تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لا أعلقني على مشجب التكهن



شريفة العلوي
28-08-2010, 12:44 PM
نؤمن ببعض الأمور في يقيننا لنستخدمها كتوابل تمنح نكهة لائقة لأفكارنا ,
ولكن هذا لا يعني بأننا نلتزم بتطبيقها في مجريات أمورنا ومعاملاتنا اليومية ولا مانع أيضا من أن تكون من الأمور المسلمة بها كظاهرة واقعية بموافقة الجميع سواء أكان ذلك تكاسلا أم كان تواكلا .

عندما أحاول استرجاع الماضي أصل إلى تقاطع الدروب فاحتار يا ترى أيهم أولى بأن أسلك ؟
فيثب جواب أرعن من مخيلتي ويحدث فوضى صغيرة في منقطة السؤال , وحينها اضطر إلى أن أساير اللحظة وأومئ بالموافقة المؤقتة , فأمتثل فيها لظروف غير محايدة لا ينحاز داخلي لهذه الاتفاقية فيبقى هناك شيء لم اقله واترك مسافة بين الذي يجب أن أقول والذي سأقوله لاحقا لأمتلك ثغرة مقننة بإتقان .
المجتمع كفيل بأن يخلق لك جسرا من الأعراف ولكنه لا يضمن لك السلامة ..أرشق ذاتي بأسئلة كثيرة ومن الأسئلة هناك
سؤال جلدت به نفسي ما إذا كنت قد ورثت من هذه البيئة البركانية (في بلاد العفر) والمتميزة بدرجات عالية من الملح الطبيعي تلك الصفات المتأصلة بالملح ؟

صحيح أن الملوحة الزائدة قاتلة ولكن انعدامها قتل آخر.. والقتل بفقد الشيء أسوأ من زيادة الشيء , لأن فقدان أمر ما لا يعذر وجود الآخر الذي يفتقده , ولكن طغيان الشيء يعطي مبررا مقنعا للقضاء عليه خاليا من عيوب النقص .
كنت أبادر بكشف عيوبي للآخر ربما لأمنح لذكائه حرية الكشف ولذة المغامرة عن محاسن تكشف على الضفة الأخرى مواهبه وهذا لا يهتدي إليه الجميع . ولكي يلتقط اللبيب من الإشارة عليه أن يصل إلى أعتابها أولا , أنا لست ملزمة بأن ألعب دوره ودوري ..فعزيز النفس لا يطمع بالفتات ..وإن جاع يعلن على الملأ صومه متأنقا بالزهد .
و مع الأخذ بالاعتبار بأن هذه البيئة التي أنتمي إليها بكل عشقٍٍ وزهو .. تتسم بالشفافية , ولكل ذرة رمل فيها سمات وخصائص متفاوتة مما يدلل على عدم الخضوع لفوضى التمويه بين الكيانات أو ضياع المتفرد على هامش التكدس .
وربما هي التي أزاحت عندنا فوارق الطبقات رغم وجود التباين العاري بين الناس كما في أي مكان كان ..حيث يتعايش الكل معا والكل يتنفس من نفس الهواء حتى وان اختلف نوع الخبز ..
سأل جاره قائلا ما نوع الهواء الذي يتنفسه الحاكم في بلادكم ؟
قال : إنه يتنفس بقايا الاوكسجين المغسولة بزفير حارسه الشخصي .
هكذا في بلادنا الحاكم رغم سلطته الجبارة إلا انه يتناول الفتات ويدعي الأسبقية وبالتالي فأنه يشرب الظمأ في العيون ويطعم من الجوع قبل اطلاق كرسي مائدته صرخة صريرها المعتادة في وجبة غداء.. لا يتفاجأ برؤيته لأمور غريبة له في كل عين عين..ولا نصبغ على اسمه مقدمات يطول شرحها يكفي انه فلان ابن فلان كأي مواطن يعجز عن دفع فواتير الكهرباء لأن العجز عن دفعها لا يقلل من مواطنته ولا انتماءه لقبيلته
وهذه الملوحة التي اتخذت من كل المعادن النفيسة متكئا من مراصد الكون كم تشربت من فراتٍ رباني غدق ذاتي الحماية وحفظ الحقوق.. ثم وارت على الحضارات القديمة أكوام الغبار حتى تراودها السحابة في السماء عن جذبها .
إلا إني مازلت أكتب وأحترق وأظمأ أمام نهر جارٍ من أجل أن أقيم أعمدة تاريخية من الورق , ورق لا يختلف من أوراق التكيتو* التي أقنعت البحر بالمجاورة الدائمة .
وسيأتي اليوم الذي سيقول فيه طفل لم يدركني في الوطن بأني حفظت لهم رائحة المهاجرين الأوائل إلى الضفة الأخرى ورغم ما يجري من تهجير لغة القرآن والدنو من لغة الغرب حبا للانتشار ولكن قد لا يعي معاناتي مع ذي القربى ومغبة الجهد كرها عن الاغتراب ..
قد لا نقدّر مسافة الفرق والتباين بين بيئة و أخرى , يبدو لي أحيانا بأن كل النظريات التي شخصت الإنسان حسب مناخ بيئته وتشكلات تضاريسها كانت خاطئة في الحسابات وإلا كيف يكون الإنسان الصحراوي رقيقا عطوفا رغم التشققات التي تنقش خرائط مصغرة على جبينه لتاريخ شقائه مع صعوبة الظروف المناخية ومشقته في التنقل بينما يتسم سكان التبت بخشونة فاضحة وملامحهم مكفهرة ..و البدوي فوضوي الهندام لكنه يتأنق في ضيافة الضيف ويعطي أفضل ما لديه عن طيب خاطر ..لذا ملوحة البيئة البركانية في بلادي قد تكون سببا لكل ما أحبه في قناعاتي.
لا فرق بين الانتقاء العشوائي وإجراء القرعة لأنهما يفضيان إلى نتيجة واحدة وهي تسليم الأمور لعوامل الصدف التي إن أصابت ستكون لضربة الحظ فيها يد الطولى وان خابت لأنها عملية غير مدروسة وعارضة بل هي حالة طارئة فمن الطبيعي أن تكون مسبوقة بالتكهن , لا تحزن يا .. فأنا مازلت لا أعلقني على مشجب التكهن .


