تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رمضان شهر التكافل



حاتم ناصر الشرباتي
05-08-2010, 08:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان شهر التكافل
حاتم ناصر الشرباتي
http://www.al3ez.net/mag/images/almanarat_1001.jp



شهر رمضان له ميزة خاصة عند المسلمين، لأنّ أبرز الفرائض فيه الصوم ، والصوم عبادة من العبادات التي فرضها الله على عباده بميزة خاصة ... لذلك كان قوله سبحانه و تعالى في حديثه القدسي " كل عمل بن آدم له إلا الصوم فهو لي و أنا أجزى به" ، و كان قول الرسول الكريم "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" فكان لشهر رمضان الكريم منزلة خاصة بين الشهور عند الله سبحانه و تعالى بنزول الوحى بالقرآن على نبى الله محمد صلى الله عليه و سلم فيقول الله تعالى فى كتابه الكريم " {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185 " و لأن الله فضل هذا الشهر الكريم و فرض فيه عبادة الصوم على أمة محمد صلى الله عليه و سلم فلقد حبب خلقه فيه فترى المسلمين فى هذا الشهر جميعهم على قلب رجل واحد و حتى أولئك الذين يقصرون فى بعض العبادات تجدهم فى هذا الشهر الكريم حريصون على فريضة الصوم و على التقرب إلى الله سبحانه و تعالى ....
والمعلوم ان الله سبحانه و تعالى حين فرض الفروض على عباده لم يفرضها بعلة فالعبادات لا تعلل ، والحقيقة التي لا تمارى أن جميع الفروض قد فرضها الله تعالى بحكمة أرادها قد ندركها وقد لا ندركها، فكان من حكم فرض الصوم أن يدرب الله عباده على طاعته و الامتثال لأوامره فتكثر الصدقات، لذا ترى الناس و هم يتسابقون فى فعل الخيرات من فرائض ومندوبات فى ذلك الشهر الكريم و ترى الناس و قد رقت قلوبهم و أصبحوا أكثر تكافل ومودة و رحمة. وفي الصوم تهذيب للنفس و إخماد للشهوات فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديثه الصحيح "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه وجاء".
ويمتاز شهر رمضان، أنه شهر المواساة والتراحم والتكافل بين المسلمين، حيث حثّ الإسلام على الصدقة في هذا الشهر توثيقا لرابطة المسلمين بعضهم مع بعض، وسدا لحاجة الفقراء والمساكين. فعن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا" (أخرجه الترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن صحيح فقوله صلى الله عليه وسلم "من فطّر صائما" أي أطعمه وسقاه عند إفطاره دعوة إلى الترابط والتكافل والمواساة. فالترابط يظهر من خلال زيارة الأهل والأصحاب وما تنتجه الزيارة من ود ومحبة وتمتين لأواصر الرحم والصحبة. وأما التكافل والمواساة فيظهران في العطف على الفقراء بإطعامهم وما يمثله ذلك من مساعدة لهم على أداء الفريضة وإشعارهم بالأخوة في الدين وأنهم جزء من المجتمع غير منسي. ). والحقيقة، أن الغرض الأسمى من وراء قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائما كان له مثل أجره"، هو حث الناس على إطعام الفقراء خاصة، وإن دخل في عموم الطلب إفطار الصائم مطلقا ولو كان غنيا. ذلك أن الفقراء في رمضان أحوج من غيرهم إلى لقمة تسد رمقهم وتقويهم على عبادة الصيام والقيام. فليس المقصود من الحديث، كما فهم بعض الناس، أن نفطّر الغني، أو نتخذ من رمضان مناسبة نظهر فيها الكرم والجود على الأهل والأصحاب وإن كانوا من الأغنياء، ونترك الفقير الجائع الذي لا يجد ما يأكله، فإن هذا لا يجوز. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" (الطبراني في الكبير).
وفي الحديث الشريف :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) رواه البخاري
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ) رواه البخاري و مسلم
وفي الحديث الشريف :( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) رواه البخاري
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ]
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ ] رواه البخاري
وهناك أحاديث ثلاثة متفقٌ على صحتها فقد رواها البخاري و مسلم في صحيحهما ..
( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
وعنه أيضاً [ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ]

وأخيراً [ عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ]
ويقول عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل ( كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فانه لي و أنا أجزى به ترك شهوته و طعامه و شرابه من أجلى للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .. الصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ..)
عن أبي أيوب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ] رواه مسلم
و روى أحمد النسائي عن ثوبان مرفوعاً : [ صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة ]
وعن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعاً : [ من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ] رواه البزار و غيره.
وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال خرج من ذنوبه كـ يوم ولدته أمه ]
فندعوه تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام والطاعات في الشهر الفاضل وأن يمن علينا فيه بقيام دولة الخلافة الراشدة التي تعيد لهذا الشهر نوره وبهائه وتظهر التكافل الحقيقي فيه، اللهم آمين.

عبدالصمد حسن زيبار
05-08-2010, 09:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي الكريم حاتم ناصر الشرباتي
تقبل الله منكم على فيوضاتكم في هذا الشهر الكريم
هل لك شيخي الكريم أن تحدثنا عن مقاصد الصوم ؟
تحياتي

آمال المصري
05-08-2010, 10:08 PM
بوركت سيدي الفاضل وبورك حرفك النور
وكل عام وأنت للرحمن أقرب
ونتمنى أن تزيدنا من روضتك الإيمانية ماتروي ظمأ القلوب

تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والطاعات في رمضان وطول العام
تقديري سيدي

حاتم ناصر الشرباتي
07-08-2010, 07:36 AM
الأخ الفاضل : عبدالصمد حسن زيبار

الأخت الفاضلة : رنيم مصطفى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر لكم تفاعلكم مع البحث داعيا الله تعالى أن يتقبل منا الأعمال خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبل منكم ومنا الصيام والقيام والطاعات، وأن يعيده على أمّة الاسلام وقد توحدت كلمتها في ظل خليفة عادل مما يمن على العالم أجمع بتحقق الأمن والسلام الحقيققيين.
ونتابع لاحقا بعونه تعالى

حاتم ناصر الشرباتي
07-08-2010, 08:59 AM
مقاصد الصوم

http://dc04.arabsh.com/i/00420/25p60exv56lj.bmp


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:

قالوا في مقاصد الصوم التماسا لعلل ما أنزل الله بها سلطان، الا البند الأول الذي يصب في خانة التقوى أي ( تحقيق قيمة روحية ):
1ـ تحقيق التقوى بعبودية الله ـ عزَّ وجل ـ:
2ـ تزكية النفس:
3ـ تذكر المحرومين ومواساتهم:
4ـ حفظ الصِّحَّة:
5ـ تقوية الإرادة وتحقيق الصبر:
6ـ التدريب على الدقَّة والنظام واحترام المواعيد:
7ـ تجديد الطاقة ، وتوجيه الهمَّة نحو العمل:


والصحيح المعتبر شرعاً إنّ الأنظمة الاسلامية هي أحكام شرعية تتعلق بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات والمعاملات والعقوبات. فالأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا تعلل. قال صلى الله عليه وسلم : ( حُرّمت الخمرة لعينها )، وأما الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات والعقوبات فإنها تعلل، لأنّ الحكم الشرعي فيها بُني على علة كانت سببا لوجود الحكم، وقد أعتاد قوم كثيرون أن يعللوا جميع الأحكام بالنفعية، متأثرين بالقيادة الفكرية الغربية والحضارة الغربية التي تجعل النففعية البحتة أساساً لكل الأعمال، وتجعل مزجها مع المادة الضابط للأعمال، وعلى هذا فإنّ الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا تعلل، لأنّ لا علة لهذه الأحكام، وانما تؤخذ كما وردت بالنص، ولا تبنى على علة مطلقا، فالصلاة والصيام والحج والزكاة وكيفية الصلاة وعدد ركعاتها ومشاعر الحج وأنصبة الزكاة وما شاكل تؤخذ توقيفا كما وردت، وتتلقى بالقبول والتسليم بغض النظر عن علتها، بل لا نلتمس لها علة، وكذلك تحريم الميتة ولحم الخنزير وغير ذلك لا نلتمس له غلة أبداً، بل من الخطأ والخطر أن نلتمس علة له، لأنّه لو التمست علة لأحكام تلك الأشياء لترتب على ذلك أنّه لو زالت العلة زال الحكم، لأنّ العلة تدور مع المعلوم وجودا وعدما. فلو فرضنا أن علة الوضوء النظافة، وعلة الصلاة الرياضة، وعلة الصوم الصحة، ..... وهكذا: لترتب على ذلك أنه في حال عدم وجود العلة لا يوجد الحكم، مع أنّ الأمر ليس كذلك. ولهذا كان التماس العلة خطر على الحكم وعلى القيام به، فوجب أن تؤخذ أحكام العبادات كما هي دون التماس العلة لها.
وأمّا الحكمة فإنّ الله وحده الذي يعلمها، وعقلنا لا يمكنه ادراك حقيقة حقيقة ذات الله، فلا يدرك حكمته. أمّا ما وردت به النصوص من حكم كقوله تعالى ( إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وكقوله ( ليشهدوا منافع لهم ) وغير ذلك من حكم نصت عليها النصوص ، فانه يقتصر فيها على النص وتؤخذ منه ولا يقاس عليه، وما لم يرد بحكمته نص لا نلتمس له حكمة، كما لا نلتمس له علة.
ومن هنا يتبين أن المقصود من العبادات تحقيق القيمة الروحية ليس الا،ويجب أن يقتصر بها على هذه القيمة المقصودة منها دون غيرها، ولا يجوز بيان ما في العبادات من فوائد ومنافع، لأنّ هذا البيان خطر عليها يسبب النفاق في المتعبدين ويجر لترك العبادات حين لا تظهر فوائدها ولا تبرز منافعها.
فمقاصد الصيام هو تحقيق القيمة الروحية فقط امتثالا لأمر الله.


