تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟



صقر أبوعيدة
14-08-2010, 01:27 PM
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
صقر أبوعيدة

وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَبُوكَ مَشَى عَلَى طُرُقٍ..
وَيَحْسَبُ أَنَّهَا تَهْدِي إلى الْعَينِ الَّتي كَانَتْ عَلَى مَرْمًى مِنَ السُّقْيَا
لِيَغْرِفَ مِنْ مَرَارَتِهَا أَغَانِيَ تَكْشِفُ الرُّؤْيَا
وَيَغْرِسَ في شِغَافِ الأَرْضِ آيَاتٍ بِهَا الْعُتْبَى
عَسَى أَنْ تُزْهِرَ الْبَسَمَاتُ في عَينٍ لَنَا رَمَدَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَتَبْكِي دَالِيَاتٍ في عَرَائِشِهَا؟
وَصَوتُ الرِّيحِ تَزْفِرُ في الْمَرَاعِي وَالطُّيُورُ بَكَتْ عَلَى صَوتٍ
رَأَينَاهُ عَلى خَدٍّ مِنَ الْمِلْحِ الْمُعَتَّقِ في الْفَوَاخِيرِ الَّّتي كُسِرَتْ
وَتَسْكُنُهَا الْعَصَافِيرُ الّتي رَدَمُوا صَيَاصِيهَا
وَلَمْ يَدْفَأْ لَهَا حِضْنٌ..
فَمَنْ يُلْقِي لَها حَبَّ الطَّوَاحِينِ الّتي حُبِسَتْ؟
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَحَارَتُنا الّتي سَكَتَتْ بِهَا الأَعْرَاسُ وَانْكَفَأَتْ
تُعَبِّئُ قَلْبَها وَجَلاً عَلى وَلَدٍ يُنَادِي حَائِرَاً أَبَتِي
وَحَنْجَرَةٌ لَهُ مَجِلَتْ عَلى مَرْأَى مِنَ الدُّنْيَا الّتي صَمَتَتْ..
عَلى حَبْسِ الْحُدُودِ وَفَرْحَةٍ سُرِقَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَتِلْكَ صَحَائِفُ الأَخْبَارِ أَلْقَتْ في مَرَاسِينَا صُخُورَ الْهَدْمِ..
يَومَ أَتَتْ مَرَاكِبُهمْ تُزَخْرِفُ في جَرَائِدِهِمْ تَصَاوِيرَ الْحِكَاياتِ الّتي رُسِمَتْ
عَلى الْحِيطَانِ لَحْمَاً وَالْعِظَامُ بَدَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَتَارِيخُ الْجُدُودِ يُغَلِّقُ الأَبْوَابَ في وَجْهِ التَّضَارِيسِ الّتي نُحِتَتْ
بِحَدِّ اللَّيلِ والْعَثَرَاتِ وَالْهَرْجِ الّذِي صَارَتْ لَهُ طُرُقٌ
وَفَتْوَى مِنْ سَفِيهِ الْقَومِ لِلأَصْنَامِ..
كَيْ تُلْقَى ذَبَائِحُهُمْ عَلَى النُّصُبِ الّتي رُفِعَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
قَذَفْتَ الصَّرْخَةَ الْبُرْكَانَ وَالْفَمُ كَانَ مَقْفُولاً بِأَيدٍ مِنْ دُرُوعِ الْجَيشِ..
حَتَّى لا تَقُولَ أَبِي
لَفِي سِجْنٍ أَحَبُّ إِلَيهِ مِنْ عَلَمٍ يُرَفْرِفُ رِيحُهُ وَهْمَاً وَلَو عَبِقَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَتَعْلَمُ أَنَّهُمْ نَفَرُوا عَلَى الصَّرَخَاتِ وَالدَّمْعِ الّذِي خَلَعُوهُ مِنْ عَينَيكَ..
حِينَ تَلَتْ شِفَاهُ أَبِيكَ يَاوَلَدِي
وَيَعْلَمُ أَنَّ فِيكَ رُجُولَةً تَطْفُو عَلَى سَطْحِ الْجَنَازِيرِ الّتي خَطَفَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فِإنْْ فَرَضُوا عَلَيكَ رِهَانَهُمْ رَبِحُوا
وَإِنْ عَلِمُوا بِأَنَّ أَبَاكَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى وَلَدٍ يَسُوقُ دُمُوعَهُ غَدَقَاً
فَقَدْ يَأْتُونَ قَبْلَ بُلُوغِكَ الْحُلُمَ الّذِي سَرَقُوا طُفُولَتَهُ
فَلا تَيأَسْ وَإِنْ حَفَرَتْ لَكَ الدُّنْيَا سَبِيلَ الْغَيِّ وَارْتَحَلَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَجَارُ الْحَيِّ لَمَّا أَشْغَلَ الأَنْفَاسَ تَبْحَثُ عَنْ رَغِيفِ الْخُبْزِ بِالصَّمْتِ الْمُهِينِ..
فَيَمْتَطِي أَعْنَاقَهُمْ فَرَقَاً؟
وَلَمْ يَنْظُرْ إلى رَحِمٍ يَرَاهَا جَارَةً نَشَزَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَطَمْتُكَ مِنْ جُذُورِ اللَّوزِ وَالأَرْضِ الّتي حَبِلَتْ
بِأَلْغَامٍ يُغَطِّيهَا تُرَابُ الْقَبْرِ تَنْثُرُهُ أَيَادٍ مِنْ قَرَابَتِنَا
فَلا رُفِعَتْ لَهُمْ أَيدٍ وَلا حَفَلَتْ
وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَطِفْلٌ أَنْتَ أَمْ جَبَلٌ؟
فَقُمْ جَمِّدْ سَحَابَ الدَّمْعِ وَاقْذِفْهَا رَصَاصَاتٍ
وَدَوِّنْهَا عَلى الْحِيطَانِ وَالطُّرُقَاتِ لِلآتِينَ حِينَ مَلامَةِ الشُّهَدَاءِ..
أَسْمِعْهمْ بِمَنْ أََقْنَى مَعَاطِفَ جُنْدِهِمْ لَونَاً بِحَجْمِ الذُّلِّ..
َقَدْ سَكَنُوا حَدِيدَاً في مَخَابِئِهِمْ
وَلَمْ تَهْدَأْ لَهُمْ دَبَّابَةٌ يَومَاً أَوِ اسْتَحْيَتْ

