تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأديب و الالتزام



مصطفى معروفي
11-08-2010, 09:36 PM
من الكلمات التي استخدمت واستهلكت كثيرا و أسيء استعمالها كلمة:"الالتزام"،فهي كلمة مجني عليها من الطرفين من طرف الأديب حينما يتحدث عنها و يقدم نفسه على أساس أنه كاتب ملتزم ، و من طرف القارئ حينما تقدم إليه هذه الكلمة من الأديب أو من غيره و لا يكلف نفسه عناء التأمل و التمعن في حمولتها و ما ترمي إليه.
عندما تتم مطالبة الأديب بالالتزام معناه هو أن هذا الأديب عليه أن يكون منحازا لجانب أو لجهة ضد جهة أو جهات أخرى للدفاع عن قضية أو قضايا تصب من حيث المصلحة في الجهة المنحاز إليها.لكن من يقوم بهذه المطالبة - مطالبة الأديب بالالتزام - ربما ينسى أنه قام بمساس حرية الأديب ،و بالتالي يقوم بدفعه إلى كتابة نصوص لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظره و أفكاره التي يعتنقها و يؤمن بها ، و هكذا بدل أن يكتب هذا الأديب أدبا نابعا من نفسيته و معبرا عن حقيقته سيكتب لنا أدبا مزيفا قد يتنصل من مسؤوليته منه في أقرب فرصة متاحة.
ثم إنه عندما يكون ثمة حديث عن الالتزام نادرا ما يتم الانتباه إلى أن الأدباء ليسوا على مستوى واحد من الفهم و الإدراك للواقع و من ثم للالتزام نفسه،فكل أديب له عالمه الخاص و له رؤيته الخاصة للكون،تتحكم في ذلك عدة عوامل منها ما هو ثقافي صرف و منها ما هو اجتماعي و أيديولوجي..الخ....و هي خلفيات يصدر عنها الأديب في نصوصه ، و تمنحه التصور للأدب و لوظيفته ،و لذا لا غرابة أن نجد مجموعة من الأدباء لا يكاد يجمعهم شيئ على تصور واحد و وحيد للأدب ووظيفته،و حتى لو كان ثمة من تشابه في التصور فسنجد لا محالة بونا في الممارسة الفعلية للأدب بين أديب و آخر.
إن وظيفة الأدب متعددة ، و يبدو أن تعدد المدارس الأدبية بما فيها من نزعات و اتجاهات هي خير تعبير عن تعدد وظيفة الأدب ،و علاقته بالأديب و المتلقي و بالحياة ،فالتعبير عن قضايا المجتمع و ما يعج به من ظواهر ،أو التعبير عن الفرد أو الذات بما لها نزوع و طموح و هواجس و انشغالات كل ذلك يدخل في صميم و ظيفة الأدب بوصفه وسيلة ،ثم هناك الوظيفة الجمالية التي من بين أوجهها اتخاذ الأدب نفسه موضوعا لنفسه كما نرى ذلك في شعر الحداثة و ما بعد الحداثة و بعض قصائد التشكيل.
حين نطالب الأديب بالالتزام نكون في الواقع نمارس سلطة غير مخولة لنا ،فالأديب ينبغي أن يبقى موكولا لضميره و قناعته ،إذ هما المؤهلان و المخولان لأن يرسما له المسار الذي ينبغي أن ينهجه في كتاباته ،و إلا تحولت كتابته إلى مجرد نصوص مملاة عليه من الخارج أو كأنها مكتوبة من طرف شخص آخر،لا يجد فيها القارئ من سجية الكاتب و نفسه شيئا.
ترك الأديب إلى ضميره و قناعته يقودنا إلى مشكلة أخرى تتجلى واضحة في من يضمن لنا أن هذا الأديب سيبقى وفيا للخط الذي رسمه لنفسه و التزم به في نصوصه بحيث تطرح مسألة لا بد وجود إطار يؤطره حتى لا يقع في التسيب أو في التناقض الذي قد يودي بمصداقيته أمام القراء.
و في ظل وجود هذا الإطار هناك مشكلة أخرى ستنبري للأديب و القارئ معا،و هي أن الإطار إياه سيكون بمثابة مقنن إن لم نقل كابح لحركة الأديب و عنصر ضاغط عليه يرسم له النهج الواجب عليه اتباعه مما سيحد من حريته و يجعل خطواته محسوبة ، وهو مما يتنافى مع طبيعة الأدب و يكون معها على النقيض.
ما أشرنا إليه آنفا تزكيه ممارسة أو ممارسات أدباء راهنوا على نهج مسار معين متخذين من الالتزام مبدءا غير قابل للمساومة عليه ،لكن بعد لأي هبت رياح الصيرورة التاريخية فجعلت هؤلاء الأدباء يغيرون مراكبهم الشراعية فأبحروا في اتجاهات مخالفة و و مضادة لاتجاهاتهم التي كانوا عليها ،و بذلك تكشفوا عن انتهازية ميعت مفهوم الالتزام و أفرغته من محتواه ،و جعلت منه مجرد ذريعة لتحقيق طموحات آنية شخصية ضيقة،كما أكدت بالملموس أن تلك الشعارات التي كانوا يهتفون بها كانت زائفة رفعت من أجل الخداع فقط.
بعد كل هذا و لإثراء النقاش في هذا الموضوع نطرح سؤالين :
-هل نحن الآن مطالبون بإعادة النظر في معنى الالتزام و مطالبة الأديب به؟
-ما معنى أن يكون الأديب ملتزما؟
أترك للإخوة و الأخوات مناقشة الموضوع،و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل.

