اميمة عبدالله
09-08-2010, 08:29 AM
رياض الهيام
سكنا مكانا قصيا ، طرف صحراء بعيدة ، نادرا ما يمر بنا احد ، بيوتنا من الطين والتبن ، نشأت يتيما بجسد نحيل حتى أن أبى كان يدخلني تحت جلبابه عند هياج الصحراء مخافة أن يجرفني غضبها ، لم نكن نفترق ، نذهب معا إلى المسجد لقد كان قلبه دائما هناك ، والى السوق حيث يجتمع الناس يومي الخميس والاثنين ، أبى يعرف الكل يسلم عليهم باسطا يده لا يسحبها إلا عندما يسحبها مسلمه ، يلتفت إلىّ قائلا
- يا بنى كن طيبا في سلامك، رسولنا ما كان يسحب يده أولا قط
في طريق عودتنا نزور جدتي لامي ، نسلم عليها بود ، نشرب عندها الشاي ونجالسها إكراما لروح امى ، أبى يودها ويبالغ في إظهار وده
- أمك كانت بارة بى ،أود رد بعض جميلها
غذائنا غالبا عليه البلح والتمر يقول هو أكل سيد العالمين ، لا نملك كثير متاع كأننا رحل غير مستقرين ، ناقتنا تسكن معنا في احد أركان الحوش الواسع ، لكن أبى كان بارعا في صناعة البروش والمصالى ، ماهرة يده ، علمني الصنعة ، قال هي دخر لي
- عندما تكبر يا بنى ستعرف لمّا أنا أجهدك هكذا وأنت أبن الثامنة
تنكمش روحي كورقة شجرة يابسة، في كلامه إشارة خفية للمغادرة. في كل صباح يعلمني جديد وأنام على وصايا
- يا بنى ناقتنا هذه ثالثتنا رغم هزالها ما بخلت علينا بالبن
نستيقظ فجرا بعد الصلاة وقبل الشروق نذهب إلى الخلوة ، تقع في زيل المساكن ، الأشجار شحيحة على طول الطريق والتراب يثور دائما ، تموّج ذراته بصري ، صوت أبى وأنا معلق بجلبابه
- لا تنسى يا أيها المصطفى أن تحمد ربك عقب كل ما يسؤك
- لا يا أبى لقد اعتاد لساني
- بؤركت يا ولدى لقد أسمتك أمك على أفضل الخلق
- لنبطئ قليلا
- يا ولدى كان رسولنا يسرع في مشيته حتى لكأن الأرض تطوى له .
يمسح على رأسي مضاعف من قبضته على يدي، نواصل سيرنا صامتين، نعاند الريح ونمضى قدما.
كان أبي رجلا رحيما ، واسع الصدر ، يغمر كل طلبة الخلوة بوده كما أنا تماما ، يصبر على سؤ حفظنا وكثرة التكرار حتى نجوّد يقول دائما
- ياأبنائى إن لم نكن مثل صاحب الرفعة فلنتشبه به
وكنا نعرف أنه يقصد رسول الرحمة
يعلمنا برفق، يجلس ذو الخط الرديء واللوح الملطخ بالحبر قرب ذو الخط الواضح واللوح النظيف
- تعلموا من بعضكم، نظفوا ألواحكم، إن أحببتم القلم أعطاكم حفظا
يكافئنا بالبلح المعسول الذي ننظفه ليلا هو وأنا
- غدا تصبحون رجالا يهاجر إليكم الآخرون
لا ينقطع عن مدنا بالصبر والتوجيه
- اصبروا ولا تكونوا كصاحب الحوت نحن نتبع رجلا اصطفاه المولى على الجميع، ونحن في سكون تماما كسكون التوابيت
في طريق عودتنا قال لىّ
- محمد نور لا يسكن أي قلب
ليلتنا تلك كان القمر فيها طالا ، واعدا ، أبي كان متكأ على عنقريبه مبتسما ، سألته دون أن أحرك شفتي
- تستعجبك ابتسامتي أليس كذلك
قلت بلى
- أعجبني القمر وكريم ضوءه إياك يا ولدى أن تكون في يوم ما بخيلا
- إننا يا أبي لا نملك كثير مال لأجود به
- العطاء ليس مالا فقط، لا تدخر شيئا مخافة الغد لقد كان رسول الرحمة أجود من الريح المرسلة ولم يكن ملكا أو ذو مال
عندما رحل كان قد ترك لىّ تركة لا تحص من الوصايا وعلما وحبا عظيما بين ضلوعي
