاعر كنكرة بالرغم أنه عرفه بقوله ( هذا الذي ) ؟ أنه يدري بأن النفس تدري ما معنى الشيب ومغزاه .. فهل أراد الشاعر أن يزين الشيب لكي لا تأس النفس على ما فاتها؟ .أم أنه بذل جهد المحاولة ؟ . إذن فلنواصل النظر بما في الشيب ..
فالعمرُ يبـدأُ حين يكتمـلُ الفــتى
........................... خُلُقَاً وعَقْـلاً فِـي رِدَاءِ تَأَنُّـقِ
ِومرة اخرى نتساءلُ ..هل يحاول الشاعر هنا مواساة نفسه ؟ أم أَنَّه يبرر واقع الحال ؟ لا وكلا .. بل إني أراه ينظر بعقل عينه, وبعين قلبه حين خاطبنا بلسان عقله ..

وَالشَّيْبُ بُسْتَانُ الوَقَـارِ وَرِحْلَـةٌ
........................... بَيْنَ التِقَاءٍ فِي الـرُّؤَى وَتَفَـرُّقِِ
لننظر لرؤى والتقاء وتفرق ووقار وقلب .. مالذي جمع بين كل هذه المفردات وما الداعي لها ؟ ومن الذي وظفها بكل هذا التناغم والتناسق ؟ بالقطع إنه لسان العقل ..ولعلنا هنا نعود للواو التي بدأنا بها لندرك أن الشاعر كان آخذًا بكل الأدوات اللازمة لمولودته الجديدة الشيب والقلب .
ورب سائل يسأل وما هذه الأدوات ؟ أقول .. أدواته الشعرية وتوظيفه البارع لها وسنبين ذلك لاحقا بإذن الله .. فلنمضِ مع الشيب ونترك القلب إلى حين ..

فِيْهِ التَّحَسُّبُ وَالتَّوَثُّـبُ وَالنُّهَـى
........................... فيــه الشـبابُ مغلفٌ في رونـــقِ
يواصل الشاعر في الدفاع عن محاسن الشيب فالذي يراه الأخرون عيبا رآه هو مزية وجميل منه أن يستدرك بقوله فيه الشباب مغلف في رونق ذلك لأنَّ الشاعر يعلم بان الشيب قد فرض نفسه على واقعه ولكنه أتى بكلمة الشباب هنا بالرغم من غياب كل الصفات المادية التي تثبت وجوده كما أثبت الشيب حضوره حين أطل من مفرق شاعرنا ولكنا نصدق الشاعر هنا بادعائه فليس كل مبيض الرأس بكهل ولا كل مسوده بشاب . . وحين ننزل للبيت الذي يليه نقول بأن الشاعر هنا قد جاء للنصف الثاني من اسم مولودته ألا وهو القلب ..إذن لنغوص في قلب الشاعر ونترك شيب الرأس كما أراد لنا حيث نراه يقول في الأبيات التالية :
يا ربَّــــةَ الحسـنِ البهـيِّ ترفَّقـي
........................... لا تعذلي هــذا الفـؤاد وأشــفقي
لاتظلمي بالشـيبِ قلـبَ معـــذَّبٍ
........................... يُخفيـه في حصن الوقار المخفقِ
مازال هذا القلبُ ينبضُ بالهــــوى
......................... إنْ طالمــا تجري الدمــاءُ وتلتقيِ

ترفقي , لا تعذلي , إشفقي , لا تظلمي , معذب .. كلمات مؤلمة على القلب والنفس كما هي مؤلمة لقارئها وملقيها.. هنا يبين الشاعر توظيف أدواته جليا حيث يخاطبنا مرة أخرى بلسان قلبه وأخاله كمحام يرافع عن قضية اختفت منها كل الوسائل المادية الثبوتية بل كل القرائن تصرخ ضده لذلك نراه بفطنة وذكاء يفاجئ القاضي بحجة دامغة قائلا :

لـولا التعفُّفُ والترفُّـــــعُ والهـــدى
..........................لرأيتِ منه هـــوى الشـباب المغـرقِ
لكنَّـما الدنيـــــا بضاعـــةُ خاســـرٍ
.......................... ما لـــم يُهــذِّبُهـــا الحليـمُ المتـّــقي
لولا التعفف ؟؟ .. مع أن هذه الكلمة مطروقة في أكثر من مناسبة لغير شاعر من قبل بيد أني لا ارَ أي تثريب على محامي ألقى بحجة لا تردُّ ليبرر ساحة موكله ..فما بالكم إن كان موكله هو قلبه..
ويواصل الشاعر سرد حيثيات دفاعه بما يزيل كل شبهةٍ عن قلب قاضيه ولم لا نقل عن قلب حبيبته هذه المرة .. فيقول:
نبكي على سـاعات لهـوٍ ضائـــعٍ
......................... وَالعُمرُ يُبْحِرُ فِي السَّرَابِ بِزَوْرََقِ

نبكي على لهو ضائع وعمر يبحر في سراب .. توليف جميل ونسج بديع بها حكمة املاها لسان العقل ..ونظل للسان العقل مصغين ونجول بأعيننا بين مفردات الشاعر لنراه يقول :
هي ساعتانِ فســــاعةٌ تمشي بنا
........................ نحـو الغـــروبِ وســـاعةٌ للمشـــرقِ

لقد استوقفني هذا البيت كثيرًا وقرأته واضعا الشروق قبل الغروب وأرجعت الكرة بنظري وقرأته بذهني من زاوية أخرى واضعا الغروب قبل الشروق فوجدتني أكبر شاعرنا واترنم قائلا ..أنه عين لإبداع .. إبداع المبرز لميزات صنعته والمجمل لعيوبها حتى ليكاد أن يخفيها .. الإبداع يكمن هنا إن تأملنا سواد الشعر وتحوله للبياض أليس هو تحول الغروب للمشرق .... فكيف جئتم أيها الشاعر الفطن الذكي بهذه الصورة بل بهذه الحجة الدامغة لتستحقوا وبجدارة وسام الإبداع .. أحييكم من كل قلبي .. ونكمل سويا حيث نرى الشاعر يقول :

تطوي بنـــا الأيَّـامُ رحلـــةَ عابــــرٍ
......................... يســــعى حثيثـاً للمنـونِ المحــدقِ
بالأمـسِ كانت للطفـولةِ ســـاحةٌ
......................... واليــوم يُســرعُ بالشـبابِ ويشتقي
وغـداً لنـــا عنـد الكهولةِ موعـــــدٌ
........................ هي خاتـمُ الدربِ القصــيرالمطبــــقِ

تطوي بنا الأيام رحلة عابر ويختم الرحلة بدرب قصير مطبق ويعرج بينهما على الطفولة ومراتع لهوها .. تسلسل واتساق جميل حيث نرى أن الشاعر قد خرج بنا من الشيب وأمسك بشعرة خفيفة من قلبه لا من شيب رأسه وأخذنا لبحر آخر أراه قد أجاد الإبحار فوق لججه والغوص في أعماقه .... أخذنا إلى بحر الحكمة ليرينا كيف يرمي بمرساته حين تتقلقل المراكب الماخرة فيه فيقول :

ياراكبـاً بحــــرَ الظنـــونِ مســافراً
........................ بســــفينةِ الخِضــر ِالتي لم تغــرقِ

لنقف هنا للحظة متأملين ما أراد الشاعر قوله عن بحر الظنون ولم ربط بين سفينة الخضر وبين من امتطى بحر الظنون ؟؟؟؟ إذن لنبحر مع قبطاننا ولنا أسوة بقصة نبينا موسى عليه السلام فكم كنا نتمنى عليه لو صبر أما نحن فسنحاول ما استطعنا لذلك سبيلا من أن نصبر وألا نستعجل الكشف عن الجواب ولنا مندوحة في ذلك .. فدعونا نستقرئ ..
اللـــــه أنقـذها وألهــمَ أهلهــــــا
....................... أنْ لا يخافـــوا من منــــونٍ محـــدقِ

هنا نرى سردًا إخباريا عن قصة معروفة في القرأن الكريم ولم يأتنا الشاعر بشئ جديد حيث أن السفينة أنقذت بمشئة الله بالرغم من العيب الذي كان لا محالة سيتسبب في إغراقها .... أنكتفي بهذا القول ؟ ألا يرجعنا هذا الربط لمولودته التي ولدت تمشي كما أسلفنا ولم تحبو .. ألا يعزز ذلك دفاعه عن الكهولة ويعضد قوله حينما قال بأن الشباب ليس بسواد الرأس ولا المشيب ببياضه وبأنه ربما قلب كهلٍ به من المحبة أكثر بكثير مما يوجد بقلب شاب .. ولم لا نضيف الاحتمال الثالث ألا وهو المثل الشعبي القائل وكم من حمل سبق أمه للمذبح ... أي أن الموت ليس بعيد عن ربيع الشباب ولا هو باقرب إلى خريف الكهولة .. ونستمر في الاستقراء لقوله ::
وكليمُ ربـِّـــكَ خـائفٌ متســــــائلٌ
....................... أيمـــوتُ مَنْ فيهــا بفعــلٍ أخــــرقِ
ويخـاف رغـم المعجـزات بعلمــــهِ
....................... والخِضــرُ أهـــدأُ منْ مُناجاة التَّــقي
ويقــولُ لا تفـزعْ فعلمُــــكَ ناقـص
....................... حتى ترى أين الســعيدَ من الشـــــقي
اللـــهُ أنقـــذها وأغـرقَ غيرهـــــا
........................ كي تستبين بهــا العقــولُ وترتــقي

يخلص بنا الشاعر هنا ليقول بان النتائج لا تتبع بالضرورة مسبباتها وذلك بقوله الله أنقذها وأغرق غيرها .. ويسوق أبياته الثلاث ويضمنها صورًا لما جرى بين الخضر وموسى عليهما السلام ليخلص إلى مبتغاه من ركوبه لبحر الحكمة ونراه هنا قد تركنا فوق البحر وغاص وحده ليخرج لنا لآلئا من صدفات حكمته مظهرًا قدرته بل براعته في توظيف المفردات حين ختم أبياته بقوله .. كي تستبين بها العقول وترتقي .. الله الله الله ما أجمل ثمرات غرسك وما أبهى لألئ غوصك .. ونبحر مع شاعرنا ونتأمل الأبيات السبعة الأخيرة بسرعة لنرَ..

فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ هَلْ تُرَاكَ مُغَيِّـراً
........................ نَامُوْسَ رَبِّكَ فِي الأَنَامِ بِمَنْطِـقِ
لا وَالذِي سَمَكَ السَمَوَاتِ العُلَـى
........................ وَقَضَى بِهِنَّ الرِّزْقَ والعُمُرَ البَقِي
كُـلٌّ لَـهُ فَضْـلٌ وَكُـلٌّ سَابـقٌ
........................ وَلَرُبَّمَا بَعْضُ الفَضَائِلِ لَـمْ تَـقِ
وَلَرُبَّمَـا تَأْسَـى بِيَـوْمٍ مُظْلِـمٍ
........................ وَلَرُبَّمَـا تَرْجُـوْ بِلَيْـلٍ مُشْـرِقِ
وَلَرُبَّمَا السُّفَهَاءُ تَغْرَقُ في الذُرَى
........................ وَلَرُبَّمَا أَهْلُ العُـلا لَـمْ تَلْحَـقِ
وَذَوِي جُهُوْدٍ رِزْقُهُمْ فِـي جَدْبِـهِ
........................ وَذَوِي خُمُوْلٍ رِزْقُهُمْ غَيْثٌ نَقِـي
هَذَا هُوَ المَكْتُوْبُ مِنْ رَبِّ الوَرَى
........................ لا فَضْلَ فِيْهِ لِمُوْسِـرٍ أَوْ مُمْلِـقِ
فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ كَرَّتَيْنِ وَقُـلْ لَهَـا
........................ يَا نَفْسُ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُكِ فَاعْتِقِـي

وهنا لا بد لنا من وقفة مع البيت الأخير فالفضائل بالطبع تنال بمنطق ولا شيئ غير المنطق لنيلها فإن اعتبرنا المنطق بمثابة السبب فربما كان سبب الفضيلة وازع ديني أو مكانة أجتماعية أو رهط أو شرف نسب أومال ..لكن شاعرنا هنا لا ينفي هذا بل مهد لنتيجته بأن وضح لنا في متن أبياته الستة السابقة كيف أن الموازين أحيانا لا تستقيم السنتها مع منطق أثقالها ويعجبني كثيرًا قوله لا فضل فيه لغير ثوب المتقي وأخيرًا نتثني على شاعرنا الشاب الحكيم ونقول له شكرًا لكم على هذه الرحلة الممتعة فقد كنت بحق قبطانا ماهرًا وغواصًا ماهرًا وشاعرًا مبدعًا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:05 AM
رسالة إلى الدكتور سمير الشاعر الانسان

أحبتي هذه رسالتي إلى الدكتور سمير الشاعر والإنسان ، والتي ألقيتها في إحدى الأمسيات الأدبية في غرفة الواحة الصوتية على البالتوك أضعها بين أيديكم ، وأرجو أن تجد طريقها إلى قلوب قارئيها:


إلى الدكتور سمير الشاعر والإنسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإليك أتوجه في رسالتي هذه إلى من لزم الأدب، وفارق الهوى، وعمل في أسباب التيقظ، واتخذ الرفق حزبا والتأني صاحبا، والدنيا مطية، و الآخرة منزلا.
أتوجه إليك بعد أن أقعدني العجز عن رد الجميل في حينه، وشكر الفضل في وقته، فقد وقعت بين براثن الأيام لا ألوي على شيء..
حاولت أن أصوغ لك في رسالتي حرفا جديدا لم يعهده قلمي من قبل، ولكن الدهشة كانت تقف لي عند كل مفترق شعور، وقررت بعد تفكير طويل أن أقرأك من شعرك ؛ لأنني أطمح إلى الوصول إلى أعلى مراتب الأحلام مستعينا بحرف شامخ ؛ لأنني لا أحب ارتكاب جناية الغياب عن نصوصك..

بالأصدقاء تزين الأيام=وتطول في إخلاصهم أعوام
وهم البساتين التي تصفو بها=بهم الجمال ومنهم الإلهام
إن الصديق الحق مرآة الفتى=يخشى عليه ولا يزال يلام
وأري الصديق مكارمي ومحاسني=فيكون منه الصدق والإكرام
هكذا قرأتك- أيها الحبيب- من أبيات تقطرت صدقا، جعلت فيها أصدقاءك بساتين تصفو بها للجمال، وكنت كما قلت مرآتي التي أرى نفسي فيها، تريني مكارمك ومحاسنك ، فيكون منك الصدق والإكرام وليس غيرهما..
أحببتك بكل طهر الحرف الذي يستحوذ على عالم النقاء، وقرأتك فركضت كل خيول الحب إلى تخوم واسعة الجموح..قرأتك كما لم أقرأ أحدا من قبل، وأكاد لا أبرح النور الصادر عن حروفك..وسيبقى سر علاقتي بحرفك في داخلي أضن به حتى على صفحاتي، فهل سأتبخر من ذاكرتك أيها النقي؟؟
وأراك تقتحم فصولي لتوحد مناخاتها في غيثك.. وحدها حروفك قادرة على اقتلاع ما تبقى لدي من ثبات..
أسافر عبر قصائدك..أجوب وجوه الحروف المتألقة؛ لألتقي الوطن الجريح فيها.. ألست القائل:

أعادك العيد أم عادت عوادينا= أم استعادت من الذكرى دواعينا
أشجاك من مهجتي نجوى أرددها=شعرا يفيض يغير السعد تلحينا
فصرت للألم المكتوب مدمنة=وصرت بالأمل المكذوب تغرينا
أعانق الفجر في عينيك مبتسما=وألثم الزهر في خديك والتينا
وأعصر الوجد آهات معتقة=وأملأ الكأس مما أودعت فينا
إني أموت بهذا البين فاجتهدي=أن لا أموت بعيدا عن أراضينا
حبيبة أسكنت قلبي وتسكنني=وفي الشغاف أناديها فلسطينا
أواه!!! كم أشجتني هذه الرائعة أيها الفلسطيني المهاجر إليها رغم غربتك على جناح الحرف.. ويبدو أنه في نبضة كل قلم منا جرح يتبرعم مع مصافحة الحرف، نتوزع بين المنافي، نخترع أرصفة للأحلام ، ومقاهي نقرأ عليها حدود ذواتنا ، ونقلب صفحاتها ، ونشرب عصائرها ، ونحتمي بكل ما يشبهنا.
أرغفة الشوق إلى عالم مثالي ما تزال ساخنة؛ لأن حرفك يشعل من تحتها نار الحقيقة، ويكفينا ملامسة الكلمات لنستطعم أعمار المارين في عالمنا، وإذا كان الوطن بعيدا فلنغف معا على وطن نصنعه بالكلمات..

وهل يحلو بعين المرء عيش=إذا هو لم يذق عذب التداني
ومن كأس الوفاء سقاه صحب=وأسبغ ستره ثوب الزمان
ولي قلب يفيض بكل حب=لكل الناس من قاص ودان
دعوني أسعد الدنيا بشعر=وأنقش للهوى أحلى المعاني
تالله لقد فعلتها- أيها السامق-، فقد بت أناسمك من عبير حروفك، ولم تعد تعنيني الأمكنة؛ لأنني اخترت حروفك ملاذا آوي إليه عند اشتداد الحياة، لأقبض على حرف خشية أن يتفلت من بين أصابعي..
أما وصلك- يا مالئ حقائب أيامي- فإنني أعيشه ، حتى بات سليل الوجد لحرف نقي أعتصر جماله، وأخيط الأحلام من سلافته، وأداعب ظلالك مع نسائمك العذاب..

عانقيني قبل أن تمضي السنون=وامسحي بالحب إشفاق المنون
وسم الدهر حياتي بالأسى=يا أماني العمر يا سحر العيون
إنني مازلت طفلا ظامئا=لابتسام الثغر للصدر الحنون
نعم – والله- إنك لطفل تسكن الحروف؛ فأية حروف ندية تلك التي تنقلنا إلى عالم الذكريات، وتتسلق الشموخ لتصيح على وطن يشرق من نبضات حرف..؟؟

يا لقلب قد تردى من شجن=كتب الشوق سطورا والزمن
كل ما حولي سراب بائس=كل ما حولي وجوه من وسن
غربة طالت وما زالت بنا=نزعة الحب شوق للوطن
عندما أقرأك أتذكر قول مالئ الدنيا وشاغل الناس الذي وعدتني بمساجلة قصيدته ( واحر قلباه) .. أتذكره وهو يقول:

وهكذا كنت في أهلي وفي وطني=إن النفيس غريب حيثما كانا
أما أنا- يا صاحبي- فإنني ألملم قوتي وضعفي، حلمي وواقعي، وأجمّع بعضي إلى بعضي لأسابق الريح إلى الدخول في حنايا عالمك؛ لأقدم تقرير وفاء لحرف عشقته .. أتدري لماذا؟؟!!
لأنني أقرأ في شعرك أشياء تشبهني، فكم من شاعر يحسن احتواء محبيه؟؟!!
الحبيب الدكتور سمير: يا بقايا الصدق في أرض كاذبة .. تحية لك تطاول شموخك، وأنت هناك بين حروفك في مدائن الأحلام..
كتبت لك رسالتي هذه ؛ لأنني عشتك نقاء، وعذوبة الروح المشتركة بيننا تدفعني لأحدثك بكل اللغات، حتى بلغة الصمت التي أراها أبلغ في التعبير عني..
أرتدي أمام نصوصك وجه عاشق للحرف، لم تبخل عليه بالجواهر، وأتقاسم معك الأحزان والذكريات والأيام المعتقة بالطهر، وأشرع لاستقبال حرفك بألف شوق، فأشعر بأنه بريد دافئ..

غنى الربيع فكان منه نجواك=أسر الوجود بسحرك الفتاك
النحل يعمل والفراش مداعب=يسقى الرحيق الحلو من ريّاك
إن الربيع إذا تنفس عطره=واختال بالزهر الذي حاكاك
أو غردت شفتاه شدوا هامسا=بلسان طير ضاحك متباك
يا ظبيتي أنت الربيع لمهجتي=بكت الزهور فما الذي أبكاك
أية لغة تلك التي يصوغها قلمك أيها الرائع؟؟.. لكأنك أنا ، مع الفارق بأنك أكثر قدرة مني على التعبير ، فنحن نقتات على بقية أوراق عمر يدعونها الذكريات.. يرحل حرفنا بين شرايين من يقرأ لنا، ونعيش معا في دهاليز الشوق، ألا ترى أنك أنطقت الطبيعة في قصيدتك السابقة؟؟
أعلم – أيها السامق- أنني لست ندا لحرفك، ولا خصم بيان ، ولكنني أعيش الحرف لأحتسي سلافته من كرمة الآخرين..أشربه حتى التيه، وأشعر برعشاته ، واشتعل جمرا لا يتقن الانطفاء..
أما أنت أيها الشاعر الإنسان .. فتصبح على وطن يشرق من حروفك..
أخوك المخلص دائما: سلطان الحريري

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:08 AM
نظرات في غزلية الوطن

نظرات في : غزلية الوطن ( نونية د . سمير العمري )
يبدو أن قدر الدكتور سمير العمري كان على موعد مع ما كتبته عنه ؛ فهو مطالبٌ ـ من الأحباب ـ أن يعارض فحول الشعراء ، وهذا قدره فليذهب إليه مدفوعا بمطالب الأحباب :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم = وتأتي على قدر الكرام المكارم
وأود القول أن هذا المقال ما هو إلا نظرات أتت عن خواطر حول ما رأيته من جمال ، وهو تعبير عن حسي وذوقي الخاص بعيدا عن النظريات بأنواعها لا عن مقام الشعر والشاعر ، وكم أتمنى أن أكتب كتابا كاملا عن الدكتور سمير ، وأحباب الواحة فقد قلت فيه :
جمعت محاسن الشعراء حتى
أتاك الشعر بسَّامـاً نضيـرا
فأنت البحتـري إذا تسامـى
وأدخل في مواجدنا السـرورا
أبو تمام في جمـع المعانـي
يُجَمِّلهـا وينسجهـا حريـرا
أيا متنبي القرطاس تفضـي
بحكمته ولا تزهـو فخـورا
ويا قيسـاً إذا ناجتـه ليلـي
فألهب من محاسنها شعـورا
وما قارفت فحش أبي نواسٍ
وما خالطت في هجوٍ جريـرا
حديقة شعرنا جمعت صنوفـأ
ومن فمكم خلاصتها زهـورا
وكان لا بد من تحقيق ذلك وإظهاره جلياً للأحباب من خلال حديقته الغناء المثمرة في غزلية من نوع سامٍ وترنيمة في حب الوطن .
كنت قد قرأت للدكتور سمير عجيبة من عجائبه الغزلية ( ما زال حيا ) والتي افتتح مطلعها بقوله :
صَافَحَتْ بِالطُّهْرِ جَدْبَ العَيْشِ فِيَّا
فَاسْتَحَالَ القَفْـرُ بُسْتَانَـاً نَدِيَّـا
وَأَطَـلَّ العُمْـرُ مِـنْ غُرْبَتِـهِ
يَشْتَكِيْهَـا أَنَّـهُ مَـا زَالَ حَيَّـا
وَاسْتَفَاقَ القَلْـبُ مِـنْ غَفْوَتِـهِ
بِجَنَاحِ الشَّوْقِ يَطْوِي البُعْدَ طَيَّـا
وَأََنِيْـنُ الطِّفْـلِ فِـي دَاخِـلِـهِ
لِحَنِيْنِ الصَّدْرِ يَرْوِي العَيْنَ رَيَّـا
واختتمها بقوله :
إِنَّنِـي بِالحُـبِّ أَحْيَـا شَاعِـرَاً
وَبِطُهْرِ النَّفْـسِ أَسْتَبْقِيْـهِ حَيَّـا
صَاخِبـاتُ الحُسْـنِ لا تَفْتِـنُـهُ
إِنَّمَا الـرُّوحُ وَإِطْـلالُ المُحَيَّـا
وَشَذَى الأَفْكَـارِ فِـي مَنْطِقِهَـا
وَوَفَـاءٌ دَائِـمُ الــوُدِّ وَرَيَّــا
لَيْسَ صِدْقُ الحُبِّ فِـي رَجْفَتِـهِ
إِنَّمَـا عَهْـدٌ وَعَيْـشٌ نَتَفَـيَّـا
فعجبت من هذا الجمال ووجدتني أمام شاعرٍ فحلٍ من الطبقة الأولى ؛ فكان تعليقي الفوري على هذا الجمال بقولي ـ كما جاء في الصفحة :
ما شاء الله عليك أستاذنا الحبيب د . سمير
ماذا نفعل وهن فاعلاتٌ فاعلاتٌ فاعلاتٌ شئنا أم أبينا روحاً أو حساً
إنها اقدار نمتحن بها وهنيئاً لمن نجح ، أعجبت جدا بالقصيدة المعبرة المؤثرة سابقاً ولاحقاً ما أجملها من حروف درية لا أملك أمامها إلا أن أقول :
حين هز الحب وجدانـاً صفيـا
واستهام القلـب بسامـاً نديـا
أترع الكاسات من بحر التسامي
جاء شعر الحب طهراً زمزميـا
إن حب الروح شدوٌ من حنينٍ
سابقٌ ميـلاد جسـم أو محيـا

وقد قرأت أمس غزلية من أرقى وأرق أنواع الغزل ؛ استطاع أن يجعلها قلباً نابضا بحب الوطن ، وكأن القصيدة هي الدكتور سمير نفسه أو أنها الوطن كله ، فضلاً عن أنه اختزل الحب كله في تلك الرائعة النونية ، ولا غرابة على مثل هذا الفحل أن يجعلنا في جو ينسينا ليلى وسلمى ، وكأني أسمع صوت نزار ـ مع تشابه حال الغربة والحنين لا غير ـ حين قال عن دمشق :
حبيبتي أنت فاستلقي كأغنيةٍ = على ذراعي ولا تستوضحي السببا
أنت النساء جميعا ما من امرأة = أحببت قبلك إلا خلتها كذبا
فإذا كان لابن زيدون فضل السبق فللعمري فضل السبك ، وإذا كان ابن زيدون قالها شوقا إلى الحبيبة ولادة ، فشاعرنا يقولها شوقا إلى كل المحبوبات ( فلسطين ) وهي ولادة بالرجال ـ كما أشار أستاذي الدكتور جمال مرسي ـ وأرى أن اختم بنقل تعليقي بمجرد قراءتي للقصيدة :


الله الله الله
سبحان من أجرى هذا الحب عذبا سلسبيلا !! وهل أستطيع اختار بعض الأبيات ؟!!
ماذا أقول أمام الحكمة والمثل في :
مَا كُلُّ مَنْ فَارَقَ الأَحْبَابَ مُفْتَـرِقٌ
بَعْضُ الفِرَاقِ يَزِيْدُ الحُـبَّ تَمْكِيْنَـا ؟
وما هذه الأشواق التي تتطاير من حنايا الضلوع
وَهَزَّتِ الخَافِقَ الأَشْوَاقُ فَارْتَجَفَـتْ
مِنْـهُ الضُّلُـوْعُ وَجَافَتْنَـا بَوَاقِيْنَـا ؟
يا لحسن التقسيم في :
الزَّهْرُ بَسْمَتُنَـا وَالطَيْـرُ هَمْسَتُنَـا
وَالصَمْتُ رَبْوَتُنَا وَالشِّعْـرُ وَادِيْنَـا !
الله الله على الحكمةالآهلة والآملة في :
مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَتْ مُشَعْشِعَـةً
فِيْهِ الحَيَاةُ وَأَوْفَـى العَهْـدَ وَالدِّيْنَـا
وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوْطِ قَضَى
وَأَصْبَحَ التِّبْرُ فِـي أَحْزَانِـهِ طِيْنَـا
ومسك الختام في :
لَوْلا تَعَلُّلِ مُشْتَـاقٍ لَمَـا خَفَقَـتْ
فِي القَلْبِ مِنْ خَفْقَةٍ بِالشَّوْقِ تُرْدِيْنَـا
إِنِّي أَمُوْتُ بِهَذَا البَيْـنِ فَاجْتَهِـدِي
أَنْ لا أَمُوْتَ بَعِيْـدَاً عَـنْ أَرَاضِيْنَـا
لا زِلْتِ أَنْتِ عَدِيْلَ النَّفْسِ فِي مِقَـةٍ
وَلا تَـزَالُ لَـكِ الأَنْفَـاسُ تُدْنِيْنَـا
حَبِيْبَةٌ أَسْكَنَـتْ قَلْبِـي وَتَسْكُنُنِـي
وَفِي الشِّغَـافِ أَنَادِيْهَـا فِلِسْطِيْنَـا
وأختم بدوري بما جاء في قصيدتي عن أخي وأستاذي د . سمير :
سمير الحب عشت لنا سميرا
وللأشعار والشعـرا الأميـرا
تذيق الكل من عذب القوافـي
روياً سلسـلاً عذبـاً نميـرا
كسوت الضاد من حلل المعاني
بدائع تمتع الفصحى دهـورا

النصر قادم والعودة قريبة إن شاء الله تعالى
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:09 AM
القلق والاغتراب الروحي في نص الزمان المر


القلق و الاغتراب الروحي
في نص الزمان المرللشاعر الدكتور / سمير العمري
قراءة سيكولوجية في مفاصل حنظلية العصر
الدارسان : حسين علي الهنداوي – حاتم قاسم
الزمان المر

خَدَعَتْ فَكَانَ مِنَ الأَسَى مَا كَانَا= وَدَعَتْ لِحَفْلِ خِدَاعِهَا الأَضْغَانَا
رَقَصَتْ عَلَى رَجْعِ الأَنِينِ جِرَاحُهَا= وَتَبَسَّمَتْ كَي تَكْتُمَ الأَحْزَانَا
وَاسْتَمْرَأَتْ خَمْرَ الشُّجُونِ وَأَوْهَنَتْ=صَبْرَ الحَلِيمِ وَأَوْهَتِ الوِجْدَانَا
جَارَتْ عَلَى الحَقِّ الضَّلالَةُ جَوْرَةً=تَدَعُ الحَصِيفَ بِحَزْبِهَا حَيرَانَا
لَيْسَ الدِّيَارُ كَمَا عَرِفْنَهَا وَلا=قُطَّانُهَا مَنْ يَعْرِفُ الجِيرَانَا
وَإِذَا بَحَثْتَ عَنِ الرِّجَالِ مُرُوءَةً=فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ تَرَى شَيْطَانَا
مَنْ بَاعَ مَبْدَأَهُ كَأَبْخَسِ سِلْعَةٍ=أَو مَنْ تَنَكَّرَ لِلعُهُودِ وَخَانَا
مَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حَوْلَكَ فِي الرِّضَا=طُرَّاً وَأَكْثَرَ فِيهُمُ الخَوَّانَا
يَا لَلزَّمَانِ المُرِّ فِي خَطَرَاتِهِ=أَغْلَى المَتَاعَ وَأَرْخَصَ الإِنْسَانَا
نَفَشَتْ بِنَا غَنَمُ الفَسَادِ فَأَهْدَرَتْ=مَجْدًا وَأَغْرَضَ رَأْيُنَا فَدَهَانَا
صَدَفَ الكِرَامُ عَنِ الفَلاحِ وَقَصَّرُوا=فَتَصَدَّرَتْ زُمَرُ الخَنَا الدِّيوَانَا
زَعَمُوا الرَّشَادَ فَقِيلَ مَا بُرْهَانُكُمْ=فَكَفَاهُمُ رَأْيُ الهَوَى بُرْهَانَا
مَالُوا بِمِيزَانِ الحُقُوقِ عَلَى الوَرَى=فَكأَنَّ فِي أَيْدِيِهُمُ المِيزَانَا
مَا أَضْيَقَ الأَزْمَانَ فِي سَعَةِ المَدَى=إِنْ أَرْجَفَتْ بِسِرَابِهَا الأَذْهَانَا
لَمْ يُبْقِ أَهْلُ الغَدْرِ إِلا غصَّةً=فِي القَلْبِ تَسْفِكُ بِالوَفَاءِ قِوَانَا
هَلْ يُعْجِزَ الحَدَثَانِ لَوْ ضَمِنَا لَنَا=يَوْمًا مِنَ الزَّمَنِ المُرِيعِ أَمَانَا
رُمْتُ العِتَابَ فَمَا ظَفِرْتُ بِصَاحِبٍ=يَسَعُ العِتَابَ وَلا وَجَدْتُ بَيَانَا
إِنْ نَابَني بَأسُ الزَّمَانِ أَنَابَهُ=وَتَرَاهُ يَتْعَسُ إِنْ سَعِدْتُ زَمَانَا
وَأَسُومُهُ مَهْمَا تَقَلَّبَ غَالِيًا=وَيَسُومُنِي مِنْ بُخْسِهِ مَجَّانَا
يَا صَاحِبِي ، صِدْقُ المَحَبَّةِ بَلْسَمٌ=يُشْفِي الصُدُورَ ويَصْقِلُ الإِيمَانَا
لَيْسَ الذِي يَأْتِي المَكَارِمَ مُرْغَمًا=يَخْشَى المَلامَةَ كَالذِي يَتَفَانَى
أَو يَسْتَوِي مَنْ لا يَضِنُّ بِجُهْدِهِ=عِنْدَ العَزَائِمِ وَالذِي يَتَوَانَى
مَا عُدْتُ أَعْتِبُ إِنْ تَجَهَّمْنِي الوَرَى=أَو وَافَقُوا الإِرْجَافَ وَالبُهْتَانَا
كَلا وَلا أَزْهُو بِمَدْحِ مُنَافِقٍ=مَهْمَا احْتَفَى أَوْ أَلْبَسَ التِّيجَانَا
قَدْ سِرْتُ دَرْبِي لِلنُّهُوضِ بِأُمَّتِي=أَبْنِي لِرِفْعَةِ عِزِّهَا بُنْيَانَا
أَدْعُو لَهُ الأَحْرَارَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى=قَوْمًا تُفَاخِرُ بِالـرُّؤَى الأَزْمَانَا
لَمَّا بَلَوْتُهُمُ رَأَيتُ يَدَ النَّدَى=وَوَجَدْتُ فِيهَا الصِّدْقَ والإِحْسَانَا
نَزَلُوا بِوَاحَةِ مُخْلِصٍ مُتَوَدِّدٍ=لَمْ يَدَّخِرْ بِرًّا وَلا عِرْفَانَا
نَسْعَى بِكُلِّ عَزِيمَةٍ نَحْوَ العُلا=وَنَجِدُّ فِيمَا يَرْفَعُ الأَوْطَانَا
هُمْ صُحْبَةٌ سَمَتِ النُّفُوسُ بِصِدْقِهِمْ=صَفَتِ القُلُوبُ فَأَقْبَلُوا إِخْوَانَا
دَعْ عَنْكَ قَهْرِي يَا زَمَانُ فَإِنَّنِي= أَمْضِي وَخطْوِي رَاسِخٌ أَرْكَانَا
أَنَا لَسْتُ ذَا بَطَرٍ وَلا أَنَا بِالذِي=بَدَأَ الصُّدُودَ وَآثَرَ الهِجْرَانَا
مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَى=لَكِنْ إِبَائِي يَأَنَفُ الإذْعَانَا
قَدْ تُنْتِنُ الرِّيْحُ الخَبِيْثَةُ حُفْرَةً=لَكِنَّهَا لا تُنْتِنُ البُسْتَانَا
وَتَغَصُّ فِي حَلْقِ الحَقُودِ مَكَارِمٌ=فَيَمَجُّهَا وَهْيَ العَظِيْمَةُ شَانَا
أَنَا مَا غَضِبْتُ مِنَ المُنَاوِئِ بَاغِيًا= لا يَبْلُغُ البَاغِي لَدَيَّ مَكَانَا
وَغَضِبْتُ حِينَ الجَوْرِ غَضْبَةَ نَاصِرٍ=لِلحَقِّ يَأبَى أَنْ يَعُضَّ بَنَانَا
سَأَسِيرُ دَرْبِي مَا حَيِيتُ مُسَدِّدًا=وَمَقَارِبًا كَي أُحْرِزَ الإِتْقَانَا
أَدْعُو إِلَى الحَقِّ القَوِيمِ مُنَافِحًا=عَنْهُ وَأُوْرِدُ نَهْرَهُ الظَّمْآنَا
وَعَلَى الأَزَاهِرِ سَوْفَ أَنْثُرُ حِكْمَتِي= شِعْرًا يَبُزُّ الوَرْدَ وَالرَّيْحَانَا
لا أَرْتَجِي عِنْدَ الأَنَامِ غَنِيمَةً=بَلْ أَرْتَجِي مِنْ رَبِّنَا الرّضْوَانَا
لا شك أن الأدباء في هذا الزمان المر كما أسماه صاحبنا الدكتور سمير العمري يكادون يعيشون حالة من القلق بسبب تفاعلات الحياة مع المواقف التي أخذت تقصي القيم الإنسانية بعيداً عن إنسانية الحياة المعاصرة 0
الشكوى من الزمان و قلق الزمان المر ديدن المفكرين و الأدباء و الشعراء على مر العصور و لئن كان الشعر العربي على مختلف مستوياته ما زال يجتر قضية الشكوى من الزمان فإن الشعر المعاصر يعيش في قلب هذه المرارة الإنسانية التي تكاد تطغى على كل المستويات الإنسانية و لم ينج منها حتى الأطفال الصغار الذين ينوء الزمن بكلكله على صدرهم 0 و لو أردنا أن نستعرض الشكوى الإنسانية من الزمن منذ الصراع القابيلي الهابيلي لتحولنا إلى مؤرخين ينقشون على كل ذرة تراب مأساة إنسانية خلفها الإنسان حفرة عميقة في جبهة أخيه الإنسان 0
و لقد اشتكى الشعراء كثيراً من حوادث الزمن التي عبرت بعجلاتها فوق طموحاتهم ، فالشعر العربي هو الشعر الأعجمي بمختلف جغرافياته يعيش هذه الشكوى بنسب متفاوته و لكن مساحة الزمان المر كما أسماها شاعرنا العمري أكثر ما ترتسم في شعرنا العربي بسبب الارتكاسات و الانتكاسات الفردية و الجماعية التي تعيشها الأمة 0
و إذا أردنا أن نبحث عن عوامل الشكوى من الزمان المر لوجدناها أكثر ما تكون عند الشعراء و المفكرين الذين يطمحون دائماً إلى بناء برج سامق يرتفع في كل يوم حتى يصل إلى عنان السماء و سنقتصر في رؤيتنا لانتكاسات الزمان المر على شاعرين أحدهما دوخ الشعر العربي و رسم لوحة طموحاته في كل حرف من حروفه و لكنه في النتيجة وصل إلى حالة من الخذلان دون أن يدرك أن حوادث الزمان بعضها قدري على الرغم من أنه أشار إلى ذلك في قوله
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
و لقد حاول هذا الشاعر العملاق أن يستنزف أوكسجينه الزمن في كل لحظة من لحظات حياته و لكنه في النتيجة لم يجد في سماء ذاته إلا سراباً من غاز الكربون خنق طموحاته و ليتنا ننتقل مع الشاعر المتنبي إلى نونيته التي يبرز فيها شكواه هذا الداء الفتاك الذي سرى إلى شاعرنا العمري على الرغم من كونه يعيش حالة من الوعي الإنساني الواعد ولو رجعنا إلى أبيات المتنبي التي يقول فيها :
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا و عناهم من أمره ما عنـــانا
و تولوا بغصة كلهم منــــــــــ ـــــه و إن سر بعضهم أحيانا
كلما أنبت الزمـــــــــان قناة ركب المرء في القناة ســنانــا
و مراد النفوس أصغر من أن تتعـــــادى فيه و أن تتفــــانى
غير أن الفتى يلاقي المنايـــا كالحات و لا يلاقي الهوانـــــا
و لو ان الحيـــــاة تبقى لحي لعددنا أضـــــلنا الشجعــانـــا
إذن لو رجعنا إلى الأبيان السالفة الذكر لوجدنا أن المتنبي لم يستطع أن يحقق من طموحاته الحسية المادية ( البحث عن وزارة ) أي هدف اللهم إلا ما حققه فيما سكبه لنا من أبيات متفردة سلبت اللب الإنساني أما شاعرنا العمري فقد أحال شكواه إلى الحياة التي بدت مرتسمة في حروفه مع ( تاء التأنيث الساكنة) في قوله ( خدعت ـ ودعت ـ رقصت ـ تبسمت ـ استمرأت ـ أوهنت ـ جارت ـ ) و كلها إحالات مرضية أحلتها الحياة المرة لنا و للشاعر لتحدث فراغاً نفسياً يتمثل فيما يشبه الصدمة الاجتماعية فالحياة على الحقيقة كما صورها شاعرنا العمري امرأة خداعة لا تبعث في النفوس إلا الأسى و الحزن و لا تعكس في صفحة وجهها إلا الأضغان و لا ترقص إلا على رجع الأنين في نفوس من تعذبهم ببريق أملها و كأنها إذا تكشرت مبتسمة بدا الحزن وراء أنيابها إنها تختزن لنا جمرة الشجون و لكنها في النتيجة تضعف بتلاعباتها حتى الأحنف القيسي الذي تجاوز بصبره و حلمه عصره 0
إذن نحن أمام شكوى من شاعر ( العمري ) يبحث في تيارات العواصف المندفعة عن غيمة يستوطن في خدرها عله يجد استراحة الفارس بعد معارك عظيمة مع قيم عصرية بدأت تتحول إلى مصالح خاصة يؤطرها الناس لأنفسهم و كأن العمري يريد أن يلمح لنا إلى أن الناس في عصرنا يلبسون جلود الأرانب و لكنهم يحنون على قلوب الثعالب 0
فالمروءة بكل معانيها لا تجدها في أي مكان في الزمن الذي نعيشه و إن وجدتها فإنك تجد شياطينَ من شياطين القيم المادية يختبئ وراءها و هذا يحيلنا إلى قول الشاعر العربي :
مررت على المروءة و هي تبكي فقلت عــــلام تنتحـــب الفتـــاة
فقالت كيـــــــف لا أبكي و أهــلي جميعاً دون أهل الأرض ماتوا
إن شكوى شاعرنا العمري من النكوص القيمي الذي حل بالناس يستدعي الكثير من الشكوى الشعرية التي أطلقها شعراء في عصور خلت و انظروا معنا إلى قول العمري :
ما أكثر الإخوان حولك في الرضا طراً و أكـــثر فيــــهم الخوانـــا
يا للزمــــــــــان المر في خطراته أغلى المتاع و أرخص الإنسانا
ثم افتح مذكرة الشعر العربي لتجد أن حسان بن ثابت قد أطلق تلك الزفرة و اشتكى الشكوى نفسها حين قال :
أخلاء الرخــــــاء هم كثير و لكن في البلاء هم قليل
فلا يغررك خلة من تؤاخي فمالك عنـــــد نائبة خليل
حقاً أيها العمري ما أكثر الإخوان حولك في الرضا فإذا ما احتجتهم تطايروا من حولك و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال : (( الناس إبل مائة لا تجد فيهم راحلة )) لقد أذقتنا أيها العمري بكلماتك الشفافة ما ذقته من هذا الزمان المر فالفساد قد أهدر المجد و الجهل قد شتت الشمل و الكرام تعاموا عن الفلاح و تصدر مجالس القوم ( الرويبضة ) و ادعى أراذل الناس الحكمة و هم يميلون بميزان الحق و حقاً ما قلت :
ما أضيق الأزمان في سعة المدى إن أضللت شبهاتها الأذهانا
لقد سقط الوفاء و فقد الأصحاب الصادقون و أطبق الزمان بأنيابه على جسد القيم الإنسانية و كأننا بالعمري شاعراً يحمل إلينا ريحانة الصداقة التي مثلها شاعرنا العربي حين قال :
صديقي من يقاسمني همومي و يرمي بالعداوة من رماني
و لو أنا استعرضنا القيم الشهمة و مكارم الأخلاق التي ألمح العمري إلى افتقادها في عصرنا هذا و التي حملها إلينا بمفاهيم جديدة لاحتجنا إلى أن نقرأ النص قراءة ( قيمية ) تفتق كل المعاني الإنسانية الخيرة التي دعا إليها الشاعر و لعرفنا مقدار القيم الصماء السوداء التي نبذها شاعرنا العمري و كأنه يريد ان يؤكد أن للعربية ( لاميتان ونونيتان ) ( اللامية الأولى هي لامية الشنفرى ) و ( اللامية الثانية هي لامية الطاغرائي ) و ( النونية الأولى هي نونية المتنبي ) التي أشرنا إليها في البداية و ( النونية الثانية هي نونية العمري ) التي مثلت طوابع الزمان المر في عصرنا الحاضر 0
إن الأخلاقيات التي دعا إليها الشاعر في هذه النونية تستدعي منا مبحثاً آخر يؤطر للقيمية التي نحن بحاجة إليها في زمن أفلت نجومه المشرقة 0
الذاتية المغرقة في شكوى الشاعر العمري ( حاتم قاسم )
لا نستغرب إذا أطلقنا منذ البداية حكماً نقدياً يشير إلى أن معظم الشعر العربي شعر ذاتي وجداني يحمل هم الشعراء إلى الواقع المحيط بهم و يبرز شكواهم الذاتية مما يحل بهم على مر الأزمان و انظر معي أيها القارئ إلى قول العمري :
دَعْ عَــنْــكَ قَــهْــرِي يَــــا زَمَـــــانُ فَـإِنَّــنِــي أَمْـــضِــــي وَخـــطْــــوِي رَاسِـــــــخٌ أَرْكَـــانَــــا
أَنَــــا لَــسْــتُ ذَا بَــطَــرٍ وَلا أَنَــــا بِــالـــذِي بَـــــــــدَأَ الـــــصُّـــــدُودَ وَآثَــــــــــرَ الــهِــجْـــرَانَـــا
مَا كَانَ قَبْضِي القَلْبَ عَنْهُم مِنْ قِلَـى لَــــكِـــــنْ إِبَـــــائِـــــي يَـــــأَنَـــــفُ الإذْعَـــــانَـــــا
أَنَـا مَــا غَضِـبْـتُ مِــنَ المُـنَـاوِئِ بَاغِـيًـا لا يَـــبْـــلُـــغُ الـــبَـــاغِـــي لَـــــــــدَيَّ مَـــكَـــانَــــا
وَغَضِبْتُ حِينَ الجَوْرِ غَضْبَةَ نَاصِرٍ لِــلـــحَـــقِّ يَــــأبَـــــى أَنْ يَــــعُـــــضَّ بَـــنَـــانَـــا

سأســــير دربي ما حييت مســـــددا و مقارباً كـــي أحرز الإتقـــانــا
فما قاله الشاعر في
الأبيات السابقة لو رحنا نبتسر منه كلمة ( قهري – خطوي – لست ذا بطر – لكن إبائي – أنا ما غضبت – سأسير دربي )
لوجدنا أن شكوى الشاعر هي شكوى تنبع من حناياه و تخص
ذاته أولاً و إن كانت هذه التجربة الذاتية هي تجربة موضوعية من حيث إن الزمان لم يحقق للطامحين إلا
النزر القليل و هذا ما جعل الشاعر يصر على تحقيق أهدافه و متابعة مسيره
سأســــير دربي ما حييت مســـــدداً و مقارباً كـــي أحرز الإتقـــانــا
أدعوا إلى الحق القويـــــــم منافــحاً عنه و أورد نبعه الــظمــآنــــا
حقاً إن الشاعر يتوق إلى أن ينهل من مبادئ الحق القويم الذي ينافح عنه مبتغياً رضا الله و جافياً رضا الناس
لا أرتجي عند الأنــــــام غــنــيمــــة بل أرتجي من ربـنـا الرضوانــا
القيم التصويرية و التعبيرية في نص العمري ( حسين الهنداوي )
لا شك أن المتقري لنص الزمان المر للشاعر سمير العمري يكتشف منذ العبارة الأولى و حتى أخمص العبارة الأخيرة أن شاعرنا متجذر في ساحة التراث متأبط ٌ له بحيث أنك لا تستطيع أن تفرز الشخصية العمرية عن العبارة التراثية فتراثنا الشعري العربي يحمل في طياته سبائك من الذهب الكلامي الذي يجعل بلاغة العرب في الصف الأول من البلاغات الأدبية العالمية فكل عبارة في هذا النص تعبيرية كانت أم تصورية تغترف من معين شعراء التراث بعضاً من جمالياتها و هذا ما جعل النص يختزل بلاغة أكثر الشعراء الذين سبقوه فالحياة في قيم الشاعر التعبيرية امرأة خداعة ترقص على رجع الأنين و هذه قيمة تصويرية و تبتسم لأبناها بخداع و هي مستمرئة لخمرة الشجون و هذه عبارات كلها مستقاة من معين التراث و كأن شاعرنا العمري في نصه صنه ما صنعه صاحب الألفاظ الكتابية ذاك الذي جمع جماليات العربية في كتيب صغير 0
فالنص الذي بين أيدينا نص يحمل جماليات العبارات الشاعرية العربية منذ القديم و حتى يومنا هذا فــ ( الزمان مرٌ يغلي المتاع و يبخس الإنسان ) و ( الكرام يصدفون عن الفلاح و يميلون بميزان الحق ) و ( الزمان نفسه ضيق ) و كأننا بالشاعر يصوغ ديباجته على طريقة البحتري مرة و المتنبي مرة أخرى و ابن زيدون تارة ثالثة و لكنك حين تمعن في القيم التصويرية لهذا النص تجد أن الخيال فيه استقل حافلة ضيقة و أسر نفسه بعربة صغيرة تحمل من مكنونات القيم التعبيرية و العواطف الجامحة الصادقة أكثر مما تحمله من التشبيهات و الاستعارات و ليتني بالشاعر يطلق العنان لذائقته الإبداعية و يترك لحصان شعره أن ينطلق فاتحاً جناحيه و عابراً حدود المسيسبي إلى المتوسط فالمحيط العربي لينقل لنا جماليات الزمن المر الذي أذاقنا بعاطفته ما لم يذقنا إياه بصوره 0
للشاعر أن يقف في مصاف شعراء التراث الذين حملوا على كواهلهم أن تبقى صكوك النقد اللفظي العربي كما صنعها شعراء العصر الجاهلي أو كما أرادها شعراء العصر الأموي 0

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:15 AM
قراءة في قصيدة فلك نوح للدكتور مصطفى عراقي

أخانا الجليل شاعرنا القدير الدكتور سمير العمري
تحية قلبية لهذا التحليق في آفاق شعر التفعيلة في هذه القصيدة التي جاءت على درجة سامقة من الإفادة من إمكانات شعر التفعيلة،واستثمار طاقاته.
وقد جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان ، وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى : "فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً جماليا ودلاليا، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
بل ليجسد المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
"صَفِّقِي يا روحُ
ثُوري
وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي بالرهبة، والجلال
ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
"كالأطيارِ
تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها صراعا فنيا مثيرا
أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا
هذا من حيث التصوير
أما من حيث التعبير
فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند القلب البلاغي هنا:
قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة جديدة مبتكرة عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
على أنني أرجو من شاعرنا الحبيب النظر في استخدام الفعل : في قوله "لا ترضخِي ".
إذا كان أراده بمعنى :لا تذعني
لأنه لم يَردْ بهذا المعنى في المعاجم ولكن جاء بمعان أخر لا أراها مناسبة للسياق الشعري هنا.
كما أرجو أن يسمح لي الشاعر القدير والناقد الكبير الأستاذ أيمن اللبدي بأن أقول إنني لم ألحظ أي خللٍ في البناء الوزني هنا ، كما أني لم أر في الدخول في التدوير أية مشكلة، على القصيدة تلافيها.


ودمت يا شاعرنا القدير بكل الخير والجلال والجمال

أخوك : مصطفى

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:19 AM
تأملات متذوق في قصيدة قرتي وقراري




تأملات متذوق

يفاجئنا الشاعر د. سمير العمري بهذه القصيدة أيما مفاجأة ، ويتركنا على شاطئ قصيدته بين العجب والإعجاب ، نتساءل كيف استطاع أن يخرج هذه المشاعر الجياشة العذبة وهو الوقور المتحفظ ؟ . والمتابع لشعره يجده يصب أساساً في اتجاهات خاصة به تفضي بشعره لغاية عامة جعلت انتاجه في الغزل والنسيب أقل بكثير من مواضيع مشروعه الشعري الأخرى ، كانت هذه هي المفاجأة الأولى ،
أما الثانية فكانت تفوقه الطاغي في هذا اللون من الشعر لدرجة انتزاع الآهات عند القراءة الأولى .
إنه الاستقرار الأسري والعاطفي - أدامه الله عليه – ذلك الذي أرغم الشاعر أن يكتب هذه القصيدة ، أو ربما هي محنة وقع فيها أو طارئ ألم به أدى إلى ظهور معدن الزوج الطيبة فاستفاقت مشاعره القديمة الأصيلة لتظهر في مقدمة مشاعره مما أرق بحر شعره فترقرق عذبا .

لا رَيْبَ أَنَّـكِ مِـنْ نَعِيـمِ البَـارِي
وَبِأَنَّـكِ المَقْسُـومُ مِـنْ أَقْــدَارِي

يبدأ الشاعر قصيدته بتقرير حقيقة تأخذ القارئ بين قوة العاطفة وقوة الإيمان ، فعندما رأى الشاعر أن زوجه جمعت في نفسها كل ما تمناه وأحبه من خصال ، علم أنها الزوجة الصالحة التي تعينه على نصف دينه فنسب الفضل كله لله المنعم لا إلى مودته ورحمته هو.
أما كلمة ( لا ريب) في بداية القصيدة فهي مدخل ولا أروع بحثت عنه في شعر الأقدمين فلم أجده إلا عند أبي العلاء المعري مرة واحدة في مطلع قصيدة في قوله :

لا رَيبَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَلتَعُد
بِاللَومِ أَنفُسُكُم عَلى مُرتابِها

ثم ينهمر السيل الشعري من قلبه فيجرفنا تياره بأبيات غاية في الرقة والعذوبة ، يدور فيها القلب العاشق حول محبوبته بلا تحفظ وتخرج من الأبيات دون أن يراجعها في مشاعرها في صورة بديعة تجعله في زمرة العشاق الشعراء وإن قلّوا.
ثم يصل لنقطة أراها هي مركز هذا الزلزال العاطفي في داخله في هذه القصيدة :

يَا أَنْتِ يَا حِضْـنَ الأَمَـانِ لِغُرْبَتِـي
وَلِمُهْجَتِـي نَبْـعُ الحَنَـانِ الجَـارِي

الغربة .. التي يسكنها بينما يسكن وطنه في داخله ، وكأنهما قوتا الجذب والطرد المركزيتين اللتان جعلتاه يدور ويدور يأخذه الحنين لوطنه وتكويه نار البعد عنه ، وهنا يظهر دور الزوج في كونها حضن الأمان ونبع الحنان ورفيقة الدرب الصعب التي تعطي بلا حدود بمحبة وإيفاء وإيثار ، حتى أنها جعلت زوجها يرضى عن الدنيا بعد أن طحنته :

وَفَقَأْتِ عَينَ السُّخْـطِ لا عَيْبَـاً أَرَى
وَفَتَحْتِ عَينَـاً لِلرِّضَـا فِـي الـدَّارِ
وهنا استلهام وتوظيف رائع لبيت الإمام الشافعي :

وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

ويتتابع سيل العاطفة ، حتى يرى المحبوب حبيبته ملكة وما عداها ممن حولها بعض جواري وهي نقطة اتفاق بين كل العاشقين على مر العصور.
ثم يصل للنقطة التي سببت مفاجأة القصيدة:

القَلْـبُ قَـدْ جَعَـلَ اتِّبَاعَـكِ غَايَـةً
يُبْـدِي الصَّبَابَـةَ تَـارَةً وَيُــدَارِي

ويعيد المعنى موضحا إياه بما يتوافق مع تركيبته النفسية المتحفظة:

وَوَدَدْتُ لَو أَنِّـي انْهَمَـرْتُ كَعَاشِـقٍ
لَكِنْ سَحَابُ الحَـرْفِ بَعْـضُ وَقَـارِ

ما تريد أن تقول بعد أن زرعتنا عجابا وإعجابا بمناجاتك الشعرية التي ذبت فيها وأذبتنا صبابة أيها الشاعر ؟
ويختم القصيدة بأنها هدية صاغتها أبجديته إكليل فخرٍ لمحبوبته وكم تخلد هذه المعاني السامية والأبيات السامقة وتفنى الهدايا الحسية مهما غلت قيمتها المادية.

أحب أن أشير إلى قدرة الشاعر على توليد المفردات وتركيب الصور وصنع الجناس بشكل فذ :
( رُوحَـكِ رَاحَتِـي ) ( قُـرَّتِـي وَقَــرَارِي) (الطيف نور والحشا نار) (سِحْـرَ الهُـدُوءِ وَهَـدْأَةِ الأَسْحَـارِ)
إلى غير ذلك مما لا يأتي إلا من شاعر محنك ولغوي بارع .

ووقفة صغيرة عند قول الشاعر (وَبِـأَنَّ عَيْنَيـكِ ابْتِسَامَـةُ خَاطِـرِي = وَحَدِيثَـهُـنَّ ) في عودة ضمير الجمع على مثنى وإن وجدته يمكن أن يعود على العينين وخاطره وابتسامته.

الحبيب الدكتور سمير لستُ ناقدا ولكني تشربتُ قصيدتك حتى النخاع فكان ما قلتُه مجرد تأملات متذوقٍ أعجبته قصيدة رائعة.

كل الدعوات الصالحة أن يديم الله السعادة عليك وعلى آل بيتك إنه ولي ذلك والقادر عليه

[COLOR="Black"][CENTER]

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:26 AM
قراءة نقدية في إبداعات الدكتور سمير العمري

قراءة في أعمال د. سمير العمري :
عندما تسبح الذات الأدبية إلكترونيًا حاملة هموم الأمة
بقلم : د. مصطفى عطية جمعة

من أهم ثمرات الفضاء الإلكتروني أن الكثير من الأصوات الأدبية وجدت متسعًا لها في النشر والعمل الثقافي ، فقد استطاعت الشبكة العنكبوتية الدولية أن تكسر احتكارات المجلات الثقافية الرسمية التي ترتهن بأمر وزارات الثقافة ، أوالمجلات الخاصة التي تعبر عن تيار أدبي بعينه ، ويكون النشر فيها خاضعًا لمعطيات الانتشار وتغذية توجه أدبي أو ثقافي محدد .
ويشكل الشاعر " سمير العمري " النموذج المتمرد ، مثل عشرات النماذج الأخرى ، التي كسرت النمطية الأدبية في عالمنا العربي ، وأصبحت تراهن على نشاطها الشخصي في مجال تأسيس المواقع الثقافية ، والاضطلاع بنشر الإنتاج الأدبي والثقافي لفئات وأفراد ، كانوا محرومين من هذه الفرص ، بفعل تنائي المسافات المكانية ، وغياب العلاقات العامة والشخصية مع الناشرين ومدراء التحرير في المجلات والصحف . لقد قام " سمير العمري " بتأسيس موقع "الواحة" الثقافي على الشبكة الدولية للمعلومات ، محطمًا - مثل غيره – قيود النشر ، وهو الذي يعاني من النفي خارج الوطن العربي ( يقيم في السويد ) ، حيث تكوّنت بفعل هذا الملتقى الأدبي في الفضاء الإلكتروني فعاليات رائعة ، شكلت كيانات موازية لما يسمى بتيار الثقافة الرسمي والأهلي في المجتمعات العربية ، فنستطيع أن نقول إن هناك تيارًا إلكترونيًا ، بدأ يغزو حياتنا الثقافية . ويجدر بالذكر أن ملتقى الواحة الثقافي ، لا يقتصر على نشر الإبداعات الأدبية : شعرية أو نثرية ، بل هو " هايد بارك " يتسع لكل مشارك عربي ، دون النظر إلى هويته أو جنسيته ، فرأينا الكثير من المساهمات الثقافية والفكرية والمشاغبة في هذا الموقع .
ربما يكون الهم الذي تطرحه هذه الدراسة هو النظر إلى الأديب سمير العمري بوصفه أديبًا فحسب ، واتخاذه نموذجًا في الدرس الأدبي مثل مئات ( أو آلاف ) الشعراء الذين باتت أصواتهم مسموعة في الفضاء الإلكتروني ، وبعضهم لا يعرف طريق النشر الورقي ، ويكتفي بالمداخلات التي تأتيه من خلال المواقع الأدبية التي يشارك فيها . إن المشكلة التي تكتنف هؤلاء أن إنتاجهم الأدبي يتراكم بفعل مرور السنوات ، دون وجود دراسات نقدية موضوعية لهم ، تحاول أن تنظر إلى نتاجهم الأدبي نظرة رأسية فتتعرف طبيعة النتاج : من شعر أو نثر ، بكل الأشكال التي يمكن أن يجتهد فيها المبدع ، أو نظرة أفقية حول تناولات المبدع وموضوعاته ، والخصائص الفنية التي تميز إبداعه ، ومدى التطور الرؤيوي والفني الذي أحدثه المبدع . فالآفة التي تبتلى بها مواقع الإنترنت الأدبية تلك التعليقات المبتسرة التي يلقيها هذا الأديب أو القارئ بشكل متعجل ، وتكون ذات اقتضاب ، وتكتفي بالتعليق على العمل الواحد المعروض دون النظر إلى سائر أعمال الأديب ، وبالتالي يظل نقدها مفتقدًا إلى القراءة الشاملة العميقة ، ويظل المبدع ضحية هذه التعليقات ، ولو كانت من ذوي صداقاته فإن طابع المجاملة يغلب عليها ، أو تصطبغ بصبغة العداء إذا كان المعلق يرد الصاع للمبدع الذي هاجمه في عمل من قبل . وما بين هذا وذاك ، فإن المبدع يظل دون تقويم حقيقي، ولا يملك خطوطًا نقدية محددة ، تشمل إبداعاته بشكل هادئ معمق محايد .
وفي تجربة سمير العمري التي تمتد لسنوات سابقة ، وكما أوضح في إحدى قصائده فإنها عميقة منذ أيام دراسته الأولية في المدرسة المتوسطة . وقد قام الباحث في هذه الدراسة بتجميع منتج التجربة الإبداعية لسمير العمري من تفرقها في صفحات الإنترنت ، فشكّلت ملفًا كبير الحجم ، جمع الشعر والنثر ؛ وإن كان يغلب على تجربته الشعر ، فيبدو لنا أن نفسه الشاعرة متوقدة دافقة ، وأن الشعر أقرب إليه ليجيش بما يعتمل في نفسه.
لعل أبرز ما يستوقفنا في تجربة " العمري " الشعرية أنه يقول الشعر وفقًا لموروث الشعر العربي ، فهو مولع بتجربة شعراء العروبة القدامى ، ومن سار على دربهم من المعاصرين ، وهذا يظهر في بنى قصائده العمودية التي تلتزم النهج الخليلي التقليدي ، وهذا لا نعده عيبًا أو تأخرًا كما يرى بعض النقاد ، الذي يتصورون أن الحداثة معناها الإبداع بأشكال شعرية جديدة ، مثل شعر التفعيلة أو قصيدة النثر أو النص المفتوح . نقول : من يظن ذلك فهو مخطئ ، فالأشكال الشعرية مثلها مثل الآنية ، أوعية تحوى تقلبات الوجدان ، وعبير الرؤى ، وإنما يكون الأمر في قضية التجديد الشعري من خلال مدى الرؤية المبتكرة التي يرومها الشاعر ، وما مدى اختلافه عن السابقين ؟ أو بالأدق : ما الإضافة الإبداعية التي نتلمسها في تجربته ؟ نقول ذلك ، وهناك شعراء عظام أبدعوا بالشكل العمودي بكل قيوده الموسيقية ، ما تعجز عنه قصيدة النثر بكل انفتاحها وتحررها الموسيقي واللفظي ، مثل : البردوني ( اليمن ) ، الجواهري ( العراق ) ، ( أحمد بخيت ) مصر ، وغيرهم .
فسمير العمري يفضل الشكل العمودي وينحاز إليه ، ويكتب أيضًا قصائد التفعيلة ، بجانب إبداعاته في القصة والمقال والخاطرة . وفي شعره العمودي نقف عند ظاهرة الأغراض الشعرية ، وهو مفهوم قديم قدم الشعر العربي ، فقد التزم "العمري " بها ، كأنه يتنفس بروح القدماء ، وينظر بنفس رؤاهم ، وهذه قضية الكثيرين من ناظمي الشعر بالعمودية أنهم يظلون أسرى الرؤية التقليدية التي تتكئ على ميراث الشعر العربي القديم ، فينظمون في المدح والرثاء والفخر والذم والأسى ... ، وقد يعارض القصائد القديمة ، إمعانًا في التأسي بالسابقين ، وبعضهم يتطور أكثر وينظم حسب المدرسة الرومانسية ، التي أشعلت القلوب نارًا، وغنت للطبيعة ، وربما يشكل هذا الأمر هاجسًا لدى شاعرنا ، فهو يرى أن التمترس في الشعر التفعيلي عنوانًا للشخصية المسلمة العربية ، وهذا يردده كثيرون ، ولكن تبقى الحقيقة أن الأهم في الجنس الأدبي ، وما يتفرع عنه من أشكال شعرية تلك الأحاسيس الجديدة التي يستشعر العالم بها ، أحاسيس تختلف عما يردده العامة ، أو ينظمه باقي الشعراء ، ومن هذا أو ذاك يتميز الشاعر ، فإذا جدّت الرؤية ، ستتجدد الكلمة ، وتكسى الصورة بعبق جديد ، ولنا في فحول شعرائنا القدامى والمعاصرين نماذج مبدعة في الرؤية والخيال .
والقاسم المشترك في تجربة " العمري " تلك الروح المتأججة التي تتعامل مع الشخوص والأشياء والقضايا بنفس درجة التأجج ، من أول النص إلى آخره ، وفي سبيل ذلك تخرج مفردات خطابية في طابعها ، مباشرة في فكرتها ، وتقل الصورة والخيال ، وهذا منطقي في التجربة الشعرية ، فإذا اشتد اشتعال الذات الشاعرة ، أسالت مشاعرها كلماتٍ ، فإن مساحة العقل الشعري تتقلص . ولنغص في تجربة " العمري " ، والغواص موضع التساؤل دومًا .
في ذكرى زواجه ينظم قصيدة مهداة إلى زوجته ، ويعنونها بـ " قرتي وقراري"، والعنوان يشي بالمضمون وهو أن الزوجة موضع المودة والسكن وهي رؤية إسلامية قرآنية ، حيث يقول :
لا رَيْبَ أَنَّـكِ مِـنْ نَعِيـمِ البَـارِي وَبِأَنَّـكِ المَقْسُـومُ مِـنْ أَقْــدَارِي
وَبِأَنَّ رُوحَـكِ رَاحَتِـي بَعْـدَ العَنَـا وَبِـأَنَّ قَلْبَـكِ قُـرَّتِـي وَقَــرَارِي

وعنوان النص جزء من الشطر الثاني في البيت الثاني وهو يندرج تحت ما يسـمى العنوان
الجاذب الذي يعمد فيه الشاعر إلى جذب القارئ لهذه النغمية التي حملتها مفردتا العــنوان
والمتأتية من الجذر المشترك بينهما . تلك الموسيقية التي تشكل علامة مميزة في قصائــد
العمري . وفي هذه القصيدة ، يقف الشاعر عند الحد الظاهري الذي يجترّ المدح للزوجــة
الوفية ، معددًا فضائلها ، وكيف أنها نموذج في العطاء ، وتجدر الإشـارة إلى أن مـدح
الزوجة غرض شعري راق ، ولكن تظل الرؤية مرهونة بنظرة الشاعر إلى طبيـعة العلاقة
بين الزوجين وخصوصيتها ، والخصوصـية تعني : ما يتمايز به الشاعر عن الآخــرين
في وقفته عند حياته الزوجية ، بعد مرور عقدي زمن كما ذكر في النص ، وأرى أن الشاعر لم
يراوح ما سبقه إليه الآخرون ، وإن حفلت القصيدة بإضاءات دينية .
ونفس ظاهرة العنوان تتكرر في قصائد أخرى ، حيث يقتطع الشاعــر من مطلع النص
عنوان قصيدته ، يقول :
علَى السُّيُوْفِ بَقَايَا مِنْ رَحِيْقِ دَمِـي وَفِي الصُّخُوْرِ طَرِيْقٌ مِنْ خُطَى قَدَمِي
فقد حملت القصيدة عنوان : " رحيق دمي " ، المقتطع من البيت الأول ، وهذا لا يساعـد
على تحفيز القارئ على قراءة النص ، وربما يعد ذلك استسهالاً من الشاعــر ، إلا أن
العنوان معبر عن روح النص ، التي حلقت في أزمة الإسلام ، وضياع مقدساته . فنغـمة
التباكي على تهرئ الجسد المسلم ، تهز الكثيرين ، ولكن الشاعر طوّف بكل آلام المسلمين،
مستخدمًا قاموسًا يكاد يكون مشتركًا بينه وبين كل الباكين على أحوال الأمة المسلمة .
وربمـا نجد الرؤية أكثر تطورًا في قصائد التفعيلة ، ففي قصيدة " البدر أحنى الجبين " نرى
انفتاحًا أكثر وهو يخاطب المحبوبة ، يقول :
هَلْ تَكْتَفِيْنْ؟
أَنْ هَلَّ فَجْرُكِ بَاسِمَاً بَعْدَ الأَسَى
يَمْحُوْ سُطُوْرَ الحُزْنِ مِنْ طِرْسِ السِّنِيْنْ
هَلْ تَكْتَفِيْنْ؟
أَنْ حَلَّ طَيْفُكِ يَحْتَوِيْ مِنِّي الْمُنَى
يَغْفُوْ بِأَحْضَانِي أَنَا
يَرْتَاحُ فِي عُمْقِ الفُؤَادِ وَفِي الوَتِيْنْ
لا يقف الخطاب عند المحبوبة الأنثى ، بل هو منصرف إلى المحبوبة ، ولكنه يتمايز هنا بكون
الشاعر متعمدًا الخطاب الأنثوي بشكله المطلق ، لتظل المحبوبة الأنثى ذات شكل هلامي،ندركه
من الصور الشعرية التي تتالى في النص ، والتي تتأرجح بين السعي إلى الخروج من تيه الحزن
إلى عالم رحب من البسمة ، وتظل الأنثى في هذا الفضاء : يمكن تحويل دلالتها إلى الوطن ، أو
الزوجة أو المعشوقة ، ولكن في إطار من الوهج العاطفي ، وتتعمق الرؤية أكثر في قصيـدة :
" أطلقي منك السراح " ، يقول :
ضُمِّي الجِرَاحَ عَلَى الجِرَاحْ
وَتَحَدَّثِي عَنْ ذِكْرَيَاتِ الفَجْرِ يَا شَفَةَ الصَّبَاحْ
عَنْ رِحْلَةِ الطَّيرِ المُغَرِّدِ غُرْبَةً
بِالنَّاسِ
بِالإِحْسَاسِ
عَنْ زَمَنٍ وَسَاحْ
عَنْ رِحْلَةٍ هَاضَتْ وَهَاضَ بِهَا الجَنَاحْ
فِيهَا انْكِسَارَاتُ المَرَايَا لا تُزِيلُ الأَقْنِعَةْ
فقد عمّق رؤيته أكثر عن مأساة الوطن ، متخذًا المحبوبة مخاطبة ، ليسقط عليها أحزانه
وهو يتباكى على أطلال العروبة ، ومجد الإسلام . وقد استحضر " سجاح " وهي امـرأة
ادّعت النبوة ، وتزوجها مسيلمة الكذاب ، في إشارة إلى حجم الكذب الذي يعترينا ، كـذب
على الشعوب ، وعلى النفوس .
أبرز ما نلحظه في القاموس الشعري عند " العمري " غزارة هذا القاموس ، وهذا ناتج عن
تعمقه في قراءة الشعر ، وفي قرضه ، خاصة أن الشعر العمودي يستلزم إثراء في الألفاظ
حتى تكون القافية لينة ، وإلا ستكون منحوتة نحتًا . ولكنني أستطيع أن أقف عند مظهر آخر
دال على هذا الثراء ، وهو الصورة الشعرية ، التي أرى أنها تميز شاعرنا ، وهو يعتني بها
ويحرص على تعميقها ، خاصة في قصائد شعر التفعيلة التي أعتبرها عنوانًا على التطور في
الرؤية والبناء الفني لديه ، يقول في قصيدة " البدر قد أحنى الجبين "
وَالحَرْفُ يَجْمَحُ لِلصَهِيْلْ
يُبْدِي الدَّلِيْلْ
وَعَلَى حَنَايَا القَلْبِ يَكْتُبُ قِصَّةً
وَالنَّبْضُ يَهْتِفُ بِالحَنِيْنْ

إننا أمام صورة ممتدة ، شديدة العذوبة ، فالحرف مثل الخيل جامح للصهيل ، صورة تشي بعنفوان
الحرف أي ثورته ، وتمتد الصورة ليصبح الحرف كاتب أقاصيص ، ويكون القلـب ورقَــه ، ثم
يكون نبض القلب حنينًا للمجد والعظمة . إنها صورة تجيش بشاعرية متقدة .
وفي قصيدته النونية التي عارض بها نونية ابن زيدون ، نجد ما نسميه بظاهرة تراسل الحـواس
فكل حواسنا تتلقى الصورة دون موانع ، فيتداخل البصر والشم والنطق والسمع ، وتتجمع في مركز
الإحساس الواحد وهو القلب ، يقول :
الزَّهْرُ بَسْمَتُنَـا وَالطَيْـرُ هَمْسَتُنَـا وَالصَمْتُ رَبْوَتُنَا وَالشِّعْـرُ وَادِيْنَـا
وَرَوْضَةُ الطُّهْرِ فِي أَسْمَى مَشَاعِرِنَا كَطَلْعَةِ الفَجْرِ فِـي أَدْجَـى لَيَالِيْنَـا
فالزهر يشعل حاستي العين والشم ، ثم يصبح بسمة تزين وجوهنا ، والطير يحفز حاستي البصر
والسـمع ثم يكـون همسة على الشفاه ( منطوق ) . وهكذا نجد بيتــًا شديدة الشاعرية ،محلى
بصور فذة ، وإن كان البيت الثاني اقترب مما يسمى المتداول الشعري فالطهر روضة ، مثل طلعة
الفجر ، وهي صورة تتكرر كثيرًا ، محورها : الطهر مثل الفجر ، أو العفاف كالنور .



وإذا كانت لنا وقفة ، فإن القصة لدى شاعرنا لها نكهة خاصة ، وإن قل نتاجه منها ، فنفس
الشاعر تزاحم عين القاص ، وربما تاتي قصة " نكهة " نموذجًا مشتركًا في رأيي ، فهذه
القصة جمعت عالم " العمري " في شعريته ، ودلت على لقطاته القصصية ، فالقصة ذات
مضمون يتقاطع كثيرًا في شعر العمري : الوفاء للزوجة ، والوفاء يتخذ صورة تذكر عيد
الزواج ، حيث حمل البطل كعكة هذا العيد ، مصنوعة من الكريمة والكرز ، لونا البياض
والاحمرار ، وذهب إلى منزله ، أسرعت الزوجة بفتح الباب ، وهي ضاحكة للزوج الذي
تذكر ما ينساه الآخرون ، فيفاجأ بوجود أختها المطـلقة عندها ، يشعر بالغضب ، وتشكك
الأخت في وجود آثار إصبع على الكعكة ، وسرعان ما يوضح الزوج كيف أن هذه لمسته
هو عندما تذوق الكعكة . وحين تبدأ الزوجة في التناول من الكعكة ، تشعر بنكهة جديدة ،
نكهة الوفاء . يمتاز أسلوب القصة بدفق عال من المشاعر ، وأرى أن العمري يمتلك نفسًا
قصصيًا ، وقدرة على الحكي ، والأهم : التحكم في اللحظة القصصية ، وإبقـاء القـارئ
في ترقب لما سيحدث . وإن كان الحوار يحلق في آفاق شاعرية ، لا يحتملها عالم القص
الذي يقترب من الواقع المعاش . تقول الزوجة لزوجها مهنئة :
" كُلُّ عَامٍ وَأَنْتَ أَنْتَ ، القَلْبُ الذِي يَحْتَوِي ، وَالرُّوحُ التِي تَسْتَوِي "
ويرد عليها حينما يعلم بوجود أختها :
" لأَجْلِكِ يَهُونُ كُلُّ خَطْبٍ ، لا بَأْسَ أَنْ تُشَارِكَنَا هَذِهِ المَرَّة أَجْمَلَ لَحَظَاتِنَا الخَاصَّةِ "
وربما يكون عذر القاص أن نفس الشاعر تغلفه ، في لحظة شاعرية ، عنوانها المودة.
******
تظل تجربة " سمير العمري " مثل عشرات التجارب الأخرى ، في حاجة إلى وقفة للقراءة
النقدية المتأملة ، لعل هذه الوقفة تكون فرصة لالتقاط الأنفاس ، وهذه إحدى أزمات النقـد
العربي : ركام هائل من الإبداع ، وتجاهل من النقاد ، وأختم بأن أؤكد أن هذه القراءة إنما
هي قراءة أولية في جوهرها ، تحاول أن تكون نبراسًا لقـراءات أخـرى ؛ تجمع الشتات
الذي تكتنزه شبكة الإنترنت ، وتعيد ترتيبه وتنسيقه ، وفي الترتيب بدء حقيقي للتلقي .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:30 AM
ندوة وقراءات في شعر الدكتور سمير العمري





ضمن أنشطة فرع الواحة لدولة الكويت
في الاجتماع المنعقد يوم الجمعة بتاريخ 23/02/2007 , والذي كان بعنوان : قراءات في ابداعات الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري , والذي حضره كل من الاخوة الأدباء :
الدكتور سلطان الحريري
الدكتور مصطفى عراقي
الدكتور مصطفى عطية
الاستاذ محمد الحريري
الاستاذ حسام القاضي
الاستاذ مأمون المغازي
الاستاذ محمد سامي البوهي
الدكتور محمد حسن السمان

يمكن تلخيص القراءات المشتركة فيما يلي :

عند التكلم عن اللغة ,لابد من الاشارة الواضحة الى رقي اللغة عند الشاعر الدكتور سمير العمري وموسوعيتها , فهو يمتلك مخزونا غزيرا من المفردات , وهذا ما جعل القوافي تأتي طيعة سهلة في قصائده , وأعطاه زخما وثراء في التعبير عن مكنوناته الشعرية .
والالفاظ عند الشاعر العمري ذات جزالة وفخامة , وتحمل رتما موسيقيا عاليا , وهو ما أحب أن يطلق عليه أحد الأدباء الموسيقا النحاسية للمفردة , على الرغم من وجود بعض القصائد لديه ذات الالفاظ الموسيقية الهادئة , وربما استخدم ذلك في توظيف نوع المفردة والجرس والهدف ليخدم الغرض من القصيدة , وحيث أن الدكتور العمري يميل الى الفكر والتعبير عن مآسي الأمة ومشاكلها , ويتصدى للمواضيع الفكرية والاجتماعية , فقد غلبت جزالة المفردة والموسيقا ذات الرتم العالي على قصائده , لدرجة أن ذلك هو بصمة مميّزة لشعره , ولابد أن نذكر هنا بأن الدكتور العمري على الرغم من جزالة الكلمة لديه إلا أنه لم يسخدم الفاظا معقدة أو محشورة أو حوشية , بل يستخدم الكلمة القوية المعبّرة المقبولة فهما وجرسا .
ولعل أهم ما يميّز شعر العمري هذا التوازن البنائي الناجح, والامتداد النفسي والفكري للمفردة والصورة الحركية الممتدة , التي احيانأ تصل الى مستوى الحالة الشاعرية , ثم الترابط الجميل بين الابعاد الحسية والاحساسية في التوافقات اللفظية التي يستخدمها , في كثير من قصائده .
- وفي المعارضة الشعرية عند سمير العمري , بعد الاستماع الى احد النماذج من شعره , وهي قصيدة معارضة نونية ابن زيدون , التي تالق بها الشاعر , تالق ابن زيدون بنونيته , نلاحظ أن العمري لامس فيها حالة من الابداع والسمو , قلما يصل اليه شعر المعارضة , وفي بعض حالات معروفة , و المعارضة في الشعر العربي , فن جميل , تميّز به الشعر العربي , وتفوق فيه على بقية أنواع الشعر في اللغات الاخرى .
- ودون أدنى شك , فإن قصائد العمري وأعماله , اتسمت بالالتزام الديني الوسطي , فهو لم يقع في تجاوزات تحيد به عن شرع أو عرف او خلق , وربما يمكن أن نعزو ذلك الى أن العمري , يعتبر الأدب والشعر وسيلة للتعبير عن فكره ونظريته المستقبلية , ففي فكر العمري : الفكر قبل الشعر .
- وفي مسالة تعدد الأغراض والمواضيع التي تناولها الشاعر الدكتور العمري , يلاحظ مدى التنوع الواسع , وغزارة الشعر محافظا في اغلب الحالات على مستوى عال , متأججا في كل موضوع مطروح , وماهذا سوى مؤشر على غزارة الثقافة وعمق التجربة .
- ولدى الاستماع الى قصائد منتقاة من شعر الدكتور سمير العمري , ألقاها الدكتور سلطان الحريري , في محاولة للتذوق الجمالي العام للقصائد , ودراسة التموسق والترابط بين البناء والمعنى ومدى تحقيق الغرض من القصيدة , ومحاولة القيام بمشابهات مع بعض الشعراء الاعلام , في مدى التمكن والمقدرة الشعرية والابداعية , والحس الجمالي , يلاحظ التفوق الذي يتمتع به الشاعر الدكتور سمير العمري , وخاصة في التوافق بين كل هذه المقومات الجمالية مجتمعة .
و في تقييم لواقع رابطة الواحة الثقافية , في ظل أن الدكتور سمير العمري هو المؤسس لها , لابد من الإشادة بموقع الواحة الثقافية كمنبر أدبي وفكري متميّز, من حيث الحرية المتوازنة في تناول المواضيع , ومستوى الأدب والفكر والنقاشات , ومستوى التعامل الراقي بين الاعضاء والمتحاورين , كما أن ملتقى الواحة الثقافية , تميّز بالقيام بالقراءات الأدبية والدراسات النقدية , ذات البعد التذوقي , والحكم الايجابي المنصف , وقد انعكس ذلك بتحقيق الواحة لأحد أهدافها المعلنة في الرقي بمستوى الأدب

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:32 AM
قراءة في قصيدة إزار العفو


قراءة فكرية لقصيدة ( إزار العفو ) لسمير العمري
القضية هنا ان الانسان ولكي يفهم العالم كما هو لا كما يتمناه لابد ان يعرف مصادر الحقيقة عند كل انسان في عالمنا هذا .
وهذه الخطوة يجب ان تسبق حكمنا على مواقف من نقابلهم لاننا لن نفهم المعنى مما تسمعه آذاننا أو تنطقه حروف لسان من نادانا او عادانا .
لن نعرف معاني الحروف الا لحظة الصفو لا الكدر ولحظة الهدوء لا الغضب
وَأَلْبَسْتُ الْحُرُوْفَ عَلَى الْمَعَانِـي
ثِيَابَـاً مِـنْ حُمَيَّـاتِ السُّـلافِ
والشاعر هنا في هذا البيت يشير وبوضوح وببلاغة مدهشة الى اننا قد نسكر بشعورالمؤانسة كسُـكرنا بشعور الغضب فلا نأبه لمصادر الحقيقة التي أشرنا اليها صدر المقال .
الشاعر لايقع في هذا الفخ فيورد لنا حروفه وهي تصور لحظة قلق سبقت حزنه الدفين من موقف تعرض له ، والشخصنة في هذا الموقف هي سر هذا الحزن
أَتَانَا بِالتَّجَنِّـي خَيْـرُ صَحْبِـي
وَظُلْمُ الصَّحْبِ كَالسُّمِّ الزّعَـافِ
فأقربهم اليه أورده المظالم فكان الشاعر يتحسس تجنيه كأنه قد تجرع السم القاتل وكذا نذوق من الحروف ماقتل .
ثم ينقلنا الشاعر الى تاريخانية هذه المشاعر وانه بذل لصديقه الحفاوة لصون عهده وكان نصيبه من جنة حروف الشاعر أزهار المديح صدقا ً وعهداً في القوافي لنصل معه الى لحظة المعاناة كونه نسّاج يحيك من خيوط الحروف كلماته ليري للعالمين سجادة مشاعره كدالة على نقاوة العلائق التي ربطته بصديقه بحقيقة مشاعر الشاعربل نراه قد ذهب الى أبعد من هذا وهو يصرح ان نسيج المديح قد أصبح قميصا ً طالما رآه الناس ملبوسا ً عند ذاك الصديق وكأن الشاعر يخفي مرارة حزنه لانه الآن غير قادر على محي حروف المديح بعد خذلان الصديق لصديقه كما هو متعذر أن ينزع القميص الهدية عمن أهداه ذات يوم لذاك الصديق
انه يقول لنا ببلاغة الشعراء ان الحميمية التي تتملك قلوبنا حين تقابل بالخذلان فان الفؤاد سيبكي نبضه الذي أسرف في الولاء للصاحب الحميم .
شاعرنا يجيد عرض البأساء التي أورثه اياها أقرب صحبه فيصور لنا مشاهد من العتاب قلما قرأناها شعرا ً بهذه الدرجة من الرفعة في الادب فكان حقا ً علينا إذن الاعتراف بهذه الشدة من الانبهار كوننا الطرف المقابل للمعادلة مابين الاديب والقارى
*
*
وحينما نصل الى قوله
وَلَسْنَا مَنْ نَجُـورُ وَإِنْ ظُلِمْنَـا
وَلَسْنَا بِالإِسَـاءَةَ مَـنْ نُكَافِـي
فانه يضعنا في مربع حواري مختلف اللهجة عما قدم في صدر القصيدة ، انه يصرح ان ثمة ظلم قد وقع وثمة إساءة ، فننتقل معه وهو يقلب محاور العلاقة بينه وبين الصديق الذي صار ظالما ً مسيئا ً ، ونحن نتذوق المعاني هنا ينقلنا الشاعر الى المنظومة الخلقية القرآنية والآية فيها تقول لنا كيف نجعل العدو كأنه وليا ً حميما وإنها لانتقالة موفقة من الوصف ( أتانا ) والضمير فيها يعود على الصديق وهو لايحتمل الا صيغة الإفراد الى تكرار الوصف ( لسنا ) يصيغة الجمع كأن الشاعر يقرر سلوكياته مع كل أحد من الناس سوى هذا الصديق المتجني .
وبعد كل تلك المواقف ينقلنا الشاعر الى المشهد الفصل في حكايته وهو يصف لنا لقاحات قد جربها وهو يعرض لنا إساءة المرض الانساني الاخطر ... ( غدر الصاحب لصاحبه)
سَنَشْفِي الْجرْحَ مِمَّنْ جَارَ فَينَـا
وَفَاءً ، فَالوَفَـاءُ بِـهِ انْتِصَافِـي
ولقاح هذا الوباء هو الوفاء تحت قاعدة الانصاف وقليل من البشر بات اليوم في زمن الزيف هذا يستطيع ان يعي حقيقة الانصاف فيعطي كل ذي حق حقه فالمسلم الحقيقي من آمن ان لاقوة الا بالله فلا يجور الا بالله ولا يغضب الا لله ولا يصاحب الا لله ولعمري هذه هي خلاصة الحكمة الانسانية والعملية ... انه الاسلام دين القيم مهذبة السلوك
الشاعر أخذنا الى فضاء فكري فالرؤية الاسلامية تقر بالوحدانية للإنسان كعنصر فاعل في هذا العالم ولايقر الفردية التي تنم عن انانية تسحب البساط من تحت اقدام انسانية الانسان وسموه كما فعلت في الغرب ، والقصيدة تفصح عن نفسها بثقافة اللاعنف ورفض الإقصاء للآخر المذنب المسىء بل تؤكد على قبوله تحت عنوان الوفاء لاهل الوفاء ، والشاعرتبنى هذه الحقيقة وهو يعي ربطها ادبيا ً بالنص الالاسلامي المقدس فقدم لنا مرة أخرى ماعاهدنا عليه كون الفكر هو قائد الشعر
انه الدكتور سمير العمري ...الذي وفى فكرا ً وشعرا ً
*
*
*
ملاحظة أخيرة
كان تصدير القصيدة بعبارة من قديمي الأثر البالغ في نفسي ولكني أتسائل هل كان يعني ان الشاعر كتب القصيدة اليوم عن حادثة قديمة ان انه نشرها اليوم وهي مكتوبة من دون ان ينشرها قبل اليوم
ففي الجواب عن هذا السؤال يكمن معنى ً بنيوي يخص رؤيتي كمتذوق ...
لازلت انتظر الجواب لعلي اكمل القراءة

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:35 AM
قراءة في قراءة الدكتور مصطفى عراقي " اطلالة على شعر الدكتور سمير العمري"



ملامح القراءة في "إطلالة أولى على عالم الشاعر: سمير العمري "
للأديب الكبير والناقد الراقي الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي
بقلم د. محمد حسن السمان
عندما أقرأ للأديب الكبير والناقد الراقي الاستاذ الدكتور مصطفى عراقي , أشعرني أهيم
في عالم من السحر الحلال , لا ادري كيف يصل الى هذه اللمحات الخارقة , في تذوق اللفظ ,
ويغوص متأملا في حركيته الموسيقية , وكأنه يعالج لحنا موسيقيا , يتعمق في شاراته
وطبقات الصوت والتناغم فيه , يفعل ذلك بشكل مذهل , حتى جعلني بشكل فطري , اتبع معه
النغمات والايحاءات والمدلولات , لأجد نفسي , في عالم ثرّ من المتعة وتذوق الابداع ,
تفوق فيه على مدارس النقاد , حينما يخرج من اطار الشكل , في علوم البديع , ليحس
البلاغة والبعد النفسي ويستشرف الصورة بابعادها اللفظية والموسيقية والنفسية والفكرية ,
قلّما يجاريه في ذلك قارئ أو ناقد , وكأنه جواهري يقدّر قيمة النقاء والصفاء , والوزن
والقيمة , ومستويات القطع وتناغم المستويات , والبريق المتولد عن حركة الضوء في
التشكيل الهندسي , وأشعر برغبة بين الدهشة والاعجاب , لأسوق هنا بعضا مما حلّق به
الأديب الكبير الناقد الراقي :
وأما فيما يتعلق بملمح الجمع بين التشكيل والتوظيف ، فأحب أن اعرض له من خلال مشهد
مثير هو مشهد الطوفان ، من قصيدة : "فلك نوح":
حيث جاء الرمز هنا مصورا موفقا في قلب القصيدة حيث جاء مناسبا للبداية الشبيهة بالطوفان،
وتمهيدا لرجاء الشاعر بالانتصارعلى الظلم وكأنه استحضار ضمني لقوله تعالى :
"فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (سورة القمر: 10)
فنهض الرمز (عبارةً وإشارةً أو تصريحا وتلميحا) بوظيفته في تشكيل القصيدة وبنائها بناءً
جماليا ودلاليا ، ولم يجئ مجرد حلية جمالية !
فجاء المشهد ثريا عن طريق تعدد طبقات الصوت : بين الشدة كما في
"صَفِّقِي يا روحُ
ثُوري
وازأرِي كالليثِ فِي الغاباتِ "
فهو هنا صوت رهيب صارخ كما تدل ظلال الفعل :"صفقي" ودلالة الفعل "ازأري" بما يوحي
بالرهبة والجلال
ثم ينحو منحى الجمال حيث نسمعه
"كالأطيارِ
تشدُو الحبَّ في دوحٍ صدوحْ"
وكما تعددت طبقات الصوت في رسم المشهد حيا متدفقا، يأتي دور الحركة متراوحة كذلك بين
التحليق الخارجي في الأفق مع الأفلاك والأطياف
والتحليق في الذات مع مشاعر العز والإيمان
كما أثرى المشهد هذه المفارقة بين ضجيج ليل الواقع وارتقاب إشراق شمس الأمل
ولم يكتف شاعرنا بتصوير المشهد بل جعلنا نطالع من خلاله رموزا فرعية تتصارع بينها
صراعا فنيا مثيرا
أعاصير و ريح - طوفان آخر داخل قلب الشاعر - خيل جموح في مهجته .
مما جلى المشهد أمامنا حيا مثيرا.
هذا من حيث التصوير
أما من حيث التعبير
فقد وقفت بإعجاب ودهشة عند "القلب النحوي البلاغي" هنا:
قدْ ملَّتِ النفسَ الْجروحْ
حيث جعل الشاعر "الجروح" فاعلا ، و"النفس" مفعولا ، فصارت الجروح هي التي تمل
النفس والأصل أن النفس هي التي تمل، ولكن الشاعر رسم لنا صورة نحوية إبداعية مبتكرة
عن طريق تبادل الوظائف النحوية بمهارة للدلالة على المبالغة الشعورية.
وهذا قريب من التشبيه المقلوب الذي أشرت إليه في قول الشاعر:

البَدْرُ يَعْرِفُ فِيكِ رِقَّةَ فَجْرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَارِ "
ويشدنا الناقد ببراعة وتشويق , نحو تذوق مفهوم البناء التوازني , مستشهدا بنماذج ناجحة ,
في شعر الشاعر الكبير الدكتور سمير العمري , حيث تتضافر الصور مختلفة الانتماء
الاحساسي والحسي , لتستكمل مشهدا ما , او التعبير عن حالة شعرية ما :
"
وَبِأَنَّ عَيْنَيكِ ابْتِسَامَةُ خَاطِرِي=وَحَدِيثَهُنَّ مَوَاسِمُ الأَزْهَـارِ
بالجمع بين الابتسامة والحديث لأن بهما كليهما تكتمل الصورة الإيجابية بخلاف ما لو اكتفى
بأحدهما دون الآخر.، ومن الجميل أنه لم يضف الحديث إليها بل إلى روحها وعينيها مستخدما
نون النسوة فكأنها صارت شخوصا حية في القصيدة
فأما على مستوى التشكيل فنلمسه في هذه الأبيات التي تتضافر فيها عناصر الطبيعة مع سمات المحبوبة لرسم صورة شعرية مشهدية ، حيث يتم تبادل الدوار بينها فيما يسمى في البلاغة
العربية بالتشبيه المقلوب تحقيق عنصر الإدهاش في ذهن المتلقي:

البَدْرُ يَعْرِفُ فِيـكِ رِقَّـةَ فَجْـرِهِ=وَالفَجْرُ مِنْكِ الطُّهُرَ فِي الأَبْكَـارِ
وَالدَّهْرُ لا عَينٌ تَغـضُّ وَلا فَـمٌ=يَحْكِي وَلا أُذُنٌ لِغَيـرِ السَّـارِي
وَقَفَ الوُجُودُ عَلَيكِ وَالْتَزَمَ الهَوَى=يَرْنُـو إِلَيـكِ بِنَظْـرَةِ اسْتِعْبَـارِ
يَرْنُو إِلَيكِ فَأَنْتِ كُـلُّ مَسَالِكِـي=وَمَدَائِنِـي وَمَرَافِئِـي وَبِحَـارِي
فالبدر هو الذي يعرف فيها رقة فجره ، ولا تقف الصورة هنا بل تنمو تصاعديا فإذا بنا نتأمل
هذا الفجر في الأطهار، بل إن الدهر بل الوجود كله يشارك في هذا المشهد المثير وقد أضحينا
نطالعها وقد أضحت فيه كل المسالك والمدائن والمرافئ والبحار يضيفها الشاعر إلى ذاته .
نجد أنفسنا في هذه القراءة , أمام درس شيّق في الدراسة الفنية والتذوق الجمالي , يعلمنا
ليس كيف نفتح اعيننا على مواطن الجمال في العمل , بل أن نعمل كل حواسنا , لتحسس
الابعاد الفنية والأدبية والجمالية , بل ويقود المشهد نحو تكريس النقد الايجابي , حيثما تلوح
ملامح ابداعية .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:36 AM
قصيدة الدكتور سمير العمري
أحرف القسم في الميزان


قصيدة العمري (احرف القسم ) في الميزان



لقصائد سمير العمري نكهة خاصة لايتذوقها الا الذي أدمن على تكرار قراءتها .
وحين عاهدته على الاخوة في الله كنت أعني أن نعقد اتفاقا ً ضمنيا ً على تداول الافكار عن طريق شعره الغزير وقد كتبت رؤيتي على افكاره مئات الصفحات وفي كل سطر فيها كنت اقترب من قلبه الصادق .
اليوم أقدم لاحبتنا سكان واحتنا قرائتي لقصيدته احرف القسم وليعذرني شاعرنا والقراء ان كنت قد بالغت في المصارحة ذلك اني اعتقد ان المصارحة هي ابلغ انواع النقد ولاشيء أبغض على النفس من الانتقاد، إذ لا تسكر النفس بخمر كالثناء.
والادب الرفيع لن ينموالا بالنقد، لأنه يفتح أعيننا على أخطائنا فالشاعر كأي انسان لايمتلك العصمة عن الخطأ ولايعني ان قرائتي هذه هي من نوع النقد الادبي المتداول ، اعترف اني أقرأ شعر العمري تبعا ً
لما في رأسي وربما بعكس ما أراد شاعرنا .