والله أعلم
ولنا عودة باذنه تعالى.

حاتم ناصر الشرباتي
09-08-2010, 07:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ



إنّ صوم رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، بالإضافة إلى أنها عبادة تنظم علاقة المسلمين بربهم، فهي مظهر من المظاهر العامة للأمة الإسلامية، يبدؤون الصيام معاً في يوم واحد. ويحتفلون بالعيد معاً في يوم واحد، امتثالاً لأوامر الله تعالى، التي توحد بينهم، وليس امتثالاً لقرارات الحكام السياسية ولا لفتاوى علماء السلاطين النفاقية، التي صيغت للتفريق بينهم.

قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِّيَ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين يوماً».

وقال قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدّة ثلاثين»

وقال قال صلى الله عليه وسلم: «إنّما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له».

هذه الأحاديث النبوية صريحة الدلالة، على أنّ السبب الشرعي لبداية شهر رمضان هو رؤية هلال رمضان. وأن السبب الشرعي لعيد الفطر هو رؤية هلال شوال، وخطاب الشارع في هذه الأحاديث موجه إلى جميع المسلمين لا فرق بين شامي وحجازي ولا بين إندونيسي وعراقي، فألفاظ الأحاديث جاءت عامّة، لأن ضمير الجماعة في: «صوموا ... وأفطروا» يدلّ على عموم المسلمين، وكذلك لفظ: (رؤيته) فهو اسم جنس مضاف إلى ضمير، يدلّ على رؤية الهلال من أي إنسان، إلا أنّ هناك أحاديث حصرت هذه الرؤية بالمسلمين، فقد رُوي عن ابن عباس أنّه قال: «جاء أعرابي إلى النبي قال صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، قال: نعم، فنادى النبي قال صلى الله عليه وسلم أن صوموا».

إنّ رؤية مسلم هلال رمضان أو هلال شوال توجب على المسلمين جميعهم الصوم أو الإفطار، لا فرق بين بلد وبلد، ولا بين مسلم ومسلم، لأنّ من يرى الهلال من المسلمين حجة على من لم يره.

وليست شهادة مسلم في بلد أولى من شهادة مسلم في بلد آخر، ولا قيمة للتقسيمات والحدود التي أقامها الكفار في بلاد المسلمين، والتي جعلت أهل درعا في سوريا يصومون بينما أهل الرمثا في الأردن يفطرون، وليس بين المدينتين إلا حدود وهمية رسمها الكفار منذ أن هُدمت الخلافة. ثم حرص على بقائها الحكام.

إنّ الأمر في أحاديث الرسول قال صلى الله عليه وسلم بصوم رمضان لرؤية الهلال أمرٌ للوجوب، لأنه أمر بفرض ثبت بقوله تعالى: ( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) .

وإنّ الأمر بالفطر لرؤية هلال شوال هو أيضاً للوجوب، لأنّ النبي قال صلى الله عليه وسلم «نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر». وبما أنّه نهيٌ عن القيام بمندوب أو فرض، فهو قرينة على أنّ الأمر في قوله: «وأفطروا لرؤيته» للوجوب.

أمّا اختلاف المطالع الذي يتذرع به بعضهم فهو من باب تحقيق المناط ، الذي بحثه العلماء السابقون، للواقع الذي كانوا يعيشونه، حيث كان المسلمون لا يتمكنون من إبلاغ رؤية الهلال إلى جميع أنحاء دولة الخلافة المترامية الأطراف في يوم واحد، لأنّ وسائل الإعلام التي كانت موجودة يومئذٍ كانت قاصرة عن ذلك. وقد احتج بعض هؤلاء بما رُوي عن كُريب «أنّ أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام، فقال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستُهل عليّ رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال لكنّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» فهذا ليس دليلاً شرعياً، وإنما هو اجتهاد لابن عباس في قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وابن عباس لم يأخذ برؤية أهل دمشق الهلال، لأنّ أهل المدينة المنورة لم يروه في اليوم نفسه.

وهذا الاجتهاد مخالف لصريح الحديث الذي رُوي عن جماعة من الأنصار، قال: «غُمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله أن يفطروا، ثم يخرجوا لعيدهم من الغد» فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفطروا في يوم حسبوه من رمضان بسبب رؤية غيرهم هلال شوال في غير المدينة المنورة، فالركب رأوا الهلال قبل وصولهم المدينة بيوم.

وأمّا اليوم، فوسائل الإعلام المتوفرة عند جميع الدول قادرة على نقل خبر رؤية الهلال إلى جميع العالم في بضع ثوان، فيلزم المسلمين الصيامُ أو الإفطارُ حال سماعهم خبر ثبوت رؤية الهلال من أيّ مكان على الأرض، سواء ثبتت الرؤية مباشرة أو بالعين البصرية أو بواسطة آلة مُكبِّرة أو مُقرِّبة. والرؤية المعتبرة هي الرؤية البصرية، ولا اعتبار للحسابات الفلكية إذا لم تثبت الرؤية بالعين البصرية، إذ لا قيمة شرعية للحسابات الفلكية في إثبات الصوم والإفطار، لأنّ السبب الشرعي للصوم أو الإفطار هو رؤية الهلال بالعين لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له».

وقوله صلى الله عليه وسلم : « فإن غُمَّ عليكم» أي إن لم تروه بأعينكم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم «فاقدروا له» لا تعني الرجوع للحسابات الفلكية، وإنما تعني ما بيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدّة ثلاثين».

أيها المسلمون: إنّ عدم توحيد رؤية الهلال ما هي إلا مشكلة من مشكلات عديدة تواجه المسلمين بسبب غياب دولة الخلافة، التي ترعى شؤونهم بأحكام الإسلام، وتوحدهم في ظلّ راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. فعلى المسلمين التقيد بالحكم الشرعي في صيامهم وإفطارهم وكل أعمالهم، وإن لم يتقيد حكامهم به، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن بلغهم خبر رؤية مسلم هلال رمضان من أيّ مكان على الأرض، وجب عليهم الصيام، وإن بلغهم خبر رؤية مسلم هلال شوال من أيّ مكان على الأرض، وجب عليهم الإفطار.

أمّا الحلُّ الجذري الصحيح لجميع مشكلات المسلمين فإنّه بأيديهم، وهو العمل الجادّ مع العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة دولة الخلافة، وتنصيب خليفة يوحد دولهم، ويطبق شرع الله عليهم، فيحملون معه رسالة الإسلام بالجهاد إلى الناس كافّة، لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا، وبذلك يعيشون حياة عزٍّ وكرامة في الدنيا، وينالون رضوان الله وثوابه في الآخرة.

قال تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى اللّـهُ عملَكُم ورسولُه والمؤمنون، وستُرَدُّونَ إلى عالِمِ الغيبِ والشهادةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بما كنتم تعملون ) .

طالب عوض الله
11-08-2010, 09:11 PM
أقبلت ياعيدُ والأحزانُ أحزانُ

عبد الرحمن العشماوي

http://rakann.com/vb/imgcache/5860.imgcache.jpg


أقبلت ياعيدُ والأحزانُ أحزانُ .. وفي ضميرالقوافي ثار بركانُ

أقبلت ياعيدُ، والرمضاءُ تلفحني .. وقد شَكَت من غبارالدربِ أجفانُ

أقبلت ياعيدُ، هذي أرضُ حسرتنا .. تموجُ موجًا وأرضُ الانس قيعانُ

أقبلت ياعيدُ، والظلماء كاشفة .. عن رأسها، وفؤاد البدر حيرانُ

أقبلت ياعيدٌ، أُجري اللحن في شفتي .. رطبًا، فيغبطني أهلٌ وإخوانُ

أزفُ تهنئتي للناس أُشعرهم .. أني سعيدٌ وأن القلب جذلانُ

وأرسل البسمةَ الخضراءَ تذكرةً .. إلى نفوسِهمُ تزهو وتزدانُ

قالوا وقد وجهوا نحوي حديثهَمو .. هذا الذي وجُهُه للبشرعنوانُ

هذا الذي تصدر الاهاتُ عن دمه .. شعرًا رصينًا له وزنٌوألحانُ

لا لن أعاتبهم، هم ينظرون إلى .. وجهي، وفي خاطري للحزن كتمانُ

والله لو قرؤوا في النفس ماكتبت .. يدُ الجراح، وما صاغته أشجانُ

ولو رأوا كيف بات الحزنُ متكئًا .. على ذراعي، وفي عينيه نُكرانُ

لأغمضوا أعينًا مبهورةً وبكوا .. حالي، وقد نالني بؤسٌ وحرمانُ

أقبلت ياعيدُ، والأحزان نائمة .. على فراشي، وطرف الشوق سهرانُ

من أين نفرح ياعيدَ الجراح وفي .. قلوبنا من صنوف الهم ألوانُ؟
منأين نفرح والأحداث عاصفة .. وللدُّمى مُقَلٌ ترنو وآذانُ؟

من أين؟ والمسجدالأقصى محطمةٌ .. آماله، وفؤاد القدس ولهانُ؟
من أين نفرح ياعيد الجراحِ وفي .. دروبنا جُدُرٌ قامت وكثبانُ؟