عبد الله راتب نفاخ
12-08-2010, 01:05 PM
ما ذكرته أستاذي أوافقك تماماً عليه ، لأنه التفسير الأصح للالتزام مع الفهم السليم لحقيقة الأدب ....
فأي أدب يتبقى لنا إن فرضنا على الأديب التزام نهج معين _ أياً يكن هذا النهج _ يغدو الأديب به حينئذ لا يكتب من نفسه و واقعه ، بل مما يمليه و يفرضه عليه ذاك الاتجاه ..... و عندئذ لن نجد إلا نماذج ممسوخة يحسبها أصحابها أدباً ، و ما هي من الأدب في شيء .
نعم .... لا بد لكل أديب من قاعدة فكرية تبنى عليها آراؤه ، لكنها لا شك لا تستعبده لها ، لأنه عندئذ لن يعود أديباً ، بل فرد كأي من أفراد الجماعة المؤمنة بهذا الاتجاه ، دون أي تميز أو خلق .
و أحسب أغلب الأخطاء الحاصلة في هذا النهج ناتجة عن أخطاء في فهم الأدب و تعريفه ، فعندما يغدو الأدب عند هؤلاء مجرد جهاز إعلام و تبشير فهم عند ذلك سيسقطون عليه القواعد التي لا تتفق و حقيقته و وظيفته ...
ألف شكر لموضوعكم أستاذي ...
و بانتظار ردود الإخوة الزملاء

عبدالصمد حسن زيبار
18-08-2010, 08:30 PM
مفهوم الالتزام في الادب

أ.سحر عبد القادر اللبان

ماهية الإلتزام:
الالتزام ، هو مشاركة الشاعر أو الأديب الناس همومهم الاجتماعية والسياسية ومواقفهم الوطنية ، والوقوف بحزم لمواجهة ما يتطلّبه ذلك ، إلى حدّ إنكار الذات في سبيل ما التزم به الشاعر أو الأديب :"ويقوم الإلتزام في الدرجة الأولى على الموقف الذي يتّخذه المفكّر أو الأديب أو الفنان فيها .وهذا الموقف يقتضي صراحة ووضوحا وإخلاصا وصدقا واستعدادا من المفكّر لأن يحافظ على التزامه دائما ويتحمّل كامل التبعة التي يترتّب على هذا الالتزام "[1]

وفي تعريفنا اللغوي لكلمة الالتزام نجد:

" لزم الشيء يلزمه لزما ولزوما ، ولازمه ملازمة ولزاما ، والتزامه ، وألزمه إيّاه فالتزمه ، ورجل لًُزمة يلزم الشيء فلا يفارقه. واللّزام : الملازمة للشيء والدوام عليه ، والالتزام الاعتناق."[2]

و" لزم الشيء :ثبت ودام ، لزم بيته: لم يفارقه ، لزم بالشيء : تعلّق به ولم يفارقه ، التزمه: اعتنقه ، التزم الشيء : لزمه من غير أن يفارقه ، التزم العمل والمال : أوجبه على نفسه"[3]