لا يَرْكَبُ الْخَيْلَ للأَمْجَادِ غَيرُ كَمِي
لا مَنْ يَجُرُّ هَزِيْلَ العيْـسِ بِاللُجُـمِ

وأنا أقرأ هذا البيت البليغ
كأني أسمع أستاذي وملهمي ومن له فضل إعادة تشكيل عقلي : الطبيب خالص جلبي يوم أن تكاسلت حروفي عن مناصرة ومؤازرة من ينظر عني للسنين القادمة يستشرف ألق الاجتهاد وطرائق الاستشفاء لفواجع انسان الالفية الثالثة.... وأنا آنئذ تقاعست فواصلت شخيري
قال شيخي الخالص ايها الخليل : أذن .. بينك وبين العلم مسيرة حقب ،وحق له ماقال فيّ ، وقد شعرت عنده بالخجل .
وكأني استفقت فقررت ان أركب الخيل للامجاد أطلبها وكانت بداية عهدي في التجمل بالتعقل وباشرت النظر في آيات الآفاق وإعجاز كلام الله تعالى فينا نحن متعبي هذا الزمن الحزين،
وحينما سمعت استنطاق الانسان للارض والسماء ...دهشت لمرتين
وأنا أرى وكالة ناسا وقد ارسلت كبسولة لتخترق 130 مليون كيلو متر في الفضاء , اتدرون لم ؟ لان ثمة مذنب شارد يحوم حول ارضنا ..فقال رهط في القرية الكونية الصغيرة لم لا نعترضه لنستكشف طرقنا في تجنب أذاه !!!
أما أنا آنذاك فكنت في عزلة ومع كتبي العتيقة اعيش لها وبها...
كنت اعيش حالة الاستنطاق هذه وقد كانت يوماً ما حرفة لعلمائنا وفضلائنا وهذه بغداد التي حوت وملكت لسان العلم فحدثتنا كم على أرضها استنطقت غوامض كانت عصية على الافهام ، وعندكم خبر بن سينا وبن النفيس والفارابي وشيخنا ابي حنيفة والذي تابع تلامذته رؤيته في الطيران الى المستقبل واستكشاف مايتوقعون حدوثه حتى اسماهم الناس (الارأيتيين)وهي من قولهم أرأيت لو ان معضلة كذا حصلت فتحل بكذا
... رحم الله اسلافنا نحن العراقيون كم كانوا يفكرون لنا ولمستقبلنا
لن أقلّب الآن المواجع ياسكان الواحة وسادة حروفها ولنعود الى
الكبسولة الامريكية التي اصطدمت بالمذنب وصورت وحللت لمدة 15 دقيقة ووقفت وفي طرفها غنج ودلال... تدرس النتائج
هنالك فطنت الى اهمية أن أهجر أسلوب الاستنباط وألتزم أسلوب الاستقراء
في زمن عز على أيادينا من رباط الخيل وسروجها
ونحن كنا ولم نزل.. لاتمام المشهد متأخرين ، بانتظار النتائج مع رؤية محمد الشنقيطي القائل !!!

و كمْ بحثتُ عـن الأسبـاب ِ تجعلنـا... على و تيرتنـا عـن سائـر ِ الأمـمِ


وسأبقى أنتظرصادحاً ومعي السمير لمشاعري يشاطرني الاماني

لا يَرْكَبُ الْخَيْلَ للأَمْجَادِ غَيرُ كَمِي
لا مَنْ يَجُرُّ هَزِيْلَ العيْـسِ بِاللُجُـمِ

وحديث سمر الخليل بالسمير قد يحدث بعد ذلك ...أمر استنطاق آخر

أَشْقَى الرِّجَالِ بِمَا تُمْلِي وَسَاوِسُـهُ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ بِنَـاءَ المَجْـدِ بِالسَّلَـمِ
وأَكْثَرُ النَّاسِ فِي أَحْلامِـهِ شَطَطَـاً
مَنْ كَانَ يَطْمَعُ فِيْهَا طَاعَـةَ الأُمَـمِ
هنا وقفت مع رؤية السمير موقف المعترض ..
وأنا وإياه في بناء المجد متفقين في الوظيفة مختلفين في الاسلوب ..
فعودة الخلافة الراشدة وهي حلمنا من سيحقق لنا بناء المجد ولكنه في هذين البيتين أشار الى علاقة السلم بالوسواس عند رجال آثروا
طريق الشقاء ، أي انه اضاف لهم همة واختيار لمسلك الشقاء وربما عنى ان الشقاء
وقد اختار لها أفعل التفضيل هي محصلة نهائية لانتهاج مسلك السلم .
وهنا نقع في معضلة تعريفية ..
لابد لي اذن ان اوضح مقصدي في مصطلح ( السلم ) كوني متبنيه كصنو جناحي لهمتي وأنا احلق في فضاء الممكن بجناحي (سلم وعلم ) لعلني أصل بماهو كائن الى مايجب ان يكون .
السلم لايعني البتة الاستسلام ، السلم يعني قبول الآخر وفق قاعدة الندية والآخر هذا ربما كان عدوا ً أريده كأنه ولي حميم . وربما كان سلما ً يبث الرحمة لجمع المؤمنين بحلمنا الراشد في ذات اللحظة التي يبث الشدة على الكافرين بحقنا في هذا الحلم ( أشداء على الكافرين رحماء بينهم ) الآية .
ان كل الغبش في الرؤية يتأتى من التعريف اذن فلو صاح فينا اليوم قول قائل السلم لقال الناس ان المنادي هو من هؤلاء القوم الذين تخاذلوا وألقوا أسلحتهم والحق ان متبني السلم هو أشد الناس هيعة ً لنصرة المظلومين وكأني به يبغي ان يقيم حلفا ً عالميا ً لنصرة المظلومين أينما كانوا وحيثما دانوا ففي دولتنا الراشدة الحرية مكفولة لأي فرد ليعبر عن مظلوميته بشكل صريح لايخاف ولايكسل ألسنا جميعنا لاسلطان لأحد منا على الآخر إلا من خلال سلطان الله على الجميع حاكما ً ومحكوما ً ولعمري هذا هو باختصار ماتضمنته رسالة الاسلام في ( التوحيد) .
لم يضر الامة سوى اولئك الذين أشاعوا الاستسلام وسكتوا عن ظلمهم بحجة ان ماسيلاقونه على يد الظالم أبشع في حالة الإفصاح عنه في حالة السكوت فآثروا السلامة وتتابع هذا الجرم جيلاً عن جيل حتى استيقظت الامة ذات صباح وقد استعمر هويتها الفرد مغتصبا ً حق المجموع فيسر بذلك استعمارا ً من خارج حدود الامة وانهارت الأسس وانقلبت المحاور وصرنا نسمي الاسماء باستعاراتها خوف مجابهة حقيقة المسميات ، لااقول نسمي الهزيمة انتصارا ً بل اقول اسمينا مصارحة ذواتنا نكوصا ً عن الاستجابة لامر الحاكم وهو خادعنا انه الحاكم بأمر الله .
ولقد كتبت في واحة الفضلاء .. بيتنا الفكري خمس اجزاء من مقالتي ( السلم والعلم .. نظرات ) للزيادة في التوضيح لما اعنيه هنا .
وأنا أعذر شاعرنا وسمير قلوبنا ان كان يشير في بيته هذا الى اولئك الذين ساوموا على هذه المبادى التي اوردتها وهم يسالمون من اغتصب حقنا المقدس في قدسنا السليب

ثم ان السمير ينقلنا الى مشهد مواز ٍ في البيت التالي

وأَكْثَرُ النَّاسِ فِي أَحْلامِـهِ شَطَطَـاً
مَنْ كَانَ يَطْمَعُ فِيْهَا طَاعَـةَ الأُمَـمِ

ليصف وبدقة من توهم انه قد اصبح فرعون هذا الزمان وقرصان هذا الكوكب وقد قسم العالم الى شطري محور خير ومحور شر – بزعمه- وقد ضرب عرض الحائط الشرعية الانسانية قبل ضربه الشرعية الدولية وأجاد شاعرنا مختصرا ً دوافع هذا الطاغية بالطمع وهو غريزة انسانية طالما نبهتنا آيات القرآن المجيد لمقاومتها وعدم الانجرار خلف تشوهات افرازاتها فالطمع والحقد والحسد من امراض القلوب اذا اضطربت انسانيتها .
وهذا له علاقة في الابيات التي تلت هذا البيت وفيها يردد سميرنا مزايا الشهادة في سبيل الله وصفة جند الحق ليصل معنا الى ان امراض القلوب آنفة الذكر هي من اهم معيقات وظيفة الشهادة ، انظر كيف تفعل تلك الدوافع جرمها المشين وهي قد جعلت الاخ يذبح اخيه لتتمزق الامة في جاهلية الطائفية والعرقية والمذهبية
انه الطمع ... ذلك الوباء الاخطر اليوم
وسميرنا وهو يستنفر فينا الشيم لتؤازر نقاء القيم كأني به وقد حلت بنا المصيبات وجلها من صنعنا وكما اشار القرآن ( قل هو من عند انفسكم ) ، انها اشارة خفية لتهيئة لقاحات الفكرة المنهاجية القرآنية لتلاحق خلافات الصف الاسلامي كون الله تعالى يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ً كالبنيان المرصوص فالمسلم اليوم بأمس الحاجة لسلم اخيه المسلم
فهل نقوم الى ذلك فنستيقظ
وكما أبدع سميرنا فقال يختتم رائعته

فَهْلْ نَقُوْمُ وَقَـدْ جَلَّـتْ مُصِيْبَتُنَـا
بِعِزَّةٍ تُوْقِظُ الإِقْـدَامَ فِـي الرِّمَـمِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:40 AM
عندما اقرأ للأديب الكبير العمري


كنت اقول ولازلت ... ان على الاديب أن يسير امام الجمهور لاخلفه
ومادعاني لذلك أني وبكل أسف ومرارة أقرأ الادب العربي الآن في صيغته المخيالية المقيتة كأنه يقر بعقم فضاءنا الفكري اليوم ونحن نخوض أشد مواجهاتنا الحضارية قسوة ً ...

وعندما أقرأ للأديب الكبير ... العمري

تغادرني بعض حالاتي التشاؤمية ...

انه الرجل الذي عاهدنا ان يجعل الفكر القائد للشعر ...

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:41 AM
قراءة في رائعة الدكتور سمير العمري
يا شام


كنت اقول ولازلت ... ان على الاديب أن يسير امام الجمهور لاخلفه
ومادعاني لذلك أني وبكل أسف ومرارة أقرأ الادب العربي الآن في صيغته المخيالية المقيتة كأنه يقر بعقم فضاءنا الفكري اليوم ونحن نخوض أشد مواجهاتنا الحضارية قسوة ً ...

وعندما أقرأ للأديب الكبير ... العمري

تغادرني بعض حالاتي التشاؤمية ...

انه الرجل الذي عاهدنا ان يجعل الفكر القائد للشعر ...

هنا في هذه القصيدة يجود علينا شاعرنا بطرح رؤية لاأقول جديدة بل رؤية تحفزنا على الاستبصار وتجعلنا نبحث عن دواعي حضور هذه المشاعر النبيلة ...

فالشاعر لايخص الشام _ الارض _ بقصيدته انه يخاطب دار النصر والحشر واهلها

أَنَا المُتَيَّـمُ يَـا شَـامَ العُـلا فَدَعِـي
مِنْ طِيبِ رُوحِكِ فِي رُوحِي الذِي عَلِقَا

وهنا يمتزج الشاعر ويذوب في روح السمو التي نفثتها ارض الشام للبشرية أوليست هي دار الديانات _ روح الانسانية _ والناس اليوم في تصحر الروح فهي دواء العطش

ثم ينتقل بنا الشاعر

يَا شَامُ فِيكِ صَبَابَاتِـي فَـلا اخْتَلَفَـتْ
وَفِيـكِ بَـابُ مَسَرَّاتِـي فَـلا انْغَلَقَـا


لكأنه يقول عن فلسطين وهي تربته ... انها ارض الشام التي لن تنغلق في وجهه ... وهو من شامويوا او فلسطينيوا الشتات .. بدليل انه يعزز قوله في بيت ٍ تالِ ٍ فيقول

أَلَيسَ أَصْدَقُ أَهْـلِ العِشْـقِ أَخْفَرَهُـمْ
عِنْـدَ اللِقَـاءِ وَأَضْنَاهُـمْ إِذَا افْتَرَقَـا


ويقول

إِلامَ لَهْـفَـةُ أَشْـوَاقِـي تُنَازِعُـنِـي
إِلَى ثُـرَاكِ تَبَارِيـحَ الضَّنَـى طُرُقَـا
وَهَلْ سَتَرْسُمُ فِي الأَحْدَاقِ يَـا بَـرَدَى
مَتَى التَّقَينَـا مَسَـارَاتٍ لِمَـنْ عَشِقَـا
وَغُوطَةً هَفْهَفَ الحُسْـنُ البَدِيـعُ بِهَـا
وَزَادَهَا النَشْرُ مِنْ رِيحِ الصّبَـا أَنَقَـا


ويقول
وَمِنْ حَمَاة إِلَى حِمْـصٍ إِلَـى حَلَـبٍ
رَأَيتُ دَارِي وَفِي حورَان أَهْـلَ نَقَـا


لقد صرح هنا انه رأى داره ... !!!

ثم ينتقل الشاعر الى اخطر ابياته الفكرية ....
فيقول
بَنُـو أُمَيَّـةَ لَـمْ تَفْتَـأْ حَضَارَتُـهُـمْ
تَزِيـدُ تَدْمُـرَ مَجْـدًا فَـاقَ وانْعتَقَـا

فهوتنبه الى خطأ جسيم وقع كثيرون هنا ، كون الامويون لم يصنعوا حضارتهم لان الشام موطنهم .

ان الانسان هو الوطن الحقيقي لا التراب ، الانسان المشبع بالقيم المجدية النافعة ، قيم التسامح وقبول الآخر ... قيم الاسلام
فلا فخر لبنو امية ولا فخر للشام في حضارتنا
فحضارتنا صنعتها قيم قرآنية في منهاجنا المهيمن
فحيث العدل فثمة شرع الله
والعدل ماهو بقيم مطلقة معلقة في الهواء ... انه العدل .. روح الاسلام في مضمون التوحيد
وحين يبغتنا من يقول ان بنو امية فيهم من جعل الناس أسرى رؤيتهم فساقوهم كما زعموا بقضاء الله وقدره وخدعوهم ان شرعة السلطان هي شرعة القرآن .
نرى الشاعر يصحح لهم و يدهشنا حين يقول

فِي عَهْدِهِمْ نَطَقَـتْ بِالفَخْـرِ شَاهِـدَةً
يَدُ الفُتُوحَاتِ أَنَّ الوَعْـدَ قَـدْ صَدَقَـا

ويقول
مَـا المَجْـدُ إِلا دَمُ الأَحْـرَارِ تَبْذُلُـهُ
بِتَضْحِيَـاتٍ وَلَيـسَ الفَخْـرَ وَالأَنَقَـا


وَلَو غَدَا مَجْدُنَـا حِبْـرًا عَلَـى وَرَقٍ
وَلَيسَ إِلا حَرَقْـتُ الحِبْـرَ وَالوَرَقَـا

ويأخذنا الشاعر لنتجاوز الامويون في ارض الشام ليحدثنا عن الشام في زمن غير زمان آل امية

انه زمن الشعر والفكر حيث عقلاء الملة لازالوا لحد ساعة الله هذه يتغنون بجلالك ياشام وجمالك ..
ليضع اسمه في قائمة المادحين الذي اعلنوا الولاء في العشق لهذه الارض الطاهرة



أَبُو فِرَاس سَقَاكِ الشِّعْرَ كَـأْسَ عُـلا
وَالبُحْتُـرِيُّ تَغَنَـى فِيـكِ وَانْطَلَـقَـا
وَكَـمْ أَجَـازَ أَبُـو تَـمَّـام قَافِـيَـةً
وَأَبْـدَعَ المُتَنَبِّـي فِـيـكِ وَاسْتَبَـقَـا
وَمَا قَصِيدِي وَقَدْ قَالُـوا سِـوَى أَثَـرٍ
كَالشَّمْسِ غَابَتْ وَأَبْقَتْ بَعْدَهَـا الشَّفَقَـا
هُوَ ابْتِهَـالُ فُـؤَادٍ فِيـكِ ذَابَ هَـوَى
وَبَابَ فَجْرِكِ يَـا لَيـلاهُ قَـدْ طَرَقَـا
فَسَابِقِي الدَّهْـرَ لِلعَلْيَـاءِ فِـي شَمَـمٍ
وَعَانِقِي النَّصْرَ فِي عِزٍّ وَطُـولِ بَقَـا



\

وهكذا يضع سمير العمري بصمته ... وهو واثق كل الثقة من سمو مشاعره في معشوقته ... الشام

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:43 AM
ومضة في رق الحديث

أستاذي :
وقبل ان أقول أي شيىء :
وابن اللبون إذا ما لُز ّ في قرن = لم يستطع جولة البُزلِ القناعيسِ.
قصيدة رائعة نُـسجت من قِبل أنامل نسّاج أمعن النظر في رسم السنين ونقوشها على جبين الناس, فاندفقت هذه المشاعر حتى أخرجت نسجا يضاهي تلك المنسوجات المصنوعة من خيوط تباهوا بها .
في بداية القصيدة :
جاءت تحمل مشاعر رقيقة تتراقص على أنغام الصداقة المتينة , ومن هذه العبارة :
كَنَرْجِـسٍ هَـزَّهُ النَّيـرُوزُ مُحْتَفِـلًا.
ثم لا يلبث شاعرنا حتى تأتي مشاعر الحزن لتهيمين في وسط القصيدة :
وَلا تَزَالُ عُيُـونُ البَيـنِ شَاخِصَـةً
تَهْمِي بِدَمْـعٍ مَـعِ التَّسْلِيـمِ مُتَّصِـلِ.
حيث يبدأ الحزن الناتج عن الفراق وما آلت الدنيا عليه .
مما أعحبني في القصيدة :
أن الشاعر من أكثر -وما أكثر أكثر في هذه القصيدة- حلّت به روح البحتري في هذا البيت :
ةتفسيري لهذا الحلول على مذهب الصوفية الشعرية أن البهجة التي حلّت بك جعلت حلول " وقد نبه النيرزو " تكون ماثلة فيك إلا أنك ألبستها شاعريتك.
فَالخَامِلُ الهَمِّ مَنْ يَحْيَـا عَلَـى سَلَـمٍ
وَالبَاذِلُ العَزْم لا يَنْجُـو مِـنَ العَـذَلِ.
حكمة تمثل لي دائما لكن أعرف كيف أُصيغها , وهذا من فيض أفضالك أيضا , أيها البحر .
القَلْـبِ وَالقُبَـلِ, الرِّجْـلِ وَالرَّجُـلِ
جناسات حُسبت للمعنى وخدمته وأكسبته بدل البُعد بُعدين بل أكثر.
الأستاذ القدير :
من أكبر النعم أن يتذكر الإنسان الأيام الخوالي , المليئة بأصحاب طاب ويطيب بهم الوقت حيث سُلب الكثيرين هذا النعمة , رحم الله عمر بن الخطاب" لولا ذكر الله وما ولاه وأخوة يُلتقط معهم أطايب الحديث كما يُلتقط أطايب الثمر لأثرت الموت على الحياة ".
لله درك , صغت الشعر فأجدته فنثال عليك انثيالا ,أشكرك على المقعد المريح الذي وجدته هنا .
كلامي قاصر ولا يطول أن يضفي على دركتكم جمالا .
فتقبل من ابن اللبون ياسيّد الُبزل القتاعيسِ
تحية لا تفنى ولا تنضب .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:45 AM
ومضة لبندر الصاعدي في رق الحديث


رَقَّ الحَدِيثُ عَنِ الأَحْبَابِ فَارْتَقِ لِـي
وَاقْطفْ زُهُورَ مَعَانِي الوُّدِّ وَانْتَقِ لِـي
مطلع في غاية الدلالِ والرِّقة خصوصًا في التصريع وجناسه بل في السكتة الخفيفة بعد حذف حرف اللعلة من فعلي الأمر المعتلين ( ارتقِ , انتقِ ) ثمَّ لي , إنَّه إيقاع شبيهٌ بوقع قطرة ندى على ورقة شجرة .
إنَّ رقَّة الحديث تحمل صاحبه إلى السحاب خصوصًا الحديث عمن يحبُّ ويا لها من نشوة تستدعي أن يرتقي الكلام ( الشعر ) إليه , وإذا كانت الزهور والباقات منها وسائل حسية للتعبير عن مشاعر الحبِّ فلا أجمل من أن يكون التعبير بحدِّ ذاته مشاعرَ من زهور المعاني العاطفية .
لا زِلْتُ أَنْهلُ مِنْ فَحْـوَى مَشَاعِـرِهِ
مَا يَمْلأُ النَّفْسَ مِنْ حِسٍّ بَدِيـعِ حُلِـي
حس بديع حلي .. عادةً ما يستخدم المعبرُ المحسوساتِ للتعبير عن المجردات وإن كان الشاعرُ قد مُلِئَ حسُّه رقة ورهافة من قبل مشاعر من يحبُّ وهي مجردة فالطبيعة بما فيها من بداعة كفيلة بأن تحمل هذه المعاني إلى المتلقي من خلال حواسه المعروفة البصر والسمع والشم واللملس واللذوق , ولننظر إلى دقة الشاعر في استخدام الحسِّ الذي يجمع به وسائل مختلفة في المتلقي وهي الحواس الآنفة الذكر .
يَا نَوْرَسَ الشَّوقِ حَلِّقْ حَيثُمَا انْتَقَلُـوا
وَطُفْ عَلَى شُرْفَةِ الوجْـدَانِ وَامْتَثِـلِ
وَطِرْ بِرُوحِي إِلَى تِلْكَ الدِّيَـارِ غَـدًا
فَفِي رُبَاهَا تَرَكْتُ القَلْـبَ لَـمْ يَـزَلِ
تجسيد الشوق نورسًا وهو طير معروف بالترحال الطويل شي جميل معهود ولكن الأجمل هو تحليقه حيثما انتقلوا لا حيث ديارهم لأنَّ الشوق لهم وهم متنقلون كبشر مما يدل على تعلق الشاعر بهم , ثم طف على شرفة الوجدان وامتثل ويا لعجيب هذه الصورة في كون للوجدان شرفة مما يؤكد أنَّ الشاعر متعلق بهم ووجدانهم الذي يريد أن يوصل شوقه إليهم من خلال شرفته وفي هذا دلالة على الترابط القوي بين الشاعر وأحبابه الذي يقَّن الشاعرَ من سكناهم الوجدان فَأخذ يرسل شوقه نورسًا يطوف حولهم ثمَّ يمتثل لهم ,ولننظر إلى البيت الذي يليه حيث المفارقة بين الحالتين فالأولى تبليغ الشوق إليهم حيث ينتقلون وفي الثانية حمل الروح إلى ديارهم لكون قلبه هناك فلماذا لم يكن معهم !؟ أترك الإجابة للمتلقي ليستمتع باستنتاجه .
وَلا تَزَالُ عُيُـونُ البَيـنِ شَاخِصَـةً
تَهْمِي بِدَمْـعٍ مَـعِ التَّسْلِيـمِ مُتَّصِـلِ
البيت يجلي بداعته بنفسه وأخشى أن يكدره تحليلي .
الحبيب أبا حسام نقضي بالقراءاتِ لقصائدك الرائعة أوقاتٍ ماتعة فكيف يقضيها من يبحر فوق عبابه ويغوص في أعماقها .. سأعود من حين إلى آخر .
لك المحبة والتقدير

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:51 AM
أيها الشاعر الانسان

نص القصيدة

اسْقِ ثَغْرَ الغَدِ مِنْ دَمْعِ المَآقِي=وَابْتَسِمْ لِلشَّمْسِ يَا نَخْلَ العِرَاقِ
وَاسْتَمِدَّ العَزْمَ عَنْقَاءَ العُلا=مِنْ رَمَادِ الحُزْنِ قَامَتْ بِانْطِلاقِ
لا تَلُمْ لَيلًا عَلَى ظُلْمَتِهِ=كُلُّ لَيلٍ زَائِلٌ وَالنُّورُ بَاقِ
فَانْبِلاجُ الفَجْرِ مِنْ عَينِ الدُّجَى=وَمَخَاضُ البَدْرِ مِنْ رَحْمِ المحَاقِ
وَانْعِتَاقُ التِّبْرِ مِنْ إِحْرَاقِهِ=وَابْتِسَامُ الزَّهْرِ مِنْ نَزْفِ السَّوَاقِي
يَا عِرَاقَ القَلْبِ يَا لَحْنَ الأَسَى=حُزْنُكَ المَبْثُوثُ كَأْسَ المُرِّ سَاقِ
أَيْنَ مِنَّا دَارُ مَجْدٍ حَلَّقَتْ=بِجَنَاحِ العِزِّ تَعْلُو كُلَّ رَاقِ
غَرَّدَتْ فِيهَا عَصَافِيرُ المُنَى=مِنْ تَرَانِيمِ ائْتِلافٍ وَائْتِلاقِ
وَفُرَاتُ الحُبِّ يَلْقَى دِجْلَةً=عِنْدَ ذَاكِ الشَّطِّ فِي ذَاكِ العِنَاقِ
أَيْنَ مِنَّا مَوْطِنٌ فِي دَمِهِ=نَكْهَةُ التَّارِيخِ تَسْرِي بِاعْتِبَاقِ
وَرَشِيدُ المَجْدِ فِي مَجْلِسِهِ=يَجْتَبِي العِلْمَ وَيَقْضِي بِخَلاقِ
وَازْدَهَتْ بِالحَزْمِ فِيهِ دَوْلَةٌ=زَانَهَا الفَخْرُ وَأَعْلاهَا التَلاقِي
ذُلَّ لَيثُ الشَّرْقِ فِي صَوْلَتِهِ=يَومَ رَامَ العِزَّ مِنْ ذِئْبِ الشِّقَاقِ
مَنْ سَقَى الأَيَّامَ مِنْ أَتْرَاحَهَا=غَيرُ مُرِّ الغَدْرِ مِنْ كَأْسِ النِّفَاقِ
وَانْتِهَازِيٍّ وَغِرٍّ تَمْتَمَا=إِنْ يَفُتْنَا السَّبْقُ أَدْرَكْنَا البَوَاقِي
وَيح قَومٍ كَيفَ يَومًا صَدَّقُوا=أَنَّ عِزَّ الحُرِّ فِي ذُلِّ الوَثَاقِ
وَعَلامَ المَوتُ أَضْحَى زَائِرًا=لِلمَنَايَا كُلَّ يَومٍ فِي اشْتِيَاقِ
كُلُّ طِفْلٍ سَابِحٍ فِي دَمِهِ=كُلُّ شَيخٍ عَظْمُهُ وَقْدُ احْتِرَاقِ
وَإِذَا الأَحْقَادُ رَانَتْ أَخْبَثَتْ=وَسَقَتْنَا مِنْ كَرِيهَاتِ المَذَاقِ
يَا عِرَاقَ الجُرْحِ فِي خَاصِرَتِي=وَدَمٌ يَنْثَالُ مِنْ جُرْحِ البُرَاقِ
طَالَ شَوْقُ القَلْبِ هَلْ مِنْ عَودَةٍ؟=إِنَّ حَرْقَ الشَّوْقِ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ
مِنْ إِبَاءِ الصَّخْرِ تَنْمُو زَهْرَةٌ=بِلِحَاءِ الصَّبْرِ فِي جَذْرٍ وَسَاقِ
وَمِنِ الضِّيقِ المُسَجَّى نَزْعَةٌ=لانْعِتَاقِ الرُّوحِ فِي رَحْبِ الوِفَاقِ
فَانْتَصِبْ فَوْقَ احْتِدَامَاتِ الأَذَى=أَنْتَ أَعْلَى هِمَّةً مِمَّا تُلاقِي
سَوفَ يَخْبُو كُلُّ بَرْقٍ طَارِئٍ=وَبَرِيقُ المَجْدِ فِي عَيْنَيكَ بَاقِ
وَالمَعَالِي تَجْتَلِي أَسْبَابَهَا=وَاللَيَالِي تَبْتَلِي وَاللهُ وَاقِ


القراءة

قرأت القصيدة على عجالةٍ و خرج القلم بشظايا الملاحظات التالية:
يبوح النص بالظاهري و الباطني من المعنى و المكنون، السطحي و العميق بلغة شعرية و حس شعوري سامق يستدعي دقة الملاحظة النقدية و التذوقية.
اسْقِ ثَغْرَ الغَدِ مِنْ دَمْعِ المَآقِـي ... وَابْتَسِمْ لِلشَّمْسِ يَا نَخْلَ العِـرَاقِ
هنا تشمخ صورة الشمس التي تستقبل ذاك الثغر المبتسم حين تهب رياح الحرية لا محالة و تسقي من شآبيب الدمع نخل العراق المتعطش لقطرة ماء – أو دمع حرّى - تعيد للعراق أنفاسه و حيويته و خلود أرضه وخصوبة تربها الحاضن لحضارات عربية و إسلامية أصيلة.
أما عندما نقرأ:
وَاسْتَمِـدَّ العَـزْمَ عَنْقَـاءَ العُـلا ... مِنْ رَمَادِ الحُزْنِ قَامَتْ بِانْطِلاقِ
ففيها بعد أسطوري يحمل دلالة على الشموخ و التحدي رغم الجراح الغائرة في الجسد المنهك أصلاً، عزز الفكرة صورة رماد الحزن والتي تنطوي على تكثيف التصوير لحالة الأمة في انكسار إرادتها و لحظة الإحساس بالهزيمة الداخلية، وليس فقط تلك الناجمة عن الاشتباك مع الآخر.
ثم يـأتي البيت الذي يقول:
لا تَلُـمْ لَيـلًا عَلَـى ظُلْمَـتِـهِ ... كُلُّ لَيـلٍ زَائِـلٌ وَالنُّـورُ بَـاقِ
وهنا يتعزز الأمل مرةً أخرى، فلا مكان للاستسلام أو الانكفاء على البكاء والتباكي على الأطلال، فلا بد مع العزم أن نرى النور يأتي ولا بد لليل أن ينجلي، وهنا يتضح التناص مع سابقات القصيدة من نصوص شعرية أخرى، ما يعني وعي الشاعر بضرورة التذكير و التنبيه و التأكيد على بزوغ نور الحرية و لو بعد حين.
أما في :
يَا عِرَاقَ القَلْبِ يَا لَحْنَ الأَسَـى ... حُزْنُكَ المَبْثُوثُ كَأْسَ المُرِّ سَاقِ
فهنا ينبري النص على عرض المشاعر الإنسانية وتفاعلها مع الواقعي الأليم والمحزن والذي أصبح قيثارة أحزان تذكر الناس بما اعتراها من هم و غم فظيعين.
وعندما يسقط ناظرنا على:
وَفُـرَاتُ الحُـبِّ يَلْقَـى دِجْلَـةً ... عِنْدَ ذَاكِ الشَّطِّ فِي ذَاكِ العِنَـاقِ
نحس أن النص يأتي على عذب ماء "الفرات" ببُعد الصورة التعبيرية التاريخي والحضاري، واللغة هنا أيضاً لا تستكين في العادي من الوصف و التصوير بل تعمل على التركيز على بؤر فاعلة و مؤثرة تستنهض خيال المتلقي دون تردد وبلا غموض.
ثم تتابع مدللولات النص الأكثر شموليةً في:
ذُلَّ لَيثُ الشَّـرْقِ فِـي صَوْلَتِـهِ ... يَومَ رَامَ العِزَّ مِنْ ذِئْبِ الشِّقَـاقِ
حيث لا ينسى النص أن يذكرنا بأنّا خير أمة أُخرجت للناس يوم كنا أتقياء وأقوياء، و لكن عندما ركنا لغيرنا ما نرنو إليه و سلمنا عهدة الأوطان و عزتها للغريب و المغتصب ضاعت أمانينا و أمجادنا وأصابنا من الذل ما لا نحسد عليه، كل هذا يأتي بلغة سامقةٍ جماليةٍ و قوية الأداء والتشخيص.
يَا عِرَاقَ الجُرْحِ فِي خَاصِرَتِـي ... وَدَمٌ يَنْثَالُ مِـنْ جُـرْحِ البُـرَاق
ِوهنا يصر الشاعر على التماهي مع العراق وأهل العراق ممن أصابهم من الكدر و الخدر و الكرب و الأحزان والأتراب، مستحضراً ما يصيب الأهل و الربع في فلسطين الأكثر حزناً و الأعمق جرحا.
على أن النص يذكر القراء – أينما كانوا – بالصبر و التحدي والوفاق و الجلد و القوة و المنعة:
مِنْ إِبَاءِ الصَّخْرِ تَنْمُـو زَهْـرَةٌ ... بِلِحَاءِ الصَّبْرِ فِي جَـذْرٍ وَسَـاقِ
وَمِنِ الضِّيقِ المُسَجَّـى نَزْعَـةٌ ... لانْعِتَاقِ الرُّوحِ فِي رَحْبِ الوِفَاقِ.
ثم يعزز الشاعر نصه بالروحي من قوة يستلهمها من رب الأكوان و السموات و الأرضين، في مناجاة صادقة تخرج من القلب و بكل خشوع:
وَالمَعَالِـي تَجْتَلِـي أَسْبَابَـهَـا ... وَاللَيَـالِـي تَبْتَـلِـي وَاللهُ وَاقِ
بارك الله فيك حبيبي سمير و جعلك سيفاً من سيوف الكلم الطيب لا تخاف في الله لومة لائم...وكن مع الله ولا تبالي........

د. عبدالله حسين كراز
أستاذ الأدب الإنجليزي و النقد المقارن المساعد

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:56 AM
قراءة في قصيدة أطلقي منك السراح




الاستاذ الفاضل سمير العمري

من أروع ما قيل
بهذه اللوحات المتدرجة كانت القصيدة سيدي روعة في التصميم
متماسكة الحنايا ،تأخذك بالصور الرائعة إلى العنوان ودائما إلى العنوان
وما ضللت العنوان أبدا " أطلقي منك السراح"

صورك الرائعة أستاذنا تمد إلينا اليد لنتشارك القصيد ولندخل التجربة الشعورية
ولننفعل بأقصى الحالات واستفززتنا

ضُمِّي الجِرَاحَ عَلَى الجِرَاحْ
وَتَحَدَّثِي عَنْ ذِكْرَيَاتِ الفَجْرِ يَا شَفَةَ الصَّبَاحْ
عَنْ رِحْلَةِ الطَّيرِ المُغَرِّدِ غُرْبَةً
فِي النَّاسِ
فِي الإحْسَاسِ
عَنْ زَمَنٍ وَسَاحْ
عَنْ رِحْلَةٍ هَاضَتْ وَهَاضَ بِهَا الجَنَاحْ
فِيهَا انْكِسَارَاتُ المَرَايَا لا تُزِيلُ الأَقْنِعَةْ
وَالغَدْرُ يَعْصفُ بِالجِهَاتِ الأَرْبَعَةْ
وَسِلاحُ تِمْسَاحِ المَشَاعِرِ كَانَ دَومَاً أَدْمُعَهْ
وَالرُّوحَ بَعْثَرِتِ الرِّيَاحْ

فها أنت الكسير وتتحدث بلسان حالنا
وها أنت بالصورة الحية الرقيقة تمس أعمق الجراح
شفة الصباح تضم الشفة على الشفة
ولكن الحقيقة تضم الجراح على الجراح
ففي كل كلمة تنبث بها الشفة ألم الجراح (ما أبدعها من صورة )
رحلة الطير المغردة غربة

وكيف يكون المصلح والداعية إن لم يكونا من الأغراب في أي زمان او مكان ؟!
ألم يعش الأنبياء الاغتراب بين أهلهم ؟؟؟
وانكسارات المرايا والغدر ، فعل وردة فعل منطق سليم

وما الأسباب ؟؟؟ الصورة تتكلم ، اللوحة تتنسم الحقيقة وتنثر ألوانها
والكرامة فتاة تريد الاجهاض ولو سكتت عن الكلام المباح
بعد ان نالت الأيدي منها بالوشاح


اليَومَ يَوْمُكِ يَا سِجَاحْ
اليَومَ يَومُ الذَّاتِ وَالعَورَاتِ وَالأَيْدِي الشِّحَاحْ
فَالعُهْرُ عَابَ الطُّهْرَ بِالكَذِبِ الصُّرَاحْ
وَالشَّهْقَةُ البِكْرُ اسْتَبَاحُوا عِرْضَهَا
يَوْمَ اسْتَبَاحُوا أَرْضَهَا
وَاليَومَ مَاتَ بِهَا الحَيَاءْ
دَارَتْ عَلَى كُلِّ الصُّدُورِ ...
عَلَى الشِّفَاهْ
حُبْلَى وَفِي أَحْشَائِهَا مِلْيُونُ آَهْ
دَارَتْ وَقَدْ كَشَفَتْ عَنِ الصَّدْرِ الوِشَاحْ
*****

وكان الارتقاب لما تريد
فإذا بنا نصرخ معك في اللوحة التالية نقف على أعتاب المجد
نبغي الولوج والخزنة شداد غلاظ ،يساوموننا ويسألون عما تزودنا به لهذا اليوم
ويذكروننا بما فقدنا وبما استبيح ،بما أضلنا وبما ضللناه


مِنْ أَيْنَ نُنْجِبُ عِزَّنَا وَابْنُ البُطُولَةِ مِنْ سِفَاحْ
مِنْ أَيْنَ نَجْلبُ مَجْدَنَا بِالرَّاقِصَاتِ عَلَى الجِرَاحْ
مِنْ أَيْنَ لَيلُ الذُّلِّ يَمْضِى ... وَالنَّدِيمُ رَحَىً وَرَاحْ
كُلُّ الأَصَابِعِ لا تُشِيرُ إِلَى الصَّبَاحْ
وَالإِصْبَعُ الوُسْطَى تُشِيرُ إِلَى العَدَالَةِ تَزْدَرِيهَا
وَأَذَى المَهَانَةِ يَعْتَرِيهَا
وَالظُّلْمُ قَهْقَهَ سَاخِرَاً مِنْ قَوْلِ فِيهَا
وَالجِدُّ بَاتَ كَمَا المُزَاحْ
*****
يَا أُمَّةٌ كَفَرَتْ طَوِيلاً بِالجِهَادِ وَبِالكِفَاحْ
يَا أُمَّةٌ أَبِقَتْ بِهَا مِنْ طُهْرِ مَاضِيهَا وَعَاشَتْ لِلنِّكَايَةِ وَالنِّكَاحْ

وهكذا ننتقل الى الصورة التالية :ما الحل ؟!
وها نحن مدفوعون معك أستاذنا الجليل إلى اليوم الاكبر إلى الجهاد
نصرخ ونستنهض الهمم ، أيها الشاعر الملتزم قضايا العرب والمسلمين

قُومِي بَأْمِرِكِ أَطْلِقِي مِنْكِ السَّرَاحْ
قُومِي إِلَى غَيْمَاتِ عِزِّكِ وَامْتَطِي صَهَوَاتِهَا
فَالنَّصْرُ لاحْ
وَاسْتَمْهِرِي سَرْجَ الإِبَاءِ إِذَا أَرَدْتِ سَلامَةً
دُونَ انْبِطَاحْ
فَالعِزُّ مِئْذَنَةُ الهُدَى نَادَتْ بِحَيَّ عَلَى الفَلاحْ

وما من نصير لنا اليوم الا تصميمنا ،إلا الإقدام بالقدر المتاح
سيفنا وخيلنا وعزنا لا في الأقدمين ، بل في ما نفعل نحن بالقدر المتاح
وحينها لا يمكن الا ويكون النصر

وَالسَّيْفُ يَبْكِي خَالِدَاً
وَالخَيْلُ تَسْتَجْدِي صَلاحْ
لا تَحْسَبِي أَنَّ السِّلاحَ هُوَ النُّوَاحْ
لا تَحْسَبِي أَنَّ الرَّشَادَ يَكُونُ فِي كَبْحِ الجِمَاحْ
بَلْ فِي اسْتِبَاقِ النَّصْرِ بِالقَدَرِ المُتَاحْ

لك مني سيدي كل التقدير
على هذه الروعة في الموضوع وفي الصياغة

فبهذا التصوير الحي كانت قصيدتك تأسر القلوب
وتحوك هدفها نسجا وغزلا لولبيا يقود النفس أنى تريد لها الوصول
شكرا إذ أمتعتنا أشد المتعة وأثرت شجونا ما غابت والله عنا
حتى في أرق أنواع الشعر ومواضيعه
إذ كانت تهفو لتطفو ولو بلمح في كلمة
:hat:
بوركت وبورك هذا القلم يحكي أشجاننا جميعا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 01:58 AM
قراءة في قصيدة الأخوة نهج


الحبيب د. سمير
لتسمح لى أن أقطف زهرة من هذا البستان الذى فاضت زهوره جمالا وطيوره غناءً وأشجاره ظلا.
وحين نقف على هذه القصيدة سنجد اعتمادا على التصوير والإيحاء.
وحين نتحدث عن التصوير فى شعر العمرى نقف على لون من ألوان التصوير التى يصعب الوصول إليها ألا وهى تلك الصورة التى أسميها -جوازا- (الصورة العامة) وهى تلك الصورة التى يتحدث فيها الشاعر عن طبيعة شئ أو ظاهرة طبيعية أو حكمة تلقاها الشاعر فى مدرسة الحياة ويقوم الشاعر بوضع رابط بينها وبين حالته الشعورية ولكنه لا يصرح به ويتركها للقارئ وبها تظهر قدرة الشاعر على التصوير ويظهر فيها مدى خياله ولعل هذه ما قال فيها رسول الله -والبخيل من سمع اسمه ولم يصل عليه- : (إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة) فهذه الصور الشعرية وحدها من الشعر تصلح لأن تكون حكما تتوارثها الأجيال للتعبير عن مواقف فى الحياة بأجواء نفسية مختلفة وهذا ما سيتضح لنا فى هذه القراءة السريعة ومن أراد أن يستزيد من هذه الصور فلينظر هذا الرابط الذى حاول فيه شاعرنا جمع أبيات الحكمة فى قصائده وكلها من هذه الصور.
أبيات الحكمة فى شعر العمرى (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=25981)
العنوان (الأخوة نهج) ....
وهذا وحده صورة عامه (حكمة) فالشاعر هنا يقول أن الأخوَّة نهج يجب الإلتزام به وإلا فلا فلها حقوق وواجبات يجب الإلتزام بها وليست كلمة تقال.
إلا أن هذا العنوان لم يخلُ من إيحاء فهو يوحى بحسرة وغضب أنتجا هذه الحكمة وكأن هناك من تعدى حدود هذه الكلمة واعتدى على واجباتها فالشاعر يوضح له معنى الأخوَّة فيقول أنها منهاج وليست كلمة فلا تسمِّ نفسك أخا إن لم تكن تصون حقوق الأخوة.

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا= وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا
وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً=بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا
وهنا براعة استهلال حيث بدأ شاعرنا قصيدته بنفس النوع من التصوير وهو يقدم حكمة لأولى الألباب فالمحب لا يؤذى محبوبه ولا يعلن له الوفاء ويخفى ما دون ذلك وهو بذلك يقدم حكمة صالحة لكل مكان وزمان فى تعريف معنى الأخوة والصداقة فمن يدع الحب لا يؤذ المحبينا.
لنتطرق قليلا إلى التركيب واختيار اللفظ هنا...
كلمة (يدعى) ... وما ظننت أن هناك كلمة أقوى من هذه للتعبير هنا فلم يقل الشاعر (من ذاق طعم الحب لا يؤذ المحبينا) مثلا فكلمة يدعى لها دلالات أعمق فحتى من ادعى الحب وخالف ذلك مكنونه لا يؤذ المحبينا ولمن عارض الشاعر فى هذه أقول أن الشاعر لم يقل (من يدع الحب لا يؤذ المحبوبين) وإنما قال (المحبين) وهى اسم فاعل أى أن الشاعر بتركيب بليغ قال (من يدع الحب وإن أخفى غير ذلك لن تطاوعه نفسه أن يؤذى من يحبه). فهو وإن لم يحب فلن يؤذى تقديرا لما يكنه له الطرف الآخر من حب.
ثم التضاد بين كلمتى (شهد وغسلين) وهو تضاد معبر أجاد إظهار الفارق بين شهد الحب وغسلين الكره والنفاق والخداع والأذى.
ثم المقابلة بين شطرى البيت الثانى التى أظهرت طبيعة النفاق والمنافق الذى يعاهدك ثم يخلف العهد ويتحالف مع عدوك أما كلمة (واهية) فأظن ان هناك ما هو أبلغ منها كان يقول مثلا كاذبة أو أى معنى آخر يحمل معنى الكذب والنفاق بدلا عن الضعف والوهن فالمنافق حين يقدم يده بالعهد يجيد التلون والتخدد ويظهر لك قوة العهد وهو كاذب. ولعل لشاعرنا فى هذه ما قصده ولم يصل إلى.
ثم ننتقل إلى كلمة (يقدم سكينا) ... فكلمة يقدم توحى بالود والتهادى وكأن ذلك الشخص يهدى العدو سكينا بنفس اليد التى يصافح بها ويعطى العهد الكاذب للمحب المخلص.
الشاعر هنا يحاور ذلك الشخص الذى خان العهد بحديث عن شخص وذكر أفعاله فى أسلوب يوحى بالحكمة والأسى.

مَاذَا اعْتِبَارُ أَخٍ دَسَّ الفِرَاقُ لَنَا=يَأْتِي التَّخَاتُلَ حِينًا وَالأَذَى حِينَا؟
لَمْ يَأْلُ عَهْدُ صَحِيحِ الوُدِّ مُنْتَهَكًا=حَتَّى تَرَدَّى بِكَفِّ العَفْوِ مَطْعُونَا
تَزَوَّجَتْ مِنْ إِنَاثِ الغَدْرِ نَزْوَتُهُ=فَأَنْجَبَتْ مِنْ ذُكُورِ الكِبْرِ قَارُونَا
ثم نجد انكسارا وانتقالا مباشرا من هذه الحكمة إلى جو من الأسى وكأن صوتك ينخفض -ولا أقول تدريجيا- فى البيت الثالث وهنا يغلب الأسى الغضب -والأسى فاعل- وهو دليل على طيبة نفس ذلك المحب الذى لاقى الغدر من محبوبه الذى ادعى حبه وهذا هو الفرق بين الإنسان الذى سكنه الخير والإنسان الذى سكنه الشر فكلاهما يغضب ولكن من سكنه الخير يبدأ غضبه كبيرا ثم يتضاءل حتى تغلبه الحسره ثم يفوض أمره لله وربما دعى الله أن يسامح من ظلمه أما من سكنه الشر فيبدأ غضبه صغيرا ثم يزداد ويكبر ولربما أصاب جريمة فى نهاية الأمر. دعونا من الفلسفة وهيا نعود للقصيدة...
حين قرأت القصيدة كان صوتى عاليا فى البيتين الأول والثانى ثم انخفض صوتى فى البيت الثالث الذى انتقل فيه الشاعر من غضب تحكمت فيه الحكمة إلى حسرة أصابت قلبه.
ماذا اعتبار أخ دس الفراق لنا....
والفراق فاعل أى أن الفراق قد دس هذا الأخ (السم) والغالب بعد كلمة أخ أن تأتى كلمة كالولادة -ورب أخ لك لم تلده أمك- ولكن ذلك الأخ لم يحفظ حقوق الأخوة وإنما جار عليها واعتدى لذا فليس لكلمة الولادة هنا من سبيل وبذلك كان على الشاعر أن يختار كلمة غير تقليدية فجاء بكلمة دس فالفراق دس ذلك الأخ كما يُدس السم وهنا تتجلى الحسرة. وهى من الصور العامة (الحكم) فى القصيدة.
ننتقل سريعا إلى البيت الثانى وفيه يقول الشاعر أن عهد صحيح الود لم يأل منتهكا حتى أنه تردى مطعونا بكف العفو -ولا أشرح البيت وإنما أرد التركيب لأصله- فالود الخالص والعهد الصادق قد قتلا ولكن بكف من؟؟؟ يقول الشاعر بكف العفو ويا لهذه من طعنة ولكنها لا تصيب إلا من كان فى قلبه حياة فذلك الود الصادق قد أصابه الإعياء من كثرة العفو ولا يخفى جمال الصورة هنا على أحد كما أن فيها من الإيحاء ما لقيه الشاعر من تعب وحسرة بعد طول عفو وصفح وتكرار خيانة ومكر.
ننتقل إلى الصورة فى البيت الثالث
وهى صورة مركبة أجاد فيها الشاعر وأبدع فهو يقول (تزوجت نزوته من إناث الغدر فأنجبت قارونا من ذكور الكبر)
وفى (تزوجت وأنجبت) دليل على تجدد الخيانة فالابن سر أبيه -كما يقولون- وكما قال شاعرنا هنا فجاء الابن كما كان الأب ثم يوحى شاعرنا فى لفظة (نزوته) أن هذا الزواج غير شرعى فهى نزوة لمنافق تزوج من إناث الغدر فما كان له إلا أن ينجب كبرا ومكرا وتخاتلا.
الشطر الثانى كان نتيجة للشطر الأول وهى نتيجة منطقية فالتزاوج ينتج عنه الحمل والولادة وإن كان التزاوج مع بنات الغدر فالنتيجة الحتمية أطفال الكبر.
التضاد بين كلمتى (إناث وذكور) ... كلمة (إناث) توحى بالضعف (ضعف الأنثى) ولذا قال نبينا (رفقا بالقوارير) إلا أن الإناث هنا هن إناث الغدر أما كلمة (ذكور) فهى توحى بالقوة ولذا جعل ربنا القوامة للرجال وجعل الرجل مسئولا عن زوجته -وما هذا إلا دليل على مبدأ الضعف والقوة- وفى هذا التضاد بلاغة وحسن ترتيب فكما ذكرت أن من سكنه الشر يبدأ غضبه صغيرا ثم يكبر وهكذا يكبر غيظه ويزداد قلبه سوادا ثم يورث ذلك لأبنائه (من بنات الغدر) الذين ازدادوا قوة على قوتهم فجاءوا ذكورا أقوياء.
كلمة (قارون) ... وقد قال فيه ربنا (وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض وما كانوا سابقين) وهنا ثقافة الشاعر الدينية والتاريخية فربنا قد وصف قارون بالكبر من قبل وهذا ما وصف به الشاعر قارونه فى هذه الأبيات وإن كان الشاعر قد قصد قارونا غير قارون الذى ذكرته الآية فإنه توظيف محكم للكلمة فى بنية القصيدة.
واسمحوا لى أن أنتقل سريعا متجاوزا بعض أبيات القصيدة فقد ذكرت أنى سأقطف زهرة ولم أقل أنى سأقطف الزهور كلها....

يَا مَنْ يُبَرِّرُ بِالأَسْبَابِ كَيفَ تَرَى=عَذْلَ الزَّبَرْجَدِ صَلبًا وَالنَّدَى لِينَا؟
المَرْءُ يَمْضِي عَلَى دِينِ الخَلِيلِ وَهَلْ =بَرٌّ يُصَاحِبُ فِي عُرْفِ الهُدَى دُونَا؟
وَالحُرُّ يَأْنَفُ إِنْ يُعْرَفْ بِمَنْقَصَةٍ=فَكَيفَ يُنْقِصُ فِي العُرْفِ المَوَازِينَا؟
وَكَيفَ يَقْضِي مِنَ الأَوطَارِ مَا ابْتَذَلَتْ=وَكَيفَ يُفْضِي إِلَى الأَعْذَارِ تَسْكِينَا؟
حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً=كَمَا العَقِيدَةُ فِي الأَحْشَاءِ تَمْكِينَا
وَلِلعَدَالَةِ عَينٌ غَيرَ مُبْصِرَةٍ=لَيْسَتْ تُمَيِّزُ ذَا سَطْوٍ وَمِسْكِينَا
وَمَا الأَمَانُ اجْتِنَابُ البَأْسِ مِنْ وَجَلٍ =وَلا الأَمَانَةُ غَمْطُ الحَقِّ تَزْيِينَا
أَلَيسَ مِنْ تُرَّهَاتِ الحَالِ أَلْسِنَةٌ=رَعْنَاءُ تَلْحَنُ فِي قَدْرِ المُجِلِّينَا؟
وَخَائِنٌ يَشْتَكِي مِنْ غَدْرِ أَهْلِ وَفَا=لَمَّا تَسَمَّى بِأَوصَافِ الوَفِيِّينَا؟
قَدْ مَلَّتِ الرُّوحُ لَمْ تُدْرِكْ غَلالَتَهَا=مِمَّا اسْتَقَرَّ لَهَا فِي الصَّدْرِ مَكْنُونَا
وَضَجَّتِ النَّفْسُ مِنْ حَالٍ تَكَادُ تَشِي=بِمَنْ يَسُلُّ لِسَانَ الوُدِّ تَلْقِينَا
وكل بيت من هذه الأبيات صورة عامة (حكمة) ستجرى على الألسن وكأن شاعرنا يقول (فستذكرون ما أقول لكم) وهى أبيات يمكن فصلها دون شعور البيت بوحشة فهى رغم تعبيرها هنا فهى جائزة فى جوانب الحياة المختلفة وليحاول القارئ هنا بعد قراءة القصيدة أن يقرأ كل بيت من هذه الأبيات منفصلا سيجد أن كل بيت يجرى مجرى حكمة ووالله إنى عجبت هنا فمن أى بحر كان الشاعر يستقى الحكمة حين كتب كل هذه الحكم (الأبيات).
(يَا مَنْ يُبَرِّرُ بِالأَسْبَابِ كَيفَ تَرَى***عَذْلَ الزَّبَرْجَدِ صَلبًا وَالنَّدَى لِينَا؟)
وهنا يخاطب الشاعر كل ذى عقل رشيد فيقول يا من يبرر بالأسباب كيف ترى -باطلا- أن عذل الزبرجد صلبا وكيف ترى الندى لينا؟؟
وقد ذكرنى هذا البيت -والشعر بالشعر يذكر- بقول المتنبى

أعيذها نظرات منك صائبة=أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
فالبيت يدعو إلى الغوص فى الذات البشرية والتفريق بين الندى واللين والشحم والورم وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور فالشاعر يربط صورته العامة هنا بتبرير موقفه من عذل وعفو وغضب وحلم. وفيها إيحاء بظلم قد وقع ليس من الخائن فقط وإنما ممن لم ير من ندى الشاعر ندى ومن أراد أن يراجعه فى شئ من ذلك فقد أرخى حبال الصبر حتى المنتهى.
(المَرْءُ يَمْضِي عَلَى دِينِ الخَلِيلِ وَهَلْ ***بَرٌّ يُصَاحِبُ فِي عُرْفِ الهُدَى دُونَا؟)
حكمة أخرى وفيها تبرير لموقف الصد بعد نفاد الصبر والإستفهام بلاغى للاستنكار وفيها ثقافة الشاعر الدينية. وقد أحسن الشاعر اختيار لفظة (عرف) فلم يقل (شرع) مثلا فأظنها أبلغ فهى قائمة فى البشر والمرء على دين خليله كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ولمن أراد (شرعا) نأتى بحديثه صلى الله عليه وسلم (كاد العرف ان يكون شرعا) فالشاعر يخاطب كل الفئات لذا فالأقرب ان يقول (عرف).
(وَالحُرُّ يَأْنَفُ إِنْ يُعْرَفْ بِمَنْقَصَةٍ***فَكَيفَ يُنْقِصُ فِي العُرْفِ المَوَازِينَا؟)
حكمة اخرى واستفهام بلاغى إستنكارى آخر وفيها عتاب.
لفظة (يأنف) وهى مشتقة من المصدر (أنف) والأنف رمز لسمو الرجل وعزته عند العرب وهى توحى بترفع الحر وأنفه من أن يعرف بمنقصه وقد قال ابن الأعرابى فى رفعة الأنف:
بِيضُ الوُجُوهِ كَريمةٌ أَحْسابُهُمْ*** في كلِّ نائِبَةٍ، عِزازُ الآنُفِ
لفظة (منقصة) والشاعر قال منقصة ولم يقل (عيب) مثلا فالمنقصة أقل من العيب والحر يأنف أن يعرف بها ونفى القلة ينفى الكثرة بيد أن نفى الكثرة لا ينفى القلة.
حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً***كَمَا العَقِيدَةُ فِي الأَحْشَاءِ تَمْكِينَا
حكمة وصورة عامة وتشبيه غير الملموس بغير الملموس فلم يقل الشاعر راسخة كما الجبال مثلا وإنما قال كما العقيدة رغم ثبوت رسوخ الجبال وتفاوت رسوخ العقيدة وفى هذه يترك الشاعر المجال لخيال المتلقى وحالته النفسية ...هذه واحدة أما الأخرى فهى تفاوت رسوخ المبادئ فى نفوس أصحابها أيضا لذا فإن هناك توافقا متعمدا.
(وَلِلعَدَالَةِ عَينٌ غَيرَ مُبْصِرَةٍ***لَيْسَتْ تُمَيِّزُ ذَا سَطْوٍ وَمِسْكِينَا)
وفى هذه حكمة (صورة عامة) وفيها تأثر بموروث الشاعر الدينى فللعدالة عين لا تبصر وإنما لها أذن تسمع ولربما كان ذو السطو أبلغ لسانا وقد قال نبينا الكريم ( إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض , وإنما أنا بشر , فمن قضيت له من مال أخيه شيئا بغير حق , فإنما أقطع له قطعة من النار).
ومثل هذا النوع من الصور فى باقى الأبيات المقتبسة...
ومثلها فى هذا البيت الذى جاء من موروث شعبى

يَبْقَى الغُرَابُ غُرَابًا لا يَطِيبُ لَهُ=إِلا الخَرَابَ وَإِنْ سَمَّوهُ شَاهِينَا
فالبيت حكمة وفيه الموروث الشعبى وفيه الرمز (الغراب) وهو رمز للخراب. وهنا أسلوب قصر بلاغى.
(وإن سموه شاهينا) ... إن تفيد الشك وهذا دليل على أن الشاعر يشك أن يظن أحد أن الورم فى ذى الورم شحم وهى هنا أبلغ من إذا التى تفيد التوكيد.
(غراب وشاهين) نوعان من الطيور لذا فالمقارنة مقبولة ولفظة شاهين أظهرت مساوئ الغراب وبضدها تتميز الأشياء.

نَفْسِي فِدَاءُ فِلِسْطِين التِي نَزَفَتْ=منِهْاَ الكَرَامَةُ مَقْتُولا وَمَسْجُونَا
الصورة فى هذا البيت ليست من الصور العامة ولكن جمال التركيب أرغمنى على الإقتباس
ولنقارن أولا بين هاتين (فداء فلسطين نفسى) و (نفسى فداء فلسطين) وكلاهما للتخصيص ولكن الأولى تخصيص الفداء على النفس فهو يفدى فلسطين بالنفس ولا يفديها إلا بالنفس أما الثانية فنفسى فداء فلسطين ولا تفدى إلا فلسطين لذا فالثانية أبلغ.
التركيب (فلسطين التى نزفت منها الكرامة مقتولا ومسجونا) ..... كلمة (نزفت) تتطلب دما ولكن الدم هنا هو الكرامة وهو تشبيه قاس وصفعة على جبين كل أبى حتى يفيق ففلسطين تنزف الكرامة ولكن كيف تنزفها؟؟؟ هى تنزفها قطرات من القتلى والمساجين أو ربما تسحها.
تركيب بليغ جميل صعب التطبيق فهى تنزف الكرامة قطرات من قتلى ومساجين.
وفيها إيحاء بالذل واستنهاض للهمم.

مَا قِيمَةُ السَّيفِ فِي غِمْدَينَ مِنْ ذَهَبٍ=حَتَّى نُجَنْدِلَ مَنْ بِالذُّلِّ يَرْمِينَا؟
استفهام بلاغى وحكمة وصورة عامة ولكن المعروف أن السيف له غمد فلماذا قال الشاعر (غمدين)؟؟؟
ربما أراد الشاعر غمد السيف المعروف وغمدا آخرا هو يد صاحب السيف فحتى وإن كان غمد السيف من ذهب ويد صاحبه من ذهب -وبهذا يكون السيف قد غطى تماما بالذهب- فلا قيمة له حتى يسيل دم الأعداء الذين يرموننا بالذل ولم يقل الشاعر يرموننا بالموت أو بالسيف أو بالسهم ... إلخ لأن جرح الكرامة أعمق ولا أظنه يبرأ كما أنه إيحاء بالذل والمهانة وفيه استنهاض للنفوس وللكرامة التى داستها النعال.
وتتوالى الصور العامة.......
واسمحوا لى أن أقفز فقد أطلت...

وَمَا الإِخُوَّةُ إِلا النَّهْجَ مَا حَفَظَتْ=فَإِنْ تَوَلَّتْ فَإِنَّ اللهَ يِكْفِينَا
صورة عامة... أسلوب قصر... تضاد بين (حفظت وتولت) وما هنا بمعنى (إن) لكن ما أبلغ من إن هنا إذ أن (إن) تفيد الشك أما (ما) فمعناها (ما دامت حافظة).
(فإن الله يكفينا) ... إيحاء بالتعب والإرهاق وفقد الأمل وكأن دروب الدنيا قد سدت ولم يعد هناك إلا باب واحد هو باب الله تعالى وهى وإن أوحت بفقد الأمل فما هو إلا فى هذا الشخص ولكن الأمل فى الله قائم وهى توحى أيضا بالقوة فهو يستطيع العيش بدونهم وهو يستمد قوته من الله سبحانه. وفيها السكينة والراحة بعد الألم وقد جاءت فى موضعها ووظفت توظيفا محكما.

إِذْ قَالَ نُوحٌ فَقَالَ اللهُ فَانْطَلَقَتْ=تَحْكِي السَّفِينَةُ مَنْ مِنَّا وَمَنْ فِينَا
إستوقفنى هذا البيت حتى دققت النظر وقدرت المحذوف ورجعت لكتاب الله فقد استوقفنى فى البداية الترتيب واستخدام الفاء كحرف يفيد الترتيب وكدت أرفضها لولا ذكرت قول الله تعالى (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وبعدها أمره الله أن يركب ومن آمن السفينة وبهذا يكون الترتيب منطقيا موافقا لكتاب الله.
تحكى السفينة من منا ومن فينا... تشخيص للسفينة لا يجوز أن نتحدث بشأنه هنا أما ما يوجب التحدث هو استخدام حروف الجر فكيف استخدمها الشاعر بهذه البراعة؟؟؟
من منا ..... أى آمن بما آمنا به ورضى بنا أخوة يفرح لفرحنا ويحزن لحزننا ويدفع عدونا.
من فينا .... أى بيننا ولا يشترط فيه ما سبق من شروط الفرح والحزن ودفع الضر.
وإن كان الشاعر قد رسم هذه الصورة باستخدام حرفى الجر ولا شئ معهما بهذه البراعة فهو بالطبع يدقق فى كل لفظ فى القصيدة وهى صورة بديعة ذكرتنى بقول شاعر -لا أذكر اسمه:
(لا والقلوب التى والأعين اللاتى)
وأقفز الآن متجاوزا ما يستوجب الوقوف حتى لا أطيل أكثر من ذلك.
البيت الأخير

يَا مَنْ جَعَلْتُمْ إِلَى الكُرْسِيِّ هِمَّتَكُمْ=خُذُوا الكَرَاسِي وَأَعْطُونَا فِلِسْطِينَا
وهذا نداء قد بح صوته ببالغ الحسرة والأسى وكانه يقول خذوا ما شئتم فليس فى الكون ما يغلو والأرض فى الأسر والكرامة تحت النعال.
النداء بمن الموصولة هنا عام أى يا كل الذين ..... وكأن أساميهم وكنيتهم لا تعنى له شيئا فلم يقل مثلا (يا أيها العُرْبُ) فالهمة أعلى والمطلوب أسمى والجرح اعمق.
(إلى الكرسى همتكم) .... وأصلها (جعلتم همتكم إلى الكرسى) والتقديم والتأخير للتخصيص.
(خذوا الكراسى وأعطونا فلسطينا) ... وهنا همة فى مقابل همة وشتان بين الهمتين.
نداء مرهق قد أصابه اليأس وتملك منه الوجع فهو لا يكترث لأى شئ فى سبيل غايته العظمى السامية (الأرض) وهنا إيحاء وتأثير على المتلقى وتعبير بليغ عن جرح بالغ وكأنها آخر الكلمات من قلب تملكه الحزن وغلبه اليأس وكأنها آخر صرخت سيعقبها الصمت.
من كل ما سبق نجد اعتمادا على الصورة العامة التى تجلت فيها حكمة الشاعر ونجد اعتمادا على الإيحاء اللفظى والتأثير الشعورى فتارة يقف الشاعر خطيبا حكيما نصوحا وتارة يجذب المتلقى لجوه النفسى الخاص فلم يعتمد على تجربته الشخصية فحسب وإنما اعتمد على حكمته وإيحاءاته وتصويره وتأثيره على المتلقى.
عذرا أطلت فسامحونى!!!
ودى ومحبتى للجميع
:tree: :os: :tree:
وائل القويسنى

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:04 AM
القضية في شعر الدكتور سمير العمري
الأخوة نهج نموذجا


القضية في شعر سمير العمري - نموذج قصيدة '' الاخوة نهج ''

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا
وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً = بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا

الشاعر العربي الكبير شاعر الحكمة و الفكر

سمير العمري

في مثل هذه المواقف لا تسعفنا سوى حكمة الصمت وسمة التفكر

إن دقة البيان و بلاغة القول مع سمو المعنى و مشروعية الغرض و رسالية الوجهة في شعر العمري تمثل مرايا تعكس علو الذوق و جمالية الروح و نبل الأهداف و قداسة القضايا و عزة الإنتماء

سمير العمري
شاعر الحكمة و الرسالة و الإنتماء

أستسمحك أن أسم شعرك ب : الشعر الرسالي

فأكثر مدعي الشعراليوم تزل بهم أيديهم إلى أغراض لا تتعدى مطامح الجسد و النزوات أو غايات الشهرة و الإعلام فتراهم في أوحالهم يتنافسون.

إن قراءة نتاج العمري محاولة للنفاذ إلى عمق القضايا الكبرى التي يعالجها فسمير من المبدعين القلائل الذين صاغوا شعرهم هما و قضايا مثلت رسالتهم في الحياة فالقضية و الرسالة تستمد طاقتها مما تحويه ذات الشاعر المندمجة مع إبداعه في تشكل يمثل الوحدة المستعصية على الذوبان و المقاومة لكل أشكال الانحدار .

تنبني قصيدة '' الاخوة نهج " على علاقة حميمية بين الشاعر و القضية و التي هنا فلسطين وما يلحق بها من قضايا تهم واقعنا العربي و السياسي و المجتمعي.

يمكننا أن نبرز حضور القضية من خلال ثلاتة محاور:

العزة و المقاومة - الإنتماء و الكرامة - الرسالية و الأمانة



العزة و المقاومة :

وهذا العنصر يمتد مع القصيدة و يكاد يكون ملازما لكل بيت ,يمثل مقاومة لمسيرة الذل و الإذلال التي باتت عنوان المدعين للقضية وهو كذلك يوضح أصالة القضية و ضرورة العودة لخط النضال و العزة و المبادئ فهو خط الممانعة

يأتي في مطلع القصيدة :

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا


و يسترسل الشاعر بنفسية الاعتزاز :

يَا لَيتَ شِعْرِي أَلَمْ يَأْنِ اجْتِبَاءُ خُطَى = نَهْجِ الأُبَاةِ وَإِقْدَامِ المُلَبِّينَا؟

وَسطْوَةٌ مِنْ صَهِيلِ السَّابِحَاتِ عَلَى = وَقْعِ الحَوَافِرِ تَأْمِيلا وَتَأْمِينَا؟

مَا قِيمَةُ السَّيفِ فِي غِمْدَينَ مِنْ ذَهَبٍ = حَتَّى نُجَنْدِلَ مَنْ بِالذُّلِّ يَرْمِينَا؟

وَمَا صَلاحُ إِذَا ارْتَدَّتْ فَوَارِسُهُ = عَنِ البُطُولَةِ فِي إِدْرَاكِ حِطِّينَا؟

كُنَّا وَكَانَتْ بِلادُ العُرْبِ دَارَ عُلا = رَقَّتْ نَسَائِمَ وَامْتَدَّتْ بَسَاتِينَا

أَيَّامَ كَانَتْ خُيُولُ النَّصْرِ مُسْرَجَةً = وَكَانَ مَنْبَعُ صَافِي الدِّينِ يَرْوِينَا


العنصر الثاني : الإنتماء و الكرامة

وهي نفسية الشاعر في القصيدة

الانتماء لوطن تربع في ذات الشاعر المغترب الذي أبعدته مسافات الشتات لكنه يحتضن الوطن ليلاه و يحتضنه الوطن احتضان الأم وهي نفسية فداء و تقديس للتراب الذي بات رمزا للإباء و الكرامة

فيقدم نفسه لافتداء الوطن :

نَفْسِي فِدَاءُ فِلِسْطِين التِي نَزَفَتْ = منِهْاَ الكَرَامَةُ مَقْتُولا وَمَسْجُونَا

يصدح الشاعر بقول لا في وجه الخنوع و المساومة و لا بديل عن كرامة النفس ومجد الوطن:

لَمْ يَجْزِ غَزَّةَ فِي الحَالَينِ غَيرَ دَمٍ = أَجْرَوهُ خَنْقًا وَتَجْوِيعًا وَتَوهِينَا

فَلا وَرَبِّكَ لا صُلْحٌ عَلَى ضَغَنٍ = وَلا ابْتِسَامٌ يَرَى التَّقْطِيبِ مَدْفُونَا

وَلا تَنَازُلَ لا تَفْرِيطَ فِي وَطَنٍ = سَمَا عَلَى الدَّهْرِ تَقْدِيسًا وَتَثْمِين

نُرِيدُ كُلَّ أَرَاضِينَا التِي انْتُهِبَتْ = النَّهْرَ وَالبَحْرَ وَالزَّيتُونَ وَالتِّينَا

ويفصح الشاعر عن حلمه و حلم غيره من المغتربين عن الوطن :

وَحَقَّ عَودَةِ شَعْبٍ مَلَّ غُرْبَتَهُ = وَحَقَّ دَمْعَةِ أُمٍّ أُهْرِقَتْ هُونَا

الوطن عند سمير فوق الكراسي و المطامح الواهية يتحدد هذا العنصر بقوة في ذيل القصيدة

يَا مَنْ جَعَلْتُمْ إِلَى الكُرْسِيِّ هِمَّتَكُمْ = خُذُوا الكَرَاسِي وَأَعْطُونَا فِلِسْطِينَا

وهي رسالة انتماء لمن تاجر بفلسطين و دماء الشهداء الزكية ليكسب جاها أو مالا


العنصر الثالت : الرسالية و الأمانة

وهو مؤشر على أن الشاعر لا يلقي كلاما سائبا من غير مطمح نبيل و غاية وجيهة
عنصر الرسالية يشكل جوهر القضية بحملها رسالة و أمانة
يمكننا تتبع الرسائل المباشرة و غير المباشرة في القصيدة على النحو التالي :


رسالة حب صادق مقاوم للنفاق :

مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا = وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا

وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً = بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا

رسالة لعودة جوهر الأخوة و صدق العهد بدل الفراق و الطعن :

مَاذَا اعْتِبَارُ أَخٍ دَسَّ الفِرَاقُ لَنَا = يَأْتِي التَّخَاتُلَ حِينًا وَالأَذَى حِينَا؟

لَمْ يَأْلُ عَهْدُ صَحِيحِ الوُدِّ مُنْتَهَكًا = حَتَّى تَرَدَّى بِكَفِّ العَفْوِ مَطْعُونَا

رسالة طهر تواجه النجس لتتعالى عن السفاسف و تسمو للمعالي :

أَمَّنْ تَوَضَّأَ طُهْرَ القَولِ مِنْ نَجَسٍ = وَقَالَ إِنِّي إِمَامٌ لِلمُصَلِّينَا

رسالة مبدأ راسخ ممكن كما العقيدة وهو تصوير غاية في الإحكام و الجمال و المعنى :

حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً :os: كَمَا العَقِيدَةُ فِي الأَحْشَاءِ تَمْكِينَا

و أخيرا رسالة حق و نداء فطرة و دمعة أم :

وَحَقَّ عَودَةِ شَعْبٍ مَلَّ غُرْبَتَهُ = وَحَقَّ دَمْعَةِ أُمٍّ أُهْرِقَتْ هُونَا

هَذَا نِدَاءٌ لِمَنْ يَأْتِي الحِوَارَ جَدًا = بِصَوتِ كُلِّ مُصَلٍّ قَالَ آمِينَا


لم تكن هذه سوى بعض مما يلمه شعر سمير العمري من معاني و أفكار تمثل خطا في صف الممانعة و المقاومة لكل أشكال الضعف و الوهن الذي بات سمة لمدعي قضايانا و في مقدمتها قضية فلسطين فهي التاريخ و الأمل


كما لا يمكننا المرور السريع من غير الإشارة إلى أن شعر العمري هو شعر حكمة و معان يكون بها مفخرة للشعر في زمن بات التسابق فيه لمن يكون أكثر جرأة في الفحش و انسلاخا عن القضايا و المعاني.

و أخيرا أوجه دعوتي لأهل الأدب و الفكر أن يكملوا الدراسة و التحليل للشعر الرسالي العمري فهو معين لا ينضب .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:16 AM
في قصيدة موكب النور





تكامل جمالي في القصيدة البديعة من حيث :
الوحدة العضوية التي تتناسق فيها الأبيات بحبكة محكمة النسيج..
البناء الهيكلي يتناغم مع توافق المعاني وتواردها المتدافق ..
في لُحمة واحدة من بدايتها ..إلى نهايتها ..
براعة المطلع الذي يتقن المدخل المثير ..

هلّ الهلال لشهر الحج..
إلى حسن الختام الذي ينتهي بالثمرة المرجوة من الحج..
والله يغفر الذنب إن صدقوا ـ ـ بشرى الحجيج وكان الله توابا.
تخصيص من اثنين وثلاثين بيتا..أربعة لحال المسلمين ..
لتتراءى الخلفية الثقافية الكامنة في اللاشعور ..
الممثلة في التصور الإسلامي الكلي للحياة ..
ربط الشعائر الدينية ..بسلوكات الواقع ..
لتتكامل رؤية الشاعر بالمنهج الإسلامي الذي لايرضى إلا بكلية التطبيق الشامل ..في واقع الحياة ..
وإذا بالشاعر أستاذ..حكيم ..مرشد ..مصلح ..
يعدد مناقب الحجيج ..ويذكرهم بمثالب الواقع المعيش الذي حصر فيه الدين في المساجد و المناسبات الدينية ..
وهو سبب ترهل الأمة..
لنلاحظ جمالية التبطين لمعاني التهاون داخل نسيج القصيدة ..
فِيْ خَيْرِ مُؤْتَمَرٍ لِلْخَيْـرِ مُنْـعَقِـدٍ ـ ـ في كُلِّ عَامٍ فَحِزْبُ الكُفْرِ قَدْهَـــابَأ
يخشى التّوحيدَ يُؤْوي امّةً ضعُفَتْ ـ ـ بعد الشتات فصارت فيه أذنابا
ويُستباح حمى الإسلام في زمن ـ ـ ضاع الجهاد وبات الدين ألقابا
وعاش فيه دعاة الحــق في ألمٍ ـ ـ وهم يرون نصير الحق كذابا.
ريشة عبقرية ؛سخية ترسم الواقع في كلمات قليلة ..ولولا سعة الفكر ما كانت فصاحة ..
تستحق القصيدة وقفة طويلة ..
أستاذي المحترم ..
وياليت القارئ يستوعب ويعي..