من أين؟ والأمّة الغرّاء نائمة .. على سريرالهوى، والليل نشوانُ؟

من أين؟ والذل يبني ألفَ منتجعٍ .. في أرض عزتنا،والربحُ خُسرانُ؟

من أين نفرح والأحبابُ مااقتربوا .. منا، ولا أصبحوا فيناكما كانوا؟

يامن تسرَّب منهم في الفؤادِ هوىً .. قامت له في زوايا النفسأركانُ

أصبحتُ في يوم عيدي والسؤال على .. ثغري يئنُّ وفي الاحشاءنيرانُ

أين الأحبّةُ؟ لاغيمٌ ولامطرٌ .. ولا رياضٌ ولا ظلٌّوأغصانُ؟

أين الأحبّة ُ لانجوى معطّرةٌ .. بالذكريات، ولا شيحٌ وريحانُ؟

أين الأحبّةٌ؟ لابدرٌ يلوح لنا .. ولا نجومٌ بها الظلماءُتزدان؟

أين الأحبّةُ؟ لا بحرٌ ولاجزرٌ .. تبدو، ولا سفن تجري وشطآنٌ؟

أين الأحبّةُ؟ وارتد السؤال إلى .. صدري سهامًا لها في الطعن إمعانُ؟
:sb:

حاتم ناصر الشرباتي
13-08-2010, 08:18 AM
نعم أيها الأخوة:

أقبل رمضان حاملاً البُشرى والبركات

فأجيبوه بالطاعات

http://1.bp.blogspot.com/_OcyYgRvF39U/SrOnyM-_ZpI/AAAAAAAAADA/8uEtavObhZw/s400/hatem.jpg

أهلاً ومرحباً بشهر الانتصارات

حاتم ناصر الشرباتي
14-08-2010, 07:58 AM
رمضان شهر الإسلام والفرقان فهنيئا لمن اغتنم نفحاته




هلّ علينا شهر رمضان من جديد، فكل عام وانتم بخير، وأعاده الله على الأمة الإسلامية وقد أعزها الله بالنصر والتمكين ومنّ عليها بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وجعل هذا الشهر المبارك فاتحة خير لها وبوابة لعزها وسؤددها.

إن رمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين ومردة الجن، فهنيئاً لمن صام نهاره وقام ليله والتزم بشرع ربه دون أن يحيد عنه قيد أنملة وسعى لتطبيقه.

رمضان شهر يفوح منه عطر النصر وعبق الفتوحات وعزة المسلمين، فهنيئاً لمن كان رمضان دافعاً له للعمل لإعادة الأمة لسالف عهدها وسعى لتمكينها بإقامة دولتها.

إن رمضان شهر القرآن وشهر الدعوة له ولتطبيقه، فهنيئاً لمن حمل الدعوة في سبيل إقامة حدود القرآن وحروفه.



إن رمضان فرصة لا بد للأمة من اغتنامها على خير وجه، فرصة لتنشغل به بقضاياها المصيرية لا لتنشغل عنها بغيرها، فرصة لتتقرب فيه إلى العلي القدير بأجل الفروض وأعظم الواجبات، وهو بلا منازع في زماننا فرض العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لأن بها وحدها يقام الإسلام وتطبق جميع أحكامه، وبها وحدها يجمع الله شمل الأمة من بعد شتاتها، وبها وحدها يُحمل الإسلام رسالة خير وهدى للبشرية جمعاء .



إن رمضان منذ شرع الله أحكامه كان شهر عمل للإسلام وحمل دعوته لا لمجرد الصيام فحسب، فرمضان كان له التكريم والفضل والتشريف بفضل القرآن وشرفه، فكان رمضان شهر الدعوة لهذا القرآن، شهراً لإقامة حدود القرآن وحروفه، لا لمجرد تلاوته وترتيله،

فرمضان شهر دعوة وحمل لرسالة الهدى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

فهل لنا أن نحقق معنى الهدى والفرقان دون أن نقيم للقرآن دولة؟! وكيف لنا أن ننشر الهدى للبشرية دون أن تحمله دولة؟! كيف لنا أن نجعل الناس يعبدون الله بحق فنقيم فيهم الحدود ونطبق عليهم الشرع دون دولة؟!
بل كيف لنا أن ندافع عن حرمات المسلمين التي تنتهك في كل أصقاع المعمورة وليس آخرها الاعتداء على رفات الصحابة وشتم رسول الله عليه السلام من قبل شرذمة من المستوطنين اليهود دون دولة؟! وكيف لنا أن نوقف عبث العابثين – من الحكام وزمرهم- بقضايا المسلمين بل وبأحكام دينهم وشعائرهم دون دولة؟! وكيف لنا أن نحرر بلاد المسلمين المحتلة دون دولة؟!



إن واجب الأمة أن تدرك بأن لا خلاص لها إلا بدولة الخلافة، وأنها لن تقيم شعائر دينها بحق إلا في ظل دولة الخلافة، وأنها لن تطبق شرع ربها بحق إلا بدولة الخلافة، وأن لا عزة لها إلا بدولة الخلافة، ولا جُنّة ولا وقاية لها إلا بدولة الخلافة،

فليكن رمضان إذاً نقطة تحول في العمل لإقامة الخلافة على مستوى الأمة، وليكن رمضان هذا منطلقاً للعمل للخلافة لكل واحد منا فمن كان متلبساً بالعمل فليزدد ومن كان تاركاً له غافلاً عنه فليلحق بالركب وليغذ السير وليسرع الخطى، ومن كان محارباً أو يسعى لعرقلة العمل للخلافة، فليرعو فهو خير له.

فإلى اغتنام رمضان على خير وجه بالتقرب إلى الله والعمل لإقامة الخلافة لإعزاز الأمة ندعوكم أيها المسلمون.



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }

منقول

ربيحة الرفاعي
16-08-2010, 09:44 AM
دروس قيمة ومعان نبيلة
بارك الله بك شيخنا
وجزاك عنا خيرا

حاتم ناصر الشرباتي
16-08-2010, 12:06 PM
أختي الفاضلة " ربيحة الرفاعي "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك وداعـياً لك بتقبل الطاعات ومغفرة من رب العالمين..

http://forums.ozkorallah.com/imgcache/10156.png

:noc:

حاتم ناصر الشرباتي
16-08-2010, 12:09 PM
انتصارات شهر رمضان العظيم .




غزوة بدر
وأول انتصار عظيم كان يوم السابع عشر من رمضان فى السنة الثانية من الهجرة فلقد التقى النبى صلى الله عليه وسلم ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا من أصحابه على غير استعداد لحرب ضد ألف من صناديد كفار مكة أهل الحرب المعروفين والمستعدين بكل قوة والذين خرجوا كما قال تعالى: " بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله. " وأقبلوا كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "بحدهم وحديدهم يحادون الله ويحادون رسوله". يريدون ليطفئوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره وانجلت المعركة عن نصر مظفر للمسلمين وهزيمة ساحقة للمشركين ليعلن للدنيا كلها أن نصر الله آت ودين الله ماض.

غزوة الخندق
في الأيام التالية لرمضان مباشرة، من العام الخامس للهجرة، أي في شوال الشهر الذي يعقب رمضان مباشرة، أي أنه يحمل في إهابة البصمات الإيمانية الحية والمناخ العقدي الصافي لرمضان، وقعت غزوة الخندق التي انتصر فيها المؤمنون، على معاقل الشرك العربي واليهود >الأعداء التاريخيين للأمة.وذلك عندما تجمعوا في تشكيل حربي أطلق عليه مصطلح >الأحزاب< وفقاً للوصف القرآني• لذا لم يخطئ أحد الباحثين، عندما ذهب إلى أن هذه الغزوة، تعتبر بمثابة الانبثاق الحقيقي للحضارة الإسلامية ـ كحاضرة كونية متفردّة في سماتها الربانية والبشرية ـ من رحم التاريخ، وهذا يعني أن الالتزام بمعطياتها يمثّل ضرورة إيمانية• ولعل أهم ملمح بارز يُجسّد أبعاد الانتصار الحربي في هذه المعركة، هو أن مستقبل الأمة الإسلامية جغرافياً وتاريخياً، بل وحتى حضارياً، قد تقرر في غزوة الخندق، وذلك من خلال استشراف الرسول صلى الله عليه وسلم بثاقب بصره ـ على ضوء هدي السماء ـ لما ينتظر هذه الأمة فيما يستقبلها من أيام، وذلك عندما لاحت له معالم هذا المستقبل المشرق، أثناء تفتيت الصخرة الصلدة التي اعترضت الصحابي الجليل سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ صاحب فكرة الخندق التي كانت جديدة على العقل العربي ـ بيده الشريفة، فبدت أمامه كل الأراضي التي فتحها المسلمون بعد انتقاله للرفيق الأعلى كالعراق والشام ومصر.إلى آخره، بل إنه صلى الله عليه وسلم قد بشَّر أمته بفتح القسطنطينية وفتح روما ـ إن شاء الله ـ ومن هنا نرى أن هذا الانتصار الإيماني والحربي لأمتنا الإسلامية على أعدائها، قد وقع في تلك الأيام المباركة التي أسهمت إشعاعات رمضان الروحية في تكوينها وإضفاء طابع من الدينامية المتفجرة والحيوية الحضارية عليها•

فتح مكة
ومن انتصارات رمضان العظيمة فتح مكة الذى أعز الله به دينه ورسوله وجنده وأنقذ به بلده الأمين وطهر فيه بيته الحرام الذى جعله هدى للعالمين من دنس الكفار والمشركين.
فبعد أن غدرت قريش ونكثت العهد الذى أبرمته فى صلح الحديبية بمساعدتها قبيلة بكر على قبيلة خزاعة حليفة المسلمين فكان لابد من نجدة خزاعة وإذلال الشرك والمشركين. ولعشر خلون من شهر رمضان المبارك سنة 8 هـجرية غادر الرسول والمسلمون المدينة متجهين الى مكة فى عشرة آلاف من الصحابة الكرام وقسم الرسول المسلمين الى فرق ورسم لكل فرقة خطة دخول مكة ولم يلق الجيش المسلم آى مقاومة ودخل الرسول مكة منتصرا وطهر البيت من الأوثان وأذن بلال من فوق الكعبة وصفح النبى الكريم عن أهل مكة وأعدائه. وأمر النبى بهدم اللات – والعزى – ومناة - ..... وتم القضاء على الوثنية معركة القادسية