والالتزام كما ورد في معجم مصطلحات الأدب : " هو اعتبار الكاتب فنّه وسيلة لخدمة فكرة معيّنة عن الانسان ، لا لمجرّد تسلية غرضها الوحيد المتعة والجمال"[4]

وقد جاء في الآية الكريمة : " وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها"[5]

أمّا سارتر[6] فقد عرّف الأدب الملتزم فقال: " مما لاريب فيه أنّ الأثر المكتوب واقعة اجتماعيّة، ولا بدّ أن يكون الكاتب مقتنعا به عميق اقتناع ، حتى قبل أن يتناول القلم . إنّ عليه بالفعل ، أن يشعر بمدى مسؤوليته ، وهو مسؤول عن كلّ شيء ، عن الحروب الخاسرة أو الرابحة ، عن التمرّد والقمع . إنّه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطّهدين "[7]

ويشير سارتر إلى الدّور الكبير الذي يلعبه الأدب في مصير المجتمعات ، فالأدب مسؤول عن الحرية ، وعن الاستعمار ، وعن التطوّر ، وكذلك عن التخلّف.

فالأديب ابن بيئته ، والناطق باسمها ، وكلمته سلاحه ، فعليه تحديد الهدف جيدا ، وتصويبها عليه بدقّة ، فـ " الكاتب بماهيته وسيط والتزامه هو التوسّط "[8]

وهنا يبرز هدف الالتزام في جدّة الكشف عن الواقع ، ومحاولة تغييره ، بما يتطابق مع الخير والحقّ والعدل عن طريق الكلمة التي تسري بين الناس فتفعل فيهم على نحو ما تفعل الخميرة في العجين[9] على ألا يقف الالتزام عند القول والتنظير ، فالفكر الملتزم في أساس حركة العالم الذي يدور حوله على قاعدة المشاركة العملية لا النظرية إذ: ليس الالتزام مجرّد تأييد نظري للفكرة ، وإنّما هو سعي لتحقيقها ، فليست الغاية أن نطلق الكلمات بغاية إطلاقها .

ويرى رئيف خوري أنّ الكاتب مطالب بمسؤوليّة مجرّد أن يكتب وينشر لمجتمعه ، فهو يجب أن يعبّر عن آلامها وآمالها ونضالها .
" ليس كفعل القلم اجتماعي وتاريخي بكل ما تنطوي عليه كلمة اجتماعي من شؤون الأمّة، والشعب ، والقوم ، والوطن ، والانسانيّة ...وعلى القلم المسؤول أن ينفي عنه أوّل شيء اعتبار عامل الكسب . فذلك هو الشرط المبدئي لصحّة الرأي ونزاهته "[10]

وظروفنا الاجتماعيّة الحالية ، الحافلة بالقلق ، والمليئة بالمشكلات ، تدعو وبشدّة إلى الأدب الملتزم .

ووضع بلادنا العربية وما آلت إليه من تشرذم ومن تآمر الأعداء وتكالبهم عليها ، تدعو الكلّ إلى تجنيد الجهود للعمل على تحرير البلاد ورفع مستواها السياسي والاجتماعي والفكري .

وحتى يكون الأدب صادقا ، لا بدّ وأن يتكلّم عن الواقع الذي يعيشه الأديب ، والظروف التي تحيط به ، وتؤثر على نفسيته وعلى يراعه ، فتخرج حينئذ الكلمات نابضة بالصدق ، وتأخذ طريقها مباشرة إلى فكر القارئ ووجدانه.

أمّا معنى الالتزام فعريق في الادب ، قديم مثل كلّ أدب أصيل ، وكلّ تفكير صميم ، ذلك أنّ الالتزام في الأدب لا يعدو في معناه الصحيح أن يكون الأدب ملتزما الجوهري من الشؤون ، منصرفا عن الزخرف اللفظي وعن الزينة الصورية التي هي لغو ووهم وخداع ، والالتزام هو أن يكون الأدب مرآة جماع قصّة الانسان وخلاصة مغامراته وتجربته للكيان ، وزبدة ما يستنبطه من عمق أعماقه وألطف أحشائه من أجوبة عن حيرته وتساؤلاته ، وهو أن يكون الأدب رسالة يستوحيها من الجانب الإلهي من فكره وروحه ، ومن هذا الوجدان أو الحدس الإلهي ، الذي هو الفكر وما فوق الفكر ، والعقل وما فوق العقل ، والخيال مع العلم والمعرفة ، مع الانطلاق مجربا في كليته وشموليته.[11]

