تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : و جاء رمضان



عبد الله راتب نفاخ
09-08-2010, 09:18 PM
و جاء رمضان



فديتك زائراً في كل عام

تحيا بالسلامة و السلام


و تقبل كالغمام يفيض حيناً

و يبقى بعده أثر الغمام

بني الإسلام هذا خير ضيف

إذا غشي الكريم ذرى الكرام

فشدوا فيه أيديكم بعزم

كما شد الكمي على الحسام

إمام الأدب العربي
مصطفى صادق الرافعي

يقبل رمضان كسماء شتائية على جزيرة خضراء هي نفوسنا ، فيدركها بغيومه المتلبدة الرمادية اللون التي تملأ الأفق هيبة و رهبة و جلالاً ،
و تملأ القلوب انتعاشاً بوابلها الهاطل خيراً و إحساناً ، و يخلصها مما لحق بها من أدران السنة و أوصابها ، فتعود النفس بعده زاهية نقية صافية كبركة ماء صنعها الندى فوق نبتة في أوائل الربيع .
يأتي رمضان على الأمة الإسلامية فيجدد لها دينها ، و يذكرها بأن خالقها جعل موسماً في السنة خالصاً للإيمان و الطاعة ، ينبغي لكل المؤمنين أن يدركوه و يغنموا ما فيه ، فإن تجاوزه أحدهم دون أن ينال منه طيب نشره فهو الخاسر المغبون ، و إن أدركه و سعى فيه بما يلزمه من السعي كان كمن ملك الدنيا بحذافيرها ، فرمضان شهر ليس ككل شهر ، و العبادة فيه ليست كأي عبادة .
عندما يقبل رمضان يعتري الناس إحساس غريب بوجوب الأخذ بتقاليده المعتادة ‘ فتنار المآذن ، و تعج الأسواق بالزبائن ، و تنتشر الأطعمة الشعبية المخصصة لهذا الشهر دون غيره ، و يتهافت الناس على شرائها لا محبة بها فحسب ، بل محبة بجو رمضان الذي لا يتم إلا بها ، و عندما يقبل رمضان يؤوب الناس إلى ربهم أوبة موسمية عند كثيرين ، و دائمة عند قلائل ، فالشهر الزائر كل سنة يعيد للناس تذكرهم بحق بارئهم عليهم ، فتعج بهم المساجد ، و ليتها تعج بنصفهم خارج الشهر الكريم .
و يحل رمضان على البشر كقادم يحمل شعلة مضيئة ، و يدعو التائهين في مغارة منسية إلى طريق الخلاص ، فيتبعه كل ذي حلم منهم ، و لا يستجيب له المتعجرفون الحمقى الذين يوقفهم تعجرفهم على شفا جرف هار يكاد ينهار بهم في واد عميق ، فليس أحد ناجياً من ديجور المغارة البهيم إلا من استضاء بتلك الشعلة التي تمر بجانبه ، فإن تجاهلها و نسيها فقد جنى على نفسه كما جنت على نفسها براقش ،
و رمضان نعمة تفتح ذراعيها للقادمين علهم يفقهون محبتها لهم و عطفها عليهم ، و لكن ما تفعل إن كان أكثر الناس لا يعلمون و لا يفقهون .
و في تجرد النفس للصيام الذي يمثله رمضان إعجاز نفسي و قلبي عظيم ، ، و سعي نحو الكمال الروحي الذي يقرب الفرد من خالقه أذرعاً لا أشباراً ، فبانتصاب سد الصيام في وجه شهوات النفس الهوجاء المستعرة و منعه إياها من التكالب الذي تعتاده طوال السنة تهذيب و تشذيب لها لتبقى على هذه الحال على مدار السنين و الأوقات ، علها تغير النهج المتفلت الذي لا يعود إلا بالشر على أصحابه و نفوسهم المأزومة ، و التخصيص بالشهر لا يعني حصر الحكم فيه وحده بل اتخاذه عهد صلح و تدريب على الطريق المستقيم الواجب سلوكه وحده ، و لهذا صدق من سماه مدرسة الثلاثين يوماً .
و في اقتران رمضان بالهلال جانب معنوي آخر ، هو ربط المسلم بالقمر المشع في الليل البهيم ، قمر رمضان المنير في ظلام الشهوات الحالك ، و تربص الناس للهلال رنو نحو السماء و روحانيتها الأزلية خلوصاً من الأرض و ماديتها المسعورة ، و تعليم للمؤمنين أن يترقبوه و إن كان فيه صوم و حبس للنفس عن ملهياتها ، فيظهر الشوق الكبير إليه ‘ و التطلع لرؤية الهلال المبشر بقدومه ، لينشر على الأرض سلامه و محبته و رحمته .
واهاً لك يا رمضان .... ما أجملك ، و ما أنقاك ، و ما أعذب صومك ، فيك نرى أرواحنا تأتلق و تتأجج لتغدو أسرجة وهاجة ، تضيء لقلوبنا طريق الحق الذي لاحق سواه ، و فيك تستروح أجسادنا من عناء الحياة فتذكر أنها ما خلقت لتكون أصلاً ، و إنما لتكون ساتراً لأرواح سكنت هذه الحياة مؤقتاً ، و أن مردها من بعد إلى خالقها لتحوم في سكون اللانهاية ‘ حيث لا تعب و لا جوع و لا مخمصة بإذن الله ... و الله مع الصادقين و الصابرين .

