المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا قدري



عبد الله راتب نفاخ
13-08-2010, 08:33 PM
ربما كان أقسى يوم في حياتي ، لكنه كان كذلك اليوم الذي فجر شرارة الأدب في صدري .
كان اليوم الذي نبذت إليَّ فيه ، فكأنها طعنتني بألف سكين في قلبي و تركتني أنزف وحيداً .
كان أول يوم في رمضان ، لكنني بدل أن أتناول طعام الإفطار بعد أذان المغرب لجأت إلى أوراقي فخططت عليها هذه الكلمات لتعبر عن نفسي التي تمزقت يومها تمزيقاً ، و تطايرت أجزاؤها كخفافيش صغيرة تحلق في الفراغ.
صحيح أن الحياة تبدلت لدي من بعد ، و جددت هي ما كان بيننا بعد قريب من سنة ، إلا أن شيئاً لم يستطع أن يمحو ذلك اليوم من مخيلتي ، و لا أساه من قلبي ، و لا سيما أن هذه الوثيقة منه لا تزال في أوراقي ، و أن أشياء كثيرة قد تغيرت بسببه في نفسي ، فكان حقاً اليوم الأهم في عمري كله ، و ربما كان هذا النص كذلك الأهم في حياتي كلها .
هكذا قدري
هكذا قدري .....
أن أقيم بين مأساة و مأساة ، لا ترحل عني واحدة حتى أُبتلى بثانية أكبر منها و أشد قسوة ، و لا يسكن قلبي من مصيبة حتى تطرقه أخرى أكثر مرارة منها، أقضي عمري بين ألم هناك و تمزق هنا ، و بين حزن هنا و فجيعة هناك ، لا أكاد أغمض عيني على مرأى السعادة حتى يدهمني شعور الخيبة فيهدم فيَّ ما كانت قد بنت ، و يذرني قاعاً صفصفاً .
كنت أتقوى على كل أمر و أصبر و أكابر ، و أتعزى بشيء جديد ، فما تلبث الأيام حتى ينالني من هذا الجديد الذي تخذته عزاء لي و سلواناً ألم جديد و حزن أكبر مما كان من سابقه ، أفكتب عليَّ أن أعيش تعيسًاً شقياً لا تعرف السعادة لي باباً ولا أرى نور الأمل يشع لي من خلف جدار ، أكتب علي أن أبقى أترقب الآتي و لا يأتي ، و أن أداعب آلامي و أحزاني و أحملها علِّي أحظى منها بما يخفف عني وحشتي و كآبتي .
لاأقوم من أزمة حتى أقع في أخرى ، ولا أنتظر الفرحة لأني أعرفها غير غير آتية ، لا أنتظر إلا بصيص نور ، بصيص نور صغير في ظلمة هذه الحياة التي اعتادت أن تقابلني مدبرة لا مقبلة .
الضياع و الهم و التشتت و خيبة الأمل حالي الآن ، كلها اجتمعت في شخص إنسان لم يعرف الفأل الحسن طريقاً إليه مذ صرخ صرخته الأولى مستقبلاً الحياة .
أيها القدر .......هل تخبئ لي خيراً مما أنا فيه ، أم إن علي أن أقضي بقية عمري كما قضيت ما سلف منه .......
كتبت عقب أذان المغرب في
1 - رمضان – 1427
24 - أيلول - 2006

محمود فرحان حمادي
13-08-2010, 10:50 PM
أخي الأديب الفاضل عبد الله
لقد حباك الله مقدرة طيبة في صياغة الكلمة الحرة العذبة
وهذه لعمري ميزة كريمة أن يتحلى الإنسان بموهبة أصيلة
وهي خير عزاء للمرء إن داهمته خطوب أو ألمت به مِحن
ودعني أقول لك مرحبًا بالنوائب التي تورث مثل هذا الأدب الرفيع
تقبل خالص ودي