مازن لبابيدي
14-08-2010, 02:15 PM
أخي الشاعر المبدع صقر أبو عيدة
ما أروعها من مناجاة تفيض بالأسى والحرقة والمعاناة ، شفيفة تبلغ من القلب شغافه وتأسر الوجدان بصدق كلماتها التي تجعلني أقف متأثرا حتى الصميم .

تقبل مروري المتواضع بين يدي هذه الدرة الوطنية ، مع بالغ تقديري

محمود فرحان حمادي
14-08-2010, 06:34 PM
نفثات تطلقها حممًا شاعرية غيورة نبيلة
بحرفك المقتدر ومفردتك الهادفة
بوركت مشاعرك وهممك العالية
تحياتي ورمضان كريم شاعرنا المبدع

محمد ذيب سليمان
14-08-2010, 10:46 PM
أهلا بك يا أخي وبشعرك الجميل الذي يلامس أوجاعا
تلازمنا ويكفي أنك تمزج الوجع بطريقة تجعلنا نلامسه معك
شكرا لك

د. سمير العمري
15-08-2011, 05:28 PM
نص شعري بصوت شجي يبكي والولد على الوطن والجيل الذي سرقوا منه طفولته وبسمته بل كل شيء.

لا فض فوك صادحا بصوتك الموجع لمن ألقى السمع وكان ذا ضمير!

دمت بكل خير ورضا!

وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


تحياتي

نداء غريب صبري
16-08-2011, 02:11 AM
قصيدة رائعة ونص صادق وباكٍ حزين

من الذي يستغرب بكاء أولادنا

شكرا لك أخي بوركت

ربيحة الرفاعي
17-08-2011, 01:25 PM
أَحَارَتُنا الّتي سَكَتَتْ بِهَا الأَعْرَاسُ وَانْكَفَأَتْ
تُعَبِّئُ قَلْبَها وَجَلاً عَلى وَلَدٍ يُنَادِي حَائِرَاً أَبَتِي
وَحَنْجَرَةٌ لَهُ مَجِلَتْ عَلى مَرْأَى مِنَ الدُّنْيَا الّتي صَمَتَتْ..
عَلى حَبْسِ الْحُدُودِ وَفَرْحَةٍ سُرِقَتْ

فَتَارِيخُ الْجُدُودِ يُغَلِّقُ الأَبْوَابَ في وَجْهِ التَّضَارِيسِ الّتي نُحِتَتْ
بِحَدِّ اللَّيلِ والْعَثَرَاتِ وَالْهَرْجِ الّذِي صَارَتْ لَهُ طُرُقٌ
وَفَتْوَى مِنْ سَفِيهِ الْقَومِ لِلأَصْنَامِ..
كَيْ تُلْقَى ذَبَائِحُهُمْ عَلَى النُّصُبِ الّتي رُفِعَتْ

فِإنْْ فَرَضُوا عَلَيكَ رِهَانَهُمْ رَبِحُوا
وَإِنْ عَلِمُوا بِأَنَّ أَبَاكَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى وَلَدٍ يَسُوقُ دُمُوعَهُ غَدَقَاً
فَقَدْ يَأْتُونَ قَبْلَ بُلُوغِكَ الْحُلُمَ الّذِي سَرَقُوا طُفُولَتَهُ
فَلا تَيأَسْ وَإِنْ حَفَرَتْ لَكَ الدُّنْيَا سَبِيلَ الْغَيِّ وَارْتَحَلَتْ
شجي وشاعري ومجبول بالدمع والآهات
يصيح بلوعة ويجأر بالحقيقة تصفع وجه التخاذل والخنوع

أليم هو الواقع الذي يجعل الحروف تنهمر دموعا
وباهر نص يحكيه بهذا الصدق والألق

دمت بروعتك

وليد عارف الرشيد
15-01-2012, 10:49 PM
أعلم مستوى القصيدة قبل أن ألجها لما تكون بتوقيع صقر الشعر أبو عيدة الرائع
أينما حلت حروفك سيدي وصديقي الشاعر فإن ثمة إبداعٌ وفرجةٌ وقيمة
مودتي وتقديري أيها الكبير