فالأدب الملتزم هو سابق على محاولات المحدثين ، وقد وجدنا قديما الأدب يتجسّد في مشاركة الأديب الناس ، همومهم الإجتماعيّة والسياسيّة ، ومواقفهم الوطنيّة ، والوقوف بحزم ، لمواجهة ما يتطلّبه ذلك ، إلى حدّ إنكار النّفس في سبيل ما يلتزم به الأديب شاعرا أم ناثرا . واطلاعنا على أدبنا القديم وشعرائه ، يعرّفنا أنهم كانوا في العهود والأعصر العربية ، في الجاهلية والإسلام كافة ، كانوا أصوات جماعاتهم . كذلك قبل كلّ واحد منهم أن يعاني من أجل جماعته التي ينطق باسمها ، إلى حدّ أنّك إذا سمعت صوت أحدهم وهو يرتفع باسم جماعته أو قومه ، لا يمكنك إلا أن تحسّ هذا الالتزام ينساب عبر الكلمات ، يصوّر هذا الإيمان وتلك العقيدة دون أن يساوره أدنى شكّ أو حيرة أو تردّد في تحديده للمشكلات التي يواجهه، والتي تتعلّق بمصيره ومصير سواه من أبناء قومه في القبيلة أو الحزب أو الدين ، يدفعه إيمان راسخ بضرورة حلّ إشكالية القضايا التي كان يواجهها في حينه .[12]


-----------------------------
[1] أبو حاقة ، أحمد ، الالتزام في الشعر العربي ، دار العلم للملايين ، بيروت ،1979 ، ص 14.
[2] ابن منظور ، لسان العرب ، 15 مجلّد ، دار صادر ، بيروت / ط5 ن 1956، ج12 ، ص:541- 542.
[3] الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، 4 أجزاء ، دار المأمون ، ط4، 1938، ج4، باب الميم ص: 175.
[4] وهبه، مجدي ، معجم مصطلحات الادب ، مطبعة دار القلم ، بيروت ، ط1 ، 1974، ص:79.
[5] سورة الفتح ، آية 26.
[6] مصدر سبق ذكره.
[7] سارتر، جان بول ، الأدب الملتزم ، ترجمة جورج طرابيشي ، منشورات دار الآداب ، بيروت ، ط2 ، 1967 ، ص: 44- 45.
[8] المصدر نفسه ، ص:46.
[9] أبو حاقة ، أحمد ، الالتزام في الشعر العربي ،ص 14
[10] رئيف خوري ، الادب المسؤول ، دار الآداب ن بيروت ، ط1 ن 1968 ، ص: 48- 49.
[11] تيمور ، محمود : مجلة القصة ، العدد الخامس ، السنة الخامسة 1965، القاهرة.
[12] فقيه، يونس ، ملامح الالتزام القومي في شعر نزارقباني ،دار بركات للطباعة والنشر ، لبنان ، الطبعة الاولى 1998،ص21.

مصطفى معروفي
27-08-2010, 02:19 AM
ما ذكرته أستاذي أوافقك تماماً عليه ، لأنه التفسير الأصح للالتزام مع الفهم السليم لحقيقة الأدب ....


فأي أدب يتبقى لنا إن فرضنا على الأديب التزام نهج معين _ أياً يكن هذا النهج _ يغدو الأديب به حينئذ لا يكتب من نفسه و واقعه ، بل مما يمليه و يفرضه عليه ذاك الاتجاه ..... و عندئذ لن نجد إلا نماذج ممسوخة يحسبها أصحابها أدباً ، و ما هي من الأدب في شيء .
نعم .... لا بد لكل أديب من قاعدة فكرية تبنى عليها آراؤه ، لكنها لا شك لا تستعبده لها ، لأنه عندئذ لن يعود أديباً ، بل فرد كأي من أفراد الجماعة المؤمنة بهذا الاتجاه ، دون أي تميز أو خلق .
و أحسب أغلب الأخطاء الحاصلة في هذا النهج ناتجة عن أخطاء في فهم الأدب و تعريفه ، فعندما يغدو الأدب عند هؤلاء مجرد جهاز إعلام و تبشير فهم عند ذلك سيسقطون عليه القواعد التي لا تتفق و حقيقته و وظيفته ...
ألف شكر لموضوعكم أستاذي ...