إسماعيل القبلاني
09-08-2010, 09:35 PM
أي روحانية نثرت هنا لتحلق بنا لسماء الروح

إن التعمق بالنص جعل مني معتكفاً فيه

ها أنت تغسل حروفنا ببياض حرفك

جزيت خيراً ووفقك الله .

عبد الله راتب نفاخ
10-08-2010, 04:51 AM
بارك الله بك أيها العزيز الغالي ....
إن لم يكن الأدب فسحة للروح ، فما هو إذن ؟؟؟
سلمك الله لهذا التعليق الطيب ...
شكراً لمرورك

عبدالله المحمدي
10-08-2010, 08:45 AM
كلمة شكرا - أخالها لا تفيك حقك أخي عبدالله ولكن لك مني امتنان يليق بكل هذا

دمت نقيا متألقا

عبد الله راتب نفاخ
10-08-2010, 11:02 AM
بارك الله بك أيها الكريم .......
و الشكر موصول لك لمرورك بكلماتي على تواضعها
:001: :001: :001:
:0014: :0014: :0014:

كريمة سعيد
10-08-2010, 11:17 AM
كلمات ماسية بمناسبة كريمة وعزيزة
دمت بهذا الصفاء والنقاء
وكل عام وأنت والأمة الإسلامية بألف خير وسلام
تقديري الكبير

عبد الله راتب نفاخ
10-08-2010, 10:24 PM
كلمات ماسية بمناسبة كريمة وعزيزة
دمت بهذا الصفاء والنقاء
وكل عام وأنت والأمة الإسلامية بألف خير وسلام
تقديري الكبير


و دمت بكل خير أيتها الغالية الكريمة ...
و ألف شكر لمرورك و كلماتك الطيبة
:0014: :0014: :0014:

إسماعيل القبلاني
10-08-2010, 10:36 PM
بارك الله بك أيها العزيز الغالي ....
إن لم يكن الأدب فسحة للروح ، فما هو إذن ؟؟؟
سلمك الله لهذا التعليق الطيب ...
شكراً لمرورك

هو حيث كنت أقيم سابقاً منفى الروح !

فإن لم تكن به فسحة للروح

فهو حيث يكبر التيه , ولن يصل أحد لوجهه معينة فيه

سنظل نناظل فيه ونسأل الله أن لا نتوه أكثر .

فالأفكار تجري بنا وأخاف أن نهرول عنها في هشيم أكذوبات كنهايات العباقرة والملاحدة ؟!