معركة القادسية
لعل أبرز المعارك التي انتصرت فيها أمتنا إبان العصر الراشدي، هي معركة القادسية، التي وقعت في رمضان سنة (16هـ) بين المسلمين والفرس وكان قائد المسلمين الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وبلغ جيش المسلمين فيها نحو عشرة آلاف، وكان قائد الفرس رستم ذا الحاجب، ويتكون جيشه من مئة وعشرين ألف مقاتل، وقد مات المثنى بن حارثة قبل المعركة، ومن القادة الذين كانوا يساعدون سعد بن أبي وقاص، المغيرة بن شعبة، وقيس بن هبيرة، وطليحة بن خويلد، الذي كان قد ادَّعى النبوة ثم تاب وأناب، وقبيل المعركة تم اتصال بين المسلمين والفرس بغية الوصول إلى اتفاق بمنع الحرب، ولكن هذا الاتصال لم يسفر عن نتيجة، فقامت المعركة، وهي من المعاركة الهامة في تاريخ الحروب بين المسلمين والفرس فرَّ فيها رستم وعشرات الآلاف من جنوده، وغنم فيها المسلمون مغانم كثيرة، وقد استمرت المعركة عدة أيام (4)

إن معركة القادسية كانت بمثابة المعركة الحربية الحاسمة، التي ساعدت الأمة الإسلامية الفتية ـ آنذاك ـ على أن تنعطف انعطافة جديدة في مسيرتها التاريخية، وذلك كانعكاس طبيعي لانتصارها الظافر هذا على الحضارة الفارسية، التي كانت تهيمن هيمنة كاملة على الجناح الشرقي للوجود البشري آنذاك، وبالتالي تسنَّى لأمتنا في هذه الموقعة الحاسمة تغيير ملامح التاريخ البشري، وذلك بعد أن استطاع المسلمون في هذه المعركة أن ينهوا الوجود الفارسي وسيطرته على تلك المناطق الهامة من العالم حينئذ، وفي موقعة القادسية تبلوَر أيضاً مدى الإعجاز الفريد للجانب العقدي الذي فجَّر ينابيعه الثرَّة الفيّاضة الإيمان الصادق في نفسية أمتنا الإسلامية، وذلك عبر الحوار الذي دار بين ابن من أبناء الحضارة البازغة >الإسلامية<، وممثل لتلك الحضارة الغاربة >الفارسية<، وهذان المتحاوران هما: الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه، ورستم قائد الفرس، وذلك عندما دخل ربعي بن عامر على رستم، ودار بينهما الحوار التالي:

>قال رستم لربعي بن عامر: ما الذي جاء بكم إلى هنا؟! قال: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة<•


فتح الأندلس
استكملت الحضارة الإسلامية رسم ملامح خريطتها الجغرافية الكبرى، بعدما تمَّ فتح الأندلس في (رمضان 92هـ ـ يوليو 711م) في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، إذ استطاع قائده الفذّ طارق بن زياد فتح تلك البلاد ـ التي كانت تسمى بشبه الجزيرة الإيبيرية ـ وضمها إلى كيان الدولة الإسلامية، وتكمن في الفتح الإسلامي للأندلس معجزة الإسلام، فالإسلام كدين وحضارة يحقق به الإنسان المسلم ـ وبقدرة الله ـ المعجزات• وفي الواقع أن هذا التقدم في فتح الأندلس، لا يعني بأي حال من الأحوال أنه كان فتحاً سهلاً، بل لقد تمَّ ـ بهذا الشكل ـ بذلك النوع المتميز من الأجناد، أجناد العقيدة الإسلامية ـ في أجواء رمضان العابقة بشذى الإيمان والمضمَّخة بندى الإسلام• فبدا سهلاً، إلى حد أن وصفه نفر من الإسبان بأنه كان نزهة عسكرية، كله كان هو كذلك أمام هذا النوع من الجند أصحاب العقيدة الإسلامية، فهم قد استهانوا بالصعاب وبذلوا النفوس رخيصة من أجل رفع شأن الإسلام وحضارته الحقة، ومن هنا نرى أن الفتح نفسه لم يكن يحتوي على نزهة أو ما يماثل شكلها، وإذا كان هذا الوصف مقبولاً، فأمام هذا النوع من الجند، كانت التضحيات كثيرة والجهد كبير، والدروب شاقة، والمناخ شديد، والجو غريب، والأرض صخرية عنيفة، وكان مستوى العقيدة أعلى من ذلك وأكبر، فانساب الفاتحون في شوطهم بهذه السرعة، فبدت للآخرين كأنها نزهة، لكنها روحية من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض، وهي مجلبة لراحة المؤمن وفرحته بنصر الله إن عاش وبجنته إن استشهد(5)• وفي هذا يقول عز من قائل: (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين) التوبة:52• ولقد نتج من هذا الفتح المبين، أن انطلقت أمتنا الإسلامية انطلاقتها الحضارية في رمضان، ووصل إشعاعها إلى أوروبا المظلمة آنذاك،

بلاد السند
ففي رمضان استطاعت الأمة الإسلامية أن تثبت هذه الوثبة الحضارية، وبالتالي انتقلت وثباتها التالية إلى مناطق شتى من العالم، وصل إليها الإسلام بفضل الفتوحات الإسلامية التي تمت إبان العصر .
وفي نفس الشهر كان محمد بن القاسم الشاب الذي كان تحت سن العشرين يشق جبال السند ومعه قلة باسلة من الشباب المسلم منهم من حملته السفن ومنهم من كان يمتطي ظهور الخيل وكانت المعركة الفاصلة مع داهر ملك السند الذي خرج على رأس جيش من ركاب الأفيال ليبث الرعب في قلوب الفرسان ولكن الخيل كانت أشد صمودًا ودخل الإسلام بلاد السند ومنها إلى بلاد الأفغان على يد هذا الفاتح الشاب.



فتح عمورية
في سنة مائتين وثلاث وعشرين للهجرة، وفي شهر رمضان المبارك اقتحم المعتصم بالله العباسي حصون عمورية في مائة وخمسين ألفاً من جنوده.. وكانت عمورية غرة في جبين الدهر، والدرة والتاج في تأريخ الإسلام.. ولقد نقل إلى الخليفة أن امرأة مسلمة من العفيفات قد وقعن في يد جند من جنودالروم، فلما هم بسبيها نادت: وامعتصماه.. وامعتصماه.. فهز النداء نخوته، وأثار رجولته، وقال: لبيك.. لبيك.. فنهض المعتصم، ولبس لامته وتقلد سلاحه، وركب حصانه، وصاح بالنفير وهو على أبواب قصره.. وأقسم ألا يعود إليه إلا شهيداً محمولاً على الأعناق، أو ظافراً منتقماً للمدينة الغالية المنكوبة، والمرأة المسلمة المغصوبة.. وفي أرض المعركة قاتل الجيش المسلم الروم.. ولم تغب شمس يوم السابع عشر من شهر رمضان سنة مائتين وثلاث عشرين للهجرة إلا وكانت المدينة العريقة العتيدة قد فتحت أمام جيوش المسلمين المنتصرة.. وشوهد المعتصم بن الرشيد يدخل مدينة "عمورية" على صهوة جواده الأصهب .. وقد نكس رأسه خضوعاً لله وشكراً على نعمائه.. وعاد المعتصم الظافر إلى بغداد بعد هذا الفتح الكبير

موقعة حطين
من أيام رمضان المشهودة أيضا موقعة حطين فلقد تجمع الصليبيين الذين جاءوا من أوروبا طمعا فى خير الشرق وفى أرض الشام وفلسطين أقاموا القلاع كما حصنوا المدن الساحلية وحشدوا جيشا عظيما قوامه 70 ألف من المشاة والفرسان وأخذوا يعيثون فى الأرض طغيانا وفسادا وعملوا على إذلال المسلمين والتنكيل بهم.وجاء صلاح الدين الأيوبى فوحد صفوف المسلمين وجمع جيشا من كل البلاد بقيادة مصر وبنى خطة حكيمة مستعينا ومتجها الى الله ودخل فى معركة فاصلة واستمر لهيب المعركة مستعرا حتى انقشع غبارها عن هزيمة منكرة للصليبيين وتم نصر المسلمين فى شهر رمضان العظيم وتهاوت قلاعهم فلم تغن عنهم شيئا وامتلأت أيدى المسلمين منهم بالأسرى. وأمتلأت منهم الأرض بالجثث.