و بانتظار ردود الإخوة الزملاء

أخي الأستاذ عبد الله راتب نفاخ،
أشكرك على ما تفضلت به من قول كريم و أقول،
عندما نفرض على الكاتب أن يلتزم بنهج معين في الكتابة دون آخر نكون في الواقع قد ألزمناه به،و في هذا الإلزام تناقض صارخ مع طبيعة الكتابة التي يتمثل جزء منها في تمتع الكاتب بحريته حتي يعب ر عما يجول في ذهنه دونما ترهيب أو ترخيب من أحد ما أو جهة ما.
إن الكتابة التي لا تأتي عن طواعية من الكاتب هي كتابة رديئة ،أو نماذج ممسوخة منها كما جاء في ردك.و قد دلت التجربة أن إلزام الكاتب بنهج ما لايتولد عنه إلا الصراخ و الهتاف كما لاحظنا في منابر إعلامية تابعة لجهات تتبنى أيديولوجيات معينة ، بحيث كنا لا نرى أدبا بقدر ما نرى مناشير سياسية يحسبها أصحابها أدبا و ما هي في الأدب في شيء.
أخي الأستاذ عبد الله،
أغبطك على فهمك الثاقب و على أسلوبك الشيق الجميل في الكتابة.
أخوك:مصطفى

مصطفى معروفي
27-08-2010, 02:22 AM
أخي الأستاذ حسن،
أشكرك على تفاعلك مع الموضوع و على حسن نقلك لمقال الأستاذة سحر ،و قبل ذلك أريد أريد أن أغبطك على ما تتحلى به من أمانة إذ نسبت الحق لأهله و ذلك بالتنصيصي على اسم كاتبة المقال.
سلمت أخي الكريم.
أخوك:مصطفى

نجوى الحمصي
27-08-2010, 01:50 PM
الإلتــزام
البعض لديه الإلتزام بمعنى أن يلبث كل عطاء الأديب النهج المسلم البعيد عن الإبتذال
والبعض الإلتزام عنده يكون بسير خطى عطاء الأديب
على نهج من سينشر هذاالسخاء
من منظاري وكما قال كتابنا المبدعون هنا
لانستطيع قصراً أن نلزم الأديب بإلزامه بأتباعه نهج معين
الإلتزام يكون من أنا الأديب وبفطرته وذاته ووجدانه
هو من يجعل في دم حبر قلمه رسالة ويعلم قيمة كلمته
يرفعها ترفعه يرخصها تسحبه إلى الدرك الأسفل
ولن يكون له تواجد بين المثقفين والأدباء
مالم يضع هدف لكل مايثمر من ذاك القلم
ولكن أن نقول إفعل ولاتفعل تتلاشى الموهبة
ويكون فقط حروف تصطف وتصنع من عناقها كلمات وسطور
لاتقرب للإحساس والأهداف من شيء
كل مافي حياة الإنسان هو من ذاته إحساسه مشاعره
وضمير حيٌّ يوخز شرودنا عن الحق بكل اللحظات
ويصحح الطريق لنا لو دخلنا المتاهات من الحياة
سنعاهدكُ أقلامنا بأن نلتزم بحريتنا وليس بسجن مشاعرنا
سنلتزم ونربط خيالنا آمالنا بصور الإبداع
ننير الظلام بضياء الكلمة
ونتعهد لك يانبض قلوبنا بصدقنا
ويراع ترسم رقصاتك بدم حبر النقاء على الورق
هذا ألتزام الأديب أن يَكْتُبُه صدق معانيه
وليس هو من يكتب حروف على الورق
ويجعل القارئ فيه تيه أن الأدب هو ثروة لغة فقدت المعاني وصور الذات
أقلامنا هي الأنا وكيان وجداننا عزتنا وشموخ أنفاسنا
والحر يأبى خسارة هذه الكنوز
فكيف لنا أن نرضى بالسجن لها مدى الحياة
الأديب الرائع
مصطفى معروفي
جميل ماألزمتنا به وعشنا معه برحلة وأقلامنا
تعبر عن آمالها وألمها
ومعاناة الأديب لو خسر من قلمه النبض والإبداع والهدف والذات
مساحة رونق ضياءها صدق ووقفة مع النفس
ورؤاها النظرة لكلٍ منا ومنظاره في العطاء من الأدب
ماأكثر ماأستهلك من كلمات
نقرأها والكثيرين يستخدمونها ولايعلمون
أنها ظلم لهم أم هم جعلوها ظلمات
شكراً بحجم الكون لما طرحه
الأديب بك و من ذاتك والوجدان