وجهة نظر شخصية

لك كل الحب والود حتى ترضى

محمود فرحان حمادي
10-08-2010, 10:45 PM
بارك الله بهذا الحرف الفينان برضا الرحمن والمفعم بمحبة رمضان
الشهر الذي ترنو له عيون المؤمنين الذين يعيشون صيفًا مستعرًّا
وتصبو له قلوب الصابرين الذين أضناهم سراق النفوس والأموال
تطالعنا كل يوم ببهاء حرفك وندي بوحك
تقبل تحياتي ورمضان كريم

ربيحة الرفاعي
11-08-2010, 12:25 AM
الله ما أبهى هطولك الندي على بيداء القلوب التي أنهكها جفاف حياة تزداد قسوتها يوما عن يوم، فتغرق عشاقها في خضم من سعير يحسبونه ماءا سلسبيل.

أهلا برمضان شهر توبة وموسم خير وصلاح
أهلا برمضان وأهله ونعيمه

كل عام وامتنا بخير والى صلاح

دمت متألقا

عبدالصمد حسن زيبار
11-08-2010, 01:19 PM
و جاء رمضان ... الأوبة و الإستقامة
أستسمحك أن أنقله إلى منتدى رمضان
تحياتي

نادية بوغرارة
16-06-2012, 09:33 PM
كم نحن في حاجة لأن نقرأ مثل هذا الكلام الطيب !!

اللهم رد المسلمين إليك ردا جميلا .

الأديب عبد الله راتب ،

شكرا لك .