سكنا مكانا قصيا ، طرف صحراء بعيدة ، نادرا ما يمر بنا احد ، بيوتنا من الطين والتبن ، نشأت يتيما بجسد نحيل حتى أن أبى كان يدخلني تحت جلبابه عند هياج الصحراء مخافة أن يجرفني غضبها ، لم نكن نفترق ، نذهب معا إلى المسجد لقد كان قلبه دائما هناك ، والى السوق حيث يجتمع الناس يومي الخميس والاثنين ، أبى يعرف الكل يسلم عليهم باسطا يده لا يسحبها إلا عندما يسحبها مسلمه ، يلتفت إلىّ قائلا
- يا بنى كن طيبا في سلامك، رسولنا ما كان يسحب يده أولا قط
في طريق عودتنا نزور جدتي لامي ، نسلم عليها بود ، نشرب عندها الشاي ونجالسها إكراما لروح امى ، أبى يودها ويبالغ في إظهار وده
- أمك كانت بارة بى ،أود رد بعض جميلها
غذائنا غالبا عليه البلح والتمر يقول هو أكل سيد العالمين ، لا نملك كثير متاع كأننا رحل غير مستقرين ، ناقتنا تسكن معنا في احد أركان الحوش الواسع ، لكن أبى كان بارعا في صناعة البروش والمصالى ، ماهرة يده ، علمني الصنعة ، قال هي دخر لي
- عندما تكبر يا بنى ستعرف لمّا أنا أجهدك هكذا وأنت أبن الثامنة
تنكمش روحي كورقة شجرة يابسة، في كلامه إشارة خفية للمغادرة. في كل صباح يعلمني جديد وأنام على وصايا
- يا بنى ناقتنا هذه ثالثتنا رغم هزالها ما بخلت علينا بالبن
نستيقظ فجرا بعد الصلاة وقبل الشروق نذهب إلى الخلوة ، تقع في زيل المساكن ، الأشجار شحيحة على طول الطريق والتراب يثور دائما ، تموّج ذراته بصري ، صوت أبى وأنا معلق بجلبابه
- لا تنسى يا أيها المصطفى أن تحمد ربك عقب كل ما يسؤك
- لا يا أبى لقد اعتاد لساني
- بؤركت يا ولدى لقد أسمتك أمك على أفضل الخلق
- لنبطئ قليلا
- يا ولدى كان رسولنا يسرع في مشيته حتى لكأن الأرض تطوى له .
يمسح على رأسي مضاعف من قبضته على يدي، نواصل سيرنا صامتين، نعاند الريح ونمضى قدما.
كان أبي رجلا رحيما ، واسع الصدر ، يغمر كل طلبة الخلوة بوده كما أنا تماما ، يصبر على سؤ حفظنا وكثرة التكرار حتى نجوّد يقول دائما
- ياأبنائى إن لم نكن مثل صاحب الرفعة فلنتشبه به
وكنا نعرف أنه يقصد رسول الرحمة
يعلمنا برفق، يجلس ذو الخط الرديء واللوح الملطخ بالحبر قرب ذو الخط الواضح واللوح النظيف
- تعلموا من بعضكم، نظفوا ألواحكم، إن أحببتم القلم أعطاكم حفظا
يكافئنا بالبلح المعسول الذي ننظفه ليلا هو وأنا
- غدا تصبحون رجالا يهاجر إليكم الآخرون
لا ينقطع عن مدنا بالصبر والتوجيه
- اصبروا ولا تكونوا كصاحب الحوت نحن نتبع رجلا اصطفاه المولى على الجميع، ونحن في سكون تماما كسكون التوابيت
في طريق عودتنا قال لىّ
- محمد نور لا يسكن أي قلب
ليلتنا تلك كان القمر فيها طالا ، واعدا ، أبي كان متكأ على عنقريبه مبتسما ، سألته دون أن أحرك شفتي
- تستعجبك ابتسامتي أليس كذلك
قلت بلى
- أعجبني القمر وكريم ضوءه إياك يا ولدى أن تكون في يوم ما بخيلا
- إننا يا أبي لا نملك كثير مال لأجود به
- العطاء ليس مالا فقط، لا تدخر شيئا مخافة الغد لقد كان رسول الرحمة أجود من الريح المرسلة ولم يكن ملكا أو ذو مال
عندما رحل كان قد ترك لىّ تركة لا تحص من الوصايا وعلما وحبا عظيما بين ضلوعي