نداء غريب صبري
14-08-2010, 08:21 AM
أديب أنت ومالك فعلا لقلمك ولغتك
كم أثرت بي هذه الرائعة
جزاك الله خيرا

محمد ذيب سليمان
14-08-2010, 08:41 AM
أيها الحبيب
ودائما من رحم المأساة يولد الإبداع
وينبثق الأمل
ربما وفي فترة عمرية معينة نرى الأمور بمنظارها
ولكننا بعد سنة علمرور ما رأيناه كارثة
نضحك على أنفسنا وعلى ذلك الذي جعلنا تعساء
ما رأيناه كبيرا يتضاءل حتى لا يكاد يبين
ولكنه مع كل ذلك يترك فينا إما شرخا ولا نستطيع رأبه
وإما أن يزرع بذرة الإبداع إذ غالبا ما يلجا من حباه الله نعمة الإبداع الى أوراقه
يفرغ فيها همومه ويسطر ما رآها ماساته ومنها يخرج أديبا أو شاعرا
وإما أن تصيبه نكسة يتحدث عنها ما بقي له من عمر
أخي
ما مرّ بك يمر بالكثيرين من المبدعين وكانت تلك هي الشرارة التي أوقدت نبض الإبداع في مخيلته فاستثمرها
شكرا لك

ربيحة الرفاعي
14-08-2010, 11:14 AM
نص جميل الحس وباهر الصورة والفكرة
تملك ناصية حرفك بتمكن
وتجيد رسم ابدع اللوحات بمفردة طيعة رصينة
دمت متالقا

عبد الله راتب نفاخ
14-08-2010, 02:15 PM
أخي الأديب الفاضل عبد الله
لقد حباك الله مقدرة طيبة في صياغة الكلمة الحرة العذبة
وهذه لعمري ميزة كريمة أن يتحلى الإنسان بموهبة أصيلة
وهي خير عزاء للمرء إن داهمته خطوب أو ألمت به مِحن
ودعني أقول لك مرحبًا بالنوائب التي تورث مثل هذا الأدب الرفيع
تقبل خالص ودي


أستاذي الكريم ....
لكم يشرفني مروركم الدائم بنصوصي المتواضعة ....
و يشرفني و يكرمني أن يكون تعليقكم علي بهذه الروعة ... فالحمد لله على توفيقه
بارك الله بكم و سلمكم ....
و ألف ألف شكر لمروركم العطر

مازن لبابيدي
14-08-2010, 02:45 PM
أخي الحبيب عبدالله
إن أجمل ما في هذا النص هو الصدق في البوح الذي ينبعث في كلماته المعبرة ، ما ساعد على نقل صورة شعورية متميزة لحالة الكاتب الوجدانية ومعاناته الحقيقية .
من جهة التجربة الإنسانية ، هي محنة ومنحة في ذات الوقت ، فكثيرا ما يخيب الله أمل عبده في العباد والأشياء ليعيده إليه توابا أوابا ، فإن نظرت من هذه الزاوية تجد المنحة الربانية في مثل هذه المحنة .
أرجو لك الرقي المتواصل للإبداع المتميز في الكتابة ، ووفقك الله لكل خير .

عبدالصمد حسن زيبار
14-08-2010, 03:24 PM
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء و لكن اللطف فيه ...
بين الجبر و الإختيار يمشي الإنسان بخطاه نحو المصير ...
حياتنا من صنع أيدينا و إن قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ...
سنن الله حاكمة و هي قوانين النفس و المادة ...
و لن تجد لسنة الله تحويلا ...و لا تبديلا ...