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:17 AM
الدكتور سمير العمري
ذلك الرائد القدوة



. يولد المولود على الفطرة /..و/ التربية في الصّغر كالنقش على الحجر/..وهذه التربية هي التي تصنع النساء والرجال..وتجعل من الإنسان عضوا إيجابيا فعّالا؛أو عنصرا سالبا متطفّلا..
والرجال مواقف ..والمواقف يصنعها الرجال..وكيفية شقّ طرق السير في حياض الشوك هي التي تميِّز الرجل عن الرّويجِل..
وإذا كان الإنسان يُقْرأ من سلوكه ولغته..فما حظّ الدكتور سمير العمري من ذلك؟؟
عادة حينما يندب المسلمون حالهم المتردّي ؛يُعيدونه إلى تخلفهم عن مواكبة سير الحياة ؛وتخاذلهم ؛ووجهلهم بمستجدات الأدوات التي تحدث التغيير في نمطية العيش والتعايش؛وسبل التّطوير؛ومناهج التّنوير..لكننا هنا أمام إنسان عاكس أمواج الوهن ..وعكس الرؤية ؛وارتدى ثوب الحداثة ..وتصدر الريادة ..ونافس ؛وأبدع كما أبدع الرواد عبر التاريخ..
لم يتخلّف عن موكب النت.. بل هبّت عليه رياح الوافد الجديد؛وعشِقته روح المبادرة فعانقها بذراعين مفتوحين ؛واحتضنها ؛وتوشّح بها رائدا ؛سعادته في إسعاد غيره..وإذا بالحديث الشريف:
/ من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم / ..
يرهبه من التّنكر للجماعة ؛وهو المغترب..يوخزه كما الإبر ..ويدفعه دفعا إلى تأسيس ملتقى رابطة الواحة الثقافية ..والمولود الضغير يكبر أمام عينيه؛حتى يشكل مع الأيام صرحا عالميا شامخا بأعضائه الصّغار الذين انطلقوا من / درب الإبداع / وسرعان ما اشتدت سواعدهم وصاروا فحولا..وذاع الصيت ؛وعمّت سمعته الأرجاء ..فالتحق المخلفون متى علموا..والرّجل على قدم وساق؛يتابع ؛ينصح ؛يوجّه يصحّح ؛يُصالح بصدر رحب ؛وذهنية متفتّحة ؛وأذن صاغية..لو اكتفى بهذا لكفاه شرفا ؛ورفعه فوق عرش القدوة..ولكنك سرعان ما تجد هذا العمل الجليل مجرد وسيلة لبلوغ غايات سامية..
إنه هاجس الرسالة في وجوده يُرغمُ العقل على إتلاف خلايا الدماغ بالتّفكير الدّائم في طرق إعادة صياغة منهج سير المسلمين عامة ؛بعد أن تلطّخ بمخلفات إيديولوجيات تكالبت على المنبع الصافي فكدّرت نقاءه ؛وأظلمت جوانبه المضيئة فيه..لو أصدر بيانا لأساطين الفكر والأدب ؛شعرا ونثرا لكفاه ذلك..
ولكنه راح يجسّد رؤيته في سبائك الشّعر الذهبية ؛بجماليات لاترضى غير مضامين الحداثة بكلّ معانيها ؛في ثوب عمودي أصيل ..حداثة متحفظة ؛تراعي الأصيل؛تخاف الزيغ والانحراف ..وهو الدافع النفسي الحقيقي للتحفّظ ..والأهم من هذا وذاك ؛هو امتلاك هذا الشاعر الذي تميّز بشعره عن غيره ؛ لمفهوم التّصوّر الإسلامي الشامل الذي لايُهمل الصّغائر..بلانقص ؛وبلا شطط..وهي صفة لاتتأتّى حتى لمن يظن نفسه عالما في حالات كثُر..وقد حذّر العلماء من العلم الناقص..
حتى قصائده يرتبط فيها التّاويل بمعانٍ مركزية ؛فلا يهيم القارئ ؛يبحث عن فكّ الألغاز..الوضوح والبساطة في العبارة ؛سِمَة ٌبارزة في شعره ؛تُبَطِّنُ معانٍ عميقة لايصلها إلاّ لبيبٌ تمرّس على فهم الكتاب والسنّة؛ومأثور السلف..وإذا بك في كلِّ قصيدةٍ تنتهي إلى آية أو حديث؛فتقع في تناص مع المصدرين..فهو الأدب الإسلامي إذن..وإذَا بشعره مجرّد وسيلة لبلوغ أسمى الغايات ..تبديد ظلام الغواية؛وإنارة الطّريق للعين الّتي صادمها الضباب..لتتكشّف الرّؤية ناصعة البياض..وإذَا بالنّصّ يصرع الأوهام؛ويدمغ الخلفية الثقافية الّتي غذّاها نمير المياه الآسنة الموصولة من كل مكان..فيجلو ما كان مُلْتَبَسا؛وينتهي المتلقّي بعد مُغالبة إلى قرار جديد في نفسه ؛يصحّح المفاهيم ؛ويعيد بناء المداليل..فاستحقّ لقب الشاعر المفكّر ؛والمصلح المرشد لما هو؛ وما سيأتي من أجيال في عالم الشابكة العجيب..حتى صارت الواحة كلها جوابا عن سؤال : كيف تتعاطى الأجيال هذا العالم الإلكتروني..؟؟..
يتداول الشاعر أشعاره بلغة سلسة فصيحةٍ إلى درجة الفصاحة ..وبصوّر فنية جمالية بديعة ؛بهية؛تسبح دائما في فضاء النّقاء..تستأنس الغريب؛وتقرّب البعيد ؛وتُجسِّد المعنوي..فتبعث المتعة لدى المتلقي ؛وتثير مشاعره..
وقد تعوّدنا أن أن نُرهق أبطالنا في حياتهم ـ إن حدثت لهم الكرامة واعترفنا بهم ـ ولانعرف قدرهم إلا بعد وفاتهم..وما ينفع المديح بعد ذهاب الرجال؛إذا كانت أعمالهم تتحدّث عنهم ؛ومأثورهم يعيش لهم ..والشاعر يدرك أنني لاأتملّق أحدا..ولاأزيّف الحقائق..بل ما رأيته موضوعية سكبته شايا أخضر ؛وأحطته بحلوياته ..على بساط الورد..
ومن اللباقة أن نقول للمحسن أحسنت؛ في وقتها؛ كما نواجه المسيء بإساءته..والسّابقون مجّدهم الرّحمان كما أثنى على التّابعين..
لهذا السبب وغيره الغائب عنّا ؛ندعو الدّارسين إلى قراءة أشعار ترسّخُ إعادة الصياغة ..

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:28 AM
هطالة الديم للشاعر الطنطاوي الحسيني


يا وَاحةَ الْخَيْراتِ يَا هَطَّالةَ الدِّيَمِ = يَا مُنْتَدى الْفُرْسَانِ يَا خَفَّاقَةَ الْعَلَمِ
سِيري عَلى وَجْهِ الزَّمَانِ تَبَاهِيًا وَ دَعِي = مَنْ بَاتَ يُغْلِيهَا مِنَ الثَّوَرَاتِ في الْحِمَمِ
كَمْ ذَا تَرَبَّى فِي مَرَابِعِ عِزِّهَا وَ نَمَى= كَمْ أَحْيَتِ الآحْياءَ بَلْ أَزْكَتْ مِنَ الْعَدَمِ
كُنَّا كَزُغْبِ الْحَرْفِ فِي شَرَكِ الرَّدَى مُزَقًا = فَاطَّالَقَتْ أطيارَنَا الْوَاحاتُ مِنْ نَغمِ
مَنْ لَا يردَّ الْفَضْلَ للْأهلِينَ مِنْهُ جَنَى = مَنْ يُرجِعَ الأفضالَ ذُو فَضْلٍ وَ ذُو كَرَمِ
يَا واحةً كهُدىً تَجُبِّينَ الْمَدى خَبَثاً = وَ أَحَالَ بحرُ الْعَذبِ لَفَحَاتٍ إِلَي كُرُمِ
وَ رَضَابُ طِيبُكِ لَوْ تُذِيْبِيْه عَلى جَبَلٍ = لَأَحَسَّ صِدقَ الْحُبِّ فَانْصَاعَتْ قُرَى الْحُلُمِ
سِيري وَ عَيْنُ اللهِ رَاعِيَةٌ لَكُمْ قُدُمًا = مُزْنًا مِن الْإِبْداعِ أَمْ مُزْنًا مِنَ الدِّيَمِ
مِنْ مُّخْلِصِينَ عَلَوْتِ مِنْ إِخْلَاصِهِمْ قَدَرا= كَسَفِينَةِ الْأحْبَابِ تَمْخُرُ غَايَةَ الْهِمَمِ
رُبَّانُ دَرْبِكِ مَاضِيًا كَالنُّورِ في ثقةٍ = وَ يُرَشِّدَ الْخُطُواتِ لَا زَلَّتْ حِجَى قَدَمِ
وَ يُوَزِّعَ الْخَيْرَاتِ وَالْعِرفَانُ مَنْهَجُهُ = فَاسْعَدْ بِهَا يَا سَارٍ مِمِّا نِلْتَ مِنْ نِّعَمِ
تَاللهِ نَحْسَبُهُ مَنَارَاتٍ لَنَا عَلَمًا= قَدْ أَخْلَصَ الِإبْداعَ فَاْنسَاقتْ رَحَى القَلَمِ
يَا وَاحَةَ الْإِلْهَامِ مِثْلَ الْمُؤْمِنينَ عَطَا=لَمَعَانُ نَجْمُكِ صَاعِداً رَاقٍ مِنَ الْقِمَمِ
أَفْرَاسُ جِيْلُكِ نَبْعُ مَدْرَسةٍ وَ مَلْحَمَةٍ = عَطَّاءةٌ مِدْرَارَةٌ بَرَّتْ نَدَى الْْقَسَمِ
نِبْرَاسُ شُورَتِنَا بِأَوْطَانِ نُؤَمِّلُهَا = قرآنُنَا فِيها لَنِعْمَ الْهَادِ وَ الْحَكَمِ
يُبْقِيكِ رَبَّاهُ مَدَى الْآَزْمانِ مَرْحَمَةً = لِتُؤَسِّسِينَ الْحبَّ فِي دَرْبِ الَّذِي يَرُمِ
إن شاء الله

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:35 AM
إطلالات على إطلالة الدكتور مصطفى عراقي على عالم الدكتور سمير العمري


السلام عليكم أيها الأحباب ورحمة الله وبركاته.
أفتح هنا هذه الصفحة في هذا القسم حتى نتدارس سويا ما جاءفي إطلالة د/مصطفى عراقي على عالم الشاعر القدير الدكتور: سمير العمري والموجودة على الرابط التالي:
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=21672
وقد جات فكرة هذه الدراسة بعد أن قرأت توضيحا لصاحب الإطلالة بعدم الاحتجاج بما جاء فيها حتى يميز بين ما أبدعه الشاعر حقا أو ما ورد فيه من المحفوظ من غيره من الشعراء السابقين.

وأرجو قبل أن نبدأ في هذه الدراسة أن نحسن النوايا وأن نبقيها في أطارها الأدبي وأن لا نتكلم في ما هو خارج عن موضوع الاطلالة.
وسوف نقسم هذه الدراسة إلى عدة أقسام يتناول كل منها جانبا واحدا من اطلالة الدكتور مصطفى.وأن لا نبدأ في القسم الموالي حتى نستوفي ما قبله.

*موضوع الاطلالة:إطلالة على عالم الشاعر القدير الدكتور: سمير العمري .
فالعنوان يوحي بأن للشاعر الدكتور سمير العمري عالما خاصا يتميز به عن غيره من الشعراء .ووصف القدير في العنوان يدل على أن صاحب الاطلالة يعلم من خلال معرفته الشخصية،أو معرفته بخبايا عالم الدكتور سمير أنه قادر على هذا التميز من خلال الابداع والتطوير والاتيان بما يتفرد به عن غيره.
ويشارك صاحب الاطلالة في هذه النقطة عدد كبير من الأدباء والنقاد وبالتالي فلا أظن أنه سيراجعها ويتراجع عنها أو يطلب عدم الاحتجاج بها.
*لماذا كتبت هذه الاطلالة بداية؟ ولدينا العذر في طرح هذا السؤال لأن صاحبها تراجع أو سيتراجع عنها أو عن بعضها.(مع أننا نقول أنه يحق له ولجميع النقاد أ يراجعوا عن بعض ما كتبوا إن تبين لهم أن هناك سببا لذلك).
هناك عدة احتمالات لكتابة هذه الاطلالة:
1-قناعة الناقد بأن شخص الدكتور سمير أو فكره يستحق أن تفرد له دراسة نقدية تليق بمقامه أو بمقام فكره.
2-قد تكون كتبت مجاملة لشخص الدكتور سمير لأحد سببين:
أ-كسب مصلحة شخصية جراء هذه المجاملة.
ب-دفع ضرر متوقع حدوثه من طرف د/سمير.
وفي كلتا الحالتين لا يصح أن نطلق عليها دراسة نقدية لأن دافعها لم يكن أدبيا.ومراجعتها أو التراجع عليها يكون حين تنتفي المصلحة الشخصية أو الضرر المتوقع حدوثه.
3-قد تكون كتبت دون قناعة ولكن حياء من آخرين دفعوه دفعا (لسبب أو لآخر) أن يكتبها.وهنا أيضا لا يصح أن نطلق عليها دراسة نقدية لأن دافعها لم يكن أدبيا ويمكن التراجع عنها أو مراجعتها حين ينتفي سبب كتابتها.

الاحتمال الأول هو الأقرب لأن الثاني و الثالث لا يليقان بمقام شخصية كالدكتور مصطفى.وبالتالي سنبني هذه الدراسة عليه إلى أن يثبت لنا بالدليل القاطع عكسه.

عموما نقول لأي ناقد متمكن أو مبتديء أنه يحق له أن يتراجع ويراجع بعض آرائه متى وجد سببا وجيها في نظره ويحق لغيره أن يوافقه في هذه المراجعات أو لا .ولكن هناك بعض الأحكام التي لا يمكن مراجعتها عند أولي الألباب كأن يقول أن الشمس مضيئة في دراسته الأولى ثم يتراجع ويقول : يا جماعة لا تحتجوا برأيي هذا حتى أتبين فإني أشك بأنها مضيئة فنقول له حينها يجب عليك مراجعة(مصحة طب العيون).
ومثال ذلك في الأطلالة قول د/ مصطفى:

فأي ناظر ومتأمل في هذا العالم الذي يتميز به د/سمير سيرى بالتأكيد هاتين السمتين وغيرهما ولا يستطيع أن يتراجع عن هذا القول إلا جاحد كان سبب كتابته الاطلالة بداية أحد الاحتمالين 2 أو3 وهذا ما ننزه دكتور مصطفى أن يقع فيه.

كما أن هناك ما يمكن أن يتراجع عنه كأن يقول القائل: السحب ممطرة .ثم يتراجع ويراجع ويقول أنه وجد بعض السحب غير ممطرة .
ومثال ذلك في الاطلالة قول د/مصطفى:


فيراجعها ويقول : لا لقد وجدتُ أن عبارة "لا ريب" تؤدي الغرض منها خاصة في بداية القصيدة لسبب كذا وكذا...

هذه توطئة لاطلالات على اطلالة د/ مصطفى وسوف نتناول في قادم الأيام الاطلالة، كل قسم نُفرد له حيزا يليق به.

في انتظار ذلك لكم مني خالص
الود والتقدير

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:37 AM
قراءة لزاوية واحدة من قصيدة عفا الله عنك


............................


السلام عليكم والدنا ورحمة الله وبركاته.
عذرا منك ومن كل الأحبة في واحة الخير هنا إذ سمحتُ لنفسي باقتباس ما سبق -فالقصيدة كلٌّ متكامل لا يصح اجتزاؤها-ولكن حتى أبين ما لا أظن أنه غاب عن أحد وهو الحالة الشعورية الفطرية التي لا يخلو منها قلب الأب الحنون الذي يبقى-مهما فعل الأبناء-صاحب القلب الكبير المتجاوز عن زلاتهم في حالة فطرية لا ارادية -إن صح التعبير-.
فلنتأمل قوله :



هنا يقر الوالد بأن الابن بفعلته حرمه من قول "يَا بُنَيّْ".وهذا ليس لحالة غضب أو أنه يريد معاقبته ولكن على ما أعتقد لحالة الصدمة التي لم تزل إلى غاية كتابة هذه الأبيات والتي سببها -الصدمة- عدم تصديقه بأن هذا الفعل الشنيع يصدر من أقرب الناس (الابن).

ثم بعد ذلك وفي نفس القصيدة( أي نفس الزمان والمكان) تأتي تلك الحالة الفطرية اللاارادية التي تصدر عن كل والد قلبه كقلب د/سمير-ولا نزكي على الله أحدا لأن ما بين أيدينا في القصيدة يثبت ذلك- وهذا من خلال خروج كلمة بني -بقصد أو بدونه- وهذا في قوله :



فما أعظم قلبك وما أوسع صدرك سيدي.
وأحمد الله أني تعرفتُ عليك وعلى هذه الواحة الطيبة التي هي كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وهاهي تؤتي أكلها كل حين بإذن الله عز وجل.
فما أحلاه وما أطيبه من أكل.

..............
سيدي أظنه ( الابن) والله أعلم حالته كحالة من سعى-من الصحابة- لنشر مقولة ابن سلول عن أمّنا عائشة رضي الله عنها .فقد تابوا إلى الله ورجعوا إلى الجادة وأقيم عليهم الحد.
أظنه سيتوب ويرجع إلى الجادة.فهو على حسب معرفتي به أهل لذلك.
وإن كانت الأخرى فعزاؤك أن لديك بدل الابن....أبـــنــــــــــــ ـــــــاء.


هذه قراءة لزاوية واحدة أرى أنه -لأهميتها- تجب الاشارة إليها .


محبتي وتقديري والدنا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:44 AM
التحدي بالكفاءة والابداع
سمير العمري نموذجا


التحدي بالكفاءة و الإبداع ... سمير العمري نموذجا


تعد الاتهامات من القضايا الشائكة في عالم المعرفة و الأدب و الفكر,في حين تلعب العصبيات بمختلف تجلياتها ـ فكرية ,علمية,أدبية,سياسية,عرقية إقليمية و غيرها ـ دور الباعث الأكبر لها,و الموقد الأشد لنيرانها, و هي لحقت الكثير من المبدعين و المشاهير على مر العصور و بمختلف الأمصار,و في حضارتنا العربية و الإسلامية حسب المرء أن يعاين كتابا من كتب الرجال و التراجم أو مصنفا من مصنفات الملل و النحل أو مؤلفا من مؤلفات التاريخ و الأدب ليقف بجلاء على الكم الهائل من التهم التي طالت معظم المبدعين و الرموز.
من أخطر هذه التهم قضية السرقات و التي تعد من أعقد قضايا النقد الأدبي القديم,إذ حظيت بعناية فائقة و أفردت لها أبوابا في المؤلفات و الدراسات بل حازت أحيانا مؤلفات خاصة بها,و لاحقت معظم الشعراء المشاهير من طرف النقاد,وهي في النثر معدودة لكن استفاضتها امتدت حول الشعر,و امتدت لهذا العصر كذلك.
في حين واجه الأدباء و الشعراء هذه التهم بأساليب و طرق مختلفة نقف هنا على إحداها و هي المواجهة عبر التحدي بالكفاءة و الإبداع و نستعرض الشاعر سمير العمري نموذجا لهذا المنحى من المجابهة و الاستعلاء عبر الإنتاج و الإبداع.
و المغزى أن السرقة إنما تتأتى من ضعف الصنعة و نقص الملكة العلمية و عجز المقدرة الأدبية,في حين أن سمير العمري شاعر مقتدر لا تنقصه المقدرة على الإبداع حتى يلتجئ إلى السرقة و الانتحال,ووفرة إنتاجه و تفرده تقف حاجزا منيعا ضد أي اتهام لشاعريته.
من هنا نستيبن أن مسيرة الشاعر خير دليل على صدقيته و إبداعيته من غير حاجة إلى الرد المباشر و التتبع لكل طاعن و هادم,بل إن الإنتاج و الإبداع يحلي صاحبه المكانة المستحقة.
و كان أكبر تحد منه لخصومه قصائده بعد التهمة,و هي ثلاثة قصائد أفحمهم فيها و تحداهم فيها و هي :

برزخ الحفظ

و عفا الله عنك

ثم كف و إزميل.

فيما يلي نستعرض بعضا من أبيات هذه القصائد القلائد و التي تعد أكبر دليل على شاعرية العمري و أنه من المميزين في هذا الفن:
في قصيدة برزخ الحفظ يتحدث الشاعر عن مقدرته الشعرية و ملكته الإبداعية و آرائه الفكرية متحديا إدعاءات خصومه و اتاهماتهم بأبيات تغني عن كل حجاج و جدال :

مُحِيطٌ أَنَا لِلشِّعْرِ قَاعِي مُمَرَّدٌ=وَمَائِيَ مِنْ عِطْرِ الزَنابِقِ أَو أَصْفَى
وَصَيدُ مَجَالِي جَاوَزَ المَدَّ وَالمَدَى=وَبِنْتُ خَيَالِي لا يُحَاطُ بِهَا وَصْفَا
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الحَرْفَ إِلا نَسِيجُهُ=حَرِيرٌ بِأَحْدَاقِ الجَوَاهِرِ قَدْ حُفَّا
أُغَنِّي ؛ وَمَا فِي النَّايِ إِلا حُشَاشَتِي =تَرَانِيمَ قَلْبٍ لا أَكِلُّ بِهِ عَزْفَا
بِشِعْرٍ سَرَى فِي الصَّدْرِ كَالبَدْرِ فِي الدُّجَى=يُلامِسُ فِي الوجْدَانِ بِالنُّورِ مَا اسْتَخْفَى
وَفِكْرٍ جَرَى فِي الدَّهْرِ كَالنَّهْرِ فِي الحِجَا = يُطِيبُ لأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ نَبْعِهِ الغَرْفَا


ثم يتساءل مستغربا أن يقرب المشين من الأوصاف من مثله في حكمته و شاعريته و عطائه الإبداعي المتفرد :


فَكَيفَ يُنِيبُ العَبْدَ مَنْ كَانَ سَيِّدًا =وَكَيفَ يَسُومُ النِّصْفَ مَنْ يَمْلكُ الضِّعْفَا
وَلَو كُنْتُ مَخْبُولا لَمَا كُنْتُ جِئْتُهَا= فَكَيفَ وَقَدْ كُنْتُ الحَكِيمَ الذِي يُقْفَى

و يعلل بما سماه برزخ الحفظ و يدلل باللآلئ و اجتماعها في عقد متناسق رغم تباين ألوانها و اختلاف أصولها ,لكن هذا لا ينقص من شاعريته و إبداعيته,فهذه الأبيات و التي مردها برزخ الحفظ ليست من أجود ما نظمه و لا أحسن ما قاله :

وَلَكِنْ دَهَانِي بَرْزَخُ الحِفْظِ للِأُلَى =وَإِبْدَاعِ نَظْمِي بِامْتِزَاجٍ وَقَدْ أَغْفَى
أَمَا اخْتَلَطَتْ بِيضُ اللآلِي وَسُودُهَا؟ =فَكَيفَ جَرَتْ فِي السِّلْكِ وَانْتَظَمَتْ صَفًّا؟

و في قصيدة عفا الله عنك يتابع العمري نفس النهج باستماتة مبدع و إبداع شاعر متفرد يأتي بإدعاء الخصوم :

يَقُولُونَ: نَهْرُ القَصِيدَةِ زَيْفٌ =فَلا تَشْرَبُوا حَرْفَهُ الكَوْثَرِيّْ
لَقَدْ صَبَّ فِي فَيضِهِ بَعْضُ وَشْلٍ = فَمَا هُوَ إِلا سَرَابٌ وَعِيّْ


و يفنده بنسج هو من روائع و درر الشعر وهو رد للتهمة بنقيضها و اقتلاع لها من أساسها و إثبات لنفيها و تحقيق لمقابلها وهو الشاعرية الفذة و الإبداع المبهر.

فَلَوْلا تَفَكَّرْتَ فِي الأَمْرِ مَحْضًا=لَكُنْتَ رَأَيتَ الصَّوَابَ الجَلِيّْ
فَكَيفَ يَصِيدُ الحَشَائِشَ لَيثٌ؟ = وَكَيفَ يُرِيدُ الخَشَاشَ الغَنِيّْ؟
وَقَالُوا: اسْتَبَاحَ بُيُوتَ قُرَاهُمْ =فَأَينَ القُرَى كُلُّهَا مِنْ دُبَيّْ؟
أَنَا عَبْقَرِيُّ البَيَانِ المُعَلَّى =بِرَغْمِ الحَقُودِ وَرَغَمِ الغَوِيّْ
أُدَاعِبُ حَرْفِي عَلَى وَقْعِ عَزْفِي =وَأُشْهِرُ سَيفِي بِنَقْعِ الرَّوِيّْ
جَثَا الشِّعْرُ وَالنَّثْرُ عَبْدَيْنِ عِنْدِي=وَمَا كُنْتُ أَحْفلُ يَومًا بِأَيّْ

أما قصيدته كف و إزميل فهي إبداع يعيدنا إلى زمن الشعر الحقيقي,و عصر النوابغ اللوامع,الذين عز أن تجد لهم بقية في زمن كثر فيه المدعين.
فهي تشمل صفاء الفكرة, و جودة البنية ,و سعة اللغة و تصاريف الكلام ,و جولان ممتع في الاشتقاق ,و المآخذ البديعية في الاستعارة و التشبيه ,و غرائب التصرف في الاختصار و لطف الكناية في مقابلة التصريح و فن السمو في أكناف المقاصد و المطالب.
ليس لي الإحاطة بهذه الدرة اليتيمة و المعلقة الرصينة,لكني سأحاول أن أقطف من بين ثمارها بعضا مما يناسبني هنا, وهو ما يرتبط بالتحدي عبر الإبداع و الإمتاع وصولا إلى الإقناع.

مطلع القصيدة :

أَبْكِـي اشْتِيَاقًـا إِليهَـا وَهْــيَ تَبْـكِـي لِــي = وَأَشْتَكِـي مِـنْ أَذَى الدُّنْيَـا وَتَشْـكُـو لِــي
أُفَـتِّـشُ الـشُّـهْـبَ عَـنْـهَـا وَهْـــيَ غَـائِـبَـةٌ= وَأَفْـرشُ القَلْـبَ مِنْـهَـا وَهْــيَ تَــأوِي لِــي
مَــا كُـنْـتُ أَطْـمَـعُ مِــن نَـجْـوَى مَـوَدَّتِـهَـا = إِلا بِـقَــلْــبٍ بِــمَـــاءِ الـطُّــهْــرِ مَـغْــسُــولِ


يتحدث عن غربته الشعورية و التي ترافق غربته المكانية فهو مهاجر عن وطنه فلسطين و عن جفاء الذين أكرمهم و حلاهم من شاعريته و مما لاقاه من رد الكرم بالسخط و الأذى :

أَنَـــا الـغَـرِيـبُ طُـيُــورُ الأَرْضِ تُنْـكِـرُنِـي = لا الرِّيشُ رِيشِي وَلا الأَلْوَانُ تَحلُو لِـي
إِذْ تَأْكُـلُ الخُـبْـزَ مِــنْ شِـعْـرِي وَتَنْقُـرُنِـي = وَتَلْبـسُ الخَـزَّ مِــنْ قَــدْرِي وَتَجـفُـو لِــي
هَــا قَـــدْ بَـلَـغْـتُ عِـتِـيًّـا وَانْـحَـنَـى أَمَـلِــي = أُقَـلِّـبُ الـدَّهْـرَ لَــمْ أَعْـثُــرْ عَـلَــى جِـيـلِـي
وَهَــبْــتُ كُــــلَّ حَـيَـاتِــي كَــــفَّ مُـجْـتَـهِــدٍ = وَعِشْـتُ أَكْـثَـرَ عُـمْـرِي عَـيْـشَ مَـخْـذُولِ
أَطُــاعِــنُ الــدَّهْــرَ عَـنْـهُــمْ كُــــلَّ نَـابِـيَــةٍ = فَيَطْعَـن الـقَـومُ فِــي فِعْـلِـي وَفِــي قِيـلِـي
وَأَسْــتَــحِــثُّ إِلَــــــى الـعَـلْــيَــاءِ هِـمَّـتَــهُــمْ = فَـيَـنْــهَــضُــونَ لِـتَـشْــكِــيــكٍ وَتَــشْــكِــيـــلِ

و بعدها يبين الأقدار و الفوارق بينه و بين الأغيار و الطاعنين :


يَعِـيـبُ فِــيَّ الحَـسُـودُ الـقَـدْرَ مُمْتَـعِـضًـا = كَــمَــا يَـعِـيــبُ قَـصِـيــرٌ فَــــارِعَ الــطُّـــولِ
وَيَــعْـــذِلُـــونَ سَــمَـــاوَاتِـــي وَأَجْــنِــحَــتِــي = وَمَـــا عَـلِـمْــتُ حَـلِـيـمًـا غَــيــرَ مَــعْــذُولِ

و يستعير دررا من القرآن ليرسم لوحة بديعية مبهرة تؤكد تفوقه و سمو شعره و علو بيانه دوما عبر الإبداع و الشاعرية:


شِعْرِي مِنَ المَنِّ وَالسَّلْـوَى لِـذِي سَغَـبٍ = وَشِـعْــرُ غَـيــرِي مِـــنَ الـقِـثَّــاءِ وَالــفُــولِ
وَلَـــيــــسَ يَــجْــحَـــدُهُ إِلا ذَوُو غَـــــــرَضٍ = أَوْ مُــرُّ نَـفْـسٍ حَـسُـودٌ غَـيــرُ مَـحْـمُـولِ


ثم يصدح بعدها مغنيا للجمال و الخيال و النضال ثم البلاد فالرشاد و الوداد :


لِمَـنْ أُغَنِّـي؟ فَرَاشَـاتُ المُـنَـى احْتَـرَقَـتْ = وَحَـــطَّـــمَ الــلَــيــلُ أَنْــــــوَارِي وَقِـنْــدِيــلِــي
لِمَـنْ أُغَنِّـي وَفِـي عَيـنِ الـمَـدَى غَـلَـسٌ = وَفِـــي الـمَـرَايَـا عَـرَايَــا فِـــي الـسَّـرَاوِيـلِ؟
لِمَـنْ أُغَنِّـي وَنَـايُ الشِّعْـرِ فِــي شَفَـتِـي = يَـكَــادُ يَـجْـهَـشُ مِـــنْ رَجْــــعِ الـمَـوَاوِيــلِ
أَلِـلـجَـمَـالِ؟ أَمَــــا ذَابَ الـجَـمَــالُ عَــلَــى = لِـسَـانِ حَـرْفِــي بِـشَـهْـدٍ مِـنْــهُ مَـبْــذُولِ؟
أَلِلخَـيـالِ؟ وَهَـــلْ كَـــانَ الـخَـيَـالُ سِـــوَى = إِبْــدَاعِ مَــا هَمَـسَـتْ رُوحِـــي لجِبْـرِيـلِـي
أَلِلنِّـضَـالِ؟ حُـرُوفِــي ثُـــرْنَ فِـــي شَـمَــمٍ = حَــتَّــى انْـتَـظَـمْــنَ جُــنُـــودًا بِـالـسَّـرَابِـيـلِ
أَلِــلــبــلادِ؟ لَـــقَــــدْ سَـطَّــرْتُــهَــا بِـــدَمِــــي = فِـي صَفْحَـةِ القَلْـبِ فِــي خَــدِّ المَنَـادِيـلِ
أَلِـلـرَّشَــادِ؟ فَـشِـعْــرِي حِـكْــمَــةٌ هَـطَــلَــتْ = زُلالَ فِـــكْـــرِيَ مِــنْ بِـــيـضٍ يَـعَــالِــيــلِ
أَلِـــلـــوِدادِ؟ جَــعَــلْــتُ الـــحُـــبَّ أُغْــنِــيَـــة = بَـيــنَ الـقُـلُــوبِ تُـنَـاجِــي كُــــلَّ مَـتْـبُــولِ


و يعود بعدها إلى إعادة تصوير مشهد الجفاء و الجناية على الإبداع:


مَـاذَا جَنَيـتُ مِــن التَّحْلِـيـقِ فِــي لُغَـتِـي = غَـيـرَ الجِنَـايَـةِ مِــنْ هِـطْــلٍ وَمَـطْـلُـولِ؟
يَنْسَـاقُ بِالحَـمْـدِ عُجْـبًـا كُــلُّ ذِي بَـطَـرٍ = وَيَشْـتَـرِي الـمَـدْحُ بَخْـسًـا كُــلَّ مَـخْـتُـولِ
حَـــذَّرْتُ نَـفْـسِـي فَـعَـافَـتْ كُـــلَّ مُشْـتَـبَـهٍ = مِـــنَ الـلِـسَــانِ وَمَــلَّــتْ كُــــلَّ مَـعْـسُــولِ


ثم يبدأ في رسم بعض محددات الشعر القويم و هي الفكر و الأخلاق و التأثيل :


وَمَــا أَرَى الشِّـعْـرَ فَـخْـرًا عِـنْـدَ صَـاحِـبِـهِ = إِلا بِـــفِــــكْــــرٍ وَأَخْــــــلاقٍ وَتَــــأْثِــــيــــلِ
إِنَّـــــا لَــمِـــنْ أُمَّــــــةٍ أَقْـــصَـــى مَــآرِبِــهَــا = حَــظُّ الـنُّــفُــوسِ وَتَــرْوِيـــجُ الأَقَـــاوِيـــلِ


في موضع آخر من القصيدة يخاطب صاحبه مذكرا بالأشواق مستحضرا للوفاء :


يَـــا صَـاحِـبًـا أَنْـزَلَـتْــهُ الـنَّـفْــسُ مَـنْـزِلَــةً = فَـــــوقَ الـمَــقَــامِ بِـتَـبْـجِـيــلٍ وَتَـفْـضِــيــلِ
مَا زِلْتُ أَمْحَـضُ مِـنْ وُدِّي عَلَـى طَبَـقٍ = حَــتَّــى مَـلَــلْــتَ وَوُدِّي غَــيـــرُ مَـمْــلُــولِ
شَـــيَّـــدْتُ فِـــيــكَ مَــــنَــــارَاتٍ مُــمَـرَّدَةً= مِــــــنَ الـــوَفَـــاءِ مَـهِـيــبَــاتِ الأَكَــالِــيـــلِ
وَخُـضْــتُ فِـيــكَ بِـحَــارَ العَـاذِلِـيـنَ فَـلَــمْ = أَغْـــرَقْ بِـنَــوءٍ وَلَـــمْ أَشْـــرَقْ بِـتَـسْـوِيـلِ
وَكُـــنْـــتُ فِـــيـــكَ بِــــــلا عَـــيــــنٍ وَلا أُذُنٍ = عِــنْــدَ الــوُشَــاةِ وَلَــكِــنْ عِــنْــدَ تَـعْــوِيــلِ
وُكُنْـتُ مَـا خَطَـرَتْ فِـي النَّفْـسِ خَـاطِـرَةٌ = إِلا رَسَـمْـتُــكَ فِــــي أَبْــهَـــى الـتَـفَـاصِـيـلِ


ثم يعاتبه بلين و لطف لإنصرافه نحو الخصوم و المتهمين:


فَـفِــيــمَ لَــمَّـــا رَأَيـــــتَ الـكَــيــدَ غَـافَـلَـنِــي = نَـهَــضْــتَ تَـتْــبَــعُ ذَا زَيْـــــفٍ وَتَــهْــوِيــلِ
قَـــدْ كُـنْــتَ أَوَّلَ مَـــنْ أَحْـتَــاجُ نُـصْـرَتَــهُ = فَـكُـنْــتَ أَوَّلَ مَــــنْ يَـسْـعَــى لِتَخْـطِـيِـلِـي
مَـنْ يَنْشُـدُ الظَفْـرَ فِـي عَـرْجَـاءَ مُقْعِـيَـةٍ = وَيُنْشِبُ الظُفَـرَ فِـي النُّجْـبِ المَرَاسِيـلِ؟


و يوضح له سبيل الرشد و الحكمة و الحقوق:


يَـحْـتَــجُّ أَهْــــلُ الـنُّـهَــى حُـكْـمًــا بِـبَـيِّـنَــةٍ = وَلا يَـــــكُـــــونُ بِـــــظَـــــنٍّ أَو بِـــتَــــأوِيــــلِ
وَأَيـمُــنُ اللهِ مَـــا خُــنْــتُ الــهُــدَى غَرَضًا = وَلا عَــــدَدْتُـــــكَ إِلا فِـــــــــي الــبَّــهَــالِــيــلِ
وَقُلْتَ: أَطْعَنُ كَي تُحْمَـى الحُقُـوقُ بِنَـا = وَهَـــلْ سَـتُـحْـمَـى حُــقُــوقٌ بِـالأَبَـاطِـيـلِ؟

ثم يدعوه إلى مراجعة حكمه بالتعقل و الهدى:


يَا صَاحِبَ الرَّأْيِ مَا فِي العَدْلِ مَنْقَصَةٌ = مَــتَـــى تَـبَــيَّــنَ هَـــــدْيٌ بَــعْـــدَ تَـضْـلِـيــلِ
إِنْ خَـاتَـلَـتْـكَ الــهُــدَى عَــيــنٌ مُـكَـحَـلَّــةٌ = فَكَيفَ تَرْجُـو الهُـدَى بِالأَعْيُـنِ الحُـولِ؟
هَــوَى الـنُّـفُـوسِ هَـــوَانٌ وَالأَذَى صَـلَــفٌ = وَحِـكْـمَــةُ الــمَــرْءِ فِــــي عَــقْــلٍ وَتَـعْـلِـيـلِ
لا تَـحَـسَـبَـنَّ عِــتَـــابَ الـقَــلْــبِ مَـثْـلَـبَــةً = إِنَّ الـعِــتَــابَ وَفَـــــاءٌ فِــــــي الـمَـكَـايِـيــلِ
فَــإِنْ أَتَـيـتَ تَـجْــدْ صَـفْـحًـا بِـــلا عَـتَــبٍ = وَإِنْ أَبَـــيـــتَ فَـــرَتِّــــلْ سُـــــــورَةَ الــفِــيـــلِ


و يتذرع إلى الله و رحمته أن يفرج و يرحم حتى يستبين الحق:


يَــا رَحْـمَـةَ اللهِ هَــلْ لِـلـحَـالِ مِـــنْ فَـــرَجٍ = فَــــلا نَــضِــلُّ بِـنَــجْــوَى كُـــــلِّ مَـخْــبُــولِ
إِنْ عَـــــمَّ كَـــــرْبٌ فَـــمَـــا إِلاكَ يَـرْحَـمُــنَــا = فَــجُــدْ عَـلَـيـنَـا بِــأَمْـــرٍ مِــنْـــكَ مَـفْــعُــولِ
وَاهْــدِ القُـلُـوبَ إِلـــى تَـــرْكِ الـذُّنُــوبَ وَلا = تَفْـتِـنْ نُـفُـوسَ الــوَرَى بِـالـقَـالِ وَالـقِـيـلِ


في ختام القصيدة يكشف العمري عن حلمه وهو أن يتفشى الخير على الكل وهو نهجه حتى و إن عز المعين و المساعد فيا كف و إزميل:

لا زَلْــتُ أَحْـلـمُ لَــنْ أَرْتَــدَّ عَـــنْ حُـلُـمِـي = حَـتَّـى أَرَى الخَـيـرَ يَشْـفِـي كُــلَّ مَعْـلُـولِ
وَسَـــوفَ أُحْـسِــنُ ظَـنِّــي بِـالـكِـرَامِ فَـــإِنْ = عَــــزَّ الـمُـعِـيـنُ فَــيَـــا كَــفِّـــي وَإِزْمِـيــلِــي


بقي أن أذكر أن هذا النهج ليس بدعا فقد واجه الجاحظ قبل زمن تهمة السرقة بعد أن قذف بالسطو و انتحال كلام غيره بقوة الإبداع و تعدد التصانيف,يقول في مقطع من رسالة موجهة إلى مجهول كتبها في أواخر عمره أي بعد اشتهاره و تحقق زعامته الفكرية و الأدبية :
( زعمت أني أسرق الألفاظ,وأنتحل الكلام, كيف و أنا ابن البلاغة,و أنا ترب الكتابة,و أنا جهبذ الكلام,و نقاد المعاني)
وراح الجاحظ يبطل هذه التهمة من أساسها,متحدثا عن مؤهلاته العلمية و كفاءاته العملية التي لا يستقيم معها أن يكون سارقا. راجع الجاحظ: فصول مختارة .
في الختام أشير إلى أن سمير العمري من ألمع شعراء العربية في شعر الحكمة,تكاد لا تجد قصيدة له إلا و تخللها هذا الصنف من الأبيات,و قد وصف عدد من النقاد و الأدباء العمري بشاعر الحكمة, و تكاد تكون كل أبيات قصيدة كف و إزميل تجسيدا لهذا اللون من الغرض و المضمون الشعري.
و هذه دعوة لكل ناقد رصين و باحث مجتهد أن يعكف على شعر العمري الذي لم يلق ما يستحقه من الدراسة و البحث و الكشف.

عبدالصمد زيبار ـ البيضاء
في : 3 ـ 12 ـ 2010

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:53 AM
قراءة في قصيدة كف وإزميل



لست بناقدة ولا أنا ممن يجيدون النقد أو يعرفون حتى مصطلحاته، ولكني حين أقرأ الشعر أحسه وأعيشه وأغرق في قيعان معانيه لأتأمل من جماله، وبهذا الذي أمارس وجدتني هنا أمام قصيدة بهرني تفوقها، فكأنها أم القصائد التي قرأت منذ وعيت بهذا الجمع بين دفتيها لكل ما قرأته وما أعرفه عن ألق الشعر عبر عصوره منذ الشعر الجاهلي وصولا الى اللمسة الحداثية الملتزمة التي لا تعريه من عذوبة موسيقاه وأناقة خطوه على صفحة البحور الفراهيدية، بتفوق غير عادي وشاعرية جمعت كل أغراض الشعر العربي في قصيدة واحدة وبانسيابية غير معقولة، فقلت نقرأها معا ونتأمل هذا الجمال بروح الشاعر وحس الانسان بعيدا عن تعقيدات النقد التي نتركها لأهلها.

قصيدة من كل العصور
أزعم أني قرأت هنا زخما من جماليات الشعر في كل حرف وفي كل كلمة وفي كل تركيب، وكأنما تعمد الشاعر تضمينها ألقا يشهد بقدرته أو يحكي إمكاناته، فأودق الغزل وشعر الوجدان والفخر والهجاء والمديح والرثاء والدعاء ، وهطل بحالة فريدة في الشعر العربي في قصيدة يفوح منها عبق كل أزمنة الشعر العربي لفظا وتركيبا وصورا فأنت تحس بروح الشعر الجاهلي في بناء القصيدة ومعناها، حيث تتألق حكمة زهير بن أبي سلمى وصور امرئ القيس وسلاسة طرفة وسهولة انسياب معانيه وجمالية استهلال المعلقات تتجلى في جرس القصيدة متناغما مع مشهدها الافتتاحي، حيث يرتفع الستار عن الحبيبة موضوعا تدور في فلكه بواكير بوح الشاعر كما كانت الأطلال أو الحبيبة مشهدا افتتاحيا لشعراء فرشوا لنا درب القصيد قلائد متلألئة
أُفَـتِّـشُ الـشُّـهْـبَ عَـنْـهَا وَهْيَ غَـائِـبَـة = وَأَفْـرشُ القَلْـبَ مِنْـهَـا وَهْــيَ تَــأوِي لِــي

وتقرأ هنا ما يحاكي بل ويباري بهجائيته شعراء العصر الأموي ولربما بز جريرا والفرزدق في ذلك إذ تراه يمعن في مهجوه تقريعا دون أن يسقط في سفاسف، أو ينسب إليه شتم مباشر
أَطُاعِنُ الدَّهْرَ عَنْهُمْ كُلَّ نَابِيَةٍ = فَيَطْعَن القَومُ فِي فِعْلِي وَفِي قِيلِي
يَعِيبُ فِيَّ الحَسُودُ القَدْرَ مُمْتَعِضًا = كَمَا يَعِيبُ قَصِيرٌ فَارِعَ الطُّولِ
والفخر المستتر
هَـذَا الـزَّمَـانُ الــذِي يَشْـقَـى النَّبِـيـلُ بِـهِ = بِـالـطَّيِّـبَـاتِ وَيَـهْـنَـا ذُو الـعَـقَــابِـيلِ
أَكُـلَّمَـا غَـاظَ حُـسَّـادِي جَـنَـى رُطَـبِـي =رَمَــوا نَـخِـيـلِــي بِـتَـسْـفِيهٍ وَتَـسْـفِيـلِ

وتكاد تقرأ هنا العصر العباسي في رقة غزل أبي العتاهية وحكمتة وموعظتة ، وعقلانية أبي تمام ،وجزالة لفظ البحتري التي جمعت الفصاحة والسلاسة .
يَـا لَهْفَـةَ الـرُّوحِ طِـيـرِي حَيثُـمَـا رَحَـلَـتْ = فَـإِنْ بَلَغْـتِ مَـدَارَ الصَّفْـوِ فَاحْـكِـي لِــي
يَـا حَـبَّذَا سَـاعَةٌ أَغْـفُـو عَـلَـى يَـدِهَـا = وَالـرُّوحُ مَا بَينَ تَـدْلِـيــهٍ وَتَـدْلِـيـلِ
مُـرِّي عَلَـى خَاطِـرِي مَـرَّ النَّسِيمِ عَلَى =خَـدِّ الأَصِيلِ وَعُفْرَاتِ الـرَّآبِـيـلِ
****
هَـابِـيــلُ مَـاتَ وَلَـمْ يَــمْــدُدْ يَــدًا لأَخٍ = بِالسُّـوءِ لَــكِنَّنَا أَبْـنَاءُ قَــابِـيلِ
وَقَـــدْ عَـلِـمْـتَ بِـــأَنَّ الـعِــرْقَ نَـسْــلُ أَبٍ = فَكَيـفَ تَـأْمَـلُ مِنْـهُـمْ يَــا ابْــنَ مَقْـتُـولِ؟
****
عَــمَّ الـبَّـلاءُ فَـمَـا أَبْـقَـى الـمَــدَى سُـبُــلا = لِـلـعَـارِفِــيــنَ وَمَــا أَلْقَى بِمَدْلُولِ
تَـقُــودُنَــا أُمْـنِـيَـاتُ الـعَـجْــزِ شَــاحِـبَةً = إِلَـى غَدٍ خَـائِرِ الأَنْفَاسِ مَـجْـهُـولِ

وانظروا إلى هذا البيت الذي لا يقوله إلا من عاش في زمن زهير وامرئ القيس ..
مَـنْ يَنْشُـدُ الظَفْـرَ فِـي عَـرْجَـاءَ مُقْعِـيَـةٍ= وَيُنْشِبُ الظُفَـرَ فِـي النُّجْـبِ المَرَاسِيـلِ؟

:004:وفيها بساطة ووضوح الشعر الأندلسي وبعدها عن التعقيد والمحافظة على رقة وعذوبة الألفاظ والعبارات دون تفريط بالصنعة اللفظية فكأنك تقرأ بشار بن برد
مَـاذَا جَنَيـتُ مِــن التَّحْلِـيـقِ فِــي لُغَـتِـي = غَـيـرَ الجِنَـايَـةِ مِــنْ هِـطْــلٍ وَمَـطْـلُـولِ؟
يَنْسَـاقُ بِالحَـمْـدِ عُجْـبًـا كُــلُّ ذِي بَـطَـرٍ = وَيَشْـتَـرِي الـمَـدْحُ بَخْـسًـا كُــلَّ مَـخْـتُـولِ

بل وفيها تشكيل من مدارس العصر الحديث كلها
من صور شعرية مبتكرة
مُرِّي عَلَى خَاطِرِي مَرَّ النَّسِيمِ عَلَى =خَدِّ الأَصِيلِ وَعُفْرَاتِ الرَّآبِيلِ

وانزياحات رشيقة غير مجحفة بمعنى المفردة
حَتَّامَ أَعصرُ أَيامِي مُكَابدَةً = وَأَحْتَسِيهَا بِتَسْوِيفٍ وَتَسْوِيلِ؟
لمن أغني؟ فَرَاشَاتُ المُنَى احْتَرَقَتْ = وَحَطَّمَ اللَيلُ أَنْوَارِي وَقِنْدِيلِي

ومع أن شاعرنا ليس حداثيا بالمعنى المتداول للمصطلح، غير أنه رائد تحديث مثابر وحريص في الوقت ذاته على الأطر التي تحمي الشعر من الخروج على جنسه وأصوله ونكهته المحببة على مر العصور، ومن هنا جاءت هذه المعلقة زاخرة بالإبهار والابتكار تأتلق بانزياحات وتقابلات وصور شعرية غير تقليدية دون خروج ولو محدود على وضوح المعنى وترابط الفكرة وموسيقى المفردة وانسجام جرس القصيدة وحسها.

قصيدة باهرة فيها خطوط من الشعر متباينة ، فما تعملق بجزالة اللفظ ومتانته وفخامة الأسلوب فحاكى أبي عمرو الشيباني وابن الأعرابي وأبي عبيدة، وما ترقق لفظا وتيسر معنى فحاكى ابن هانئ وما اعتمد الطرافة في المعنى بلفظ مستعذب رصين يحاكي الفرزدق والجاحظ
************************************************** ****************

البناء العام للقصيدة
كعادتة فرش شاعرنا ساح القصيد بتراكيب وألفاظ مبتكرة رائعة السبك تباهي في دنيا الحرف برشاقتها وتميزها لغة ونحوا، وتطرب الذائقة لانتظامها في تلاعب جرس موسيقي وجدته غير مسبوق بتفاوت إيقاع القصيدة وتبدل جرسها بتبدل الفكرة والمشاعر بين بيت وآخر، وتناغم مذهل في الانتقال من فكرة لأخرى دون إخلال بسبك ولا ضعف في انسجام المفردات والجمل الشعرية، بما يشهد بتميز القدرة الشعرية للكاتب وتمكنه من توظيف مبهر لمفردته وتشكيلاته اللفظية.

فلو سألت لمن مجد الحياة لمن = فَخْرُ الأُبَاةِ؟ لَقَالَ الحُمْقُ: لِي لِي لِي

فيا لجمال هذا التركيب وهذا الترديد كبلبل غريد في قوله الذي لا أحسبه مسبوقا "لي لي لي" وفيه ما فيه من تأثير على مستوى النغم والجرس الموسيقي ولكن فيه ما فيه على مستوى رسم الصورة التامة لكل تصرف أحمق وكل نفس تسارع في التفاخر بما ليست له أهل وتسارع في الطعن بمن هم أهل تقدير وتكريم كأنهم يحسبون أن القول يكفي أو أن القدح يرفع وهذا يذكرني بقول شاعرنا العمري في قصيدة قرأتها ولا أتذكر اسمعها يقول:
أتظنُّ طعنَكَ في الجَليلِ عليكَ يرفعُ من جَلالِكَ؟

ثم لننظر إلى قوله المبهر هنا
وَإِنَّهَا لَو أَدَامَتْ حَثَّ خُطْوَتِهَا = أَحْيَتْ كَلِيلَ الخُطَى فِي سَاقِ مَشْلُولِ
أَمْ جُلَّنَارٌ سَقَانِي الطُّهْرَ نَشْـرَ فَمٍ = فَأَنْبَتَ الشُّكْرَ فِي وُجْدَانِ مَذْهُولِ؟
سنلاحظ أنها خرجت بمهارة حافظت على التوازن البنائي ووحدة الموضوع في قصيدة شمل مضمونها محاور شتى حظي كل منها بمساحة من النص تكفي لإفراده بقصيدة مستقلة، وكعادة الشاعر ظل مغدقا على عباراته الشعرية فيضا من المحسنات البديعية لا يبلغه بذلك الزخم غير شاعر يمسك في كف حَرْفه خِزامة أنف القصيد باحتراف، وبها رسم لنا أخيلة وصورا نقلتنا في البيت الواحد من فضاء لآخر ، نتأمل مشاهد انسانية يحلق فيها الحس عاليا لينهمر ودقا يتغلغل في الأرواح ويرسم لها خطوط تفاعل مع نص القصيدة وحسها.


يَا أَنْتِ مَا أَنْتِ؟ إِلا أَنْ تَكُونَ أَتَتْ = مِنْ عَالَمِ الغَيبِ فِي وَحْيِ القَنَادِيلِ
أَمَا هَلَكْتَ شَهِيدَ العَفْوِ مِنْ ظَمَأٍ = وَأَنْتَ تَنْضَحُ صَبْرًا بِالـغَرَابِيلِ؟
أما ألفاظ القصيدة ومفرداتها فشهادة بمعجم لفظي ثري ومردود لغوي مبهر رفد الشاعر بزخم من المفردات الأدبية السامقة حشدها في مطولة يعز في مثلها هذا النجاح بتجنب الألفاظ المبتذلة والملحونة، وجاءت الألفاظ ساحرة بدلالاتها وعمق معانيها، وبرغم حمولتها الكبيرة من ألم وعتاب بل وغضب استوجب تقاربا ومشاكلة وائتلافا في تخير المفردات وتحري انزياحات معانيها، فلم يفقد هذا النص الفاره التناسب مركبا يحمل مفرداته الى منازلها، والتناسب كما نعلم من أجمل المقاييس الجمالية في فن الادب
مُرِّي عَلَى خَاطِرِي مَرَّ النَّسِيمِ عَلَى =خَدِّ الأَصِيلِ وَعُفْرَاتِ الرَّآبِيلِ
لِمَنْ أُغَنِّي وَفِي عَينِ المَدَى غَلَسٌ = وَفِي المَرَايَا عَرَايَا فِي السَّرَاوِيلِ؟

هنا ، في كف وإزميل تغوص في تفاصيل حسية وملامح خيبة وألم وخذلان تكاد لوضوح الصورة تحياها معايشة ، وتحملك المفردة بدلالاتها وحسن توظيفها في بيان قسوة التجربة وحدة الجرح الذي أحدثت لاستشعار ألمه وكأن الطعنة نالت من خاصرتك أنت، فتقرأ تطبيق مقولة شيخنا الإمام عبد القاهر الجرجاني بأن اللفظ خادم للمعنى، حيث زخم من المعاني والأفكار والمشاعر الجياشة تمور عبر أبيات القصيدة /المطولة ولا تجد في مفردة منها لفظا يحيد عن المعنى أو يجنح لتفاسير وتأويلات مغايرة.

ولعل من حشو القول أن نعود للحديث عن التمكن اللغوي للشاعر في معلقة حوت أحس البلاغة من اتساق البناء واعتدال الوزن واشتقاقات اللفظ وتألقت فيها المحسنات البديعية والصور البلاغية التي اتسعت فضاءات خيال الشاعر في رسمها وتشكيلها فجاءت لوحات فنية مميزة، والانزياحات السلسة التي اجتنبت الإجحاف بأصول المعاني فجاءت منسابة مقبولة كماء الغدير
بِقَلْبٍ بِمَاءِ الطُّهْرِ مَغْسُولِ
طَرْفٍ بِصِدْقِ العَهْدِ مَكْحُولِ
فَإِنْ بَلَغْتِ مَدَارَ الصَّفْوِ
بَوْحُ أَقَاحٍ فِي مَيَاسِمِهَا
فَزَمِّلِينِي إِذَا اهْتَاجَ الأَذَى حَرَضًا
تَأْكُلُ الخُبْزَ مِنْ شِعْرِي وَتَنْقُرُنِي

**************************************************

سمو المعاني وهدف الرسالة
هنا تعرف معنى أن يكون للشعر رسالة تأثيرية يهدف الشاعر من خلالها لصوغ معالم جديدة لمجتمعه وأمته، معالم يرتقي فيها الحس وتسمو القيم النبيلة ويتعلم المرء فن كبح جماح شياطين أثرته وحرصه، فهو ينهمر في قالب من العتاب بوصف معالم الخير والنبل منسوبا لنفسه لوما على النقيض
فيصف علاقته بالقوم من حوله
أَطُاعِنُ الدَّهْرَ عَنْهُمْ كُلَّ نَابِيَةٍ ....
وَأَسْتَحِثُّ إِلَى العَلْيَاءِ هِمَّتَهُمْ ....

ويصف الموقف الصحيح من الصديق والشكل السوي للعلاقة معه
وَكُنْتُ فِيكَ بِلا عَينٍ وَلا أُذُنٍ =عِنْدَ الوُشَاةِ وَلَكِنْ عِنْدَ تَعْوِيلِ

ويعيب سوء الخصال من نميمة وغيبة وعجز وتواكل
وَقُلْتَ: قَالَ وَقَالَتْ ، لا عَدِمْتُ أَخِي = مَا ذَاكَ إِلا لِرَبَّاتِ الخَلاخِيلِ
تَقُودُنَا أُمْنِيَاتُ العَجْزِ شَاحِبَةً = إِلى غدٍ خائِـرِ الأَنفَاسِ مـجْهُولِ

ويعيد حسن الخلق في كل أمر لالتزام تعليم الاسلام دينا ونمط حياة
بَعْضٌ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ طَوْعَ شَهْوَتِهِ = إِلا الذِينِ اتَّقُوا فِي هَدْيِ تَنْزِيلِ
مَا مِنْ وَفَاءٍ وَلا خِلٍّ وَلا مِقَةٍ = إِلا بِبَرٍّ بِحَبْلِ اللهِ مَوصُولِ

واستشهاد عبقري بسورة الفيل
فَـإِنْ أَتَـيتَ تَـجْدْ صَفْحًـا بِلا عَـتَبٍ = وَإِنْ أَبَـيتَ فَـرَتِّـلْ سُـورَةَ الـفِـيلِ
حيث يوائم مضمون سورة الفيل مقصودالرسالة هنا بما ينطوي عليه أصلا من نصح وعظة وتوجيه جعل في التوكأ عليها يوصل بصورة منصفة وواضحة تقريعا لمن أبى واستكبر
وبيت واحد من الشعر يوجز صفحات وصفحات تحكي قصة مد يد مبسوطة بالفضل، ومهيئة لمزيد من الخذلان، بصدر حمل تشخيصا لملامح الخلق القويم للكرام بالعفو والصفح دون إيذاء، وعجز اتخذ من المنهج الرباني في النصح والترفع سبيلا ثابتا لا يميد ولا يحيد

وبذكاء وتميز جمع الشاعر بين نمطين لبداية الشعر عند الأقدمين هما بث شكواه والبوح بهواه متغزلا بالحبيبة، فإذا بالقصيدة التي ختمت رسالتها بالاستعانة بالله لما يلاقي الشاعر من خذلان وتضييع حق من الأهل والأخ والصديق، قد بدأت أصلا بنفس الحس وهو الشكوى/ العتاب من ثقل الحبيبة وأثرتها
أَبْكِي اشْتِيَاقًا إِليهَا وَهْيَ تَبكِي لِي = وَأَشْتَكِي مِنْ أَذَى الدُّنْيَا وَتَشْكُو لِي
فالحبيبة هنا وبرغم ما أغدق عليها الشاعر من صفات صنعها الحب ونطق بها التحبب، كانت في حقيقتها شبيهة بالصاحب الذي خذل وظلم، فهي أنانية تحكمها أثرة وذاتية اهتمام حدا يشقيه ويؤلمه
نَاشَدْتُكِ اللهَ لا تُشْقِـي الذِي اقْتَرَفَتْ = فِيهِ الخَطَايَا ضَلالاتُ التَّمَاثِيلِ

**************************************************

نظرة عامة
وفي العودة على القصيدة مرة ومرة، تتأكد لك قيمة الفكرة الأدبية الراقية بأن الشعر ليس مجرد "غزو انفعالي لحواس القارئ"، فهو آلية لغزو العقول والأفكار وإعادة لقراءة القيم واستقراء ثقلها في المجتمع وأثرها على الوعي الاجتماعي والممارسة الانسانية، وهو بالتالي أداة للتأثير فيها وإعادة صياغتها وتشريبها للفكر الانساني للارتقاء بالفرد والأمة، ومن هنا تجد بأن وعي الذات لدى الشاعر جاء مؤطرا بوعي الواقع العام لمحيطه، على كافة المحاور التي تحكم هذا المحيط ثقافيا واجتماعيا وتاريخيا ودينيا، وترى في القصيدة رسالة تغيير واضحة يضع الشاعر فيها ذاته على مشرحة التوصيف، لبث صور شعرية تخلق في داخل القارئ ذاتا أخرى مستنسخة من وحي القصيدة، تعيد على مسامع روحه انفعالاتها ومضامينها، وتتعهدها في أعماق تلك الروح غرسة إصلاح فتجادله بوحي منها في شأنه، تعيب العيب وتدعو لمعاني الخير والحق والجمال وتنجز أولى خطوات التغيير المنشود
وحين يتكامل هذا الوعي الانساني والبعد الرسالي السامي مع قدرات شعرية محلقة عاليا في سماء الابداع والتمكن، يكون الهطول الإعجازي لمطولة تباري ولعلها تبز أروع ما كتب الشعراء على امتداد عصور الشعر ...
وأزعم بيقيني أن هذا لا يفعله إلا شاعر العرب.

نداء غريب صبري
30-05-2012, 02:57 AM
ترجمة قصيدة كف وإزميل



Palm & Chisel


I cry longing to her and she weeps for me
And I grumble to her about the grievance of life,
and she complains to me
I search the stars for her and she is absent
And I spread out my heart for her, and she lodges at me
I would not aspire to the intimate discourse of her cordiality
But to a heart purified with water of chastity
and sincerity of sentiment by which time becomes serene
And whispering of eyes whose lids darkened by true promise kohl
Alas! O Spirit fly wherever she parted,
if you reach the orbit of purity,
Then tell me how nice if only I , for an hour,
Could slumber at her hand
And the Spirit between caressing and coddling
adapts harmony if the book of speech is tranquil
By an alphabet of infinite hymns
with which life boasts of the secret of its bliss,
and in her dew you behold her as a bestowing palm
And if she keep up mending her step
she is to revive the feeble strides in a leg paralyzed
O You, what are you? Only that you belong
to the world of the unseen in the revelation of lamps


Or emanation of musk kneaded with the fragrance of roses?
Or a pomegranate blossom quenching my thirst
With purity spreading at the mouth
So it grew gratitude in astounded sentiment?
pass at my mind just like that of breeze
at the cheek of twilight and the dust of lions is
your soft smile to which I take shelter
Away from the coldness of January or the heat of September
I implore to God do not distress for whom was committed
Sins the delusions of statues
how long would I endure squashing my days in suffering
And I drink them by procrastination and delaying?
Age is becoming fifty and have not seen
the meaning of pleasure and have never been safe from pain
so cover me if harm got agitated by incite
then sharpen in my heart every blunt
I'm the stranger who birds of the earth reject me
feathers are not mine, nor colors appeal to me
They eat the bread of my hair and peck me
And wear silk of my pot and shun at me
here I am, I have advanced in years and my hope bent
I turn over time but I have not found my generation
I've devoted all my life as a hard-working palm
and led most of the time a life down in the dumps
I keep stabbing time for them against every crisis
and people slander my deeds and my words
And I urge to the heavens their impetus
They rise for questioning and formation of
destiny disgraces the envious in dismay
as a short person disparages a tall one
And they censure my skies and wings
and I have never known a tolerant person blameless
if I smile, they say: in deceit
if I frown, they say: pure pretense
If I dream, they say: This is out of fright
if I tolerate, they say: rancorous disposition
for you I planted but they plucked out my trees
how many times I asked, but they did not answer my request
How many times I rose with determination, but they did not rise How many times I called and they stretched a cowardly palm
This is the time in which the noble grieves
The delicacies while the one who has only leftovers rejoices
whenever my enviers get furious, my dates ripen
They threw my palm trees with insolence and vulgarity
Do they blame the one I complain to my rhyme?
Then where can I get an unshackled heart?
My poetry is of manna and honey for those with hunger
And the poetry of others is of cucumber and beans
None refutes it but those who have purposes
Or the bitterness of a self envious unbearable
To whom do I sing? Butterflies of hopes got burnt
And night shattered my lights and lamp
To whom do I sing and in the eye of the distance lies darkness
And in the mirrors are the nude in pants?
To whom do I sing and the pipe of poetry in my lips
About to weep because of echo of folksongs
Is it for beauty? Didn't beauty melt on
the tongue of my letters giving out honey?
Is it for imagination? Was imagination but
Some creativity that my spirit whispered to my Jebril
Is it for struggle? My letters rebelled in dignity
Till they were organized as soldiers in uniforms
Is it for the country? I have composed them with my blood
In the heart page in the cheek of handkerchiefs
Is it for guidance? My poetry is wisdom that rained
My reason albumen of deities' eggs
Is it for cordiality? I made of love a song
Among hearts whispering to each chaste
What have I gained out of flying in my language
but felony of the wolf and hammering?
By praise every ungrateful person is drifted in
wonder
And every arrogant buys extolment cheaply
I warned myself so it abstained every dubious
Of language and got bored of soft speaking
I do not consider poetry in pride of its composer
Except through reason, morals and originality
We belong to a nation whose maximum ends
Are the luck of souls and spread of rumors
and the claim of every chatterer is that he is a king
And the excuse of every arrogant is through obstructions
If you ask: to whom belongs the glory of life, to whom belongs
the pride of the lofty? The fools would say: to me, to me, to me
Calamity spread, so the distance maintained no paths
For the knowing nor brought a guide
Pale ineptitude wishes lead us
To an out of breath mysterious tomorrow
And the country of ignorance degrades everyone with morals
Of the noble and elevate every inferior
Why do you tolerate the worry of people in heart
while you have whatever you suffer of slander and torture?
Didn't arrogance exceeded limits and they deceived themselves?
Then why do you lament for cowardly people?
Of the impossible there are tales that it narrates
Or have you taken an example
of the Order of the Phoenix and the Ghouls?
Or did you perish as an amnesty martyr due to thirst
and while you exude patience by sieves?
Abel died yet he did not extend a hand to a brother
in bad faith but we are the sons of Cain
I have learnt that the race is descendants of father
so how come you have expectations you the son of a murdered?
Some are to each other foes, compliant to their desires
except for these who fear God in the guiding revelation
there is no fidelity, amity, nor sincerity
except through righteousness by a united rope of God
O you a companion that the self elevated to a rank
on top of dignity with reverence and preference
I am still showing my sincerity on a tray
till I got jaded while my sincerity is not tired
I have erected in you indestructible minarets
of fidelity with sublime wreaths
I have waded into the seas of blamers and I did not
get flooded by rain nor did I shine by enticement
And I was with you without an eye or ear
in the company of gossipers, but with reliance
And I used whenever my soul was visited by a thought
to draw you with the most splendorous details
I peered from the balcony of memories and look at
what was in our yesterday of responsible pledge
as I do not recall except that in the eyes was
shed the tears of encounter with welcoming and kissing
And an invisible voice from a lover before his minor pilgrimage
and the dilemma of the wedding and smiles in the Nile
so why when you saw maliciousness taking me by surprise
you got up following a he who is false and hypocrite
you have been the first person I needed his support
you were the first to seek stabbing me
who seeks triumph in a lame crippled
and thrust the nail in the noble messengers?
You say he backbites me in evil before the whole world
And my vengeance will disbelieve in the Gospels
since I am innocent of their hearsay
And you allegation is but delusion of incitement to evil
And you said: he said and she said
I pray to God that you don't die my brother
this is doesn't belong except to women with anklets
men of reason protest that judging is by evidence
And not by doubt or interpretation
by God I haven't betrayed guidance on purpose
and I have never considered you but among jesters
And you said: "stab so as to protect rights
and will rights be defended by injustice?
O you whose view is that justice is flawless
When guidance is revealed after mislead
If eyes whose lids darkened with Kohl strayed you from guidance
How would you expect getting guidance from cross eyes?
passion of souls is humiliation and grievance is arrogance
And the wisdom of one lies in reason and justification
think not that blaming the heart is a fault
Reproach is a counterbalance of measures
So if you repent, you'll find forgiveness with no reproof
And if you decline, then recite Surat Al-Feel
O mercy of God, would it be relief after grief
So that we won't be misguided by the whispering of every insane
if anguish prevails, there is no one but You to have mercy on us
so confer upon us an effective command
And guide hearts to refrain from sins and do not
to tempt the hearts of mankind by gossip
I still dream and I won't abandon my dream
till I see good deeds curing all the sick
And I will have a good opinion of the honorable so that
If the advocate is rare to attain,
then suffecient are my palm and my chisel

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:03 AM
مقارنة بين لوعة البين ونونية إبم زيدون


المُعارضة الشعرية فنٌ قديم لجأ الكتاب إليه كأُسلوبٍ يعرض من خلاله الشاعر قدرته و مهارته الشعرية، والمُعارضة لغةً من الجذر عرض بمعنى ظهر، و(عارضه) سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. و(عارض) الكتاب بالكتاب: قابله. وقد جاء في معجم (لسان العرب) أن (المعارضة) هي المحاذاة.

وهي (اصطلاحا) أن يقوم شاعر بنظم قصيدة على غرار أخى كتبها شاعر آخر ، محاكياً القصيدة الأولى وزناً و موضوعاً و قافيةً في محاولةٍ لمُحاكاة النص الأول و التفوق عليه, و بالتالي فإن هناك نموذجاً أمام الكاتب المُعارض ليُحاكيه و يقتدي به بل مُحاولاً تجاوزه و التفوق عليه .

قامَ العديد من الشعراء بكتابة المُعارضات على مر العصور لكن هناك مُعارضات نالت شُهرةً أكبر من غيرها فكانت محط الأنظار و الاهتمام , من أشهر المُعارضات في العصر الجاهلي معارضة بين امرؤ القيس و علقمة بن عبد فقد احتكما الى أم جندب (زوجة امرؤ القيس)إذ قام كل منهما بكتابة قصيدةٍ يصف فيها فرسه بحيث تكون القصيدتان على رويٍ واحدٍ و قافيةٍ واحدة , كان حكم أم جندب أن علقمة أشعر من امرئ القيس فكان ذلك سبب طلاقها منه و زواجها من علقمة المُلقب بالفحل .
لكن المُعارضات بلغت أهميةً كبيرة في الشعر الأندلسي , لقد قام الكتاب و الشعراء في الأندلس بمُحاكاة كُتاب و شعراء الشرق قام محمد بن عبد ربه في كتابه "العقد الفريد"بمُحاكاة كتاب ابن قتيبة "عيون الأخبار " , و عارض أبو بكر الأشبوني رائية أبي فراس الحمداني و غيرها الكثير من المُعارضات . و من الأمثلة الحديثة على ذلك الفن ما قام به أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته "نهج البُردة التي تُحاكي قصيدة البوصيري "البُردة " .


" لوعة البين" للأمير الدكتور سمير العمري قصيدة كُتبت مُعارضةً لقصيدة بحتري المغرب ابن زيدون الشهيرة " أضْحَى التّنائي بَديلاً عنْ تَدانِينَا" التي تعرف أيضاً بنونية ابن زيدون , تُعد قصيدة ابن زيدون من أشهر القصائد التي تعرض حال الألم الذي يُعانيه المُحب جراء فقد و غياب من أحب , فهو قد كتبها يصف فيها حاله بعد فراق حبيبته ولادة بنت المستكفي , جاءت قصيدة الأمير مُعارضة لها تحمل القافية نفسها و الموضوع ذاته لكن بأُسلوبٍ رائعٍ مُباغتٍ ذكي فلم تكن فقط مُحاكاةً فقط و إنما تفوقت على قصيدة ابن زيدون في نقاطٍ سيتم توضحها في القراءة .


"لوعة البين " اللوعة لُغةً حُرقة القلب للحزن، والهوى والوجد؛ يقال: " في قلبه لوعة " أي: أسى وحزن. ولاعَه الحبُّ: أمرضه، ولوَّعه , أما البين فهو الفُرقة , نجد عبارة لوعة تصورُ الحالة الوجدانية للمُحب و شدة ألمه , لأنها كلمة رقيقة تُناسب دفئ مشاعر المُحب و قوة حبه و مرارة الفقد التي عاناها لغياب المحبوب و بُعده عنه , رقة الكلمة "لوعة " تُضاعف ألم الفقد و تنقل الصورةَ بشكلٍ دقيقٍ للقارئ , أثر الفراق ليس عادياً على ذلك المُحب الذي يُعاني اللوعة و يُقاسي مرارتها و بالتالي فإن عرض الصورة الداخلية للمُحب بدأ من العنوان و لم يكن فقط في الأبيات و هذا مما يزيد تفاعل القارئ مع ما عاناه المُحب .


"أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا " عنوان يصف تبدل الحال و تغيره من القُرب إلى البُعد و التنائي لكنه لا يُصور الحالة الوجدانية أو الألم الذي يعيشه المُحب و لم يعرض عاطفته وما يجول بداخله و إنما كان تلميحاً لما بداخله و ليس عرضاً صريحاً .



أَعَــادَكِ الـعِـيْـدُ أَمْ عَـــادَتْ عَـوَادِيْـنَـا***أَمِ اسْتَعَـادَتْ مِــنَ الـذِّكْـرَى دَوَاعِيْـنَـا
أَمْ جَـدَّكِ الوَجْـدُ يَـا نَفْـسًـا أَذْوُبُ بِـهَـا***أَمْ أَوْهَــنَ القَـلْـبَ مَــا أَفْـشَـتْ مَآقِيْـنَـا


تبدأ قصيدة "لوعة البين " بتبيان داعي التذكُر و الحسرة , فالعيد مُناسبةٌ سارة لها طابعٌ يحمل السعادة لاجتماع الأحباب و المُتقاربين فيه لكنه لمن عاش لوعة الفراق سبب حسرةٍ و ألم , الحديث عن العيد لا يتضمن أن المُحب لا يذكر محبوبه في الأيام العادية لكنه يواسي نفسه فهي أيامٌ لا تحمل شيئاً خاصاً يستدعي وجود المحبوب أما العيد فإنه لا يكون كذلك إلا بوجود المحبوب , وجوده يحول الأيام العادية إلى أعيادٍ و أفراح و غيابه يجعل العيد بائساً , فالعيد زاد من حزنه و حرقته ,فيكون لسانُ حال المُحب

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ***بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ***فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ

يصور حبه لها فهو يذوب فيها حُباً , وهذه أرق صور الحب عندما يغيب المحبوب و يتلاشى و يذوب في كيان محبوبه وكأنه لا يكون إلا إذا كان محبوبه , قلبه أصابه الضعف و هو ضعفٌ لرقةِ ذلك القلب , جادت عيناهُ دمعاً حارقاً لفراق ذلك الحبيب فرق قلبه , دموع عينه باحت بسره و أفشته و أعلنت عن حبه و حرقته .


*

أضحى التنائي بديلاً من َتدانينا***ونابَ عن طيبِ لقيانا تجافينا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا***حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا


يصف ابن زيدون حال البُعدِ الذي حل بينه و بين ولادة بنت المُستكفي بعد أن كان حالهما القُرب ,تغير الحال و تبدل , و كأن خبر الرحيل و الفراق كان نعوةً لعهدهما الذي مضى حينَ كانا سعيدين ينعمان بالقُربِ , كان فراقها بمثابة موته و نهاية سعادته .



أَشْجَاكِ مِـنْ مُهْجَتِـي نَجْـوَىً أُرَدِّدُهَـا***شِعْـرَاً يَفِيْـضُ بِغَـيْـرِ السَّـعْـدِ تَلْحِيْـنَـا
فَـصِـرْتِ لِـلأَلَــمِ المَـكْـتُـوْبِ مُـدْمِـنَـةً***وَصِـرْتِ بِالأَمَـلِ المَكْـذُوْبِ تُغْرِيْـنَـا


دموعُ عينه جعلت لسانه يفيضُ شِعراً حزين النغم , كان شعره مُناجاةً لها , كلمة " نجوى " كلمةٌ رقيقةٌ تصور رقة الخطابِ و تلطفهِ و قُربه من روحه , تصفُ حُباً روحياً راقياً و الحب أو التعلق الروحي من أسمى حالات الحُبِ و أرقاها , و معنى نجوى إظهار ما في القلب من أسرار وعواطف، السرّ. "نَجْوَى النَّفْسِ" : حَدِيثُهَا، أَيْ مَا يُوَجِّهُهُ الْمَرْءُ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى نَفْسِهِ, نقول ناجى العبد ربه دلالةً على قربه منه و شدة حبهِ له فالمُناجاة لا تكون إلا من قلبٍ مُحبٍ مُقبلٍ بصدقٍ على محبوبه , و كلمة مُهجتي و تعنى الرُّوح، النَّفْس, الدم، القلب، دم القلب، الروح. ومهجةُ كل شيء أحسنُه وخالصه, فالكلماتُ المُستخدمة رقيقةٌ جداً تدلُ على شدة القُربِ الروحي و القلبي حتى وإن كان البُعد الماديُ كبيراً و شاسعاً فإنه لم يُقلل من وهج هذا الحب بل زاده , استخدام تلك الكلمات رفع مكانة حبه فهو تعلقٌ روحيٌ سامٍ و ليس فقط تعلقاً مادياً .



مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ،*** حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا*** أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا


خبر رحيلهم كان سبباً في حزنه و امتد أثره ليكون سبباً في حُزن الدهر أيضاً على انقضاء زمان الوصل و الود , كاد الحُزن أن يكون سبب هلاكه و مرضه , فها هو الزمان يتغيرُ و يتبدل فبعد أن كان يؤنسه بقربها كان هو ذاته سبب شقائه لبُعدها عنه فكان الزمن المُضحكُ المُبكي .



قَـدْ كَـانَ عَهْـدٌ مِـنَ الفِـرْدَوْسِ نَفْحَـتُـهُ***بِأُمْسِيات كَسَوْنَـا سَـمْـتَـهَـا لِـيْـنَــا
وَأُمْـنِـيَـاتٍ بَــتُــوْلٍ مِــــنْ سُـلافَـتِـهَـا***نَسْقِـي الرَّجَـاءَ بِكَـأْسٍ مِـنْ تَصَافِيْنَـا


كان زمان الوصل بمثابة الفردوس لهما لشدة سعادتهما و أُنسهما في حال القُربِ , فاكتست هيئةُ أيامهما ليناً مُتناسيان قسوة ما حولهما , وصف أُمنياته لطهارتها بأنها بتولٌ و قرن بين لفظِ بتول و سُلاف و هي الخمر أو من الشئ خالصه فكان ذلك مما يدلُ نقائها بالرغم مما قد يُحيطُ بها من كدر فكان ربط هاتان الكلمتان سويةً سبباً يُعزز الصور و يُقويها لأن ربط و مُقارنة الشئ بنقيضه تزيد من وضوح الفارق , كان يرجو أن يدوم حالهما على ما هو عليه من تصافٍ و قُرب لكن رجائه لم يتحقق.



غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا*** بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛*** وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا،*** فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم،*** هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا


حسدهم العاذل و شعر بالغيظ لرؤيتهما في هذا الحالِ من الصفاء و الود فتمنى زوال هذا الحالِ عنهما فكان الزمن مُلبياً لتلك الرغبة و مؤمناً على ذلك الدعاء فانقلب الحال , بعد اتصال نفسهما انحل ذلك الاتصال و تفرقا, انقضى زمان الوصل و حل زمان البُعد فأصبح أمل اللقاء ضعيفاً , و نال عاذلهم و مَن حسدهم ما تنمى و حل الفراق بينهما .



فَتَسْبَحُ الـرُّوْحُ نَشْـوَى وَالهَـوَى ثَمِـلٌ***وَيَقْطِـفُ القَلْـبُ بِالـشَّـوْقِ الرَّيَاحِيْـنَـا
لَكَـمْ سُقِيْنَـا بِــدَارِ السَّـعْـدِ هَـمْـسَ فَــمٍ***وَاليَـوْمَ يَسْكُـنُ جَـفْـنَ العَـيْـنِ سَاقِيْـنَـا

حالٌ من السعادة جعل روحه تُحلق بانتشاءٍ و فرح, و كان قلبه يجني ورود تلك السعادة , صورٌ رقيقةٌ مُعبرةٌ تعكس حال السعادة و الطهر الذي كان يحيطهما , العبارات و الصور تُعزز فكرة التعلقِ الروحي و تُقويها لتزداد رسوخاً , اكتسب المكان صفةَ دار السُعد لأنهما التقيا فيه حيثُ كان حديثهما همساً و مُناجاةً بصوتٍ هادئٍ رقيق لشدة الوجد و الحب , لكن عينه اليوم لا تتوقف عن البُكاء تحسُراً و ألماً لما آل إليه حالهما .



لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ*** رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ*** بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه،*** وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا

رغم البُعد و الفراق إلا أنه بقيَ على العهدِ وفياً مُخلصاً , فكان الوفاء دينه و مذهبه , كان وفاؤه موجباً لبقاء محبوبته كان فراقها موجباً لشماتة حاسده و سبب سرور مُبغِضِه , تسلل اليأسُ إلى نفسه فلم يعُد يأمل أن يعود زمان الوصل فينعمَ بقُربِ محبوبته من جديد .



وَكَــمْ قَطَفْـنَـا نَـوَاصِــي كُـــلَّ دَانِـيَــةٍ***مِــــنَ الــغَــرَامِ وَضَـمَّـتْـنَـا أَمَـانِـيْـنَـا
الـزَّهْـرُ بَسْمَتُـنَـا وَالـطَـيْـرُ هَمْسَـتُـنَـا***وَالصَمتُ رَبْوَتُـنَـا وَالشِّـعْـرُ وَادِيْـنَـا
وَرَوْضَةُ الطُّهْرِ فِي أَسْمَى مَشَاعِرِنَا***كَطَلْعَةِ الفَـجْـرِ فِــي أَدْجَــى لَيَالِـيْـنَـا


كانت أُمنياتهم بدوام حال الوصل تُحيطهم و تضمهم , يستظلون بظلها من هجير الحياةِ من حولهم , شاركتهم أرق المخلوقاتِ سعادتهم فكانت بسمتهم زهراً يتفتح على شفاههم فتُشرق وجوههم بابتسامةِ الرضى و السعادة , ينقلُ رسول الحبِ همساتهم وما من رسولٍ للمُحبين أرق ولا أرهف من الطير ,فهو يُحلق حاملاً رسائلهم و أشواقهم, كان كلامهم همساً و صمتهم ربوةٌ مُرتفعة و كأن ارتفاعها مكاناً دليلٌ على رفعتها و رُقي قدر ذلك الصمت فهو أرقى من الكلام و أبلغ حيثُ يكون كلامُ العيون أبلغ فبعض أحساسينا يظلمها الكلام و لا يفيها حقها و مما يُؤكد فكرة رفعة قدر الصمت قوله "الشعر وادينا" كلنا ندرك روعة الشعر و بلاغته في إيصال المشاعر و جماله كأسلوبٍ يُحمله الشاعر ما وقر في قلبه لكنه بالرغم من قدرته على صياغة الشعر يجدُ الصمت أفصح و أرقى , بحيث يكون الصمت أطهرَ و أنقى , يسطع الطهرُ في سمائهما ليجلو عتمة ما حولهما .



بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا*** شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا،*** يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حالتْ لفقدِكمُ أيامُنا فغدتْ***سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا
إذْ جانبُ العيشِ طلْقٌ من تألّفنا***ومربعُ اللّهوِ صافٍ منْ تصافينا


يصفُ حال بكائه الدائم و جفاف جوانحه فهي لم تبتل بالماء الذي هو علامةُ الحياة و كأن جوارحه قد ماتت عطشاً , و الماء هنا هو الوصلُ و اللقاء , يستخدم هنا ابن زيدون كلمة مُناجاة أيضاً لتصوير رقةِ الخطاب و رُقيه , و تزداد روعة الخطاب عندما يقرن المُناجاةَ بالضمير حيثُ يكون شعوره الذي يُخفيه فلا يظهر إلا للخاصة , لكنه لشدة حزنه يكاد يهلك لولا أملُ اللقاء الذي يُصبرُ نفسه به , تحولت أيامُهُ كئيبةً و تبدلت لياليه فأصبحت سوداء بعد أن كان وجودها معه يُكسبُ ليلَه حُلةً بيضاء فلوجودها يتغير الليل و يُصبح أبيضاً مُنيراً , كانت أيامهم هنيئةً رائقةً صافية لصفاء حالهما و اتفاقهما فتغير الحال بعد الفراق من النقيض إلى النقيض , هذا التغيرُ في عالمه و ما يُحيطُ به ما هو إلا تصويرٌ لما حل بداخله فهي كانت تُنيرُ قلبه و روحه و بعد فراقها و غيابها كست الظُلمةُ و الكدر روحه و قلبه .



فِيْهَـا رَسَمْتُـكِ أَحْلامَـاً أَطُــوْفُ بِـهَـا***بَـيْـنَ النُّـجُـوْمِ بِنَـجْـوَى مِــنْ قَوَافِيْـنَـا
أَبُـثُّـهَـا الـشَّــوْقَ لا تَـخْـبُـوْ لَـوَاعِـجُـهُ***وَأَنْثُر الأُفْــقَ عِـطْـرًا مِــنْ مَعَانِيْـنَـا
أَعَانِـقُ الفَجْـرَ فِــي عَيْنَـيْـكِ مُبْتَسِـمًـا***وَأَلْثِمُ الـزَّهْـرَ فِــي خَـدَّيْـكِ وَالتِّـيْـنَـا


صورةُ رائعةٌ عذبةٌ لتلك المحبوبة ففي عينيها تكمن شمس الصباح و في خديها زهورٌ نضرة , رسمها كالحلمِ في رقته حملها يطوف بها عالياً في سمائه , كتبها شعراً رقيقاً يعبق بأريجٍ انتشر في كل ما يُحيطُ بهما .



وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ***قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما*** كنتم لأروَاحِنَا إلاّ رَياحينَا
لا تَحْسَـبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا***أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً***مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا


كان الوصل يُظلهما فيجنيان منه سعادةً و هناءً , يتذكر ما مضى من وصلٍ مُتحسراً لانقضائه , المُحبُ لا يرضى بغير محبوبه بديلاً و إن فاقه غيره حُسناً و جمالاً و ذكاءً , المُحب يُمثلُ لمحبوبه جمال الحياةِ و صفائها , كانت لروحه رياحينها و ورودها التي تنشر في حياته عبقاً و شذاً يُهون عليه مرارة الأيام و يُروح عنه , بالرغم من البُعد و الفقدِ إلا أنه ما زالَ على العهد مُحباً مُخلصاً لم يرضَ بغير حبيبته و لم يُبدلها.



يتبع

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:06 AM
تتمة المقارنة بين لوعة البين ونونية أبم زيدون



وَأَعْـصُــرُ الـوَجْــدَ آهَــــاتٍ مُـعَـتَّـقَـةً***وَأَمْــ أُ الـكَـأْسَ مِـمَّـا أَوْدَعَــتْ فِـيْـنَـا
يَا رَاحَةَ النَّفْسِ إِنْ ضَاقَـتْ بِنَـا سُبُـلٌ***وَمُتْـعَـةَ القَـلْـبِ فِــي أَقْـصَـى تَدَانِيْـنَـا
لَـقَـدْ تَـصَـرَّمَ حُـلْــوُ الـعَـيْـشِ بَـعْـدُكُـمُ***وَكَـانَ مِنْـكُـمْ كَـفَـافُ العَـيْـشِ يَكْفِيْـنَـا
وَكُنْـتُ فِـي اللُـجَّـةِ الـزَّرْقَـاءَ مَرْكَـبَـةً***تَــأْوِي إِلَـيْـكِ وَقَــدْ شَـطَّـتْ مَرَافِيْـنَـا


نعود لذكرياتها لنقتات فُتاتها علها تُصبرنا و تُعيننا , فها هو يعصر الذكريات عصراً ليُخرج كل ما فيها من وجدٍ و عاطفة, كانت هدوء نفسه راحتها و سكنها , كانت ملاذ روحه عندما تشتد خطوبُ الحياةِ من حوله و كأنها كانت زورق النجاةِ الذي يحميه و مرفأ روحه و شاطئها ,هي مُتعة قلبه , لكن الحال تغير فبعد طيب العيش و السرور بالقُرب و عطاء الحبيب و إن قل حلَ زمانُ الجدب و القحط , لم يعد يجدُ ذلك الشاطئ و لا ذلك الملاذ .



يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به***مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسـألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا***إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّـبَا بلّغْ تحيّتَنا***مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة***مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا


يطلبُ من البرق أن يذهبَ إليها , استعان بالبرقِ لقلةِ صبره فالبرقُ سيذهبُ إليها بسرعةٍ تُناسبُ شوقه و شدة اشتياقه لها , سأله أن يعرف فيما إذا كانت تذكره , و حمل النسيم الرقيق العذب تحتاً و سلاماً مُتأملاً أن يعودَ النسيمُ مُحملاً منها بالسلام ,يقول ابن الزقاق البلنسي
أما غير الخيال لنا لقاء *** أما غير النسيم لنا رسول
هذا السلامُ بالرغم من البُعد كفيلٌ بأن يروي ظمأ روحه و يُعيد له حياته , في البُعدِ هو أشبهُ بالميت يتأملُ أن يأتيهِ منها ما يُحيه و لو كان قليلاً , يتساءل فيما إذا أسعفه الدهرُ بالوصال فيُعيدُ لهما شيئاً من ألقِ ما مضى من أيام .




يَا نَفْسُ لا تَعْذِلِي المَلْهُوْفَ مِنْ شَرَقٍ***فَالشَّـرْقُ مَطْلَعُـهَـا وَالـغَـرْبُ يُغْوِيْـنَـا
أَلا وَقَـدْ غَـابَ عَـنْ عَيْنَيْـكِ مَبْسَمُـهَـا***فَلَيْـسَ إِلا الدُّجَـى فِــي عَـيْـنِ نَاعِيْـنَـا
وَلَـيْـسَ إِلا الــذِي قَــدْ أَنْـهَـكَـتْ يَـــدُهُ***قَلْـبًـا يَـــذُوْبُ أَسَـــىً لَـــوْلا تَأَسِـيْـنَـا


تعذله نفسه و تلومه لشدة حزنه و أساه عليها فكيف يتأسى و هو يُعاني غُصةَ و مرارة الفقد , "مهلا أفي وجد بسلمى تعذلاني؟" اللوم لا يثنيه و لايُغير حاله , يقول ابن زريق :
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ***قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
روحه مُمزقة , يحنُ للشرق إلى أصالته لكن الغرب ببريقه يجذبه , يصور الصراعُ الذي يدور بداخله فيزدادُ حجم ألمه , لم يَعد بإمكانه رؤية وجهها , رؤيتها تُعيد له الحياة و غيابها عنه يُمثل موته, لغيابها ذاب قلبهُ حُزناً لكنه يؤمله باللقاء فيحيى على ذلك الأمل .




رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأ***مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجه***مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ***تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته***بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ***زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَ
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً***وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟



يتغنى ابن زيدون بجمال محبوبته و يصف علو مكانتها و رفعتها فهي ليست كباقي البشر , البشر خُلقوا من طين أما هي فإنها قد خُلقت من مسكٍ و توجت بالتبر , يصفُ جمالها و رقتها و لينها إذا انثنت , و كأن الشمس قد أرضعتها و لكنها لعلو مكانتها لم تظهرحتى للشمس إلى نادراً , خداها منبتُ زهورٍ رائعة , يرى أنه أقل منها مكانةً لكن ذلك لا يمنعهما من أن يكونا سوياً فالمحبةُ تكفى ليتساوى قدرُهما .