معركة عين جالوت
ظهر جنكيز خان فى شمال الصين ومن وراءه جاء هولاكو يقود جيوشا جرارة من التتار التى تقدمت فى البلاد تقتل وتخرب وتدمر كل شىء الأخضر واليابس دمرت الحضارة ودور العبادة ةأصبحت خطرا على البشرية جمعاء واندفعت هذه الجيوش الهمجية فى ايران والعراق وجاءت بغداد فهدمت القصور وسفكت الدماء وحرقت الكتب ودمرت كل شىء وقدر القتلى بمليونين وثمانمائة ألف من المسلمين ولم يتركوا الأخضر ولا اليابس وبدأت مدن الشام تتساقط فى أيديهم حتى وصلوا الى غزة وزاد غرور التتار وتوحشهم .ولكن الله جعل عبدا من عباده الصالحين يتصدى لهم هو سيف الدين قظز فى مصر وجاءت رسل التتار نذر الخراب سنة 658 هجرية وسلموا قظز إنذارا. فكان جواب قظز أن أمر بقتلهم وكانوا خمسة عشرا رسولا وتعليق رؤوسهم على أبواب القاهرة وبدأ بتجهيز جيشاً مصرياً قوياً ومن كل المسلمين بدأه باصلاح دينهم والاتجاه الى الله ورد الحقوق ونشر العدل ورفع الظلم وتقديم النفس والنفيس فى سبيل الله ودعى المسلمين من كل مكان أن يتحدوا ويتجهزوا معه فى جيش واحد لقتال جحافل التتار وتخليص بلاد المسلمين.
وزحف جيش المسلمين الى عين جالوت وفى 15 رمضان من سنة 685 هجرية وجه الجيش الاسلامى هجوما قويا شديدا على جموع التتار وتم سحقهم سط نداءات القائد المظفر قطز والمسلمون: وا إسلاماه وا إسلاماه.وانتهى اليوم الخالد بانصار عظيم للمسلمين وتم كسر شوكة التتار وبذلك تم انقاذ البشرية كلها من هذه الشعوب البربرية المتوحشة سفاكة الدماء. حرب العاشر من رمضان / السادس من اكتوبر

معركة العاشر من رمضان

ومن ملاحم رمضان الخالدة نصر العاشر من رمضان فبعد أن احتل اليهود سيناء الحبيبة والجولان والضفة والقدس وغزة فى 5 يونيو 1967 م وأخذوا يتغنون بأسطورة جيشهم الذى لا يقهر ويذلون العرب من أدناهم الى أقصاهم وعاشت مصر والعرب بل المسلمين جميع 6 سنوات من المذلة والهوان ولكن مصر اعادة بناء جيشها وجهزته بالعتاد وخيرة الشباب وبالتخطيط الجيد مع الشقيقة سوريا وبارادة صلبة قوية وايمان قوى عظيم وبخطة دقيقة محكمة فجاءت اسرائيل والعالم كله الساعة الثانية بعد الظهر وفى رمضان 1393هـ انطلقت أكثر من 220 طائرة تدك خط بارليف الحصين ومطارات العدو ومراكز سيطرته وفى نفس الوقت سقطت أكثر من عشرة آلاف وخمسمائة دانة مدفعية وتعالت صيحات الله أكبر وتم عبور القناة واقتحام حصون العدو وتحطيمها واندحر العدو وهزم شر هزيمة ورجعت أرض سيناء كاملة بعد ذلك نتيجة لهذه الحرب المجيدة وهذا الشهر العظيم شهر عزة المسلمين والذلة لأعداء الحق أعداء الدين، وقد استغل فرعون مصر أنور السادات هذا الانتصار العظيم الذي حطم زعم الحكام العرب أن جيش اليهود لا يُقهر في الخيانة العظمى، بزيارة القدس في ظل الاحتلال وخطابه أما م الكنيست اليهودي ومن ثمّ ابرام صلح مع يهود.

منقول

حاتم ناصر الشرباتي
22-08-2010, 03:31 PM
ليلة القدر خير من ألف شهر

بقلم : الأستاذ فرج الشهاوي

قال تعالى : "إِنَّا أَنْزَلْنَاه فِيْ لَيْلَةِ القَدْرِo وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِo لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍo تَنَزَّلُ الملاَئِكَةُ وَالرُّوْحُ فِيْهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلّ أَمْرٍo سَلاَمٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الفَجْرo" تحدّثتِ الآيات عن نزول القرآن الكريم ، وعن فضل ليلة القدر على سائر الأيام والشهور ، لما فيها من الأنوار القدسية والتجلّيات الربّانية والنفحات ، التي يفيض بها البارئ – جلّ وعلا – على عباده الصائمين ، تكريمًا لنزول القرآن ، وكما تحدّثت عن نزول الملائكة الأبرار حتى مطلع الفجر ، وبأنها ليلة عظيمة رفع الله قدرها ، وأن العبادة فيها خير من ألف شهر. كما أجمع المفسرون أنها منحة ربّانية للأمة الإسلامية ولرسولها عليه الصلاة والسلام .

ما أسباب هذه المنحة الربّانية ؟

وقد رُوِيَ يومًا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، أن رجلاً من الأمم السابقة على الإسلام ظلّ يجاهد في سبيل الله ألف شهر، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم مهمومًا؛ لأن أمته قصيري الأعمار، قليلي الأعمال !!! فدعا ربّه، وقال: "يا ربّ جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارًا وأقلّها أعمالاً"، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: "ليلة القدر لك ولأمتك خير من ألف شهر جاهد فيها ذلك الرجل" رواه "ابن عباس"، وقال "مجاهد": عملها وصيامها خير من ألف شهر .

لماذا سُمِّيَتْ بـ "ليلة القدر"؟

وسُمِّيَتْ بـ "ليلة القدر"، لعظم قدر ما وقع فيها من بدء نزول القــرآن ، وبعثة النبي "محمد" –صلى الله عليه وسلم – برسالة الإسلام كخاتمة للرسالات السماوية، أو لرفع الله ثواب الصائمين وثواب العبادات فيها إلى الألف في غيرها ، ولما جعل الله فيها من الفيض الربّاني وما فيها من التجلّيات ومن هذه النفحات الربّانية .

فيا سعد من أحياها بالقيام وبقراءة القرآن الكريم وبذكر الله فيها حتى تفيض على الذاكرين البركات وتتجلّى عليهم الرحمات ، قال تعالى: "فَاذْكُرُوْنِيْ أَذْكُرُكُمْ وَاشْكُرُوْا لِيْ وَلاَ تَكْفُرُوْنَ"، كما أن فيها حكمة الصوم الصبر والحكم .

ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر ؟

من مأثور الأقوال عن إخفاء ليلة القدر في شهر رمضان أو في العشرة الأواخر من رمضان ؛ لأن الله أخفى أمورًا في أمور، لحكم جليلة ولمصالح عظيمة لكي يجتهد العباد في العبادات وفي الطاعات:

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "إن لله في أيام دهركم نفحات ، ألا فتَعرَّضوا لها ، فلعلّ أحدكم تصيبه نفحة ، فلا يشقى بعدها" . ومعنى التعرّض لها أنها فضل من المنعم على عباده ، ولعلّ أَنّ ليلةَ القدر من أعظم ما يفيض الله به على أمة الإسلام، قال الله عنها : "حـٰـم * وَالكِتَابِ المُبِيْن * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِيْ لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِيْنَ * فِيْهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيْمٍ".

· فأخفى الله ليلة القدر في ليالي رمضان ؛ ليجتهد الصائمون في كل لياليه .

· وأخفى الله ساعةَ الإجابة في يوم الجمعة وليلها؛ لنداوم الدعاء فيهما معًا .

· وأخفى الله الصلاةَ الوسطىٰ في الصلوات الخمس ؛ لنحافظ على كل الصلوات .

· وأخفى الله اسمَه الأعظم ، الذي إذا دُعِيَ به أجاب ؛ لندعوه بكل أسمائه الحسنى .

· وأخفى الله رضاه وثوابه في طاعته وعبادته ؛ لنحرص على العبادات كلها .

· وأخفى الله غضبَه في معاصيه ؛ لكي ينزجر العباد عن كل معاصيه .

· وأخفى الله وَلِيَّهُ في عباده الصالحين ؛ لنحسن الظن بكل الصالحين من عباده .

· وأخفى الله يوم القيامة ؛ ليكون العباد في خوف واستعداد ليومها .

· وأخفى الله عن الإنسان أجله ؛ ليكون الإنسان دائمًا في خوف من حساب ربه .

تحديد ليلة القدر في خلافة "عمر" – رضي الله عنه –

في خلافة "عمر بن الخطاب" رُؤِيَ اختلاف الآراء في تحديد ليلة القدر ، بأنها في شهر رمضان، ثم قالوا : بأنها في العشر الأواخر من رمضان ، ثم قالوا: بأنها في ليالي الآحاد التي هي ليلة: 21-23- 25- 27- 29، ثم توقّفت آراء الصحابة، فأراد "عمر" دقة التحديد، وكان "عمر" – رضي الله عنه – يمتاز بأنه من أصحاب "الإلهامات"، وممن يعرفون بأصحاب الحاسة السادسة ، فأرسل إلى الصحابي الجليل "عبد الله بن عباس"، وكان لا يزال شابًا في ريعان الشباب. إلاّ أنه كان يلازم رسول ا لله – صلى الله عليه وسلم – ملازمة العين لأختها ، وكان يجهّز له ماءَ وضوئه، ويصبّ عليه إذا أراد الوضوء ليل >راد >نها في العشر الأواخر من رمضان ، ثم قالوا: بأنها في، وفي ليلة باردة وجد الماء شديد البرودة ، فأوقد النار وأدفأ ماء الوضوء. وبعد أن توضأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سَرَّهُ تصرّف "عبد الله" في إدفائه الماء، فرفع يديه ودعا له "اللهم فَقِّه في الدين وعلِّمه التأويل"، فاستجاب الله لرسوله – صلى الله عليه وسلم – فكان عبد الله يحفظ ما يقرأ ولو لمرة واحدة، وكان إذا حفظ لاينسى ، واشتهر برواية الحديث ، وفي تفسير القرآن ، وفي الفقه ، وكل علوم الإسلام ،حتى قالوا عنه بأنه: حبر أمة الإسلام الذي لا ينسى .

تحديد ليلة القدر في "27" رمضان

فطلب "عمر" من "عبد الله بن عباس" عن رأيه في تحديد ليلة القدر، فقال : يا أمير المؤمنين: إن السموات سبع ، والأرضين سبع ، وفاتحة الكتاب سبع، نَزَل القرآن الكريم على أحرف سبع، وتطورات خلق الجنين في بطن أمه سبع ، والطواف حول الكعبة سبعة أشواط، والسعي بين الصفا والمروة سبع ، ورمي الجمار سبع، ونحن نسجد على سبع، ويأكل الإنسان من حبوب سبع . وظلّ يُعَدِّد من أمور الحياة مع الإنسان على سبع . ولذلك فإني أرى أن ليلة القدر هي "ليلة 27 رمضان" ، فكبّر من حضر من كبار الصحابة وشيوخ وعلماء المسلمين ، حتى ارتجت جنبات المدينة كلها تأييدًا لرأي "ابن عباس" وسعدوا برأي "ابنٍ عباس" ، وقال "عمر" مؤيدًا ومشاركاً له : لقد فطنت لما لم نفطن إليه ، ومنذ إقرار "ابن عباس" وتأييد الصحابة رضي الله عنه وهي في ليلة 27.