القدير عبدالله

تحياتي على مشاعر الصدق في هذا النص البديع

آمال المصري
14-08-2010, 08:01 PM
يبتلي الله سبحانه وتعالى المرء على قدر دينه
حيث كتب سبحانه الابتلاء على كل فرد لاينجو منه أحد ,
فهو قدر مقدور , والفالح هو من يفوز بثمرات الرضا اليانعة
لك سيدي الفاضل أسلوب محبب سخي الفكر والحرف
ومداد يتنفس الألق
كن بخير فاضلي
وكل عام وأنت إلى الرحمن أقرب

عبد الله راتب نفاخ
14-08-2010, 09:11 PM
أديب أنت ومالك فعلا لقلمك ولغتك
كم أثرت بي هذه الرائعة
جزاك الله خيرا

سلمك الله أستاذتي ....
كفاني فخراً أن تؤثر كلماتي بكم فتصفوها بالرائعة ....
و إنما الروعة في ذوقكم و أخلاقكم ...
ألف ألف شكر لكم

زهراء المقدسية
14-08-2010, 09:30 PM
ها أنت قلت هو قدرك ولا راد له إلا بأمر من بيده الأمر
من أراد لشئ قال له كن فيكون
والأيام ديناميكية وغير ثابتة وسيتغير حالها إلى الأفضل بإذن الله
المهم الصبر والإحتساب
والضربة التي لا تميتنا تقوينا

أرجو لك كل خير أستاذ عبدالله
وفي كل احوالك مبدع

تقديري الكبير

محمد إبراهيم الحريري
14-08-2010, 09:42 PM
الأستاذ الأديب عبد الله
تحية طيبة
قرأتك هنا بصورة نزف لا يبرح جرحا إلا مسه قرح ، ولم ينهض من مصيبة قبل أن تعلن التالية بدءها ، وأرى أنك أقوى من ريح الرزايا وأشد منعة عليها من أمثالي ، هكذا يخيل لنا أن ما وقع علينا هو الأقوى والأعتى نزولا وقصما للظهر ، لكن لو تأملت قول أحدهم : من لا يملك حذاء يضع نفسه أمام من لا يملك قدمين للحذاء . وقس على هذا ....
أنت أديب كبير يا عبد الله ، ولا ينكر حرفك قلم
ستكون الأقوى بإيمانك
وفقك الله
نص ينطبق على كل قارئ/ة

شيماء عبد الله
14-08-2010, 11:29 PM
يمتاز قلمك بإحساس مرهف شجي معبر وله ميزة خاصة لايمتلكها سوى أديب رفيع المستوى مثلك..

والله سبحانه ما أخذ منا شيء إلا وعوضنا بخير منه (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها )

فأنت تمتلك زمام القلم وهو طوع يديك ولعمري هذا هو خير من كنوز الأرض وما فيها وأنت تسخره للخير ورضى الرحمن..

لازال أمامك الكثير الكثير لتغرف الخير وتتزود بخير زاد ولتعوض ما فاتك فتأمل خير دائما ابدا ..

رائع وأكثر

دمت بخير

عبد الله راتب نفاخ
15-08-2010, 08:57 PM
أيها الحبيب
ودائما من رحم المأساة يولد الإبداع
وينبثق الأمل
ربما وفي فترة عمرية معينة نرى الأمور بمنظارها
ولكننا بعد سنة علمرور ما رأيناه كارثة
نضحك على أنفسنا وعلى ذلك الذي جعلنا تعساء
ما رأيناه كبيرا يتضاءل حتى لا يكاد يبين
ولكنه مع كل ذلك يترك فينا إما شرخا ولا نستطيع رأبه
وإما أن يزرع بذرة الإبداع إذ غالبا ما يلجا من حباه الله نعمة الإبداع الى أوراقه
يفرغ فيها همومه ويسطر ما رآها ماساته ومنها يخرج أديبا أو شاعرا
وإما أن تصيبه نكسة يتحدث عنها ما بقي له من عمر
أخي
ما مرّ بك يمر بالكثيرين من المبدعين وكانت تلك هي الشرارة التي أوقدت نبض الإبداع في مخيلته فاستثمرها
شكرا لك