يَا لَوْعَةَ البَيْـنِ هَـلا غِبْـتِ عَـنْ أُفُقِـي***غِـلْـتِ الـفُــؤَادَ وَقَـطَّـعْـتِ الشَّرَايِـيْـنَـا
جَفَّتْ سَوَاقِي عُيُوْنِ الوَجْـدِ وَاحْتَقَنَـتْ***عَـيْـنُ الغَـمَـامِ وَمَــا جَـفَّـتْ سَوَاقِـيْـنَـا
وَهَـزَّتِ الخَافِـقَ الأَشْـوَاقُ فَارْتَجَفَـتْ***مِـنْــهُ الـضُّـلُـوْعُ وَجَافَـتْـنَـا بَـوَاقِـيْـنَـا


يُخاطب اللوعةَ و كأنها إنسان يسمعُ ويعي يطلبُ منها أن تغيب عن أُفقه علَ شمس عودتها تُشرقُ في عالمه من جديد , ألم الفراق و لوعته أنهكت قلبه و جسده , جفت الغيوم و ما زالت عيناهُ تبكيانها رغم الجفاف , تهتزُ جوانحه لذكراها و كأنه عصفورٌ مذبوح تنتفض أطرافه عند ذبحه , صورةٌ تعرض شدة ألمه و قساوة ما يُعانيه .



يا روضة طالما أجنت لواحظنا***وردا، جلاه الصبا غضا، ونسرينا
ويا حياة تملينا، بزهرتها،***منى ضروبا، ولذات أفانينا
ويا نعيما خطرنا، من غضارته،***في وشي نعمى، سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة،***وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة***فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا



يُنادي ابن زيدون محبوبته بالروضة و الحياة ليصورَ مدى أهميتها في حياته و ما يعنيه وجودها في حياته من نعيمٍ و سعادة, فهي الروضة التي أظلته و منحته أجمل الأزهار و أرقها , هي تنفردُ عن غيرها في تلك الصفات لا يُدانيها أحدٌ قَدراً و منزلةُ .



كُنَّـا وَكَـانَـتْ لَـنَـا الأَسْـبَـابُ سَانِـحَـةً***وَاليَـوْمَ نَرْجُـوْ اللِقَـا وَالوَصْـلُ قَالِيْنَـا
كَــأَنَّ بَـاسِـمَ أَيَّـامِــي وَقَـــدْ عَـبَـسَـتْ***وَجْـهُ المَنُـوْنِ بِثَـغْـرِ الـيَـأْسِ يُشْقِيْـنَـا
مَنْ عَاَش فِي أَمَلٍ عَاشَـتْ مُشَعْشِعَـةً***فِـيْـهِ الحَـيَـاةُ وَأَوْفَــى العَـهْـدَ وَالدِّيْـنَـا


يعود للتحسُرِ على ما مضى من ودٍ و قُربٍ و ما آل له الحال من بُعدٍ و أملٍ ضئيلٍ في اللقاء و الاجتماع من جديد , كانت حياته سعيدةً هانئةً لكنها عبست و قطبت الجبين , مَن يحيى على أملِ اللقاء بعثَ فيه الأملُ طاقةً تُعينه على مواجهة الحياة ,طاقةً تُمكنه من الوفاء بما قطع من عهودٍ .



يا جنة الخلد أبدلنا، بسدرتها ***والكوثر العذب، زقوما وغسلينا
كأننا لم نبت، والوصل ثالثنا،***والسعد قد غض من أجفان واشينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم ***في موقف الحشر نلقاكم وتلقونا



حسرةُ الفقد حولت الكوثر و العنب إلى الزقوم و الغسلين , هذه الأطعمة و الأشربة تدل على الجنة و النار فالكوثر و العنب من طعام الجنة بينما الزقوم و الغسلين طعام أهل النار لكنه لم يستخدم كلمة الجنة و كلمة النار صريحتان و إنما أورد ما يدلُ عليهما , لو ذكرهما مُباشرة لكانت الصورة أضعفُ مما هي عليه لأنه انتقلَ من الجنةِ إلى النار دون ذكرِ تفاصيلٍ توضحُ المعاناة و تزيدُ من قسوة الانتقال , بعدَ انتقاله و شدة ما قاساه بدى و كأنهُ لم ينعم بقربها و لم يعش يوماً هانئاً , يعودُ ليواسي نفسه و يُصبرها راجياً لقائها في الآخرةِ إن لم يلقها في الدُنيا , هذا حالُ العشق لا ييئس من اللقاء حتى و إن استحال فإن لم يكن في الدنيا كان في الآخرة فيكون لقاءا راقياً حيثُ تلتقي الأرواح عند بارئها .




وَمَنْ تَمَطَّى عَلَى خَرْجِ القُنُوْطِ قَضَى***وَأَصْـبَـحَ التِّـبْـرُ فِــي أَحْـزَانِـهِ طِيْـنَـا
سَـقَـى المُهَيْـمِـنُ أَيَّـامًـا بِـكُـمْ أَنُـسَــتْ***وَلَـيْـسَ تَـعْـرِفُ أُنْـسًـا فِــي تَجَافِيْـنَـا
لَئِنْ قَضَـى الدَّهْـرُ قَسْـرًا فِـي تَشَتُّتِنَـا***فَنُـوْرِك المُقْتَـدَى فِـي القَـلْـبِ يَهْدِيْـنَـا


من طال يأسهُ و قنوطه تحول الذهب عنده إلى طينٍ لا يُساوي شيئاً فيفقدُ قيمة الحياة و بهجتها , المُتأملُ يعيشُ على أملِ اللقاء على أمل أن يسمعَ خبراً يُعيد الحياة لروحه و قلبه من جديد , رغم انقضاء أيام اجتماعهما و مُضيها إلا أنها ما زالت حيةً في قلبه و ذاكرته و عاطفته , حتى و إن كان القدرُ قد حكم بالفراق و البُعد فإن النور الذي غرستهُ في قلبه سيبقى مضيئاً و هادياً يقتدي به لكي لا يضلَ عن طريقه .



سران في الخاطر الظلماء يكتمنا،***حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
لا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت***عنه النهى، وتركنا الصبر ناسينا
إنا قرأنا الأسى، يوم النوى، سورا***مكتوبة، وأخذنا الصبر تلقينا
أما هواك، فلم نعدل بمنهله***شربا وإن كان يروينا فيظمينا


يكتم حبه و شوقه لها بداخله و كأن جوفه الظالم و لسانه الذي يكادُ يُفشي السر نور الصباح التي تجلو الظلام و تمحوه , قد نُهي عن الحُزن و أُمر بالصبرِ و التأسي لكن فراقها كان أقوى من الصبر فهو سورٌ مكتوبةٌ يدوم أثرها و يبقى بينما كان الصبرُ مما تعلمهُ تلقيناً من غيره فيكف يكون الصبرُ أقوى من الحزن الذي يوجدُ له أثرٌ مادي "مكتوب " قد ظهر على جوارحه و جسده لما أصابه من وهنٍ و تعب و سقم , كان هواها منهلاً يشربُ منه ماء الحياة لكنه لم يروي عطشه , يقول الحلاج " يا نسيم الريح قولي للرشا لم يزدني الوردُ إلا عطشا" .



وَاللهِ مَـا انْصَرَفَـتْ عَنْكُـمْ ضَمَائِرُنَـا***يَـوْمًـا وَلا رَغِـبَــتْ عَـنْـكُـمْ أَمَانِـيْـنَـا
مَـا كُـلُّ مَـنْ فَـارَقَ الأَحْبَـابَ مُفْتَـرِقٌ***بَعْـضُ الفِـرَاقِ يَزِيْـدُ الـحُـبَّ تَمْكِيْـنَا


يؤكد الشاعر وفائه و بقائه على العهد فعاطفته لم تتغير ما زال مُحباً مُخلصاً لها بالرغم من البُعد , قد يكون البُعدُ سبباً في زيادة قوة الحب و تمكنيه في القلوب , فغيابها عن عينه لا يعني غيابها عن قلبه و فكره .


لم نجف أفق جمال أنت كوكبه ***سالين عنه، ولم نهجره قالينا
ولا اختيارا تجنبناه عن كثب،***لكن عدتنا على كره، عوادينا
نأسى عليك إذا حثت، مشعشعة***فينا الشمول، وغنانا مغنينا
لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا***سيما ارتياح، ولا الأوتار تلهينا


ينفي ابن زيدون أن يكون قد نسيَ محبوبته أو هجرها مُتجنباً رؤيتها لكن الحياة أكرهتهُ و أجبرته على ذلك , فقد وصفها بأُفق الجمال إي أن عالمه و حياته من دونها لا جمال فيها و كيف له أن يختار غيابها بإرادته , لم يشغله عنها شاغل و لم تُلهيه عنها مُتعُ الحياة و زينتها فكلُ شئٍ يُذكرهُ بها .



لَيْتَ التِي أُوْدِعَـتْ رُوْحِـي تَـرِقُّ لَهَـا***وَلَيْتَـهَـا مِــنْ لَـذِيْـذِ الـوَصْـلِ تُحْيِـيْـنَـا
وَلَيْـتَ أَنَّــا وَمَــا أَبْـقَـى الـزَّمَـانُ بِـنَـا***نَـعُـوْدُ نَـمْـرَحُ صَـفْـوًا فِــي رَوَابِيْـنَـا
هُنَـاكَ حَيْـثُ رُبُــوْعِ الأَهْــلِ عَابِـقَـةٌ***بِكُـلِّ صِـرْفٍ مِــنَ التَّحْـنَـانِ يُنْشِيْـنَـا


استجداءٌ للمحبوبة علها ترق له و ترأف بحاله فتُعيدُ له روحه و تُحيه فتسقيه من ماء اللقاء بعد أن جفت حياته , عل زمان الوصل يعودُ فيمرحان و تصفو الحياة , فيكون اللقاء في الوطن حيثُ الحنان و الدفئ و تنتشي روحه و تُحلق في سماء السعادة, لا يكون الدفئُ و الحنان و العاطفةُ الصادقة إلا في موطنه و بين أهله .



دومي على العهد، ما دمنا، محافظة***فالحر من دان إنصافا كما دينا
فما استعضنا خليلا منك يحبسنا***ولا استفدنا حبيبا عنك يثنينا
ولو صبا نحونا، من علو مطلعه،***بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا

يطلبُ منها ابن زيدون أن تبقى على عهدها و أن لا تترضي غيرهُ حبيباً تهواه , فتكون بذلك قد عاملته بالمثل له لأنه لم يرتضِ غيرها حبيبةً و لم ينشغل عنها بغيرها مهما علة مكانة غيرها و بلغت قدراً عالياً من السمو فإنه لن يرضى بغيرها .



نُعَاقِـرُ الـرُّوْحَ حِيْنَـاً مِـنْ غَضَارَتِهَـا***مِــنَ القُـلُـوْبِ وَنَسْـقِـي وُدَّهَــا حِـيْـنَـا
لَــوْلا تَـعَـلُّـلِ مُـشْـتَـاقٍ لَـمَــا خَـفَـقَـتْ***فِي القَلْبِ مِـنْ خَفْقَـةٍ بِالشَّـوْقِ تُرْدِيْنَـا


تُداوم روحه أن تشرب و تقتات من غضارة العيش و طيبه فيما مضى مع محبوبته في زمان الوصل , فلولا تصبره و تأسيه و أمله باللقاء لتوقف خفقان قلبه, شوقه لها يكادُ يقتله لشدة خفقان قلبه كلما تذكرها و اشتاق لها .




أبكي وفاء، وإن لم تبذلي صلة،***فالطيف يقنعنا، والذكر يكفينا
وفي الجواب متاع، إن شفعت به***بيض الأيادي، التي مازلت تولينا
عليك منا سلام الله ما بقيت***صبابة بك نخفيها، فتخفينا


يختتم ابن زيدون قصيدتها بعرض صورته باكياً علها ترأفُ لحاله , فهو قد رضيَ منها بالقليل , طيفها يُقنعهُ و ذكرها له يكفيه ,فإن تكرمت و بعثت له جواباً كان ذلك سبب إمتاع روحه و سعادته , و يُنهي خطابه لها بأن اقرأها السلام من الله ما بقيَ حُبها مُستقراً في قلبه و ما بقيت صبابتهُ محفوظةً في قلبه يُخفيها عن الناس لكنها قد تكون سبب هلاكه و سقمه . الخاتمةُ قدمت صورةً غايةً في الرقة لعاشقٍ شقيَ و تعذب .



إِنِّــي أَمُــوْتُ بِـهَـذَا البَـيْـنِ فَاجْتَـهِـدِي***أَنْ لا أَمُــوْتَ بَعِـيْـدًا عَــنْ أَرَاضِيْـنَـا
لا زِلْتِ أَنْتِ شَذَى الأَنْفَاسِ فِـي مِقَـةٍ***وَلا يَــزَالُ لَــكِ الإِحْـســاسُ يُدْنِـيـنَـا
حَبِيْـبَـةً بِالْحَـنِـيـنِ الـعَــذْبِ تَسْكُـنُـنِـي***وَفِــي الـشِّـغَـافِ أَنَـادِيْـهَـا فِلِسْطِـيْـنَـا



يُناجيها مُستجدياً أن تجتهد ليلقاها فالهجرُ و البعد قد أضنيا روحه , تُرعبهُ فكرة موته بعيداً عن وطنه , ابن زيدون قد رضي بالقليل منها لكن الصورة هنا كانت أروع , بأن تمنى منها فقط أن تحوي رفاته ميتاً , قد رضيَ منها بالوصل و إن عاد لها و قد فارقتهُ روحه , فهي ما زالت الهواء العليل الذي يُحييه و ما زالَ إحساسه و شوقه لها يُقربانه منها مهما بعدت المسافةُ بينهما , هي التي تسكنُ حنايا روحه و تُقيمُ في شغاف القلب إنها فلسطين ..................... هُنا كانت الروعة بعينها عشنا في جو نصٍ غايةٍ في الرقةِ و الجمال , نصٌ يُقدم أروعَ ما يُمكن أن يكون عليه حال العاشق الذي فارق محبوبته, لكنه فاق النص الأصلي روعةً عندما باغتنا بعد كل تلك الصور العشقية بأن المحبوبة هي فلسطين .


تهدفُ المُعارضة كما تمت الإشارةُ سابقاً إلى مُحاكاة نصٍ شعري وزناً و قافيةً و موضوعاً في مُحاولةٍ للتفوق على النص الأصلي , تحقق الهدفُ في هذه المُعارضة و بلغ درجة التفوق بأن كانت النهايةُ غير مُتوقعةٍ مُباغتةً قالبةً المقاييس ليُعيدَ القارئُ تأملَ النصِ من جديد بعد أن اتضحت الرؤية و اكتملت فيقفُ مُستكشفاً التلميح الذي احتوته القصيدة , قد تحدثَ عن صراعه بين الشرق و الغرب فتكتمل الرؤيا و الفهم بعد أن يُكمل القارئُ القصيدة "فَالشَّـرْقُ مَطْلَعُـهَـا وَالـغَـرْبُ يُغْوِيْـنَـا"


و استخدامه للتين في قوله :
وَأَلْـثِـمُ الـزَّهْـرَ فِــي خَـدَّيْـكِ وَالتِّـيْـنَـا , من المعروف أن التين من أهم الأشجار التي تشتهرُ بها فلسطين , النور الذي تحدث عنه اكسبها قُدسيةً و أضاف هالةً نورانية و كأنه دليلٌ على المكانة الدينية لفلسطين و القدس تحديداً :
نُـوْرِكِ المُقْتَـدَى فِـي القَـلْـبِ يَهْدِيْـنَـا
ثم حديثُه عن ربوع الأهل و حنانهم في قوله :
هُنَـاكَ حَيْـثُ رُبُــوْعِ الأَهْــلِ عَابِـقَـةٌ***بِكُـلِّ صِـرْفٍ مِــنَ التَّحْـنَـانِ يُنْشِيْـنَـا
كان ذلك تلميحاً يدلُ على هوية المحبوبة فأتت آخر كلمة في آخر بيت لتضع النقاط على الحروف و تُعلنها صريحةً بأن المحبوبة الرائعة هي فلسطين , محبوبةٌ لا تُشببها محبوبةٌ لا قدراً و لا مكانةً و لاقيمةً و لا يوازي غيابها و البعد عنها أي جُرح , فراق المحبوبة لا يوازي فراق الوطن و ضياع الحب لا يوازي ضياع الوطن ,بداحُزنُ ابن زيدون و ألمه أمامها ضئيلاً صغيراً و كان التفوق كله هنا .

bodyبناء القصيدة
ولعل مما يزيد من روعة "لوعة البين"و يجدر الإشارة إليه هنا قوة بنائها و روعته , حيث جاءت الألفاظ و العبارات مُناسبةً لموسيقى القصيدة و للوزن الشعري , وعمل هذا التناسق على تعزيز المعنى , وقد قرن الشاعر بين الماضي و الحاضر بطريقةٍ توضح المُفارقة بين ما مضى و ما هو كائنٌ حالياً ,و بين جمال الطبيعة و روعتها و جمال محبوبته
وبالنظر إلى النص الأصلي لابن زيدون نرى بوضوح تغنيه بالطبيعة في إشارة إلى محبوبته و قد أشار الدكتور ناصر الدين الأسد إلى هذه الحيثية بقوله “إنّ إحساس ابن زيدون بالطبيعة كان جزءاً من إحساسه العام بالجمال ممزوجاً بإحساسه بالمرأة وشعوره بها, ومن ذوب هذه الأحاسيس صاغ شعره في الغزل والتشوّق والتذكر... فهو لا ينظر إلى الطبيعة بعين عقله ولا بعين خياله ليتصيد الأوصاف والتشبيهات... وإنما هو شاعر فنان يستجيب لدواعي نفسه ولأحاسيسه الداخلية ومشاعره الخاصة الذاتية... ومن هنا جاء شعوره بالطبيعة مبثوثاً في ثنايا شعره الذي يعبر فيه عن ذوب عاطفته"
و قال الدكتور إحصان عباس "وقد بلغ ولعهم بالطبيعة والاستعانة بها في أغراضهم الشعرية حداً يصعب معه على القارئ أن يدري إذا كان الشعراء يتحدثون عن الطبيعة أم كانت الطبيعة تتحدث عنهم لفرط ما تغلغلت في نفوسهم ولكثرة ما وصفوا من مناظرها"
لقد تفوق ابن زيدون برسم صورٍ رائعة للطبيعة و توظيفها كرمزٍ في نصوصه ففاق غيره من شعراء الأندلس بذلك ولم يكن وصفه للطبيعة يتعلق فقط بالشكل الخارجي و إنما وظف ذلك لكي يُشير به إلى العاطفة الداخلية ولم يقتصر وجود الطبيعة في قصيدته على كونها موقعاً فقط و إنما كانت مُتفاعلةً مع ما حدث و مُتأثرةً به
بالمقابل كانت لوعة البين تحاكى قصيدة ابن زيدون في النقاط السابقة , لكن التفوق كان عندما يكتشفُ القارئ أن الصور تلك كانت فعلاً للطبيعة و الوطن و بذلك يكون النص قد ضاعف الصور، فقد حمل القارئ في البداية على رسم صورة المحبوبة من خلال صور الطبيعة التي تم استخدامها وتم لاحقاً إعادة رسم الصورة بتحويلها من صورةِ امرأة إلى صورة وطن .
الصور البيانية كانت صادقةً مُعبرة , بحيث أن القارئ لا يشعر أن النص مُتكلف أو أن بعض المٌفردات تم إقحامها في النص خضوعا للقافية أو ليستقيم الوزن الشعري ويُناسب النص الأصلي لابن زيدون, و إنما كانت كل مُفردةٍ في مكانها المُناسب دون تصنعٌ أو افتعال للعاطفة , الألفاظ ناسبت موسيقى القصيدة و أكسبتها رقةً و عذوبة , الصور امتازت بسعة الخيال حيث تمت الإشارة إلى الود و الهناء و طيب العيش من خلال تصوير تلك الفترة بأرق الصور و أعذبها فاستخدم مثلاً "الفردوس و الروضة " ليُشير إلى تلك الفترة , شبه محبوبته بالمركب الذي يحميه من لُجة البحر و أهواله ,استخدام هذه العبارات و الصور عزز من قوة بناء القصيدة ,
أدت التراكيب البنائية في القصيدة دوراً في إيضاح البنية المعنوية للنص و حافظت القصيدة على الوحدة العنصرية .


تضمن القصيدة أساليب بديعية وظفت بذكاءٍ في النص ,مثلاً تم استخدام اسلوب الطباق في قوله "
وَأُمْـنِـيَـاتٍ بَــتُــوْلٍ مِــــنْ سُـلافَـتِـهَـا" وصف أُمنياته لطهارتها بأنها بتولٌ و قرن بين لفظِ بتول و سُلاف و هي الخمر أو من الشئ خالصه فكان ذلك مما يدلُ نقائها بالرغم مما قد يُحيطُ بها من كدر فكان ربط هاتان الكلمتان سويةً سبباً يُعزز الصور و يُقويها لأن ربط و مُقارنة الشئ بنقيضه تزيد من وضوح الفارق.باكتمال روعة البناء و قوته و تفوقه تكتمل روعة القصيدة و تفوقها .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:07 AM
سمير العمري
التشكيل بالصمت والصوت



سمير العمري: التشكيل بالصمت والصوت
د . رمضان الحضري.


إِنَاؤُكَ مِنْ قَمْحِ الفَجِيعَةِ قَدْ أَجْفَى=وَمَاؤُكَ مِنْ قرْحِ الوَجِيعَةِ قَدْ جَفَّا
وَوَجْدُكَ مِنْ رِيحِ الذَّرِيعَةِ جَمْرَةٌ=وَغَيثُكَ مِنْ رُوحِ الشَّرِيعَةِ قَدْ أَطْفَا


هذه مقدمة الربيع في قصيدة الشاعر سمير العمري والمعنونة ب "برزخ الحفظ " وتحاول الدراسة استجلاء النص من جهتين :
الأولى: - التشكيل بالعوامل اللفظية المكونة للصوت في النص الشعري وذلك من خلال تناول النص بنظرية أدبية عربية جديدة هي نظرية العلاقة النصية وتشرف الدراسة بتناول نص شاعرنا العربي الكبير سمير العمري من هذا المنظور التجديدي.
الثانية: - التشكيل بالصمت وهذا ما تحرص الدراسة على تقديمه كتقنية خاصة بنصوص العمري.

ويأتي حرص الدارس على تناول نصوص العمري لأسباب عدة أهمها أن العمري صاحب موقف محدد في المجتمع العربي فهناك مناطق مقدسة في حياته وفي أرضه لا تقبل المناقشة ولا المفاوضة ولا المراهنة ، ومن هذا الاتجاه ينطلق أدبه وفنه وخاصة شعره فالعمري لا تخلو قصيدة من الهم الفلسطيني ولا تمر مناسبة دون إبراز هويته العربية وعرضها أمام غير العرب في أسى الصورة القائمة وظلام يخرج فيه يده فلا يكاد يراها ، وانشغاله بالعرب مجتمعا ونصوصا. كل هذا جعله يقف في منطقة التماس بين الفعل والعمل فإذا قال فعليه أن يفعل لأنه يؤمن أن القول لا يصح بدون فعل والفعل لا يصح بدون نية وفكر والنية والفكر لا تصح بدون اتباع لمنهج صحيح وهذا ما جعله يحرص على إسلامه قبل عروبته وعلى عروبته قبل أرضه وعلى أرضه قبل ذاته.

وقد كان سبقني الأديب المبدع محمد الشحات محمد في تناول هذا النص وهو صاحب فكر مقدم فهو صاحب الجنس الأدبي الجديد القصة الشاعرة وقد رأى في النص رؤى متعددة جميعها هامة وان كانت قد لجأت للنقد القديم في تناول النص وبيان الجماليات فيه ؛ فمثلا أبرز كيف يمكننا عرض الاحتمالات غير المعدودة في تناولنا للعنوان والمفردات والصور جاءت دراسة الشحات للنص محللة القيم المؤكدة لإبداع العمري في خطابه الشعري المتميز.

وتجيء دراستي لتتبني موقفا مغايرا وليس مخالفا حيث سأحول كشف النص بعرضه على النظرية الأدبية العربية الجديدة حيث الكلمة واللفظ عامل نصي وحيث الجملة متوالية نصية وحيث الإيقاع الموجي ينظم شبكة العلاقات الموسيقية داخل النص الشعري لن أبحث على المعنى لأنه سيصبح درسا للشرح يقترب من اللغة اكثر من النقد ولن أبحث في المبنى لأنه سيصبح درسا فى الصرف والنحو أكثر من النقد سأحاول أن يكون النص أدبيا شعريا فالعمل النصي يأتي محددا بارعة زوايا والحدد بأربعة زوايا لا يقبل التأويل كثيرا لأن العامل سيصبح موجها. واللفظ سهم صائب يخرج من بين زواياه الأربعة ليبلغ هدفا معينا ويمكن الرجوع لرباعية الكلمة في الدراسة المنشورة حول القصة الشاعرة في هذا الملتقى فحينما يعنون العمري نصه ببرزخ الحفظ فالبرزخ منطقة فاصلة بين ماض ومستقبل فالكلمة محددة هنا زمنيا كما أنها محددة حدثيا بين أفعال سابقة وأفعال منتظرة ومحددة مكانيا بمواقع الحدث أما ما يمكن ان نتفهمه من هذه المحدودية فهو طلب الانتقال من الحالة الواقعية الراهنة والآنية الى الحالة الممكنة والمطلوبة فالشاعر يقول إننا في منطقة مكانية ولحظة زمنية وفعل حدثي وأرى ان نخرج من الزمان والمكان والحدث وطلبه تغيير الزمان والمكان والحدث إنما هو طلب المستقبل الصحيح أما كلمة الحفظ فهو يقصد بها عدم التهاوي لأكثر من ذلك أو التهافت في مقاصد مغرضة ومفاهيم مشوشة.

من هذا الفهم يأتي نصه متناولا عوامل نصية تحرص على التعالق بينها بشكل كمن يلحم الحديد فالبيت الأول يشير الى الأزمنة الثلاثة زمن كان رغدا والقمح علامة وزمن البرزخ وقد أجفى الاناء وزمن ينتظره وهو المستقبل المأمول والعلاقة بين العوامل النصية فالأساس قمح والماء والغيث علاقة تلازم وعلاقة الماء والقمح علاقة سببية وعلاقة القمح والماء بالوجد علاقات نتيجة ، وعلاقة الماء والقمح والوجد بالشريعة علاقات هدف إذ إن نزول الغيث بالماء على الأرض يخرج خيرها من القمح وغيره فيحدث الشبع والري ، فيطمئن الوجدان ، فيعبد الناس ربهم مطمئنين ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. فالخوف والجوع يثيران الحفيظة والشبع والأمن يريحان الوجدان ويمنح الله عباده الطعام والأمان لكي يعبدوه سبحانه وتعالى ولله المثل الأعلى وله الثناء الحسن والشكر الجميل. ويستخدم العمري فهمه للشريعة وللدين الاسلامي العظيم .. ليؤصل للمتواليات في النص الشعري فيستخدم ضمائر الخطاب ولفتنا إلى ضمائر الغياب وهو المتكلم فيحتمل النص ثلاثة أزمنة للضمائر كما تحمل ثلاثة أزمنة للحدث وللمكان وهذا ما يجعلني أرى أنه يعي ما يقول ويقول ما يعي إشارة الشاعر للقمح هي من قبيل الإشارة للأساس في العيش الماء والقمح وإشارته للوجد والعبادة هي إشارة للوعي بأن العبادة دون اتصال بالله تصبح عادة لا عبادة وأن العبادة لابد أن تشتمل على منتهى الذل ومنتهى المحبة ولكنها تكون لله فقط لا لغيره أبدا. وقد جاء البيت الثالث لينادي ربما يجد سامعا وهو يرى أن الناس في ظلمة فالساري هو من يسير ليلا والسرى السير ليلا ومنها قول مولانا جل في علاه سبحان الذي أسرى بعبده ليلا والاستدلال بالآية هنا إنما هو استدلال فلسطيني بحت فالعبادة بين المسجد الحرام في مكة والساري تجاه المسجد الأقصى في فلسطين يجعلك ترى أن العمري مهندس للعوامل اللفظية في نصه الشعري.

وحينما استخدم الشاعر بحر الطويل فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن تتك تك - تتك تك تك - تتك تك - تتك تتك في كل شطرة يمكنك أن تشعر بطبيعة الإيقاع الإصراري المتحجر الثائر الذي يحمل الجبال وينازعها البقاء وعند نطقك للعلامات الإيقاعية دون المفردات يمكنك الإحساس بكم الألم والضيق والإصرار على الاستمرار في التوجه مهما كانت المضايقات.
وتأتي المتواليات النصية في البيتين السابقين كعلامة فارقة في كتابة الشعر العربي بتشكيل جديد من خلال استخدام الأقمشة السابقة ويتضح الصوت في التشكيل كما يتضح الصمت أكثر وسوف أتناول في اللقاء القادم المتواليات والصمت في التشكيل إن شاء الله تعالى.

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:08 AM
قراءة في نص جئت ابحث عنك


جِئتُ أَبْحَثُ عَنْكِ " قراءة في نص الأمير الدكتور سمير العمري"
http://rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=24340

بوحُ ذاتٍ بلُغةٍ رقيقةٍ حساسةٍ فاض النص بالرقة والروعة و رهافة المشاعر و صدقها ، وقدم صورةً لعاشقٍ تمكن منه العشق فأصبح لا يرى لنفسه كياناً أو وجوداً إلا في وجود هذه المحبوبة "اشْتَقْتُ إِلَي نَفْسِي فَجِئْتُ أَبْحَثُ عَنْكِ".غيابها يُمثل غيابه و ضياع روحه و تشتتها . هي تُمثل الربيع لروحه وذاكرته " الذِكْرَى القَاحِلَةِ إِلا مِنْكِ".
حالةٌ من الحزن و الأسى تسكنه لغيابها عنه "وَأَنَا بِالحُزْنِ السَّادِرِ فِي ذُهُولِ الغِيَابِ لا زِلْتُ أُهَاجِرَ إِلَيكِ فِي مَوَاسِمِ المَشَاعِرِ عَبرَ الخَوَاطِرِ أَبْتَنِي بِالوَهْمِ فَنَارَاتِ أَمَلٍ فِي دَيْجُورِ البَينِ المُقْلِقِ" هو لا يرى غيرها موطناً و ملجأً يُداوي بها جراح غربته و حزنه وهي من عرفت كيف تصل إلى عمقه و تستقر فيه "عَرِفَتْ كَيفَ تَسْلكُ دَرْبَهَا سَرَبًا إِلَى حَيثُ مَوْطِن الوَجَعِ الدَّفِينِ".هي تسكنه و تستوطن روحه و قلبه , تجري منه مجرى الدم في العروق وهو ما يعكس شدة التعلق و القرب. روحه كانت غريبةً في جسده لغيابها عنه " ابْحَثُ عَنْ نَفْسِي فِي نَفْسِي فَأَجِدُهَا فِي الجَسَدِ غَرِيبَةً وَقَدْ أُسْكِنْتِ مَسَامَاتِهَا وَجَرَيتِ فِي خَلايَاهَا دَمًا زَكِيًّا وَأَقَمْتِ فِي المَآقِي صَرْحَ طَيفِكِ شَامِخًا وَسَكَبْتِ رَحِيقَ عِطْرِكِ حَائِمًا فِي القَلْبِ وَالرُّوحِ. وَأَجِدُنِي بِدُونِكِ أَلُوكُ مِنْ نَبَاتِ الشُّجُونِ صَابًا وَأَجْرَعُ مِنْ بَنَاتِ العُيُونِ صَبَابَةً مَسَافِرًا بِهَا إِلَيكِ فِي دُرُوبِ التِّيهِ وَبِيدِ الغُرْبَةِ لا رَاحِلَةً تُقِلُّ وَلا قَدَمًا تَكِلُّ وَلا نَجْمًا يَدِلُّ وَلا أَمَلًا يَملُّ وَلا يَأْسًا يَشُلُّ وَلا مَاءً يَعلُّ وَلا فَيْئًا يُقِيلُ. يتماهى المُحب في محبوبه فيُصبحان كياناً واحداً "كُنْتُ خَاصَمْتُ نَفْسِي يَومَ خَاصَمْتُكِ" لم يُخاصمها و إنما خاصم نفسه و هذا يصور شدة تعلقه و حبه لها .


لغةُ العاشق و رسوله كانتا عيناه حيثُ فضل الصمت على الكلام " ثُمَّ يَسْتَأْمِرُ العَينَ أَنْ تَكُونَ رَسُولَ شَوقٍ لِلقَمَرِ فِي طُقُوسٍ حَالِمَةٍ مِنْ أَبْجَدِيَّةِ الصَّمْتِ وَالصَّخَبِ. تِلْكَ هِيَ لُغَتِي الأَفْصَحُ وَالأَجْمَلُ فِي عَصْرِ زَخْرَفَةِ الحُرُوفِ وَابْتِذَالِ المَشَاعِرِ. أَجَلْ ، رغْمَ فَصِيحَاتِ الحُرُوفِ عَلَى لِسَانِ يَرَاعَتِي يَظَلُّ تَاَمُّلُ جَمَالَكِ فِي هَدْأَةِ الأَسْحَارِ لُغَتِي الأُولَى ، فَللِصَّمْتِ يَا بَهْجَةَ الرُّوحِ حَدِيثٌ هُوَ أَمْتَعُ مَا فِي الوُجُودِ". يقول ابن حزم الأندلسي في كتابه "طوق الحمامة" :و اعلم أن العين تنوب عن الرُسل و يُدرَك بها المُراد و الحواس الأربع أبوابٌ إلى القلب و منافذ نحو النفس و العين أبلغها و أصحها دلالة و أوعاها عملاً وهي رائد النفس الصادق و دليلها الهادي و مرآتها المجلوة التي بها تقف على الحقائق و تميز الصفات و تفهم المحسوسات . وقد قيل ليس المُخبِرُ كالمُعاين ."


محبوبته من طرازٍ خاص وصفه لها جعلنا نراها ذات طبيعةٍ مُذهلة فهي قد بلغت درجةً من النقاء والصفاء لدرجة انه رأى في مشاعرها انعكاساً لصورة القمر "أَتَأَمَّلُ صَفْحَةَ بَحْرِ مَشَاعِرِكِ تَعْكِسُ عَلَى وَجْهِ القَمَرِ فِي أَعْلَى الأُفُقِ نُورَهُ" و كأنه بحرٌ هادئٌ رقيق ترتسم فوق صفحته صورةٌ رائعةٌ للقمر .لكنه يقف حائراً مُشتتاً بين قلبٍ لا يتحمل بُعدها و بين عقلٍ مُكابر "تَقَلَّبُ فِي الحَيرَةِ الكَأْدَاءِ بَينَ إِقْدَامٍ يُمْلِيهِ قَلْبٌ جَعَلَ الحُنُوَّ أَرَبَهُ ، وَبَينَ إِحْجَامٍ يَكْتُبُهُ عَقْلٌ جَعَلَ الوَقَارَ مَطْلَبَهُ" يخشى انقضاء عمره قبل أن ينال فرحة اللقاء و ينعم بها "وَمَا أَعْسَرَ حَالَتِي بَيْنَهُمَا يَا مُنَى العُمْرِ المُسَافِرِ لِلمَغِيبِ" .

يستطردُ في ذكر صور صفائها و نقاء روحها "نَقِيَّةٌ أَنْتِ كَمَا أَنْتِ ، مَا يَكَادُ يَشُوبُكِ كَدَرُ عَتَبٍ حَتَّى يَجْلُو بِلَورَ قَلْبِكِ الدُّرِّيُّ نُورُ صَفَاءِ وُدِّكِ وَخُيُوطُ نَقَاءِ سَجِيَّتِكِ وَأَخْلاقٌ شَفَّافَةٌ تَنْسجُكِ فَرِيدَةً فَكَأَنَّكِ مِنْ عَجِينَةِ الشَّمْسِ جُبِلْتِ ، وَمِنْ مَاءِ الكَوثَرِ سُكِبْتِ ، وَقَامَتْ فِيكِ الرُّوحُ مقَامَ الأَطْيَافِ النُّورَانِيَّةِ فِي العَوَالِمِ العُلْوِيَّةِ تَسْبَحُ بَينَ طَاعَةٍ وَقَنَاعَةٍ وَبَينَ حُبٍّ وَاجْتِبَاءٍ." وصفهُ لها أحاطها بهالةٍ نورانيةٍ و قداسة و كأنها من نساء الجنة في نقائها و صفائها ,وصفت نساء الجنة في الحديث الشريف " يرى مخ سوقهما من وراء الحلل".
وتتلعثم كلماته لشدة جمالها وهيبتها " أَنَّ مَعَانِي الغَزَلِ عَلَى شُرُفَاتِ أَنَاقَتِكِ تَتَلَعْثَمُ فِي عَوَالِمِ الدَّهْشَةِ بَينَ هَمْهَمَاتٍ تَسْتَنْطِقُ مِنْ كَلِمَاتِ العَينِ وَمَهْمَهَاتٍ تَسْتَغْرِقُ فِي عَينِ الكَلِمَاتِ لاسْتِقرَاءِ كَيْنُونَةِ المَعَانِي المُبْهَمَةِ واسْتِجْلاءِ صَدَى الإِيمَاءَاتِ المُلْهِمَةِ" .


وصفُ المحبوبة يرسمُ أيضاً صورةً للعاشق فمحبوبةٌ بهذه الصفات تستدعي أن يكون عاشقها صاحب قَدرٍ كبير , يقول ابن حزم :و الشكل دأباً يستدعي شكله و المثل للمثل ساكن و , و للمُجانسة عملٌ محسوس و تأثيرٌ مشهود, و التنافر في الأضداد و الموافقة في الأنداد " و يقول أيضاً :(وأنت متى أمسكت الحديد بيدك لم ينجذب إذ لم يبلغ من قوته أيضاً مغالبة الممسك له مما هو أقوى منه. ومتى كثرت أجزاء الحديد اشتغل بعضها ببعض واكتفت بأشكالها عن طلب اليسير من قواها النازحة عنها، فمتى عظم جرم المغناطيس ووازت قواه جميع قوى جرم الحديد عادت إلى طبعها المعهود. وكالنار في الحجر لا تبرز على قوة الحجر في الاتصال والاستدعاء لأجزائها حيث كانت إلا بعد القدح ومجاورة الجرمين بضغطهما واصطكاكهما، وإلا فهي كامنة في حجرها لا تبدو ولا تظهر..

ومن الدليل على هذا أيضاً أنك لا تجد اثنين يتحابان إلا وبينهما مشاكلة واتفاق الصفات الطبيعية لا بد من هذا وإن قل، وكلما كثرت الأشباه زادت المجانسة وتأكدت المودة فانظر هذا تراه عياناً، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكده: "الأرواح جنود مجندة ماتعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " )فقدرُ المُحِب من قدر محبوبه .


يختتم هذا البوح بمُناجاةٍ رقيقة للمحبوبة فيُناديها بأرق الأسماء و الصفات " فَيَا مُنَى القَلْبِ وَالحُبِّ وَالدِّفْءِ وَالحَنِينِ ، يَا مُوسِيقَى القِيثَارَةِ الحَالِمَةِ فِي حُلُمِي الطُفُولِيِّ المُمْتَدِّ مِنْ إِرْهَاصَاتِ عَناقِيدِ رَبِيعِي الفَجِّ حَتَّى بَقَايَا أَعْنَابِ خَرِيفِي النَّاضِجِ " هي تُمثل الربيع لخريف حياته و هو يُمثل لها الظل الذي يقيها وهج الشمس " الحِرْصِ عَلَيكِ أَفْرِدُ أَجْنِحَتِي حَانِيَاتٍ فِي فَضَاءَاتِ عَالَمِكِ المُغْرِقِ فِي دَيْمُومَة الوَجَعِ لا لأَسْرِقَ مِنْكِ ضُوءَ الشَّمْسِ بَلْ لأَمْنَحَكِ ظِلَّ النَّفْسِ" صورةٌ من الإحاطة و الحماية " ، وَأَحْتَوِي بِالابْتِهَالِ لِرُوحِكِ رَجفَاتِ قَلْبِكِ المُرْهَقِ بِعَذًابَاتِ السِّنِين. وَحِينَمَا تَتَقَلَّبُ الرِّيحُ فِي مَسَارَاتِهَا تَنْقَلِبُ لَكِ الرُّوحُ فِي مَدَارَاتِهَا تَحُومُ حَولَكِ قُطْبًا بَلْ مَجَرَّةً لَهَا سَبْعُ شُمُوسٍ مِنْهَا تَسْتَمِدُّ ضِيَاءَهَا وَلَهَا تَمْنَحُ من دِفْئِهَا" .
يتمنى أن ينال لقائها " وَعِنْدَ مَشَارِفِ الفَجْرِ المَاثِلِ شَوْقًا سَيَظَلُّ دَوْمًا لِلعَاشِقِينَ لِقَاءٌ" حدد الفجر وقتاً للقاء لأن قبل الفجر تكون احلكُ ساعات الليل فيُمثل اللقاء إشراق شمس سروره و سعادته التي ستمحو عتمة الغياب ناشرةً الدفئ بعد أن سكن الصقيع ايامه في غيابها .

و استلذُ بلائي فيك يا أملي **** ولستُ عنك مدى الأيامُ انصرفُ
إن قيل لي تتسلى عن مودته**** فما جوابي إلا اللامُ و الألفُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:10 AM
تطبيق مؤشر م\ع على قصيدة لا للحصار للدكتور سمير العمري


في دراسة لموضوع مؤشر م/ع في الشعر والذي تعرفته لدى مباشرتي دارسة العروض الرقمي، فاجأني ما ينطوي عليه هذا العلم/ الفن من تمكين للقاريء من الغوص في البعد النفسي للنص وما اعترى الكاتب من خلجات وتغيرات في مشاعره تحكمت في مفردات هطول حسه ونبض حروفه وهو كذلك يكشف جانبا مهما من عبقرية العربية وأسرارها التي ربما تكشتف للمرة الأولى
وبمتابعة مقولات رائد هذا الفن الأستاذ م. خشان محمد خشان والذي اعتَبَره مظنة صحة، ولطالما كرر انه لا يجزم بصحته وإن كان يجد فيه كبير متعة، وجدها كل من حاول الخوض في جمالياته وقراءة مؤشرات انفعال النصوص من خلاله، علاوة على ما يجد على صحته من شواهد وما يستشعر فيه من لذة إعمال العقل سواء في تذوق النصوص أو في محاولة إثبات او نفي أوتأويل هذا المنحى التحليلي لدخلية كاتب النص
وفي محاولة أولى مني لغوص علني في عمق هذا البحر الذي أراه زاخرا بالجمال، أطرح هنا قراءتي لأبيات استوقفتني من قصيدة لا للحصار للشاعر المبدع د. سمير العمري
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=27564

يَا أَيُّهَـا الشَّعْـبُ الأَبِـيُّ بِمَوطِـنٍ
للتوضيح نستعمل النجمة بديلا للسكون على كل من الأحرف والأرقام
يا2- أي* 2-يهش* 3 - شع* 2- بل* 2 أبي* - يُ 1- بمو* 3- طنن*3
2 2* 3* 2* 2*3* 1 3*3*
م*/ع = 7*/1 = 7.0
يَلِـدُ الرِّجَـالَ وَيَضْـرِبُ الأَمْثَـالا
1 3* 3 1 3* 3* 2* 2 2
م/ع = 4/3 =1.3
ويقوم صدر البيت هنا على نداء مشرئب العنق عميق الانفعال لشعب يستحوذ على مشاعر الكاتب ونبضه وبقراءة مؤشر م/ع نجد أن المقاطع الساكنة الآخر قد بلغ سبعة إلى واحد حيث كانت أداة النداء وحدها ممدودة الآخر، ولأكاد أجزم أن الشاعر لو وجد أداة للنداء ساكن آخرها غير أي والتي تبدأ بها أيها لأستخدمها بقرار من لا شعوره.
وبالانتقال لعجر البيت حيث ينتقل الشاعر بنا لوصف هذا الشعب بنوع من الفخر ، يكون الانفعال وفقا للسياق أقل وأهدأ لما في الفخر من ارتياح نفس ، وإن كنت لا أظنه يكون هادئا على إطلاق الهدوء ، لأن في الفخر مستوى من الانفعال قد يبدو ضئيلا أمام انفعالات الشد العاطفي ولكنه ليس بمماثل لما تكون عليه النفس في حالة الاسترخاء والحنو
وبقراءة مؤشر م/ع نجد أن المقاطع الساكنة الآخر بلغت أربعا إلى ثلاث = 1,25
وعامل الاختلاج بينهما = 7 / 1,25 = 5,6 وهو معامل مرتفع يشي فيما أرى بشيء من الراحة أصاب نفس الشاعر بما أودع الصورة التي يرسم من وصف يسر ويرضي لقومه.
ولعل مما يحسن التنويه إليه هنا أن قيمة المؤشر م / ع تكمن في نسبيته ودلالته العامة، حيث يرتفع عند توقد الحس وظهور التراكيب المعبرة عن القوة والحسم والغضب وحرقة الوجد والسرعة وغيرها من مظاهر الشد العاطفي والنفسي، وينخفض في التراكيب التي يكتنفها اللين والرضى والهدوء والحنو والتسامح والبطء وما إلى ذلك.

جَعَلُوا الحِصَارَ للانْتِصَـارِ وَمَـا دَروا
1 3* 3 1 3* 3 1 3 3*
أَنَّ السَّلاسِـلَ تُـوغِـرُ الرِّئْـبَـالا
2* 2* 3 1 3 3* 2* 2 2
والبيت هنا يحكي بشكل أقرب ما يكون للموضوعية وهذا يتطلب الهدوء والعقلانية والبعد عن مظاهر التوتر والانفعال، وبقراءة مؤشر م/ع ، يستوقفنا ذلك التساوي في مقاطع صدره وتتابعها تقريبا بين مقطع ساكن الآخر وآخر معتل ، لتحملنا الى عجز حافظ على التتابع أزواجا بعد ان كان في الصدر فرادى، فلو حاولنا رسم تموجاته على مستوى ديكارتي ينخفض معتله بوحدة واحده عن ساكنه لخرجنا بمخطط موجة منضبطة أشبه بمخطط نبض القلب المستقر النبض م/ع = 3/3 = 1 في الصدر و 4 / 4 = 1 في العجز
مما نخرج معه بعامل اختلاج مميز = 1 / 1 = 1
وهذا يدل على وحدة السياق الإخباري في الشطرين متجليا في وحدة مؤشريه
وَالمَوتُ فِي الفَلَـوَاتِ خَيـرٌ مَـورِدًا
2* 2* 3* 1 3 3* 2* 2* 3 *
لِلحُـرِّ مِـنْ شُـرْبِ الهَـوَانِ زُلالا
2* 2* 3* 2* 2* 3 1 3 2
ونقرا في الصدر هنا تحديا واستعجال بت يحمل في مضمونه ثورة وتثويرا فيما يعني انفعالا عالي الوتيرة يتوقع معه مؤشر م/ع مرتفع بما يناسبه، وبقراءة المقاطع نجد انه بلغ 7/1= 7.0
ويستمر ذلك الشموخ والتحدي في جزء من العجز يستكمل فيه الشاعر فكرة صدر البيت قبل أن ينتقل لحس بالاشمئزاز من الصورة المقابلة لدى استعراضها في البديل فتنخفض وتيرة الانفعال بالدخول في الصورة المقابلة ويضهر مؤشر العجز كاملا م/ع = 5/3 = 1.6
غير أن انسحاب جزء من محرك انفعال الصدر للعجز يستدعي باعتقادي قياس مؤشر البيت كاملا لنجده 12/4 = 3
وهو منخفض نسبيا إذا ما قورن بالصدر فقط حيث كانت الوتيرة عالية متوهجة

عَبَسَتْ وَقَرَّعَتِ القَضِيَّـةَ وَامْتَـرَتْ
1 3* 3* 1 3* 3* 1 3* 3*
حَتَّى إِذَا دَحَلَـتْ حَصَـتْ أَمْـوَالا
2* 2 3 1 3* 3* 2* 2 2
ولعل صورة بهية لتوضيح مؤشر م/ ع وعامل الاختلاج تتحقق هنا حيث يعدد الشاعر في صدر البيت غاضبا فعال العصبة الخائنة بوتيرة عالية من الإنفعال فنجد مقاطع الصدر كلها ساكنة الآخر 6/0= 12 اصطلاحا ، لينتقل الى حالة من القرف في عجز البيت تصف حصاد هذه الفئة وفي القرف إشاحة عن مصدره تذهب بالانفعال الذي كان أحدثه فتهدا وتيرته ويسترخي حسه ، ونقرا مؤشر م/ع لنجده يقف على تعادل بين ساكن الأواخر ومعتلها م/ع = 4/4 = 1

الحَافِظِيـنَ مِـنَ الـمُـرُوءَةِ ذِمَّــةً
2* 2 3 1 3* 3 1 3* 3
العَاقِدِيـنَ مِـنَ الوَفَـاءِ عِـقَـالا
2* 2 3 1 3* 3 1 3 2
ويتوقع هنا ان يتقارب معاملا الاختلاج بين صدر البيت =0.75.....وعجزه = 0,4 لتواصل الفكرة في توصيف عصبة الخير دونما تغير بأي اتجاه، فتجد حسا بالفخر والرضى يستحوذ على الشاعر وترتسم في إطاره الحروف لما تجده النفس من راحة، مما يتوقع معه انخفاض في مؤشر م/ع
فيكون مؤشر م/ع موحدا لكامل البيت 5 /9 = 0.6

هِيَ دَعْـوَةٌ نَحْـوَ انْتِفَاضَـةِ عِـزَّةٍ
1 3* 3* 2* 2* 3 1 3* 3*
فَدَعُـوا الإِبَـاءَ يَزِيدُهَـا إِشْـعَـالا
1 3* 3 1 3 3 2* 2 2
ويقف الشاعر في صدر البيت هنا مستنهضا الهمم فيما يستدعي وينطلق عن حس متوقد وانفعال مرتفع الوتيرة فتجد مؤشر البيت ملفتا 6/1 = 6
ويهدأ انفعاله بعدها بينما هو يوجه وينصح بما تستشعره في النص قبل قراءة مؤشره الذي ينخفض ليصل إلى 2 / 5 = 0.4

وهكذا نستكشف بقراءة مؤشر م/ع (المقاطع الساكنة الأواخر لتلك المعتلة الأواخر) في كل شطر وكل بيت من القصيدة ما أظنه يحدثنا بتداعيات الفكرة موضوع القصيدة في نفس الشاعر، وتباين مشاعره وانفعالاته بينما هو ينتقل في كتابتها من تركيب لآخر ومن بيت لتاليه
ولعل القصيدة تستحق منا قراءة متأنية لكامل أبياتها، غير أننا سنقفز عن استحقاق الحرف والشاعر هنا تلافيا للإثقال على القاريء في ما قد يشكل في حداثته صعوبة يحبذ معها التخفيف ...
وقد جاء في أحد مواضيع م/ع أن االنصوص العاطفية الشخصية تكون أكثر ثراء بتباينات هذا المؤشر من القضايا العامة، لا لقلة أهمية القضايا العامة أو لضعف شعور الشاعر نحوها، ولكن لاستقرار موقفه منها ، وقلة الجديد الذي قد يغير مستوى مشاعره فيها. وما رأيناه في قصيدة شاعرنا هنا أقرب للاستثناء في هذاالباب، الأمر الذي يدل على استثناء في قوة مشاعره وشاعريته.

هل هذا كل ما في القصيدة في هذا الباب ؟

لا أعتقد ذلك وأدعو الجميع للاستزادة من هذا التحليل في القصيدة وسواها
لمزيد من الاطلاع

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/meemain

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:12 AM
تتمة تطبيق موشر م\ع على قصيدة لا للحصار للدكتور سمير العمري




أستاذتي الكريمة
أحييك ثانية على هذا التمكن في موضوع م/ع

وهنا بعض استطراد يترسم خطاك

وَالمَوتُ فِي الفَلَوَاتِ خَيرٌ مَورِدًا ...... لِلحُرِّ مِنْ شُرْبِ الهَوَانِ زُلالا
2* 2* 3* 1 3 3* 2* 2* 3*.....2* 2* 3* 2* 2* 3 1 3 2
م/ع للصدر = 7 /1= 7,0.......5 /3=1,7........للبيت = 12 /4= 3,0

معامل الاختلاج بين الشطرين = 7 /1,7 = 4,1

ذكرني هذا البيت ببيت عنترة


لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ ....... بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
2 2* 3 2 2* 3 1 3* 3 * ......2* 2* 3 2* 2* 3* 2* 2* 3
م/ع للصدر = 4/4=1,0...... للعجز = 7 /2=3,5 .... للبيت=11/ 6= 1,8

الاختلاج بين الشطرين = 3,5/ 1 = 3,5

ثمة إغراء بالمقارنة في هذاالسياق من عدة وجوه ومؤشر شعر أستاذنا أبي حسام يرد أولا إلى اليمين::


مؤشر البيــت = 3,0 ........ 1،8
معامل الاختلاج = 4,1 ........3,5
م/ع للشطر الأعــلى = 7,0 ........3,5
م/ع للشطر الأدنــى = 1,7 ........1,0


في بيت أستاذنا أبي حسام العجز - وفيه لفظ ( الهوان ) - أدنى مؤشرا من الصدر
في بيت عنترة الصدر -وفيه لفظ (ذلة) - أدنى مؤشرا من العجز
هل لهذا دلالة ؟ هل ثمة اقتران بين اللفظين وانخفاض المؤشرين والمضمون ؟

هل يمكننا استقراء المزيد حول هذا

يقول المتنبي :
وَلِحِتفٍ في العِزِّ يَدنو مُحِبٌّ (7,0) ....... وَلِعُمرٍ يَطولُ في (الذُلِّ) قالي (1,3) .... ( البيت 2,8)
م/ع للصدر =7,0 ...............م/ع للعجز 1,3.....البيت = 2,8

هنا أيضا الشطر الذي تضمن كلمة الذل هو الأدنى مؤشرا


ورد في القصيدة بيت آخر شبيه المضمون والمقارنة أدرجه أدناه

يَــا شَـعْـبُ إِنَّ الــمَــوتَ أَكْــرَمُ مَوئِلا (7,0 )....مِـنْ أَنْ تُـجَرَّعَ بِـالأَسَــى الأَوشَالا (3,0) ....البيت4,3
وَالمَوتُ فِي الفَلَوَاتِ خَيرٌ مَورِدًا (7,0) ...... لِلحُرِّ مِنْ شُرْبِ الهَوَانِ زُلالا (1,7) .....( البيت 3,0)
وَلِحِتفٍ في العِزِّ يَدنو مُحِبٌّ(7,0) ....... وَلِعُمرٍ يَطولُ في (الذُلِّ) قالي(1,3) .....(البيت 2,8)

مؤشر الشطر الذي يحوي الموت (7,0) والتناظر بين الأبيات في المؤشرات هل الأمر صدفة ؟ أم أن هناك دلالة مطردة؟ الأمر يتطلب استتقصاء.

*****

يرعاك الله.

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:23 AM
قراءة في غصون الحنين


الامير الدكتور سمير العمري
قصيدة رائعة بديعة .
العنوان كان رائعاً "غصون الحنين" فزاد من قوة الحنين عندما شبهها بالشجرة المُتجذرة القوية ذات الاغصان المُتفرعة المُمتدة , تصوير العلاقة بين المُشتاق والشجرة كان بديعاً خاصةً عندما شبه شوقه بالطيور المُغردة على اغصان ذلك الحنين فكانت علاقة أُلفة ومحبة و احتواء.
"وَمَالَتْ غُصُونُ الحَنِينِ عَلَيَّا
وَكُنتُ اتَّخَذْتُ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ وَمِنْهَا وَمِنِّي
مَكَانًا قَصِيَّا
أُقَلِّبُ طَرْفَ المَشَاعِرِ نَجْوَى إِذَا مَا خَلَوتُ" فهي علاقة احتواءٍ و حمايةٍ و احاطةٍ فالأغصان اقبلت عليه مواسيةً تستمعُ لشكواه.
"وَقَالَتْ غُصُونُ الحَنِينِ:
سَمِعْتُ بَلابِلَ شَوقِكَ غَنَّتْ
فَهَيَّا إِلَيَّا" ما أرق ذلك النداء وما أجمله فما أحوج المُشتاق الى الاحتواء .

"أَمَا زِلْتَ ذَاكَ المُكَابِر حُزْنًا؟
تَعَالَ إِلَيَّا
أَمَا زِلْتَ تَلْبِسُ تَاجَ الوَقَارِ وَتَنْجُو حَيِيَّا؟
تَعَالَ إِلَيَّا
وَكُفَّ عَنِ المَوتِ حَيَّا" تصويرٌ لقوة ذلك المُشتاق و أنفته و هو ما يوضح انه انسانٌ استثنائيٌ وهو أمرٌ يتم تأكيده لاحقاً في القصيدة
"لَكِنْ نَسِيتِ الفَتَى الأَلْمَعِيَّا
أَنَا شَاعِرُ القُدْسِ
شَاعِرُ قَومٍ يَظَلُّ المُعَنَّى"
وايضاً في قولك
"أُلَمْلِمُ مَا قَدْ تَبَقَّى وَأَمْضِي
وَأَنفُخُ فِيهَا مِنَ الحِلْمِ نَبْضِي
وَأُغْضِي
وَألقَى العَوَارِضَ طَلْقَ المُحَيَّا"

"أنَا يَا غُصُونُ المُضَمَّخُ شَوقًا
أَنَا المُتَجَذِّرُ فِي الأَرْضِ عِرْقًا" توضيحٌ لعمق ارتباطه بأرضه.

"سَيَكفِي المَشُوقَ شِرَاعُ الأَمَانِي
وَبَعْضُ فُتَاتٍ مِنَ العُمْرِ يَبقَى
وَيَطوِي جَنَاحَ المَسَافَةِ طَيَّا" همةُ المُشتاق و عزمه و إرادته التي تُلين الصعاب القادرة على طي المسافة والتحليق لكي يصل الى ذلك الوطن .
وصف المُشتاق نفسه بألفاظٍ توضح صلابته و قوته التي يراها من حوله فاستخدم لذلك ألفاظاً غايةً في القوة مثل " صخر ,جبل " ثم غاص عميقاً ليوضح رقة باطنه فوصفه بألفاظٍ رقيقة " الازهار والطيور" وهي من اهم المفردات المستخدمة لبيان الوجد والشوق فالأزهار أجمل هدايا المُحبين و الطيور رسولهم الذي يحمل الشوق على اجنحته.
"وَلا يُدْرِكُونَ بِأَنِّي كَكُلِّ الزُّهُورِ
وَكُلِّ الطُّيُورِ
أَمُوتُ وَأَحْيَا
وَأَضْعفُ حِينًا وَأَنْزفُ حِينًا
وَلَكِنَّ عَزْمِي يُحَلِّقُ فِيَّا
لِذَا سَأَكُونُ بِرَغْمِ الخُطُوبِ سَوِيًّا قَوِيَّا" رقتهُ تلك لا تظهر للعيان وهو ما يُكسبه قوةً اضافية ويجعله شخصاً استثنائياً .
"وَمَا أَمْطَرَتْ مُنْذُ كُنْتُ صَبِيَّا" اللقاء هو ذلك المطر الذي سيروي عطشه ويُحيي ياسمينة صبره و يبعث الحياة فيها من جديد .
"وَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ لِنِسيَانِ أَرْضٍ
سَكَنْتُ سِوَاهَا وَتَسْكُنُ فِيَّا؟" رائعة تلك الكلمات فكيف الهروب من وطنٍ لا يُبارح حنايا القلب!!

ثم نرى المُقارنة بين وطنه و غربته
"هُنَا العَيشُ رَغْدُ
كَذَلِكَ لِلعَقْلِ يَبْدُو
فِرَاشٌ وَثِيرٌ
وَمَالٌ وَفِيرُ
وَبَيتٌ جَمِيلٌ
وَظِلٌّ ظَلِيلُ
وَمَاءٌ زُلالٌ" في الغربة تتوفر له كل سبل الحياة الكريمة و النعيم لكن كل ذلك لا يُغنيه عن وطنه كل ذلك النعيم يُمثل لديه صقيعاً يزيد من تعبه
"وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي القَلْبِ بَرْدُ
صَقِيعٌ يُجَمِّدُ مَا كَانَ مِنْهَا لَدَيَّا" فهو لا ينتمي الى تلك الارض
"فَلا الأَرْضُ أَرْضِي لأَنْبُتَ فِيهَا
وَلا الفَصْلُ فَصْلِي لِيُزْهِرَ فَرْعِي
وَيَنْضجَ عُنْقُودُ كَرْمِي جَنِيَّا
فَجَذْرِي تَأَصَّلَ نَخْلا هُنَاكْ
وَزَيتُونَةً لا تَضِنُّ بِزَيتٍ
لِتُسْرِجَ قِنْدِيلَ حُبٍّ وَصَبْرٍ
وَلَمْ تَخْشَ يَومًا مُجُونَ الهَلاكْ
تَرَى أَصْلَهَا فِي الثَّرَى
لَكِنِ الفَرْع فَوقَ الثُّرَيَّا " في الوطن نمت جذوره فكانت زيتونةً مباركة .
يصف الوطن بأرق المعاني واجملها
"هُنَالِكَ حَيثُ المَشَاعِر دِفْءٌ
وَحَيثُ الحَصِير يَصِيرُ حَرِيرًا
مَتَى نِمْتُ بَينَ عِيَالِي رَضِيَّا
وَحَيثُ أَبِي فِي المَسَاءِ يُرَدِّدُ صَوتَ الأَذَانِ
وَنَأْكُلُ مِنْ خُبزِ أُمِّي طَعَامًا شَهِيَّا
وَلَهْفَةُ جَارِي إِذَا غِبْتُ عَنْهُ
وَهَمُّ أَخِي إِذْ أُفَكِّرُ فِيهِ مَلِيَّا" رغم الفقر و المُعاناة الا ان كل شئٍ في الوطن أجمل "الحَصِير يَصِيرُ حَرِيرًا"

يتحدثُ بلسان الواثق القوي فهو متأكدٌ تماماً بأنه سيعود و يوضح ثمن العودة الذي لا يُدفع الا بتقديم الارواح و يجتمع الناس تحت لواء الحق و محرابه
"أَقُولُ
لِمَنْ ظَنَّ أَنَّ الرُّجُوعَ مُحَالُ
سَنَرْجعُ حَتْمًا
وَيَهْدَأَ بَالُ
نَعُودُ كَمَا عَادَ مُوسَى
سَنَرجِعُ حِينَ نَهُزُّ إِلَينَا بِجِذْعِ الشَّهَادَةِ
حِينَ مَخَاضِ
تُسَاقِطْ عَلَينَا السُّرُورَ جَنِيَّا
وَيَنْزِلُ عِيسَى
سَنَرجِعُ حِينَ نَلُوذُ بِمِحْرَابِ حَقٍّ
وَرَايَةِ سَبْقٍ
وَدَعْوَةِ صِدْقٍ
وَيَحْيَى سَيُولَدُ يَا زَكَرِيَّا"

يُعاتب الشاعر وطنه عتاباً رقيقاً فهي الحبيبة وهو المُحب
"فَلا تُنْكِرِينِي
أَلَيسَ الحَبِيبَةُ تَسْقِي المُحِبَّ وَلَو بَعْضَ رَشْفِ؟؟"
"وَكَيفَ دَعَوتِ إِلَى مَهْرَجَانِكِ يَا قُدْسُ كُلَّ العَصَافِيرِ
لَكِنْ نَسِيتِ الفَتَى الأَلْمَعِيَّا
أَنَا شَاعِرُ القُدْسِ
شَاعِرُ قَومٍ يَظَلُّ المُعَنَّى
سَقَاكِ قَصَائِدَ مِنْ كُلِّ مَبْنَى وَمَعْنَى
وَعِشْقَكِ غَنَّى
وَمِنْهُ البَيَانُ شَدَا عَبْقَرِيَّا
وَحَدَّثَ عَنْكِ نَوَارِسَ بَحْرٍ
وَحَارِسَ حَقْلٍ
وَجِيلا سَيَمْضِي وَجِيلا سَيَأْتِي
لِسَانًا فَصِيحًا ، دَمًا عَرَبِيَّا
لِمَاذَا جَحَدْتِ حُضُورَكِ فِيَّا؟؟
لِمَاذَا تُصِرُّ العُرُوبَةُ فِيكِ
بِأَنَّ البُّطُوَلَةَ حَقٌّ لِمَيتِ
وَأَنَّ الثَّنَاءَ سِقَاءُ القُبُورِ
حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَيٍّ بِبَيتِ
وَإِنِّي عَلَى الأَرضِ مَا زِلْتُ أَمْشِي
وَإِنْ كَانَ فِي صَدِّ قَلْبِكِ نَعْشِي
فَكَيفَ يَصِيرُ القَرِيبُ قَصِيَّا؟
وَكَيفَ يَصِيرُ الرَّشِيدُ غَوِيَّا؟
وَكَيفَ جَفَوتِ الحَبِيبَ الوَفِيَّا؟
دَعِينِي أَمُوتُ عَلَى رَاحَتَيكِ
يَدِي فِي يَدَيكِ
وَقَلْبِي مِنَ العِشْقِ يَهْوِي إِلَيكِ
وَيَومَ أَمُوتُ سَأُبْعَثُ حَيَّا "عتابٌ رائعٌ رقيق .

كما أن اسلوب التأثر بالآيات القرآنية كان واضحاً في القصيدة "وَيَومَ أَمُوتُ سَأُبْعَثُ حَيَّا" ,"وَيَحْيَى سَيُولَدُ يَا زَكَرِيَّا"
"نَعُودُ كَمَا عَادَ مُوسَى
سَنَرجِعُ حِينَ نَهُزُّ إِلَينَا بِجِذْعِ الشَّهَادَةِ
حِينَ مَخَاضِ
تُسَاقِطْ عَلَينَا السُّرُورَ جَنِيَّا
وَيَنْزِلُ عِيسَى"
"اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيبَا
وَقَدْ وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي "

قصيدةٌ رائعة للامير فيها الكثير مما يجب التوقف عنده و دراسته
تحيتي وتقديري

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:25 AM
قراءة في قصة قرش بقرش


مع أنّ الليل شاخ، والشّيخوخة ضعف، إلّا أنّ هذا الضّعف وُلِدت منه القوّة والحياة... صوت الطّيور وسعيها وراء أرزاقها، وأذان الفجر الذي يعلن ميلاد يوم جديد. فالبداية حركة ونشاط وتجديد، بعد كسر السّكون والسّبات.
هذا النّشاط كان لمختار نصيب فيه، حيث " قَد سَبَقَ عَصَافِيرَ الفَجْرِ يَحُثُّ الخُطَى خَلفَ وَالدِهِ .."
الحركة ذات قطبين: روحانيّ وماديّ، التّسبيح، وصوت الأذان، وذهاب مختار للعمل... وتقوى الحركة، ويقوى النّشاط مع ازدياد حركة الموج... فالصّوت يتدرّج من الأضعف إلى الأقوى، كمّا وكيفًا... تغريد العصافير، صوت المؤذّن، الرّيح، تلاطم الأمواج الغاضبة...
" بدأ نهار جديد في حياة هذا الطّفل.." النّهار هو النّور الذي بدّد ظلام الليل، وهو بداية يوم جديد. وهنا إشارة مسبقة أنّ أمرا جديدا سيحصل في حياة مختار.
بدأ نهاره بإزاحة الثّلج. والثّلج هو الماء في حالة تجمّد- عكس الحركة- أزال هذا التّجمّد عن الأسماك كي تكون طعما، يجني منه حياة( يصيد أسماكا حيّة).
البحر يعلو ويهبط( توتّر)... البحر هو الحياة الرّحيبة ... " هو رمز لديناميّة الحياة، أو فعالياتها، هو مكمَن، وموضع وِلادات وتحوّلات ونهضات. هو الماء المتحرّك، ويرمز إلى حالة داخليّة انتقاليّة بين الممكن اللامتشكّل، والحقائق الممكنة المتشكّلة... ويدلّ على وضع ثنائيّ .. واقع الارتياب والشّك والحيرة الذي يمكن أن يؤدّي إلى خير أو شرّ، لذا فهو صورة الحياة والموت"
القارب هو السّبيل الذي نسلكه في حياتنا ومعركتها في البحر الكونيّ الواسع الغامض أحيانا والمجهول.
" أغمض عينيه انشغل يدعو الله... حتّى إذا صفا ذهنه في تامّل.. رأى سمكة تعوم..."
السّمكة هي الرّزق المقدّر من عند الله" وفي السّماء رزقكم وما توعدون"، وربّما يكون رزقا غير متوقّع؛ ممّا جعل الأب لم يصدّق ابنه في البداية، ويذهل عند دنوّ السّمكة من القارب.
عمليّة الصّيد الصّعبة هي الصّعوبة والجهد الذي يبذل لتحقيق المبتغى، وتحصيل الأرزاق المقدّرة. وفي النّهاية اصطيدت السّمكة، وإذ بها قرش. والقرش سمكة ضخمة مفترسة، وصنّفت من قبل الأب أنّها دون قيمة. وهنا إشارة لعدم إعطائنا القيمة لما يستحقّ ذلك؛ لأنّنا نجهل الماهيّة، ولا نرى الأمور بوضوح، ولا ندرك كنهها... لذلك عرض القرش للبيع بأبخس الأثمان: عشر ليرات! ولكن، الاستهزاء بقيمة ما أتى، جعل الآخرين أكثر استهزاء بالمعروض، فجاء من يبخس الثمّن إلى قرش واحد!
قرش بقرش... وهو العنوان الذي اختير بدقّة. القرش السّمكة العملاقة، تباع بقرش!( سخرية)
وتأتي النّهاية تفيض حكمة عندما وجد في بطنه ما يغني ويسعد... وكان من نصيب من اشترى القرش بقرش " لا تدري نفس ماذا تكسب غدا..." إشارة واضحة إلى جهل الإنسان للجوهر، وتقييم ما يستحقّ التّقييم، وأنّه أضعف من أن يفهم سرّ ما يأتي به الله من أرزاق وأقدار.
وجاءت الحكمة في النّهاية على لسان الوالد،وتعكس استسلاما للقدر الذي لم يفهمه. وربّما أجد هنا تلميحا لرفضنا وتذمّرنا من أقدارنا التي لا نفهم الحكمة منها!
وتعود الحركة النّصيّة في النّهاية إلى الهدوء الذي بسطه الليل، ولفّه تغريد العصافير، وأذان الفجر ... النّهاية سكنت بعد عصف كلّ الأحداث في النّصّ، وكانت قمّتها أثناء اصطياد القرش.( سكون... حركة بدرجات متفاوتة... سكون ).
عمليّة السّرد كانت بحبكة قويّة، أمسكت القارئ بحبالها جيّدا حتّى النّهاية التي جاءت مفاجئة، لكنّها زادت من قوّة الحبكة!
الاسم مختار ... اختياره موفّق ... فهو مختار ليصبح غنيّا، بعد صيد القرش. لكنّه لم يفلح في المحافظة عليه؛ لأنّ سلطة والده أقوى من سلطته. فبيع القرش وظلّ مختار محتارا!
شكرا لك أخي الدكتور سمير على هذه القصّة، وما تضمّنته وهدفت إليه!
تقديري وتحيّتي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:27 AM
ترجمة قصة قرش بقرش



قِرشٌ بِقِرْشٍ
شَاخَ الليلُ حتَّى أَطلَقَتْ إِرْهَاصَاتُ فَجْرِهِ بَلابِلَ صَمتِهِ طُيَورًا تَسْعَى لأَرْزَاقِهَا مُسَبِّحَةً رَبَّهَا العَظِيمَ. وَكَانَ عَصْفُ رِيحٍ مُثقَلةٍ بِبَردٍ قَارِسٍ فِي مُنتَصَفِ كَانُون
تُشِيبُ مَا تَبَقَّى مِن خصُلاتِهِ المُظْلمَةِ قَبلَ أَنْ يَرتَفِعَ صَوتُ أَذَانِ الفَجْرِ نَدِيًّا يُنَادِي إِلى خَيرِ العَمَلِ. كَانَ مُخْتَارُ قَد سَبَقَ عَصَافِيرَ الفَجْرِ يَحُثُّ الخُطَى خَلفَ وَالدِهِ فِي الطَّريقِ المُحَاذي للسَّاحِلِ وَالذِي يَمُرُّ عَبرَ أَجَمٍ مِن نَخِيلٍ شَاهِقٍ. رَهْبَةُ الصَّمْتِ وَعَويلُ الرِّيحِ وَشِدَّةِ الظُّلْمَةِ تَرْسُمُ فِي خَيَالهِ بَعضَ خَوفٍ طُفُولِيٍّ أَذْكَتْهُ حَكَايَا جَدَّتِهِ إِذْ يَغْفُو في حضْنِهَا كُلَّ لَيلَةٍ ، وَتُحْجِمُ يَدَهُ مُجَدَّدًا أَنْ تَطْلُبَ يَدَ وَالِدِهِ الصَّارِمِ بَحْثًا عَن أَمانٍ.

كاَن َالبَحْرَ يَزْبدُ غَاضِبًا مِنْ لَطْمِ الرِّيحِ يَتَطَاوَلُ مَوجُهُ لِيَصفَعَ مَا يَخَالهُ خَصْمًا. وَكانَ بَعْضُ صَقِيعٍ يُدَثِّرُ الأَرضَ بِثَوبٍ قُطْنِيٍّ لامِعٍ امْتَدَّ حَتَّى غَطَى قَارِبَهُم الصَّغِيرِ.
لَقَدْ بَدَأَ نَهَارٌ جَدِيدٌ فِي حَيَاةِ هَذَا الطِّفْلِ ذِي السَّنَوَاتِ العَشْرِ فَأَسْرَعَ إِلى تَطْبيقِ مَا تَعَلَّمَ بِخِفَّةٍ وَحِرْفَةٍ ، ثُمَّ جَلَسَ قبَالَةَ وَالِدِهِ يُزِيحُ مِثْلَهُ بِيَدَيهِ العَارِيَتَينِ أَكْوَامَ الثَّلْجِ لِيَصلَ
لِلأسْمَاكِ المُجَمَّدَةِ يُلْقِمُهَا الشُّصُوصَ طُعْمًا لِصَيدٍ يُوَفِرُّ القُوتَ لِعَائِلَتهِ الكَبيرَةِ ، وَكُلَّما تَجَمدَتْ أَطْرَافُهُ حَدَّ الشَّللِ أَسْرَعَ يَغْمِسُهَا فِي مِيَاهِ البَحْرِ الباردة لِتَدْفَأَ وَتَسْتَعِيدُ حَرَكَتَهَا مِنْ جَدِيدٍ.

البَحرُ يَعْلُو وَيَهْبِطُ ، وَالرِّيحُ تَعْوِي وَتَصْفرُ ، وَالقَارِبُ الصَّغِيرُ يَكَادُ يَدْفَعُ ثَمنَ صِرَاعِهمَا يَصْطَفقُ بِقُوَّةٍ تَكادُ تَخلعُ قَلبَ الصَبيِّ وهُوَ يَنظُرُ فِي الأُفُقِ مُبتَهِلا للهِ أَنْ يَكُونَ حَظُّهُمْ هَذَا اليَومِ مِن الرِّزْقِ مُعِيلا. أَغْمَضَ عَينَيهِ يَستَعيدُ شَريطَ ذِكرَياتٍ مُتَبَاينةٍ ثُمَّ انْشَغَلَ يَدعُو اللهَ بِرِزْقِ العِيالِ حتَّى إِذَا صَفَا ذِهْنَهُ فِي تَأَمُّلٍ بَدَا كَحُلُمٍ لَمْ يَخْتَرْهُ رَأَى سَمَكةً تَعُومُ عَلَى السَّطْحِ تَتَّجِهُ إِلَيهِ فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيَلْتَقِطُهَا. هَزَّ رَأْسَهُ يَضحَكُ مِنْ نَفسِهِ ؛ لا بُدَّ أَنَّ الحَاجَةَ الشَّدِيدَةَ لِلمَالِ وَنُدْرَةَ الصَّيدِ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرةِ هُوَ مَا رَسَمَ هَذَا فِي خَيَالِهِ.

سَيطَرَ عَلَيهِ هَذَا الحِسُّ وَطَارَدَ خَاطِرَه صَيدُ خَيَالِهِ حتَّى فَتَحَ عَينَيهِ يَطْردُ بِنُورٍ بَعِيدٍ هَوَاجِسَهُ هَذِهِ فَلَمْ يُفلِحْ. اتَّخَذَ وَضْعًا يُمَكِنُّهُ مِن مُرَاقَبَةِ مَا تَسْمَحُ بِهِ الظُّلْمَةُ مِنْ سَطْحِ البَحْرِ دُونَ أَنْ يُفَرِّطَ في اسْتِرخَائهِ ثُمَّ انتَفَضَ فَجْأَةً صَائِحًا:
ـ تَوَقَّفْ يَا أَبِي ، هَذِهِ سَمَكَةٌ تَعُومُ إِلَينَا.
دُهِشَ أَبُوهُ حَتَّى لَقَدْ خَشِيَ عَلَيهِ منْ هَذَيَانِ رَهَقٍ ، فَابْتَسَمَ بِرِفْقٍ وَقَالَ:
ـ لَعَلنَا نَصْطَادُ اليومَ سَمَكًا كَثِيرًا بِإذْنِ اللهِ. السَّمَكُ لا يَأتِي النَّاسَ يا بُنَيَّ ، وَالعَتْمَةُ هَذِهِ لا تَسْمَحُ بِرُؤيَةِ أَي شَيءٍ الآنَ. استَرِحْ رَيثَمَا نَصِلُ إِلى حَيث نَبْدَأُ الصَّيدَ.
ـ وَلَكِنْ يَا أَبِي أَرَاهَا ، هَا هِي تٌقْبِلُ ، وَاللهِ أَرَاهَا هُنَاكَ.
هَالَ الأبُ نَبرَةَ ابْنِهِ الوَاثِقَةَ وَذهلَ حِينَ رَأَى إِذْ دَنَا تِلْك السَّمَكةِ تَتَّجِهُ نَحْوَ القَارِبِ فِي استِسْلامٍ. لَمْ تَكُنْ كَبِيرَةً وَلَكِنَّهَا كَانَتْ ثَقِيلةَ الوَقْعِ لِتبعَثَ الفَرْحَةَ وَالرَّهْبَةَ فِي آنٍ مَعًا وَهُوَ يُمْسِكُ بِهَا حَيَّةً طَازِجَةً مُردِّدًا:
ـ سُبْحَانَ اللهِ!

وَصَلا إِلى حَيْث بَدَأَ الصَّيدُ مَرَاسِمَهُ المَعهُودَةَ ، وَطَالَ انْتِظَارٌ دُونَ جَدْوَى. وفَجْاَة إِذْ قَارَبَتِ النِّهَايةُ عَلَى غَرْزِ طَعْنَةِ إِحبَاطٍ تَزيدُ النَّصَبَ شُدَّ الخَيطُ بِقُوَّةٍ جَبَّارةٍ وَبَدَأَتْ الشُّصُوصُ تَنْطَلقُ مِن مَكَامِنِهَا كَرَصَاصَاتِ سَرِيعَةِ الطَّلَقَاتِ.

صَرَخَ الأَبُ مُستَنْفِرًا:
ـ ارْتَدِدْ إِلى الخَلْفِ بِلا جَلَبَةٍ يَا مُختَارَ وَخُذْ حِذْرَكَ!

كَانَ مُخْتاَرُ يَعْلَمُ مَا يَجِبُ عَلَيهِ فِعْلَهُ وَإِنْ أَرْبَكَهُ اخْتلافُ قُوَّةِ الشَّدِّ هَذِهِ المَرَّةِ فَكَانَ أَكْثَرَ حَذَرًا. سَاعَتَانِ مَرَّتَا كَدَهْرٍ وَالقَارِبُ يُجَرُّ إِلى حَيث شَاءَ ذَلكَ القِرْشُ الضَّخْمُ وَقَدْ فَاقَ حَجْمُهُ حَجْمَ قَارِبِهِمَا قَبْلَ أنْ تَخُورَ قِوَاهُ حَدًّا مَكَّنَهُمَا مِنْ شَدِّهِ لِلقَارِبِ. مَا إِنِ اقْتَرَبَ حَتَّى عَقَدَ الذُّهُولُ العَينَ وَاللِسَانَ حتَّى لَقَدْ عَجِزَا عَنْ رَفْعِهِ لِلقَارِبِ فَمَدَّدَاهُ إِلى جَانِبِهِ يَكَادُ أَنْ يَمِيدَ بِهِ.
وَقَفَ جَمعٌ كَبيرٌ يَنْظُرُ بَعْضٌ بِفُضُولٍ وَبَعْضٌ بِحَسَدٍ وَهُمْ يَرَونَ القَارِبَ يَكَادُ يَغُوصُ يَحْسَبُونَهُ امْتَلأَ سَمَكًا. حتَّى إِذَا وَصَلا الشَّاطِئَ أَسْرَعَ بَعضُ الوَاقِفِينَ لِلمُسَاعَدَةِ إِذِ احْتَاجَ إِخْرَاجَ القِرْشِ لِلبَرِّ عَشْرَةَ رِجَالٍ. كَانَ المَشْهَدُ مَهُولا جَمَعَ القَومَ عَلَيهِ حَتَّى فَرَّقَهُمْ تَاجِرُ السَّمَكِ الكَبِيرُ فَنَظَرَ فِي الصَّيدِ ثُمَّ قَالَ بِلَهْجَةٍ حَاسِمَةٍ:
ـ عَشْرُ لِيرَاتٍ فِي هَذِهِ السَّمَكَةِ ، وَلا أُرِيدُ هَذَا القِرْشَ فَلا طَلَبٌ عَلَيهِ.

تَجَرَّأَ أَحْدُ التُّجَارِ الصِّغَارِ بَعْدَ أَنْ مَضَى ذَاكَ فَقَالَ:
ـ أَشْتَرِيهِ بِقِرْشِ.


دَارَتْ الدُّنْيَا بِالصَّبِيِّ. أَبَعْدَ كُلِّ هَذَا العَنَاءَ وَالخَطَرَ؟؟ رَحْمَتَكَ رَبِّي!
نَظَرَ فِي عَيْنَيِّ أَبِيهِ وَقَدْ تَعَلَّقَتَا بِالقِرْشِ وَتَعَلَّقَ فِيهمَا حُزْنٌ وَحَسْرَةٌ وَقَالَ بِسُخْرِيَةٍ مَرِيرَةٍ:
ـ حَسَنًا ، خُذْهُ بِقِرْشٍ!
ـ يَا أَبِي ....
ـ أُصْمُتْ يَا مُخْتَارُ!
ـ يَا أَبِي ... هَذَا لَيسَ بِعَدْلٍ. دَعْنِي أَبِيعُهُ فِي السُّوقِ قِطَعًا.
ـ لَنْ تُفْلِحَ يا بُنَيَّ فَلَحْمُهُ مِمَّا يُزهَدُ بِهِ ، وَهُمْ لَنْ يَسْمَحُوا لَكَ.

صَمَتَ لِسَانُ الصَبِيِّ وَتَحَدَّثَتْ عَينَاهُ بِكُلِّ مَا أَصَابَ القَلْبَ مِنْ قَهْرٍ وَأَسَى ، يَنْظُرُ إِلى التَّاجِرِ يُقَطِّعُ لَحْمَهُ قَبلَ أَنْ يُقَطِّعَ لَحْمَ القِرشِ ذَاكَ. وَمَا إِنْ فَتَحَ التَّاجِرُ بَطْنَهُ حَتَّى جُنَّ جُنُونُ الصَبِيِّ يَصْرخُ بِأَبيهِ يَنظُرانِ كِلاهُمَا بَينَ الذُّهُولِ وَالأُفُولِ لَكِنَّ أَبَاهُ نَهَرَهُ بِرِفْقٍ قَائِلا:
ـ لا يَا وَلَدِي ، لا يَتَرَاجَعُ الحُرُّ عَنْ البَيْعٍ حَتَّى لَوْ وَجَدُوا فِي بَطْنِهِ كُلَّ هَذَا الخَيرِ ، هِيَ أَرْزَاقٌ يَا بُنَيِّ وَأَقْدَارٌ
لا يَجِبُ فِيهَا أَنْ يَدْفَعَنَا السُّخْطُ إِلى أَنْ نَزِلَّ أَوْ أَنْ نَضِلَّ أَو أَنْ نَنْكثَ عَهْدًا أَو أَنْ نَخُونَ أَمَانَةً.




Shark with a piaster

It is the end of a cold windy night, the birds break the silence and go to seek their sustenance worshiping Allah. the cold wind turns the black lock of his hair into gray before the dewy call of the Alfajer pray invited people to seek their sustenance. Mukhtar woke up before the daylight birds, walks quickly to follow his father, they were walking near the seaside in the road which passes by an oasis of long palms . The dread of silence, the wailing of wind and the hardness of darkness painted some childish fear in his imagination that grow stronger by the night tale of his grandmother when he sleeps in her lap every night, his hand refused to hold the hand of his firm father searching for peace and security .
The sea was furious. The frostiness covered the earth with a shiny cotton dress till it reached their boat .

It is a new day in the ten year old child's life, he starts quickly and lightly to practice what he has learned , then he sit in front of his father removing together the ice heaps with their bared hands so they can reach the freezing fish, feeding them the bite so they could have good fishing to bring the sustenance of the great family . Whenever his hands freeze .and reach the limit of paralysis he runs quickly and dips them in the cold sea so he can move them again
The sea rises and falls , the wind howls and whistles and the small boat is about to be damaged because of the powerful struggle between the sea and the wind . The boat was slapping strongly in a way that could pull out the child's heart , he was looking to the horizon praying that their sustenance could be enough. he closed his eyes and recaptured different memories , then he absorbed praying Allah to give them enough sustenance for the kids , till his mind was clear, in an meditation looks like a dream he saw a fish floating on the surface towards his boat, he stretches his hand to catch it . He shakes his head laughing at himself, it should be because of the intense need of money and the rarity of fishing which create that illusion in his mind.

This illusion dominated his mind till he opened his eyes to expel that dream by the far light but he couldn’t. He took a .position that enables him to see the fish in the darkness of the sea surface without going too far in his relaxation Suddenly he trembles shouting:

-Oh father stop!!!! There is a fish flouting toward usHis father was!!

astonished, he was afraid that the kid was delirious because of tiredness, he smiles gently and says:

-I hope we could have good fishing today by God willing, fish don’t come to people son, and we can't see anything in this darkness, rest till we reach the place of fishing.

-But father I can see it, it is coming to us, swear to God !!

The great confidence in the boy's words terrified his father;so his father come near , he was astonished when he saw the fish coming toward them yieldingly. It wasn’t big but it has great impact on their hearts, it revives both joy and fear in his heart when he catch it alive.

-Glory to Allah !!

They reached where the ordinary fishing ritual starts, they have waited for a long time without avail. Suddenly when the end is about to thrust their hearts with a stab of frustration that well strengthen their exhaustion, he pulled the thread strongly when the fishhooks start getting out from their place quickly.
The father shouted alerting:

-Return back quietly and take care.

Mukhtar knew what to do even when the power of pulling disturbed him so he was very cautious. Two hours bass as if they were an age, the big shark pulled the boat any where it wants, its size exceeds the size of the boat, then the shark loses its power because it was pulling the boat. When it reached the boat the stupor tided their tongues and eyes, they couldn't pick it up, it was too heavy so they extend it in the side of the boat.