كيف نحيي ليلة القدر ؟

فعلينا أن نحيي ليلة القدر بالتفرّغ الكامل للعبادة وبالصلاة وبالقيام ، وأن نتوب إلى الله توبةً نصوحًا عما وقع منّا من أخطاء ، وأن نردّ ما علينا من حقوق إلى أصحابها ، وأن نكثر من قراءة القرآن الكريم ، وأن نكثر من الاستغفار، ومن ذكر الله تعالى، وأن ننصرف عن مشاهدة الملاهي والتلاهي في تلك الليلة العظيمة، داعين الله راجعين إليه منيبين سائلين الله من كلّ قلوبنا ، بأن نكونَ من العُتقاء والمقبولين في تلك الليلة ، ليلة الغفران وقبول التوبة ، فهي يا أخي القارئ ! ليلة الفيض الربّاني، والعبادة فيها خير من عبادة "ألف شهر" خالية من ليلة القدر، أي 3/831 عامًا لعابد متفرّغ، فيا سعد من أحياها بحقها ، ويا خسارة من غفل عنها وضيَّعها!!

"إن للّه في أيّام دهركم نفحات"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن لله في أيّام دهركم نفحات ، ألا فتعرّضوا لها ، فلعلّ أحدكم تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا" ، ومعنى التعرّض لها أن يجتهد فيها كلّ جهده ، وأن يخلص النيّة لله واثقًا من وعد ربه ومن فضله ومن فيضه ، وأنّها ليلة تشرق فيها الأرض بنور ربها، حيث يتجلّى الله على عباده في تلك الليلة : ألا هل من مستغفر فأغفر له .. ألا هل من تائب فأتوب عليه ، ألا هل من داع فألبيّ دعاءه ، ويباهي اللهُ الملائكة بعباده الصائمين العابدين .

ليلةُ القدر هي جوهرة الليالي والأزمان

ليلةُ القدر هي جوهرة الليالي، وسيِّدة الزمان، وأكبرُ منحة ربّانيَّة للأمّة الإسلامية . فمن أراد الله له التوفيق والسعادة فيجب عليه أن يتخلّى فيها عن مشاغل الدنيا وملاهيها ، وأن يتّجه إلى الله بكل قلبه ونفسه وكيانه نادمًا على ما فات عازمًا على الخير كلّ الخير فيما هو آت ، وأن نؤدّي ما علينا من زكاة وصدقات ، وأن نصلَ أرحامنا وغيرهم من الضعفاء ومن الأيتام ؛ لأنّ الصدقةَ على القريب المحتاج لها ضعف ثوابها على غيره . وعلينا أن نتّجه إلى الله بكل حواسنا وبكل إحساسنا ؛ لأنّ الثواب والأجر سيكون لمن أخلص فيها وصدق.


ربــاه كفَّارَتي عَــنْ كُلّ مَعْــصِيَةٍ
أنّي أتَيْتُ وَمِـــــلْءُ القلب إيمـانُ

أتيتُ أَدْرُقُ بابَ كلِّ مُــــــذْنِبٍ

أتاه يَرْجِعُ عنــه وهو جــــذلانُ

فَاغْفِرْ وسامِحْ وتُبْ واصْفَحْ فَفِي كَبِـدِيْ

الإثمُ يَصـرُخُ والإحساسُ يقـــظانُ

يَا مَن يَرىٰ مَا في الضمـــير ويَسْمَعُ

أنتَ المعـــــدُّ لِكُلِّ مَا يَتَــوَقَّعُ

ما لِيْ سِوىٰ قَــرْعِيْ لبابِك حِيْــلَةٌ

وَلَئِنْ رُدِدّتُ فَأَيُّ بَـــابٍ أَقْــرَعُ؟!!

نداء لكل مسلم ومسلمة بالدعاء في ليلة القدر
الأمّة الإسلامية إمكاناتها المادية كبيرة في سعة أرضها وكثرة اليد العاملة ، وفيما رزقهم الله به من تحت أرجلهم "وماتحت الثرى" من البترول وكنوز المعادن في أرضهم وجعل الله قوّتهم في وحدتهم ، ويعرف ذلك أعداؤهم فسعوا بينهم بالوقيعة ؛ لتفريقهم ولاحتلال أرضهم ، ونهب خيراتهم على مبدأ "فَرِّقْ تَسُدْ" . وقد وقعت الواقعة ، وكلّ يوم يُقتل منهم العشرات على أرض فلسطين أو العراق ، وفي فتنة واسعة يقتل فيها المسلم أخاه المسلم !!! وحصنُ الأمة الإسلامية في وحدتها ، قال تعالى: "وَمَنْ يَعْتَصِمْ باللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيْمٍ..." "وَاعْتَصِمُوا بِحبْلِ اللهِ جميعًا وَّلاَ تَفَرَّقُوا" (آل عمران:103)

فاسْئَلوا الله في ليلة القدر أن يعيدَ للأمّة الإسلامية وحدتَها وقُوَّةَ إيمانها وعزّتِها .


قصدتُ بابَ الرِّجَا والناسُ قَدْ غَفَلُوا

وبتُّ أشكُو إلى مـولايَ مَا أجـِدُ

وَقُلْتُ يَا أَمْلِيْ في كلِّ نائبــــةٍ

يَا مَنْ عليهِ لِكَشْفِ الضُرّ اعتمــدُ
فلا تَرُدّنّها يا ربّ خــائبـــةً

فتجدُ جُودك يَروي كلّ مَن يَــرِدُ

حاتم ناصر الشرباتي
30-06-2011, 09:10 AM
الاسراء والمعراج جاءت من ضمن البشارات


حاتم ناصر الشرباتي ( أبو ناصر )


﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وءآتَيْنا موسى الكِتابَ وَجّعَلْناهُ هُدْىً لِبَني إسْرائيلَ، ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح " تَقْدِيره يَا ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح فِيهِ تَهْيِيج وَتَنْبِيه عَلَى الْمِنَّة أَيْ يَا سُلَالَة مَنْ نَجَّيْنَا فَحَمَلْنَا مَعَ نُوح فِي السَّفِينَة تَشَبَّهُوا بِأَبِيكُمْ " إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا.﴾[1]

لقد جاء توقيت حادثة الإسراء والمعراج توقيتاً له دلالته وحكمته، مرتبطاً بما قبله، ومبشراً بما بعده من أحداث عظام وذات تأثير سياسي سيكون له وقع التأثير الفاعل على الموقف الدولي، ومغيراً للخارطة السياسة في العالم أجمع، وذلك أنّهُ في الوقت الذي فقد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم سندين فاعلين في سنة واحدة، أمّا أول السّندين فكان فقد الزوجة الصالحة – خديجة بنت خويلد - التي يسكن إليها وتسكن، وأول من آمن برسالته وأسلم، من كانت عزاءه ومعينه عن جحود المجتمع وتكذيبه له ولرسالته. وصحبة العشير الحسنة تقوي النفسية وتزيد الطمأنينة، وتعطي الحماس اللازم للعمل، وهكذا كانت منذ لحظة أول نزول للوحي، فأعطته الدفعة الخيرة والعون الشديد. أمّا ثانيهم فكان موت عمه أبو طالب بن عبد المطلب، ذلك السند الذي غطى له وأمن له الحماية المانعة للأذى وأعطته الحماية من جبروت وطغيان الاستبداد في المجتمع القرشي ، فحصنه من أذى الكفار والمشركين بمكة. فكان الرجل بالرغم من كفره ، له مكانة مرموقة وشرف رفيع في الكيان القرشي ، فهو من أعيان القوم ووجهائهم ومن أشراف القوم وقادتهم ، وأبن قائدهم وزعيمهم عام الفيل، فهو والحالة على ما رأينا أهل لأن يجامله القرشيون قادة وأفراد، فما دام أحد قادة المجتمع المشاهير، فله بقوانينهم وأعرافهم وتقاليدهم وعاداتهم أن يبسط حمايته الفاعلة على ابن أخيه ، يحميه ويبعد عنه الأذى.
وبموت هذين السندين العظيمين في سنة واحدة ، فَقَدْ فَقَدَ الرسول صلى الله عليه وسلم السند ألبيتي الداخلي الذي يسكن إليه ويعزيه خيراً على جحود المجتمع الخارجي، وينسيه همومه ولو إلى حين. كما فقد سند الحماية الخارجي المتمثل بعمه أبا طالب، ذلك السند الذي كفاه أذى وتعرض سفهاء الكيان له، فكما يقولون بالأمثال فقد وصل بهذا لمنزلة الوقوع بين السندان والمطرقة. والسند البشري معرض عادة للتغيير والتبديل، ومعرض أن تعصف به عواصف تبدل وتغير المزاج والأهواء، ومعرض لتقلب درجات الحب والكراهية، كما أنه متعرض للزوال والفقدان بموت السند أو فقدانه الوجاهة والنقابة والشرف، ومع تلك المصائب التي تزاحمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثر على حمايته في المجتمع، فقد بقي له السند الحقيقي الأكبر، نعم السند الحقيقي الأكبر الذي لا يفنى ولا يموت، ولا يخضع لتقلبات المزاج وعوامل الفناء، ذلك السند العظيم الذي بعثه رسولاً وباركه وأنعم عليه بالهداية والرسالة ، والذي لا يمكن أن يتخلى عنه بحال.ومع إيمان الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله تعالى وقد أرسله رسولاً مبشراً ونذيراً للبشرية جمعاء، لن يخذله أبداً، بل هو ناصره ومظهر دينه ولو كره الكافرون، فوعد الله قائم ولا بُدّ، وعد الله المتضمن الاستخلاف في الأرض، والمتضمن التمكين، مما يحقق ولا بد تبديل خوف المسلمين أمناً.