نجــوى الحمصي

محمود فرحان حمادي
15-09-2010, 01:44 PM
الالتزام الذي يبين شخصية المثقف والأديب
هل من سبيل إلى بلوغ قمته والاحاطة بمفهومه الجميل الأصيل
تمتعت هنا بهذا التسابق الفكري الرصين عن حقيقة الالتزام لكل كاتب وفي شتى مجالات الثقافة
ولكن يبرز لدينا مفهوم الاستقلالية في الطرح الذي غاب عن الكثير
وشطت بهم سبل المداهنة والدعاية عن هذا المفهوم الملتزم
وأقول أننا بدون الاستقلالية في طرح أفكارنا نظل سجيني ثقافة التسلط وسرقة عقول الناس
دمتم أحبة كرام ولأخي مصطفى خالص الود

ربيحة الرفاعي
10-09-2013, 01:15 PM
إن وظيفة الأدب متعددة ، و يبدو أن تعدد المدارس الأدبية بما فيها من نزعات و اتجاهات هي خير تعبير عن تعدد وظيفة الأدب ،و علاقته بالأديب و المتلقي و بالحياة ،فالتعبير عن قضايا المجتمع و ما يعج به من ظواهر ،أو التعبير عن الفرد أو الذات بما لها نزوع و طموح و هواجس و انشغالات كل ذلك يدخل في صميم و ظيفة الأدب بوصفه وسيلة ،ثم هناك الوظيفة الجمالية التي من بين أوجهها اتخاذ الأدب نفسه موضوعا لنفسه كما نرى ذلك في شعر الحداثة و ما بعد الحداثة و بعض قصائد التشكيل.
****
ما أشرنا إليه آنفا تزكيه ممارسة أو ممارسات أدباء راهنوا على نهج مسار معين متخذين من الالتزام مبدءا غير قابل للمساومة عليه ،لكن بعد لأي هبت رياح الصيرورة التاريخية فجعلت هؤلاء الأدباء يغيرون مراكبهم الشراعية فأبحروا في اتجاهات مخالفة و و مضادة لاتجاهاتهم التي كانوا عليها ،و بذلك تكشفوا عن انتهازية ميعت مفهوم الالتزام و أفرغته من محتواه

إخالني أقف التزاما في الصف المقابل لما تقول أديبنا، فالتزام الأدبي بزعمي لا علاقة له بتبني مواقف معينة في صراعات وقضايا تحركها مطامع جهات ونضال أخرى، بل هو التزام بقيم الحق والخير والجمال، الحق للحق بغض النظر عن انتماءات الأديب والخير للبشرية والحياة والطبيعة بغض النظر عن مصلحته ، والجمال بمعناه الحقيقي الذي تستقبله الروح السوية فتنتعش، وليس بترهات تعريف أرباب المجون والجنون للجمال وما لفقوا له من معان تعلّق بها وتبناها من وجدوا لهم مصالح في أكذوبة الحداثة وما بعد الحداثة.
وعليه فإن من واجب الأديب الملتزم الانزياح بحرفه للحق حين يكتشف أنه في غير ما كان يقول، وإلا كان في إصراره على سابق قوله رغم علمه بمجانبته للحق فيه دلاله على انتهازيته وعدم صدق التزامه


ومع كبير اعتذاري لمن سيجدون في تالي قولي هنا خروجا عن الموضوع، فإني استوقفني أكثر ما استوقفني هنا إشارة كاتبنا للوظيفة الجمالية وربطها بما يسمى بشعر الحداثة وبتهاوييم وبشاعات من بعدها، فقلت اقتبس من مقالة للشاعر محمد البياسي إشارة لشئ من شعر بودلير مؤسس الحداثة يقول فيه