* أشجار التكيتو : أشجار تنبت إما على شاطئ البحر أو في عمق البحر يصل طولها من 5 أمتار الى 7 ذات أرواق عريضة و دائمة الاخضرار .

محمود فرحان حمادي
28-08-2010, 08:07 PM
المبدعة الفاضلة شريفة العلوي
لحرفك نكهة مميزة بجمال الاسلوب وسعة الخيال والتمكن من رسم المشهد التصويري المتألق
يساير بوحك في الكتابة ألق ماتع في الأداء الفني
بورك النبض
تحياتي

آمال المصري
23-09-2010, 10:00 AM
قرأتها مرارا ولم أرتو من فيض ماتضمنته من معاني راقية وأسلوب أكرمه
وعجز قلمي الضعيف عن مجاراة هذا السيل المنهمر من الإبداع
وتلك البراعة في الصياغة التي تقودين فيها الكلمات
فآثرت الصمت وغادرت وشهادتي مجروحة
سيدتي الرائعة ...
تلك الروعة لايجيدها سواك
قوافل ورد ومواكب ياسمين لسموكم
تقديري الكبير

كريمة سعيد
23-09-2010, 02:04 PM
القديرة شريفة العلوي
لقلمك سحر خاص يستمده من اختار مواضيعه وحسن استخدام الحروف المعبرة والصور الأدبية القوية
سأجدد إعجابي كلما انتشيت بعزف كلماتك المنفرد
تحياتي وتقديري

شريفة العلوي
13-10-2010, 06:55 PM
أخي المبدع محمود فرحان حمادي
القراءة الواعية ضفة أخرى على ناصية النص الأدبي
وقراءتك أسعدتني لما حملته من الصدق
تقديري وعظيم شكري
دمت بكل خير.

عبدالله بن بريك
13-10-2010, 08:42 PM
كلمات وثابة و رؤية عميقة و انسياب تعبيري هائلٌ..

سافرتُ بمتعة عبر هذا النص المتميز..

تحية.

شريفة العلوي
16-10-2010, 05:14 PM
قرأتها مرارا ولم أرتو من فيض ماتضمنته من معاني راقية وأسلوب أكرمه
وعجز قلمي الضعيف عن مجاراة هذا السيل المنهمر من الإبداع
وتلك البراعة في الصياغة التي تقودين فيها الكلمات
فآثرت الصمت وغادرت وشهادتي مجروحة
سيدتي الرائعة ...
تلك الروعة لايجيدها سواك
قوافل ورد ومواكب ياسمين لسموكم
تقديري الكبير


الأديبة الرائعة رنيم مصطفى
وكم توقفت على ردك المحنك حتى غدت قراءته كخيوط قز تنصاع لمغزل يداعب الأصابع وكم أسعدني رأيك الذي أرتداه النص كحلة العيد الزاهية .
دمت مبدعة على طرفي نهر القراء والكتابة .
تقديري.