A great crowed was looking, some of them was looking out of curiosity and others out of envy when they saw the boat was about to sink because of the heavy fishing , till it reached the beach, some men hurried to help them carry the shark that needs ten men to carry it out . The scene was astonishing, people were gathering till the great fish merchant separates them. He looks at the fishing and sharply says :

-Ten dinars for this fish, I don't want this shark no one would like to buy it.

When that merchant went away, a least merchant dare to say:

-I will buy it with a piaster

The boy became dizzy, after all this effort and danger! Mercy God!!

Looking to his father's eyes that were clinging to the piaster, he saw some sadness and sorrow in his eyes , he said with a bitter irony:

- Ok, take it .
- Father…..

- Hush Mukhtar !
-Father this isn't fear. Let me sell it pieces in the market.

-You couldn't succeed boy, no one would like to buy its meat , and they will not let you do so.

The boy was speechless ,but his eyes spoke , they showed the sorrow and sadness that hurt his heart, looking for the merchant cutting his flesh before cutting the shark . When the merchant opened the shark's stomach the boy lost his mind calling his father, they both were looking astonished, but the father gently chided his son :

-No son, the freeman didn't retreat his sale even if he found all these things, its sustenance and destiny, dissatisfaction shouldn't force us to commit mistakes, to break our promises or to betray the trust .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:35 AM
قراءة في قصة حرص



حرص
تَمَطَّى عَلَى الأَرِيكَةِ الوَثِيرَةِ يَفْركُ يَدَيهِ بِسَعَادَةٍ وَرِضَا. الدِّفْءُ المُنبَعِثُ مِنَ الموقَدِ المُقَابِلِ يَتَخَلَّلُ جَسَدَهُ لِيَزِيدَهُ اسْتِرْخَاء وَسَكِينةَ وَهُوَ يَتَأَمَّلُ مِنَ النَّافِذَةِ الكَبِيرَةِ رِقَّةَ هُطُولِ الثُّلُوجِ فِي دَعَةٍ وَهُدُوءٍ كَقطْنٍ نَدِيفٍ مِنْ يَدِ صَانِعٍ مَاهِرٍ. بَيْتُهُ الخَشَبِيِّ الصَّغِيرِ المُحَاطِ بِأَشْجَارٍ بَاسِقَةٍ أَصَرَّتْ عَلَى الاحْتِفَاظِ بِأوْرَاقِهَا الخَضْرَاء وَإِنْ خَالَطَهَا البَيَاضُ كَانَ كُلَّ عَالَمِهِ الصَّامِتِ إِلا مِنْ بَعْضِ مَرَّاتٍ يَشْتَاقُ فِيهَا لِلصَّخَبِ وَالحَرَكةِ.

عَادَ لِيَتَفَحَّصَ الكَامِيرَا التِّي ابْتَاعَهَا مُنْذُ يَومَين مُتَأَمِّلاً تَارَةً شَكْلَهَا الأَنِيقِ ، وَمُسْتكْشِفَاً تَارَةً الجَدِيدَ مِنْ مِيزَاتِهَا العَدِيدَةِ مِمَّا لَمِّا يَصِلْ إِلَيهِ. ابْتَسَمَ مِنْ جَدِيدٍ سَعَادَةً بِهَذِهِ الكَامِيرَا التِي طَالَمَا حَلِمَ بِهَا لِيُسَجِّلَ لَقَطَاتٍ مِنْ لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ السَّعِيدَةِ ذِكْرَى يَحْتَفِظُ بِهَا سَبَبَ أُنْسٍ لِشَيخُوخَتِهِ التِي يَعْلَمُ أَنَّهُ سيَكُونُ فِيهَا وَحِيدَا. لَمْ يَهْتَمَّ لِلمَبْلَغِ البَاهِظِ الذَي دَفَعَهُ ثَمَنَاً فَهِيَ تَسْتَحِقُ كَمَا أَقْنَعَ نَفْسَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ خَصَائِصَ وَإِمْكَانِيَات مُذْهِلَةٍ هِيَ أَحْدَثُ مَا تَوَصَّلَتْ إِلَيهَا التقْنِيَةُ الرَّقمِيَّةُ.

أَعَادَ نَظَرَهُ إِلَى حَيثُ النَافِذَةِ يَتَأَمَّلُ مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ مُهَفَهَفٍ تَكْسُو بِهِ الأَرْضَ ثَوبَاً أَبْيَضَ مِنَ النَّقَاءِ يُخْفِي تَحْتَهُ كُلَّ أَدْرَانِهَا وَعَورَاتِهَا. شَعَرَ بِرَغْبَةٍ عَارِمَةٍ فِي أَنْ يَحْتَفِلَ بِهَذَا الجَّوِ الثَّلْجِيِّ الفَاتِنِ ، وَأَنْ يَحْتَفِيَ بِكَامِيرَتِهِ الجَدِيدَةِ ؛ فَيَبْدَأَ الاسْتِخْدَامَ الفِعْلِيَّ لِخَصَائِصِهَا الكَثِيرَةِ وَالكَبِيرَةِ خُصُوصَاً مِنْهَا مِيزَة ثَبَاتِ الصُّورَةِ فِي كُلِّ الظُرُوفِ. قَرَّرَ بِالفِعلِ أَنْ يَخْتَبِرَهَا في مثل هذا الطَّقْسِ البَارِدَ ، وَأَنْ يُسْعِدَ نَفْسَهُ بِرِيَاضَتِهِ المُفَضَّلَةِ يُفْرِغُ بِهَا دَفقَاتِ السُّرُورِ التِي تَنْتَابُهُ وَتَستَعْمِرَ مَشَاعِرَهُ.

رِيَاحُ الشَّمَالِ تَتَدَفَّقُ بِرِفْقٍ تَحْمَلُ الهَوَاءَ النَّقِيَّ البَارِدَ لِتَلْفَحَ بِهِ وَجْهَهُ المُتَلَفِّعَ بِلِثَامٍ صُوفِيٍّ سَمِيكٍ وَهُوَ يَنْسَابُ بِتَؤُدَةٍ عَلَى زَلاجَتِهِ نَحْوَ تِلْكَ المَسَاحَاتِ البَيْضَاء حَيْثُ لا شَجَرَ يَزْجُرُ وَلا حَجَرَ يَحْظرُ وَلا بَشَرَ يَنْظُرُ. وَعَلَى سُفُوحِهَا هُنَاكَ أَطْلَقَ لِسَاقَيهِ العنَانَ يُسَابِقُ الرِّيحَ تَارَةً وَيُسَابِقُ الحُلُمَ تَارَةً أُخْرَى ؛ كَأَنَّهُ فَارِسٌ امْتَطَى مَتْنَ الرِّيحِ مُنْطَلقَاً نَحْوَ الحُلُمِ الجَمِيلِ الذِي رَاوَدَهُ عَدَدَ سِنِين. مَهَارَتُهُ فِي التَّزَلُّجِ مَدَّتْ يَدَاً لِكَفِّ نَشْوَتِهِ الجَارِفَةِ تَدْفَعَانهُ لِلتَّمَايُلِ تَبَخْتُرَاً بِرَغْمِ هَذِهِ السُّرْعَةِ العَالِيَةِ وَقَدْ أَمْسَكَ بِيَدِهِ الكَامِيرَا يُدِيرُهَا إِلَى وَجْهِهِ المُتَهَلِّلِ سَعَادَةً حِينَاً ، وَحِينَاً إِلَى الأُفُقِ المُمْتَدِّ أَمَامَهُ أَبْيَضَ مِنْ غَيرِ سُورٍ مُتْعَةً كُبْرَى.

وَفَجْأَةً ؛ شَعَرَ بِأَنَّ الأَرْضَ لَمْ تَعُدْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْمِلَهُ. لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُلُمَاً تَوَهَّمَهُ. كَانَتِ الأَرْضُ تَتَشَقَّقُ تَحْتَهُ حَقَّاً لِيَجِدَ نَفْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّوَقُّفِ قَدْ بَدَأَ يَغُوصُ فِي الجَلِيدِ. اضْطَرَبَ جِدَاً وَهُوَ يَرَى كَأَنَّ الأَرْضَ تَبْتَلِعُهُ وَكَأَنَّ صَقِيعُهَا يُكَبِّلُهُ. لَمْ يَتَوَانَ الأَلَمُ أَنْ يَغْرسَ فِي أَطْرَافِهِ أَنْيَابَهُ يَعضُّهُ سَغْبَانَ مَسْعُورَاً. يَتَأَوَّهُ بِشِدَّةٍ وَلَكِنْ كَانَ كُلُّ هَمِّهِ وَقْتَئِذٍ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الكَامِيرَا مِنَ البَلَلِ فَتَتَعَطَّلَ ، أَوِ السُّقُوطِ مِنْ يَدِهِ فَتَنْكَسِرَ. رَفَعَ يَدَهُ بِهَا أَكْثَر كُلَّمَا غَاصَ أَكْثَر مُشْفِقَاً عَلَيهَا يَنْظُرُ إِلَيهَا بِحِرْصٍ وَانْتِبَاهٍ.

وَعَلَى أَحَدِ الأَسِرَّةِ البَيْضَاء كَانَتْ عَيْنَاهُ تَتَقَلَّبَانِ بَينَ قَدَمَينِ قَدْ شَلَّ الجَلِيدُ قُدْرَتَهَا وَدَامَا ، وكَامِيرَا قَدْ كَسَرَ البَرْدُ عَدَسَتَهَا خِتَامَا ، وَكَشْفُ حِسَابٍ جَاوَزَ ثَمَنَهَا بِعَشْرَةِ أَضْعَافٍ تَمَامَا.

القصة هي سرد لحدث أو أحداث تتعلق بشخصية أو أكثر بأُسلوب فني يوصل من خلاله الكاتب رسالته أو فكرته للمتلقي، حيث يتم تسليط الضوء على الشخصيةٍ أو الشخصيات وعرض ما يُحيطها فيصفها و يحللها، ويصور تحركها ضمن العالم الذي تنتمي إليه مركزا على جانب مُعين من حياتها وموحيا للقاريء أن ما يتابعه هو حياة حقيقية، وما هي في الحقيقة إلا مُحاكاة للواقع نجح الكاتب البارع و المُتمكن باقناع قارئة بواقعيتها عن طريق الإيحاء و التأثير.
وفي محموعة من الأحداث التي بدأت هادئة ثم تصاعدت وتيرتها بسرعة قبل السقوط المفجع، يتحدث كاتبنا في قصته "حرص" عن حلم رجلٍ بسيط يتمنى أن يحصل على كاميرا علّه يلتقط بها شيئاً من اللحظات الجميلة التي يعيشها ، في سردية قوية يُصور فيها المُحيط الذي يعيش فيه البطل موضحا ملامح شخصيتة ليُساعد القارئ على فهم مكنونات الشخصية و تحليلها، والبطل في قصتنا هنا إنسان بسيط بإمكانياتٍ محدودة و لكنه بالرغم من ذلك دفع مبلغاً باهظاً من أجل أن يُحقق حلمه، وكانت الخاتمة مُحمَلةً بمفاجأةٍ كبيرة إذ تنتهي القصة بأن تُشل قدما البطل و تُكسر عدسة حلمه "الكاميرا" إثر سقوطه في مياهٍ مُتجمدة ، وتُحدث الخاتمةُ نقلةً صاعقة للقارئ بحس المُباغتةِ الذي حملتهُ ,فقد بدأت القصة بصورةٍ جميلةٍ للبطل أثناء جلوسه في بيته البسيط هانئاً بالدفء رغم البرودة خارجاً ,مُنتشياً بتحقيق حلمه مما يشعرُ القارئ بحال السعادة والرضا اللذان يعيشهما البطل و لكن الحال ينقلب عند سقوطه في الماء المُتجمد إلى حالٍ من الأسى و الضيق تعاطُفاً مع البطل .

عنوان القصة مكونٌ من كلمةٍ واحدة "حرص" وهذه البساطة في العنوان تفتح باب التأويل على احتمالاتٍ كثيرة فيزداد تعلق القارئ بها كي يعرف ما يعنيه العنوان . فالعنوان مُختزلٌ و لكنه يحمل الكثير . كلما زادت المعاني التي يحملها أو يقترحها العنوان زاد تعلق القارئ بالنص و نجدُ أن كل قارئ يمتلك قراءته و نظرته الأولية للعنوان التي تختلف ولو بقدرٍ بسيط عن قراءة مُتلقٍ آخر . العنوان يبعثُ في نفس القارئ الكثير من التساؤلات عن طبيعة هذا الحرص و سببه فينطلق باحثاً عن إجاباتٍ يحملها النص .


قصة "حرص " تصور جانباً من حياة البطل وما عاناه. القصة واقعية فهي تُحاكى الواقع و تصوره ببراعة من خلال عرضها لتناقض المُجتمع الذي نعيش فيه فها هو البطل يفقد قدميه من أجل حُلمه البسيط إلا وهو الحصول على كاميرا . هذا النوع من الأدب ينتمي إلى المدرسة الواقعية النقدية التي تسلط الضوء على مُشكلات اجتماعية و خاصة المشكلات التي تُعنى بالطبقية و تصوير مُعاناة الطبقات الفقيرة في المُجتمع. مما يُشير إلى واقعية القصة عدم ذكر اسم البطل وهو ما زاد من تأثير القصة و واقعيتها حيث يشعر كل قارئ بإمكانية حدوث ما حدث للبطل له هو أيضاً فيزداد تأثير القصة فالبطل غير معروف و هويته غير مُحددة لا نعرف عنه سوى أنه إنسانٌ بسيطٌ يمتلك حُلماً يسعى إلى تحقيقه و من منا لا تنطبق عليه تلك الصفات ؟ كلما زادت واقعية القصة زاد التصاقها بنفس القارئ فهو يهتم بالواقع أكثر من اهتمامه بالخيال مهما بلغ تأثير الخيال في نفسه فإنه لن يكون بحجم تأثير الواقع .


تبدأ القصة بمشهد جلوس البطل أمام المدفئةِ و تصوير شعوره بالدفء هذا الوصف يوضح جوانب من شخصية البطل فهو إنسان بسيط وهو ما يتضح من مسكنه يعيش حياةً راضيةً نفسه مُطمئنةٌ هانئة " يَتَخَلَّلُ جَسَدَهُ لِيَزِيدَهُ اسْتِرْخَاء وَسَكِينةَ وَهُوَ يَتَأَمَّلُ مِنَ النَّافِذَةِ الكَبِيرَةِ رِقَّةَ هُطُولِ الثُّلُوجِ فِي دَعَةٍ وَهُدُوءٍ كَقطْنٍ نَدِيفٍ مِنْ يَدِ صَانِعٍ مَاهِرٍ" يقول إيليا أبو ماضي " كن جميلاً ترى الوجودِ جميلا" فنفسه الراضية رأت مٌحيطها في أجمل الصور و أبهاها " أَعَادَ نَظَرَهُ إِلَى حَيثُ النَافِذَةِ يَتَأَمَّلُ مَا تَحِيكُ يَدُ السَّمَاءِ مِنْ نَسِيجٍ مُهَفَهَفٍ تَكْسُو بِهِ الأَرْضَ ثَوبَاً أَبْيَضَ مِنَ النَّقَاءِ يُخْفِي تَحْتَهُ كُلَّ أَدْرَانِهَا وَعَورَاتِهَا". هو إنسان مُنطلقٌ حالمٌ" أَطْلَقَ لِسَاقَيهِ العنَانَ يُسَابِقُ الرِّيحَ تَارَةً وَيُسَابِقُ الحُلُمَ تَارَةً أُخْرَى ؛ كَأَنَّهُ فَارِسٌ امْتَطَى مَتْنَ الرِّيحِ مُنْطَلقَاً نَحْوَ الحُلُمِ الجَمِيلِ" رأى نفسهُ فارساً لأنه وضع حُلمهُ نُصبَ عينيه وسار نحوه و ناله.

سعى لتحقيق حلمه و لم يأبه لما دفعه من مبلغٍ كبير في سبيل تحقيق ذلك الحلم" لَمْ يَهْتَمَّ لِلمَبْلَغِ البَاهِظِ الذَي دَفَعَهُ ثَمَنَاً فَهِيَ تَسْتَحِقُ كَمَا أَقْنَعَ نَفْسَهُ بِمَا فِيهَا مِنْ خَصَائِصَ وَإِمْكَانِيَات مُذْهِلَةٍ هِيَ أَحْدَثُ مَا تَوَصَّلَتْ إِلَيهَا التقْنِيَةُ الرَّقمِيَّةُ". هو يرى في الكاميرا مؤنساً يُدفئ القادم من أيامه و يُكسبها شيئا من الجمال فيقتات على ما عاشه من لحظاتٍ جميلةٍ في الماضي ليعيش الباقي من أيامه . كانت هذه الصورة تخليداً للحظةٍ جميلةٍ عاشها لعل شعوره بالسعادة يطول أكثر و يُلازمه في القادم من أيامه. الكاميرا كانت عينهُ التي يرى و ينتقي بها أجمل ما في واقعه غاضاً البصر عن ما يحتويه هذه الواقع من عوراتٍ وأدران ليرى عالماً مثالياً لا يحوي إلا الجمال " ثَوبَاً أَبْيَضَ مِنَ النَّقَاءِ يُخْفِي تَحْتَهُ كُلَّ أَدْرَانِهَا وَعَورَاتِهَا".

مشهد تساقُط الثلج يُشير إلى النشاط و الحركة و السعي في حياة البطل فهو قد سعى ليُحقق حُلمه و غايته. جلوسه بالقرب من المدفئة يعكس دفء حياته التي يعيشها أما مشهد البرد خارج بيته فهو يصور البرودة التي قد يحملها مُستقبله فهو يرى نفسه يحيا مُستقبله وحيداً " سَبَبَ أُنْسٍ لِشَيخُوخَتِهِ التِي يَعْلَمُ أَنَّهُ سيَكُونُ فِيهَا وَحِيدَاً".

تصوير مشهد السقوط كان مُختزلاً و سريعاً فلم يتم شرح تفاصيله و هذا أمرٌ قد زاد من واقعية القصة فحسُ المُباغتة الذي صور وقوع البطل هو ذاتهُ ما نشعر به واقعاً عندما نكون مُحلقين حالمين فنتفاجأ بارتطامنا بالأرض بعد أن كنا مُحلقين في سماء الحُلم و إذا سُئلنا عن سرِ ما حدث لا ندري بما نُجيب فنحن كنا غافلين عما يُحيط بنا هائمين في سماواتِ أحلامنا " وَفَجْأَةً ؛ شَعَرَ بِأَنَّ الأَرْضَ لَمْ تَعُدْ تَسْتَطِع أَنْ تَحْمِلَهُ. لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُلُمَاً تَوَهَّمَهُ. كَانَتِ الأَرْضُ تَتَشَقَّقُ تَحْتَهُ حَقَّاً لِيَجِدَ نَفْسَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ التَّوَقُّفِ قَدْ بَدَأَ يَغُوصُ فِي الجَلِيدِ".

سقوطه إلى الواقع بعد طيرانهِ حالماً كان مُدوياً "لم يتوانَ الألم أن يغرس في أطرافه أنيابه يعضه سغبان مسعوراً" هي الحياة التهمته دون رحمةٍ و لكنه برغم ما عاناه من ألمٍ بقيَ مُتمسكاً بحُلمه "حريصاً" عليه " يَتَأَوَّهُ بِشِدَّةٍ وَلَكِنْ كَانَ كُلُّ هَمِّهِ وَقْتَئِذٍ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الكَامِيرَا مِنَ البَلَلِ فَتَتَعَطَّلَ ، أَوِ السُّقُوطِ مِنْ يَدِهِ فَتَنْكَسِرَ. رَفَعَ يَدَهُ بِهَا أَكْثَر كُلَّمَا غَاصَ أَكْثَر مُشْفِقَاً عَلَيهَا يَنْظُرُ إِلَيهَا بِحِرْصٍ وَانْتِبَاهٍ" و كأنه يُريدُ أن يُثبت للحياة جدارته بالحصول على حُلمه فزادت الحياة الطعنات لكي تختبر صلابتهُ و إصراره. كان حالماً ولكن الحياة أبت إلا أن تُعيده إلى الواقع فأسقطته من علياء حُلمه إلى صقيع الواقع . هو الحالم يدفعُ ثمن حُلمه من ماله وجسده و روحه علهُ ينالُ مُبتغاه فالبطل في القصة قد دفعَ الثمن باهظاً من جسده و ماله و روحه"وَعَلَى أَحَدِ الأَسِرَّةِ البَيْضَاء كَانَتْ عَيْنَاهُ تَتَقَلَّبَانِ بَينَ قَدَمَينِ قَدْ شَلَّ الجَلِيدُ قُدْرَتَهَا وَدَامَا ، وكَامِيرَا قَدْ كَسَرَ البَرْدُ عَدَسَتَهَا خِتَامَا ، وَكَشْفُ حِسَابٍ جَاوَزَ ثَمَنَهَا بِعَشْرَةِ أَضْعَافٍ تَمَامَا"


إذاً هي حرصُ الحالمِ على حُلمه و قصة فارسٍ قاتل كي ينال ما يُريد فكان حرصه على ذلك الحُلم أشد من حرصه على سلامة جسده . لم يكن بُخلاً أو نسياناً لحياته ولم يكن حرصه عليها وتشبثه بها لقيمتها المادية إنما كان تشبُث الحالم بحلمه و تعلقه به فكلنا نرى في أحلامنا سبباً لبقائنا لا يمكننا العيشُ من دونها فهي من يُكسب الحياة رونقاً و ألقاً فما معنى سعينا و عملنا إن لم نملك غايةً نطمحُ بالوصول إليها؟ حتى لو اقتضى الأمر أن ندفع أرواحنا ثمناً للحصول على حلمنا الذي يمنحنا شرعيةَ البقاء و يدفعنا إلى العمل و السعي . قد كسرت الحياةُ جزءاً منه و لكنه بقي مُقاوماً مُتمسكاً بحلمه .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:37 AM
الى اخي سمير


العذر اطلبه يا قمة الأدب = لولا المحبة لم تلجأ إلى العتب

فلم تكن جفوة منا لمنبرنا = ولا لشخصك حاشا يا أخا العرب

لكنها فترة مرت بنا ومضت = كان الحصاد وأكوام من الكتب

كنا نشاطر أبناء لنا سهراً = لعلهم إن علوا نعلوا إلى الشهب

انا على العهد ما كنا وكنت لنا = بإذن ربك يا ابن السادة النجب

وكل عام وانتم يا أحبتنا = بألف خير وهذا منتهى اربي

ابو عمر

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:38 AM
سمير عرّج
بندر الصاعدي



عذبُ الكلامِ يصبُ الغيثَ في الشعرِ=والعينُ أذنٌ ولحنُ الشدوِ في الثغرِ
يسقى المواردَ من نبع الحنانِ وهل=هناك أفضلُ من روّايةِ الصدرِ
سميرُ عرّجْ إلى قلبي وسامرهُ=قد كاد ينزح بالمأساةِ من نحري
نسيتُ معنى الهوى مذ كان هاجرهُ=من غيرِ حقٍّ أمات الحبَّ في الهجرِ
ودّعتها دون عينيها فما لفظتْ=منها العيون بما يعني لها قدري
إنّي رفيق الأسى والحزن مسلكنا=والأنس ظلَّ لنا شيءً من الذكرِ
عمرُ الصِّبا وترٌ قد ضاع عازفهُ=ما بين ذكرى وآمالٍ بلا فجرِ
قرأتُ من كتبِ العشاقِ أعذرها=وكلُّ سطرِ بدا من حالتي عذري
أمسى غرامي كما طيرٍ بلا وكنٍ=ملَّ الغصونَ بلا شدوٍ لهُ يغري
نعم نسيتُ الهوى من حيثِ أذكرها=طرفاً من العمر يبقى ممتطٍ عمري

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:39 AM
زان لي بستانك
بندر الصاعدي


لا أذكر من أيِّ بحرٍ كتبتُ أوّل قصيدةٍ إلا أنّني أذكر قصيدةً في بداياتي هي المدلّلةُ بالنسبةِ لي كما هذه مدلّلةُ سمير وهي من الكامل أيضاً مطلعها :
ذهبَ الودادُ بردفِ ليلِ مسافرٍ // نحوَ التّعزُّز في الصباحِ الباكرِ
سبق وأن نشرتْ هنا .

ولك ياسمير هذهِ الأبياتُ فقد نبشتَ جرحاً أنسانيهُ الزمن وما أظنهُ سينمحي :

في ظلِّ أشواقِ الغرامِ الأوسعِ= قد كان يوماً بالتّشوقِ مرتعي
مذْ أشركتْ نسجُ الهوى لتصيدني=وأنا بغيرِ سمائها لم أقبعِ
كابدتُ أشواقي وثغري ظامئاً=والماءُ حولي من زلالِ المنبعِ
لكنّني حذرَ البعادِ تخوّفاً=صيّرتُ عيني النبعَ, أشربُ أدمعي
حتّى طغى طوفانُ حبّي وارتمى=تصريحُ قلبي في حياضِ المسمعِ
يا ليتني ما كنتُ صبّاً عاشقاً=حتّى لفظتُ بحبِّيَ المتوجعِ
فإذا بحبِّ منتهاهُ بما بدا=والقلبُ بعدَ نفورها لم يرجعِ
يا حسرتي من يحيَّ الخفقانُ بي=ونواةُ قلبي في الهوى ليستْ معي
أ سميرُ عذراً زانَ لي بستانكم=حتّى أتيتُ إلى هنا بالبلقعِ
فاسمحْ لقلبٍّ نال منهُ غرامهُ=والحبَّ جفّفهُ زمانٌ فاشفعِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:40 AM
الله الله
فارس عودة


إذا العمري قال القول جاءت
له الألفاظ كالانغام تسعى
فما اضطربت له يوما قوافٍ
ولم يخفق له في الشعر مسعى
له الأنغام تخفق في سماها
وحسن بيانها لفظ ومعنى

أخي الحبيب سمير العمري تحية محب عطرة لك
وهذه الآبيات المتواضعة هي بعض ما جادت به القريحة الآن وأنا أقرأ قصيدتك الرائعة وقد لفت انتباها تعليق بعض الإخوة الكرام عليها فكتبت لك هذه هديةفتقبلها من قلب يخفق بحبك دائما
أخوك المحب فارس عودة

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:42 AM
ملك القوافي
فارس عودة


ملك القوافي****
أحبابي الكرام هذه القصيدة هي بعض من الأشواق التي تجيش في صدري تجاه أخ كريم أحببته, ويعرفه الجميع هنا,
إنه أخونا سمير العمري (ملك القوافي) صاحب الواحة الفواحة(واحة الفكر والأدب) الذي عرفته من خلال المنتديات شاعرا صادقا مخلصا لقضيته يفيض شعره عذوبة ورقة وأحيانا نارا تلهب في وجوه العدى ؛وأنا اكتب هذه الأحرف المتواضعة لا أقولها تملقا أو مجاملة فقد أحببته بصدق أخا وحبيبا وما تعرفت على شاعر في المنتديات وتمنيت أن ألقاه إلا سمير العمري ,أسأل الله أن يقدر لنا لقاء قريبا .
أخي الحبيب سمير العمري تقبل مني هذه الهدية المتواضعة والتي لا ترتقي إلى بعض شمائلك وصفاتك
إليك أخي الحبيب أهدي هذه القصيدة وأقول لكل عضو في واحة الفكر والأدب:




إنْ ضاقَ صدرُكَ بالآلامِ والكُرَبِ=فاغذذْ خطاكَ ويممْ واحةَ الأَدَبِ

تلقى سميراً يصوغُ الشعرَ في حُلَلِ=أبهى منَ الدُّرِّ والياقوتِ والذَّهبِ

يلقاكَ دوماً بترحابٍ ومأدبةٍ =أشهى منَ الشّهْدِ والتفاحِ والعِنَبِ

منْ بيتِ عزٍّ كريمٍ زانَهُ نسبٌ=منْ أهلِ غزةَ أهل الجودِ والحَسَبِ

أهلُ الملاحمِ, والإسلامُ عزتُهُمْ=أهلُ العزائمِ أهلُ السيفِ والكُتُبِ

همُ الكرامُ ذوو الأحسابِ تعرفهمْ=أرضُ الإباءِ وهمْ منْ أكرمِ العَرَبِ

أَبْنَاءُ أحمدَ ,والقسّامُ جدُّهُمُ=أكرمْ بآلِكَ عزَّ الدينِ منْ نَسَبِ

يا شاعرَ القدسِ كمْ سارتْ ملاحمكم =تسري روائعها كالنّارِ في الحَطَبِ

في عالمِ الشعرِ كمْ ضاءتْ كواكبُكُمْ=-يُهْدَى الأنامُ بِهَا- أقوى مِنَ الشُّهُبِ

إني عرفتُكَ ياسَمّورُ ذا أَدَبٍ=تشفي الصدورَ بشعرٍ رائقٍ عَجِبِ

تسري قصائدُهُ كالعطرِ شاديةً=بالحبِّ مفعمةٌ تختالُ في طربِ

تلقاه مبتسماً بالحِلْمِ متَّسِماً=باللهِ معتصماً يبني ذُرَى الأَدَبِ

تأتيكَ بسمتُهُ كالصبحِ مشرقةٌ=للودَِ مغدقةٌ تنهلُّ كالسُّحُبِ

اللهُ غايتُهُ والصدقُ سيمتُهُ =والحبُّ رايتُهُ خالٍ منَ الرِّيَبِ

والعزُّ شيمتُهُ والصبرُ عدتُهُ =يلقى الخطوبَ بصدرٍ واثقٍ رَحِبِ

يبكي على وطنٍ حلَّتْ بهِ مِحَنٌ=تهتاجُ حرقتُهُ أقوى منَ اللهَبِ

كأنَّ أدمعَهُ منْ يومِ هجرتِهِ =عنْ عزِّ موطنِهِ فيضٌ منَ اللجِبِ

إذا تذكَّرَ أنهاراً وأوديةً=ثارتْ مراجلُهُ منْ فورةِ الغضبِ

يرنو إلى الوطنِ المسلوبِ في أَمَلٍ=أنْ يشرقَ الفجرُ منْ عكا إلى النَّقَبِ

يسطرُ الشعرَ منْ وجدانِه ألقاً=ويسبلُ الدمعَ فوقَ الخدِّ في صَبَبِ

لازالَ يَجْرَعُ مُرَّ الكأسِ مغترباً=وكمْ كؤوسٍ يُسَاقَى كلُّ مغتربِ

فكمْ تعلقَ بالأسبابِ معتصماً=واليومَ أصبحَ مقطوعاً بلا سَبَبِ

كمْ باتَ يزفرُ طولَ الليلِ منتحباً=إنَّ المحبَّ لذو شجوٍ وذو نَحَبِ

يشتدُّ معتملاً بالصبرِ مشتملاً=لايشتكي أبداً شيئاً منَ النَّصَبِ

يسمو بهامتِهِ منْ غيرِ مَخْيَلَةٍ=كأنَّهُ عَلَمٌ يمشي على الحَصَبِ

تزدانُ واحتُهُ بالظلِّ وارفةً=يهفو لدوحتِها حباًّ ذوو الأَدَبِ

بالشعرِ رايتُهُ شمَّاءُ خافقةٌ =تزهو مرفرفةً دوماً على القِبَبِ

أحببتهُ شغفاً والشوقُ يأسرني=فازدادَ بي فَرَحاً يخلو منَ الأَرَبِ

نادمتُهُ أدباً في الرِّقِ منسكبٌ=ينسابُ سلسلُهُ لحناً منَ الطربِ

يامنْ ببسمتِهِ تزدانُ طلعتُهُ =والعزُّ يجعلُهُ منْ نُخْبَةِ النُّخَبِ

والشعرُ يرفعُهُ فوقَ الذُّرَى مَلِكاً=تسمو مراتبُهُ أعلى منَ الرُّتَبِ

هذي مناقبُكُمْ والقلبُ ينثرُها=والحبُّ ينْظِمُهَا عِقْداً منْ الذَّهَبِ

================
أخي سمير أيها الملك شوف لي هيك مكانة بالبلاط محرزة وزير هيك أو سفير حتى
مع تحياتي الحارة وأشواقي الملتهبة
أخوك المحب دائما
فارس عودة
أتمنى على المشرف التثبيت إكراما لحبيبنا سمير

نداء غريب صبري
30-05-2012, 03:49 AM
قصيدة سمير العمري
للشاعر معبر النهاري



الحبُ في القلبِ لا في القولِ إن حَسُنا = تفنى القوافي ويبقى العاشقونَ هنا
الذائبونَ هــوىً في كـلِ ســـــــــاجيةٍ=والــــــ ـنــازفونَ دماً قدْ عطرَ الدمنا
والباذلــونَ ونارُ البــؤسِ تَحرقَهم =والــحــــاضنونَ زهوراً تغمرُ الوطنا
انظر فديتكَ أنتَ الـبـــحرُ تمـــنحهــم =صدقَ الـنوارسِ أنــى تعشقُ السفنا
غرامنا ياشقيق الروح أحــجـــيةٌ=يــبقى الغرام بطبع الـــودِ مقتِرنا
مازال للحـــــسنِ في أحداقنا وطـــــنٌ=حتى استحال وفاءً في الحشى كمنا
عشنا خريفًا بماء الصــــــبر يُمطرنا =فنسكب الشعر لحنًا يُذهب الشـــــجنا
سيدي سمير العمري

كلما خبت نار الشعر أججتها بلهيب فؤادك

الحبيب

تحياتي

وشكري على درك الثمين

الذي تنثره في كل مكان

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:01 AM
شمس الوقار
بندر الصاعدي



يا سيّدي شمسُ الوقارِ إلى الرُقي=تسمو بهاماتِ الخبيرِ الأحذقِ
ما الشيبُ إلا تاجَ مَنْ خبرَ الدُّنى=تاجَ الوقارِ على الحليمِ المرتقي
قدْ تصبغُ الأحداثُ مفرقَ أمردٍ=ويشيخُ طفلٌ منْ تهوّلِ زورقِ
ويهيمُ ذو جهلٍ بأنعامِ الورى=ويعفُّ عنْ حقِّ الأنامِ المتّقي
وتبدّلُ الأجناسُ في طبقاتها=كمْ ضاحكٍ يجني السعادةَ منْ شقي
بلغَ المرادُ – أيا رعاكَ اللهُ – مِنْ=حكمٍ نُسجنَ منْ اللبيبِ المُنطقِ
وضحتْ وعانقتِ العقولَ كما بدتْ=للعينِ شمسٌ في وضوحِ الَمشرقِ
للهِ دَرُّكَ هلْ تركتَ لمثلنا=بعضَ الرؤى فننالُ بعضَ تألّقِ
دعني أردّدُ ما ذكرتَ لعلّني=أسقي بهِ الألبابَ لمّا أستقي
( فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ هَلْ تُرَاكَ مُغَيِّـراً=نَامُوْسَ رَبِّكَ فِي الأَنَامِ بِمَنْطِـقِ
لا وَالذِي سَمَكَ السَمَوَاتِ العُلَـى=وَقَضَى بِهِنَّ الرِّزْقَ والعُمُرَ البَقِي
كُلٌّ لَـهُ فَضْـلٌ وَكُـلٌّ سَابـقٌ=وَلَرُبَّمَا بَعْضُ الفَضَائِلِ لَـمْ تَـقِ
وَلَرُبَّمَـا تَأْسَـى بِيَـوْمٍ مُظْلِـمٍ=وَلَرُبَّمَـا تَرْجُـوْ بِلَيْـلٍ مُشْـرِقِ
وَلَرُبَّمَا السُّفَهَاءُ تَغْرَقُ في الذُرَى=وَلَرُبَّمَا أَهْلُ العُـلا لَـمْ تَلْحَـقِ
وَذَوِي جُهُوْدٍ رِزْقُهُمْ فِـي جَدْبِـهِ=وَذَوِي خُمُوْلٍ رِزْقُهُمْ غَيْثٌ نَقِـي
هَذَا هُوَ المَكْتُوْبُ مِنْ رَبِّ الوَرَى=لا فَضْلَ فِيْهِ لِمُوْسِـرٍ أَوْ مُمْلِـقِ
فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ كَرَّتَيْنِ وَقُـلْ لَهَـا=يَا نَفْسُ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُكِ فَاعْتِقِـي)



لله درك أخي الحبيب ها قد أتكَ الضيفُ يرافقك طريق الحياة فأكرمهُ ولا تدثّرهُ بعباءةِ الشبابِ.. D:D: ..


في قولكَ :
نَبْكِي عَلَى سَاعَاتِ لَهْـوٍ ضَائِـعٍ
وَالعُمرُ يُبْحِرُ فِي السَّرَابِ بِزَوْرََقِ

( ضائعٍ ) نعتٌ للهوٍ وكم تمنّيتُ أن تكون ( لساعاتٍ ) لتناسبها مع ذلك ..

لك المحبة والتقدير
دمت بخير
في أمان الله .

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:03 AM
أسجل التقدير
د. جمال مرسي


و أنا هنا كيما أخطّ بياني


و أنا هنا كيما أخطّ بياني = و أسجل التقديرَ يا إخواني
أُزجي القريضَ إليكما متأنِّقاً = توَّجتُهُ بكما عظيمَ معانِ
لكما اْرتجلتُ قصيدةً من خافقي = خَرَجَتْ ، و ليست من كلامِ لساني
و الشعرُ أصدقهُ الذي يأتي بِهِ = قلبٌ مُحِبٌّ دائمُ الخفقانِ
للهِ درُّكما ، أشِعْرٌ ما أرى ؟ = أم دملجٌ من عسجدٍ و جُمانِ ؟
أم أنَّ روادُ البيانِ تجمَّعوا = في واحةٍ للحُبِّ و الألحانِ
فيها من الأزهارِ ما يسبي الحِجا = لتنوُّعِ الأعطارِ و الألوانِ
فيها من الأطيارِ كلُّ مُغَرِّدٍ = سكب القريضَ العذبَ في آذاني
(فسميرُ) بُلْبُلُنا بدونِ منازعٍ = سكنَ القلوبَ بحبِّهِ المُتفاني
(و معارجُ الروحِ) الجميلُ عرفتُهُ = قِمريَّةً تشدو على الأغصانِ
أمتعتماني إذ قرأتُ قصيدةً = لكليكما كالدرِّ في الميزانِ
و كأنني قُدَّام لوحةِ مُبدعٍ = خطَّ الجمالَ بريشةِ الفنانِ
تتضاءل الكلماتُ في وصف الذي = أكننتُ في صدري و في وجداني
و لذا سأختصر المسافةَ بيننا = و سأكتفي بالحُبِّ و العرفانِ
و الحبُّ في الرحمنِ خيرُ رسالةٍ = يا ليت كلَّ الحبِّ في الرحمَنِ

و ليتقبل الجميع حبي و تقديري و امتناني

المخلص د.جمال مرسي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:04 AM
القنديل
د. جمال مرسي



القنديل

شعر د. جمال مرسي

مهداة بكل الحب و التقدير إلى الأخ الحبيب سمير العمري

ليل المريضِ إذا علمتَ طويلُ = و نهارُهُ كالراسياتِ ثقيلُ
و كلاهما لا فرقَ بينهما سوى = ذا حالكٌ جداً ، و ذاك قليلُ
يا أيها الساري بجسمي إنني = مما دهاني من هواهُ عليلُ
و الجسم واهٍ من عذابات الهوى = مُتَضعضعٌ من هولِهِ مهزولُ
رَشَقَتْ عيونُ الرئمِ فيهِ سهامَها = و الرئمُ في شرعِ الجمالِ جميلُ
فلئن أَغَرْتَ عليَّ بعد سهامِهِ = فلقد تدكُّ جحافلي فأميلُ
و لئن تركتَ الغزوَ إنِّي ميِّتٌ = من دونِ غزوٍ بالهوى مقتولُ
فارفقْ بقلبي رحمةً بِي ، إنني = رغم الجوى في غربتي قنديلُ
***
يا لائمي للبُعْدِ ، إنَّ مكانَكم = في القلبِ راسٍ ، ما لهُ تحويلُ
لا لم أغب عنكم بمحضِ إرادتي = كلا ، و قلبي شاهدٌ و دليلُ
لكنْ كذا قال الطبيبُ مُحَذِّراً = فأطعتُ ما كان الطبيبُ يقولُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:06 AM
يلازمك الشموح
عبد الوهاب القطب



يلازمك الشموخُ كَظلِّ شمس=وتتبعك الفضائلُ أين تُرسي
فَأكْرِمْ بالذي احتمل العوادي=على مَرِّ الزمانِ بكلِّ بأسِ
ورغم الفقر والتشريدِ يشدو=بأعذبِ نبرَةٍ وأرَقِّ همسِ
فَعِشتَ برغم جرحكَ بالأماني=وغيركَ بالجراح رهين رَمْسِ

مع تحياتي واعجابي

المخلص

ابن بيسان

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:09 PM
دردشة مع سمير العمري
عبد اللطيف محمد الشبامي



سأمضي بعيداً وألقاك في = مساءٍ جميلٍ بضوءِ القمرْ

لنشدو سوياً بأشعارنا = وننظمُ من فاتنات الدررْ

هنالكَ حيثُ خريرُ المياهِ = بجدولها بين أحلى الزهَـــرْ

فيحلو لنا العزفُ عند اللقاءِ = إذا رنَّ في الأفق عزفُ الوترْ

أيكفيكمُ الشعرُ مني ارتجالاً = على الشاتِ حباً لأغلى البشرْ ؟

أرقُ الحواشيْ حواشيْكَ يا = سميرُ إذا رقَّ منك السّـمَـرْ

جميلٌ جميلٌ جميلٌ جميلٌ = كلامكَ من عَـــبرات العبرْ

وحتى ابتسامةُ وجهك نوراً = يضيئ الدياجيَ مثل القمرْ

نظمتَ ليَ الشعرَ لحناً جميلاً = يهزُ الفؤادَ ويجلي النظرْ

تسامرني يا سميرُ اشتياقاً = لوردٍ تفتحَ عندَ السحَـــرْ

علمتُ بذلك لكن قلبي = يحدثني بحديث الفِـكـَـرْ

سأتركك الآن تنظمُ شعراً = لمغتربٍ قد أطالَ السفرْ


تحياتي وتقديري :0014:

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:14 PM
فيك يقصر شعري
عبد الوهاب القطب



سلِمتَ يا شاعراً في شعره الحِكَمُ=ما إنْ قرأتُكَ حتى حزَّ بي الألمُ
هوِّنْ عليكَ ولا يَحْزُنكَ واقعُنا=فهذه أمةٌ عملاقُها قزمُ
وهذه أمةٌ أمجادُها انقرضت=وخلَّفت أمماً أشرافُها خدمُ
إنْ يعطُسِ الغربُ يغدو الشرقُ منزكماً=فإنْ تجشَّأ من تحتٍ له ابتسموا
فنحنُ نايٌ وفوه الغربِ ينفخهُ=هيهاتَ يخرجُ إن لم ينفخوا نغمُ
أهكذا تصبحُ الأعرابُ مزْبلةً=ينمو الذبابُ حواليها ويزدَحِمُ
كبيرةٌ هذه المأساةُ مقرفةٌ=قد أخْرَسَتْني وشابت دونها اللِّممُ
يا شاعري أنتَ بالأشعار تأسرني=ففيك يقصُرُ شعري أيها العَلَمُ
أكرِمْ بِعينٍ على أوضاعنا سهرت=وخافقٍ لهُموم العُربِ ينْثَلِمُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:22 PM
أميرنا
د. جمال مرسي




عينٌ بعذب الشعرِ ليست تنضبُ=و يراعةٌ دفقاتُها تُستعذَبُ
قلمٌ إذا حميَ الوطيسُ وجدتهُ= كالسهم في صدر العدوِّ يُصوَّبُ
و تراه كالأطيارِ فوق غصونها=يشدو فتبتهجُ القلوبُ و تطربُ
ألفيتُ صاحبَهُ نقيَّ سريرةٍ=فهو الأخُ الحاني لنا ، و هو الأبُ
ان شئتَ سلمناك عرشَ قلوبنا=أنت الأمينُ عليهِ ، أنت الأطيبُ
أو شئتَ كنت أميرنا يا شاعراً=وشّى الحروفَ بكلِّ لون يرغبُ
نسج الزمان لهُ العباءةَ فارتضى=من نسجِهِ مُثُلاً تُودُّ و تُخطبُ
هذا سميرُ ، سمير قلبي في الورى=و هو الحريُّ بحبه و الأقرب

و لك خالص الود

اخوكم جمال مرسي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:37 PM
رسالة إلى سمير العمري
د. جمال مرسي



رسالة إلى سمير العمري


من : د. جمال مرسي


أما و قد طال الغياب .. فقد كانت هذه القصيدة


أَسَمِيرُ: عَيْنِي بالدمُوعِ تَرَقْرَقُ=و طيورُ قلبي بالوفاءِ تُشَقْشِقُ
و مشاعري نهرٌ يفيضُ عذوبةً=و من الحنايا سائباً يَتَدَفَّقُ
عُقِدَتْ على طَرَفِ اللسانِ حقيقةٌ=هِيَ في قواميسِ اللغاتِ الأصدَقُ
و تَلَعْثَمَتْ شَفَتي ، فلم تنطِقْ بها=في حينِ قلبي لم يخُنهُ المَنْطِقُ
سَلْ نبضَهُ تجِدِ الإجابَة َعِنْدَهُ=نَهْرُ المشاعِرِ في فؤادي يفْهَقُ
شَرَّفْتَني ، و كَسَوْتَنِي فضلاً بِهِ=أرقى إلى قُلَلِ الجِبالِ ، أُحَلِّقُ
و كأنَّني كالنَّسْرِ ، لا يرضى سِوى=نَجْمَ السَّما ، و لغيْرِهِ لا يُخْلَقُ
لمَّا ذَهَبْتُ لوادي عبْقَرَ سائِلاً=إيّاهُ شِعراً للحبيبِ أُنَمِّقُ
قالَ : القريضُ غدا لَهُ حِكْراً ، فما=أبْقى لنا شِعراً بِهِ نَتَصَدَّقُ
فَهُوَ الأمينُ على القوافي ، أَمْرُها=بِيَمِينِهِ ، و هُوَ الحَرِيُّ الأَخْلَقُ
و هوَ الذي أرسى قواعِدَ دولةِ الـ..=شعرِ الأصيلِ بِواحَةٍ تَتَأَلَّقُ
هَمَّشْتُ كُلَّ دفاتِري ، أبعَدْتُها=و كَتَبْتُ ما يُمْليهِ قلبٌ يَعْشَقُ
إِيهٍ سميرُ ، إليْكَ يَهْفو خافِقي=فَأَدُقُّ أبوابَ السؤالِ و أَطْرُقُ
و أجوبُ واحَتَكَ الجميلةُ ، و المُنى=تحدو خيولي ، و اْشتياقي يسبِقُ
أرنو إلى الأغصانِ أسألُ نَوْرَهَا=و أُرَىَ و عيْنِي في الزهورِ تُحَدِّقُ
و الطيْرَ أسألُ أين غابَ سميرُنا=فإذا بها بالدمعِ مِثلي تَشْرَقُ
قُلْ يا نسيمَ الصُّبحِ ما أخبارُهُ=لا تُخْفِ عَنِّي ، إنَّني مُتَشَوِّقُ
ما بالُ " غَزَّةَ " لم يَجِئْ مِرْسَالُها=برِسالةٍ مِنْ حُسْنِهِ تَتَأَنَّقُ
أخشى عليهِ من الأذى ، إنَّ الأذى=بِربوعِ " غَزَّةَ " و الضواحي مُحْدِقُ
فَهُناكَ أعداءٌ .. سَلِمْتَ لنا .. هُمو=شَرُّ البريَّةِ حِقْدُهُمْ لا يَنْفَقُ
هُم دَمَّروا ، هُمْ أفسَدوا ، هُمْ قَتَّلوا=هُمْ أتلَفوا ، هُمْ أرْجَفوا ، هُمْ أحرقوا
هُمْ دَنَّسوا الأقصى و لم يتَوَرَّعُوا=و تَحَصًّنوا مِنْ جُبنِهمْ و تَخَنْدَقُوا
أطماعُهُمْ فينا رَبَتْ ، و تَجاوَزَتْ=حَدَّ الخيالِ و أوْشَكَتْ تَتَحَقَّقُ
لولا رِجالٌ أخلَصوا و تَدَرَّعوا=بالصَّبْر يا "عُمَرِيُّ " كدتُ أُصَدِّقُ
وَهَبوا الحياةَ رخيصةً ، لم يبخلوا=بطريفِ مالٍ أو تليدٍ يُنْفَقُ
صِنفانِ فيهِمْ قد عَرَفْتُ ، فواحدٌ=بِسِلاحِهِ مُتَدَرِّعٌ مُتَمَنْطِقُ
و رأيْتُ فيكَ مُجاهداً بِلِسانِهِ=و الشِّعرُ مثلُ السيفِ موتٌ يَصْعَقُ
إيهٍ سميرُ أَما رجعْتَ ،فإنَّني=يا اْبنَ الأكارِمِ من غيابِكَ مُشفِقُ
تمضى السنونُ فلا تَدَعْ أَيّامَنَا=من بينِ أيدينا تَفِرُّ و تَزْهَقُ
عُدْ يا رعاكَ اللهُ ، إنِّي آَمِلٌ=عَوْداً ، و لسنا بَعْدَهُ نَتَفَرَّقُ

و عوداً حميداَ إن شاء الله

مع أطيب تمنياتي و دمتم

د. جمال

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:38 PM
أخي سمير وقد أجدت القيلا
سلاف



أأخي سمير وقد أجدت القيلا = يجزيك ربّك بالجميل جميلا

ليكاد يبكيني الذي في أمتي= مما ذكرتَ تألماً وذهولا

تركت كتاب الله إلا آية = قد حرفتها بدعةً تضليلا

" إن يجنحوا فاجنحْ " بها أفتى لهم = من يتقن التهريج والتمثيلا

والسلم في شرع الإله سيادة = للحق يعلو ترفض التأويلا

لا فض فوك فليس غير خلافة = تشفي بقلب المخلصين غليلا

وتعيد يافا والجليل وكرملا = وتعيد سبْعا للحمى وجليلا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:39 PM
مرتجلة الى د. سمير العمري

مجدوب العيد المشراوي



من كان من غزةَ العلياء تعرفه =فمجدُ غزة لو متنا لأحيانا
سمير يا حجة الله التي ظهرت =يكفيك إذ تجعل الأشجان ألحانا
أكرم بك الشاعرَ المحبوب مورده =فأنت في واحة كالأم ترعانا
من لم يزنْ عطفك الجياشُ منفعلا =فذاك من سقمه أو كان شيطانا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:54 PM
وهذا رسالة إلى الدكتور سمير العمري كتبها
الشاعر الرائع عمار الخطيب
الراوية
أوردها على دفعتين لفصل النثر عن الشعر


بسم الله الرحمن الرحيم

اعلموا أيها الإخوة أنني صاحب قديم لشاعرنا الحبيب "سمير العمري"...
ولأكون أكثر دقة فإني أعتزّ به كأخ كبير....بحكم فارق السن بيننا. وإني والله
ما عهدته إلا أخا حانيا وصديقا وفيا.
قد قيل قديما " ((ثلاثة لا وجود لهم ، الغول والعنقاء والخل الوفي )) والحمد لله
إذْ أكرمني بإيجاد خل وفيّ...وأما الغول والعنقاء فإني لا أتمنى اللقاء بهم!

إن ما يؤلمني في هذا الزمان أن أرى بعض من لا يكلّون ولا يملون من تصويب السهام نحو رجال
جدّوا في السير نحو القمة ، وحملوا على عواتقهم أعباءً كثيرة لا لأجل مصالح دنيوية
أو مقاصد وضيعة وإنما لغايات سامية ومقاصد جليلة عملا بقول تعالى " كنتم خير أمة
أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"

أما آن لكم - يا أيها المنشغلون بغير المفيد والمثمر - أن تكفوا عن هدم صروح شامخة ،
وتجريح قلوب مؤمنة طاهرة! هلا وفرتم طاقاتكم وسخرتم ما حباكم الله لخدمة ونصرة
هذا الدين وأهله!
أولى بالكرام أن يتساموا عن الصغائر وينشغلوا بما يعود بالنفع على أمتهم.
فاتقوا الله في أنفسكم! اتقوا الله في إخوانكم ، ودعوا ما بين العبد وربه
لهما وتذكروا قوله تعالى :" يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية"

والسلام===================================
الراوية الأمين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:55 PM
تتمة رسالة الراوية
القصيدة


[size=4]بسم الله الرحمن الرحيم

هذه القصيدة هي معانقة مني لقصيدة "العفو قبل العنفوان"...وأقول هي "معانقة"
ولا ترتقي إلى درجة معارضة...فمثلي لا يعارض مثله.


إلى أخي الكبير "سمير" أقول :


بسبك اللفظ أم حسن المعاني =نظمتَ الشعر عقدا من جُمان
أم الإبداع يسكن في يمين =حباها الله ألسنة البيان
فيجعل من يراعك صولجانا =ويجعل منك سلطان الزمان
أم الفكر القويم تخذتَ نهجا =جعلتَ له القريض كما اللسان
لتبطل باطلا وتحق حقا =وتدعو الناس من قاص ودان
ألان لك الإله الشعر حتى =أراك جعلته طوع البنان
أمير الشعر أنت بلا مراء =وفي الهيجاء كالسيف اليماني
وسبحان الذي أعطاك قلبا =يفيض محبة في كل آن
وعقلا نيّرا ضاء الدياجي =ونفسا قد أبتْ إلا التفاني
وعزما ذلل الأهوال حتى =أتاك المجدُ يسعى بامتنان
وحلما واسعا وندىً ونبلا =وفهما للأمور مع اتزان
فأنت البدر في ليل المآسي =وشمس العز في صبح الهوان
ومالك من نظير في البرايا =كأنك قد أتيتَ من الجِنان
رأيت الناس حولك في ازدياد =وجودك مغدق والحب دان
فكم من صاحب يدعو بخير =وكم من حاقد نذلٍ جبان
وكم من خادع يبدي صفاءً =وكم من جائر فظ الجَنَان
لأمرٍ في النفوس يُسِيءُ قوم =ويرمون البريء بفعل جان
ومَنْ يرجو وفاءً من لئيمٍ =كمن يرجو الوفا من أفْعُوان
ألا يا قوم خلّوا لي صديقا =سقاني العذب من كأس التداني
وكنتُ إذا نزلنَ بيَ الرَّزايا =يصبّرني ويذهب ما شجاني
ويؤنس وحشتي إن طال ليل =وما عرف التخاذل والتواني
دعوتُ الله يحفظَ لي سميرا =ويجزيه الأعالي في الجــِنان

الراوية الأمين .... عمار الخطيب

"معارج الروح"

نداء غريب صبري
30-05-2012, 04:57 PM
إلى رائد الواحة
سيد سليم


أخي في الله وأستاذي الدكتور سمير العمري تأثرت بما لديه من حس جميل وشعر أصيل وقبل ذلك سمو في الخلق وعلو في الهمة وقد شكرت أستاذي د . جمال مرسي لأنه أرشدني إلى هذا المكان الذي رأيت فيه هؤلاء العمالقة في الفكر والأدب ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله فكانت تلك القصيدة وهي تعبر عن حب في الله وللمحب العذر إن هو لم يأت التعبير وافيا فالكمال لله وحده ـ عز وجل ـ وسبحان من يجمع بين القلوب رغم بعد المسافات !


سمير الحب عشت لنا سميرا = وللأشعار والشعرا الأميرا
تذيق الكل من عذب القوافي = روياً سلسلاً عذباً نميرا
كسوت الضاد من حلل المعاني = بدائع تمتع الفصحى دهورا
علا نحرَ القوافي منك درٌ = يزين الصدر منتظما منيراً
أصيل الشعر منكم في اغتباطٍ = ينادي ها هنا أحيا قريرا
فأنت عرينه الحامي إذا ما = تعدى غاصب يلقى زئيرا
جهادك في فنون الشعر وعيٌ = أتي للضاد معواناً ظهيرا
فكم بلبانها غذَّتك طفلاً = وكم أولتك من عطفٍ كبيرا
وكم أعطتك من درر المعاني = ومن غرر شدوت بها قديرا
رقائقها تداعبكم صباحاً = وما برحت تناجيكم سحورا
أيا برٌّ بأمٍ قد تسامت = وفاضت من مناهلها هديرا
حسانك بالمودة سامقاتٌ = بنانك لا يزال بها جديرا
يراعك من مداد الحق يُروى = فيروينا -على حبٍ- طهورا
فعش يا رائد الفيحاء ذخراً = ودُم لفحولها غيثاً غزيرا
وأسمعنا حلال السحر شدواً = وبث أريج ما تأتي عبيرا
فيا عمري كم آنست حِباً = وكنت له -على بعد- سميرا
فواحتنا جمالٌ في اتزانٍ = وقاعاتٌ تشع هديً ونورا
رجالٌ مشرفون فحول شعرٍ = وتثقيفٍ نراه مستنيرا
جمعت محاسن الشعراء حتى = أتاك الشعر بسَّاماً نضيرا
فأنت البحتري إذا تسامى = وأدخل في مواجدنا السرورا
أبو تمام في جمع المعاني = يُجَمِّلها وينسجها حريرا
أيا متنبي القرطاس تفضي = بحكمته ولا تزهو فخورا
ويا قيساً إذا ناجته ليلي = فألهب من محاسنها شعورا
وما قارفت فحش أبي نواسٍ = وما خالطت في هجوٍ جريرا
حديقة شعرنا جمعت صنوفأ = ومن فمكم خلاصتها زهورا
مبادئُ لا تُساوَم في علوٍ = ولو ساقوا لك الدنيا مهورا
مجامع فكركم صدقٌٌ وصفوٌ = مواقف ودكم تضفي حبورا
تطاوعك القوافي في انسجامٍ = فتطربنا وتثلجنا صدورا
إذا ما أنشأ الإبداع بيتاً = فقد أبدعت واحتنا قصورا
ففي الإشراف تمطرنا ثناءً = وفي نقدٍ تلاطفنا بصيرا
سألت الضاد أيُّ بنيك برٌ = وأحناهم وأولاهم نصيرا
فقالت كثرةٌ أحبابُ قلبي = وأقربهم أعانقه سميرا
عيون الشعر من يدكم حسانٌ = وقد صورت معناهن حورا
وناظرهن مجذوبٌ بوعيٍ = وبين جمالهن يُرى غيورا
إذا حدثنه يصغي بكلٍ = وإن يرشفنه يسعى سكيرا
إذا ما غربةٌ ضاقتك يوماً = فإني بينهم أصلى سعيرا
فكم من مُغرِبٍ يحيا طليقاً = وكم من قاطنٍ يحيا أسيرا
وإنك في القلوب تعيش فذاً = وما فارقت من حِبٍ ضميرا
فذا قلبي يحادثكم بحبٍ = وذي روحي تناجيكم حضورا
ونفسي من بديع الحب تزكو = وجسمي غابطٌ يبغي مسيرا
وفي الله المحبة سوف تبقى = وما كان المحب بها فقيرا
هي الأقوى هي الأغنى ليومٍ = به الأنساب لا تغني نقيرا
فنفع الحب في الله عظيمٌ = وصافي الحب حقاً لن يبورا
لنا في ظل رحمته لقاءٌ = بفضلٍ منه يثلجنا صدورا


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نداء غريب صبري
30-05-2012, 05:02 PM
قراءة في عالم سمير العمري
اسلام شمس الدين


كلما حاولت قراءة سمير العمري من خلال قصائده ؛ أجدني أمام أكثر من شخص ؛ فهو الشاعر المجيد ؛ البارع في جميع فنون الشعر ، شعره كأنه الدُّر المرصوف ، واللؤلؤ المنظوم ؛ ألفاظه الزُّلال ، ومعانيه السحر ، ليس في شعره تكلف أو تعسف ، حروفه تخترق الأسماع والقلوب بلااستئذان ، وتسحر الألباب بسحر البيان . وهو إمام أهل الشعر في عصرنا ، ولاأظنني قد بالغت أو حدت عن الحقيقة ؛ إذ أعلنت في أكثر من موضع أن سمير العمري هو أعظم شعراء الجيل على الإطلاق .

وهو الحكيم الذي فجر الله ينابيع الحكمة على أسنة قصائده ؛ المحب للخير والسلام ؛ الداعي إلى الفضائل والمكارم والمعاني السامية ، الذكي ؛ الكيس ؛ الفطن ، الخبير بالنفوس على اختلافها ، وبالقلوب على تغيرها ، ، يغلب عقله على عواطفه فيقضي بما يراه الحق ، يقدر الأمور حق تقديرها ، ويحسن معالجتها عن حكمة وبصيرة نافذة .

وهو الحليم عن قدرة ؛ عفوٌّ ؛ صفوح ؛ رحب الصدر والبال ؛ رصين ؛ رزين ؛ حصيفٌ ؛ وقور ؛ عاقل ، لا تستفزه سفاهة السفيه ، ولا لؤم اللئيم ، ولا دناءة الوضيع ، ولاسخافات الجهلاء أو تفاهات الحمقى أو افتراءات الكذابين والماكرين وخفافيش الظلام العابثين المتسترين في حلكة الضلال والجهل .

وهو عالي الهمة ؛ ماضي العزيمة ؛ صادق العزم ؛ سباقٌ إلى الخيرات ؛ حمًالٌ للأعباء ؛ متجاوز للصعاب ، لا يقف دون غاية ، ولاتثبطه العوائق أو تشغله الصغائر أويصرفه المفسدون الهائمون في أودية الغي والضلال عن إدراك أهدافه وأحلامه .

وهو قبل كل هذا ؛ الإنسان الرقيق العطوف الصدوق الخلوق النقي الوفي الشفاف الواضح المشرق ، كريم النفس ، صّفي الروح ، نبيل المعدن ، محمود الطبائع ، طيب المعشر .

وما كان لي أن أشهد في حق من هو بقدر سمير العمري ، وهذه وإن كانت شهادة من لايرقى للشهادة ؛ إلى من هو أرقى من الشهادة له ؛ فإنما هي شهادة للواحة كلها ، ذلك الحلم الذي أراه قبساً من سمير العمري ، بسموها ورقيها ورفعتها وجمالها . فقد كانت الواحة لي الملجأ الذي آوي إليه كلما أضناني القبح الضارب في أعماق الحياة ، فأرتاح على ضفافها وأنهل من عذب أنهارها المتدفقة إبداعاً وسحراً وجمالاً .
وياليتنا نحرص كل الحرص على صون حلمنا في زمنٍ تتساقط فيه الأحلام وتتهاوى داخلنا وحولنا ؛ تحت أقدام الفساد والضلال والزيف والخداع .

الحبيب الرائع د. سمير العمري
عذراً إن كنتُ قد تجاوزت أو أطلتُ ، إنما هو بوح في النفس أثاره جمال القصيدة بروعة حروفها وسمو معانيها وقطوف الحكمة المتناثرة بين روضاتها .

سر على درب الهدى والسمو الذي رسمته لنفسك ولنا أيها النقي ، وغرّد مثلما الأطيار تشدو أغاني الحب والجمال والصفاء ، واسبح في فضاءات المعالي لتستخرج لنا درر الفضائل الكامنة ، وانسج من الحروف عقوداً تزين بها حياتنا وتضيئ ليل قبحها ، ولايشغلنك خفافيش الظلام عن إدراك أحلامك التي نتوق معك لتحقيقها ، فمصابيحك المتلألئة أشد وهجاً من أن يطفئونها .

وتبقى شهادتي مجروحة في "السيد" وفي "السمير"
ويشفع لي أن لهما في قلبي من المحبة ؛ الكثير .

دمت - كما عرفناك - نقياً طاهراً شريفاً رفيع الخُلق طيب المكارم ، وحفظك الله ورعاك من كل سوء.


إسلام شمس الدين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 05:04 PM
عيون الشعر من يدكم حسان
سيد سليم


نعلم أن أخانا الأكبر وأستاذنا الأجدر د . سمير جم التواضع يلاطف تلامذته وأحبابه وقد كان له رد عظيم الوقع في نفسي وقد فرغت الآن من بعض الأبيات أوردها هنا وهي علي قدري لا على قدره لأني لا أستطيع مجاراته وهي بمثابة تكملة واستدراك على قصيدتي في الأستاذ بل وأتمنى أن تضاف إليها :


عيون الشعر من يدكم حسانٌ = وقد صورت معناهن حورا
وناظرهن مجذوبٌ بوعيٍ = وبين جمالهن يُرى غيورا
إذا حدثنه يصغي بكلٍ = وإن يرشفنه يسعى سكيرا
إذا ما غربةٌ ضاقتك يوماً = فإني بينهم أصلى سعيرا
فكم من مُغرِبٍ يحيا طليقاً = وكم من قاطنٍ يحيا أسيرا
وإنك في القلوب تعيش فذاً = وما فارقت من حِبٍ ضميرا
فذا قلبي يحادثكم بحبٍ = وذي روحي تناجيكم حضورا
ونفسي من بديع الحب تزكو = وجسمي غابطٌ يبغي مسيرا
وفي الله المحبة سوف تبقى = وما كان المحب بها فقيرا
هي الأقوى هي الأغنى ليومٍ = به الأنساب لا تغني نقيرا
فنفع الحب في الله عظيمٌ = وصافي الحب حقاً لن يبورا
لنا في ظل رحمته لقاءٌ = بفضلٍ منه يثلجنا صدورا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 05:11 PM
إلى أستاذي الحبيب سمير
إدريس الشعشوعي




فمن حبٍّ أتيناكم نزورُ=و في صفحٍ عسى قلباً يُشيرُ
سميراً قد عرفنا ما أصبنا=و كانَ الصّدقُ حوّاماً يدورُ
لقدْ أعياني ما قلتُ احتجاجاً=و كلُّ الحرصِ في قولي مديرُ
فلو تعفو فأنت الأهلُ أرجو=و إنْ تعدِلْ فقدْ جئنا نسيرُ
هيَ الأخطاءُ تستلُّ البقايا=و هذا الودُّ في قلبي منيرُ
بأيِّ الثوبِ تختارُ اختباري=فإنَّ الصّفوَ إيماني الكبيرُ
وما جئناكَ منْ زورٍ ننادي=و لكنَّ الفؤادَ لكمْ حسيرُ
يجرُّ الحزنَ في تيهٍ و فكرٍ=و بعضُ الحزنِ ملاّكٌ خطيرُ
إلى عهدٍ من الصفوِ اشتياقي=لعلّ اللهَ في يومٍ يثيرُ
لئنْ حطّتْ غيومِ السوء دهراً=ففي الآفاقِ قد لاحَ البشيرُ
على الإخلاصِ قد سرنا اعتماداً=و هل يذوى و لي سربٌ قديرُ
و لنْ تفنى المعاني ما استدامتْ=معاني الصّفوِ في جمعٍ تمورُ
تذيبُُ الوحرَ و الإحسانُ ينمو=كما الروضاتُ يغزوها العبيرُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 05:55 PM
بين نهرين
سيد سليم


جهاد الشعر مغناكم نضير = به من كل زاهرة عبير
رحيق من زهور الحب يسمو = وشهد في مذاقته السرور
وقد أحسنت إذ صغت المعاني = قصورا لا يخالجها قصور
قريضك زنته وازدان لما = سرى في بنية منه سمير
نعم يا شاعراً للنيل زدنا = وآت الضاد ما عشق الأمير
وغرد في مسامعنا بليلٍ = وأطربنا إذا حل البكور
عرائسكم حسانٌ طيباتٌ = وخُفَّر مترفات الحس حور
شغفن بفارس حساً ومعنىً = وفكراً راقياً عز النظير
أمير الواحة الفيحاء أعني = ومن بالحس والمعنى خبير
يجيل الفكر في جنات عقلٍ = فيتحفنا بما تهوى الصدور
إذا ما موكب الأعلام يسعى = إلى خير تقدمه الصدور
إمام ـ والذي خلق البرايا = وأستاذٌ لواحتنا كبير
سمير الواحة الفيحاء نهرٌ = هو العذب الفرات هو الطهور
ونهر جهادنا بالحب يروي = وفي مغناه كم وطن الضمير
هما في موكب الأحباب رادا = وفي حسنيهما وجب الحضور
أكاد لما أراه من نعيمٍ = يهز الروح من فرح أطير
عسى أن يجبر الرحمن قلبي = وآتيكم على قدم أسير
لأرشف من جمال القرب راحا = على صومٍ إذا حل الفطور

نداء غريب صبري
30-05-2012, 05:59 PM
إلى أخي الدكتور سمير العمري
د. جهاد أبو عودة



إلى أخي الدكتور سمير العمري


إمام الشعرِ جَدوَلكم نميرُ = أتَينا من بِضاعَتِه نَميرُ
قَصدناكم على بُعدٍ سِراعاً = تُقَلِّبنا المفاوِزُ والثُّغورُ
وَردنا عَذبَ مَورِدِكم عِطاشاً = وأجهَدَنا معَ الابِلِ المَسيرُ
كأخوَةِ يوسُفَ الصِّدِّيقِ جِئنا = فهل يَرضَى (العَزيزُ ) وهل يَمِير
**** ****
قَواصِدُ واحَةِ السُّمَّارِ كُنَّا = يُساهِرُنا مع الشِّعرى سميرُ
وَردنـاها نَعُبُّ الشَّعرَ عَبّاً = وُروداً لم يَطِب عنه الصُّدورُ
فـلا طابت حياةُ المرءِ يوماً = إذا عَـزَّ المُنادمُ والسَّمير
ولا صَلُحَت لأَربابِ المعالي = إذا عُدِمَ المُبارِزُ والنَّظير
**** ****
بَنَيتَ لِعزِّ دينِ اللهِ صَرحاً = عَليه الشِّعرُ طَوَّافٌ يَدور
فأَشرَقَ من بِلادِ الغَربِ فَجرٌ = تَبَلَّجَ عنهُ نَحو الشَّرقِ نورُ
فَعِقدُ الواحَةِ الحَسنا فَريدٌ = تُزَيِّنُه الحَناجِرُ والنُّحور
كأنَّك قد وَقفتَ على حِماها = كما وَقَف المُكَلَّلُ والهَصورُ
فَحَلِّق ما اسْتَطَعتَ على ذُرَاها = فلا تَعلوكَ في الجَوِّ الصُّقور
فُحولُ الشِّعرِ تنأى عن جِبالٍ = تُعَشِّشُ فوق قِمَّتِها النُّسورُ
تَهابُ بأن تَهابَ إذا رأتنا = لنا في كُلِّ قافِيَةٍّ زَئيرُ
**** ****
سَلِمتَ لنا من الشَّنآنِ عَزماً = تَسامى لا يَكِلُّ ولا يَحور
فأنت النَّخلةَ الفَرعاءَ فيها = نُزَيِّنُك (الفَسائِلُ والبُذورُ)
نَبَتنا حولَ طِينَتِها نَباتاً = رَطيباً صَانَه الظِّلُّ الوَفيرُ
نَطوفُ على جَمالٍ من بَيانٍ = كما طافَت على الشَّمسِ البُدور
فيا بَحراً تَرامى جانِبيهِ = لَه في كُلِّ حاضِرةٍ هَدير
تَقاذَفَ عنه أصدافُ اللآلي = وفي أحشائِهِ دُرَرٌ وحورُ
**** ****
رَعاكَ اللهُ للشُّعراءِ ذُخراً = و صَانتكَ الوقائِعُ والدُّهور
فأنتَ الفارِسُ الأنكَى لَدينا = أذا قَدَحَت سَنابِكُه نُغير
وإن شَدَّت سَواعِدُه شَدَدنا = وإن ثارت قَوائِمُهُ نَثور
وإن نَفَرت عَزائِمُهُ نَفَرنا = وإن فارَت بِتَنُّورٍ نَفورُ
نَزَلتَ فما خَشِيتَ على مَصيرٍ = وهل يَخشى الوَغى البَطَلُ الجَسور
**** ****
تُزَكِّيكَ القَواقي لاهِجاتٍ = معاذَ الله ، ما أبَقَ المُدير
نَفَثتُ بِعُقدَةِ الشُّعَراءِ شِعراً = سُطوراً تَنتَشِي منها الصُّدور
مَضَغناها كما نَحْلُ البَراري = يَلُذُّ بِريقِنا السُّمُّ المَريرُ
نَشَقناها على غَيرِ البَرَايا = بِجارِحَةِ السََّماعِ لها عَبير
عَرائِسَ من قَصائِدَ باسِقاتٍ = نُفوسُ الذَّائِقين بِها تَغورُ
فنحن العارِفونَ بما كَتبنا = ونحن الغارِفون بِما نُشِير
بيانٌ بانَ عن حُسنِ المَباني = وَشِعرٌ فيهِ ما فَضَحَ الشُّعور
فَطِيبُ النَّظمِ في طيبِ المَعاني = وَفي صِدقٍ يَفيضُ بِه الضَّمِيرُ
يدورُ الشِّعرُ في رأسي دُواراً = كما الأنخابُ في السَّكرى تَدورُ
أحُسُّ له بأعماقي دَبيباً = يَحُسُّ جَوارِحي مِنهُ الصَّرير
جُلوداً تَقشَعِرُّ من القوافي = فَتَهتَزُّ الجَوانِحُ والخُصور
فأصبِرُ عن ثَقيلِ الوَطءِ منها = ويَصبِرُ مِثلِيَ الجَمَلُ الصَّبور
**** ****
وإني أغبِطُ الشُّعَراءَ حُبَّاً = ولكِنِّي إذا بَرَزوأ غَيور
فأَضرِبُ عنهُمُ الأسماعَ صَفحاً = إذا ما كان شِعرُهُمُ عَسِير
فَيا للصَّادِحينَ بِغيرِ حَقٍّ = ويا لِلمادِحينَ ولم يَجوروا
نَواشِزَ من قَصائِدَ نافِراتٍ = نَدَدْنَ و مِثلَما نَدَّ البَعِير
فلا سَئِمت حَلاوَتَها القَوافي = ولا عَدِمَت طَلاوَتَها السُّطورُ
ولا جَفَّت مدامِعُها البَواكي = ولا قََرَّت وقائِعُها العُصُور
وأعجَبُ منكَ يا (عُمَري) فؤادي = إذا غَنَّت بَلابِلُه يَطير
فَيُمتِعُهُ المُحَلَّى والمُصَفَّى = ويُرقِصُهُ مع الوَتَرِ الصَّفير
ويؤنِسُهُ المُرَخَّمُ من بيانٍ = و يَطرَبُ من مُطَرَّزِه الشُّعور
**** ****
أميرُ الواحَةِ الغَنَّا أميرٌ = على شعراءَ كلُّهمُ أمير
عَقَدتُّ البيعَةَ الكُبرى لَديهِ = وَخَلفي بايَعَ الجَمعُ الغَفِير
لِفَحلٍ مُفلِقٍ في كُلِّ لَونٍ = إمامٍ هَزْلُهُ جَدٌّ خَطيرُ
فهل يُثني عَلَيَّ (جَمالُ مُرسِي) = و في مِصرَ الخِلافَةُ والأمير
وهَل يَرضى العِراقُ و يَرتَضيهِ = و قد خانتهُ في مِصرَ البُحور
فقد عَتِبَ الفُراتُ وفي أبيه(1) = وفي ذاكَ االحُضورِ له حُضور
فقد يَكبو الجَوادُ على عَثارٍ = و قد يَخفى الهِلالُ المُستَنير
فأنتَ اليَومَ شَوقي في حِماهُ = وإني اليومَ حافِظُكَ الصَّغيرُ
( فشأنُ المَرءِ ما يُبديهِ عَبدٌ = وشأنُ اللهِ ما تُخفي الصُّدور )
وُقيتَ من العَواقِبِ يا أميري = إذا صَارت إلى الله الأُمور
ولُقِّيتَ التَّحِيُّةَ من إلهٍ = لَطيفٍ بالعبادِ بهم خبير
(1) أبو الفرات : الجواهري ، والأشارة لبيعة شوقي
د. جهاد بني عودة

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:22 PM
عقد الخواطر
الى الدكتور سمير العمري
علي المعشي


أستاذي د. سمير العمري
إخواني وأخواتي أعضاء ملتقى الواحة
كشيء من رد ما يمكن رده مما غمرنا به أستاذنا وشاعرنا د. سمير العمري في قصيدته الخالدة ( حيث تصفو الموارد ) يسعدني أن أهدي سعادته والواحة هذه المشاعر التي ضمنتها الأبيات التالية .



عقـد الخـواطر
في خيط إعجابي نظمتُ خوطري= عقدًا تلألأ من نفيس جواهري
ووهبته عَلمًا علمتُ بأنه=أغنى وأزهدُ في مدائح شاعر
تالله ما شعرُ التزلف صنعتي=كلا ولستُ مُساوما بمشاعري
لكنما صوتُ الحقيقة غالبٌ=والصبح أبلجُ لا يَضيق بناظر
سبحان من قسَم الهباتِ بعدله=واختصَّنا منها بحظ وافر
إذْ كان شاعرُنا سميرٌ مُصطفىً=ليقودَ واحتنا بحنكةِ ماهر
عَلَـمٌ عليه من التواضع حُلة=حزم تمازجه سماحةُ خاطر
همم الرجال إذا تسامتْ للعلا=لم تكترثْ في سعيها بمخاطر
والمجدُ لا يسعى ليوقظَ نائما=والخير ذو ولع بكل مثابر
لله درك شاعرًا ومُؤصِّلا=حاز الفخار وليس بالمتفاخر
يا أيها العمري حسبك نظرة=ترنو إلى فجر جديد زاهر
تهفو إلى الآتي لتحسن مزجه=بأصالة الماضي وحُسنِ الحاضر
وتخط للأدب الرفيع معالمًا=لم تَخْفَ إلا عن عيون مكابر
فملامحُ التأصيل لاح بريقها=وهَمَتْ سحائبها بغيثٍ ماطر
من مائهِ الإبداع أعشبَ واكتسى=من كل غصن للتميز ناضر
ينمو ويزهرُ ثم يثمرُ ألسُنًا=تنثالُ شعرا أو لآلئَ ناثر
ليهزَّ أركان التفرنج عزفُها=ويدك أنقاض السقيم القاصر
ويظل يذكر بالولاء سميرَه=ورفاقه من سادةٍ وحرائر
في واحة الإبداع قد كانوا لنا=مثلَ الكواكب في الدُّجى لمسافر
حيث الجدارةُ والمهارة والنُّهى=وبصائرٌ فيها الهدى لبصائر
أنا إنْ ذكرتُ فما حصرتُ وإنما=هي قطرةٌ من فيض بحرٍ هادر
قفْ يا يراعُ فإن ظللت مُعددا=أفضالهمْ تفنى ولستَ بحاصر

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:25 PM
أمام خيمة الدكتور سمير
أحمد الفلاسي


الأستاذ الفاضل د.سمير العمري..
لقد جئت زائرا قصيدتك بل رائعتك التي رددت بها على أختها رائعة شاعرنا الجميل علي المعشي فلم أجد موضع قدم لشدة الزحام لذا أفردت لسلامي هذاالمكان وقدمت هذه الحروف التي ولدت لتوها دون مراجعة إعلانا بكامل اعترافي وإقراري أنك شاعر حق لهذه الألوف أن تزدحم أمام هالات قصيدك.



شعراً أرى أم ومض نجم زاهر=أم عقد در بين كفيْ ناثرِ
أم ديمة وقف الهجير أمامها=فغدت تحييه بكفٍ ماطر
هذا القصيد فلا تلمني مسمعي=لو خان عهدكَ في المحافل ناظري
قد كنت تصغي للحمام مغردا=فاعجب لإصغاء الحمام لشاعر
هو ذا سمير فيا حمامة أفسحي=حتى أروي بالهديل مشاعري
َأَلَقٌ أحار إذاأُخِذتُ بوصفه=حتى أرى الأوصاف تسبق خاطري
وإذا وقفت مع الوفود ببابه=لم ألق بين الجمع موضع ناظر
الشعر قول يا سمير فكيف بي=ألقاه عندك نفث حرف ساحر
رَبَّ القريضِ أدم رهامك إنني=ألفيت جدبا في مسمى شاعر
ورأيت إفلاسا تردى بالغنى=ولصيق جبن في عباءة قاهر
عجزوا عن النظم الأصيل فأودعوا=أجواف لفظ كل سقم عاثر
من لم يحط بالضاد كان كلامه=كالدقل يحشى كل سوس ناخر
وردوا السراب فما عسى أن ينهلوا=إلا خسارا بئس مثوى الخاسر
لو قلت إن الشعر قبلك لم يكن=شيئا فما أشبعت فيك سرائري
ذكرتني في النظم أحمد سابقا=وطلعت أحمد في الزمان الحاضر
عذرا إذا جف اليراع فإنه=طلٌ ومدحك عرض بحر زاخر

ملاحظة:أحمد السابق هو المتنبي وأحمد الحاضر هو شوقي.

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:26 PM
أقل ما يجب
خليل حلاوجي

هذا الرجل كسواه من عمالقة الابداع في امتنا العربية الحزينة
لايعرفه الا الواثقون من غدنا الباهر
لانه جزء من لحظة تاريخية نعيد بهمتنا صياغتها وعلى ارض الواحة الرطيبة

أقل ما يجب مانفعل
لنوفيه حقه

أن نحصى حروف تألقه
فضلا" عن هضمها في قلوبنا المتحرقة لجديده

لك ربي مؤازرا"
أيها العمري
ياسمير الخليل

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:27 PM
قصائد هي قلائد
عبد الملك الخديدي


قصائد .. هي قلائد ..

من الماس وجواهر ..

حباتها مفردات شعرية ..

مسبوكة بخيط من الذهب ..

معلقة على نحر هذه الفاتنة ..

واحة الشعر .. العربي ..

هنا المتنبي .. يعود بليله ونهاره . وابي تمام يمتشق سيفه ويقرأ كتابه

هنا النصر للغة القرآن الكريم ..

بارك الله فيك يا د / سمير العمري ..

وبارك فيمن جمع هذه القلائد وعلقها لتتزين بها هذه الواحة الجميلة.