في قصيدة واحدة فقط مؤلفة من أربعة و ثلاثين سطرا , ذكر أكثر من ستين كلمة تقزز النفس و تبعث في فراغ الغرفة الضيق دخان التشاؤم و الكآبة و اليأس و التوحش :


الحمق والضلال والإثم والشّح
تحتل نفوسنا وتجهد أجسامنا
ونحن نغذي النّدم فينا
كما يغذي المتسوّل الطفيليات التي تتغذى من دمه
آثامنا عنيدة وندمنا جبان
ونحن ندفع غالياً ثمن اعترافاتنا
ونخوض طريق الوحل مغتبطين
ونعتقد أننا بالدموع ندفع ثمن أخطائنا
وعلى وسادة الشر يهدهد الشيطان روحنا المسحورة
ويجتث من نفوسنا معدن الإرادة النفيس
ويمسك بالخيوط التي تحركنا نحو ما يُعاف
من المغريات. وفي كل يوم نهبط
لنقترب خطوة من جهنم دون تقزّز
عبر ظلمات نتنة.

وتعربد بأدمغتنا حشود الشياطين
كالملايين من الديدان المتراصّة
وعندما نستنشق الهواء يتسلل الموت إلى صدورنا
كنهر خفيّ يطلق أنّاته المجنونة
فإذا كان الاغتصاب والسم والحرائق
والخنجر لم تنسج بعد شبكة مصائرنا
برسومها المستحبة المثيرة
فلأننا وا أسفاه لم نبلغ من الجرأة ما يكفي
وبين كل الفهود والعقارب والسعادين وبنات آوى
والعقبان والأفاعي والكلاب
وكل الوحوش التي تزمجر وتدمدم وتزحف
داخل نفوسنا الآسنة الوضيعة
هناك واحد هو أشدّها دمامة وخبثاً ونجاسة
وهو, وإنْ كان قليل الحراك ضعيف الصوت
مستعدّ بجولة واحدة أن يصنع من الأرض أنقاضاً
وبتثاؤبة واحدة أن يبتلع العالم
إنه الضجر الذي يحلم بالمشنقة وهو يدخّن نرجيلته
و في عينيه تلتمع دمعة لا إرادية
أنت تعرفه أيها القارئ, هذا الغول الناعم
أيها القارئ المرائي ـ يا شبيهي ـ يا أخي.
والمقالة بعنوان "بودلير أبو الحداثة" لم يريد الاطلاع عليها
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=46616

وإني لأتساءل هنا اين يكمن الجمال الذي يشير إليه بعض أدبائنا كلما ذكروا الحداثة!!!!!!!!!!!!!!

طرح عاقل متأمل وحقيق بالنقاش

دمت بخير ايها الكريم

تحاياي

د. سمير العمري
12-12-2013, 01:44 PM
دعني أوضح بعض الأمور في نقاط مقتضبة ومحددة

أولا ... ليس ثمة علاقة قسرية بين الإملاء والالتزام وهذا يعني أن لا شيء يمكن أن يقسر الأديب على الكتابة ... لا شيء يمكن أن يدفع المرء للكتابة بغير ما يريد ويرغب وبغير ما يعي ويحب.

ثانيا ... ليس ثمة حياد في العالم والحياد يمثل حالة من الختل أو الدجل أو التيه إذ إن المرء بطبعه منحاز لوعي أو لمنهج أو لدين أو لفكر أو لخلق.

ثالثا ... الحرية التي يطالب بها الأديب يجب أن تخضع دوما للمعنى العام للحرية التي تميز بين ما له وما عليه وتوازن بين الحقوق والواجبات إذ لا يمكن أن يستقيم عيش بدون توافق مجتمعي بين الحريات بحيث لا تتعدى حرية امرئ على غيره ، وليس هذا مكان يسهب فيه المرء في تناول إشكالية الفهم للحرية وأساليبها.

رابعا ... الالتزام في الأدب لا يعني ما ذكرت بل هو التزام أدبي أخلاقي وانحياز لقيم الحق والخير والجمال مع حرية الأديب في التناول لما يريد وفق هذه المفاهيم العامة والقيم العليا.

خامسا ... الأدب رسالة والتزام تجاه النفس وتجاه الآخر وتجاه اللغة والقيم ، وأي خروج عن ذلك هو خروج عن الالتزام وهذا أمر مرفوض ملنبوذ عند كل حر حصيف شريف.

تقديري