وإيمان الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمن بضرورة تحقق الوعد الحق ما شاء الله، ومؤمن أن الله تعالى ناصره ولن يخذله بتاتاً، لذا فقد توجه لربه مناجياً ، مناجاة المؤمن بتحقق الوعد ، مهما طال الزمن:

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بي علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

مع إيمان الرسول صلى الله عليه وسلم بتحقق الوعد، وعد من ناجاه مناجاة من يرى نفسه ضعيف القوة أمام قوة الله، وقليل الحيلة إن لم يسنده الله، وهوانه على الناس إن لم يتحقق الاستخلاف والتمكين، حيث سيتبدل الخوف أمناً. فكان لزاماً ولا بد من ربط الأسباب بمسبباتها، وكان لزاماً ولا بد من له بعد أن فقد السّند البشريّ ، والحماية البشريّة ، ، وكان لزاماً ولا بد وقد بدأ يتعرض لأذى الكفار وعدوانهم، كان لزاماً ولا بد من أن يفتش عن سند أرضي بشري آخر يعطيه ودعوته الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين.

وفي طريق تحقق الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين: فقد عرض نفسه على القبائل ومراكز القوى التي تحقق النصرة والتمكين. تلك القبائل التي أصمت آذانها عن سماعه، وأدرات له ظهرها، وأغلقت الأبواب أمام أي حوار في ذلك، فتوجه إلى قبيلة ثقيف بالطائف، علها تكون مركز القوة والمنعة التي تبسط حمايتها ونصرتها له ولدعوته، وثقيف وهي إحدى مراكز القوى المشركة الملحدة، لم تكن النصير الذي يبغي، ولم تكن المنطلق للدعوة الذي أراد، فقد أصمّت آذانها عن سماع دعوة الحق، فآذته بالقول، بل آذته بالفعل واضطهدته، مرسلة خلفه صبيانها وسفهائها بالحجارة يرشقونه، وبالطرد من الطائف يلاحقونه، وبالشتائم بأذونه.

أمّا وقد أعيته الحيلة في نصرة البشر – بعد استكماله ربط الأسباب بمسبباتها – ففي السماء تتحقق ولا بُدَّ النصرة الحقيقية – نصرة ربُّ البشر - ، وإنَّ له من الإيمان القطعي بأنَّ من أرسله لن يخذله أبداً، وإن اتفق كافة البشر على خذلانه. فتوجه إلى ربه ومصطفيه بالرِّسالة ومحمله الأمانة ضارعاً متذللاً مبتهلاً، يبث له همومه وآلامه، شاكياً له ظلم البشر وتحجر قلوبهم وعقولهم على الشرك والكفر، مما أضفى على نفسيتهم العناد والعقوق، وشاكياً له عقوقهم وما قابلوه به من أذىً وسفاهات، شاكياً له ما يعلم ونعلم، وما يعلم ولا نعلم، مناجياً إياه مناجاة المؤمن صاحب العزيمة الحديدية التي لا تفتر ولا تكل ولا تمل، ومعاهداً ربّه على مواصلة المسيرة بلا توقف، مسيرة الخير المرتكزة على كلمة التقوى’، التقوى العقائدية الباعثة للآمال والمطمأنة لنتائج الأعمال؛ بالرغم مما شاهد ورأى من عقوق البشر وتحجر قلوبهم، وشدّة أذاهم له ولصحبه.

فهو لم يحمل أبداً لواء دعوة مادية، تفتر همته لصد الناس عنها، كما أنه ما حمل لواء دعوة للزعامة والنفوذ، وقد عرضها عليه القوم سابقاً ورفضها بكل إباء، ولا أراد المال الوفير يملكه ولا النفوذ يصاحبه. فلم يكافح من أجل تحقيق مكاسب آنية لنفسه، بل إنّه يجاهد لنشر دعوة التوحيد ، صادعاً بما يُأمر، مؤمناً برسالة الخير الحامل لوائها، لذا فقد حمل المشعل الخالد، مشعل الهداية والنور، مشعل سعادة البشرية وتحقق سلامها وأمنها، المستحيل التحقق إلا في دعوته وتحت لواء رايتها. فما دام الأمر كذلك، وما دام يحمل لواء دعوة لإسعاد البشرية جمعاء، فهو لا يريد لمن آذوه وخذلوه وعذبوه، وحالوا بينه وبين نشره لدعوته.

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بي علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

كان هذا دعاء وابتهال ومناجاة ، وبث هموم وآلام وعجز، وإعلام من العاجز للعليم علام الغيوب، إعلام له بما هو أعلم، ايصال رسالة وصلت قبل ارسالها، والمقصود من الرسالة المناجا ة والاعتذار ، وبث واقع ما يعتريه من قلة الحيلة والوسيلة، مناجاة تحمل في سطورها وبين طياتها أقوى درجات الإيمان ومراحله. نعم: دعاء كلّه ايمان بالخالق السميع البصير العليم، عالم السِّر وأخفى، دعاء الضعيف الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً ، إلى من يملك بيده ناصية الأمور، دعاء من استنفذ الأسباب إلى من أوجد الأسباب والمسببات، دعاء المضطهد المعذب إلى المعز الناصر المنتقم الجبار ، دعاء من آمن بأنّ الناس مهما بلغت كياناتهم قوة وجبروتاً وطغياناً ، وملأ انفسهم بذرة الشر والانتقام والجبروت موصلة اياهم لحالة العزة بالأثم ، فإنّ فوقهم المالك الحقيقي للعزة والجبروت، ومن له وحده القوة الحقيقية، ومن هو قادر على التغيير متى وأين شاء.

بعد تلك المناجاة الفريدة في نوعها، الرائعة في أسلوبها، المؤثرة في مناسبتها، مناجاة العبد المتذلل للخالق المعين المنتقم الجبار، مناجاة لا للانتقام والثأر ، لا بل مناجاة ودعاء وتوجه إلى الذي حُقَّ للجبال أن تخرَّ لهُ سُجّداً، فكان لا بُدَّ أن يأتيه جواب السّماء، فمن يسأل ينتظر الجواب، وكان الجواب الحق من ربّ السماء بأنّ الله قد سمع دعاء وابتهالات وتضرع رسوله ، لذا فسيُعَلمَهُ من آياته الكبرى أنّ النصر لا يأتي إلاّ بعد تعسر والأمور وتعقدها، وبعد أن تشتد المحن والكروب والمصائب، والنصر يأتي من الله لا من عمل العبد، فيأتي بعد أن تعيي الانسان الحيلة، ومن البديهي أنَّ الله قادر على أن أن ينعم على رسوله بالنصر المؤزر والتمكين دون أي عناء أو جهد، وبدون امتحان يعقبه صبر، وبدون صبر جائزته المغفرة........

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾

﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾

ولكنها سنة الله وإرادته، ولن تجد لسنة الله تبديلا، فكما أنّ جفاء البشر ومقاومتهم للدعوة لا يعني نقطة المنتهى، وهنا جوهر الرسالة : بشارة السماء أتت بعد استفراغ الجهد في ابتكار الارهاصات : سيُسرى بك إلى القدس لتصلي بالأنبياء في المسجد الأقصى المبارك وما حوله، وإلى السّماء سيعرج بك ، وسترحب بك السماء وتحف بك ملائكتها، وسأريك من آياتي وقدرتي ما يعطيك القوة والدفعة المحركة على معاودة الكفاح والدعوة، والصبر على الصد والأذى، وهذا حصل وكان، فقد اختصرت له المسافات الزمنية المتعارف عليها فيُسرى به للمسجد الأقصى ويصلي بالأنبياء فيه ليعرج للسماء ويخترق الحجب والسماوات العلى ويعود في ليلته للمسجد الحرام، وتلك كانت المعجزة المبشرة بالنصر والتمكين.

ولتعلم أنّ الله الذي أنعم عليك بالمعجزة لقادر على أن ينصرك ويعزك ويمكنك ، وقادر على أن يدك عروش الشرك والطاغوت وكيانات الجهل وعمي البصيرة. ولكنه تشريع السماء ، تشريع لك طريق سير ملزم لمن يأتي بعدك أن يتعلم منه، وأن يتقيد به لا يحيد عنه قيد أنملة. تشريع بأن يكلك أن تنتهج في عملك الأسباب تربطها بمسبباتها، مجتهداً ومكافحاً وداعياً إلى الله بالحق، حتى إذا آن الأوان أرسلنا اليك النصر، وأنعمنا عليك بالأمن، وتبديل الخوف أمنا.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾

( وفي رواية لأم هانئ - هند ابنة أبي طالب - تقول: إنّ رسول الله نام عندي تلك الليلة في بيتي فصلى العشاء الآخرة ثمّ نام فنمنا . فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله ، فلما صلى الصبح وصلينا معه، قال: يا أم هانئ . لقد صليت معكم العشاء لالآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثمّ جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثمّ صليت صلاة الغداة معكم كما ترين، فقلتله : يا بني لا تحدث به الناس فيكذبوك ويأذوك. قال: والله لأحدثنموه. ) قال البيهقي : وفي هذا السياق ، أنّ المعراج كان ليلة اسري به عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس. وصدقه ايبن كثير قائلاً : وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية.