تقبلوا أجمل تحياتي

عبدالملك الخديدي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:29 PM
تهنئة للدكتور سمير العمري
محمد ابراهيم الحريري


تهنئة
الأخ الدكتور سمير العمري

عشرة الآلاف تغري عبري= فتهانينا سمير العمري
من قوافي الشكر مليون منى=أجرها مثل أيامى فكري
يا خميل الضاد هــيـا إنني=ثمل الحرف لبحر مسكر
بكوؤس الوصل هاجت صبوتي=لسلاف من عذارى أسطري
يا نديمي هاتها عذراء لي=خمرة توئد فتيا حذري
تحت ظل البوح هيـَّا واسقني=طـَـفـْـلـَة َ الأنس بشتى الصور
راودي بالضاد خجلى أحرفي= لم أعد أخشى بنات الغــِيـَر ِ
وقميص العذر قـُدِّيْ قبلا=فالنجوم استشهدت من سمري
تحت نخل الملتقى هيا بنا=نلثم الذكرى بفيه عطر
هذه ليلة أنسي والهوى=رتــَّلَ المعنى بعين الأحور
ليلة الأنس حذار غفلة=يا عروس الشعر غنِّي درري
واخلعي جلباب شيبي لم أعد=أغبر العين ومهوى الضرر
وافتحي صدري بوجداني جرى=مركب العشق ببحر العمري
بسمة الحب أريني ثغره=يتهام َ الشعر مثل المطر
وعتاق الضاد تغزو واحة=بحروف من مدار القمر
من يدارِ ِ يا فتاتي خجلا=خفقة َ الوجد ِ يكنْ كالحجر
فاجعلي مهد لقائي طاهرا=كنقاء الروح ليل السمر
وعلى ناي السهارى رتلي=نغمة الترحيب أهلا قدري
واجعلي متكــأ من حبق= ومن السندس مهد َ العبر
وزرابيَ فؤادي موطئا=ومن الفل وسادَ الفكر
لا تلمني عاذلي في دمعة=تتلظى كعسيس النذر
لست إلا شاعرا ألحانه=درجت فيها جواري كبري
شارد الألفاظ يهذي ألما=يتراءى كسراب الوطر
وإذا الناس تمتطت سحرا=يغتدي بالآه طيف الخبر
بين شك ويقين وأسى=يمتح الشكوى بدلو حـَذِر ِ
كقوارير متى لامستها=بلظى كــفٍّ فتاتا يُكسرِ
كزجاج الصبح نورا آيتي=خلقت تهوى ضياء السور
زفرة العذل تراها غيمة=حملت إثما بريح صرصر
لائمي ارحم فؤادي لم يكن=مرود الثكل لعين المبصر
بسمة القلب تداوي صبوتي=وصدود الشك يعمي سيري
جرعة الكيد سقوني غيلة=بكوؤس ضامني قول احذر
فرمى الغدر بقايا رجل=بين فـَكـَّيْ ذئب ِ بـِيد ِالغــِيـَر ِ
لم يروا طمريه أسمال عـُرا=تحتها ظل بقايا بشر
لست يا صاح وضيعا يزدرى=ببقايا من كؤوس العكر
وسلوا قلبي عن خلانه=كتبوا بالصدق فجرالسمر
سيرة الحب سميري شاهد=فاقرؤوها تعرفوا ما قدري
كم تسامرنا على قافية=وشواطي الخير بحر السهر
ورمى كل بحرف لم يزل=يخلد الذكرى بماء الكوثر
خذ كوؤس الروح يا ساقي الهوى=لسمير تحت ظل العمري
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
الأخ الدكتور تحية والله تستحق أكثر لكن الخيال تواطأ مع قافية البحر وتبنى تمرد مجداف الألفاظ فكانت التهنئة قاصرة الحرف كليلة البصر صيدها غير عبر حبي ودرر مشاعري .
لك الحب

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:40 PM
لفضل السمير
محمد ابراهيم الحريري


الأخ الدكتور سمير العمري



حبيبي صدقت بطل الشعور=فصفق بالمجد كف الحضور
حروف محب بفصحى ندي= تخطى بحلم كلام الصغير
فكان الكبير بقلب وفكر= بمس ٍ يداوي أنينَ الصدور
بخفقة صدق جراحا يعاني=إذا عصف الهم ُّ بابن الحريري
أانساه ؟ كلا وأقسم ربي = مــُدانـًا سأبقى لفضل السميرِ
لخير الأنام أعيش بقلب=تعافى بدوحة نخل الحبور
حبيبي (وقصدي حبيبي حلال)؟=بفتيا اجتهادي بمالك نوري
فمرحى لديوان شعر تراءى=كمزن تسامى كطهر ِ البحور
بكاس المنايا أفاديه حتى =تملَّ الأيامى نـَدِيَّ القبورِ
جميلُ المحيـَّـا كطيف ٍرأتـْـهُ=يعانقُ جـَفـْنـَيَّ غـِيـْدُ الضميرِ
بذاكم وهذا وكيف وحتى=أأأنساه حقا ؟ وأنعى مصيري؟

ــــــــــــــــــــــــ
لك الود والحب أخي برغم تقطع أنفاسي لم استطع الوقوف متفرجا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:42 PM
تهنئة للدكتور سمير
محمد ابراهيم الحريري


الأخ الحبيب الدكتور سمير العمري
قبلة حرفي ومحجة بياني
تحية

يا أخي في الله هذي عبري=فوق روض الحب تهمي فكري
واحة الأشعار غنت وانبرت=بتحايا من شفاه السكر
بكمو الذكرى ثريا فلكي=بـَسُمـَتْ جذلى لوجه القدر
وسها ضادي في واحتكم=رشدت حرفا بوزن القمر
حرف ود هامسا قلت انثري=بل صبا وجدان قلبي واشكري
غايتي حرف فابدى خجلا=ويح شعري عسجد هيا انثري
فإذا العشرة آلاف بها=زاد فضل من صباح مسفر
سكب الشعر عليها بهدى=رشفة الثغر بدوح الثمر
يا صديقي ليس حقي ابدا=غير لثم الخد يا بن العمري
هاتها عذراء من خد الوفا=قد أبحت العذر من فيه طري
(لا يجازى الحر) صدقا مثله=إن يكن شرطي فهذي نذري
لست إلا شاعرا حطت به=برؤى سلطان عيس البصر
لم يزل للعهد يبدي أسفا=ضل قبلا عن رشاد السور

رحلة الأنس بدوح جمعت=كل مشتاق بواد مثمر
سيدي (لا تنس أسرانا) فلي=( أيها الراحل) اطلق تشكر ِ
مركب العشق بماء طاهر=أبحر القلب بليل مقمر
لم يكن مجدافه من خشب=بل ورود من عذارى الصور
يا منى الريان بحري منكمو=شاطأ السلم بلوح القدر
ارحم القلب الذي فوضته=لالهي من عظيم الشرر
بعد رب الكون من لي غيركم =فارحم القلب سمير العمريـــــــــــــــــــ ـــــــ
تحية متجددة إن عدتم عدنا حتى تضع الأقلام أحمالها

نداء غريب صبري
30-05-2012, 06:54 PM
من نخوة العمري
محمد ابراهيم الحريري



لله من كلم يقال فيسمع=وبه بيان بالبلاغة يوجع
من نخوة العمري هلت صرخة=كالشمس في فلك المعالي تتبع
ليس الإباء عباءة منسوجة=أو بردة بيد الإماء ترقع
إن الكرامة ما يجود بفكره=وبماله وبنيه من لا يخدع
وبه نديات المشاعر ترتقي=غصن الفداء لرب فجر تخشع
لا يتقي فتيا اجتهاد ثعالب=بحروف رأي لا تسام وتخدع
لبيك ياعمري هذا دأبنا=ويميننا بالجود صدقا تنبع
أكرم بحزب الله يملى جيشهم =بحروف أحمد والحقيقة أنصع
(إلا) وباب الغار يشهد صدقها=فالنصر آت والعقيدة ترفع
بوركت يا سيف البلاغة صوته=قاموس حق بالمواقف يلمع ـــــــــــــــــــــــــ
مشاركة كيبوردية
لك ألف شكر

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:14 PM
ما كان أوفقه أبوه
أحمد حسن محمد



ماذا أقول وها ارتجاف ضميري=بين الحروف بسرها المنشور ِ
ما هذه الكلمات إلا دفتر=قرأ الشموس، فعمَّنا بالنورِ
ما خطها بالشعر إلا فارس=بتجارب ليست سوى لخبير ِ
لله درك يا حبيب، منحتنا=شرف القراءة دونما تقتير ِ
خلق كريم من أخ متكرم=حلو القصيد، كلحظة التطهير
ما كان أوفقه أباك بأن دعا=ك بذاك الاسم المستحب "سمير ِ"

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:17 PM
معناك يشرق

محمد ابراهيم الحرير


الأخ أبا حسام ، تحية طيبة
حفظك الله وزوجك ، ورعاكما وبارك بكما ، وأتم نعمه عليكما ظاهرة وباطنة ، ووقاكما شرور العذل ، وصروف النوائب ،

معناك يشرق قبل شمس الساري=بمدى اليقين تطوف بالأبصار
حتى مررت بكل معنى يشتهي=قلم ، فكنت الند للإبهار
لما وقفت على مشارف أسطري=وإذا بهن كبلقع التذكار
وهناك أحنيت اليراع تحية =لأبي حسام ، دونما استكبار
وجعلت من شذرات عذري مركبا=يجري بطل من يد الإيثار
وأنا وموج السعد نرفع راية =بيضاء فوق ممالك الإبحار
ليكون ربان الصداقة حاملا=قلبي إليك تحية الأسحار
ومباركا ذكرى زواج حبيبنا=متمنيا لهما نعيم الباري
في باقة من نظم حب إنما=عذر المقل ، يكون بالأعذار ــــــــــــــــــ
تحياتي أخي الحبيب
وتحية لأم حسام أختنا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:18 PM
ماذا أقول
محمد ابراهيم الحريري


الأخ ابا حسام
تحية ملؤها الاحترام والتقدير
بل تحية لا تقاس ألا بمدى نقائك

ماذا أقول وقد برت أشعاري =طلل تلوح بهيئة الأوزار ؟!!
وكأن أغطية الرمال تكاثفت =حول الحمى بمشيئة الإنكار
وأنا ،وربك ، ما نطقت بفاحش =يوما ، تجلى ،أو زمان جار
أو أنكرت عبرات همي شرفة =حفظت بود همسة استعباري
لكن ،ريح الشك ، أضرمت النهى =بهبوب عاصفة بلا استقرار
فتكسرت عصب البيان ، وأغرقت =سفن البيان ضريبة الأشعار
فبقيت لا شط يؤازر غربتي =وعصاب مرساتي بضغط قاري
أملي تراكم ربوة أحلامها=صدحت عليها صرخة استغفاري
لكن إدراك التمني حالة=عصيت على سفن بحومة نار
فركبت داجية الرحيل موجها =قصدي لقلب مورق الأفكار
ونثرت أوراقي على شرفاته=لا أدعي خطئي ولا استكباري
بين احتمال العدل أو نقض الرؤى =بدأت حروف الصمت بالإذكار
ربي وتعلم ما لهمي حيلة =إلا الرجوع لباب عدل الباري
يا رب بالعذر التآخي آية =والمؤمنون بمنتهى الإيثار
لحظات ضيم ثم أبرق شاهد =بزناد حق ومضة استغفار
مستلهما : إن الظنون نشارة =نثرت تجاه تقدم الإعصار
فأقام شرع الله لا يبغي سوى=كف الصدى عن مسمع الأخيار
شرف لملثلك أن يصفد حجة =بحبال ( واعتصموا ) بملء قرار
لا ، والذي سكب الطهارة أنهرا =من مزن صدق في ربا الأنوار
يا أيها العمري حسبك بالتقى=( تَشْكُو لِحَرْفِكَ دَهْشَةَ الأَنْهَارِ)
ستظل خالدة بدفتر سيرتي =جمل السميرـ ومفصل الأفكار
والعذر يا بن الأكرمين مزية =أوليت َ منها كامل الأعشار
فاعذر أخاك فما تلعثم حرفه=قصرا ولكن بسطة الأعذار
ولنا عهود ما حييت َ مباركا=عيشا تظل كمشقة الأنوار
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــ ــــشكرا لك أخي الحبيب
وفقك الله ورعاك

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:19 PM
إليك سمير تنتظم القوافي

محمد ابراهيم الحريري



الأخ الحبيب الدكتور سمير ، تحية ملؤها الاحترام والتقدير

إليك سمير تنتظم القوافي =ونثر الطهر في نسق العفاف
تحيات الصديق بلا توان =أتتك كسعي هاجر في الفيافي
نقيات المعاني كالثريا=لها الأقمار تابعة الطواف
ومن يا خل ينكر من تربى=بروض الفكر ، إلا من يجافي ؟؟
وما لين الأكف دليل حب=وليس الأمن في جلد الخراف
دليل الحب إن وصلت شعورا=سفين الخير فالإبهام كاف
وإن جنحت بعرض القصد سهوا=مشاعرنا فلا عتب التجافي
ألا ليت الخليل ، رياض قلبي=تسنـَّم ، واستقل مدى شغافيــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
دمت أخي بخير

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:22 PM
لمن أكتب الأشعار إن لم أجد بدا
ماجد الغامدي


أخي العزيز د.سمير العمري
أُهدي لك هذه الأبيات التي خرجت طوعاً لا كرها فعذرتُ ضعفها لأنها كُتبت أمام شاعر بحجمك وشعرتُ بقوتها لأنها قِيلت في شخصك..



لِمن أكتب الأشعارَ إن لم أجد بُدّا?!!=..لِمَن يستحقُ الحبَّ والشكرَ والوِدّا !
كثيرون قد حَلّوا ا بأرض محبتي=وإن كنتُ في حبي لهم واحداً فردا
ولكنني أختصُّ بالفضلِ أهلَهُ=وأُوردُ من فيضِ الفؤادِ لهم وِردا
إليكَ أيا ابنَ الأكرمين تحيّتي=رحيقاً ومن مكنونِهِ أسكبُ الشهدا
حِماهُ حمى الإسلامِ والأصلُ ماجدٌ=وفي سعيِهِ المبرورِ قد أدركَ المجدا
مضى يبتغي للمجدِ صرحاً مؤثّلاً=فكانت لهُ الأمجادُ في دربِهِ جُندا
أعادَ زمانَ الخالدين بفضلِهِِ=ولا زالَ في أفعالِهِ شامخاً جَلدا
لهُ السبقُ بالأفضالِ سعياً ومأرباً=بحكمةِ فَذٍّ راشدٍ زيّنَ الرُشدا
تعجُّ بهِ أخلاقُهُ وصفاتُهُ=فهاهو عن أقرانِهِ فارقٌ جدّا
سميرُ وقد أعجزتُ فيك قريحتي=وداداً فصارَ الشعرُ من بهجتي سردا
كفاكَ أيا نسـلَ الكـرامِ مفاخـراً = عُلُوٌ من الفاروق مـن فضلِـه مَـدّا
فمن رُشدِهِ طِبتم رجالاً وسادةً=ومن سيرةٍِ تسقي القلوبَ تُقىً نَدّا
:0014:

صعوداً عند رغبتك نقلتُ الأبيات إلى هنا ولك المِنّةُ في ذلك .[/QUOTE]

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:25 PM
أشفقت من ساعتي
أحمد حسن محمد



أشفقت من ساعتي يزداد بي أرقي=كنشوة عبرتني غضّة الألقِ
ترتاح في دهشتي من سحر كلمتكم=وتستوي دهشة بيضاء في غسقي
كالنور ما لمست عينيّ أفرعها=يا شاعراً خلق الكلمات في خُلقِ
رقيت منبر أهل الفكر منبسطاً=كالسهل يزرع نور الحبر في الورقِ
وأسبغت كلمات الشكر خافقتي=واستنفر الحس سمعي واهتدى حدقي
لو قلت إن سماء الشعر أنجمها=أهل التراث لكنت الصبح في أنقِ
يا نبرة الشعر في تاريخ أمتنا=ناديت فينا ندا عشق بقلب نقي
فانهل وجه سماء الحب ممطرنا=براحة تغسل الأيام من قلقِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:26 PM
أيا سمير تحييك الشآم

نبيل شبيب



لِكُلِّ أَرْضٍ مِنَ التَّـاريـخِ مَرْتَـبَـةٌ=أَمَّا الشَّـآمُ فَفيهـا عَـزَّ وَانْطَلَقـا
وَكُلُّ أَرْضٍ سَـعَتْ لِلْمَجْـدِ تَطْلُبُـهُ=وَيَطْلُبُ المَجْدُ ودَّ الشَّـامِ مُذْ خُلِقـا
ما زالَ فيهـا أَريـجٌ مِـنْ مَآثِـرِهِ=مِنْ ذِكْرَياتٍ تُثيـرُ القَلْبَ ما خَفَقـا
إِنْ تَسْقِ دَمْعَةُ سـورِ الصِّينِ أَنْدَلُساً=عادَتْ إِلى الشَّام ذِكْرى أَدْمَتِ الشَّفَقا
أَوْ يَشْتَكِ السَّيْفُ في حِطِّينَ مِنْ أَلَـمٍ=ذابَ الصَّدى في أَسى جالوتَ مُحْتَرِقا
ياعاشِقَ الشَّامِ أَيْنَ المَهْرُ إِنْ طَلَبَـتْ= مَجْـداً يَعودُ إِلَيْهـا بَعْدَما افْتَرَقــا
حَنَّـتْ إِلَيْـهِ عُيـونَ لا تَزالُ تَـرى=فِكْراً يُنيرُ الدُّجى وَالسَّـيْفَ مُمْتَشَقا
كانَتْ نَوابِـغَ علْـمٍٍ حِصْنُـهُ قِيَـمٌ= كانَتْ مَواهِـبَ فَـنٍّ زانَهـا خُلُقـا
وَسَطَّرَتْ في بِحورِ الشِّـعْرِ مَلْحَمَةً=أَحَبَّ عاشِـقُها مِنْ سِـحْرِها الغَرَقا
عَزَّتْ بِمَنْ تَغْبِطُ العَلْياءُ مَوْطِـنَـهُ=وَطامِـحٍ زاحَمَ الأَفْـلاكَ فَاسْـتَبَقا
وَذي الشَّـآمُ اسْتَثارَتْ كُلَّ ذي قَلَـمٍ=فَاسْتَنْفَذَ الفِـكْرَ وَالإِبْداعَ وَالوَرَقـا
لكِنَّهــا حَـقَّ أَنْ تَعْتَـزَّ شـامِخَةً=بِصِدْقِ قَوْلَ سَبى الأَسْماعَ مُؤْتَلِقـا
قَدْ صاغَهُ قَلَـمٌ في الفِكْـرِ ذو قَدَم=يَنْسـابُ نَثْراً وَشِعْراً مُبْدِعاً عَبِقـا
أَيا سَـميرُ تُحَيِّيـكَ الشَّـآمُ كَمـا=حَيَّـاكَ قَلْبُ مُحِبٍّ بِالوَفـا صَدَقـا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:27 PM
يا بهجة البوح
عمار الجنيد


الدكتور سمير ما كل هذا البهاء اصابني البهت من هذه الروعة
ولم تسعفني قريحتي إلا ان اهذي واسكب دهشتي في هذه السطور

لك محبتي



يا بهجة البوح يا إشراقة الجمل
يا صبوة الحرف يا احلى من العسل
يا شمعدان الرؤى والشعر منبجس
من صخرة الغيب ام من نرجس المقل
يهذي بك الحرف كالمجذوب في وله
فيرتوي حكمة من سابق الازل
وتستبيح الأغاني فيك نشوتها
فيرقص الوجد جذلانا من الخجل
يا نظرة تدهش المعنى وتسكره
جمالها زان حس العطر بالخبل
تزنبق اللوعة المثلى وترشفها
من ثغر إيزيس بل من صفوة الرسل
وقفت في سوحك العالي فألهمني
ماذا تقول حجار السهل للجبل
انا هنا كي أرى بعضي واملأني
وألتقي بي لقاء الجفن بالكحل

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:29 PM
هي بذرة العمري وسقيا جهده

ماجد الغامدي




*******

نجنـي مــن الــروضِ النضـيـرِ ثِـمـارَهُ=أدباً وفِـكـراً بالقلوبِ تـفـرّعـا!
ولَـكَـم نَهَلـنـا مــن كـنـوزِ مـعـارفٍ=والـيـومَ نِلـنـا مــن جـنـاهُ الأيـنـعـا
هـي بــذرةُ العُـمَـري وسُقـيـا جـهـدهِ=أضحَـت بـمـا بَــذَلَ الـكِـرامُ الأنفـعـا
ماذا أقولُ ؟!! ..شهادتي مجروحةٌ=فلقد نَهَلنا في حماهُ الأروعا
فـي مَجمـعِ الأَعــلامِ أصـبـحَ غصنُـهـا=بـيـن الغـصـونِ المُستـطـابَ الأرفـعــا
يــا أيـهـا الأفــذاذُ دومــوا مثـلـمـا=كنتـم لـهـا الحـصـنَ الحصـيـنَ الأمنـعـا
لا زالَ دربُ المـجـدِ يـرقــبُ خـطـوَكـم=وَلَـكَـم مشيـتـم دربَ فـخـرٍ مهْـيـعـا
كُـنّـا لِواحـتـنـا كـقـلـبٍ واحـــدٍ=واليـومَ نبـصـرُ ومــضَ فرحتـنـا مـعـا
والقـلـبُ ضـــجَّ بنـبـضِـهِ متـرنِّـمـاً=و لِـفـرطِ بهجـتِـهِ أنـــارَ الأضـلـعـا!
طـوبـى لـمــن رامَ المـعـالـي مـأربــاً=طـوبـى لـمـن إن قــالَ قــولاً أَسمـعـا
يـا صـحـبُ تـلـكَ قريحـتـي وكأنّـهـا=عـطـرٌ رأيــتُ الـحــقَّ أن يتـضـوعـا
طبعٌ تأصّلَ في فؤادٍ صادقٌ=ليس الوفاءُ كَمَن أجادَ تطبّعا !
فــي واحــةِ الآدابِ طــاب الملـتـقـى=و لإَن سمـونـا لــن نـكــفَّ تطـلّـعـا
نَــرِدُ المنـاهـلَ فــي رُبـاهــا ثـــرّةً=ونــرى الـمـواردَ دونـهــا مستنـقـعـا
ونـــرى بِـنـاهـا شـامـخـاً بـرجـالِـهِ=ونرى الخرابَ بغيرها متجمّعا !
يــا واحــةًَ سَمَـقَـت عـلـى أقرانـهـا=نختصُّـهـا ونـــرى سـواهــا بلـقـعـا
فهـي الخصيبـةُ (والـدُنـا فــي جُدبِـهـا!)=وهــي الحبيـبـةُ إذ حَبَتْـنـا الأمـتـعـا !

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:30 PM
طهور ان شاء الله
د. حسن الشناوي



جزيت الخير من رب الأنام = وصانك ذو الجلال أبا حسامِ
وحفَّك بالرعاية كل حين = توالَى في التيقظ والمنامِ
وهل يخبو التوهج منك يوما = وحرفك سامق الوجدان سام؟
فعد للواحة الغناء وانثر = أطايب فكرك الراقي المَقامِ
وعش لتألق الإبداع فذا = أبي الدرب ، يهزأ بالسقامِ
فليس لما قضى الرحمن يوما = سوى التسليم والصبر المُقام
وقد تغدو الجسوم بها اعتلال = وتأبى الروح ذلك من مرامِ
فتعلق من سنا الإيمان أفقا = كأن الجسم منها في انفصامِ
وتطلق في الفضاء لها جناحا= يساكب في الرياض شذا ابتسامِ
ويمطر من سماء الفن نورا = بهيا باقتدار وانسجامِ
كذالك أنت يامن ترتجيه = فنون القول ، والفكَرِ العِظام
ولست مجاملا بالشعر مدحا = وإنك من ذوي الزهد الكرام ِ
ولكن الإخاء له حقوق = تجمعنا بود واعتصامِ
فكن بالله ذا ثقة ؛ وردد = دعاءك للأخوة بانتظام ِ
ويبقى في الشفاء رجاء صَحبٍ = رفيقهم الدعاء على الدوامِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:31 PM
لا عدمناك يا سمير سميرا
ماجد الغامدي





لا عدمناكَ يا سميرُ سميرا=لا حُرمناك للقلوبِ أميرا
غِبتَ كالبدرِ (إن تراءى هلالاً )=عاد بَدراً (كما نراهُ) منيرا
غِبتَ يا سيّدَ المكانِ فغابت=بهجةُ الدوحِ فالبلابلُ حيرى !
تتمنى لحناً ألفناهُ سِحرا=وتناجي فِكراً عهدنا كبيرا
غِبتَ عنّا ومثلما كنتَ فينا =وكما للعُلا رسمتَ مسيرا
أزهرَ الروضُ سُندياناً وعِطراً= وجرى الشعرُ في النفوسِ نميرا
غيرَ أنَّ المكانَ إن لم تزرْهُ=و تُقم فيهِ للمعالي سفيرا
وقلوباً إذ أنزلتك أسيراً =في رُباها وكنتَ أهلاً جديرا
تتمنّى لكَ البقاءَ طويلاً=فاتّخِذها يا صاحِ عَرشاً وثيرا
نحمدُ اللهَ إذ تجدَّدتَ فينا =بدرَ نصفٍ وعدتَ فينا سميرا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:33 PM
سمير الشعر يا ملك القوافي

سالم العلوي



أخانا وأستاذنا وشاعرنا الكبير الدكتور / سمير العمري حفظه الله ورعاه
بمناسبة عودتكم الميمونة .. أرجو أن تتقبلوا هذه الهدية المتواضعة من قلب محب ..

هَمَى غَيْثٌ فَأَزْهَرَت الرَّوَابِـي=وَحَلَّ السَّعْدُ فِي هَذِي الهِضَابِ
ِبَمقْدَمِ بَاسِـمٍ طَلـقِ المُحيـا=كثيرِ الخيرِ عَفٍّ في الجـوابِ
فَأَهْلاً يَا سَميرَ الشِّعْـرِ أَهْـلاً=أَطَلْتَ أُخَيَّ فِي هَذا الغِيـابِ
قَوافي الشِّعر تُمْطِرُكُم تَحَايا=وَتَبْتَهِجُ الحُروفُ بِلا ارْتِيابِ
وَنَغْرِفُ مِنْ بُحُورِ الشِّعْرِ مَاءً=فُرَاتاً طَيِّباً عَذْبَ الشَّرابِ
يَلِينُ لَكَ الكَلامُ بِكُل دَرْبٍ=تُنَادِيهِ فَيُسْرِعُ بِالجَوابِ
فَتُخْرِجُهُ خَرَاِئَد مُبْهِرَاتٍ=لأَرْبَابِ الحِجَى أَهلِ الُّلبَابِ
سَميرَ الشِّعْرِ يَا مَلِكَ القَوَافي=إِيَابُكَ عِنْدَنا خَيْرُ الإِيابِ
فواحتكم يُزَيِّنٌها سُرورٌ= بِمَقْدَمِ فَارِسٍ عَالي الجَنابِ
نرددها لكم أهلا وسهلا=وننشدها بألحان عذاب

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:34 PM
ملك الشعر
جلال الصقر



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/a/af/White_pearl_necklace.jpg/450px-White_pearl_necklace.jpg



يا ناظم الدُّرِّ كيف تنظمُهُ؟ = و العِقدُ بالله كيف تُحكِمُهُ؟؟
الشعرُ مَرْقًى بلَغْتَ قمَّـتَهُ = وزدتَ حتّى لَكِدْتَ تظلِمُهُ
أوزانُه كالحصان جامحةٌ = لكنَّ سحراً لديك يُلجِمُهُ
بغير سوطٍ أتاك مُمْـتَثِلاً = لمّا دَرَى منك أنْ ستُكْرِمُهُ
بايَعَك الشعرُ طائِعًا ملكًا = على القوافي و دَانَ مَوْسِمُهُ
أمّا البيانُ الذي تُحَبِّرُهُ = فكيف بالله كيف تُرغِمُهُ ؟؟
فتارةً كالزُّلال تَسْكبُهُ = يَروي غليلَ العِطاشِ مُكْدَمُهُ
و تارةً بالماذِيِّ تمزجُه = بكلّ ودٍّ لَنَا تُقَدِّمُهُ
لولا القوافِي أعَقْنَ خاطِرتي = لَمَا خَتمْتُ الذي سأختِمُهُ
حُيِّيتَ منْ شاعرٍ أخٍ دَمِثٍ = و قُدوةٍ في السَّماءِ أنجُمُهُ






:0014:

نداء غريب صبري
30-05-2012, 07:53 PM
قلبي كنبضك
الطنطاوي الحسيني



قلبي لنبضك كالمرايا عاكسٌ= والنفس تعشق من يهذبها التقي
لله درك يا سمير قلوبنا = إنا فزعنا من مشيب المفرقِ
لكننا في مطلعِ بقصيدةٍ = عصماء تروي غلنا أن نستقي
افضيت فينا بالمشيب جماله = فإذا به شمسٌ وذهبُ الرونقٍ
وبحكمةٍ أبدعت خيطَ عواطفٍ= فانساحت الامال للقلب النقي
ما كنت أحسب للمشيب بريقه = إلا بروع يراعك المتصدِّقِ

ما اجملك شاعر وانسان ينهل من بحار اللغة ما يريد

دمت بكل حب وابداع ويقين

اخي د. سميرالعمري حبيب قلبي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:04 PM
وجه صبوح صبوح
الطنطاوي الحسيني


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لأخي وأستاذي رئيس واحتنا الغناء د سمير العمري شخصيا وكرمز لكل المبدعين الرائعين هنا
في واحة الخير والعطاء
وجه صبوح

وَجْهٌ صَبُوحٌ قُدَّ مِنْ قَلْبِ الْوَفَاءْ = إِكْليلُ صَفْوٍ فَاحَ نَبْضًا مِنْ صَفَاءْ
هُوَ ذَا السَّمِيرُ لِأَنْفُسٍ تَشْتَاقُ مَنْ = مِثْلَ الْعبيرِ مُضَمَّخًا نَبْعَ الْعَطاءْ
يَاأَيُّهَا الْوَجهُ الْمُنَدَّى بِالْجَلالْ = يَا أَيُّها الصُّبْحُ الْمُطِلُّ بِكِبْريَاءْ
إِبْداعُ فِكْرِكَ يَشْتَهِيهُ الْمُبدِعونْ = وِشِغَافُ رُوحِكَ صَاغَهَا بَحْرُ الْوَلَاءْ
إِخْبَاتُ قَلْبِكَ غَلَّفَ الْجَمْعَ الرِّضَاءْ= وَسُمُوُّ عَفْوِكَ وَاحَةٌ ذَاتُ الرَّجَاءْ
لَسْتُ الْذِي بِتَزَلُفٍ أَهْوَى الرِّيَاءْ= لَكِنَّهُ الْحَقُّ الْذي مَجْرَاهُ مَاءْ
يُحْيِ إِذَا الصَّحْرَاءُ صَفْحَاتُ النَّمَاءْ = وَ تَحِنُّ إِذَّاكُمْ مَزَامِيرُ الْغِنَاءْ
مَاذا عَسَى أَشْعَارُنَا تَصِفُ الْبَهَاءْ ؟= مَاذا عَسَى أَقْدَامُنا تَرْقَى السَّمَاءْ؟
رَبِّي الْحَسِيبُ عَطَاؤُهُ هَوَ مَا يَشَاءْ = فَانْعَمْ سَمِيراً فَالقُلُوبُ لَكَ الْوِعَاءْ
أَصَفِيَ قَلْبي خَطَّ فِي رُوحِي مَدَاكْ = أَضْحَى بِنَقْشِكَ مُتْرَعاً خُصُباً دِلَاءْ
سِرْ يَا حَبيباً قَدْ وَهَبْناكَ الْوَلَاءْ = وَ انْسَ الْعُواءَ فَلَيْسَ يُجْدِينَا الْعُوَاءْ
إِنَّ الثَّوابَ رَدِيفُ سَيْرٍ في يَقِيْنْ = تِي الْآُمَّةُ الْغَرْقَى فَشُذَّ إِِلَى الْعُلَاءْ
هَبْ يَا سَمِيرَ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ الْخَلَاصْ = هَبْ يَا سَلِيم الصَّدْرِ وَالْفِكْرِ الدَّوَاءْ
وَجْهٌ صَبُوحُ اسْتَلَّ مِنْ نَفْسِي الْعَنَاءْ = فَهَمَى الْيَرَاعُ يَعُبَّ مِنْ نَبْعِ النَّقَاءْ /
/
/
واستمحيه عذرا ان لم اكتب له وفاءا الا الان بعد ما يزيد على السنتين لي هنا
تقديري لجهوده الجميلة لاحياء لغة القران وأدبها:014::014::014:
طنطاوي

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:13 PM
يا سمير القلوب
الحسين الحازمي



اُسْكبِ الْوُدَّ فِي مِدَادٍ غَزِيـرِ
وَتَدَفَّقْ بِالْفَـنِّ مِثْلَ النُّهُـورِ


وَأَنِرْ مُلْتَقَى الْفَصِيحِ بِشِعْـرٍ
مُشْرِقِ الْحَرْفِ بِالْبَيَانِ الْمُنِيرِ


فِي مَعَـانٍ بِالسِّحْرِ مُؤْتَلِقَاتٍ
وَقَـوَافٍ كَاللُّؤْلُـؤِ الْمَنْثُـورِ


كَنُجُومِ الضِّيَـاءِ مُتْشِحَـاتٍ
بِبَهِيِّ الأَنْـوَارِ فِي الدَّيْجُـورِ


حَبَّذَا الْحَرْفُ فِي إِخَـاءٍ مُشِعٍّ
فِي مَرَائِي الْعُيُـونِ كَالْبُلْـورِ


اِنْجَلَى حُسْنُه عَلَى صَفَحَـاتٍ
زَاهِيَاتِ مِنْ رَوْنَـقِ التَحْبِـيرِ


يَا سَمِيرَ الْقُلُوبِ حَسْبُ الْقَوَافِي
شَـاهِـدَاتٍ بِبَـالِـغِ التَّأْثِـيرِ


أَنَّكَ الْيَوْمَ شَاعِـرُ الْعَصْرِ فِينَا
وَإِمَامٌ فِي الشِّعْرِ سَامِي الشُّعُورِ


لَكَ فِـيـهِ مُعَلَّقَـاتٌ طِـوَالٌ
مُحْكَمَاتُ النَّسِيجِ فِي الْمَنْظُـورِ


مَا نَرَى مِنْ رَوَائِـعٍ بَاهِـرَاتٍ
فِي سَمَاءِ الْفُنُـونِ شَأْنُ الْبُدُورِ


بِكَ عَزَّ الْقَرِيضُ مِنْ بَعْـدِ ذُلٍّ
فِي مَرَاقِي السَّنَا بِأَحْرُفِ نُـورِ


هَمُّهَا فِي الْحَيَاةِ إِرْضَـاءُ رَبٍّ
هُيَ فِي النَّفْسِ مَبْعَثُ التَّقْـدِيرِ


مِنْ فُـؤَادٍ فِي سَيْـرِهِ أَلْمَعِـيٍّ
وَضَمِيرٍ زَاكِي الْحَوَاشِي طَهُورِ


يَا سَمِيرَ الْقُلُوبِ يَهْنِيكَ شِعْـرٌ
مِنْ مَعِينِ الإِبْدَاعِ عَذْبِ النَّمِيرِ


قَدْ رَشَفْنَـاهُ وَانْتَشَيْنَا وَهمْـنَا
بِشَـذَاهُ الْفَـوَّاحِ زَاكِي الْعَبِيرِ



مع أطيب تحية

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:17 PM
أسكب الود
الحسين الحازمي



إلى الأخ د/ سمير العمري ..
مع الود والتحية



اُسْكبِ الْوُدَّ فِي مِدَادٍ غَزِيـرِ
وَتَدَفَّقْ بِالْفَـنِّ مِثْلَ النُّهُـورِ


وَأَنِرْ مُلْتَقَى الْفَصِيحِ بِشِعْـرٍ
مُشْرِقِ الْحَرْفِ بِالْبَيَانِ الْمُنِيرِ


فِي مَعَـانٍ بِالسِّحْرِ مُؤْتَلِقَاتٍ
وَقَـوَافٍ كَاللُّؤْلُـؤِ الْمَنْثُـورِ


كَنُجُومِ الضِّيَـاءِ مُتْشِحَـاتٍ
بِبَهِيِّ الأَنْـوَارِ فِي الدَّيْجُـورِ


حَبَّذَا الْحَرْفُ فِي إِخَـاءٍ مُشِعٍّ
فِي مَرَائِي الْعُيُـونِ كَالْبُلْـورِ


اِنْجَلَى حُسْنُه عَلَى صَفَحَـاتٍ
زَاهِيَاتِ مِنْ رَوْنَـقِ التَحْبِـيرِ


يَا سَمِيرَ الْقُلُوبِ حَسْبُ الْقَوَافِي
شَـاهِـدَاتٍ بِبَـالِـغِ التَّأْثِـيرِ


أَنَّكَ الْيَوْمَ شَاعِـرُ الْعَصْرِ فِينَا
وَإِمَامٌ فِي الشِّعْرِ سَامِي الشُّعُورِ


لَكَ فِـيـهِ مُعَلَّقَـاتٌ طِـوَالٌ
مُحْكَمَاتُ النَّسِيجِ فِي الْمَنْظُـورِ


مَا نَرَى مِنْ رَوَائِـعٍ بَاهِـرَاتٍ
فِي سَمَاءِ الْفُنُـونِ شَأْنُ الْبُدُورِ


بِكَ عَزَّ الْقَرِيضُ مِنْ بَعْـدِ ذُلٍّ
فِي مَرَاقِي السَّنَا بِأَحْرُفِ نُـورِ


هَمُّهَا فِي الْحَيَاةِ إِرْضَـاءُ رَبٍّ
هُيَ فِي النَّفْسِ مَبْعَثُ التَّقْـدِيرِ


مِنْ فُؤَادٍ فِي سَيْـرِهِ أَلْمَعِـيٍّ
وَضَمِيرٍ زَاكِي الْحَوَاشِي طَهُورِ


يَا سَمِيرَ الْقُلُوبِ يَهْنِيكَ شِعْـرٌ
مِنْ مَعِينِ الإِبْدَاعِ عَذْبِ النَّمِيرِ


قَدْ رَشَفْنَـاهُ وَانْتَشَيْنَا وَهمْـنَا
بِشَـذَاهُ الْفَـوَّاحِ زَاكِي الْعَبِيرِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:19 PM
إلى د. سمير العمري مع التحية
مازن لبابيدي



من وحي رائعة الدكتور سمير العمري " ضبح الخطايا "
وتحية وتقديراً له
***********




يا فارسَ الحَرْفِ كَم خُضتَ الغِمارَ بِهِ =سَيفاً مَضَى مُظْهراً للحَقِّ إذْ وَمَضا
نابٌ يُدافِعُ عَنْ دِينٍ وعَنْ لُغَةٍ=فالفِكْرُ في غَرَضٍ والجَفْنُ ما غَمَضا
سَمِيرُ أُنْسٍ إذا ما الضَّيفُ حَلَّ بِهِ=وفي القَضَا عُمَرِيٌ عَدْلَهُ فَرَضا
يُرْجَى نَداهُ وتُخْشَى مِنْهُ وَثْبَتُهُ=كالمُزْنِ في عارِضٍ واللَّيْثِ إِنْ نَهَضا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:20 PM
وفاء للوفاء
الطنطاوي الحسيني


إكراما للوفاء واهله
الشاعرة المجيدة الفاضلة /غيداء الايوبي
الدكتور الشاعر رئيس الواحة الفاضل/ د سمير العمري
والي جميع الاحبة والمبدعين
/
/
/

فانضحا نورنا بفيض عبير = واصدحا شجونا بطهر ثغورِ
ليس يفنى الوفاء في دم شعر = صادق البوح سابحا بشعورِ
رب لفظ قد اختفى بهناء = روح شطر يعود منه بنورِ
يا سمير الندى وضوء سروري = شجوكم هزنا بصدق ضميرِ
يال غيداء دندنت لحسانٍ = بات بعد البيانُ حطبُ غريرِ
فاعزفيني ورتِّقي لجراحي = ما أشد الآسى كعجز سطور
عُودُ أشجان بوحنا وَتَراهُ= و امتهرتم بناتَه بمهورِ
لا رعى اللهُ من يفرق جمعا = شجوهم شقَّ جنةً بغديرِ
قد غزلنا من النجوم بريقا = باهيَ الدفق من ضياء بدورِ
واقتطفنا من الشعور بيوتا = مثل بوح الندى و غيض غديرِ
بل فرشنا من البيان ربيعا = وانتثرنا محبةًَ بحبورِ
فاستريحا على خمائل قلب = من قطيف الهنا و نسجٍ حريرِ
يا سميراً بوحشتي وأنيسي= نضر الله جبهةَ لسميرِ
فابتعاث الحياة في جوف شعرٍ= مثل طلٍّ بزابلات زهورِ
يال أهل الوفا رقاق قلوبٍ= نرشف الحب منكمو بمسيرِ
قد وهبنا لذا الوفاء وفاءً = شائق الوجد من جذور صدورِ

/
تقديري للجميع
كل عام وانتم بخير

نداء غريب صبري
30-05-2012, 08:21 PM
تنادي فلبينا / من وحي دعوة للتآخي والتسامح من د/ سمير العمري
الطنطاوي الحسيني


تنادي فلبينا
/
/
/

سميرٌ له دون الرجال الكرائمُ = فلا الفضل أقلاه وللصفح قاسمُ
وعادت به غناءُ واحةِ جوده = تعب الهدى تُهمَى بلطف زمازمُ
فأنعم بقلب صاغه الصفوُّ مُزهِرا = وَ أُنْعِمْتَ داعٍ صَنْعةُ العفوِ سالمُ
أخي قد عفونا عن جميع المظالم = فعفو جميلٌ من لدنا يزاحمُ
وما كل من نال الفضائل أهلها = وما كل من أبدى التراحمَ راحمُ
فياليت شعري يا سميري مناصري = وما كل بوحي قمة الحق راجمُ
أدام الرحيم الحق روحا بطهرها = عليكم أخي فالحبُّ فيكم لدائم
تنادي فلبينا نداءات صفوكم = ويجزيكمُ الرحمنُ بالعفو قائمُ
فمن يدعنا في نهج طه نسارعوا= على ذا تعاهدْنا و ذاكمْ نحاكمُ
دعانا سميرٌ حب قلب وأضلع = ولله عندالحقِّ جندٌ صماصمُ
فدمت المدى بالنور تحذو أحبةً = و طبتم تزكي النفسَ منكم عنادمُ
/
/
عيدكم سعيد ومبروك وميمون
دمتم مبدعين
وتحية خاصة لآخي سمير وعدتم والعود احمد

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:35 PM
اشتياق لقاء
الطنطاوي الحسيني



احسست أن أخي الفاضل د سمير العمري قد عاد
فأدخلتها منفردة وأسف لاني اضع ما بين ايديكم من شعر مرة اخرى
اشتياق لقاء
/
/
/

حل الضياء فلا نجم ولا قمرُ = حل الجمال فغرد أيها الوترُ
عاد الرجاء فأحيى اليوم أفئدةً = ما عاد ينفعها ماءٌ ولا شجرُ
والنفس من سقم قد شد راحلُها = والقلب من ألم قد حاكه الخطرُ
واليأس فاتنةٌ قد عز مفلتها = نحن الترنح لا كأس ولا سَكَرُ
والعاديات لدى حملاننا رتعت = منا الكليمُ و منا الفَدْوُ والجزُرُ
مذ داهمتنا نيوب البين مظفرةٌ = حتى اشتهتنا سهام البعد تستعرُ
يا أيها الحب هل ما زلتَ تذكرنا = نحن الأحبة عن أشواقهم صدروا؟
نحن الذين أمات البعد بهجتهم = إن يُجْمَعُ النَّاسُ في ملهاتِهم نفروا
راحاتنا بلقاء الأنس مشتملٍ = القلب وردٌ جفاه الطل والمطرُ
أنتم حياةٌ لأرواحٍ وأوردةٍ = رُدُّوا حياةً وعودوا نحنُ نحتضر
الحمد لله آن السعد يا عُمَري= نعم انتساب سمير القلب نفتخرُd:
دمتم مبدعين وادام الله الحب والود
وكل عام وأنتم بخير ورحمة وبركة بمناسبة العيد الاضحى المبارك

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:36 PM
سمير له دون الرجال
الطنطاوي الحسيني



سميرٌ له دون الرجال الكرائمُ = فلا الفضل أقلاه وللصفح قاسمُ
وعادت به غناءُ واحةِ جوده = تعب الهدى تُهمَى بلطف زمازمُ
فأنعم بقلب صاغه الصفوُّ مُزهِرا = وَ أُنْعِمْتَ داعٍ صَنْعةُ العفوِ سالمُ
أخي قد عفونا عن جميع المظالم = فعفو جميلٌ من لدنا يزاحمُ
وما كل من نال الفضائل أهلها = وما كل من أبدى التراحمَ راحمُ
فياليت شعري يا سميري مناصري = وما كل بوحي قمة الحق راجمُ
أدام الرحيم الحق روحا بطهرها = عليكم أخي فالحبُّ فيكم لدائم
تنادي فلبينا نداءات صفوكم = ويجزيكمُ الرحمنُ بالعفو قائمُ
فمن يدعنا في نهج طه نسارعوا= على ذا تعاهدْنا و ذاكمْ نحاكمُ
دعانا سميرٌ حب قلب وأضلع = ولله عندالحقِّ جندٌ صماصمُ
فدمت المدى بالنور تحذو أحبةً = و طبتم تزكي النفسَ منكم عنادمُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:38 PM
حل الضياء
الطنطاوي الحسيني



حل الضياء فلا نجم ولا قمرُ = حل الجمال فغرد أيها الوترُ
عاد الرجاء فأحيى اليوم أفئدةً = ما عاد ينفعها ماءٌ ولا شجرُ
والنفس من سقم قد شد راحلُها = والقلب من ألم قد حاكه الخطرُ
واليأس فاتنةٌ قد عز مفلتها = نحن الترنح لا كأس ولا سَكَرُ
والعاديات لدى حملاننا رتعت = منا الكليمُ و منا الفَدْوُ والجزُرُ
مذ داهمتنا نيوب البين مظفرةٌ = حتى اشتهتنا سهام البعد تستعرُ
يا أيها الحب هل ما زلتَ تذكرنا = نحن الأحبة عن أشواقهم صدروا؟
نحن الذين أمات البعد بهجتهم = إن يُجْمَعُ النَّاسُ في ملهاتِهم نفروا
راحاتنا بلقاء الأنس مشتملٍ = القلب وردٌ جفاه الطل والمطرُ
أنتم حياةٌ لأرواحٍ وأوردةٍ = رُدُّوا حياةً وعودوا نحنُ نحتضروا
الحمد لله آن السعد يا عُمَري= نعم انتساب سمير القلب نفتخرُ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:39 PM
فك عثاري المرهون
الطنطاوي الحسيني



فكَّ عثاريَ المرهون
.
.
.
مدادُك سال ذوبُ
الرَّوح حارِق
وشكُّكَ جُبَّةَ الآمال شاقِق
***
وقوسُك نالَ ما
أَدْنى المنايا
و حبلُ البوحِ مشنوقٌ
وشانِق
***
و رُسْلُ الودِّ
تشفي فيَّ قلبا
تقاطر ذابَ من وقع
المَطَارِق
***
وما أحيا المحبّة
مثل عَتْبٍ
وسيفُ الشَّكِّ
قدْ أدْمَى الْعَلائِق
***
وما عهدُ المحبَّة يا صديقي
ببتْرِ عَوارِفي
أو كسرِ خافِق
***
أحسُّ شواظَ حرفِكَ
مستطيرا
برغم خفاءِه عن
قنص سارق
***
رويت أحبتي بدموع
طرفي
حبوتُ المسكَ
موفورًا و عَابِق
***
وشِعْتَ بأنَّ
حبَّاتي (بِنِتٍّ)
تناثرَ عقدُها صَوْبَ
المَفارِق
***
وما أنا بالمُبَدِّلَ
غايَ سعيٍ
و ظَنُّك كالشِّهابِ الحُرِّ
مَارِق
***
على ملأٍ تُعاتبني
وترمي
أَمَا في السِّرّ
عودة كل آبق؟!
***
فلا تخش الطيورَ إِذا تناءتْ
فضربُ جناحِها للعشِّ
عاشِق
***

وإنِّي قد طويتُ القلبَ
حُبًّا
فلا لومٌ يُجَفِّفُ سُحبَ
غادِق
***
و أَيْمُ الله في روحي
وفاءٌ
شديد الوقع أحنى
كلَّ شاهق
****
وعلمي صفحَكم صفحٌ
جميلٌ
أَتقبلُ عذرَ
مأزومٍ وصادِق
***
ففك عثاريَ
المرهون لُطْفًا
فأجني صوبَ مرضاتٍ
طرائِقْ
***
وإلا إنَّنِي أعتابُ
ذلٍّ
لعلَّ رضاكُمو بالعفو
سابِق
*****
.
.


دمتم مبدعين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:40 PM
دعاء القلب
محمود فرحان حمادي



دعاء القلب
إلى الأديب الأريب والشاعر المفلق د. سمير العمري
حبًا وعرفانا


سألتُ اللهَ أن يُبقيك ذخرا=وأن يسقي عداك السمَّ مرّا
سألتُ اللهَ أن يُبقيك فينا=فنسمع منك آدابًا وشعرا
دعوتُ فكلُّ مَن في الأرض لبّى=فصار دعاؤنا لله جهرا
وإنّي أُشهد المولى بصدقٍ=بأنّي كنت فيما قلت حرّا
دعوتُ تواضعًا ربًّا عليًّا=فجاءت بابي الأشعارُ تترى
فصدّقت الرؤى إذ خالجتني=ورحتُ أبثُّ بين الناسِ سرّا
بأنَّ اللهَ خصَّك في أمورٍ=ستُبقي فيك طولَ العمرِ ذكرا
إلى لغة الكتابِ أتيت فردًا=ورحت وأنت في الإبداع عشرا
فقد حسَّنت للألفاظ وجهًا=وللقول الغريبِ حفرت قبرا
ورحت بكلِّ ما أُوتيت تبني=صروحًا للقريض تفوحُ عطرا
لقد توّجت للباقين ملكًا=كذاك سبرت للماضينَ غورا
تمطّر عارضٌ فحباك غيثًا=به أجريت للتاريخ نهرا
وقدت زمامَ أهل العلمِ حتى=ركبت لسالف الأزمانِ نسرا
شمخت بواحة الأبطال طودًا=وألبستَ القريضَ الحرَّ تبرا
ورحت مُنقّبًا في كلِّ ليلٍ=لتكشفَ سرَّ ما نقّبتَ فجرا
فمن مجد إلى مجدٍ أثيلٍ=تجيء لبابك الشعراءُ أسرى
فقافلةٌ تروحُ وقد كساها=شعورُك رونقًا لتمرَّ أخرى
وأنت بواحة الشرفاء فذٌّ=من الكلمات قد شيّدت قصرا
وفي بحبوحة للعيش طابت=كطعم الزنجبيلِ قضيت عمرا
أخي العمري طابت فيك نفسي=فجئت أبتُّك الإخلاصَ شعرا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:41 PM
أتبكي للتناص تموت غما

جهاد ابراهيم درويش


بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

أتبكي لِ ( التَّنَاص ) تموت غَمَّا ..؟!


علام الشر في غيٍّ تداعى = وأورى سهمه واشتد باعا
لِمَنْ تُرْمَى الصواعق والرعود = وفيم فديتكم تهمي تِبَاعا
تُجافي الحق تأباه انتهاجا = وتُذْعِنُ للهوى تَهْوَى اتِّبَاعا
تروم الواحة الخضراء شَرَّا = وتلقي الشوك لا تَأْبَى انْتِزَاعا
تخالُ لها لقد عَنَتِ الْقوافي = ودان الشعر ألْقَتْه انْطِبَاعا
فراشتْ سهمها حسداً وكيدا = تعاورها العمى رشقت قلاعا
وأعجبُ أمرها غَرُبَتْ رُؤَاها = جُحُودٌ لَفَّها .. لبست قناعا
فمن عيٍّ وفي غيٍّ تَمَطَّتْ = كبيرٌ هَمَّهَا فبدا فُقَاعَا
أتبكي لِ ( التَّنَاص ) تموت غَمَّا ..؟! = تشدُّ له أسِنَّتِها الْتِمَاعا
وما جُرْم سوى حقد سَبَاها = فأعْمى قلبها نفرت سِبَاعا
تعيبُ من الأنام لسان صدقٍ = بديعٌ حَرْفُهُ وَاتَى انْصِيَاعا
صدوق الود ذو صدر رحيب = أبيٌ شامخٌ يأبى ارْتِيَاعا
تسامى شعره وسمى بيانا = ينادي أمة مجداً مُضَاعا
تهامى كالزهور فَشَبَّ غَضَّا = وقد عَبَّ القريض ربى رِضَاعا
فأرسى للفصاحة صرح عِـز = نداه بواحة أذْكَتْ يراعا
تهيم بها وتختال القوافي = على الشطين ترقبها انْدِلاعا
فدى للحق منهجها سَوِيٌ = ولكن الحقود أبى اسْتماعا
سعى كيداً ورام لها شرورا = ودَسَّ السُّمَّ أزْعجه اجْتِمَاعا
ولو رام الحقيقة جاء نُصْحَا = ومَدَّ وداده بيضاً شِرَاعا
وعاتب بالمودة أهل فضلٍ = يُصَاحِبُه الدليل أتى سِرَاعا
سألتُ الله أن يهدي قلوبا = ويجمع أمة دَأَبَتْ صراعا
وأن يُعْلي سنا ( الخضراء ) عِزَّا = لتبقى رايةً ترقى شُعاعا



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:55 PM
كثير الخصوم
عمر جلال الدين هزاع



كَثِيرُ الخُصُوم ..




يا كَثِيرَ الخُصُومِ ؛ مَهلَكَ . وَ اعلَمْ=لا يُرِيدُ القَصِيدُ بَعدَكَ مَعلَمْ
أَنا ما جِئتُ كَي أُدافِعَ عَمَّنْ=يَشهَدُ الشِّعرُ أَنَّهُ فِيهِ مُغرَمْ
إِنَّما جِئتُ كَي أُجَدِّدَ عَهدًا=لِصَدِيقٍ يَخُونُهُ أَهلُ مُحرَمْ
عاشَ يَحمِي شَتاتَهُمْ فَتَنادَوا=لِيَكِيدُوهُ حَيثُ آوَى وَ أَطعَمْ
أَيَّ عَصرٍ نَعِيشُهُ ؟ وَ النَّدامَى=كُلُّ خِلٍّ بِعُدوَةِ الحِقدِ حَمحَمْ !
ما بِنا اليَومَ مِنْ أَذَىً غَيرُ عَهدٍ=قَدْ قَطَعناهُ خانَهُ مَنْ تَوَهَّمْ
أَنَّنا لا نَبِيعُ إِرثَ أَبِينا=وَ نُباهِي بِطُولِنا مَنْ تَقَزَّمْ
إِنَّهُ الحِقدُ - يا سَمِيرُ - فَأَعرِضْ=ما لَكَ اليَومَ بِالذِي خانَ تَهتَمْ ؟
لَيسَ عَيبًا إِذا اتُّخِذتَ عَدُوًّا=مِنْ كَثِيرِينَ قَدْ رَأَوا فِيكَ مَغنَمْ
لا يَضُرُّ النَّخِيلَ نابِشُ تُربٍ=أَو يَطُولُ الجِبالَ صاعِدُ سُلَّمْ
قَدَرُ النُّبلِ أَنْ يَعِيشَ جَرِيحًا=كُلَّما ارتاحَ مِنْ دَمٍ غاصَ فِي دَمْ
هَكَذا طَبعُ الأَدعِياءِ فَدَعهُمْ=لِيَمُوتُوا بِغَيظِهِمْ . وَ ابقَ وَ اسلَمْ
أَوَلَمْ تَعتَدِ الخِيانَةَ مِمَّنْ=كُلَّما اختَرتَ لِلمَواثِقِ أَقسَمْ ؟
هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ نَكُونَ ظِلالًا=لِيَقُولُوا : ( مُجَدِّدُ الشِّعرِ أَجرَمْ )
بَينَما نَحنُ أَدمُعٌ فِي عُيُونٍ=فِي سَبِيلِ ابتِسامِهِمْ تَتَأَلَّمْ
هَذِهِ الحالُ حالُنا مُنذُ دَهرٍ=كُلَّما لاحَ ساعِدٌ لِيمَ مِعصَمْ
كُلَّما ناحَ شاعِرٌ بِهُمُومٍ=لَكَمَ الحاقِدُونَ مِنْ وَجهِهِ الفَمْ
كُلَّما طارَ طائِرٌ بِجَناحٍ=كَسَرُوهُ بِغَدرِهِمْ فَتَحَطَّمْ
أَيمُنُ اللَّهِ ؛ مَنْ يَرَ الأَمرَ يَفهَمْ=فانتَبِذهُمْ , وَ لا تَعُدْ - وَيكَ - تَندَمْ
عِشْ عَزِيزًا بِحُبِّنا وَ امضِ و اعلَمْ=هُمْ عَلَى القاعِ بَينَما أَنتَ قُلزَمْ






..

كنت قد تأخرت بسبب مانع في الاتصال و عطل في الحاسوب و عندما عدت لمست ما يحيق بواحتنا و بشاعرنا الهمام و أخينا الحبيب العمري - د. سمير - و قبل أن أتحرى تفاصيل الخبر و حيثياته آليت أن أجدد للواحة و له محبتي و ثقتي بهذه الارتجالية السريعة و أنني سأظل من أبنائها البررة و لن أقف صامتًا في وجه من يريدون هدمهما أو النيل منها فهي وطننا الأول الذي جمعنا على المحبة و النهوض بأمتنا و رسالتها
و لي عودة قريبة ريثما يتسق النت و الحاسوب و لكم و له التجلة و المحبة

..

نداء غريب صبري
30-05-2012, 09:56 PM
بذلت الرضا
الطنطاوي الحسيني



بذلت الرضا حتى تجرأ جاهلُ=ألنت الجوى حتى تهدَّد غافلُ

وسعت قلوبا جوفها الغلُّ قد نمى=وتحت الإزار الجرحُ منك يشاكلُ

بخلسة ليلٍ قد تمرد طاعنٌ=ويزهو بجهلٍ في الخفاء يباهلُ

أطاح التماسُ النيْلِ في شر وهدة=بهمة مكر فالختولُ يصاهلُ

ألا يا سميرَ الشعرِ عشتَ مكرما=بتقْوى ودينٍ ، همُّك المجدُ آثلُ

تروم العلا صرحا فصغت أصوله=أساسات صدق، نضَّدَ الصرح عاقلُ

فلا الجرف هارٍ أسلم الحقَّ كربَه =ولا العزمُ خَوَّارٌ ولا أنت ذاهلُ

وهبتك يا ابن الأكرمين تحية=تغيظ العِدا - هلْ ردَّها المتحاملُ

وما ترتقي سحْب بشكر هطولها=-حماك إلهُ العرش - جودك فاضلُ

ضممت الندى نحو الندى بتبصُّرٍ=فهذا وفاءٌ سطرتهُ الأوائلُ

بضادٍ وحرفٍ في بهاء عقيدةٍ=وما الزهرُ لولَا الشوكِ يخشاه قَاصِلُ

أيا أيها الوجه الندي بسعيه=تضمَّخْ بمسكٍ في قلوبٍ تناضلُ







ولهو خير من ذلك والله يعلم
تحياتي اخي الحبيب د سمير العمري وأبشر بمحبيك وكفاك الله شر شانئيك
ودمتم مبدعين متآخين على الخير متعاونين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:05 PM
هب أنه سارق

بند الصاعدي



هَبْ أَنَّهُ صَدَقَ ادِّعَاؤُكَ سَارِقُ=أَوَأَنْتَ فِي مَا تَدَّعِيهِ صَادِقُ!
أَرَمَيْتَ حَيْنَ رَمَيْتَ ثَاقِبَ نَظْرَةٍ=أَمْ أَنَّ سَهْمَكَ حَيْثُ حِقْدُكَ مَارِقُ
مَا لاقَ بِالحُرِّ الأَذَاةُ لِسَيِّدٍ=عَفٍّ بِهِ تَاجُ المَحَامِدِ لائِقُ
لَوْ كَانَ يَزْجُرُ بِالفَصَاحَةِ نَاطِقٌ=أَوْ كَانَ تَرْدَعُ بِالبَيَاضِ مَفَارِقُ!
فَتِّشْ عَنِ الأَبْكَارِ وَافْحَصْ كُنْهَهَا=أوْ دَعْ فَطَيَّاتُ القُلُوبِ تَوَافُقُ
أَ إِذَا رَأَيْتَ الفِكْرَ سَبْقًا مُعْرِضٌ=وَإِذَا ارْتَأَيْتَ طُرُوقَهُ فَمُضَايِقُ
قَدْ فَضَّ أَبْكَارَ المَعَانِي السَّابِقَُ=لَولا تَقَدُّمُهُ لَفَضَّ اللاحِقُ
وَالدَّهْرُ آخِرُهُ كَأَوِّلِهِ وَفِي=طَيَّاتِهِ لَلعَالِمينَ حَقَائِقُ
يَشْقَى البَلِيدُ وَلا يُجِيدُ تَصَرُّفًا=وَيَفُوزُ بِالأَمْجَادِ فِيهَا الحَاذِقُ
المَاجِدُ العُمَرِيُّ عَمَّرَ صَالِحًا=الحَافِظُ الوُدَّ الوَفِيُّ السَّامِقُ
الحَاضِنُ الأُخْوَانَ رَغْمَ جَفَائِهِمْ=الوَائِدُ الأَضْغَانَ لَيْسَ يُرَاشِقُ
الذَّائِدُ الأَعْدَاءَ وَالأَرْزَاءَ عَنْ=أَهْلِ الإِخَاءِ المَسْتَضِيفُ الوَادِقُ
المَاهرُ الغَّوَّاصُ يُصْدِرُ غَانِمًا=وَجَنَى يَدِيْهِ لَآلِئٌ وَعَقَائِقُ
تَكْسُو يَرَاعَتُهُ القِفَارَ نَضَارَةً=تَرْتَادُهَا الأَحْدَاقُ فَهْيَ حَدَائِقُ
وَتُلَقِّحُ الأَلْفَاظَ خَاصِبَ فِكْرِهِ=عَتَقَتْ نَتَائِجُهَا وَهُنَّ عَوَاتِقُ
وَلَقَدْ مَدَحْتُ إِذَا مَدَحْتُ خَلائِقًا=تَبْلَى الجُسُومُ وَهُنَّ هُنَّ خَلائِقُ
حُلَلٌ يُزَيِّنَّ الفَتَى لِزَمَانِهِ=وَبِفَضْلِهِ وَعُلاهُ عَنْهُ نَوَاطِقُ
لَلْحَقُّ أَوْضَحُ فِي المَسَامِعِ نَبْرَةً=مَهْمَا تَعَالَتْ فِي الآثِيرِ نَقَانِقُ
فَأَصِخْ بِقَلْبِكَ وَاسْتَمِعْ مُسْتَهْدِيًا=تَخْلُصْ إِلَى رَشَدٍ , هَدَاكَ الخَالِقُ !

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:09 PM
بعض الحجارة تدمي رأس من ضربوا
محمد ذيب سليمان


رأيت وسمعت ما رأى وسمع غيري , غير أني في سفر الى فلسطين وأخرني عن المشاركة انقطاع الشابكة المتكرر وفقدانها وبعدها عن يدي حيث يتحتم علي دخول بيوت وما يتبع ذلك من حرج فأقول لأخي سمير
يا رائق الشعر جئت الشعر ملتمسا = عذر الحبيب وقد أعياني السفر



بعض الحجارة تدمي رأس من ضربوا
مهداة الى د. سمير العمري



جفت منابرهم وانهارت الرتب = واستوطن الكيد أحلاماً بما كتبوا
أغراهم الصفح والطيب الذي ملكت = أحلامك البيض والأخلاق والنسب
حتى تهاووْا على سقط الكلام وما = ضرَّ السحاب عَقوقا جرَّه ذنَب
كان الخُواء نديماً يا لحرفته = يستهدف النجم من يعلوا وينتصب
ألقاهم الغي عمياناً فما عرفوا = درب الكرامة حيث المجد والأدب
واستمرءوا الكيد كي يُلقوك في وجعٍ = لما رأوْك أميراً دونك السُّحب
في كل خافقة يهديك خافقها = فيض الوفاء وحبٌ ما له أرب
إنا أتيناك صرحاً في ذرى أدبٍ = ما هُنتَ يوما ولا ضاقت بك الهُدب
نسعى إليك وفخر القرب يملكنا = كأنك السحر , فينا بات ينسكب
يا جذوة الشعر كيف الشعر تقرضه = عذبًا رصينًا معافىً للعلا يثب
تستنهض الحرف والأوزان تطلقها = لسامق الفكر حين الفكر يُنتهب
تسقي رؤانا زلالاً طاب مشربه = من غير كِبرٍ ولا في الظل تحتجب
أرسيت نهجًا ووجه الله يحكمه = لحامل المسك لا للكير ينتسب
يا صادق الوعد والعهد الذي درجت = على يديه جموعٌ , ها هم النُّخب
لن يخذلوك وقد أوليتهم سببًا = لنهضة الحرف حين اجتاحه الكذب
تبقى أميرا برغم الكيد منتصباً = شأن النخيل على هامات من حُجبوا
ودربك الحق مسمارا يؤرقهم = غدا تراهم وقد أعياهم النصب
فعش سميراً على أفنان واحتنا = بين الأحبة لا تأبه بمن نضبوا
إن الكرام كأغصان لها ثمرٌ = ونافخ الكير يرميها ويحتطب
ولا يضيرنَّ نخلاً رامه حجرٌ = بعض الحجارة تدمي رأس من ضَربوا

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:13 PM
ومن يساوي بمسك ذائع بصلا
ماجد الغامدي



دعا القريضُ.. فلبّى الصوتَ وارتجلا =و هبَّ يحشدُ من تبيانِهِ جُملا !
شهامةٌ أنبضت من طبعِهِ وَتراً =من الوفاءِ تحيِّي ذلك الرَجُلا
و قد تضوّعَ في أعماقِهِ نغمٌ =فراحَ ينسجُ من ألحانِهِ حُللا
تعوّدَ الصدقَ في قولٍ وفي عملٍ =و ما ارتضى اللؤمَ لا قولاً ولا عملا
تضجُّ في دَمِهِ روحُ الوفاءِ و كم =أفاضَ من شِيَمِ الأحرارِ ما نهلا
فما تزحزحَ عن عهدِ الكرامِ ولا =تراهُ عن منهجِ الإنصافِ منتقلا
كالريحِ إن عصفَت كالأُسدِ إن زأرت =كالنارِ إن زفرت كالسيفِ إن قتلا
كالموجِ في لُججٍ كالنورِ في حُججٍ=كالشمسِ ما غربَت كالبدرِ ما أفلا
يا سيّدَ القومِ دأبُ الوغدِ نعلمُهُ =فما تعوّدَ لا صِدقاً ولا مُثلا
مُستعبدٌ شَبَّ عن طوقِ الوفاء إلى =دربِ اللئامِ وعاشَ العمرَ مُنتَعَلا
وقال..يعصرُ من أضغانِهِ دَرَناً = و دبَّ ينبشُ من أوهامِهِ طللا
وما عهدناهُ إلاّ صابئاً نَتِناً=وما علمناهُ إلاّ كاذباً وجِلا
و منطقُ الحقِ يُملي أن نجابههُ =ولن نصدقَ في تخريفِهِ دجلا
سميرُ.. غِيضَ خبالُ الإفكِ وانطفأت =نارُ المنافقِ واسأل كلَ من عقلا
وقد ترفّعتَ عن وحلِ اللئيمِ كما =شمختَ فينا مهاباً سيداً بطلا..
..أصابَ من شُعلةِ الأمجادِ جذوتَها =وحازَ من كلِ معنىً خيرَ ما سألا
ولم يزل في سنامِ الفخرِ منزلُهُ =ولم يزل في تمامِ النورِ مُكتمِلا
وقد تسامى عن الأوغادِ عن ثقةٍ =وقد تربّعَ من أخلاقِهِ جبلا
وقد تهامى بحِلمٍ لا يبدلُهُ =وقد تفتّقَ في عليائهِ شُعلا
"قومٌ همُ الأصلُ والشُذّاذُ غيرهمُ =و مَن يساوي بمسكٍ ذائعٍ بصلا"

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:15 PM
قميص البهتان يلقى على الدكتور سمير العمري


والله ما حجب غربال نور الشمس ..
والله إن للواحة رب يحميها فما تأسست إلا على صدق نية ونقاء سريرة لوجه الله تعالى ..
ومن أراد بها كيدا فالله يرد كيده في نحره ..
والله لقد مرت هذه الواحة ورمزها المؤسس بمواقف عدائية لا يعرفها إلا من عاش تلك الظروف القاسية
وكلنا كان واثقا بأن ما ألقي على د. سمير العمري ما هو إلا قميص بهتان نسج من إفك وزور ..
نعم آلمنا هذا التنكر والجحود ممن سعى إلى خراب الواحة وإلى تشويه سمعة مؤسسها ..
لكنه أبدا ما استطاع أن يمس شعرة منه و لم يغبر على حذائه بما أثار من زوابع إفك وحقد..
إن ذاك الشخص المنتحل لاسم مجموعة تهتم بالفضائح والسرقات الفنية وليس لها أية صلة بالأدب ولا الأدباء
ولا تفهم بشعر أو نثر أوقصة ولا حتى اللغة العربية فمعظم ما تكتبه تلك المجموعة عبارة عن أخبار عن الأوساط الفنية
وفضائحا وسرقاتها بأسلوب عامي ركيك ..

نحن لم نكن ندافع عن أخانا د. سمير العمري ..
بل كنا نسعى لإثبات كذب من ادعى إفكا عليه ..
فما رأيناه هنا من شهادة أدباء وشعراء لهم باع طويل في عالم الأدب وعلى الشابكة في أدب وشعر وأخلاق د. سمير العمري لهي أوسمة شرف قلدوها له ، وليس نفيا لما أتى من شخص بعد أن كبر وتألق في الواحة ، حمل معوله ليهدم أركانا شامخة راسخة فيها باتهامات ما هي إلا بهتان وزور ، وكان أول ركن هو د. سمير العمري ..

نعم ..
فرح القلب وانشرح الصدر وقد التف الجيمع حوله يناصرون الحق ويمنحونه أوسمة صدق تمسح عن نفسه الحزن ..

فشكرا لقلوب نقية طيبة تعودنا منها أن تكون بمثل هذه المواقف الشريفة العادلة ..

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:19 PM
نباد ولا تهون

عماد أمين



نُبَادُ ولا تَهُـــون
(تجديد عهد)





دَعِيَّ العَدْلِ قُلْ لِي مَنْ تَكُونُ=أَهَذَا مَسُّ جِنٍّ أَمْ جُنُونُ؟
وَصَفْتَ بـ -سَارِقٍ - رَجُلاً مِفَنًّا=سَجِيَّتُهُ البَلاغَةُ لا اللُّحُونُ.1
ظَنَنْتَ-حَمَاقَةً- مَا قُلْتَ حَقًّا=فَهَلْ تُغْنِي عَنِ الحقِّ الظُّنونُ؟.
تُحَاكِمُهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ=لَعَمْرِي ذَاكَ عيْبٌ بل وَهُونُ.
هُوَ الغُصْنُ الذِي ما مَاَل يَومًا=فَهَل نَرْقَى إذَا انْحَنَتِ الغُصُونُ؟.
(سَمِيرَ الشِّعرِ يَا مَلِكَ القَوَافِي)=ِلأَشْعَرَ منْكَ ما قَرَأَتْ عُيُونُ.2
فَوَاحَتُنَا لنَا نِبْراس عِلْمٍ=لهَا فِي كلِّ زاويةٍ فُنُونُ.
نُرَدِّدُهَا لَكُمْ مَهْلاً فإِنَّا=لَنَرْضَى أَن نُبَادَ وَلاَ تَهُونُ.









1-اللحون : الأخطاء.
2-على الأقل عيناي أنا.






.................................

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:26 PM
وصنت عهدي واعيل
مولود خلاف




وصنْتُ عَهْدي واعِيا


السَّهْمُ أحْجَمَ ثُمَّ أصْمى الرّامِيا =عَرَفَ الكِرامَ فَمَا تَجَرَّأ غَازيا
تَنْبو السُّيوفُ عَصِيَّةً إنِ أُشْهِرَتْ= ظُلْمًا على شَهْمِ الرِّجالِ تَجافِيا
والنّارُ تأكُلُ في المزارعِ يابِسًا=وتعافُ أَخْضَرَها فيَبْقى صافيَا
والسَّيْلُ يَجْرِفُ إنْ أُثيرَ غُثاءَهُ=ويُزيلُ عَنْ صَلْبِ الصُّخورِ سَوافِيا1
واللَّيثُ إنْ وَصَفوهُ يومًا أشْرَسًا= لا يُنْقِصُوهُ ويَبْقَيَنَّ الضَّارِيَا
وأبو حُسامٍ لا يُضارُ بِخِسَّةٍ=نَبْشُ الجِبالِ يُعَدُّ ضَرْبًا واهِيَا
يا حاسدًا قدْ زِدتَ قدْرَ أميرِنا =الحُسدُ يُهلكُ يا بُنَيَّ القَالِيَا
هذا سميرٌ قدْ عَرَفنا قَدْرَهُ=وعرفتَهُ مِن قَبْلُ دُرًّاغَاليَا
هُوَ سَيِّدٌ في عَصْرِهِ ومجاهدٌ =سَلَّ اليراعَ فكانَ عضبًا ماضيَا
وأعدَّ جيشًا بالمدادِ مُحاربًا=لِلدّينِ يُحيِي مَنْ تراجعَ بَاكيَا
شَهمٌ كريمٌ مِنْ خلاقِ محمّدٍ =شَربَ الفضيلةَ ثُمَّ يَمَّمَ ساقِيا
بايعتُهُ لمَّا أتَيْتَ مبايِعًا=لكنْ غدرْتَ وصنْتُ عَهْدي واعِيا
ونظرتُ رَمْيَكَ إذ رميتَ محلِّلاً=فوجدتُهُ بَعْدَ التَدَبُّرِ وانِيا
مَنْ سَبَّ شمساً بعْدَ حَرٍّ فَائتٍ=نَكَّارُ أفْضالٍ تُعَجِّزُ حاصيَا
أسَلَوْتَ دُرًّا لا يُعَدُّ بِشِعرِهِ=وتَرَى عيوبًا لا تُعَدُّ كما هِيا
عَينُ الحَسودِ هي التي شوكًا تَرى =في جنْبِ حقلٍ بالزهورِ مُباهيا
يا ظالمًا أدعوكَ دعوةَ نَاصحٍ=عُدْ راشدًا فالكلُّ يُخطئُ نَاسِيا
إنَّ السَّميرَ كما الكرام مسامحٌ=وبَنيهِ قدْ رَسَموا بِعَفْوٍ ناديَا

1 السوافي : ما تحمله الريح من التراب فتذريه

1 السوافي : ما تحمله الريح من التراب فتذريه




شعر مولود خلاف

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:28 PM
أمير الشعر

رفعت زيتون



أميرُ الشّعرِ



(هدية متواضعة خجولة للدكتور سمير حاولتُ جاهدا أن ترقى لقدره
ولكن لازمني العجز وباتَ التأخّرُ يؤرّقني وفي القلب الكثير فكان لزاما أن أضعها كما هي بتواضعها وصغرِ حجمها)


-------------------------



أميرُ الّشّعرِ قدْ فقْتَ اعتقادي = بكسبِكَ للمحبـّةِ والودادِ
منَ الخلاّنِ إذْ أهدوكَ حبـّـًا = كما الأنهارِ يعظمُ باضطرادِ
ولوْ نطقتْ لقالتها وربـّـي = على الأشهادِ ألسنةُ الجّمادِ
بأنـّـكَ يا جميلَ الوجهِ قيسٌ = بحبـّـكَ للحروفِ وللمدادِ
تحطُّ على القصائدِ مثلَ نحلٍ = وتنثرُ شهدَها في كلِّ وادي
همُ الخلاّنُ هبـّـوا في وفاءٍ = وما انتظروا نداءَكَ كيْ تنادي
وهذا ما حرثتَ بكلِّ أرضٍ = وقدْ حانتْ سويعاتُ الحصادِ
لأنَّ الخيرَ والمعروفَ ديـْنٌ = وطوقٌ حولَ أعناقِ العبادِ
بدأتَ بهِ فكانَ الردُّ أوْلى = وكانوا في التّسابقِ كالجّوادِ
وها همْ في السّدادِ وأنتَ تأبى = فلمْ تفعلْ لتحصيلِ السّدادِ
سميرُ الحبِّ يا عـُـمَرَيّ إنـّي = أطيرُ إليكَ يسبقني فؤادي
أمدُّ يدًا وأتبعها بأخرى = ولاءً باليقينِ وبالرشادِ
وقلبي اليومَ منحازٌ ويعدو = وتتبعهُ إليكَ خطى حيادي
لأنّكَ نجمةٌ في الودِّ تسري = ونوركَ في سماءِ اللطفِ بادي
رقيقُ الطـّبعِ لمْ تغللْ بيومٍ = ولمْ تبخلْ بصادٍ أوْ بضادِ
وأكثرتَ الوفاءَ فكنتَ نهرًا = وزدتَ به فسارَ إلى النـّـجادِ
وأسبغتَ العطاءَ الحلوَ حتّى = نمَتْ فيهِ الأناملُ والأيادي
وسُقتَ الشّعرَ غيمًا فوقَ ترْبٍ = رويتَ بهِ الأحبّةَ والأعادي
وأعجبُ أنَّ غيركَ جفَّ غيثًـا = وغيثكَ في ازديادٍ وازديادِ
فحرفكَ يانعٌ والبوحُ سحرٌ = وصوتكَ صادحٌ مَـلأ البوادي
وسهلـُـكَ مغدِقٌ والأفقُ صافٍ = وبرّكَ مونِقٌ والبحرُ هادي
وشِرْبُكَ سائغٌ والماءُ عذبٌ = وغصنُكَ أخضرٌ والعودُ نادي
كأنـّكَ ثالثُ العُمرينِ حِلمًا =وصبرًا في مسيركِ للمرادِ
أميرَ الشّعرِ ليسَ يضيرُ عتمٌ = تَغـَـنّـيَ بلبلٍ في الجوِّ شادي
وإنّ البدرَ تظهرهُ سماءٌ =إذا اشتدّتْ بها سحبُ السّوادِ
ويكفي يوسفُ المظلومُ ذكرى = بما نعتوهُ لجًا في العنادِ
فكانَ اللهُ في التّدبيرِ أقوى = فأورثهُ مفاتيحَ البلادِ
وقدْ أصحرتَ عذرًا واعتذارًا= فما هدأتْ شراراتُ الوِقادِ
كذا الأهواءُ والفتنُ احتراقٌ = يُسعّرُ نارَها فيحُ الفسادِ
لحاها الله أطماعًا أتتنا = تراءتْ في حبالٍ منْ مسادِ
فلا بأسٌ عليكَ وأنتَ ليثٌ = زئيركَ غالبٌ صوتَ التّمادي
وإنْ دُقّتْ طبولُ الحربِ جيشٌ = يـَـملُّ عدوُّهُ ثوبَ الحدادِ
وإنّكَ فارسٌ مسلولُ حرفٍ = وغيرُكَ سيفُهُ سيفُ الزُّبادِ
(أليسَ الحزمُ يأتي حينَ يأتي = على قدرِ الرّجالِ بلا اقتصادِ)
(ومثلُ الرّيحِ تضربُ ذا شموخٍ = ويأمنُ ضربها أهلُ الرُّقادِ)
أقولُ الحقَّ لستُ لهُ كتومًا =ولستُ بمنْ يضلـّـلُني انقيادي
سميرُ الحبِّ مصداقٌ صدوقٌ = صديقٌ بالنّوازلِ والشّدادِ
وليسَ لدارهِ البيضاءِ بابٌ = وبينَ النـّاسِ مرفوعُ العمادِ
وللضيفانِ طولَ اليومِ عينٌ = وأخرى في الليالي كالوِسادِ
حماهُ اللهُ منْ حسدٍ ومكرٍ = ومنْ وعثاءِ كبواتِ الجّيادِ
وأصلحَ بالَهُ ورعاهُ حتّى =ينالَ بعونهِ كلَّ المرادِ
لعلَّ النارَ تخمدُ في ثراها = وتمسي تحتَ أقدامِ الرّمادِ

..

بقلم : مهندس رفعت زيتون
15 \ 7 \2010
القدس

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:30 PM
نبع اخلاص
الطنطاوي الحسيني



أخي في اللهِ لا تخشى الطوارِق = فحبلُ اللهِ يُهْوِي كلَّ عائِق
وربك في نوايا الناس حتى = ليشهد ما خفى عن عين حاذق
مدحت وإنني دون اكتمالٍ = ودون الوصف يا محبوب عالق
ويغفر ربنا سرا وجهرا = و يمحو إثمنا بالعفو دافق
ويجبر كسرنا ما كان منا =يلين القلب أخرى بالرقائق
رأيتك نبع إخلاص وصدق = وذاك الصدق يبدو كالحقائق
رأيتك تحمل الألام حتى = جرحت بكل مصقول وبارق
فنسأل ربنا الرحمن عونا = ويهدي الصحب من آلاء رازق
ويمحو الجرح يبدله نجاحا = لتبلغ غاية يا خير سابق
أخي العمري يهناك انتسابا = ويهنك قلب محبوب كعاشق
وما جنب الحبيب يُخافُ لومٌ = وما مثوى الحبيب سوى بخافق



أخي الفاضل الحبيب رئيس واحتنا واستاذنا الدكتور سمير العمري
بارك الله فيك اخي الكريم
و هذه كانت توكيد عهد وبعض الشجن في موضوع ما أراك تعلمه
اخي الكريم شرفتني ونورتني بهذه المداخلة وهذا الجمال الذي لا أستحقه من شاعر فريد أسر الشعر وأهله
ارجو ان تكون بخير وان يجبر الله الخاطر وان يعوضك على ما فات بخير منه وان يرد إليك من أحببت منهم
حتى ولو بالتأسف منهم والندم
تحياتي وحبي وتقديري أيها الباسق أبا حسام
جزاكم الله خيرا ودمت رائدا مبدعا حبيبا

نادية بوغرارة
30-05-2012, 10:32 PM
بوركت الهمة يا نداء ،

دمت كما أنت ، رائعة .


:hat:

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:33 PM
محيط الشعر
الطنطاوي الحسيني


محيط الشعر إهداء للدكتور الفاضل أخي د سمير العمري ابا حسام
/
\
/
\

مُحيطُ الشِّعْرِ يَهْجُوهُ الْمَضيقُ = وَ رَبُّ الْحَرفِ يَطْعَنُهُ الصَّدِيقُ
وَ بَدْرُ يَرَاعِهِ بِسماءِ شِعْرٍ = تأَلَّقَ ثُمَّ أَرْهَقَهُ الْبَريقُ
وَ فِكْرُ حَرِيرِهِ المَغْزُولِ سِحْرٌ =وَ نَجْواهُ الأزاهرُ وَالرَّحِيقُ
أَينسجُ حرفُه الميمونُ قَصْرا = وَ يَسْخَرُ مِنْ مَدائِنِهِ الْحَريقُ!
وَ يُبْهِجُ صِدقُهُ الصدِّيقٌ صَدْرًا = وَ مَسْرَى الغلِّ يرسِمُهُ الطَّريقُ!
وَ رَبُّكَ- كانَ مَادِحُهُ خليلًاَ = وَ لَكِنْ حَالُ وَاشِ الْقومِ ضِيقُ
قَضاءُ رَوَاحِلِ الفُرسَانِ دَوْمًا = فُرَادَى الدَّرْبِ –والكيدُ المعيقُ
وَ جَمْعُ الْخَلْقِ لَيْسَ دَليلَ حَقٍّ = وَلَمْ يَجْمَعْهُمُو- فُجْرًا – شُرُوقُ
فَقَدْ زادَ الْغثَاءُ وَ لَا مُغِيثٌ = حَليمُ الْقَوْمِ مُحْتَارٌ شَفِيقُ
مُدَارَسَةُ الحقيقةِ لَا هَوَانَا = و نورُ الحقِّ – وَيْ- خَيطٌ رقيقُ
تَدُورُ حَوادِثُ الْأحزانِ تَتْرَى = بِقُمْصِ الْخَيْرِ دَمَّمَهَا الرَّفِيقُ
أَيَسْرِقُ مِنْ خَزَائِنِهِ غَنِيٌّ = وَ شَعْثُ الحَرْفِ تبرٌ أَوْ عَقِيقُ!
جَهَابِذةُ الْمِدادِ وَمَنْ تَبَاهَى = كَفَاهُمْ مِنْ مُعَلَّقَةٍ بَرِيقُ
وأمَّا جهبذُ الشُّعَراءِ يُرْمَى = وَعِقدُ مُعَلَّقَاتٍ هَلْ نُطِيقُ؟.!
/
\
/
\
دمتم مبدعين متآخين
ونسأل الله الصدق والقصد في الغضب والرضا آمين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:34 PM
بوركت الهمة يا نداء ،

دمت كما أنت رائعة .