أستاذي الكبير القدير ...
الذي لا شرف أكبر لي من مروره الدائم بكلماتي المتواضعة ....
كل ما قلتموه درر و جواهر و نصائح لا تقدربثمن ...
بارك الله بكم ... و حفظكم لنا

عبد الله راتب نفاخ
15-08-2010, 09:00 PM
نص جميل الحس وباهر الصورة والفكرة
تملك ناصية حرفك بتمكن
وتجيد رسم ابدع اللوحات بمفردة طيعة رصينة
دمت متالقا

بل تلك قراءتكم الراقية الواعية التي تظهر النص لكم كذلك ...
بارك الله بكم و سلمكم و حياكم ....
لا أجد ما أعبر به عن امتناني لكم لمروركم بكلماتي المتواضعة .....
ألف ألف شكر لكم

عبدالله المحمدي
16-08-2010, 12:51 PM
كم تشتكي وتقول إنك معدم والأرض

ملكك والسما والأنجم..






ولك الحقول وزهرها وأريجها

ونسيمها والبلبل المترنم…






والماء حولك فضة رقراقة





والشمس فوقك عسجد يتضرم…





إن كنت مكتئبا لعز قد مضى هيهات

يرجعه إليك تندم..






أو كنت تشفق من حلول مصيبة هيهات

يمنعها تحل تجهموا






أو كنت جاوزت شبابك لا تقل

شاخ الزمان فإنه لايهرم






أنظر فما زال تطل من الثراء

صورتكاد لحسنها تتكلموا






وتترك لنا الاستمتاع برحلاتك اخي عبدالله

عبد الله راتب نفاخ
16-08-2010, 11:27 PM
نص جميل الحس وباهر الصورة والفكرة
تملك ناصية حرفك بتمكن
وتجيد رسم ابدع اللوحات بمفردة طيعة رصينة
دمت متالقا


أستاذتي الكريمة الكبيرة .....
لكم يشرفني وقوفك على كلماتي ، و تعليقك عليها
و ما نحن إلا طلاب في مدرستك الرصينة الراقية ...
ألف ألف شكر لمرورك الكريم
:001: :001: :001:

عبد الله راتب نفاخ
16-08-2010, 11:30 PM
أخي الحبيب عبدالله
إن أجمل ما في هذا النص هو الصدق في البوح الذي ينبعث في كلماته المعبرة ، ما ساعد على نقل صورة شعورية متميزة لحالة الكاتب الوجدانية ومعاناته الحقيقية .
من جهة التجربة الإنسانية ، هي محنة ومنحة في ذات الوقت ، فكثيرا ما يخيب الله أمل عبده في العباد والأشياء ليعيده إليه توابا أوابا ، فإن نظرت من هذه الزاوية تجد المنحة الربانية في مثل هذه المحنة .
أرجو لك الرقي المتواصل للإبداع المتميز في الكتابة ، ووفقك الله لكل خير .

أخي الكريم ابن البلد الأستاذ مازن .....
سلمك الله من مبدع في نقدك كما في أدبك .....
كلماتك توقد شعلة التشجيع في الحطب المركوم ....
سلام إليك محمل بعطر الياسمين

د. سمير العمري
29-11-2010, 06:18 PM
لو علمت ما وجد محدثك من عنت الحياة لقلت في نفسك: إني والله جد سعيد.

ورغم هذا فإني أزعم أنني بحمد الله من أسعد الناس ، فالمرء أيها الحبيب هو الذي يقرر سعادته وشقاءه وليس القدر. بل إن الإنسان هو الذي يختار قدره الذي كتب حين يسعى فيه ويطبقه ، وثق بأن من يريد السعادة يجدها حتى في الألم والأمل والدعة والعمل والنجاح والفشل ، ومن أراد غيرها فلن يسعده في الكون حتى لو صاحب القمر وحدث الزهر وملك الدرر.

دمت بخير!

وأهلا مرحبا بك في أفياء واحة الخير.


تحياتي