الآن ، ماذا كان وقع الحادث على المشركين من قريش ؟ فيما رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس بطريق زرارة بن أوفى :

(‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ‏ ‏وَرَوْحٌ ‏ ‏الْمَعْنَى ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏عَوْفٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ‏ ‏عَنِ ‏ ‏ابْنِ
(‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ‏ ‏وَرَوْحٌ ‏ ‏الْمَعْنَى ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏عَوْفٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ‏ ‏عَنِ ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏قَالَ ‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي وَأَصْبَحْتُ ‏‏ بِمَكَّةَ ‏ ‏فَظِعْتُ بِأَمْرِي وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ فَقَعَدَ مُعْتَزِلًا حَزِينًا قَالَ فَمَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ ‏ ‏أَبُو جَهْلٍ ‏ ‏فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَعَمْ قَالَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ قَالَ إِلَى أَيْنَ قَالَ إِلَى ‏ ‏بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏ ‏قَالَ ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَمْ يُرِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِذَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَعَمْ فَقَالَ هَيَّا مَعْشَرَ ‏ ‏بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ‏ ‏قَالَ فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا قَالَ حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ قَالُوا إِلَى أَيْنَ قُلْتُ إِلَى ‏ ‏بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏ ‏قَالُوا ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ زَعَمَ )
نعم : التكذيب والاستنكار من كفرة قريش، يقابله إيمان الواثق المطمئن لصدق الرسالة والرسول أتت بجملة من أبلغ الأقوال ( إن قالها فقد صدق ) تلك كانت مقولة الصديق، تصديق جازم لا يتخلخل، يقابله ردة عن الدين الحق من ضعاف إيمان لم يفهموا معاني وروعة الحدث، وعلم السماء المبشرة لنا بشارات التمكين والنصر قائمة للآن منها فتح روما ، ومن القوم من يراه بعيداً بل مستحيلا، ومنهم من يراه قريباً ويتحكم في ذلك نوعية وحجم الايمان.
فمن الناس من يصمد للتعذيب ووقع السياط وقطع الأعناق والأرزاق يثبتهم على ذلك حسن الأمل وحسن تقبل بشائر السماء، ومنهم من لم يصل ايمانه بوعد الله التصديق فخذل نفسه حين شكك وتشكك ورفض بشارات السماء.
نعم. لقد كانت حادثة الإسراء والمعراج بشارة من بشارات السماء لتزيد ايمان المومنين رسوخاً ولتثبت وعد الله الحق، وبشارات السماء لنا في واقعنا الحالي لا زالت قائمة وسيتم التمكين ان شاء الله قريباً حيث سترتفع راية العُقاب مرفرفة فوق سماء روما كما بشر رسول السماء ويومئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله وتحقق بشارات التمكين.
حاتم الشرباتي - ابو ناصر -

حاتم ناصر الشرباتي
31-07-2011, 01:56 PM
مع شذى هذا الشهر المبارك

واطلالة هلاله الأغر


مع شذى هذا الشهر المبارك

واطلالة هلاله الأغر

أبعث اليكم أعطر التهاني مقرونة بأعذب المنى

داعياً الله أن يتقبل منكم الصيام والقيام والطاعات عموماً

وأن يعيدجه على الأمة الاسلامية في ظل دولة الخلافة

داعياً الله أن يتقبل منكم الصيام والقيام والطاعات عموماً

وأن يعيده على الأمة الاسلامية في ظل دولة الخلافة

وعساكم من عواده

د/ الماسة نور اليقين
02-08-2011, 03:48 AM
بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامه
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه
ورفع الله قدرك في أعلى عليين
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك
احتــــرامي وتــقديري

حاتم ناصر الشرباتي
02-08-2011, 10:26 PM
بارك الله بالأخت الأديبة د. الماسة نور اليقين
وأدعوه تعالى أن يجعل القرآن يقين قلبك ومرشدك لطريق جنة الفردوس
غفر الله لنا ولك وأنار قلبك وسدد خطاك ووفقك لكل خير
اللهم آمين

:noc:

نادية بوغرارة
16-06-2012, 08:57 PM
دروس قيمة ،ومجهود نشكرك عليه ، قرأت،ولي عودة إن شاء الله تعالى .

بارك الله فيك وتقبل منك طاعاتك .

ربيحة الرفاعي
07-07-2012, 02:09 AM
سلسة مواضيع نافعة اجتمعت في هذه الصفحة لها علينا حق رفعها بينما تستعد القلوب والأرواح لاستقبال شهر الخير والرحمة

نسأل الله أن يبلغنا الشهر وأن يعيننا على أدائه بحقه

تحاياي

حاتم ناصر الشرباتي
09-07-2012, 11:13 PM
سلسة مواضيع نافعة اجتمعت في هذه الصفحة لها علينا حق رفعها بينما تستعد القلوب والرواح لاستقبلا شهر الخير والرحمة

نسأل الله أن يبلغنا الشهر وأن يعيننا على أدائه بحقه

تحاياي


أختنا ربيحة الرفاعي

أدعوا الله تعالى أن تقبل علينا أيام بيضاء في رمضان الخير بتحقق تصر الأمة وزوال الغمة

ونحت معاً على خير لن نفترق إن شاء الله

بكم ومعكم نسير وبكم نفتخر ان شاء الله

:noc::noc:

حاتم ناصر الشرباتي
10-07-2012, 01:19 AM
[B]أختنا ربيحة الرفاعي

أدعوا الله تعالى أن تقبل علينا أيام بيضاء في رمضان الخير بتحقق تصر الأمة وزوال الغمة

ونحت معاً على خير لن نفترق إن شاء الله

بكم ومعكم نسير وبكم نفتخر ان شاء الله




واستعدادا لإستقبال الشهر الكريم نبدأ بإسم الله المستعان:



كيف نفهم الصّيام؟


الشيخ عمر عون الله

*إمام مسجد ابراهيم الخليل بلدية تغزوت –الوادي

الصيام عبادة تعمَل على تزكية النّفس، وإحياء الضمير، وتقوية الإيمان وإعداد الصّائم ليكون من المتّقين، كما قال تعالى: ''كُتِب عليكُم الصّيام كما كُتِب على الّذين مِن قبلِكم لعلّكُم تتّقون:.

لهذا يجب على الصّائم أن يُنَزِّه صيامه عمّا يجرحه، وربّما يهدمه، وأن يصون سمعه وبصره وجوارحه عمّا حرّم الله تعالى، وأن يكون عفَّ اللِّسان، فلا يلغو ولا يرفث، ولا يصخب ولا يجهل، وألاّ يُقابل السيِّئة بالسيِّئة، بل يدفعها بالّتي هي أحسن، وأن يتّخِذ الصّيام درعًا واقية له من الإثم والمعصية، ثمّ مِن عذاب الله في الآخرة، ولهذا قال السلف: إنّ الصيام المقبول ما صامَت فيه الجوارح من المعاصي، مع البطن والفرج عن الشّهوة.

وهذا ما أرشد إليه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ''الصّيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - وفي رواية: (ولا يجهل) - فإن امرؤ سابَهُ أو قاتله فليقُل: إنّي صائم، مرّتين'' متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''مَن لم يَدَع قوْلَ الزُّور والعمَل به، فليسَ للهِ حاجةٌ في أنْ يدَعَ طعامَه وشرابَه'' رواه البخاري في كتاب الصوم. وقال أيضًا: ''رُبَّ صائم ليس - له من صيامه إلاّ الجوع'' رواه النسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه عنه أحمد والحاكم والبيهقي بلفظ: ''رُبَّ صائم حظُّه من صيامه الجوع والعطش''.

وكذلك فَهِم الصحابة وسلف الأمّة حقيقة الصيام، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس الصيام من الشّراب والطعام وحده، ولكنّه من الكذب والباطل واللّغو. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري: إذا صُمتَ فليَصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يومَ صومِك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء.. وكان أبو هريرة وأصحابه رضي الله عنهم إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا: نُطهِّر صيامنا.

وعن حفصة بنت سيرين من التابعين قالت: الصيام جُنّة، ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة! وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الكذب يفطِّر الصائم! وعن ميمون بن مهران: إنّ أهون الصوم ترك الطعام والشراب. والسؤال الجوهري في هذا الموضوع

هل فهمنا نحن حقيقة الصّيام؟ وهل سعينا جادين لنكسب التّقوى في هذا الشهر الكريم لتتحسّن أخلاقنا ومعاملاتنا ونُرضي بذلك ربّنا عزّ وجلّ ونصطلح معه؟

أم هل سيبقَى الصّائم في واد وسلوكه وأخلاقه في واد آخر؟ وهل سنكف عن اللّغو والغيبة والنّميمة والكذب والغشّ في التّجارة والانغماس في الشّهوات والملذّات وتضييع الأوقات والتّفنّن في إنشاء الخصومات؟ أم أنّنا فهمنا حقيقة الصّيام وسنعلنها توبة في هذا العام، لنخرج من شهر الصّيام وقد أخذنا دورة تدريبية في مهارة كسب التّقوى وطاعة الرّحمان، لنوظّفها في إصلاح حياتنا في سائر الأيّام لننال بها بفضل ربّنا جنّة الرضوان؟

اللّهمّ ألهمنا رُشدنا وبصّرنا بعيوبنا ووفّقنا لصيام هذا الشّهر الكريم إيمانًا واحتسابًا واكتبنا فيه من المتّقين واعتق رقابنا من النّار أجمعين آمين، آمين.


الخبر 28-07-2011م

ولنا عودة وجولات ان شاء الله ......... فشاركونا الترحيب بالشهر الكريم - شهر التكافل -


[/CENTER]

حاتم ناصر الشرباتي
03-08-2012, 11:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



مع شذى هذا الشهر المبارك شهر نزول القرآن



وإطلالة هلاله الأغر وليلة هي خير من ألف شهر



أبعث إليكم أعطر التهاني مقرونة بأعذب المنى



داعياً الله أن يتقبل منكم الصيام والقيام والطاعات عموماً



وأن يعيده على الأمة الإسلامية في ظل دولة الخلافة




وعساكم من عواده



حاتم ناصر الشرباتي


http://dc386.4shared.com/img/dp1ELS-d/s7/baba1.jpg