:hat:

شكرا عزيزتي

ربي يسعدك

بوركت

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:38 PM
ومضة
فرج أبو الجود


يا شيخنا العمري
أقبلت كالقمر ِ
وخطاك ساحرة
يا ساحر البشر ِ
ويديك حانية
في واحة السمر ِ
أفنانها ذهبٌ
والحَبُ من درر ِ
ونسيمها عبق
أواه في السحر ِ
والحُبُ خيمتها
والود كالشجر ِ
والفكر صورتها
في أروع الصور ِ
والحسن بلبلها
يشدو مع المطر ِ
أهديك قافيتي
يا شيخنا العمري

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:40 PM
رجع العود
يحيى سليمان



رجع العود




لمِثْلِ قَلْبِكَ نَأْتِي بِالعَنْاقِيْدِ=مُعَتَقٌ حُسْنُهَا فِي كِلِّ عُنْقُودِ
إذَا عَصَرْتَ شِغَافَ القَلْبِ قَاطِبَةً=تَبَيَّنَ الحُبُّ فِي صُلْبِ المَوَاجِيْدِ
وَقَدْ هَمَمْتَ بِقَلْبٍ لا مَثِيْلَ لَهُ=فَلا نُزَايِدُ فَوقَ الجُودِ بِالجُودِ
وَإِنَّمَا يَنْقُلُ الإِلْهَامُ جُعْبَتَهُ=فَتَسْتَقِرُ بِنَا بَعْضُ الأَغَارِيْدِ
وَقَدْ نَهَجْتَ بِنَا فِي كُلِّ مَكْرَمَةٍ=نَهْجًا سَدِيْدَ الخُطَى حُلْوَ المَوَاعِيْدِ
مَا ضِقْتَ يَوْمًا بِقَلْبٍ فِي مُشَاكَسَةٍ=كُلا وَلا غُلِّقَتْ بِنْتُ الأَمَالِيْدِ
مَوْفُورَةُ العِلْمِ عَصْمَاءٌ مُثَابِرَةٌ=كَرِيْمَةٌ وَاحَةٌ فِي مَفْرَقِ البِيْدِ
لِلْفَضْلِ فِيْهَا عَلامَاتٌ تُزَيِّنُهَا=وَلِلْمَكَار مِ سَبْقٌ غَيْرُ مَحْدُودِ
وَقَدْ أَتَيْتُ وَعُوُدِي فِي فَمِي رَطِبٌ =فَاشْتَدَّ فِي رَحْمِهَا فَنِي وَتَجْوِيْدِي
لِيْ خَلْفَ كُلِّ هَدِيْلٍ جَنَّةٌ وَرُبَي=وَفِي دَمِي وَاحَةٌ مِنْ رَجْعِهَا عُودِي
أَزُفُّ أَعْذَبَ أَلْحَانِي إِلَى فَمِهَا=وَلَيْسَ أَعْذَبَ مِنْ لَحْنِي وَتَرْدِيْدِي
حَتَى إِذَا شَنَّفَ الأَسْمَاعَ بُهْرُجُهَا=تَسَاقَطَ السِّرُ مِنْ مِزْمَارِ دَاودِ
إِنِّي وَقَدْ بَلَغَ المَاءُ انْبِجَاسَ يَدِي=عَنْهُ فَسَلْتُ عَلَى خَصْبٍ وَجُلْمُودِ
وَقَدْ أَخَذْتُ لِجَامَ اللَحْنِ مِنْ أُذُنِي=وَسِرْتُ فِيْهِ عَلَى إِيْقَاعِ تَجْدِيْدِي
بَلَغْتُ مَا تَشْتَهِى مِنْ عَالمَي جُمَلِي=وَمَا بَلَغْتُ بِهَا غَيْرَ التَّجَاعِيْدِ
قَلَّبْتُ أَوْجَاعَ قَلْبِي وَهْوَ مُرْتَجِلٌ=وَقَلَّبَ القَلْبُ أَوْجَاعَ الصَّنَادِيْدِ
وَجِئْتُ أَسْأَلُ مِنْ مِلْحِ القُرَى مَدَدًا=عَلَى بُسَاطٍ بَسِيْطِ السَبْكِ مَمْدُودِ
وَمَا ادَّخَرْتُ لَهُ فِي القَلْبِ أُغْنِيَةً = إلا وَضَفْرَتْهَا وَسْطَ العَنَاقِيْدِ
وَمَا أَرَدْتُ وَفَاءً كَادَ يُعْجِزُنِي=إِلا إِخَاءً عَلَى نَهْجٍ وَتَوْحِيْدِ
وَلَيْبَقَ ذُوْ الفَضْلِ فِيْمَا بَيٍنَنَا رَجُلا =أَقامَ صَرْحًا فَلَمْ يَبْخَلْ بِتَشْيِيدِ

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:41 PM
رقية المتعوذ
مصطفى السنجاري





رُقْيَةُ المُتَعَوّذ


إهداء إلى الدكتور سمير العمري




أعــــوذ بربِّ النّاسِ مِن ناظِرٍ قَذي
يَرى كُلَّ ذِي حُسْنٍ كَباطِــــــنِهِ بَذِيْ


يَعِيْبُ على الطاووسِ أَطْيافَ رِيشِهِ
كَطائِرِ لَــــــــــــــيِلٍ ذِيْ جَناحٍ مُقَذَّذِ


وَمِنْ كُلِّ ذِيْ ضِــغْنٍ حقودٍ , فُؤادُهُ
على الكَيْدِ مِنْ أهلِ الفضائلِ يَغتَذي


مَعاطِسُـــــــــهُ مِن كُلِّ شَمٍّ تَشَفَّرَتْ
فَكَيــفَ بهِ يُهدى إلى الأرَجِ الشَّذيْ


وَمِنْ كُلِّ مَحْمــــــــومٍ بِنارِ حُساكَةٍ
بِكُلِّ صَــــــــديدٍ مِن حُشاشَتِهِ هَذِيْ


وَمِمَّنْ رَمَى الأخــــيارَ للنَّيلِ مِنْهُمُ
بِكُلِّ رديءِ الفِـــــــــعلِ غَيرِ مُحَبَّذِ


فَيَكْذِبُ بُهتاناً وَيَعْلَمُ أَنَّـــــــــــــــهُ
وَشَـــــــرُّ الذي فيما ادَّعى أنَّهُ الذي


أرَى بَعضّهُم شَروى الذُّبابِ سَجِيَّةً
يَعيشُ وَيَحــــيا فَوْقَ عَذْرَةِ ذا وَذِيْ



أَلا يا سَميرَ الشِّعرِ والنُّبْلِ والنُّهى
سَلِمْتَ,بِما جاءَ الأَثـــــــــــيمُ تَلَذَّذِ


فَقَبْلَكَ كانَ الذِّكْرُ مُتَّهَماً كَــــــــــذا
كَما المُتَــــــــــنَبِّي كانَ مُتَّهَماً بِذيْ


نَبَذْنا سُلُوكَ المُغرِضــــينَ وَسَعْيَهُم
وَمَنْ يَسْتَهِنْ بِالنُّبْلِ في النّاسِ يُنْبَذِ


تَسامَيْتَ خُلْقاً عَنْ مُقارَنَةٍ بِــــــــهِم
فَهَلْ طُحْلُبُ المُسْتَنْقَعاتِ كَما العِذي (1)


وأنتَ جَهامُ الغــــــيمِ تَهطُلُ زاخِراً
وَهُم في فَمِ الدُّنـــــــيا كَرِيْقٍ مُرَذَّذِ


رَمَوْكَ بأحجار الأذى عَلَّ تَنْــــحَني
فَزِدْتَ التِماعاً كالحُسامِ المُشَـــــحَّذِ


وَرَمْيُكَ بالأحجارِ مِـــــرْآةُ قُصْرِهِم
وَتَقْصيرِهِم عَــــــن كُلِّ نَيْلٍ وَمأخَذِ


لأَنَّكَ أســــــــمى أن تطالَكَ خُدَّجٌ
ووَجهُكَ كالمرآةِ أعيا الذي يَذي


فَكَم لَكَ مِن سِــــحرِ البيانِ أوابِداً
عصارِةُ أفكارِ اللبيبِ المُــــــجَرَّذِ


مُبَرَّأَةً مِن كُلِّ عَيْبٍ وَتَــــــــــغْبَةٍ
وَصَقَّلَها وَعْيُ المُجـــــيدِ المُنَجِّذِ


تُنَظِّمُ مِن دُرِّ القَريضِ فَـــــرائِداً
على حَذْوِها هَبَّ النواظِمُ تَحْتَذي


وَكَمْ لَكَ مِن فَيْحاءَ أتْقَنْتَ غَرْسَها
يَطيبُ لِقطعانِ الخيالِ بِها المِذي(2)


وَما جاءكَ الشُّذّاذُ أَنْكَرَهُ السُّرى
فَبَعْضُ الشَّذا شَرٌّ وَأغلَبُهُ شَذي


يَعزُّ على أهلِ السَّماحة أنْ يَرى
لَهُ أُذُناً في النّاسِ كُلُّ مُشَعْوِذِ


حَنانَيْكَ بَتْراءٌ شَهادَةُ خُدَّجٍ
وَما ضَرَّ صَقْراً رَأْيُ فَأْرٍ وَقُنْفُذِ


وَما حيلَةُ الأسْتاذِ ثارَ مُراهِقٌ
يهزُّ كَجَدْيٍ طاشَ ذَيْلَ مُهَرْبِذِ(3)


يَرى بَأسَهُ في ذَمِّ ما هُوَ شاهِقٌ
وتَحْطيمِهِ مثلَ الزُّجاجِ المُجَذَّذِ(4)


وَلَسْتَ بِهادي كُلَّ مِنْ قد تَودّهم
وَلَسْتَ بِكاسي الرُّشْد كلَّ مًتَلْمِذِ


لأنَّ مُغَنِّيْ الحَيِّ يُنْشَزُ صَوْتُهُ
أخَذْنا صِحاحاً مِنْ بُخارى وتِرْمِذِ


تَرى الحِذْرَ مِنْ أتباعِ بوذا وقايَةً
فَكَيفَ ترى في مُسْلمٍ مُتَبَوِّذِ


وَلَنْ يَقْتُلَ الأشجارَ دودٌ مُشَرَّدٌ
وَيَقتُلُها ما كانَ يستوطِنُ الجذي(5)


أذودُ ,بِذَوْدي عنكَ ,عَنْ كُلِّ فطْحَلٍ
أصيلٍ ونِحْريرٍ حَصيفٍ وجهْبُذِ


سلاما أميرَ الشِّعرِ هذي قصيدتي
إليك .. عساها رُقيَةُ المُتَعَوِّذِ



مصطفى السنجاري
كتبت بتاريخ 25|7|2010


1* العِذي : نبات الديم
2* المِذي : الرعي
3* مهربذ : مختال ومغرور
4* المجذّذ : المكسور والمحطم
5* الجِذي : الجذع

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:44 PM
عذرية الانشاد
محمد ذيب سليمان



عذرية الإنشاد
مهداة الى أخي سمير العمري بأعياد الواحة



شـيَّدت صرحا للأديب الصـــادي



ومزجــــت قلعتــــه بطيـــن وداد


وجمعتنــا يا ابن الكـرام بواحـــة

عــذريــة الأزهــــــار والأعــــواد







بتنـــا نغني كيف شـاء لنا الهوى

ومرادنـــا التقـــريب بعـد بعـــــاد







فهنـــاك حســون وذلـــك بلبـــــل

وعلى الغصون يمامة في الوادي

وعلى النهيـر تنـــام في أحضائه

ســرب الظبـــاء برفقــة الصيــاد


وقصائد العشاق تسبح في الضيا

فكأنمــا فـوق الســـحاب تنــــادي







والنثــر ينقش في الجدار بيانـــه

بين الحـــروف بريشـــة العــــواد



والفكر يضحك والرواية تنتشــي

ملء الكــؤوس وروعـة الإنشـاد



هــذا القليــل من الكثيـــر مجنـــد

في واحــة العمري بيت الضــــاد







فكأنمــا شـــمس نــراه موزعــــا

خيــط الضيــاء بعتمـــة المنقـــاد



بيت القصيد وجدت نفسي مبحرا

مـــا بين حرف ســـامق وجيـــاد


فلهـــا البهــاء بكل حــرف يرتقي

ولهــا وفـــاء الصّيـــد والأجــــواد

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:46 PM
يا واحتي كل عام تزدهي قمما

الطنطاوي الحسيني



يَا واحَتِي كلَّ عَامٍ تَزْدَهِي قِمَمًا


السَّعدُ أقبلَ والترويحُ وَافانَا =و النُّورُ لوَّنَ بالإنشادِ دُنْيَانَا

والقلبُ يلْهجُ بالتَّحنانِ أغنيةً = مِنْ مَطلعِ الحُبِّ إذكاءً وعِرفانَا

والطَّيرُ يَشْدُو على الأغصانِ تهنئةً = يا واحةَ الطهرِ بالأوتارِ أشجَانَا

إنَّ الطيورَ لها في الشَّدْوِ ألويةٌ = في هامِ واحتِنا روحًا وَرَيحَانَا

في الخيرِ تُزكِي مسيرَ النتِّ ترشده = فالخُلفُ في أمتي- بالله - أعيانَا

فيها التقينا كنوزَ البوحِ مُذْ سَطعَتْ = آياتُها في رُبَى التَّجديدِ تَرْعَانا

بَلْ أتْحفَتْنا بفيضِ الحبِّ مرتبةً = إِذْ أتْحفَتْنا بهامِ الشِّعرِ بُرْهَانَا

شعرًا ونثرًا و آدابًا وتزكيةً = في العقلِ والقلبِ والإلهامُ أَحْيَانًا

مِنْ سَابِقِ الْفَضْلِ فَرْدٍ فِي تألُّقِهِ = هَذَا السَّمِيرُ يَشيدُ الحقَّ أركانَا

حَفَّتْهُ في سَعْيهِ شُهْبٌ تُعَضِّدَهُ = كالبدرِ يأنسُ في السَّهْراتِ سَهرانَا

يَعفُونَ إن جُرِحُوا، صُبْرٌ إذا كَدَحُوا = بالْإحتسابِ نخيلٌ في عطَايانَا

في الحقِّ مدرسةٌ في الدَّربِ مَلْحَمَةٌ = من نُخبةِ العَرَبِ الأَحرارِ إنْسَانا

فنارُها حكمةُ في الشرعُ منهَجُهَا =مِنْ سنةٍ يرفَعُونَ الصَّرْحَ إِحْسَانًا

يجزيهمُ ربُّهمْ خيرًا بما عَمِلُوا = وَلَا يقيمُ لَهمْ للعرضِ مِيزانَا

الحَمْدُ للهِ مَا ماتَتْ بأُمَّتِنَا = هَامَاتُ صدقٍ تواسِينا بمَسْرانَا

يَا واحَتِي كلَّ عَامٍ تَزْدَهِي قِمَمًا = وَ يَرفَعُ اللهُ منهاجًا وبُنْيانًا

يُوَحِّدِ اللهُ في أفيائِها هِمَمًا = تُرَشِّد السَّعْيَ إِخْلَاصًا وَ تِبْيَانًا

واللهُ يكسُو سميرَ الدَّربِ عَافيةً = كَيْ يزْرَعَ الحبَّ و الْأَخْلاقَ رَيْحَانَا









اعذروني اخواني المشرفين نسقوها ولكم الآجر ان شاء الله تعالى

دمت رائعين مبدعين

على الخير متواصين

وكل عام وواحتنا الجميلة الخضراء ترفل في ثوب التميز و التفرد والتطور أمين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 10:52 PM
يا ناثر الشوق
الطنطاوي الحسيني


يَا نَاثِرَ الشَّوقِِ
/

إِنِّي أُحِبُّكَ فِي حِلِّي وَ تِرْحَالِي = وَالْحُبُّ أَصْدقُ مَا أُهْدِيهِ لِلْغَالِي
والقلبُ يَشْدو بجَوفي ألفَ أُغْنيةٍ= اَلْحبُّ فِي اللهِ غيرُ الحُبِّ فِي المَالِ
والرُّوحُ أنَّتْ حَنِينًا لَا تُسبِّبُه = تَرْجُو لِقاءً لكَيْ تَشْتَدًّ آمَالي
يَا ناثرَ الشَّوقِ في مِضْْمَارِ جَفْوَتِنَا = تُحْي المُروجَ بِِفََيْضٍِ بلْ بشَلَّالِ
عُذْرًا حَبيبِي إِذَا أَحْدَثتُ فِي كَلِمِي = ضَربًا عَسِيرًا عَلَى المُعْتَلِّ وَ الخَالي
الليلُ يَرمِي شِباكَ الْبُعْدِ فِي رِئَتِي = وَ الرُّوحُ صيدٌ تفانى جَمْعَ أَوْصَالِي
أُمْسِي عليلًا مِنَ التَّذْكَارِ يَرْكُلُنِي = لََيْلِي لصُبْحِي كأَشْلاءٍ لتِمْثَالِ
في عَالمِ النتِّ كانَ المُلتقى نَغَماً = لكنَّهُ الْبُعدُ أَرْثَى لَحْنُه حَالي
إِنِّي لَأَشْهَدُ أنَّ الحبَّ فِي مُدُنِي = روحٌ طليقٌ قَلَى سَجَّانَ تِجْوَالِي
لَا القيدُ يعرفُه لَا الأرضُ تَجْذِبُهُ = لَا لَيْسَ يُشْرَى وَلَا عَاثَتْ يَدُ الوَالي
إِنِّي لَأَدْرِكُ حقًا أَنَّنّا بَشَرٌ = مِنْ جَنَّةِ الرُّوحِ مَا مَلُّوا بِِإيغَالِ
ذََاكَ اعْتِرَافٌ أَخِي دَعْنِي أُسَطِّرُهُ = فِيكَ اسْتَنَنْتُ رَسُولَ الْوَاهِبِ العَالي
إذ جاءَهُ الحِبُّ قالَ: ( الحِبَّ تُعْلِمََهُ) = حَتَّى يَمَسَّ الرِّضَا مِنْ قَلْبِكَ الدّاَلِي
يَا رَبُّ إِنِّي بَذَلتُ الْحَقَ حَاشِيَتِي = قَدْ صُنْتُ قَلْبي بِأَفْكَارِي وَأَعْمَالِي
فَاجْمَعْ فَرِيقًا غَدا فِي اللهِ مَجْمَعُهُ = فِي جنَّة الخُلْدِ أَتْمِمْ أَجْرَ عُمَّالِِ
فِي تُرْبَةِ الرُّوحِ نَخْلُ الْأَصْدِقَاءِ نَمَا = مِنْ غَيْمَةِ الحُبِّ يُقْرِي شَهْدَهُ الْحَالِي
أَخِي الحَبيبُ لنَا فِي الْغَيبِ أَمْكِنَةٌ = فِي ظِلِّهَا مُسْتَراحُ الْعاشِقِِِ السَّالي
أَبَا حسامٍ إِذَا مَا مَسَّنِي لَهَفٌ = أَرُشُّ حبًّا عَلَى فِنْجَانيَ الْغََالِي
قَلْبي كَشَمْعِ الْهَوَى يَزْهُو بِفِضَّتِهِ = يَكْسُو الْأَحِبَّةَ مِن تَمْزِيقِ أَسْمَالي
فَانْعَمْ بَأَقْبِيَتِي وَ اسْكُنْ بَأَوْرِدَتِي =قَدْ زَانَكَ اللهُ فِي عَيْني وَ فِي بَالِي
/
اعتذر لآخوانا تقديم ما بين يديهم ولكن الأولى كان بها بعض القصور
تحياتي وتقديري
ودمتم مبدعين متآخين متحابين:0014::014:

نادية بوغرارة
30-05-2012, 11:05 PM
ومضات من حياة سمير الإنسان من خلال شعره
نسرين


ومضات من حياة سمير الإنسان من خلال شعره

سمير .. سيد الحرف .. وملك الأوزان ..

لن أتكلم عن تمكنه من الشعر في كل أشكاله وصوره فكلنا يعلم هذا وددت لو أني كان لدي المزيد من الوقت لآتي لكم بجوانب سمير الانسان من خلال أبياته فأستعرضها هنا وأكتب كل ما يمكن أن نعلمه عن سمير الانسان من خلال شعره.

لكني سأكتفي هنا ببعضا من الأبيات التي تشير لسمير الانسان علني أستطيع فيما بعد أن أكتب عن الرائع سمير وشخصيته من خلال بقية كتاباته.


(من سمير وكيف يرى سمير صورته) ؟


هَذَا أَنَا ... نَسَـجَ الزَّمَانُ عَبَاءَتِي = مَنْ كُلِّ لَـوْنٍ تَسْـتَسِــيْغُ وَتَرْغَبُ
عَنْـدِي الْمَبَادِئُ لا أُسَاوِمُ مَهْرَهَا = أَمَّـــا المَوَاقَفُ قَدْ تُـوَدَّ وتُخْطَبُ


بيتين كتبهما يعبر فيهما عن سمير الانسان :
سمير الاخلاق والفكر الراجح ، سمير الانسان صاحب المباديء والمواقف المشرفة
سمير الانسان الذي تبلورت شخصيته من مجابهة الحياة وتحدي الحواجز التي أوجدتها
الظروف في حياته والاحتكاك بكل ما حوله من مصاعب ومشاق.

سمير الطموح لكل فكر وعلم وأدب وجمال
فكانت شخصيته نتاج ما نسج الزمان من خيوط متنوعه ومن ألوان مختلفة حتى رأينا
سميرنا الذي نراه اليوم: (طبيباً، شاعراً، خلوقاً،مكافحاً، صادقا، محباً، وطنياً، مناصراً
للحق ودائم الطموح لكل ما هو نبيل).


(ما يوده سمير ويتطلع إليه) ؟


وأود لو أحيا برقة شاعر = أشدو بهمسي أجمل الألحان
كي أملأ الدنيا بأحلام الصبا = وأقيم دار العدل في الانسان
أنا ما كتبت الشعر كي أشقى به = لكن هذا الشعر قد أشقاني



(طفولة سمير)
(سمير الطفل) كيف كان وكيف كانت طفولته، هل تمتع بطفولته؟ أم عاش الطفوله رجلاً، هذا ما رأيته من معاناة سمير في طفولته التي كانت الأساس في بلورته وفي احتكاكه بالحياة فها هو يقول:


عشتُ عُمري بين ليــلٍ وضُحَى = أمتطي الجَـــدَّ بعــزمٍ في يديَّــــا
سَــرَقَ الحزنُ حيــــاتي ومَضَى = لمْ أذقْ منْ متعـــةِ اللهـــوِ صبيَّا
أيُّهـــا الطفــــلُ الذي لمَّــــا يزلْ = في خريفِ العمرِ ظمآنـــاً أبيَّــــا



(سمير المتواضع)
هذا ما لمسناه في سمير الانسان كما لمسه أغلب أحبائه، فها هو الشاعر المبدع سلاف يقول:

أَسَمِيرُ يَا لَحْنَـاً شَـجِيَّاً يُطْرِبُ = فَإِذَا القُلُوبُ لَهَـا إِلَيْـكَ تَحَبُّبُ
شُكْرَاً عَلَى هَذَا التَّوَاضُـعِ إِنَّـهُ = سِمَةُ النُّجُومِ فَمَا يَكُوْنُ الكَوْكَبُ



(سمير الأخلاق)
مكارم الاخلاق في سمير الانسان رأيناها، وحواره المهذب دائما ما يميزه، وها هو مرة اخرى الشاعر سلاف يقول :


مَنْ كَانَ مِثْلُكَ لَلمَكَارَمِ مَوْئِـلاً = فَمُحَاوِرُوْهُ لِخُلْقـِهِ لَنْ يَتْعَبُـوا
أَعْتَبْتَنِي وَالخُلْقُ فِيْـكَ سَـجِيَّةٌ = عَنْ ذَاتِهَـا مِنْ ُدوِن جُهْدٍ تُعْرِبُ


ويقول الشاعر بندر الصاعدي في سمير الانسان:

سميرُ الـروحِ ذو عقـلٍ وحلـمٍ = وقلـبٍ واسـعٍ حبّـاً وصـافِ
إلـى الأفضـالِ سبّاقـاً جـواداً = كريمـاً طاهـرَ الغايـاتِ وافِ



نعم هو سمير الوفاء والطهر في الغايات والطموح والأهداف.
والننظر لهذا الصرح الرائع الذي نتهادى إليه كل يوم، هذا الصرح (واحة الفكر والأدب)الذي غرسه لنا سمير في زخم هذه الشبكة الالكترونية بأهدافه النبيلة والتوجهات الصادقة المفيدة، كل هذا يجعلنا نعرف من هو سمير الإنسان.


(سمير الوقار والكبرياء)
هذا ما لمسته في رد سمير على أحد الشعراء كما لمسنا هذا في شخصيته، فقال سمير:

لله دَرُّكَ يَا صَدِيْـقُ أَمَـا تَـرَى // أَنَّ القُلُـوْبَ إِلَى الْهَوَى تَتَنَاهَى
لَكِنَّ نَفْسَ الْحُـرِّ تَرْفُضُ ذُلَّهَـا // وَتَصُوْنُ فِي ثَوْبِ الوَقَارِ حِمَاهَـا



(كيف يحيا سمير شاعرا) وكيف يستبقي هذا الشاعر حيا دعونا نرى:


إنَّنـــي بالحبِّ أحيــــا شـــــاعراً = وبطهرِ النفسِ أســـــتبقيْهِ حيَّــــا



(سمير والحب)

عندما يحب سمير فهو يحب بصدق وغايته وصل الحبيب بالزواج لا بما عهدناه في عصر انقلبت فيه المفاهيم وتستر زيف المشاعر تحت كلمة الحب، فها هو سمير يقول في غايته من الحب للحبيبه:


أَنَا لَسْتُ مِمَّنْ يَخْدَعُونَ لِيَحْتَسُـوْا = شَـهْدَ الْهَوَى أَوْ عَابِثَـاً يَتَصَـابَى
شَرَفٌ عَظِيْـمٌ أَنْ يَكُوْنَ لَنَا الرِّضَى = فَنَكُـوْنُ فِي كَفِّ الزَّوَاجِ خِضَابَـا


ويقول في قصيدة أخرى:


لـــــو أنَّني طيـــرٌ لعانقتُ المــــدى = ولطرتُ للمحبــــــوبِ دون أنــــــاةِ
ورجوتــــهُ كفَّ الزواجِ مخضَّبـــــاً = متعطِّـــــراً بالــــودِّ والقبـــــــــلاتِ



(بمن من النساء يفتن قلب سمير؟)
شاعرنا سمير لا يضع الجمال والجسد بالدرجة الاولى لمواصفات من يحب، بل جعل الروح والاخلاق وسموها هي الأساس وهذا ما سأدع سمير يخبركم به هنا:


صـــاخباتُ الحُسْــــنِ لا تفتنُــــــهُ = إنَّمَــــا الروحُ وإطـلال المحيَّـــا



(حبيبة سمير) و (مليكة قلبه)
واسمح لي سيدي سمير فقد تعمقت في بعض قصائدك لاستشف كل ما استطيع عن حبيبة سمير كبلدها وحلو صفاتها فكان معي ما وجدته هنا:

من اي البلاد حبيبته، هذا ما أخبرنا به سمير:


قُدْسِـيَّةٌ يَا زَهْـرَتِي فِي جَنَّــةٍ = تَصْبُـوْ لَهَـا كُلُّ القُلُوْبِ طِلابَـا


(صفات حبيبة سمير)
سأترك سمير يحدثكم في أبياته هذه عنها ، لأني إن كتبت ما رأيته من ومضات عنها لن يكون كتعبير سميرها فإليكم ما قاله فيها:


قُدْسِـيَّةٌ يَا زَهْـرَتِي فِي جَنَّــةٍ = تَصْبُـوْ لَهَـا كُلُّ القُلُوْبِ طِلابَـا
فَالدُّرَّ مَا تَهْـوَى النُّفُـوْسُ بَرِيْقَـهُ = وَالْحُرَّ مَنْ يَرْجُـوْ الوَرَى إِعْجَابَـا
لَكِنَّ أَكْثَرَهُم هَيَـامَاً فِي الْهَـوَى = قَلْـبٌ يَرَاكِ عَلَى تُقَـاهُ ثَوَابَــا
قَلْبِـي وَمَنْ يَحْظَـى بِقَلْبٍ مِثْلَـهُ = يَحْظَـى بِأَنْهَـارِ الغَـرَامِ عِذَابَـا
يَا زَهْـرَتِي ... إِنِّي أُرِيْـدُ تَقَرُّبَـاً = مِمَّنْ سَـمَا خُلُقَـاً فَصَارَ سَحَابَـا
وَلَقَدْ رَأَيْتُـكِ لِلْمَكَـارِمِ حَافِـزاً = وَجَعَلْتُ حُبَّـكِ لِلطُّمُوْحِ رِكَابَـا


وقال في وصفها ايضا:

كلُّ مـــا فيهـــــا نســــيمٌ حالــــمٌ = ناضجُ الأنفـــاسِ يُحيينـا شذيَّــــا
يتهادى السِّــــحْرُ في خُطوَتهـــا = كَفَرَاشٍ داعبَ الأزهـــارَ غِيَّــــا
ويغـــــارُ النجـــمُ مِنْ طلعتهــــا = يســـتحي منهـا ويأتيــها سجيَّـــا



(أين تعيش حبيبة سمير من نفسه ولأي مدى هي قريبة لروحه وقلبه ؟)
دعونا نقرأ ما قاله سمير عن ذلك:


هي فرقــةُ الأجســــادِ لكنَّ الهـــوى = في الروحِ للأخــــلاقِ والملكـــــاتِ
فلأنتِ أقـــربُ للفــــؤادِ من الدمـــا = وأرقُّ من ريقــــي على لهواتــــــي
ولأنتِ ألصــقُ بالخيــالِ من الرؤى = في صـــحو أفكاري وفي غفواتـــي



(دار سمير وموطنه وعنوانه تجدونهم هنا):

*
*
*


فَالصِّدْقُ دَارِي وَالْمَحَبَّةُ مَوْطِنِي = أَمَّـا الوَفَـاءُ فَذَلِكُمْ عُنْوَانِـي



أتمنى أني وفقت فيما كتبت وهذا ما أراه فعليا بشخصية أستاذي / سمير العمري، هكذا أرى حقاً سمير الإنسان الرائع.

نسرينه :0014: :0014:

نادية بوغرارة
30-05-2012, 11:38 PM
من يخبر العمري
الأستاذ زيدان


من يخبر العمري

أُسائِلُ الصَبْر ****عَلَ الصَبر يُسْعِفُنَي
على فٌرَاقْ أَلَذي *** فـي القـلـب يَسْكُنني
يومي كليلي غدا *** والشــوق يقـتـلـني
للـه دركموا من *** يـخبـر الـعـمـري
بلأمس كنا معا *** أشدوا ويـسمعـني
وتفيض قهقهة *** منه علــى جهـلـي
والواحه الغناء *** لولاكــموأ عـندي
لتركـته يقضي *** الاعوام في عيني
لكنه خوفي *** من صنوه المرسي

مع حبي وتقديري لاخي الكريم الدكتور سمير العمري
رئيس ومؤسس هذا الصرح الشامخ
زيدان
نديم كسواني

نداء غريب صبري
30-05-2012, 11:44 PM
بطاقة للعزيز الدكتور سمير العمري
ماجد الراوي



تُهدى التحيةُ من قيسٍ ومن مضرِ = إلى سمير العلا ذي الرفعة العمري
المنصف الشعر والكاسيه مفخرةً = أخو الوفاء ومن طبع النفاق بري
والمرجع الأمر للدرب القويم إذا = خاض الأنام بطين المين والكدر
والموضح الحق إذ أودت به سُدَفٌ = حتي تلألأ فوق الأفق كالقمر
حُييتَ ياابن فلسطين العلا فلقد = أثبتّ أنك بالمجد الأثيل حري
سقاك رب السما غيثا نعمت به = ورحت ترفل بالإسعاد والظفر

نداء غريب صبري
30-05-2012, 11:54 PM
إهداء لآخوي الحبيبين
د سمير العمري أكرمه الله
واخي الشاعر محمد ذيب سليمان
فليقبلوها على تواضعها ومباشرتها





هل يمنحُ الحبَّ في أعطافنا سببُ=أو يمنعُ الحقد عن إيذاءنا حجُبُ
من يعصف الرشح إن فاض الإناء ندى=أو يوقف النتح إن مس الحسا عطبُ
واللهِ مالك غيرُُ اللهِ من أحدٍ=لولا التَّمَسُّكُ كادَ الكلُّ يحتربُ
دع عنك يا ملهمَ الشعْراءِ سيفَ ردى=واستل سيفًا سقاه الحبُّ والآدبُ
ليس الشديد بِمَنْ يُهوَى الرِّجالُ بِهِ=إن الشديد لمَنْ للحقِّ ينقلبُ
فاذكر رسولًا إذا رَجَّت فيالقُه =خيرَ البلاد و نورُ الحقِّ ينتصب
والناسُ ولهى بخوف لا يطبِّبُهُ = غيرُ الحبيبِ إذا ما اشْتَدتِ الرِّيبُ
حربًا ضروسًا أقاموها بلا هوَدٍ=على النبي و صحبٍ، مادتِ الكُرَبُ
طَلَّ الرحيمُ بقولٍ غيرِ ذي عوجٍ=كالبدرِ ليلًا لضوءِ الشَّمسِ ينتسبُ
ما ظنُّكم يا بلائي يومَ مقدرتي=عفوا حبوتُ - فنارُ الحقدِ تنسحبُ
فآمن الخلق بعد التِّيه قاطبة=وأدبر الحقدُ خوفَ الحبِّ ينتحبُ
إسلامنا دين حب كم يكلله=تاج من العفو لا شعرٌ ولا خطبُ
هو السماحةُ و الإغضاءُ مرحمةً=لنشر حق وجمع الصف نحتسبُ
والغل ما بيننا داءٌ يمزقنا=والصفحُ ما بيننا طبعٌ ومجتلبُ
أخي الخلوق عزوف الذكر تمنحنا=صدرا عَفُوًّا كأنْ جادتْ بهِ السُّحُبُ
لعفوك الطعنةُ النجلاءُ تُنجدِنا=يومَ الكريهةِ في سمتٍ له العَجَبُ
والباقياتُ ثوابٌ دائمٌ أبدًا=تختار حورًا ويدنيكَ الذي يَهَبُ

دمتم مبدعين
بروح الله متأخين
على الخير والنفع متعاونين

نداء غريب صبري
30-05-2012, 11:57 PM
قبلة على جبين العمري
مصطفى السنجاري





قُبلة على جبين العمري

إلى الأمير .. ( سمير العمري ) عرفانا وامتنانا ومحبة


شعر : مصطفى حسين السنجاري

سميرَ القوافي عَشِقْتُ حِسانَكْ
***سيَقْتُلُ قلبي ،إليها، حَنينُهْ

فَلَوْ شامَ قَيْسٌ مَعي.. أقْحَوانَكْ
***لَجُنَّ بِها قبلَ ليلى جنونُهْ

وَتَعْشَقُ مِثلي الحَمائِمُ بانَكْ
***وَمَنْ مِثْلُ بانٍ تَميسُ غُصُوْنُهْ

تَجَسَّدَ زَهْوُ الجمالِ فَكانَكْ
لأنَّكَ أَنّى تكونُ تَكونُهْ

مَلأْتَ بِكُلِّ فُؤادٍ مَكانَكْ
لأَنَّكَ راقي الفُؤادِ حَنُوْنُهْ

عَقَدْتَ معَ الخيرِ ، أنتَ ، قِرانَكْ
وعاهَدْتَ نَفْسَكَ أنْ لا تَخوْنُهْ

وَلَوْ يَكُنِ الخيرُ شَخْصاً لَكانَكْ
على كَفِّكَ ،الخيرُ، حَطّتْ شُؤوْنُهْ

وأَدْمَنَ تَقْوى الوجودِ احتِضانَكْ
ويحْتَضِنُ الغافِلينَ مُجُوْنُهْ

فَكمْ لَكَ مِنْ مَوْقِفٍ صانَ شانَكْ
وَحَسْبُكَ مِنْ تاركٍ ما يشيْنُهْ

تَمنُّ سَخاءً وَتُبْدي امْتِنانَكْ
كما لوْ أَعانَكَ مَنْ قَدْ تُعينُهْ

وَكَمْ خانَ عَهْداً صَديقٌ وَخانَكْ
وَأرداهُ مِنْكَ وفاءٌ يَصوْنُهْ

أيا مَوْقِداً كَمْ شَهقْتَ دُخانَكْ
وَتَحْسبُ أنَّ الدّخانَ يُدينُهْ

فَتَحْلمُ إذْ ما سَفيهٌ أهانَكْ
وَمَنْ ذا يَهينُ الذي لا يُهينُهْ

وللهِ دَرُّكَ تُزْجي بَيانَكْ
يعزُّ على سامِعيْهِ قَريْنُهْ

إذا ما نَطَقْتَ ..نَضَدْتَ جُمانَكْ
كَأَنْ مِنْ جَبينِكَ عَبَّ جَبينُهْ

تُغازِلُ شَرْوى الحبيبِ بَنانَكْ
إذا ما أتيتَ القَريضَ فُنوْنُهْ

فَمِنْ أيِّ شَيءٍ نَسَجْتَ حَنانَكْ
كأَنَّ حروفَ القَريضِ ( بَنُوْنُهْ)

فأسْحَرْتَ بالشّعْرِ فَذّاً زَمانَكْ
وَشِعْرُكَ مِنْ كلِّ شِعْرٍ عُيونُهْ



27/9/2011

سنجار

نداء غريب صبري
31-05-2012, 12:01 AM
يا أنت
الطنطاوي الحسيني



يا أنت يا عشقا ترنم في الضحى = ليطل وجه العشق في الابكار
يا انت يا روحا تماهي كالندى= من وحي وجدك اشرقت انواري
اختاه يا ام الحسام تمتعي = بأبي الحسام الشهم في الاشعار
وعلى روابي الشوق والعشق الندي = تيهي على حوائنا بفخار
وجزاك ربي جنة قدسية = عما حبوت الحب من اسرار
اخي الحبيب سمير كل قلوبنا = نورا تلألئ في مدى الابصار
يبارك المولى العظيم حياتكم = وقلوبكم ويحل ستر الباري
عليكما ولكما ويجمع وده = فتظل فيئ محبة في الدار
اخي د سمير كل عام وانتم بخير
و كلما اتحفتنا بفريدة نرى مدى تقصيرنا ايها الحبيب
دمت بكل حب و نعمة وابداع

نداء غريب صبري
31-05-2012, 12:19 AM
دعهم فؤادي

الطنطاوي الحسيني







لصاحبها عاطرالحب في الله وأخلصه
/

دَعْهُمْ فُؤَادِي
/
/
/

تَطَاعَنُوا فِي غيابٍ حدَّه الأملُ = وينقض الطَّعْنُ تَخْمِينًا وَ مَا غَزَلُوا
قالوا تشاغل عنا ليس يرجعه =إلَّا الصِّعَابُ و ما ضاقتْ به السبلُ
تقَّاذفوا ولِحَاظُ العَيْنِ مُشْرَعَةٌٌ = نحو الجوابِ فما جادتْ بِنَا الْمُقَلُ
تسَّاءلوا و الهوى باق بأفئدةٍ =ما تجمع الريحُ مِن صَلْدِ الأُولَى ارْتَحَلُو
دَعْهُمْ فُؤاديَ إنَّ الحُبَّ أَوْدِيَةٌ =مِنها المتاهاتُ كَمْ أُعيتْ بِها الحِيلُ
والعادياتُ انْكفاءاتٌ مُحطِّمَةٌ = والأمنياتُ تمطَّى فَوقَهَا الجبلُ
أَغْرارَ مَلْحَمَتي لَا تُلْهِكُمْ دِعَتِي =أَقْسَى الُّليوثِ بِكَيْلِ الضِعف ينشغلُ
لَا الغَابُ يُرْهِبُ في ظَلمَائِهِ أسَدًا = سِفْرُ البُطُولَةِ ما أَوْصَتْ بِهِ المُثلُ
صَفْوُ القُلوبِ مَرَايَا غَرْبَلَتْ صُوَرًا = فَهَلْ يُرِينُ عَلى مِرْآتِكُمْ دَجَلُ
إِنْ غَابَ فِي عَاطِرِ الْآمَال ضيغمُنا = فَفِي الثُّغُورِ لَنَا مَا أَبْدَعَ البَطلُ
لَا تَنْهَشُوا الظَّهْرَ فِي غَيْباتِهِ إِحَنًا =إِنَّ الثعالبَ في أَنْفَاقِهِمْ قُتِلُوا
أُصْغِي إِلَيْهِ وَفِيَّ الْقَلْبُ زَنْبَقَةٌ =تَعَطَّرَتْ بَأَريجِ الشِّعْرِ تَكْتَمِلُ
ذَاكُمْ أَمِيري الَّذي أَفْضَتْ لَهُ لُغَةٌ =وَ فَاضَ مِنْ نَهْرِهِ الْإِبْدَاعُ يَنْهَمِلُ
أُزْكِي إِلَيْه بآياتِ الْوَفَا جَزِِلًا =كَمْ أَجْبرَتْنِي على إهدائِها القُبَلُ
بالإمتنان أردُّ البِرَّ مُنتَشِيًا =مَن يَجْدِلُ النُّورَ مَن يُحْنَى لَهُ الآملُ
برُّ الْأَمانِ تلقَّى الحرَّ مُبتهِجًا = تبسَّم التُّربُ مَزْهُوًّا بِمَنْ وَصَلُوا
أَحْلَامنا في أَكُفِّ الحرفِ زُخْرُفُها =وَ الْجُرْحُ مِنْ مَبْسَم الجرَّاح يندملُ
صُبُوا كؤوسَ الرِّضا في صَرْحِنا رَغَبًا =وَ اسْتَسْلِمُوا لِبيانِ الْحَقِّ وامْتَثِلُوا
لَوْ كَانَ لَثمُ الثَّرى في سجدةٍ فَرَحًا =فلتفرحيه -أَمَانُ اللهِ- يبتهلُ
حُمْرُ الحُرُوفِ بِلَا خَمْرٍ نُنَضِّدِهَا = مِنْها الأحبَّةُ كَمْ عبُّوا وَ كَمْ ثَمِلُوا
يَا رِحْلَةً طَوَّفت بِالحِبِّ مَوْطِنَهُ=إنْ كانَ نشوانًا فلا سَاءتْ لَهُ الرِّحَلُ
إِنْ غَارَ في الجَوفِ شهدُ الحبِّ مُسْتَتِرا =نَضْحُ المُحَيَّا أَلَا يُوشِي بِهِ الْعَسَلُ !

نداء غريب صبري
31-05-2012, 12:29 AM
تعلمت القوافي من سمير
شادي الغول




تَعلمتُ القَوافي مِن سَمِيرِ= مِن العُمَريِّ ذِي العلمِ الغَزِيرِ
أَرَاهُ بِواحةِ الشُّعرا غَدِيراً= وَحَظِي أَنْ شَربتُ مِن الغَديرِ
فَهَذَّبتُ المَبانِي واستَقامَتْ =مَعاني الشِّعرِ مِن رَجُلٍ قَديرِ
بُحُورُ الشِّعرِ قد تَخفَى عَلينا =وَما تَخفى البُحُورُ على خَبِيرِ
وَلَو أنِّي شَرِبتُ الشِّعرَ خَمراً = لَكانَ السُّكرُ مِن شِعرِ السَّمِيرِ
كَنابِغَةِ الزَّمانِ إذا تَراهُ = وَحِيناً كَالفَرزدَقِ أَو جَريرِ
إِنِ الشُّعَراءُ مُا فِيهمْ كَشوقِي = فَذا العُمريُّ مِن بَعدِ الأميرِ
وَمَهما صَدَّنِي الشَّيطانَ عَنهُ = فَما نَحلٌ يَعيشُ بِلا عَبيرِ
فَلا بُغضٌ وَلا كُرهٌ لَديه = يَضَّمُ النَّاسَ فِي صَدرٍ كَبِيرِ
وَرُبَّ صَداقةٍ مِن بَعدِ سُوءٍ = يكون بها المَصيرُ مَعَ المَصيرِ

أخوك: شادي الغول 5/2/2012

نداء غريب صبري
31-05-2012, 02:15 AM
عرفتك في القريض أيا سميري = تعد الدفء لليوم المطير
فما الدنيا سوى كر وفر = وما الإخلاص إلا في الضمير
ملأت شواطئ الواحات حبا = وصنت بناءها بدم الجسور
فلا عجبا أخيَّ البوح إنا = على طرفي جهاد في المصير


//

تحياتي لك أيها العمري الجسور ,,,

نداء غريب صبري
15-06-2012, 10:41 AM
أهوى سناها ، وأهوى طيب الأثرِ = كلاهما في الهوى زادٌ لمعتبرِ
رسمتُ أحلامها المثلى مؤرّجةً = قلادةً من جُمان الذوق والعبرِ
طوبى لمن حضروا مرحى لمن شعروا = في الود ما ذكروا إلا حمى العمري
فاسكب شذاك على مرأى خرائدها = قـبّل رفارفها في أجمل الصورِ
مرابع الفكر فيها أينعت وزهت = كـأنها اقتبست وحياً من القمرِ

نادية بوغرارة
15-06-2012, 11:41 AM
=========


العزيزة نداء ،

ما نقلته عن الشاعر رياض هو جزء من قصيدة ، ننتظر إتمامها لنسخها كاملة في موضوع:

هدايا الأدباء إلى الواحة .

دمت.

نداء غريب صبري
16-06-2012, 02:31 AM
=========


العزيزة نداء ،

ما نقلته عن الشاعر رياض هو جزء من قصيدة ، ننتظر إتمامها لنسخها كاملة في موضوع:

هدايا الأدباء إلى الواحة .

دمت.

أعرف هذا عزيزتي
لكن هذا الجزء الذي تفضل به الشاعر المبدع رياض كان في العمري والواحة
فهو إذا مما قيل في أميرنا العمري

وحين تكتمل القصيدة ستكون مما قيل في الواحة

شكرا لمتابعتك مشاركاتي

بوركت

نادية بوغرارة
16-06-2012, 04:29 AM
أعرف هذا عزيزتي
لكن هذا الجزء الذي تفضل به الشاعر المبدع رياض كان في العمري والواحة
فهو إذا مما قيل في أميرنا العمري

وحين تكتمل القصيدة ستكون مما قيل في الواحة

==========


وبوركت يا أختي نداء ،

لك الشكر على حضورك الجميل .

نداء غريب صبري
16-06-2012, 04:37 AM
==========


وبوركت يا أختي نداء ،

لك الشكر على حضورك الجميل .

شكرا لك يا ندية القلب
:014:
:014:

بوركت

نداء غريب صبري
16-06-2012, 04:39 AM
تعهّدتْ كلَّ مجْدٍ عزَّ مطْلبُهُ=فلا تزالُ إلى العلياءِ في سَفَرِ
على فؤادي مسمّاها إذا ذُكِرَتْ=كأنّهُ نسْمةٌ في ساعةِ السّحَرِ
فدمْ على العهدِ إعلاءً لرايتِها=وهبْ لها مسكنًا في القلبِ والبصرِ
وهاتِ ممّا حباكَ اللهُ منصِفةً=من روضةِ الشّعرِ عن فوّاحةِ الزّهَرِ
ودَعْ سواها إذا ما كنتَ ذا نظَرٍ=فليسَ يغنيك إلا (واحةَُ العُمَري)

نداء غريب صبري
18-06-2012, 08:46 PM
بِسْمِ الكَريمِ قَصَدْنَا واحَةَ العُمَري
فيها رياضٌ زَهَتْ بِالحَرْفِ والفَكَرِ

ثُمَّ الصَّلاةُ على الهَادي وَقُدْوَتنا
والآلِ والصَّحْبِ مَنْ سادوا على البَشَرِ

يا دَوْحَةَ الخَيْرِ يا حِصْنًا يُجَمِّعُنا
يا مَوْكِبَ النُّورِ يا مَاسًا لِذي نَظَرِ

نداء غريب صبري
18-06-2012, 08:49 PM
فِي ْ وَاْحَةِ الْخَيْرِ وَالْأَفْضَاْلُ للِْعُمَرِيْ ***** لَاْ بُدَّ لِلْشِعْرِ أَن ْ يَرْقَىْ إِلَى ْ الْخَبَرِ

بَيْضَاْءُ نَاْصِعَة ٌ شَمْسٌ بِهَاْ قَمَرٌ ***** جِنّيَةُ الْحُسْن ِ بَيْنَ الشّمْسِ وَ الْقَمَرِ

أَطْيَاْبُ ذِكْرِكِ حَلّتْ أَيْنَمَاْ أَمَرَتْ **** فِيْ الْقَلْبِ وَ السّمْعِ وَ الإِحْسَاسِ وَ الْبَصَرِ

نداء غريب صبري
18-06-2012, 08:50 PM
تحجّ للواحة الغرّاء أحرُفُنا = كما إلى البيت حجّت لهفة البشر
وتستميل لنيل العلم من طلبوا= ذرى المعالي وعافوا واطيء الحفر
فإن أردت صفاء النفس في أدب= وإن طلبت بديع القول والفكَر
فعرج اليوم نحو "النت" معتنقا = هدى إلهك، واطلب واحة العمري
هنا السمير مليك الحرف قائدنا= فكر وشعر ونثر حيك بالدُّرر
حروفه إذ تئن الروح من عطش = جود السماء بغيث ديمةٍ دِرَر
معلّم قد حباه الله جوهرة = في صدر مؤتمن صاف بلا كدر
وشاعر إن يقل فالكون مستمع = وسيد القول في بدو وفي حضر
أفاض جودا بصرح العلم شيده = لو أنصف الكون تلق الذكر في السير
ونخبة من فحول الشعر أحرفهم= قلائد علقت في شرفة القمر
وباقة من نسور الفكر تعرفهم= بالصدق في الحق خير الناس من مضر
في واحة الخير قوم جل غايتهم= صون لأمتهم من داهم الخطر

نداء غريب صبري
18-06-2012, 08:53 PM
وتشرق الشمس في أرجاء واحتنا
فيلتقي القوم أطيافا من البشر
...
وتسأل الضاد عن عنوان حارسها
فينبري القلب مسرورا إلى العُمَريِ
...

نداء غريب صبري
18-06-2012, 08:55 PM
أأشهب الليل أم بواحة العمري *** اخضرّ وادي النهى وازدان بالزهر.
أضوء بدريَ طال في السماءِ علا *** أماء مزن النّدى سقيتُ من مطر
أروضة من رياض المجـد عامرة *** حللت، قاصدها تغنيه بالـثّمر.

نادية بوغرارة
09-07-2012, 10:42 AM
أبيات من قصيدة للشاعر بشار البدوي العاني .

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=58798

======





فيها الأمير مزاحمٌ عن حوضه
كأس المعارف عبّها ويديرُ

شهر الحسام ,وقد تكنى باسمه
لجم القوافي , حاذقٌ وسميرُ

صقر المعاني لا يضام جليسه
أسد البيان , وفي الوغى نحريرُ

نداء غريب صبري
10-07-2012, 02:16 AM
قراءة للشاعرة ربيحة الرفاعي في قصيدة غريب
https://www.rabitat-alwaha.net/newreply.php?do=newreply&p=723953



أَرِيقِي بَرِيقَ الوَدْقِ قَبْلَ التَّفَرِّقِ=وَرِقِّي لِدَمْعٍ سَحَّ مِنْ عَيْنِ مُطْرِقِ
تتابع للقاف موسيقي الوقع في مطلع يحمل لقافية قافيّة في جرها انسجام مع انكسار القلب للفراق مدهش
أطلت التغني بها طربا وانبهارا فلله ما أروعه مطلعا يعلن صفو مشارب القول وينبىء بخلايا رحيقه

لَئِنْ ضَاقَ مِنْكِ الصَّدْرُ مِنْ غَيرِ عِلَّةٍ=فَإِنَّ فُؤَادِي لمْ يَضِقْ مِنْكِ مَا سُقِي
وفي بيت واحد يتكشف الوجع، فإذا العتاب تغزّل ووعد صفاء وتسامح وشكوى من تبرّم لا حجة له
فصدرها يضيق دونما سبب، فتسقيه الجوى ولا يضيق منه صدر ولا قلب

تَمُوجُ اللَيَالِي بَينَ نَوْءٍ وَفَتْرَةٍ=وَحِضْنُكِ فِيهَا حِضْنُ يَمٍّ لِزَوْرَقِ
إِذَا رَقَّ هَمْسُ الرِّيحِ يُرْخِي شِرَاعَهُ=وَإِنْ هَبَّ عَصْفُ الوَهْمِ بِالذَّنْبِ يَغْرَقِ
ولوحة هنا مرسومة بساحر حرف وباهر حس تتحدى أرباب الريشة والألوان أن ياتي أحدهم بمثلها
ومشهد في بيتين يرسم من المعاني والوصف ما يعجز بشارا بن برد في قصيدة بحالها

وَإِنِّي عَزِيزُ الـجَنْبِ أَسْمُو عَنِ الـخَنَا=وَتَأْنَفُ نَفْسِي كُلَّ قَولٍ مُلَفَّقِ
دفع اتهام ظالم يئن ندى ولا يخلع بردة عزّه في ذروة ألمه
وقول يشي في موقعه بشيء ويكتم شيئا فيحلق القاريء وراء المعاني

أَنَاهِزُ تِلكَ الرُّوحَ فِي عُمْقِ كَوْنِهَا=وَلِلقِمَّةِ القَعْسَاءَ أَسْعَى وَأَرْتَقِي
أَنَا الكَوْكَبُ الدُّرِيُّ فِي عَتْمَةِ الرُّؤَى=أَعِيشُ غَرِيبًا بِاجْتِهَادِي وَمَنْطِقِي
وبمهارة يعرج الحرف نحو فخر يقول فيه الشاعر أن التهاون مع الحبيب ليس هوانا
وما أجمل الفخر حين يجيء بعد مناجاة حملت المتلقي لنشوة تجعل لكل حرف بعدها قبولا

وَكُلُّ فُؤَادٍ فِي يَدِ الغَيبِ جَدُّهُ=وَمَا يَعْلَمُ المَرْءُ السَّعِيدَ مِنَ الشَّقِي
وحكمة تدخل شعر الأمير منتظرا ودقها في بيت أو أبيات
وتستلمها بعد توطئة شعرية مائزة فتنساب لا منظّرة ولا معلّمة

مَقَامُكِ فِي قَلْبِي مُنِيفٌ مُقَدَّمٌ=وَقَدْرُكِ عِنْدِي فِي الوَرَى تَاجُ مَفْرِقِ
وَحِسُّكِ دِفْءُ الرُّوحِ فِي رَجْفَةِ الـمَدَى=وَحُسْنُكِ يُنْبُوعِي الذِي مِنْهُ أَسْتَقِي
أوتفارق بعد هذا غير خرقاء؟
مناجاة عاشق يسلم القلب والروح قنوتا ويعلن ودّا مطلقا لا ذريعة لها بعده لكدر
ولا إخال عاشقة بعده تملك غير الاستكانة هوى وثقة وانصهارا

فَيَا لِطَرِيحٍ قَلْبُهُ فِي زُجَاجَةٍ=وَيَا لِضَرِيحٍ لِلذِي لَمْ يُصَدِّقِ
وليس أن للجناس في بديع الشاعر عموما سحره، لكن له هنا مذاق ساحر ونشوة تسبقيك مرددا البيت بلا اكتفاء

أَبُثُّ إِلَى الأَيَّامِ وَجْدِي وَلَوْعَتِي=وَأَنْفُثُ فِي الأَوْهَامِ إِلْهَامَ مُـخْفِقِ
ولإيقاع المفردة عذوبة موسيقى الطبيعة حين ينسجم انسياب غدرانها مع زقزقة عصافيرها وهفيف نسيمها لحظة غروب صيفي ساحر

وَأَبْحَثُ فِي الأَحْلامِ عَنْ صَفْوِ بَهْجَةٍ=وَمَا كُنْتُ أَلْقَاهَا إِلَى حِين نَلْتَقِي
رَضِيتُ لَكِ السُّكْنَى بِغَيرِ مَنَازِلِي=وَإِنْ كَانَ فِيهَا مِنْ هَلاكٍ مُحَقَّقِ
فالفراق واقع وليس قرارا أو اختيارا، والحرمان عذاب يعانيانه كلاهما، وليس هجرا
كأني بجميل بثينة يقرأ في الحرف هنا قصته

وَكُنَّا تَنَازَعْنَا هَوَانَا تَفَكُّهًا=نُحَلِّقُ شَوْقًا أَيُّنَا ذُو التَّفَوُّقِ
فَطِرْنَا حَنِينًا فِي رَبِيعٍ مِنَ الرِّضَا=وَعُدْنَا سُكَارَى مِنْ حَنَانٍ مُعَتَّقِ
وهذا شاهد آخر لها ، وقد تكررت الشواهد تشي باتحاد قلبين وانصهار روحين معا في سماء تتطلع من علٍ لافتراق مفروض على الحبيبين

وَدَاعًا بِطَعْمِ الجُرْحِ يَا بَلْسَمَ النَّدَى=يَئِنُّ لَهُ نَوْحُ الحَمَامِ الـمُطَوَّقِ
وَدَاعًا وَمَا فِي النَّفْسِ إِلا صَبَابَةٌ=وَدَعْوَةُ مَلْهُوفٍ بِعَيْشٍ مُوَفَّقِ
ولا أجد هنا للوداع مقاما، فما حكت الأبيات المتقدمة من تماسك الحبيبين واتحاد قلبيهما لا يسمح بفراق وإن افترقت الأجساد وطالت بينهما المسافات

فَإِنَّ الذِي يَهْوَى يُضَحَّي بسَعْدِهِ=وَيَدْفَعُ عَنْهَا الهَمَّ فِي كُلِّ مَأْزَقِ
وِمَنْ يَطْرُقِ اللذَّاتِ يَصْخَبْ إِذَا مَضَتْ=وَمَنْ يَصْدُقِ الإِحْسَاسَ يُكْرِمْ ويَرْفُقِ
وَمَا السَّعْدُ إِلا فِي الفَرَاغِ مِنَ الـهَوَى=إِذَا كَانَ قَلْبٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ بَقِي

وبحكمة هي ديدن أمير الشعر ونسق حرفة يختم القصيدة مدهشا الحروف قبل المتلقي

متعة كانت جولتي في أفياء هذه الساحرة حسا وحرفا

دام لشعرك وهج يعشي البصر عما سواه

تحاياي

نداء غريب صبري
10-07-2012, 02:20 AM
قراءة للشاعرة ربيحة الرفاعي في قصيدة
مناجاة المشاعرhttps://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=58307



حَدَّقَتْ فيَّ اللَيَالِي ثُمَّ قَالَتْ:
لا تُكَابِرْ
أنْتَ فِي الـمَيْدَانِ خَاسِرْ
الليل ظلمة وانعدام رؤية وسواد حالك
فأي الظلام هذا الذي حدق بشاعرنا وتحداه جازما بخسارته
وفيم تكون الخسارة؟


إنَّ نَـخْبَ الشِّعْرِ فِي نَـحْبِ المَشَاعِرْ
وَسُلافُ الـحَرْفِ سِحْرًا شَدْوَ طَائِرْ
أَنْتَ لا تَهْوَى الأَزَاهِرْ
لَسْتَ إِلا رَجْعَ غَابِرْ
لَسْتَ إِلا الصَّقْرَ يَفْري كُلَّ حَرْفِ بِالأَظَافِرْ
فَارْتَقِ الإِمْتَاعَ مَعْنَا، واستَقِ الإِبدَاعَ مَعْنَى، أَو فَغَادِرْ
أي عرض ظلموي هذا؟
وأي سبيل يعرضه الظلام على النور؟
وأي ضبابية تكتنف الصورة الموعود بها في واجهة سيل من اتهام


لَكَ مَا شِئْتَ مِنَ التَّعمِيدِ وَالعُشْبِ
وَعَشتَارَ الَتِي تَلهُو بِتَسرِيحِ الضَّفَائِرْ
لَكَ أَنْ تَلْعَنَ مَاءَ النَّهرِ
أَو تَلْعَقَ كَأسَ الخَمْرِ
أَوْ تَنْعَقَ مِلْحَ الصَدْرِ
أَو تَشكُو انْكِفَاءَاتِ الـخَواطِر
لَكَ مَا شِئْتَ وَلِي وَحْدِي مُنَاجَاةُ الضَّمَائِرْ
وفي رد صارخ بصوت الحق نلج خضم مفردات يكشف لنا الشاعر من خلالها ماهية الليل وأهله
ويلوح بودلير وهلوسات الحداثة من وراء ما اعتدنا اقتحامه علينا النص الأدبي بدعوى الحداثة والتطور


لَنْ أَصُبَّ الـحَرْفَ خَمرًا فِي تَهَاوِيمِ القَصِيدَةْ
لَنْ أَعُبَّ الرَّأْيَ مِنْ دِنِّ الكِنَايَاتِ البَلِيدَةْ
لَنْ أَعُدَّ اللغْوَ فَـخْرًا ، لَنْ أُعِيدَهْ
ذَاكَ مَـجْدٌ لَنْ أُرِيدَهْ
عهد بالتمسك بالأصالة يسر الخاطر ويطمئن الحرف المتوجس من أثر الضغوط المتواليات على المرابطين على ثغور الشعر
وإصرار على رفض تهاويم وهلوسات أدعياء القول والدخلاء على الأدب


فَأَنَا الشِّعرُ الّذِي رَأيًا إِلَى خُفَّيْهِ تَصْبُو
وَأَنَا الدَّرْبُ الَّذِي لَأيًا عَلَى سَفْحَيْهِ تَـحْبُو
وَعَلَى وَهْمِكَ مَهْمَا أُجِّجَتْ نَارٌ سَتَخْبُو
فَاتَّعِظْ مِمَّا تُـحَاذِرْ
وفخر بأحلى حلة الفخر وأبهى صور الشموخ تنتصب في مواجهة الأخر العازف عن أصالة العربية توقا للتسربل بأسمال الغرب المتساقطة حتى عن جسده


لَيْسَ أَهْلًا لِانْتِقَادِ الشِّعْرِ حُكْمًا جَوْرُ غَادِرْ
لَيْسَ عَدْلًا أَن يُدِينَ الرَّأْيَ سَادِرْ
لَيْسَ حَقًّا أَنْ يُبِينَ الآَيَ كَافِرْ
ثم تأتينا الحكمة التي ننتظر في قلب المواجهة من شاعر لا يفوت نصا له دونما حكمة يقدمها للقارىء في إطار موضوعة النص
حكمة ليس الشعر وحده ميدانها وليس الأدب وحده


يَا مُقَامِرْ
لَيْسَ يفُتِي فِي عَذَارَى الطُّهْرِ عَاهِرْ
وبأجمل ما يكون إدراك العاقل لقدر نفسه وحرفه، وأروع ما يعبر به عن ذلك التباين بين موقعه السامي على الرقعة الأدبي وفي المشهد الشعري العربي، وموقع وموقع المتطاول غيا ليقول في أصاله وبهاء حرفه، يختتم شاعرنا القصيدة


ولعل من أجمل ما استرعى اهتمامي هنا وقوف شاعرنا على شفا الجرف متحديا
فهو يواجه فتنة الحداثة في الشعر ودعاتها، لا بالشعر العامودي بل بقصيدة تفعيلة، لكنها تموج بعذب الموسيقى وتتمايل على إيقاع مفرداتها الصور باهرة الألوان ، وبمهارة يلاعب السطر بقافيتها أخذا وتركا، ليثبت تميز الشعر عن غيره من القول بموسيقاه وقوافيه سواء انضوى بين ضفتي الخليل أو اختار الشاطيء لتغنى بواحدة من تفعيلاتها

في حضرة الجمال والإبداع الشعري كنا
نقرأ السطور ونستقرىء ما وراءها

لك فيض التحايا أميرنا

ودم بكل الألق

نداء غريب صبري
10-07-2012, 02:24 AM
أبيات جميلة للشاعرة نادية بو غرارة
في ردها على قصيدة زعاف وسلاف
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=57753




في فَيْضِ بَوْحكَ حِكمةٌ = زادُ المسيرِِ لمَن وَعى

في كلّ شَطْرٍ هَمْسَةٌ = يا خُسْرَ مَنْ قَدْ ضيّعا

هذا هُوَ العُمريُّ مَنْ = أهْدى القَصِيدَ ،وأسْمَعا

بسَناءِ حَرْفٍ مُلْهَمٍ = وَهَبَ السُّرورَ، وأدْمَعا

نداء غريب صبري
10-07-2012, 02:28 AM
قراءة للشاعر بندر الصاعدي
في قصيدة زعاف وسلاف

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=57753&page=2



الحبيب أبا حسام
لسلام عليكم
شعر آسر ولا ريب , برشاقته الأسلوبية تضمن البلاغة في أشكالها الثلاثة وتملح زيادةً بالبديع توشيةً طباقا وجناسا ومقابلة وإن كنت على غير وفاق مع هذه المدرسة. كما ذكر أخي الأستاذ أحمد رامي من أنها قيلت في شخصين على طرفي نقيض مدبر لاغٍ بالخسيس ومقبل داعٍ للنفيس, وبدت هذه الثناية في العنوان (بزعاف وسلاف) كناية عن خلقين متضادين لشخصين متقابلين كذل تمتد هذه الثناية وهذا التقابل ليشمل موضوع القصيدة وإن كنا لاندري من صاحب الزعاف فإننا علمنا من صاحب السلاف فأنعم وأكرم به همام رياض شاعر تجولت قليلا في رحاب شاعرية واطلعت على بعض قصيده مما يدعو إلى الاطلاع أكثر.
صَبَّ الزُّعَـافَ لِغَيـرِهِ
وشَكَا السُّلافَ تَوَجُّعَـا
صورة كملت بالتقابل هنا.
إِنَّ النَّصِيحَـةَ لِلـذِي
تَبْكِي عَلَيـهِ الأَدْمُعَـا
نعم, وكلما زاد البكاء زاد الحرص على النصيحة, ولكن مؤلم ألا يتقبل منك من تبكي عليه.
خَابَ المُؤَمِّـلُ بِالمُنَـى
مَجْدًا وَأَدْرَكَ مَنْ سَعَـى
هذه من الحكم المطروقة كثيرا ولكنك رفعتها بسبكك ولفظك إلى ذرى الحكم مما يجله بيتا يجري على الألسن ماجرت الحكمة .
فَاصْرِفْ خَسَائِسَ مَنْ لَغَا
وَاقْطُفْ نَفَائِسَ مَنْ دَعَا
لو أخذ بنصحك هنا كل من سمعه لتعافت الأمة من بالء كبير بانحساره واندثاره , ولكنه الصراع الأبدي بين اللاغي والداعي واعتراك الخسيس بالنفيس , ليمز الله الخبيث من الطيب , جلعنا الله وإياك والسامعين من الطيبين وصرف عنا وعنكم كل خبيث.

تحياتي لك أيها الحبيب وللأستاذ همام رياض ولجميع إخواني في الواحة الطيبة.
دمتم بخير

نادية بوغرارة
03-10-2012, 05:13 PM
قصيدة ( نحت وتعرية ) علامات على الطريق

بقلم الأستاذ : بهجت الرشيد



https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=60145




قصيدة ( نحت وتعرية )
علامات على الطريق ..

جاءت قصيدة ( نحت وتعرية ) للشاعر الكبير الدكتور سمير العمري نقداً كاشفاً لزيف الحداثة التي باتت تنخر كالسوس في العظم ، ومن وحي هذه القصيدة الناقدة سوف أقف على أبرز ملامح الحداثة حسبما قادني فهمي وإدراكي للقصيدة ومعانيها ومراميها .. مستعيناً بالله تعالى ..

هل النقد مشروع شاعر فاشل ؟
أحياناً نعم وأحيانا لا ..
لكني سأجزم هنا أن قصيدة ( نحت وتعرية ) أحرقت هذا السؤال وأفحمته ، ليس بالإجابة عنه بـــ"لا" فقط ، بل بقلب الطاولة على أصحابها ..
نحن أمام نقد مختلف .. فالشاعر أصالي لكنه في الوقت نفسه ملّم بالحداثة ، حاك نقداً لها بأساليبها هي ، نحت في صخرها وبأدواتها تمثالاً على شاكلتها ثم قال لهم انظروا كم هو قبيح ..
نقد مختلف لا شك .. لاذع وساخر أيضاً لشكل ومضمون ما يسمى بالحداثة ..
والكلام عن الحداثة ذو شجون ..
فالأصالة والمعاصرة .. القديم والحديث .. جدل لا ينتهي ، لفّت بذراعه الساحة البشرية شرقها وغربها .. شمالها وجنوبها .. وباتت قضايا الأدب والفن داخل هذا الجدل منفلتة إلى حد كبير من توازنها وانضباطها ، لأن أصحابها الذين كان يرجى منهم ضبطها وموازنتها وتحريكها من عمق ماضينا بما يلبي حاجاتنا ويعبر عن آمالنا وآلامنا ، أصبحوا ببغاوات لا تجيد سوى تكرار المكرر ..

ومرة أخرى نقع فريسة شباك المستورد ..
أوهمونا بأن الاستيراد كان حتمياً فرض علينا ووجب أن نقبله برحابة صدر ضريبة لجمودنا وتخلفنا وإغلاقنا أبواب الاجتهاد والإبداع ، ولكن ـ سؤالاً يلح على الفهم ـ ألم تكن أوروبا أيضاً غارقة في الجهل والجمود والتخلف أكثر مما كنا ؟ فما الذي افترق إذن ؟ ولماذا صاروا مُقلَدين وصرنا مُقَلِدين ؟
والحقيقة أن الفارق الذي حدث بيننا وبين أوربا هو أن الأخيرة عندما بدأت تتخلص من براثن الكنيسة وقبضة السلطة البيوقراطية كانت تخيط لنفسها ثوباً يليق بها ومن مقاسها ، فتحركت صوب أهدافها التي تحقق حاجتها وذاتها ، ثم بدأت تتطور على هذا النسق ..
بينما بدأنا نحن برفض الجمود بلبس الثوب الذي حيك هناك في أوربا وليس عند خياطنا المسلم العربي !
أضرمت أوربا النار فانتقل دخانها ورمادها إلينا خانقاً أجواءنا مضيقاً أنفاسنا مغشياً بصائرنا .
نعم .. هذه هي مشكلة الحداثة في عالمنا العربي .. إنها حداثة نعم ولكنها ليست عربية على أية حال .. لم تنشأ في تربتنا ولم تُسق من مائنا ولا تنشقت هواءنا ..
يقول الدكتور عبدالعزيز حمودة في كتابه ( المرآيا المحدبة ) :
( حاول الحداثيون العرب منذ أوائل السبعينيات مباشرة ، أي في السنوات التي تلت النكسة وسقوط الحلم العربي ، تقديم نسخة عربية لحداثة تتعامل مع واقع الحضارة الغربية ) . ص23 .

وما لي أذهب بكم بعيد للمذاهب والقصيدة حاضرة شاهدة بيننا في تعرية الحداثي الذي جلس بصحن الحديقة يرتشف قهوته مسترجعاً ليلة أمس ، وما أدراك ما ليلة أمس ؟
بُطُولاتَ جِنْسِ
وَنَشْوَةَ كَأْسِ
وَرَقْصَةَ أُنْسِ
وَمَيْسِرَ شَهْوَةْ

وهي صورة تعيدنا بإلحاح إلى الحياة التي يعيشها أولئك ، وينطلقون منها إلى بناء أدبهم الخاص ، شارل بودلير الذي اعتبره غالي شكري نبياً للشعر الحديث ، أديب فرنسي نادى بالفوضى الجنسية والفكرية والأخلاقية ، كان يعيش حياة الفسق والانحلال ، وأصيب بداء الزهري ، عاش في شبابه عيشة تبذل وعلاقات شاذة مع مومسات باريس ، ولاذ في المرحلة الأخيرة من حياته بالمخدرات والشراب ، حتى ان فرنسا نفسها منعت نشر بعض قصائده ، وكان حياة أستاذه إدغار آلان بو مترعة بالقمار والخمر والعلاقات الفاسدة .
أما البنيوي ميشل فوكو وإصابته بالايدز جراء ممارسته الشذوذ الجنسي الذي يعتبرونه تجربة اكتشاف فليس ببعيد !
ونزار قباني ومحمود درويش .. وآخرون ..
وخلاصة الأمر هي كما قال أحدهم في شعر بودلير : ( إنك لا تشم في شعره الأدب والفن ، وإنما تشم منه رائحة الأفيون ) ..

وهنا تتساقط أقنعة الكذب والتزييف والادعاء بأن الأدب ليس إلا للأدب وان الفن للفن ، ولا شيء غير ذلك ، فالأدب حسب زعمهم ليس مرآة عاكسة للحياة وإنما كيان مستقل ، لكن مقارنة حالهم بأدبهم تزيل الغشاوة عن العيون ، فترى كتاباتهم ما هي إلا انعكاس لحالتهم البائسة الغارقة في فوضى العقيدة والفكر والروح ..
نعم .. يتساءل المرء كيف سيكون أدب هؤلاء مرآة لمجتمعهم ولوحة شفافة له ، وقد قلبوا الأدب إلى ثقب صغير ضيق تنبعث منه رائحة فكرهم الفاسد ومزاجهم الثمل وأخيلتهم الفاسقة بعيداً عن هموم وطنهم وتحدياته وصلاحه !
ولذا فها هو شاعرنا الحداثي يقلب جريدته ، ويمر بصور ومشاهد .. قصف ..شهداء .. نار .. حرق .. دماء .. اغتيال .. تخمة ومجاعة ..
ثم لا شيء غير تثائب وتراخٍ ، وما يهمه في الأمر كله ؟ لا شيء .. سوى ما يريد هو ..
مباراة .. نجوى فؤاد .. هيفاء وهبي .. لا بل عيونها ..
ثم
ويُمْسِكُ بِالقَلَمِ المُخْمَلِيِّ المُذَهَّبْ
وليس قلم الحرقة والمعاناة من أجل قضية عادلة أو نصرة مظلوم أو دفع شر .. بل قلم مستريح يدغدغ الغرائز والشهوات ، ويثير الشك والفوضى ..
وَيَكْتُبْ :
براءة ..
ولكن براءة من ماذا ؟ ولماذا ؟
من قوالب شعرية وأوزان وبحور ، بحجة قدمها وتغير الذائقة العربية ؟ براءة من الأشكال والصور الفنية ؟
كلا .. فليست الحداثة مدرسة أدبية في الكتابة والشعر والقصة والنقد فحسب ، وليست خروجاً عن قوالب أدبية وفنية واستبدالها بأخرى فحسب .. كلا ..
الحداثة شيء أكبر من كل ذلك وأعمق .. إنها منهج شمولي ونظرة شمولية لله والكون والإنسان .. وما الأدب والفن إلا غطاء يتستر به ذلك المنهج ..
( تبرأت ) إعلان صارخ لهوية الحداثة ، لدين الحداثة ..
إنها دين ضد دين ..
يقول غالي شكري في كتابه ( شعرنا الحديث إلى أين ؟ ) :
( مفهوم الحداثة عند شعرائنا الجدد مفهوم حضاري أولاً ، هو تصور جديد للكون والإنسان والمجتمع ... فلا يكون الشاعر معاصراً بمجرد أن يصف الصاروخ أو التلفزيون أو عظمة الاشتراكية ، مثل هذا الشاعر بالنسبة للمفهوم الحديث للشعر هو رجعي عظيم الرجعية ... الشعر الحديث موقف من الكون كله ، لهذا كان موضوعه الوحيد " وضع الإنسان في هذا الوجود " ) . ص114 .
ويقول سعيد السريحي :
( للحداثة مفهوم شمولي ، هو أوسع مما منح لنا ومما ارتضينا لأنفسنا ، ذلك أن الحداثة نظرة للعالم أوسع من أن تؤطر بقالب للشعر ، وآخر للقصة وثالث للنقد ، إنها النظرة التي تمسك الحياة من كتفيها، تهزها هزاً ، وتمنحها هذا البعد الجديد ) . الحداثة في ميزان الإسلام ، عوض القرني ، ص54 .
ويقول :

وهذا المنهج الشمولي والنظرة الكلية لا تتأتى إلا بعد أن تحدث ( البراءة ) من كل ما هو قديم وتراثي ( هَرْطَقَاتِ العَجَائِزْ ) وهي الإسلام وعقيدته ، وهذا ما يؤكده التبرؤ من كل ( مَا لا يَجُوزُ وَمَا هُوَ جَائِزْ ) ، أي لا دين ولا شريعة ، لا حلال ولا حرام ، لا قيم ولا فضيلة ولا عرف ..
تَبَرَّأْتُ مِنْ سَفْسَفَاتِ الفَضِيلَةْ
وَمَزَّقْتُ عَنِّي ثِيَابَ القَبِيلَةْ

ويعلن تحرره من نهج ( التقليديين ) الذين اغتالوا الخيال والنضال والجمال ..
وما الخيال عند الحداثيين ؟
هل إذا قلنا هو خيال انتهاكي مجنون أكثر مما هو إبداع واختراع سنبتعد عن المصداقية ؟
فأي خيال هذا الذي يضيع في متاهاته المعنى ويكتنفه الإغماض والسخرية من ذائقة المتلقي ؟ بل أي خيال كافر هذا الذي يتجاوز حده إلى التطاول على الذات العلية العظيمة ؟
وما النضال عنده إذا كانت كل إحداث الأمة الجسام ومصائبها المفجعة لا تهم شاعرنا الحداثي ولا تفعل فيه أثراً سوى تثاؤب ..
تثاءَبَ كَالقِطِّ حِينَ اخْتِيَالٍ
تَرَاخَى قَلِيلا وَعَادَ يُقَلِّبُ عَمَّا يُرِيدُهْ
وما الجمال عنده ؟ أهو دفء الغروب والتغزل بعيني ظبية شاردة في الفلاة أم هو كأس وجسد ، ليس له علاقة بالحق والأخلاق ، يجذب الإنسان إلى عالم الطين والتراب ، ولا يرفعه إلى عالم الرفعة والسمو ..

وبعد أن أعلن براءته وتحرره ، كشف عن أيمانه وعقيدته ، فإذا هي عشق وكأس وخمر الحقائق ، والحقائق عنده ليست حقائق الدين والأخلاق والفضيلة فقد تبرأ منها جميعاً ، وإنما حقائق الشك والضياع والفوضى ، حيث لا عوائق أي لا حرام أو لا يجوز ، فكل شيء مباح مشاع ..
وَآمَنْتُ بِالعِشْقِ يَمْلأُ كَأْسِي بِخَمْرِ الحَقَائِقْ
بِحُرِّيَتِي بَينَ زَهْرِ الحَدَائِقْ
بِلا أَيِّ عَائِقْ

ثم هو ـ أي الشاعر الحداثي ـ يميل إلى استحضار الرموز الوثنية ويتغنى بها ، كعادة الحداثيين الذين يريدون إحياء التراث الفرعوني والآشوري واليوناني والروماني على حساب التراث الاسلامي ، لذا تراهم يكثرون من استخدام الاساطير وأبطالها ورموزها ، بل إن من تولى كبر الحداثة غير اسمه من ( علي أحمد سعيد ) إلى ( أدونيس ) تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية !
بِعشْتَارَ تَحْمِلُ فِي رَاحَتَيهَا الزَّنَابِقْ
بِفِينُوسَ حِينَ تَشِي لِلخُلُودِ بَأَسْرَارِ عَاشِقْ
ويدعون إلى إشاعة الشعوبية والدعوات الصوفية المنحرفة ، وعقيدة الخطيئة والصلب والفداء النصرانية ..

ثم يتوغل الحداثي في عقيدة كفرية ويبوح بها ..
فالإنسان غير الحداثي برأيه يعيش هباء ، دون هدف ولا غاية ، يتعلق بهرطقات العجائز ويغلق على نفسه سجن الحياة والجمال بيجوز ولا يجوز ! ثم يرفع يديه داعياً إلهاً لا يجيب الدعاء !
ومن هو الإله عند الحداثي أصلاً ؟
إذ تنضح كتاباتهم كفراً وإلحاداً واستهزاءً بالمقدسات الإسلامية ، وتطاولاً على الله تعالى وعلى أنبيائه وكتبه وشريعته ..
( سبحانك ربي هذا بهتان عظيم ) .

ويستدل على تخلفنا بحالنا الذي نعيشه ، وهو حال يعتبره نابعا من تمسكنا بالقديم والتراث والعادات التي هي جهل لا يُنبت ولا يُزهر حباً ، صمت لا يحصد شيئاً ..
دعوه وشأنه .. لا تقيدوه بأوهامكم ، هو سندباد يسافر أينما شاء ، ويثمل من أية خمرة شاء ، ويهيم في أية آلهة شاء .. دعوه وماذا تريدون منه وقد كفر بقيد القداسة ، وكفر بكل وصية ، وتبرأ من كل موروثاتكم ، وترككم وأمنياتكم التي تخدعون بها البسطاء .. دعوه فقد ملّ من كل شيء ، يريد حياة الهوى والغزل والأمل ، وطاووس أنثى يداعبه بأشهى القبل !
مَلَلْتُ الدِّمَاءَ مَلَلْتُ الكَيَاسَةْ
وَمِنْ نَهْرِ حَقِّي وَعُهْرِ السِّيَاسَةْ
وَمِنْ كُلِّ قَهْرٍ بِقَيدِ القَدَاسَةْ
أُرِيدُ حَيَاةَ الهَوَى وَالغَزَلْ
أُرِيدُ الأَمَلْ
.............
دَعُونِي فَإِنِّي كَفَرْتُ بِكُلِّ وَصِيَّةْ
..................
فَيَا مَنْ تَعِيشُونَ عَيْشَ الهَبَاءْ
وَتَدْعُونَ مَنْ لا يُجِيبُ الدُّعَاءْ
وَهَذَا التَّخَلُّفُ فِيكُمْ دَلِيلٌ عَلَيكُمْ
فَلا الحُبُّ يُزْهِرُ فِي طِينِ جَهْلٍ
وَلا مِنْجَلُ الصَّمْت ِيَحْصِدُ عُشْبَ الكَلامِ
دَعُونِي وَشَأْنِي
أَنَا السِّنْدِبَادُ أُسَافِرُ فِي الأَزْمِنَةْ
.................
وَطَاوُوسِ أُنْثَى يُدَاعِبُ صَدْرِي بِأَشْهَى القُبَلْ

هكذا يريد شاعر الحداثة ، الانفلات والانخلاع من كل مقدس وفضيلة وخلق ، ليبني لنفسه عالمه الخاص الذي لا يتجاوز في أرقى حالاته إشباع بطن وإيغال في عالم الشهوة والملاهي ، في تطبيع صارخ مع الشيطان ..

وهكذا يريد بأمته ووطنه ، أن تكون مطيّة أفكار مستورة وعقائد ضالة ، لا همّ لها ولا قضية سوى تقليد الغرب والانبهار بمنجزاته المادية والركض وراءه حتى لو كان الهدف سراباً أو جحيماً ..

وها هو الآن يطوي الجريدة ، ويلملم أوراق القصيدة ، وينظر في الصورتين كما بدأ أول مرة ، ليأتي الختام كما الابتداء دون أن يتغير شيء في وعي الحداثي وفي فكره ..

هل نجح الشاعر الأصالي سمير العمري في إيصال الرسالة ؟
بكل تأكيد .. وعلى مستويات ثلاثة ..
الأول في إثبات أن الشاعر الأصالي ليس عاجزاً أن يستوعب الحداثة وأن يفهمها ، نعم .. وليس عاجزاً أن يأتي بمثل ما أتوا بل ويفوقهم إذا أراد ذلك ، لكنه وببساطة ليس مستعداً أن يدخل هذا الغثاء والسخافة والضحالة ، وإنه ليقدر نعمة الوقت والحياة فلا يهدرهما هباءً أو يستخدمها في هدم أمته ودينها وثقافتها وتراثها ..

والثاني في كشف عوار الحداثة وأهدافها الخبيثة في ضرب هوية الأمة ودينها ، وإرجاع الناس إلى الوثنية من جديد تحت مسميات شتى وأساليب متنوعة ..

والثالث في تنبيه الأدباء والكتاب والمثقفين من الانجرار وراء هذا الزيف الخطير والوهم الشرير والسراب الذي يحسبه الظمآن ماء ، وأنه ليس هناك من طريقة إلى النهضة الحقيقية والتجديد الواعي إلا بالرجوع إلى دين الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
قصيدة ( نحت وتعرية ) نقد مختلف .. يحتاج إلى وقفات أخرى ..

تقبل أيها العزيز الدكتور سمير العمري
مروري وقراءتي
تحياتي ..

نادية بوغرارة
03-10-2012, 05:19 PM
في رد على قصيدة " بندول الليالي "




دعوني أقتفي أثر الصواب
لعل المجد يرجع من غياب

وخلوني أرَوّي النفس شعرا
فذا الشدو الذي يأوي اغترابي

أُرنّحُ فيه كـ " البندول " حيرى
ومأخوذ فؤادي للسحاب

أزاهير من الإعجاب أهدي
إلى العمري، يحملها كتابي

نداء غريب صبري
05-10-2012, 11:41 PM
https://www.rabitat-alwaha.net/waha/sahwa.mp4

وهذه قصيدة الدكتور العمري صهوة الأحلام
بألحان الفنان كاظم هاشم
https://www.rabitat-alwaha.net/waha/sahwa.mp4
بوركتم

نداء غريب صبري
09-10-2012, 01:36 PM
* (عُذرا أمير القوم إن قصرت في مدحي فإن خصالكم لاتنحصر ) *



وهذه البطاقة البسيطة بداية لسلسلة بطاقات للدكتور سمير العمري ..
كنت أتمناها صفحة مستقلة لبطاقاته على أن تكون بلاتعليقات ..

ربقة الأنفال

http://imageshack.us/a/img37/7849/dsamir1.jpg

نداء غريب صبري
09-10-2012, 01:37 PM
..صهوة الأحلام ..
من أجمل ماقرأت للدكتور سمير العمري
أتمنى أن تنال رضاكم
تحية لهذا العاشق النبيل

http://imageshack.us/a/img145/5486/horsssamir21.jpg

غالب احمد الغول
11-10-2012, 07:32 AM
إهداء إلى أخي الدكتور سمير العمري
للشاعر غالب أحمد الغول
@@@@@@@@
لك مني يا سمير العمري
وردة تزهو بنور القمر ِ
منك روح الشعر للثغر دنتْ
هيّجتْ نفسي بلحن الوتر ِ
أرأيت الدوحَ في أثماره؟
إنما أنت رياض البشر ِ
قرأت عيني حروفاً بالجوى
صافحتني كبهاء الدّررِ
قلتُ هذا الطير من علّمهُ ؟
يغزل اللحن قُبيل السّحر ِ ؟
قالت الأطيار تلهو فرحاً
ذاك من شعر سمير العمري
@@@@@@
مع أجمل التهاني بعيد الأضحى المبارك , للدكتور سمير العمري , أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركة والنصر المؤزر للأمة العربية والإسلامية .
أخوكم غالب أحمد الغول

نداء غريب صبري
14-10-2012, 03:40 PM
ألقُ الحرفِ لربِّ الدُّررِ
منك وافانا شهيَّ الثّمَرِ
أحمد الغول تغشّاك الذي
يتغشى كلَّ حرفٍ مُبْهِرِ
يتهادى بوحُك الزاهي كما
يتهادى الطيرُ فوق الشّجرِ
شنَّفَ الأسماعَ منا وترٌ
فاق في حرفك سحرَ الوترِ
كم تغنيّتَ بماض خالد
وتطرّبت بزهو الكوثرِ
وأتيت اليوم نديانًا بما
قلت فخرًا في سمير العمري

نداء غريب صبري
14-10-2012, 03:41 PM
وَاحَةٌ مُزْدانَةٌ بِالشَّجَرِ
وَالعَناقِيدِ وَنَجْوى السَّحَرِ
وَالحُرُوفُ الغِيدُ تَغْرِيدٌ عَلى
أَعْذَبِ اللحْنِ وَأَحْلَى الوتَرِ
هَاتِ حُلْوَ الشَّدْوِ وَاصْدَحْ حَوْلَنا
بِنَمِيرِ القَوْلِ وَاطْرِبْ وَاشْعُرِ
أَيُّها الغِرِّيدُ ما أجْمَلَهُ
حَرْفُكَ المَنْثُورُ حَوْلَ القَمَرِ
أَنْجُمًا تُشْرِقُ نورًا وَسَنا
طَرَّزَتْ سِحْرَ اللَيالي الزُّهُرُ
في قَصِيدٍ قُلْتَ عَذْبًا سائِغًا
يَتَغَنَّى بِالأَمِيرِ العُمَرِي
سَيِّدِ الحَرْفِ الَّذِي مَنْطِقُهُ
فَيْضُ فِكْرٍ زاخِرٍ بِالعِبَرِ
إِنْ يَقُلْ فَالسِّحْرُ يَهْمِي وَالنَّدَى
فَوْقَ خَدِّ الزَّهْرِ جَلْوَ البَصَرِ
وَإِذا مَا خَطْبٌ اشْتَدَّ بِنا
أَوْ بَدا فِي الأُفْقِ لَوْنُ الخَطَرِ
هَبَّ يَدْعُوهُ انْتِفاضًا حَرْفُهُ
حَانَ وَقْتُ الْجَدِّ قُمْ فَانْتَصِرِ
فَامْتَطَى خَيْلَ الإِبا لا يَنْثَنِي
قَوْلُهُ سَيْفٌ وَشِعْرٌ عَبْقَرِي
وَقَصِيدٌ بَاهِرٌ لا يَنْحَنِي
بِثَقِيلِ النَّيْلِ أَو بِالْحَذَرِ
جَنَّةٌ مُدْهَامّةٌ وَجْدًا بِها
تُدْمِعُ الغَيْماتُ حَبَّ المَطَرِ
وَيَنَامُ الطَّيْرُ فِي أَكْنانِهِ
بِالرِّضَى يَشْدو وَمَحْوِ الكَدَرِ

شكرا لتقبلك خربشتي على ضفة حرفك الجميل الذي أحيا ملكاتنا وأرخى الأعنة لقولنا

وأهلا بك شاعرنا في واحتك

تحاياي

نداء غريب صبري
22-10-2012, 07:50 AM
سمير العمري
شاعر وأديب.. وإنسان

بقلم نبيل شبيب

د. سمير العمري يسري الشعر من أنامله سريان الإخلاص لأمته وقضاياها مع الدماء في عروقه. هكذا عرفته دون أن ألتقي به وجها لوجه، عرفته من خلال الموقع الشبكي الذي يجمع عددا كبيرا من الأدباء والشعراء والكتاب، ويكاد يصل عدد زياراته أثناء كتابة هذه السطور إلى أربعة ملايين. هو ملتقى رابطة واحة الفكر والأدب، وكنت بصدد التعريف به في مداد القلم، عندما وجدت نفسي أثناء زيارة الموقع أمام مقابلة مطوّلة أجاب سمير العمري فيها نثرا وشعرا على أسئلة عديدة عن نفسه ومشروعه، وودت لو اتّسع مداد القلم لنقلها كاملة، إنّما وجدت نفسي مضطرا إلى اختيار بعض ما فيها فقط، وما أصعب ذلك الاختيار، إنّما آمل أن أثير من خلال القليل الذي أنقله ما يدفع أصدقاء مداد القلم إلى الاطّلاع بأنفسهم على المقابلة كاملة، والتعرّف على الموقع المتميّز بمعنى الكلمة، وعلى صاحبه الشاعر والأديب، د. سمير العمري، الذي أدعه يتكلّم بنفسه عبر الفقرات والأبيات المنقولة التالية.



د. سمير العمري
يقول تلبية لطلب التعريف بنفسه:
لَمّا كنت لا أجيد ولا أحبذ تقديمي لنفسي، ولأنّني لا أحبّذ أن يكون اللقاء معي حول نفسي بل حول هذا الحلم الكبير الذي يؤمن به جلّكم ويحبه كلّكم فإنّني أقول للأحبة بأنني أخ لكم في الله، مسلم عربي من مواليد بلد الرباط والجهاد، ويقيم في السويد، يحمل حلماً لخير أمته اجتهاداً ويعمل على تحقيقه تسديداً ومقاربة.

وأما إن شئتم أن أعرّف عني ببعض شعري فأقول:

أَنَا السَّمِيْرُ سَلِيلُ الْحَـقِّ مِـنْ عُمَـرٍ
وَابْنُ العُرُوْبَةِ فِي دِيْـنٍ وَفِـي شِيَـمِ
أَنَا النَّصِيْرُ بِكَفِّـي سَيْـفُ ذِي جَلَـدٍ
عِنْدَ النِّزَالِ وَسَيْفُ الشِّعْرِ مِلءُ فَمِـي
أَنَا ابْنُ مَنْ حَفِظُوا بِالسَّيْفِ عِزَّتَهُـمْ
نَبْضُ الكَرَامَةِ يَجْرِي فِي صَمِيْمِ دَمِ
وأقول:

لَكَمْ نَظَرْتُ وَحَوْلِي النَّاسُ تَرْمُقُنِي
خَلْفَ السَّرَابِ أَعِيْشُ العُمْرَ مُغْتَرِبَا
أَنَا ابْنُ مَنْ رَفَعُوْا بِالعِزِّ رَايَتَهُمْ
وَقَدَّمُوْا الدِّيْنَ أُمَّاً لِلوَرَى وَأَبَ
ويُشاع بأنّني أديب وشاعر يكتب بثلاث لغات وأقول:

أَنَا مَا كَتَبتُ الشِّعْرَ كَي أَشْقَى بِهِ
لَكِنَّ هَذَا الشِّعْرِ قَدْ أَشْقَانِ
ولعلّني ألخص تعريفي بنفسي وهو ما لا أحب أن أفعل لولا الطلب:

هَذَا أَنَا، نَسَجَ الزَّمَانُ عَبَاءَتِي
مِنْ كُلِّ لَوْنٍ تَسْتَسِيْغُ وَتَرْغَبُ
عِنْدِي الْمَبَادِئُ لا أُسَاوِمُ مَهْرَهَا
أَمَّا المَوَاقَفُ قَدْ تُوَدَّ وتُخْطَبُ
وأخاطب واحة الخير الغرّاء وأهلها الكرام فأقول بكل تقدير وفخر بكم وبها:

يَا وَاحَةَ الخَيرِ التِي لَبِنَاتُهَا
شِيْدَتْ عَلَى التَّقْوَى وَصِدْقِ رُؤَاكِ
يَا صَرْحَ عِلْمٍ يَا رِسَالَةَ أُمَّةٍ
تَسْبِي بِمَنْهَجِهَا نُهَى الأَمْلاكِ
فَكَأَنَّهَا أُذُنُ الزَّمَانِ وَعَيْنُهُ
قَدْ كُحِّلَتْ بِالنُّورِ لا الأَحْلاكِ
عَلْيَاءُ لا تَهْوِي بِفَصْلِ خِطَابِهَا
قَعْسَاءُ فَوْقَ مَكَامِنِ الأَشْرَاك
((وكتب د. فوزي أبو دنيا مضيفا ما لم يذكرة د. سمير عن نفسه:
اسمحوا لي أن أضيف عن دكتور سمير العمري
فلسطيني ولد فى غزة ونشأ هناك حتى أكمل دراسته الثانوية
حاصل على إجازة الجامعة كطبيب صيدلاني
كتب الشعر وهو دون السادسة عشر
صدر أول دواوينه ترانيم شاعر عام 1989 في المملكة العربية السعودية
نشر له العديد من القصائد والمقالات في الصحف العربية
تمّ أخيراً نشر 14 قصيدة في كتاب صدر عن شعر الإنتفاضة
هاجر إلى السويد عام 1998 ومازال يعيش هناك حتى اللحظة))

وعن الواحة ونشأتها يقول د. سمير العمري:
أمّا أنّ الواحة تختلف في الشكل فهذا ليس هو واقع الحال للأسف، ذلك أنّنا نستخدم ذات الشكل المعتاد في عالم الشبكة العنكبوتية من برنامج المنتديات... وللحقّ فإنّ هذا التشابه في الشكل لا يعني ولا يقرّ بأية حال بفرضية أنّه مجرد منتدى آخر، ولو كان ذلك لمَا كان من بأس أن ينقص عدد المنتديات الحوارية العربية التي في جلّها لهو وتسلية ومهاترات منتدى واحداً...
لقد نظرت حولي فرأيت ما وصلت إليه حال الأمة من تدهور متواصل وهوان غير آفل، رأيت اختلاط المفاهيم، واضطراب الأذهان أمام المبادئ والقيم، وانتشار تأثير التبعية وفقدان الهوية. رأيت البلاد وقد تفرّق فيها العباد، والملوك شطّوا في السلوك، والحدود باتت سبب عصبية وشكوك. رأيت الهوية الثقافية تتهاوى أمام مطارق تبعية ما يطلق عليه الحداثة حتى بات الشعر مدّ الصوت ومطّ الكلمات وإسبال العيون، وبات الأدب الغموض أو الخروج عن القيم والثوابت. رأيت الفكر يغوص في متاهات المعاني، واضطرابات الهوية والمرجعية فوقع بعض منهم في انبهار ثقافة المنتصر، ووقع البعض الآخر في وديان الرفض وجلد الذات، ووقع الجميع في دائرة اللطم ولعن الظلام والاكتفاء بانتظار الفرج أو الركون إلى دعة في هوان...
وقد كنت وما زلت أنظر للأدب عامة وللفكر والشعر خاصة بأهميّة لدوره المنوط به في حفظ تراث الأمة وتاريخها والدفاع عن شخصيتها وعزها وضميرها. كان الشعـر وما يزال نبض القلوب ومستودع الفكر وخلاصة الوعي محافظاً بذلك على المستوى الثقافي للأمة ومدافعاً عن ذوقها العام من الانحدار. ولم أكن أنظر للشعر يوماً كغاية في ذاته بل وسيلة لتحقيق أسمى الغايات وأنبلها كما كان دوره دائماً في تاريخ الأمة الثقافي والسياسي والعلمي. فالشعر إذن ليس التلاعب بالألفاظ وزخرفة المعاني، وليس هو الجنوح بالخيال إلى الغموض أو الشذوذ. إنه ليس سوى الالتزام والاحترام بقواعده وبمنهجه وبأهدافه ليكون بحق درة اللغة وجوهر ثقافتها.
قمت بافتتاح موقع الواحة لأوّل مرة بمسمى "واحة الفكر والأدب" في شهر نوفمبر 2002 ثمّ تحويل الموقع إلى مسمى رابطة الواحة الثقافية في غرة يناير 2003...
وأراد الله أن يكون لهذه الرسالة الحياة والرقي فقدّر لنا أخوة وأخوات كراما وكريمات ممّن أعانوا على حمل هذه الرسالة على فترات متفاوتة، منهم من مضى، ومنهم من معنا على سبيل الخير يمضي، ولا تزال الأمة بخير تأتي بالكرام فنجتبيهم ونرفعهم من أراد منهم الرفعة، ونفسح له مكاناً يكون به أحد قادة هذا العمل العظيم طلباً لرضوان الله ثم رضا نفسه...
وأمّا رابطة الواحة الثقافية فقد تطوّرت بثقة وهدوء تعتمد في توجهها على الكيف لا الكمّ وعلى المصداقية والنزاهة والرقي، ولا تتعامل مع الملتقى إلاّ من باب التواصل مع الكرام والكريمات، ونؤسس للعديد من المشاريع الكبيرة التي ستطلّ عليكم تباعاً بإذن الله، وها نحن نرى حصاد أربع سنوات من الجهد المتواصل في نشر هذه الرسالة.