مصطفى حمزة
06-07-2012, 07:41 PM
و جاء رمضان



فديتك زائراً في كل عام

تحيا بالسلامة و السلام


و تقبل كالغمام يفيض حيناً

و يبقى بعده أثر الغمام

بني الإسلام هذا خير ضيف

إذا غشي الكريم ذرى الكرام

فشدوا فيه أيديكم بعزم

كما شد الكمي على الحسام

إمام الأدب العربي
مصطفى صادق الرافعي

يقبل رمضان كسماء شتائية على جزيرة خضراء هي نفوسنا ، فيدركها بغيومه المتلبدة الرمادية اللون التي تملأ الأفق هيبة و رهبة و جلالاً ،
و تملأ القلوب انتعاشاً بوابلها الهاطل خيراً و إحساناً ، و يخلصها مما لحق بها من أدران السنة و أوصابها ، فتعود النفس بعده زاهية نقية صافية كبركة ماء صنعها الندى فوق نبتة في أوائل الربيع .
يأتي رمضان على الأمة الإسلامية فيجدد لها دينها ، و يذكرها بأن خالقها جعل موسماً في السنة خالصاً للإيمان و الطاعة ، ينبغي لكل المؤمنين أن يدركوه و يغنموا ما فيه ، فإن تجاوزه أحدهم دون أن ينال منه طيب نشره فهو الخاسر المغبون ، و إن أدركه و سعى فيه بما يلزمه من السعي كان كمن ملك الدنيا بحذافيرها ، فرمضان شهر ليس ككل شهر ، و العبادة فيه ليست كأي عبادة .
عندما يقبل رمضان يعتري الناس إحساس غريب بوجوب الأخذ بتقاليده المعتادة ‘ فتنار المآذن ، و تعج الأسواق بالزبائن ، و تنتشر الأطعمة الشعبية المخصصة لهذا الشهر دون غيره ، و يتهافت الناس على شرائها لا محبة بها فحسب ، بل محبة بجو رمضان الذي لا يتم إلا بها ، و عندما يقبل رمضان يؤوب الناس إلى ربهم أوبة موسمية عند كثيرين ، و دائمة عند قلائل ، فالشهر الزائر كل سنة يعيد للناس تذكرهم بحق بارئهم عليهم ، فتعج بهم المساجد ، و ليتها تعج بنصفهم خارج الشهر الكريم .
و يحل رمضان على البشر كقادم يحمل شعلة مضيئة ، و يدعو التائهين في مغارة منسية إلى طريق الخلاص ، فيتبعه كل ذي حلم منهم ، و لا يستجيب له المتعجرفون الحمقى الذين يوقفهم تعجرفهم على شفا جرف هار يكاد ينهار بهم في واد عميق ، فليس أحد ناجياً من ديجور المغارة البهيم إلا من استضاء بتلك الشعلة التي تمر بجانبه ، فإن تجاهلها و نسيها فقد جنى على نفسه كما جنت على نفسها براقش ،
و رمضان نعمة تفتح ذراعيها للقادمين علهم يفقهون محبتها لهم و عطفها عليهم ، و لكن ما تفعل إن كان أكثر الناس لا يعلمون و لا يفقهون .
و في تجرد النفس للصيام الذي يمثله رمضان إعجاز نفسي و قلبي عظيم ، ، و سعي نحو الكمال الروحي الذي يقرب الفرد من خالقه أذرعاً لا أشباراً ، فبانتصاب سد الصيام في وجه شهوات النفس الهوجاء المستعرة و منعه إياها من التكالب الذي تعتاده طوال السنة تهذيب و تشذيب لها لتبقى على هذه الحال على مدار السنين و الأوقات ، علها تغير النهج المتفلت الذي لا يعود إلا بالشر على أصحابه و نفوسهم المأزومة ، و التخصيص بالشهر لا يعني حصر الحكم فيه وحده بل اتخاذه عهد صلح و تدريب على الطريق المستقيم الواجب سلوكه وحده ، و لهذا صدق من سماه مدرسة الثلاثين يوماً .
و في اقتران رمضان بالهلال جانب معنوي آخر ، هو ربط المسلم بالقمر المشع في الليل البهيم ، قمر رمضان المنير في ظلام الشهوات الحالك ، و تربص الناس للهلال رنو نحو السماء و روحانيتها الأزلية خلوصاً من الأرض و ماديتها المسعورة ، و تعليم للمؤمنين أن يترقبوه و إن كان فيه صوم و حبس للنفس عن ملهياتها ، فيظهر الشوق الكبير إليه ‘ و التطلع لرؤية الهلال المبشر بقدومه ، لينشر على الأرض سلامه و محبته و رحمته .
واهاً لك يا رمضان .... ما أجملك ، و ما أنقاك ، و ما أعذب صومك ، فيك نرى أرواحنا تأتلق و تتأجج لتغدو أسرجة وهاجة ، تضيء لقلوبنا طريق الحق الذي لاحق سواه ، و فيك تستروح أجسادنا من عناء الحياة فتذكر أنها ما خلقت لتكون أصلاً ، و إنما لتكون ساتراً لأرواح سكنت هذه الحياة مؤقتاً ، و أن مردها من بعد إلى خالقها لتحوم في سكون اللانهاية ‘ حيث لا تعب و لا جوع و لا مخمصة بإذن الله ... و الله مع الصادقين و الصابرين .

----------
أسعد الله أوقاتك أخي العزيز عبد الله
نصٌ جميل قديم يُرفع اليوم بمناسبة قرب حلول رمضان ، هذا الضيف الحبيب
سلم القلب وحامله
تحيا بالسلامة و السلام = وتحيا بالسلامة والسلام
رحم الله الرافعي ، النجم الذي لا يغيب
وكل عام وأنت بالف خير

عبد الرحيم بيوم
22-07-2012, 01:12 PM
و يذكرها بأن خالقها جعل موسماً في السنة خالصاً للإيمان و الطاعة ، ينبغي لكل المؤمنين أن يدركوه و يغنموا ما فيه ، فإن تجاوزه أحدهم دون أن ينال منه طيب نشره فهو الخاسر المغبون ،

اخرج البخاري في الادب المفرد وحسنه الالباني من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر فقال: "آمين، آمين، آمين" قيل له : يا رسول الله! ما كنت تصنع هذا؟ فقال: " قال لي جبريل : رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما لم يدخله الجنة. قلت: آمين. ثم قال: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له. فقلت : آمين. ثم قال : رغم أنف امرئ ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين ".
شكرا على الذكرى ايها الكريم
وعظت فاحسنت
اثابك ربي
وحفظك المولى

آمال المصري
23-07-2012, 01:08 PM
نحتاج لمثل هذا الهطول الإيماني الذي يخط على الأجواء بصمة من نور
نعيش في رحابها مع أجمل اللحظات التي نتمنى دائما أن نحياها طوال العام
بورك الحس أديبنا الفاضل
وكل عام وأنت بخير
تحاياي