أُنَاصِرُ الحَقَّ لا أَخْشَى وُرُوْدَ رَدَى
وَأُكْبِرُ الحِلْمَ مَهْمَا قَدْ أَفَاضَ خَنَا
مَا أَوْهَنَ العَزْمَ مِنِّي كُلَّ مَا فَعَلُوْا
مَا نَغَّصَ العَيْشَ لِي أَوْ أَذْهَبَ الوَسَنَا
وَاليَوْمَ أُبْحِرُ وَالإِصْرَارُ أَشْرِعَتِي
وَرِحْلَةُ الخَيْرِ فِيْهَا تَسْبِقُ السُفُنَا
وَجِئْتُ وَاحَةَ أَحْلامٍ مُعَطَّرَةٍ
أَقَمْتُ فِيْهَا لأَحْبَابٍ لَنَا وَطَنَ


وتحدّث د. سمير العمري عن اللغات الثلاث التي يكتب الشعر بها، العربية والإنجليزية والسويدية، ومن ذلك ما قال عن اللغة العربية:
هي لغتي الأمّ ومعشوقتي، واللغة التي تستحقّ حقاً أن تكون أمّ اللغات بشموليتها ورقيّها وروعة مضامينها بين المعاني والمباني والبديع والخيال. وقد يستغرب العدد الكبير من الإخوة والأخوات أنني لم أكن يوماً على علاقة باللغة العربية وعلومها وآدابها أكثر من حفظي لكتاب الله تعالى وما رسخ في الذاكرة من بعض ما مرّ في مراحل الدراسة المبكرة قبل المرحلة الجامعية والتي كانت بداية الدخول في عالم لغة أخرى بت أجيدها بشكل كبير وهي اللغة الإنجليزية.
كانت بدايتي مع أول حرف كتبته كأدب وأنا أخطو أول خطوات الشباب في بدايات السنة السادسة عشر من عمري، وكانت هذه البداية شعرية بقصيدة أعتزّ بها جداً بعنوان "عودي مليكتي" حيث تشكلت على شاطئ بحر غزة وقت الغروب وهو أجمل الأوقات التي أحبها.
أمّا النثر فقد استهواني لاحقاً وكتبت فيه بعض مقالات ومواضيع ثم كتبت شعر التفعيلة ثم القصة ولكن غلب الشعر حرفي، وأقوم منذ فترة بالجهاد ضدّه كي أنصف منه النثر في كتابين أعلنت عنهما وسأعود لاستكمالهما لاحقاً بإذن الله، أحدهما في بوح النفس والقلب "بتلات ملونة" والآخر في بوح العقل والمنطق "رحلة في الذات"، وأرجو الله أن يمكّنني فيما أنا مقبل عليه.
أما فلسفتي الشعرية فقائمة على أن الشعر إنما هو خلاصة الفكر الإنساني في خلاصة الشعور الوجداني ، وأنّه أحد أدوات التعبير تصنيفاً مقترناً بخصائص واضحة تميزه عن غيره ، ولذا تجدني ضد كل محاولات التمويه والتشويه والتأليه التي تنطلق فلسفتها من بعض الأدعياء حيناً أو من بعض القاصرين حيناً آخر أو من بعض المغررين في أحايين أخرى.
ولعلني كنت أوّل من أطلق شعر "الفكر قبل الشعر" في محاولة لتوظيف الشعر كأداة جادة ومؤثرة في توصيل الفكر الراقي أو الشعور الصادق وكنت قلت في هذا الكثير أذكر منها ما قلت يوم طعن في قدرتي بعض الحساد فاتهموني بأنني أعيش محنطاً في ثوب المتنبي والبحتري وأبي تمام والمعري ، وبأنني لا أكتب الشعر ولا أستطيعه فقلت:

وَلَو أَنَّنِي شِئْتُ التَّفَوُّقَ شَاعِرَاً
لَمَا فَاقَنِي فِي نَيْلِ ذَلِكَ جَاهِدُ
وَلَكِنْ لِفِكْرِي قَدْ جَعَلْتُ مَقَاصِدِي
فَمَا عَزَّ مَقْصُودٌ وَلا خَابَ قَاصِد
وأنا بما يعرف عني من يعرف كنت أحد أهمّ من تصدّى بقوة لتيار الهدم الذي أطلقوا عليه الحداثة، وانتصرت للأصالة وللشعر مبنى ومعنى وصوراً وتراكيب، ورددت عليهم في كلّ ما ادّعوا كالذي ردّدت به على من يزعم جهلاً أنّ الشعر هو الشعور فقلت:

وَيَسْأَلُ أَهْلُ الحَرْفِ رَأْيَاً عَنِ الذِي
يَرَى فِي الشُّعُورِ الشِّعْرَ أَيْنَ لُبَابُ؟
شُعُورِي كِيَانٌ فِي المَوَاقِفِ كُلِّهَا
وَشِعْرِي لِسَانٌ فِي الصُّرُوفِ وَنَاب
وأفاض الشاعر الأديب في الحديث عن واقع الأدب والشعر العربي وسبل الانتصار لهما، إنّما أختم بمقاطفات من نماذج، كل منها قصيدة كاملة، جاءت جوابا على طلب أن يقول شعرا في مواصفات فلان أو فلان من الناس.. من ذلك (مقتطفات فقط):
قوله لشخص يتوسّم فيه الخير ولكنّه ضائع بين ذاته ومحيطه:

أَتَاكَ الدَّهْرُ بَسَّامَاً نَضِيرَا
وَعَهْدُكَ مِنْ زَمَانِكَ أَنْ يَجُورَ
أَيَا قَلْباً سَقَى بِالوُدِّ أَرْضَاً
فَكَانَتْ مِنْ بُذُورِ الصِّدْقِ بُورَا
وَأَخْلَصَ بِالوَفَاءِ لِكُلِّ عَهْدٍ
فَكَانَ الغَدْرُ مَا سَكَنَ الصُّدُورَا
إِلامَ الحُزْنُ وَالأَيَّامُ تَمْضِي
وَتُبْدِلُ حُزْنَهَا حِيْنَاً حُبُورَا
إِلامَ الحُزْنُ يَا قَلْبِي وَرَوْضِي
مِنَ الأَشْوَاكِ قَدْ نَبَتَ الزُّهُورَا
بَنَاتُ الدَّهْرِ تُغْوِي كُلَّ غِرٍّ
وَتَحْفُرُ فِي دَقَائِقِهَا القُبُورَا
فَيَا أُذُنَ النُّهَى هَلْ تَسْمَعِيْنِي
وَيَا عَيْنَ السُّهَا قَدْ زِدْتِ نُورَا
قُلُوبُ المُؤْمِنِينَ تَفِيضُ طُهْرَا
فَتَسْمُو المَكْرُمَاتُ بِهَا بُدُورَا
إِذَا صَاحَبْتَ فَاصْحَبْ كُلَّ بَرٍّ
تَقِيٍّ صَادِقٍ يَخْشَى القَدِيرَا
وَكُلَّ مَوَافِقٍ لِلحَقِّ عَدْلٍ
وَمَنْ يَغْدُو عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرَا
وَهَلْ يَرْجُو الكَرِيمُ سِوَى كَرِيمٍ
وَفِيٍّ لَنْ يَضِيمَ وَلَنْ يَضِيرَا
إِذَا أَغْضَيْتَ لَمْ يَجْحَدْكَ عُذْرَا
وَإِنْ أَغْضَبْتَ لَمْ يَصْخَبْ فُجُورَ
ويقول في شخص يعتمد عليه فيخيب رجاؤه به:

وَكَمْ مُدَّعٍ فِي اللهِ حُبِّي فَإِنْ رَأَى
قُدُورَاً لِطَهْوِ الغَدْرِ سَالَ لُعَابُ
وَمَنْ عَابَ أَقْدَارَ الخَلائِقِ عَيَّبُوا
وَمَنْ هَابَ أَقْدَارَ الضَّرَاغِمِ هَابُوا
عِتَابِي إِذَا جَارَ الكِرَامُ مَثُوبَةٌ
وَعَفْوِي إِذَا جَارَ اللِئَامُ عِقَابُ
وَصَوتِي كِتَابٌ لِلنُّهَى فَصْلُ حِكْمَةٍ
وَصَمْتِي خِطَابٌ لِلوَرَى وَجَوَابُ
فَإِنْ يَطْعَنِ الأَصْحَابُ فِي ورْدِ مَنْطِقِي
فَإِنِّي لِظُلْمِ الأَقْرَبِينَ كِتَاب
ويقول في شخص يدهشه حقاً كلّما عرف عنه المزيد:

يَا حَبَّذَا الخُلُقُ القَوِيمُ فَإِنَّهُ
يُنْجِيْكَ مِنْ بَأْسِ الزَّمَانِ العَاثِرِ
قَدْ أَبْلَتِ الأَيَّامُ أَثْوَابَ الرِّضَا
يَوْمَ ابْتَلَتْ مِنِّي الوَفَاءَ بِنَاكِرِ
قَدْ كُنَّ لا يُخْلِفْنَ مَوْعِدَ صَادِقٍ
حَتَّى غَدَرْنَ مَعِ الصَّدِيقِ الغَادِرِ
أَيَّامَ يَخْفُرُ لِلغَوَانِي عَهْدَهَا
وَالحُرُّ لَيْسَ لِعَهْدِهِ مِنْ خَافِرِ
لَمْ يُبْقِ لِي هَذَا الزَّمَانُ تَأَسِّيَاً
إِلا بِمِثْلِكَ غَيْبُهُ كَالظَاهِرِ
وسئل عن قوله في شخص ينتظر عودته من صميم أعماقه، فأجاب أولا عن انتظار عودة "الأمة":

يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ كَيْفَ حَيَاتُكُمْ
تَصْفُوْ وَقَدْ بَاتَ الْهِلالُ ذَلِيْلاً
قَسَمَاً بِمَنْ رَفَعَ السَّمَاءَ بِعِزَّةٍ
لَنْ يَغْلِبَ الشَّرُّ الهُدَى وَيَطُوْلا
مَا عُذْرُكُمْ أَنْ لا تَطِيْبَ فُرُوْعُكُمْ
إِذْ قَدْ رَسَخْتُمْ فِي السَّمَاءِ أُصُوْلا
بِالدِّيْنِ أَنْتُمْ وَالكَرَامَةِ وَالهُدَى
أَزْكَى الشُّعُوْبِ خَلائِقَاً وَعُقُوْلا
شَهِدَتْ لَكُمْ تِلْكَ السَّوَابِحُ وَالقَنَا
وَنَدَى الْمُرُوْءَةِ وَالقُرُوْنُ الأُوْلَى
مَا بَالُكُمْ يُزْرِي البَوَارُ بِدَوْحِكُمْ
وَيَسُوْسُكُمْ بِالذُّلِّ جِيْلاً جِيْلا
ثمّ قال عن الشخص الفرد حسب السؤال:

يَا صَاحِبِي هَلْ كَانَ مِثْلِي فِي الوَرَى
مَنْ عَاشَ يَأْلَمُ غُرْبَةَ الأَوْطَانِ
فِي غُرْبَةِ الأَيَّامِ فِي أَزْمَانِهَا
فِي غُرْبَةِ الإِنْسَانِ فِي الإِنْسَانِ
هِيَ غُرْبَةٌُ أَلْقَتْ عَلَى النَّفْسِ الأَسَى
فَالْحُزْنُ سَرْجِي وَالرَّجَاءُ حِصَانِي
وَالصَّبْرُ زَادِي أَسْتَعِيْنُ بِفَضْلِهِ
وَالْحُبّ فِي الإِخْوَانِ وَالْخِلاّنِ
يَا صَاحِبِي وَصَلَ السَّلامُ مَعَطَّرَاً
وَالنَّجْمُ يَعْلَمُ فَرْحَتِي وَيَرَانِي
إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ لِلفُؤَادِ سَمِيْرَهُ
وَأَخَاً يُزَيِّنُ سَاحَتِي وَزَمَانِي
فَاللَّهَ أَرْجُوْ أَنْ يُطَهِّرَ وُدَّنَا
لِيَكُوْنَ هَذَا الْحُبُّ فِي الرَّحْمَنِ
وَاللَّهَ أَدْعُوْ أَنْ يُظِلَّ بِظِلِّهِ
قَلْبَيْنِ قَدْ صَدَعَا إِلَى القُرْآن
ويقول في شخص يتمنّى له الخير حتى وإن أصرّ على إيقاع الضرر به:
مِنْ شَظَايَا الرُّوحِ نَزْفِي قَدْ هَمَى وَاللَيْلُ سَاجْ
لا أَرَى إِلا ذِئَابَ الغَدْرِ تَعْدُو فِي الفِجَاجْ
قَهْقَهَاتُ العَتْمَةِ السَّودَاءِ تَدْوِي
وَيَدَاهَا بِالرَّدَى تَمْتَدُّ نَحْوِي
يَا صَدِيقِي..
كُلُّ وُدٍّ كَالزُّجَاجْ
كَسْرُهُ يَعْنِي النِّهَايَةْ
لَمْ يَعُدْ إِلا شَظَايَا
لَمْ يَعُدْ فِي القَلْبِ مَعْنَى لِلوَفَاءْ
حِيْنَ يُدْمِي اليَّأْسُ أَحْدَاقَ السِّرَاجْ
يَا صَدِيقِي...
كَيْفَ هَانَ الوُدُّ مِنْ قَوْلِ الوُشَاةْ؟
كَيْفَ بَاتَ العَهْدُ نَهْبَاً لِلجُنَاةْ
كَيْفَ تَنْسَى الذِّكْرَيَاتْ؟
كَمْ ضَحِكْنَا وَبَكَيْنَا وَالتَقَتْ فِيْنَا المَشَاعِرْ
كَمْ سَقَيْنَا الشَّوقَ دَمْعَاً فِي المَحَاجِرْ
كَمْ قَضَيْنَا الوَقْتَ فِي أَحْضَانِ شَاعِرْ
لَيْتَ شِعْرِي...
هَلْ سَقَيْتَ الوُدَّ مِنْ شَهْدِ اللِسَانْ؟
هَلْ خَدَعْتَ القَلْبَ وَالإِحْسَاسُ خَانْ؟
يَا لَدَهْرِي.. لا أَرَى غَيْرَ العَجَاجْ
...
يَا صَدِيقِي...
عُقَّ عَهْدِي وَامْضِ عَنِّي حَيْثُ شَاءْ
قَدْ سَقَيْتُ الحِرْصَ كَأْسَ الحِلْمِ لَمْ يُحْيِ الرَّجَاءْ
لَيْسَ يُرْجَى الوُدُّ قَسْرَاً وَالوَفَاءْ
فَاسْتَبِحْنِي...
لَنْ يَمْوتَ الدِّفْءُ فِيْنَا وَالضِّيَاءْ
لَنْ يَمْوتَ الدِّفْءُ فِيْنَا وَالضِّيَاءْ
لَنْ يَمْوتَ الدِّفْءُ فِيْنَا وَالضِّيَاءْ
كُلُّ صُبْحِ تُشْرِقُ الشَّمْسُ الجَدِيْدَةْ
فِي سُرُوْرٍ وَابْتِهَاجْ

وسئل عن قوله في شخص يتمنى أن تتاح له فرصة النيل منه، فقال: أمّا هذه فلا، وما وجدت خيراً من الحلم والدفع بالتي هي أحسن، فليس الشديد بالصرعة وإنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، وكم حلم صرع حقدا، وكم عفو أورث سعدى، أقول:

وَلِي قَلْبٌ يَفِيْضُ بِكُلِّ حُبٍّ
لِكُلِّ النَّاسِ مِنْ قَاصٍ وَدَانِ
وَذَاتُ القَلْبِ لا يَرْضَى بِظُلْمٍ
وَلا يَرْضَى الإِهَانَة وَالتَّوَانِي
وَيَقْبَلُ عَثْرَةَ الإِخْوَانِ صَفْحَاً
وَيَعْفُو حِيْنَ تَمْتَلِكُ اليَدَانِ
وَيَنْشُرُ بِالتَّسَامُحِ كُلَّ وُدٍّ
وَيَرْجُو اللهَ لا يَرْجُو الغَوَانِي
يَلُوْمُ عَلَيَّ بَعْضُ النَّاسِ صَبْرِي
وَعَفْوِي عَنْ مُقَارَعَةِ المُهَانِ
وَمَا يَدْرُوْنَ أَنَّ الحِلْمَ طَبْعٌ
عَظِيْمُ الشَّأْنِ مَحْمُوْدُ المَعَانِي
أَضِنُّ بِجَانِبِي عَنْ سَفْهِ غَيْرِي
وَأَرْفَعُ هِمَّتِي عَنْ كُلِّ خَانِ
فَصَمْتِي حِيْنَ أَصْمُتُ لَيْسَ عَجْزَاً
وَلِيْنِي مِثْلُ لِيْنِ الخَيْزُرَان
دَعُوْنِي فَالمَحَبَّةُ خَيْرُ طِبٍّ
لِكُلِّ الدَّاءِ مِنْ حِقْدِ الجِنَانِ
هِيَ الدُّنْيَا نَعِيْشُ بِهَا وَنَمْضِي
وَتَبْقَى بَعْدَ صَاحِبِهَا الثَّوَانِ
ويقول في كلّ من ظلم وأصرّ على الظلم:

إِلَيْكَ إِلَهِي أَشْتَكِي ظُلْمَ صَاحِبٍ
تَشَّفَى بِمَيْتِ اللَحْمِ وَاسْتَمْرَأَ العَظْمَا
لَقَدْ سَئِمَتْ نَفْسِي نُفُوْسَا تَوَاضَعَتْ
وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ لَنَا رُحْمَى
تَمَادَتْ فَأَبْدَتْ كُلَّ فَظٍّ وَفَاجِرٍ
وَزَادَتْ بِنَا جَهْلاً فَزِدْنَا بِهَا حِلْمَا
وَمَا مَنْطِقِي يَسْمُو عَنِ الرَّدِّ عَاجِزَاً
وَلَكِنْ لِسَانِي يَأْنَفُ الفُحْشَ وَالشَّتْمَا
ويقول في شخص نصحه في الله ولله ولم يستجب، وأبى إلا نفورا:

مَتَى رَأَيْتُ وَفَاءَ المَرْءِ صَاحِبَهُ
فَقَدْ رَأَيْتَ دُمُوعَ العَيْنِ تَنْسَجِمُ
وَإِنْ تَنَكَّرَ أَقْوَامٌ لِعَهْدِهُمُ
َلا يَسُؤْكَ عَلَى فُرْقَاهُمُ نَدَمُ
وَدَعْ أَسَاكَ عَلَى آَثَارِ مَنْ غَدَرُوا
فَالجُرْحُ يَنْزِفُ حِيْنَاً ثُمَّ يَلْتَئِمُ
كَمْ كُنْتُ أَعْذُرُ مَنْ جَافَى وَأَحْفَظُهُ
وَكُنْتُ أَجْزَعُ إِنْ أَوْدَى بِهِ أَلَمُ
فَهَمَّ بِي وَعُيُونُ الكِبِرِ شَاخِصَةٌ
وَذَمّ بِي وَلِسَانُ الحِقْدِ يَنْتَقِمُ
وَكُلَّمَا زَادَ نُصْحِي زَادَ مَعْصِيَةً
وَكُلَّمَا عَادَ عَفْوِي عَادَهُ السَّقَمُ
تَعِفُّ نَفْسِي عَنِ الإِسْفَافِ تَكْرِمَةً
فَمَا تَرُدُّ عَلَى فُحْشٍ وَتَحْتَشِم
ويقول في شخص بادي الفسوق ومجاهر بالمعصية (في فتوى فاسدة عن علم):

إِخْسَأْ بِرَأْيِكَ أَيُّهَا المُتَوَانِي
ثَمِلاً بِكَأْسِ الجَاهِ وَالسُّلْطَانِ
فَتْوَاكَ عَنْ غَرَضٍ تُرَدُّ فَلا بِهَا
أَنْصَفْتَ دِيْنَاً أَوْ وَصَفْتَ الجَانِ
لَوْلا خَشِيْتَ اللهَ فِي أَحْكَامِهِ
لَكِنْ أَضَلَّ القَلْبَ طَمْسُ الرَّانِ
كَيْفَ اجْتِهَادُكَ يَا نَصِيْرَ ضَلالَةٍ
فِي الْمُحْكَمِ المَنْصُوْصِ فِي القُرْآن
أمّا من كان غافلا مجاهرا بالمعصية فيقول فيه:

هِيَ الحَيَاةُ سَرَابٌ لا رَوَاءَ بِهِ
وَلَوْ حَبَتْكَ كُنُوزَ الدُّرِ والحَشَمِ
لَذِيذُ عَيْشِكَ مَهْمَا طَالَ لَيسَ لَهُ
إِلا الفَنَاءُ وَمَهْمَا طَابَ كَالحُلُمِ
تَجْرِي عَلَيكِ يَدُ الأَقْدَارِ نَافِذَةً
فِي صَفْحَةِ اللَّوْحِ مِمَّا خُطَّ بِالقَلَمِ
وَكُلُّ خَفْقَةِ قَلْبٍ فِيكَ تَسْمَعُهَا
يَسْرِي بِكَ المَوْتُ مَسْرَى الرُّوحِ فِي الأَدَمِ
كَمْ ظَنَّ قَبْلَكَ مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ مَلِكٍ
بَأَنْ تَدُومَ لَهُ الدُّنْيَا فَلَمْ تَدُم
يَا مَنْ يُسَوِّفُ عِنْدَ اللهِ تَوْبَتَهُ
احْذَرْ فَإِنَّ رَسُولَ المَوْتِ غَيرُ عَمِي
مَاذَا تَقُولُ لِرَبٍّ جِئْتَهُ ثَمِلاً
وَلَمْ تُصَلِّ لَهُ يَوْمَاً وَلَمْ تَصُمِ
مَاذَا تَقُولُ وَعَينُ الذُّلِّ صَاغِرَةٌ
وَفُوكَ يُخْتَمُ لا يَقْوَى عَلَى الكَلِمِ
فَدَعْ غُرُورَكَ بِالدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
وَعُدْ لِرَبِّكَ بِالطَّاعَاتِ وَاسْتَقِم
وبهذه الكلمات الطاهرة أختم هذا الحديث -مضطرا رغم وجود الكثير الكثير والمزيد المزيد- عن أخي الدكتور سمير العمري، سائلا الله له التوفيق وخير الجزاء، في الدنيا والآخرة.

http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?name=News&file=article&sid=209

نداء غريب صبري
22-10-2012, 07:54 AM
قراءةٌ في بيتين من قصيدة "ابن قلبك"

بقلم : عمار محمد الخطيب


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه..وبعد :
يقولُ الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ " (1) ، وفي الحديثِ أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ من الشعر حكمة " (2).
إنّ القارئ في نصوص الدكتور سمير العمري يقعُ على شعر مليءٍ بـ" الحكمة " ، حتى لتحسبُ – لوفرة الحكمة في شعره – أنّ صاحبنا قد بلغ من الكبر عتيّا!
والدكتور سمير نعرفه من خلال شعره شاعرا ومفكرا وحكيما ، فكما نلاحظ في شعره جزالة اللغة وبراعة التصوير ودقة التعبير…فإننا نلاحظ أيضا رجاحة العقل واتزان الفكر ونضوج الحكمة ، ولا نبالغ أبدا إذا خلعنا على الدكتور لقب الشاعر المفكر والشاعر الحكيم ، ومن اطّلع على أشعاره يدرك أننا لا نرسلُ القولَ على عواهنه.

يقول شاعرنا في قصيدته التي يرثي بها والد الدكتور جمال مرسي – رحمه الله – :
فيابْنَ هَدْي رسول الله محتسبا ** أحسن عزاك فخير الصبر في الجزع
والموتُ خير لسانٍ قال موعظة ** مهما أذاقك من صابٍ ومن سلع

" فيابْنَ هَدْي رسول الله محتسبا "
يخاطبُ شاعرنا في هذا البيت مَنِ ابتلاه الله - سبحانه وتعالى - بفقد حبيبٍ أو فراقِ عزيز... فينادي المُنادَى بــ " ابن هدي رسول " ، ولنا أن نتأمّل وقعَ هذه العبارة على الأذن والقلب...ذروة الرقة والملاطفة والمؤانسة ، فكأنّ الشاعر أراد البدءَ بها لتسلية المُخاطَبِ وتهيئته نفسيا قبل وعظه وإرشاده...
كان بوسع شاعرنا أن يقول : " يا من فقدتَ حبيبا ، اصبر واحتسب..." لكنّه هنا يراعي الحالة النفسية للمتلقي... فيذكّره أولا بأنه ابنُ هدي رسول الله تهدئة لنفسه وبعثا للطمأنينة في قلبه...فهي إذًا – إن صحّ التعبير – جُرْعَةٌ مُسَكّنَةٌ للآلام...وشرابٌ مهدئٌ للأعصاب...
ثم بعد ذلك نجده لم يقل : " إن كنتَ ابن هدي رسول الله فاحتسب " بل نراه يُوفّق في إيصال ما يريدُ بأسلوبٍ يذوبُ رقة وجمالا...يقولُ :
" فيابْنَ هدي رسول الله محتسبا " أي : حال كونك محتسبًا...
فبعد أن هدأتِ النفسُ واطمأنّتْ – ولو قليلا – بــ : " ابن هدي رسول الله "...يستيقظ المُخاطَبُ من ذهوله على صوتِ " محتسبا "!
تلميحٌ ذكيّ...وموعظةٌ رقيقة بأسلوبٍ غير مباشر ، مراعاة لحال المخاطَب من ذهول وغفلة وشَجَنْ...

" أحسن عزاك فخير الصّبْرِ في الجزع "
أيها المُبْتلَى إذا أردتَ أن تعزّي نفسكَ بما يخففُ عنها آلامها وأشجانها...فعزّها بالصبر....فإنّ الخيرَ كلّ الخير في الصّبرعند حلول المصيبة...
ولعلّ سائلا يسألُ هنا : لكنْ لماذا لم يُصَرّح الشّاعر بذكر " المصيبة " بل نجده قد ذكر أثرها ، أو ما يمكن أن يكونَ ناتجا عنها...فما السّر يا ترى في لفظة " الجَزَع "؟!
نقول : الجزعُ هو : نقيض الصبر كما يقول صاحب لسان العرب (3) ، والجَزَعُ عادةً ما يكونُ عند الصّدمةِ الأولى!
فكأنّ شاعرنا أراد - بإيراده هذه اللفظة - أن يُذَكّر المُمْتَحَن بأنّ صدمة المصيبة قد تدكّ أسوار صبره...وتُزَعْزِعُ حصونَ إيمانه...فيتحول حزنُه الممضّ في هذه اللحظات العصيبة إلى جزع...ولذا رأى شاعِرُنا أن يُذكّر المُصَابَ بأنّ الصبرَ الذي يُحْمَدُ عليه صاحبه...ويثابُ عليه فاعله بجزيل الأجر هو ما كان عند الصّدمة الأولى.
وهذا مصداق ما جاء في الحديث الصحيح أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم
قال : " الصّبْرُ عندَ الصّدمةِ الأولى " (4).
ولا يخطرنّ على بالكَ – أيها القارئ الكريم - أنّ القافية ألجأتْ شاعرنا لاستخدام لفظة " الجزع " دون سواها! فهذا الاحتمال بعيدٌ جدا...بل لا أراهُ صحيحا البتة ، ونحن نعلمُ علم اليقين أنّ شاعرنا القدير يمتلك معجما واسعا من المفردات...ولذا فإنّ القافية طوعُ بنانه في قصائده.

" والموتُ خير لسان قال موعظة ** مهما أذاقك من صاب ومن سلع "
حكمةٌ جليلة صُبَّتْ في قالب شعريّ مبهر...يقول الشاعر مخاطبا المُبْتلى :
كفى بالموتِ واعظا لك!
فالإنسان مهما استمع إلى وعظ الوعّاظ - وإن كانوا أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء -...فإنه لا يجد نفس الأثر الذي يجده عند هذا الواعظ الأصم الأبكم (الموت)!
ولذا يقولُ الرسول صلى الله عليه وسلم : " أكثروا ذكر هاذم اللذات " بالذال المعجمة : أي قاطعها (5) .

" مهما أذاقك من صابٍ ومن سلع "
مهما جرّعَكَ الموتُ غُصَصَ الحزنِ والأسى...فلا تُلْهينّكَ أشجانك عن سماع موعظةٍ بليغةٍ تحاسبُ بها نفسك...وتذكّرها بأنّ مصيرَها الفناءُ أيضا!
والشّاعرهنا يشبّه مرارة الأحزان والآلام التي يتجرّعها مَنْ ابتُليَ بفقد حبيبٍ بمرارة شجر الصّاب والسّلع...
ثمّ لعل في ذكر الصّاب والسّلع (المرارة الحسّية) إشارة إلى أنّ الحالة الوجدانيّة
للمفجوع قوية ثائرة...يضطرب لها كلّه جسما ونفسًا...
فاللقمة الشهية قد تصير في فم المحزون علقما...!
ولعل قائلا يقول : لا أرى فائدة في ذكر " السّلع " بعدَ " الصّاب "...فكأنّه حشو!
نقول : يا أخانا الكريم ، وهل كلامُ البلغاء يتكرَّرُ عبثًا ؟!
صحيحٌ أن اللفظين مختلفان والمعنى واحد (المرارة)...لكن ألا ترى معنا بلاغة التأكيد
في كلمة " السّلع " وما تُحْدِثه من زيادةٍ في تقرير المعنى في ذهن السامع وتثبيته ، فشاعرنا يريد مِنْ سامعه أن ينظرَ للموتِ نظرة اتّعاظ واعتبار...مهما أذاقة الموتُ من صنوفِ الغصص والمرارات...
ثمّ إنّ في ذكر ضربَيْنِ من الشّجر المرّ إشارة إلى أنّ درجات الانفعال تختلف من شخصٍ لآخر...
فمرارة الأحزان والآلام قد تكونُ صابا عند البعض...وسلعا عند البعض الآخر...وهكذا بحسب درجة الانفعال.
ولعلنا أيضا في نهاية رحلتنا العُمَرَيِِّّة هذه نتأمل اختيار شاعرنا لــ "قافية العين" التي جاءت مناسبة لجوّ القصيدة الحزين بتأثيرها الموسيقيّ الفاجع...فنراها قد ألقتْ بظلالها الحزينة على جوّ القصيدةِ المفعم بالشّجن واللوعة.

(1) سورة البقرة ، آية رقم 269
(2) رواه البخاري في كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه.
(3) انظر : ابن منظور : " لسان العرب " - مادة (جزع).
(4) رواه البخاري في كتاب الجنائز ، باب الصبر عند الصّدمة الأولى.
(5) انظر : المباركفوري : " تحفة الأخوذي بشرح جامع الترمذي " (6 / 594)

نداء غريب صبري
28-10-2012, 04:26 PM
وبمناسبة عيد الأضحى المبارك ..
مع رائعة جديدة للدكتور سمير العمري ..
سيد الخلق ..

ومن إخراجي ..
عصام ميره


http://www.youtube.com/watch?v=XH0DRxAShkU

نداء غريب صبري
28-10-2012, 07:23 PM
تداخل المشاهد وتقنية المونتاج في قصة العمري (استبدال)

لعل الدارس لفن السينما يعرف بادئ ذي بدء كيف يتم تقطيع المشاهد وتوصيلها ، وبث المفيد منها وحذف الزائد ، والحفاظ على الفكرة العامة للمشاهد ، ويتعلم معها كيف يدمج خطين متوازيين من الأحداث ، بحيث يسير الحدث الأول في اتجاه ، مواز لخط الحدث الثاني فالثالث فالرابع ، لنصل الى نقطة التقاء الخطوط ببعضها ، في لحظة التنوير ، حين نكتشف أن ضابط الشرطة الذي ظهر في المشهد الأول سيقابل ابنة المليونيرالتي ظهرت في المشهد الثاني ليتم اختطافها على يد البلطجي الذي ظهر في المشهد الثالث وتبدأ خيوط القصة في التفكك ، وكلما ازدادت تشابك الخيوط كلما اقتربت الذروة واقتربت معها أكثر كلمة النهاية .
والمونتاج هو العنصر المميز للغة السينمائية ، وقد ارتبط باسم غريفث الذي استخدم اسلوب الانقاذ في آخر لحظة .
ولأن الصورة هي التعبير الأول والأكبر عن الحدث ، بحيث صارت الصورة أكثر قدرة على التعبير عن جملة أحداث ، فاننا نعترف بدور السرد في صناعة المشهد ، ونعترف أيضاً ، أن ما يبنيه السرد في عدة صفحات يعبر عنه مشهد واحد .
يقول الأستاذ : ليث الربيعي :
"أما الحكائي فهو فوق سينمائي ما دام يتضمن المسرح والرواية والسينما والأحداث اليومية، أي أن أنظمة الحكي ظهرت قبل وجود السينما، فالسينمائي إذا خاص، تقني، نتج عن التطور التكنولوجي، أما الحكائي فهو عام، سابق، متعدد، إنساني، حاضر في كل الأزمنة والأمكنة، أي انه عبر تاريخي وعبر ثقافي "
"- مدخل الى تقنيات السينما : محمد زغبي
استبدال العمري كانت واحدة من هذه المشاهد ، المترابطة والمتباعدة في آن ، مترابطة في التصاقهما معاً في ذروة المشهد ، ومتباعدان في خلفياتهما الثقافية والفكرية والبيئية .
المشهد الأول :
"لم يعرفْ كيفَ خرجَ منَ السوقِ ينتَهِبُ الخُطواتِ نَهبًا مُتلفِّتًا ورَاءَهُ بَينَ الفَينةِ والفينةِ في جَزَعٍ كَبيرٍ. شَعرَ بِأنَّ عَرَبتَهُ المُزيَّنة َهَذهِ تَتَآمرُ عَليهِ بِثِقَلهَا الذِي يكادُ يَقطعُ أنفَاسَهُ ، وَبِصريرِ عَجَلاتِهَا الذي يَكادُ يَشِي بِهِ ، وَلِلمرَّةِ الأولى شَعرَ بِمَقتِهِ لَهَا فَتوقَّفَ عن دَفعِهَا وَجَمَعَ مَا عَليهَا منْ مُجوهراتٍ في صُرَّةٍ، ثُمَّ مدَّ يدَهُ إلى تلكَ يُخْرجُهَا من مَخبَئِهَا يَلفُّهَا بِثوبِهِ وَيحملُهَا بينَ يديهِ بِحِرصٍ وَعِشقٍ قَبلَ أنْ ينطلقَ رَاكِضًا لا يلوِي عَلى شَيءٍ. أَغلقَ بابَ غُرفَتِهِ المُتهالِكَةِ وَتهاوَى بِهَا إِلى أَرِيكتهِ القَديمةِ يُجاهدُ أَنفَاسَهُ المُتلاحقَةَ، يَنْظُرُ إِليهَا تَارَةً يَكادُ يَلتَهمُهَا، وَإِلى البَابِ أُخرى خَائفًا يترَقَّبُ."
ولو أردنا الدقة ، لقلنا أنه المشهد الأخير ، أو هو الأول والأخير في آن ، الأول من حيث الترتيب المكاني في القصة\الفيلم والأخير من حيث الترتيب الزماني والحكائي في الحدوتة ،
هنا يستخدم العمري أسلوباً آخر من أساليب السينما ، عندما يستخدم الكاميرا المتجولة traveling
لتتحد عين الراوي مع عين الكاميرا لتنقل لنا مشهداً ما .
لتقريب الصورة أكثر هي كاميرا ثابتة تتحرك على قاعدة ، تنتقل مع البطل \ البائع المتجول ، تدخل معه منزله ، لتصور لنا مشهداً داخلياً ، بعد أن تابعته خارجياً ، وهو يعدو عبر السوق ، ليدخل منزله وينظر الى ما يحمل بين يديه – غنيمته التي فاز بها ، تلك الجوهرة الثمينة التي لم نعرف كنهها في المشهد الأول حين نقرأه لكنا يقيناً سنعرف لو رأيناه .
الآن تنقلنا التقنية الثانية عبر الفلاش باك الى المشهد التالي مكانياً والأسبق زمنياً :
"أَخرجتْ اعْتِمَادٌ صُندوقَ المُجوهراتِ المُزَركشِ الذِي وَرِثتهُ عن جَدَّتِها الثَّريَّةِ تبحثُ فيه عمَّا تَتَزيَّنُ بهِ في حَفلةِ عِيدِ مِيلادِهَا الذي اعتَادتْ أنْ تُقيمَهُ بَاذخًا وَتدعُو إليهِ الكثيرَ ممَّنْ يُشبِعوَن لَهَا شَهِيَّتَهَا لِلمَديحِ. صَاحتْ تُنادي الخَادمَةَ دونَ أنْ تلتفتَ عن المرآةِ تَسألُهَا عن رَأيِهَا في القِلادَةِ وَهِيَ تَتَحَسَّسهَا عَلى جِيدِهَا بِبَعضِ امتعاضٍ. أدركتِ الخادمَةُ الماكِرةُ بِخُبْثِهًا المَوقِفَ فأَسمعتْ سَيدتَهَا مَا كَانتْ تُريدُ، ثُمَّ اقترَحتْ أَنْ تَخرجَ بِصُحبتِهَا إلى السوقِ فَتَسْتَبدِلَ بِهَا قِلادةً حَدِيثةً تَلِيقُ بِهَا وتُناسبُ عصرَهَا وَتُبعدُ عنهَا هذا الشُّعورَ بِالتَّبعِيَّةِ وَالاخْتِنَاقِ."
وكما قادنا المشهد الأول لنتعرف على بائع الخردة المفكك المتردد الخائف الذي يخالجه شعور باللهفة والرغبة ويختلطان مع خوفه وتردده ، دون أن نتعرف مزيداً على كنهه وكنه الكنز الذي يقبض عليه في يديه ، يقودنا المشهد التالي الى حدث هو الأسبق زمنياً ، ليعرفنا على البطل الموازي \ البطلة ، التي تدعى اعتماد
على النقيض من الأول ، اعتماد تملك كل شيء ، صندوق مجوهرات مزركش ، وخادمة ، ورفاهية في العيش ، لكنها تشترك مع الأول في شعور بالضيق والاختناق ، ورغبة في التحرر والتجربة والخروج عن المألوف .
البطل المساعد هنا هو الخادمة ، وجملة تصرفات غير مفهومة من الوهلة الأولى : نفاقها ، نصائحها الغريبة لسيدتها ، وقدرتها العجيبة على التأثير في سيدتها مهما كان اقتراحها غريبا أو مكلفاً .
وباستخدام تقنية المونتاج وتقطيع المشاهد تعود بنا الكاميرا مرة أخرى الى الحدث الأول : البائع المتجول
لنكتشف أن الحدث الأول يسير أمامنا في الوقت الراهن – يدور حالياً ، أما الحدث الثاني –خط سير اعتماد ، فانه يدور في فترة سابقة ، لتلتقي نهايته ، مع بداية الأول .
"هدَأَتْ أنفاسُهُ قليلا وَشعرَ ببعضِ اطمئنانٍ فَمَدَّ يَدَهُ الوَاجفةِ نَحْوهَا لا يَكادُ يُصَدِّقُ أَنَّهَا هُنا أَمامَهُ ينظُرُ إليهَا. كَانَ جَمالُهَا أَخَّاذًا وَبريقُها يَسْحرُ الألبابَ. تَأَمَّلَ بِشغَفٍ كُلَّ تلكَ النفَائِسِ التِي تَزِيدُ ألقَ جُرْمِهَا الصَّقيلِ بَهَاءً وَهَيبةً. كانتْ من أجملِ مَا رأَى في حياتِهِ وَأثمنِ مَا مَلكتْ يدَاهُ، فَابتَسمَ لهَا أخيرًا وهوَ يتمنَّى في سرِّهِ أنْ تكونَ لهُ دونَ مُنازعٍ فَتُغيِّرَ حَيَاتَهُ كُلَّها ، وَتمسحُ عن كاهلِهِ كلَّ عَناءٍ عَاشهُ مُنذُ وَلَدتُهُ أُمُّهُ"
الحدث الأول يستمر ، البائع المتجول الذي حصل على جوهرة ثمينة يضع عليها أحلاماً يتمنى أن تتحقق ، وعناء يتمنى أن يزول معها ، وكرب لازمه طوال حياته يرجو زواله بقدومها .

ويستمر الحدث الثاني ، بترتيب مربك ولكنه محترف ، فهو ورغم أنه جاء في زمن سابق ، الا أن المشهد الذي يليه كان يسبقه مباشرة ، في المشهد الأول لاعتماد كانت جدتها متوفية ، وفي المشهد الثاني لاعتماد كانت تستحضر أيضاً ذكرى جدتها على قيد الحياة ، قسوتها وتسلطها –كما تراها – وهي في حقيقة الأمر لم تكن تدعوها الا لخير وحق ، حين كانت تذكرها أن قيمة الانسان في ذاته لا في ماله أو سطوته .
الجدة تسرح خادمتها ، تتوفى ، فتسارع اعتماد الى اعادة الخادمة – التي تمثل الجانب السيء فيها ، وانغمست في حياة اللذات والضياع ، الى أن جاء اقتراح الخادمة الذي عرفناه في المشهد الأول لاعتماد : أن تستبدل العقد الثمين بحلية رخيصة أخرى !
الآن نقطة التعادل كما نسميها في علم الاقتصاد ، نقطة الالتقاء في لغة السينما ، الذروة في لغة القصة ، حين يلتقي المشهدان ، ويلتقي الخطان ، فتلتقي اعتماد بالبائع المتجول لتعرض حليتها الثمينة وتطلب استبدالها بأخرى أرخص ثمناً بكثير
" أمْسكَ بالقِلادَةِ يُقلبُّهَا بينَ يديِهِ وَقَدْ أَذْهَلَتهُ بِثِقَلِها وَدِقَّةِ صُنْعِهَا. كَانتْ مِنَ الذَّهَبِ الخَالصِ زَيَّنتهَا فُصُوصٌ من عَقِيقٍ وَزُمُرَّدْ تَتَوَسَّطُهَا مَاسَةٌ كَبيرةٍ بِنَقشٍ فَريدٍ. لمْ يكُنْ لِيُصدِّق مَا يسمعُ مِن عَرْضِ اعتِمَادٍ - أَو مُودِي كَمَا تُحِبُّ أنْ تُنادَى – أَنْ تَستَبدِلَ بِهَا بَعضِ قَلائِدَ ممَّا يَعرضُهَا عَلَى عَربَتِهِ. هَزَّ رَأسَهُ بِالمُوافقةِ كَالأبلهِ بَينَا هِي تَنتَقِي مِن بينِ تلكَ المَصُوغَاتِ الصِّينِيَّةِ من سَبَائِك ذَهَبٍ رديءٍ قَد زَيَّنتهَا قِطَعٌ مِنْ لُؤلُؤٍ مُصنَّعٍ ومزخْرفٍ بِألوانٍ بَرَّاقَةٍ. شَدَّهَا اخْتلافُ الشَّكْلِ وَبَريقُ القِشْرَةِ ، وَسَرَّهَا كَثيرًا أَنْ تَسمعَ منهُ بِأَنَّها مَنْ يُزيِّنُ الحُلِيَّ لا العَكْسِ، وَأنَّ جَمَالهَا كَبيرٌ وَذَوقَهَا رَاقٍ. وَبَينَ دَهْشتِهَا وَدَهشتِهِ قَدَّمَ لهَا قِرْطًا وَسِوَارَينِ كَهديَّةٍ إِضَافيَّةٍ قَبلَ أنْ ينطلقَ بِعَربَتِهِ فِرَارًا بِمَا غَنِمَ وَتنطَلقَ هِيَ خَلْفَ خَادِمَتِهَا سَعِيدَةً غَانِمَةً إلى حيث اخْتَارتْ أَنْ تَكُونَ."
هو يقلبها بين يديه مذهولاً من روعتها ودقتها وغلائها ، مصدوماً من عرض السيدة التي تقف أمامه ، أتستبدل الحلية الثمينة التي يمكن لها أن تجعل أحلامه كلها طوع يمينه بقلائد رخيصة بالية ليس لها قيمة تذكر
والنتيجة أنهما انصرفا كل سعيد بما فعل ، هي سعيدة بامتلاكها لتلك القلائد الرخيصة ، حين استجابت دون أن تدري لنصائح جدتها ، فاستبدلت الثمين بالرخيص علها تجد نفسها ، ولو أنها دققت في كلام جدتها واستجابت لنصائحها لعرفت منذ البداية أن السعادة ليست بالرخيص أو الثمين انما بالقيمة التي توجد داخلها ذاتها
أما هو فانصرف أيضاً سعيداً ، ظاناً أن امتلاكه للمال يعني امتلاكه للحياة ، ومن يدري لعله يدرك أخيراً أنه كان أكثر سعادة حين كان أكثر فقراً ، أو لعله يجمع بين الأمرين ، فيمتلك السعادة والمال ، وهو لعمري أمر ليس بالسهل أو اليسير ..
انه الاستبدال ، حين يتم بين قيمتين ، وبين علاقتين متباعدتين ، وحالتين مختلفتين ، هي بقصرها العاجي ، وهو بعربته المتنقلة وفراشه الرث ، استبدلت حياتها بحياته ، تبحث عن سعادته وهو يبحث عن مالها ، ولعلهما لا يجدان ما يبحثان عنه وان حاولا ..

انها لحظة النهاية ، في قصة كتبت بعناية فائقة ، فجمعت بين تقنيات السرد الحديثة ، وبين تقنيات السينما المحترفة ، وحملت من الحكمة عبر سطورها ما حملت ، فالتقدير والعرفان للكاتب لما كتب ، ولو أنه أرهقنا ويرهقنا ، فكل قصة هكذا تحتاج قراءة طويلة متعمقة ، وقصصه لا تقرأ أبداً سيراً على البيض ، والا لكان الكل قرأ وعلق ، لكنه حقل ألغام يجب على من يدخله أن يكون متمرساً ، وأتمنى أن أكون قد دخلت وخرجت دون اصابات تذكر ..

تقديري واحترامي

عصام ميره
03-11-2012, 09:40 PM
هذا الفيديو
قصيدة
سيد الخلق
للدكتور
سمير العمري
إلقاء الطالبة المتميزة
إسلام عاصلة
مدارس عرابة
قضاء عكا

وأهدي هذا العمل لها
ولكل الطلبة والطالبات
في فلسطين الحبيبة
فك الله أسرها وأعادها لنا
وطهرها من رجس الصهاينة

http://www.youtube.com/watch?v=j6weMFeL5mU

براءة الجودي
06-11-2012, 10:47 PM
الحمدلله الذي خلق فهدى وأنار القلوبَ بالعلْم ِوالتقوَى , الحمدُلله عددَ ماغرَّد بلبلٌ وصدَحْ وماسبَّح قلبٌ فشُرِح وماتفجَّر نَبعٌ وماطَلَّ نجمٌ وسَبَحْ ,وماجَلْجَلَ حقٌّ وتَزلْزلَ باطِلٌ وانْطَرَحْ , وماأتى صبحٌ وسرَحْ وماأورَقَ غُصنٌ ونَفَحْ ,الحمدلله عدد من صلَّى وصامَ وزار بيتَهُ الحرام ، عدد من تابَ ونَبذَ الخطيئةَ فاستَقَام َ,الحمدلله ذو الجلالِ والإكرامِ , نحَمدُه حمدًا جليلاً ونشكرُهُ شكرًا كثيرًا والصلاةُ والسلامُ على صاحبِ الوجه المنير
والقلبِ الكبيرِ والخيرِ الوفيرِ محمد ابن عبدالله عليه أفضلُ الصلاة وأتمِّ التسليم وعلى صحابته الغُرِّ الميامين المهتدين الطيبين إلى يومِ البعثِ والحسابِ .
وبعد ..
يقول الله تعالى : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
استثنى الله عزوجل فئة صالحة من الشعراء يقتفون أثر الرسل والأنبياء , يحملون هم الدعوة إلى الله فيناضلون ويجاهدون بأقلامهم في سبيل الله ويلقون كلمة الحق فلايخشون في الله لومة لائم لديهم فلاشعارهم وخواطرهم وكتاباتهم رسالة سامية وفكرا منيرا وتوعية للأمة فيذكرونها إن نست وينصحونها إن غفلت وضلت عن الطريق السويِّ .
ومن هؤلاء الدكتور سمير العمري نحسبه والله حسيبه ولانزكي على الله أحدا , فإنَّ له أحرفًا من نورٍ يتهادى نبضها فتختال قصائده بثقة وتكتسي أجمل حلَّة بهية فينبعث منها سحر روحاني وتدفق إيمانيّ, إنه ذالك الشخص الذي يخطو بخطواته نحو الشمس , نحو الضياء , لايعرفُ القهقرى , كالنحل الدؤوب لايكل ولايمل ويهدينا الرحيق الساحر .
"لايعرف الشمس عند الغروب = ويعرفها حين يأتي السَّحر
ويصهر ذا النور حتى يذوب = ويُلقي بها في عيون الزهر"

كأنَّه في ثغر الدنيا ابتسامةٌ وضَّاءةٌ , فؤاده قلعةٌ من الحنين , قد نُحتت في جدرانه رسومات اليقين وغرَّدت حوله عصافير المحبة والشجون ,قلمه لايعرف الزهوف , إن كتب فغيمٌ هاطل , وإنْ ناقش فرش بساط التفاهم والتفاؤل, وإنْ غضب فصل بين الحق والباطل , إنَّهُ وعاءُ الحكمةِ , وبحرٌ أُودِعَ دُررًا , إنه كالبدر منير وحرفه أعذب من شعر جرير , كلامه من الذهب وفي بوحه سرُّ جمال الذكرى وصمود الحاضر وعرس المستقبل ,إنه من يغزل خيوط الأمل حول ضفاف القلب فيطيب قلب المحزون ويُشرق صدر اليائس إنه محيي الهمم داعم الموهب إنه صاحب الصوت النديّ والنداء الحر في سبيل الحق والخير والوطن .

قصائده هي عدةُ مراكب فتارة كغواصة تغوص بنا إلى أعماق البحر فنستخرج الدرَّ والمحار وتارة كصاروخ أو مركبة فضائية فنحلق في السماء ونتخذ من الكواكب مقاعدا ونراقص النجوم في أروع أمسية لايكررها التاريخ , وأخرى نجد أنفسنا نهيم مع قصائده في الفيافي والقفار وأخرى ندخل معه إلى أدغال غابة كثيفة ونخوض فيها مغامرات لاتُنسى , فكأنَّ كل تلك القصائد اسطورة خورافية ينبهر بها الصغير والكبير .
ياإخوتي , أرايتم إن ولجتم قصرا ضخما مجهولا لتبحثوا فيه عن كنز فهل يكفي يومٌ أو يومان ؟! بالطبع كلا وإن وجدتموا شيئا من أسرار القصر وخفاياه خلال عدة أيام فقد تكتشفون عجائبا وغرائبا بعد مرور شهر أو شهرين هي تلك قصائد معلمنا سمير كقصر منيف يحوي الكثير والكثير من الكنوز وأولها كنز الفكر والحكمة والقناعة والرضا وهي من أكبر أسباب السعادة , فلنرى بعضا من هذا الفكر الذي تجلى هنا .




مَا انْفَكَّ يَحْزُبُكَ الهَوَى وَيُعَذِّبُ=فَإِلامَ تَرْبَأُ بِالفُؤَادِ وَتَرْأَبُ
تُغْضِي عَلَى الأَلَمِ الأَصَمِّ وَتَجْتَبِي=أَمَلاً عَلَى حَسَكِ الجَوَى يَتَقَلَّبُ
الصَّدْرُ مِنْ نَزَقٍ يَذُوبُ مِنَ الأَسَى=وَالفِكْرُ مِنْ قَلَقٍ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ
قَدْ شَفَّنِي الحُزْنُ النَّبِيلُ بِجَأْشِهِ=فَمَعَارِجُ الرُّوحِ الشَّفِيفَةِ غَيْهَبُ
أحيانًا يكون الحزن والألم سببا لتغذية الفكر فنرى البديع من خمائل الشعر وثماره الناضجة كما رأيناه هنا
فما سبب الحزن الذي تحزب أي صعب واشتدَّ على قلب الشاعر ؟
إنه الهوى وهو أحد مسميات الحب ومراحله الأولى ويعني ميل القلب وسرعة تقلبه لأجل المحبة كما يسرع الهواء التغير من شدة لطافته وصفائه فكذا الهوى والحب كنسيم عليل يُنعشنا فنخفق له
وهنا الهوى الذي عذب الشاعر كأنه ملأ فؤاده فأصبح كالرابية المرتفعة مهما فعل به الهوى من صدوع وشقوق إلا أن ذاك الحب الذي بداخله يلحم الجرح ويصلح كل شق حدث فيه
وهناك ماهو أدهى من الهوى إنه الجوى وهو الهوى الباطني والحب المتمكن الذي يقتل صاحبه , فحينما يدني الجفن على الألم ويخبئه ليختار الأمل فإذ بالأمل يتقلب من حرارة الجوى ويشتوي أو يتقلب هنا قد تكون بمعنى أن الأمل يتلوى من شدة الألم فجعل الجوى حسكا وهي ثمرة خشنة تتعلق بأصواف الغنم وربما تكون شبيهة بالشوك , وهذا مايوحي به لفظ الحسك في حسنا وكأنه شوك ينشب في جلدنا وهنا الصورة أشد إيلاما من عذاب الهوى .
وإضافة إلى ذلك كله فهنا الأسى أيا كان من حب أو غيره لعب دوره في تفاقم الم الشاعر ومعه التفكير الدائم مما يجعله مضطربا قلقا وكانه يذرع حجرته ذهابا وإيابا
هذه كلها عوامل ساعدت على أن يكون حزنه شفيفا نبيلا تجري أدمعنا معها وتتساقط بغزارة واجتاح الظلام روحه وهنا قال معارج الروح وهذه أناقة وذوق رائع في اختيار الألفاظ فكأن الظلام لم يجتاح روحه فجأة وشمله كله مرة واحدة إنما صعد تدريجيا وارتقى درجة درجة من سلم هذه الروح ليخيم عليه الظلام ويشتد السواد وحقيقة هذا يجعل وزن الحزن ثقيلا ومقدار الألم الذي اشعر به هنا كمن يمسك حديدة محمية ويسلخ بها جلد إنسان حي , وهذا الغيهب والعذاب الذي يفطر القلب وتشعر به قلوبنا معه كله بسبب تراكم الأحزان والآلام التي عانها وربما تحفظ بها وكتمها فترة طويلة فأوغلت وأحدثت شرخا كبيرا في أعماقه وحتى وإن أصلحها قد تتجلى الصدوع بعد حين .
وقد نعلق على آخر أمر في هذه الفقرة وهو تسمية الشاعر لحزنه بالحزن النبيل فما يعني نبالة الحزن ؟
وقد اقول كمجرد رأي أن الحزن النبيل لن يكون إلا في شخص صاحب خلق نبيل في الأساس فحينما يعتريه الحزن يرتفع بأخلاقه الراقية فيعفو ويصفح ويكظم الغيظ ويبتسم ويمد يد العون وغيرها من الشيم والميزات فيتألق بحزنه النبيل وقد تكون منه جاذبية غامضة ملفتة للنظر .

مَاذَا أُرِيدُ بِأُفْعُوَانِ مَشَاعِرٍ=إِنْ كُنْتُ مِنْ لَدَغَاتِهِ أَتَحَسَّبُ
وَعَلامَ أَتَّخِذُ الذَّرِيعَةَ جُنَّةً=إِنْ كُنْتُ أُعْضَلُ بِالذِي أَتَجَنَّبُ
أَمَّنْ يَرَى صَمْتَ ابْتِهَالِيَ قَسْوَةً=وَيَرَى الوَفَاءَ إِلَى الخِيَانَةِ يُنْسَبُ
أَمَّنْ إِذَا سَفَحَ الوِئَامَ بَكَى النَّوَى=فَكَأَنَّهُ المَكْلُومُ وَهْوَ المُذْنِبُ
يَا مَنْ تُبَادِرُ بِالثُّبُورِ وَتَشْتَكِي=قَلْبًا عَلَى وَهْمِ اتِّهَامِكِ يُصْلَبُ
لَكِ مِنْ عَنِيدِ هَوَى اخْتِبَالِكِ بَرْثَنٌ=يَفْرِي النُّهَى وَمِنِ اخِتِيَالِكِ مِخْلَبُ
أَبْلَيتِ فِي هَرَجِ الظُّنُونِ رَزَانَتِي=فَكَأَنَّنِي لِقَمِيصِ خَوْضِكِ مِشْجَبُ
جُبِلَتْ عَلَى العِوَجِ النِّسَاءُ وَقَلَّمَا=فُقْنَ الرِّجَالَ وَأَنْتِ أَكْرَمُ أَنْجَبُ
فَدَعِي الجَهَالَةَ لا يَحُكُّ خَيَالَهُ=مُتَوَجِّسًا إِلا العَلِيلُ الأَجْرَبُ
وهنا مازال الألم ومع لومٌ وعتاب , هنا صورا جميلة ومنها أنه جعل مشاعره كأفعى تلدغه بغتة وماسبب لدغة المشاعر له ؟
وهذا يعطينا جوابا بديهيا فلابد من حوادث ومواقف جراء خيانة أو غيرها مع اقارب أو أحباب أو أصحاب كنَّ لهم مشاعر ود وإخلاص وخبأها لهم فكانت أن لدغته تلك المشاعر ذات يوم
وصورة أخرى رائعة وجميلة وهي ( أمن إذا سفح الوئام بكى النوى = فكأنه المكلوم وهو المذنب )
وهذه حقيقة تحدث كثيرا في الواقع فهناك من يتسبب في قتل الوئام فإذا ابتعد عنه من كانوا يعزونه بكى بعادهم وبات مكلوما يندب حظه وينعي وقد يشكو بأنهم تسببوا في قطيعته بينما هو المذنب الحقيقي
ولربما المثل الدارج قد ينطبق على شئ من ذلك وهو مايقولونه ( ضربني وبكى سبقني واشتكى )
ثم ينتقل الشاعر إلى عتاب خاص للمحبوبة ومن الصور القوية هنا ( لك من عنيد هوى اختبالك برثن = يفري النهى ومن اختيالك مخلب ) تصوير مهيب ولم اقرأ مثله من قبل فكأن هواها العنيد المفتون به له برثن وهو نفسه المخلب إظفر السباع الحادة , فمخلب هواها شق عقله أو فتته ( فالنهى ) هو العقل
وصورة أخرى جميلة في هذا العتاب ( فكأنني لقميص خوضك مشجب )
فهنا يتضح لنا أنها تجعل حبيبها كشماعة تعلق عليه الظنون السيئة وتخوض فيما لاداعي له ومايسبب إلا زعزعة الجبل الثابت بينهما أوقد يقطع حبل المودة الثمين
ومع هذا العتاب والألم إلا انه منصف وعادل باعترافه أنها قد فاقت الرجال بخلالها التي ميزتها عن بقية النساء بينما عرف في الغالب على النساء العوج والنقص في العقل أو التسرع في اتخاذ الأحكام والقرارت تبعا للعاطفة ونادرا منهن من تتميز فيوزن عقلها بعقل ألف رجل , ثم يعود لنصحها وهذا من كمال المحبة وحفظ المودة وجمال العفو التي يتسم بها الشاعر فلا سنصحك إلا من يحبك فهاهو ينصحها
بترك الجهل وماينتج عنه من مساوئ فكثرة الظن والتوجس لايجلب إلا القلق والنكد وغالبا من يكون ذلك من الناس فتفكيره ليس بنظيف


وَلَقَدْ تِخِذْتُ مِنَ السَّمَاحَةِ خِلَّةً=أَعْفُو بِهَا عَمَّنْ يَعِقُّ وَيَعْضبُ
لَكِنْ مَتَى خَدَشَ الكَرَامَةَ قَاهِرٌ=فَالمَوتُ أَرْحَمُ وَالمَنِيَّةُ أَرْحَبُ
إِنِّي لَأُؤْمِنُ بِالحَيَاةِ وَطَبْعِها=وَطَبَائِعُ الأَشْيَاءِ لا تُسْتَغْرَبُ
المَرْءُ فِيهَا تُرجُمَانُ زَمَانِهِ=وَالدَّهْرُ يُخْصِبُ بِالسُّرُوْرِ وَيُجْدِبُ
فَيَغِيْضُ حِيْنًا بِالمَعِيْنِ مُكَدَّرًا=وَيَفِيْضُ حِيْنًا بِالزُّلالِ وَيَسْكُبُ
وهنا تتجلى لنا أخلاق الشاعر من سماحة نفسه وكرمها وتفهمه للحياة وطبائعها وطبائع البشر أيضا فيتماشى مع الأوضاع , ويخبرنا بأن المرء يمثل فكر جيله وقضاياهم وأحداث زمانه فحينما تنقضي القرون ويأتي أجيالا أُخر يدرسون عن جيل سبقهم يفهمون نفسية الكاتب أو اي حياة شخص من ذلك الجيل الماضي بالقضايا والأحداث التي وقعت في ذاك العصر القديم .
ومن الصور الرائعة هنا الرقيقة التي لاتخلو من ذلك الحزن ( والدهر يخصب بالسرور ويجدب )
رااائع التصوير هنا فكأن السرور ماء وكأن الدهر أرض يرويها وبطبيعة الحال وتقلب الأحوال يكون الجدب والقحط هو حال الدهر في أعوام أخرى أي خاليا من السرور كئيبا مثقلا بالغموم والهموم
والبيت الأخير هنا يصور لنا حال ايام الحياة الدنيا التي يعتريها الكدر فنشعر بنقصها وبهوتها وأحيانا يعم الخير الآتي لنا ويزيد .

كَأْسٌ تَدُورُ عَلَى النُّفُوسِ كَمَا الرَّحَى=تَسْقِي الوَرَى مِمَّا يَمَرُّ وَيَعْذُبُ
وَلَكَمْ دَعَتْنِي لِلشَّرَابِ عَلَى القَذَى=فَنَهَيْتُ نَفْسِيَ وَالخَلائِقُ تَشْرَبُ
عَفَّتْ وَغُصَّ الآخَرُونَ بِنَخْبِهَا=سَكْرَى وَفِي ثَغْرِ السَّفَاهَةِ مِذْرَبُ
لا يَعْرِفُونَ مِنَ الكَرَامَةِ وَالنَّدَى=إِلا كَمَا عَرِفَ القَنَاعَةَ أَشْعَبُ
وَأَنَا الذِي أُقْرِي الطُّمُوحَ إِلَى العُلا=نَفْسًا تَتُوقُ وَمُهْجَةً تَتَوَثَّبُ
لا أَشْتَكِي بَأْسَ الزَّمَانِ وبُؤْسَهُ= أَوْ أُنْكِرُ الأَيَّامَ فَيمَا تَكْتُبُ
إِنْ كَانَ مِنْ قَدَرٍ عَلَيَّ مُسَطَّرٍ = مَا كُنْتُ يَوْمًا بِالذِي يَتَهَرَّبُ
أَوْ كُنْتُ يَوْمًا بِالقَنُوطِ مِنَ الوَرَى=وَبِأَنْ يُزَفَّ الحَقُّ حِينَ يُخَضَّبُ
الحياة الدنيا هي بالفعل كأس تدور كالرحى على كل إنسان فيسقى من حلوها ومرها
ولعلني هنا أتذكر قول أحد الشعراء ولاأعلم ماسمه :
ومن يذق الدنيا فإني طعمتها = وسيق إلينا عذبها وعذابها
فماهي إلا ضيعة مستحيلة = عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها = وإن تجتذبها نازعتك كلابها
ومن هذه الأبيات يتضح الكثير من هذه النفس التقية النقية الأبية التي تتورع وتصون النفس وتحفظها عن كل مايعيبها وتجاهد في إصلاحها , نفس قنوعة تسعلى إلى سلم المجد فترتقيه , نفس لاساخطة ولا جازعة بل مؤمنة وراضيه بما يكتبه الله ويقدره لها وهنا تبرز حكمة الشاعر ويقينه وإيمانه العميق لأن المؤمن العارف بربه كما عرفه الأنبياء والصحابة يعلم أن مامن مصيبة تصيبه إلا هي حكمة من الله وخير له قد لاتتجلى له في حينها فعلم الشكوى والاعتراض وهو يبتسم ينتظر الخير من ربه ويصبر على مايبتليه به محبة له واحتسابا للأجر وهذه تزيد من نبل المرء وإميانه وارتفاعه بشميه
بل قد اقرأ هنا ارتقاء ورقي في الشخصية واختلاف فكر الشاعر عن غيره وترفعه عن كثير من الأمور السطحية وإعراضه عن الترهات والسفاهات التي يغرق في وحلها عوام الناس فيُغصون بنوائبها ودواهيها وذلك لعلو نفسه وعزيمته المتوقدة ,وهنا قد تنشا عقدة الاختلاف في كثير مما يميز الشاعر عن البقية والله أعلم.
( لايعرفون من الكرامة والندى إلا كما عرف القناعة أشعب )
والله ضربة قوية بطريقة مهذبة راقية , كيف لهؤلاء الراكضين وراء الدنيا الشاربين من خمرها المستكعين في نواحيها الذين عبدو الدرهم والدينار وشحت أنفسهم وذُلوا لغيرهم بل قد يسجدون للآخرين ترجيا من أجل مصالح ومناصب لاترفع من قدر الإنسان ولاتنقص إلا في نظر الرعاع , هؤلاء كيف بالله يعرفون معنى الكرامة والعزة والشهامة والكرم ؟
وهم تماما مثل أبو العلاء المشهور بأشعب الطماع وله من النوادر المضحكة عن طمعه ودهائه وحيله , فإن عرف أشعب معنى القناعة والرضا بما قسم الله له حينها هم يسعرفون المعاني المذكورة أعلاه .

وهنا في قوله ( وبأن يُزفُّ الحق حين يخضب ) جدا راائعة راائعة والله
فكلنا يعلم أن العروس ليلة زفافها كالوردة المتفتحة تزداد جاذبية وجمالا وحينما تُزف تظهر على الجميع ويديها مخضبتين بنقوش الحناء
كذلك الحق حينما يظهر ويعلو على الباطل الذي قد يكون سببا في تخضيب الحق بالدماء
حينها يُزف الحق فيبدو كالعروس يتطلع لمرآها الناس فيبين الحق ويعرفه الجميع .

لا مُسْتَحِيلَ يَقُضُّ مَضْجَعَ هِمَّةٍ=مَا جَالَتِ الرُّؤْيَا وَجَلَّ المَأْرَبُ
وَالحُرُّ يَأنَفُ مِنْ حَيَاةِ مَذَلَّةٍ=وَيَضجُّ مِنْ ظُلْمِ الأَنَامِ وَيَغْضَبُ
يَا لِلمَوَاطِنِ كَمْ تُعَذِّبُنَا بِهَا=فِي الحَادِثَاتِ وَكَمْ بِنَا تَتَعَذَّبُ
بَعَثَتْ لَهُ فَوضَى الجِرَاحِ وَخَمَّنَتْ=أَنَّ الرِّعَاعَ هُمُ الرَّبِيعُ المُعْشِبُ
وَاسْتَبْدَلَتْ حُمُرَ البِلادِ بِثَوْرِهَا=حَتَّى افْتَرَى مَوتٌ وَأُفْسِدَ مَذْهَبُ
هَلْ نَشْتَكِي ظُلْمَ الزَّعَامَةِ للوَرَى؟=لَلصَّمْتُ عَنْ تِلْكَ الْمَظَالِمِ أَعْجَبُ
أَمْ نَشْتَكِي سُمَّ العَقَارِبِ في الضُحُى؟= فِي اللَيْلِ مِنْ سُمِّ الأَقَارِبِ نُعْطَبُ
دِنْ بِالحَقِيقَةِ لا تُخَاتِلْ بِالهَوَى=وَاجْعَلْ ضَمِيْرَكَ لِلخَلاقِ يُهذِّبُ
فِيمَ التَّقَلُّبُ فِي النِّفَاقِ تَجَمُّلاً=وَالصِّدْقُ أَنْجَى لِلقُلُوبِ وَأَطْيَبُ
كَيفَ السَّبِيلُ إِلَى ثَقَافَةِ أُمَّةٍ=لا الأُمُّ تَفْقَهُ مَا تَقُولُ وَلا الأَبُ
وَبِأَيِّ مَجْدٍ نَحْتَفِي وَكَرَامَةٍ؟= إِنْ كَانَ فِي الخُلُقِ القَوِيمِ تَذَبْذُبُ
وَبِأَيِّ قَصْدٍ نَرْتَقِي بَينَ الوَرَى=إِنْ يَخْنَعِ البَازِي وَيَزْهُ الأَرْنَبُ
القَومُ لا يَبْنُونَ صَرْحَ حَضَارَةٍ=إِنْ كَانَ ذَا يَلْغُو وَذَلِكَ يَلْعَبُ
وَالجُهْدُ لا يُرْسِي دَعَائِمَ دَوْلَةٍ=يُهْجَى بِهَا لَيثٌ وَيُمْدَحُ ثَعْلَبُ
أَلْبَسْتُ مِصْرَ التَّاجَ دُرَّةً أُمَّةٍ=وَادَّارَكَتْ مَجْدِي دِمَشْقُ وَإِدْلِبُ
وَأَهِيمُ بِالأُرْدُنِّ دَارَ أَصَالَةٍ=وَأَحِنُّ فَخْرًا لِلعِرَاقِ وأَنْصَبُ
وَأَتُوقُ لِليَمَنِ الأَبِيِّ وَشَعْبِهِ=وَأُسَرُّ بِالسُّودَانِ وَهْوَ مُطَنَّبُ
والأَهْلُ فِي أَرْجَاءِ تُونِسَ سَاعِدٌ=وَعُمَانِ مَعْ دُوَلِ الخَلِيجِ المِنْكَبُ
وَتَجِلُّ فِي عَينِي الجَزَائِرُ قُرَّةً=وَيَجُولُ فِي صَدْرِي المُحِبِّ المَغْرِبُ
وَجَرَتْ فِلِسْطِينُ الحَبِيبَةُ فِي دَمِي=وَبِمُهْجَتِي البَلَدُ الحَرَامُ وَيَثْرِبُ
هنا ينتقل الشاعر لأحداث وأحوال عامة للأمة
فقبلها يبين لنا أن لاشئ مستحيلا على الإنسان الذي لديه همة عالية دام أنه تأنى ودرس اهدافه جيدا ويعرف مايريد بالضبط ليس هناك مايمنعه عن مقاصده السامية التي تجلت له وسعى لتحقيقها
وهذا البيت يدفع الجميع لأن يراجعوا أنفسهم ويرون ماذا أنجزوا وماذا قدموا لمجتمعهم وأمتهم ولو بالقليل فسمة المؤمن أن يسعى للخير دوما وتنشط همته وخير مانسعى إليه رضا الله والرغبة في الجنة
كما أن الإنسان الحر يسعى دوما للعزة والمجد حتى وإن أجبروه على خفض راسه وحاولوا إذلاله فهو قوي بقوة إيمانه ويعزه الله بالحق , وطبيعي أن الإنسان يصاب بالغبن والقهر والغضب من الظلم , السوم من أشد أنواع الأذى وقد حرم الله الظلم على نفسه فما بال بني آدم لايعون حرمته ؟
قد غلبهم الشيطان وأعمى بصائرهم وجعلهم يرتكبون كل كبيرة ويفعلون كل رذيلة , وبهذا يحدث الفساد والوباء والفوضى العارمة فتتعذب بنا الأوطان ونتعذب بها وكل منا يجني على الآخر وتشتعل شرارة الشحناء من حسد وحقد وضغينة ناهيك عن لدغات الاقارب والغرباء والأعداء وكأن المسلمين لم يتعظوا لما يصيهم وفي كل مرةةتتجدد الجراح نفسها وتتكرر, في زماننا هذا قد استبدل الناس الذي هو أدنى بالذي هو خير وهو كما اشر إليه شاعرنا الكريم ( وَاسْتَبْدَلَتْ حُمُرَ البِلادِ بِثَوْرِهَا=حَتَّى افْتَرَى مَوتٌ وَأُفْسِدَ مَذْهَبُ )
اصبح النفاق والخداع صفة في الغالبية ليصلوا بها إلى مرادهم ومقاصدهم الدنيئة واتخذوا اللؤم والكذب لهم طبيعة وليس هناك اجمل من الصدق الذي يكون فيه النجاة كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
والصفات السابقة تفسد القلوب والعقول , فاسعى ايها الإنسان نحو الحقيقة لمعرفتها واقترب منها وتحلى بالأخلاق الكريمة والتعامل الحسن مع سائر الناس البر والفاجر ودع عنك اتباع اهوائك وخداعها لك فإنك إن اتبعت هواك ستقع في هاوية إلا أن تتداركك عناية الله ورحمته .
وبعد كل هذه الحالات التي تتحدث عن واقعنا المرير , كيف لنا بعد نريد المجد والاحتفاء بالكرامة وفي أخلاقنا تذبذب وتنافر فلم نثبت على درب الاستقامة , وبأي مقصد حسن نريد الارتقاء به إن كان العزيز فينا
يخفض رأسه ويخنع والذليل يشمخ بأنفه كبرياءً ويستعبد ..!
كيف سنبني مجدنا ونطور ونتحضر ونحن لم نجتمع على رأي واحد ولم نقف في صف واحد وكل منهم يقول نفسي نفسي ذاك يلعب وهذا يهرب وآخر يقول أنا وطواط سأمشي في سبيلي وابحث عن لقمتي وفقط
كيف لنا أن نحصل على كل هذه العزة وإن بذلنا شيئا من جهدنا والليث فينا القوي الذي يصدح بالحق يُشتم ويُهجى ويُغيب في السجون والثعلب الماكر الساذج المنافق يًمدح ويُجامل ثم تعرفون حقيقته النتنة إن فات الأوان .
وبعدها ينتقل شاعرنا الأصلي إلى مدح بعض البلدان التي ربما زارها أو لها مكانة في نفسه فالمسلم يعتبر كل أرض مسلمه هي أرضه فيبدي محبتها لهم مشاركة لأخوانه .

فَأَنَا ابْنُ خَيْرِ الرَّهْطِ وَابْنُ عَقِيدَةٍ=مَنْ بَرَّ عَدْنَانٌ وَأَنْجَبَ يَعْرُبُ
مَا زِلْتَ أَحْلُمُ بِالمَحَبِّة فِي الوَرَى=لا غَدْرَ فِي صَدْرٍ وَلا غَدَ يُرْهَبُ
حَدَّقْتُ أَبْحَثُ فِي الوُجُوهِ لَعَلَّ فِي=بَعْضِ الوُجُوهِ وَفَاءَ مَنْ لا يَكْذِبُ
حَتَّى إِذَا كَادَ القُنُوطُ وَأَغْمَضَتْ=عَيْنُ الرَّجَاءِ أَسَى أَضَاءَ الكَوْكَبُ
بِكَرِيمَةٍ مِنْ آلِ طُهْرٍ عَرْشُهَا=الشِّعْرَى وَشَمْسُ شُمُوخِهَا لا تُحْجَبُ
نَهَضَتْ إِلَى الأَرَبِ العَظِيمِ وَرُوحُهَا=تَنْأَى بِأَجْنِحَةِ الوَفَاءِ وَتَقْرُبُ
أَهْدَى الجَمَالُ إِلَى الجَلالِ حُرُوفَهَا=شَهْدًا بِإِبْرِيقِ الدَّمَاثَةِ يُجْلَبُ
تَسْمُو لَهَا قُلَلُ النَّقَاءِ وَتَرْتَدِي=حُلَلَ البَّهَاءَ وَبِالمَكَارِمِ تَغْلبُ
مِنْ بِئْرِ مَاءِ الصِّيدِ تَنْضَحُ شَأْوَهَا=وَعَنِ اقْتِفَاءِ المَجْدِ لا تَتَغَيَّبُ
لَوْلا انْطَوَتْ لُغَةُ الثَّنَاءِ كَلالَةً=لاصْطَفَّ مِنْ غُرَرِ المَدَائِحِ مَوكِبُ
وهنا عاد الشاعر يفتخر بعقيدته وجليل الصفات وحق لنا جميعا أن نفخر به ونفتخر بأنفسنا معه ونحمد المولى على نعمة الإسلام
الشاعر قد وقف في منعطفات كثيرة وجرب وغامر وعاشر الوانا من الناس وخاض تجارب عدة أكسبته وعيا وحكمة وأكثر انفتاحا وتفهما فزاد دماثة وعلما ووعيا وإدراكا وربما تلقى أصنافا من الأذى ومن منا لم يذق المر ويعاني ..!
قد راى النفاق والكذب والمجاملات والختل والخيانة غالبة على الناس حتى الطيب منهم قد تجد منه لدغة وسما خفيفا يضرك مما جعل القنوط يصيبه كاد يصيبه وعبر عنها بدلالة رائعة وهي إغماضة العين التي تنم عن شئ من اليأس والحسرة أن خلا الناس من الصفات النقية الصادقة النادرة الوجود في هذا الزمان وهو كان يرجو أن يلقى هذا النوع النادر فظن أن رجاءه خان وغغماضة العين أظنها لم تكتمل هنا
بسبب مالاح له من سناء الوفاء وبارقة خير ووجد شخصا كان يرجو فيه هذه الخلال النادرة المميزة .
وهنا نقول جميعنا ( لايأس مع الحياة ) فمهما غلب الياس والقنوط فسنقف يوما على أحد محطات الزمان لنرى أولئك الأنقياء الطيبين الصادقين يختبئون خلف زهرة او ورقة شجرة وكل إنسان لن يقع إلا على شاكلته .
وبعدها انتقل الشاعر لمدح من وجد فيها الوفاء بأبيات حسان كاللؤلؤ المكنون والياقوت المصون وآخر بيت في المدح هنا كانت الصورة فيه راائعة جدت ( لاصطف من غرر المدائح موكب ) هنا استعارة حيث جعل المدائح يطف كالإنسان في موطب أمير قادم , مااروعها من صورة ياأمير الشعر .


الشِّعْرُ؟ يَا لِلشِّعْرِ! كَمْ رُزِئَتْ بِهِ=نَفْسِي وَكَمْ لَدَغَ المَشَاعِرَ عَقْرَبُ
مَاذَا جَنَيتُ مِنَ الأَذَى؟ أَلأَنَّنِي=جَمَعَ اللآلِئَ مِنْ بِحَارٍ تَصْعُبُ؟
فَأَجَادَ نَظْمَ رَقِيْقِهَا وجَلِيلِهَا=عِقْدًا يُدِيرُ لَهُ الرُّوُوسَ ويَخْلُبُ
نَضَجَتْ مَوَاسِمُ أَحْرُفِي وَتَفَتَّقَتْ=أَكْمَامُهَ عَمَّا يَلِينُ وَيَصْلُبُ
أَسْمُو مِنَ الإِنْسَانِ، بَحْرُ قَصَائِدِي=يَسْخُو، وَنَهْرُ مَقَاصِدِي لا يَنْضُبُ
أَبْنَاءُ أَفْكَارِي غَرَائِسُ جَنَّةٍ=وَبَنَاتُ أَشْعَارِي السَّحَابُ الصَّيِّبُ
أَنَا مَا بَذَلْتُ مِنَ الكُنُوزِ لأَشْتَرِي=مَدْحَ الأَنَامِ وَمَا ابْتَذَلْتُ فَأَطْلُبُ
فَعَلامَ يَلْحَنُ فِي مَقَامِ مُقَدَّمٍ=غِرٌّ يَكِيدُ لَهُ وَأَحْمَقُ يَصْخَبُ
لا تَخْسِفُ الشَّمْسُ السَّنِيَّةُ فِي المَدَى=إِنْ عَابَ مَجْدُوبٌ وَصَرْصَرَ جُنْدُبُ
إِنِّي المُحَدِّقُ فِي الخُلُودِ فَلا أَرَى=إِلا العَظِيمَ إِلَى العَظَائِمِ يُنْدَبُ
أَنَا بِالنَّدَى خُضْتُ العُبَابَ إِلَى الهُدَى= فَاهْتَاجَ بِي قَوْمِي وَخَانَ الْمَرْكَبُ
فَأَقَلْتُ مِنْ هَمِّي تَوَجُّسَ هِمَّتِي=بِعَزِيْمَةٍ تُدْمِي الصُّخُورَ وتُتْعِبُ
أَخْلَصْتُ لِلحَقِّ المُبِينِ مُسَدِّدًا=لَمْ يُغْرِنِي مَالٌ يُعَدُّ وَمَنْصِبُ
الكَفُّ غَيْثٌ وَالوِدَادُ سَحَابَةٌ=وَالقَلْبُ لَيْثٌ وَالفُؤَادُ تَحَبُّبُ
لا أَعْتَدِي إِنْ عَقَّنِي مُتَجانِفٌ=أَوْ أَجْتَدِي إِنْ فَرَّ مِنِّي المَطْلَبُ
هَذَا أَنَا ، نَسَجَ الزَّمَـانُ عَبَاءَتِي = مَنْ كُلِّ لَوْنٍ تَسْـتَسِيْغُ وَتَرْغَبُ
عِنْدِي الْمَبَادِئُ لا أُسَاوِمُ مَهْرَهَا= أَمَّا المَوَاقَفُ قَدْ تُـوَدُّ وتُخْطَبُ
يُقال ( كلما ارتفع الإنسان تكاثفتا حوله الغيوم والمحن ) ودوما أهل العلم والأخلاق وكثير ممن حباهم الله من فضله من أنواع النعم يلقون المكيدة والحسد والإساءة والإيذاءممن حولهم
والله تعالى يقول ( أم تحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله ) وهذه منذ القدم لم يسلم منها الأنبياء والرسل حتى نسلم منها نحن بقية البشر
ولنا في السلف قدوة حسنة , والصفات المذكورة في الأبيات هنا تدل على نبل الأخلاق واجملها التي رفعت من قدر الشاعر
ولعلي أعلق على هذا البيت الجميل الذي ينبغي علينا جميعا أن نطبقه (مَا بَذَلْتُ مِنَ الكُنُوزِ لأَشْتَرِي=مَدْحَ الأَنَامِ وَمَا ابْتَذَلْتُ فَأَطْلُبُ ) لتكن أقصى غايتنا هي رضا الله لافرحا بمدح الناس ولا تأثرا بقدحهم وذمهم
فمن يبتغي وجه الله ويعمل للخير ويعطي دون طلب مقابل خير ممن يسعى خلف المديح ويجري وراء مناصب الدنيا ليرتفع ويشتهر وإني لأرى الدنيا تعرض عن هذا الثاني وتقبل نحو الأول , فتأملوا ..!
وهنا مما أعجبني ايضا ولاأريد أن افوته (الكف غَيْثٌ وَالوِدَادُ سَحَابَةٌ=وَالقَلْبُ لَيْثٌ وَالفُؤَادُ تَحَبُّبُ ) الكف غيث وهذا دلالة على الجود الحاتمي والكرم الذي يتميز به
والوداد سحابة وهنا تدل على غزارة وداده إن هو أحب أخلص , والقلب ليث في الشدائد قوي يواجه الأزمات برباطة جأش وشجاعة وعناد والفؤاد تحبُّبُ لم استطع تحديد المعنى والفهم الجيد لكلمة تحبب إلا إن كان يقصدها من الحب ..
ولكن هنا أحببتُ أن أوضح الفرق بين القلب والفؤاد :

قرأت لبعض اهل العلم ان الفؤاد هو عمل القلب بمعن
ان البصر عمل العين والسمع عمل الاذن والمشى عمل القدم والكلام عمل اللسان وايضا الفؤاد هو عمل القلب
وفى الآية (إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ) فالسؤال للناس عن السمع بالاذن والبصر للعين
والفؤاد للقلب اما لو كان سياق الآية ان الاذن والعين لقال والقلب
وقيل الفؤاد غشاء القلب
وقيل القلب بمعنى العقل والفؤاد الاحساس والشعور
إذن هنا لم يكن اختياره عشوائيا فكان الفؤاد هو للإحساس بالحب والشعور به والقلب كأنه الغلاف له أو الوعاء الذي يحتويه وقلوب الناس مختلفة فمنهم ضعيفة ومنهم شديدة ومنهم مابين ضعف وقوة قد تكون متذبذبة .



وآخر بيت في القصيد هي الخلاصة والمقصد وهي العروسة التي من أجلها أقبلت تلك الأبيات الأولى
( عندي المبادئ لاأساوم مهرها = أما المواقف قد تُودُّ وتُخطب )
وماأجمله من بيت يخلد قيمة إنسانية رائعة الأثر والذكر , فالمبادئ تكون ثابتة دوما لاتتغير لابتغير الزمان والمكان هي قيم إنسانية واساسيات يؤمن بها المرء وعليها تقوم أخلاقه وتبدو محاسنه واروع شيمه
أما المواقف فبطبيعة الحال على حسب الحال الذي نمر به نرى مالأنسب ونقرر ماذا نفعل بكل موقف من لين أو شدة وغيره ..

في الختام :
لأول مرة أقرر بأن أخطو خطوة حقيقة نحو النجاح بقراءة لأحد قصائد شاعر كبير قد لاتفكر مبتدا مثلي بالتجرأ لفعلها لكن التعلم لن يأتي إلا بالتطبيق والمحاولة
فلعل عثراتي تكون كثيرة هنا ولعل قصور فهمي في نواحي عدة يتضح ولكني اجتهدتُ وبحثت عن المعاني وبالله استعنتُ وهو الموفق
فما كان من صواب فبفضل من الله وماكان من خطأ أو نسيان فمني والشيطان
والمعذرة على الإطالة

اختك وابنتكم / براءة الجودي