شريفة العلوي
21-10-2010, 05:06 PM
العزيزة الغالية كريمة سعيدة
لحضورك فرحة لا نظير لها إلا كلماتك التي توقد في الروح قناديل الجمال
دمت بكل خير.

ربيحة الرفاعي
21-10-2010, 06:31 PM
لله در حرفك بألقه وتميزه
تجيدن الغوص في أعماق الفكرة بمهارة واقتدار

وتخلقين لدى القاريء توقا دائما للمزيد

دمت مبدعة

أماني عواد
21-10-2010, 10:36 PM
الاديبة الراقية شريفة العلوي


وحينها اضطر إلى أن أساير اللحظة وأومئ بالموافقة المؤقتة , فأمتثل فيها لظروف غير محايدة لا ينحاز داخلي لهذه الاتفاقية فيبقى هناك شيء لم اقله واترك مسافة بين الذي يجب أن أقول والذي سأقوله لاحقا لأمتلك ثغرة مقننة بإتقان

بين ضئآلة ما نقول وغزارة ما فينا من قول, مرتفعات وتضاريس جبلية تغرينا بالانتحار ذات انحدار اشبه بالاستقامة نفقد عنده اكسجيننا المعتاد



صحيح أن الملوحة الزائدة قاتلة ولكن انعدامها قتل آخر.. والقتل بفقد الشيء أسوأ من زيادة الشيء , لأن فقدان أمر ما لا يعذر وجود الآخر الذي يفتقده , ولكن طغيان الشيء يعطي مبررا مقنعا للقضاء عليه خاليا من عيوب النقص

تقتربين كثير من فلسفة زوربا بفارق هو انه كان ذاته من يضع نفسه عند حدود طغيان الشئ ليخلو منه اما هنا فالطبيعة من تهب طغيان الشئ لنا وتترك لنا مهمة اخلاء العيب



وإلا كيف يكون الإنسان الصحراوي رقيقا عطوفا رغم التشققات التي تنقش خرائط مصغرة على جبينه لتاريخ شقائه مع صعوبة الظروف المناخية ومشقته في التنقل\

هو الفقد يا سيدتي ما يتجلى واضحا في ملامحنا فالجفاف كفيلا ان يجعلنا متعطشين للرقة , فيرسم ملامحه على وجوهنا متحديا بها ملامح البيئة


لا فرق بين الانتقاء العشوائي وإجراء القرعة لأنهما يفضيان إلى نتيجة واحدة وهي تسليم الأمور لعوامل الصدف التي إن أصابت ستكون لضربة الحظ فيها يد الطولى وان خابت لأنها عملية غير مدروسة وعارضة بل هي حالة طارئة فمن الطبيعي أن تكون مسبوقة بالتكهن , لا تحزن يا .. فأنا مازلت لا أعلقني على مشجب التكهن

تبرير انيق رائع لخيبة قادمة


رائعة واكثر
محبتي وتقديري الكبيرين

شريفة العلوي
23-11-2010, 01:32 PM
كلمات وثابة و رؤية عميقة و انسياب تعبيري هائلٌ..

سافرتُ بمتعة عبر هذا النص المتميز..

تحية.


أخي المبدع عبدالله بن بريك
ما النص الا مرآة التلقي ..فكل قارئ يترك فيه جزءا من جمال تلقيه ورؤاه ليضفي عليه الروعة والتميز
دمت بكل خير.

شريفة العلوي
26-04-2011, 09:33 PM
لله در حرفك بألقه وتميزه
تجيدن الغوص في أعماق الفكرة بمهارة واقتدار

وتخلقين لدى القاريء توقا دائما للمزيد

دمت مبدعة



شاعرتنا الجميلة ربيحة الرفاعي

يبقى حضورك كحصاد سنابل الفرح المفرح .

دمت بكل خير.

شريفة العلوي
26-07-2011, 01:03 PM
الاديبة الراقية شريفة العلوي



بين ضئآلة ما نقول وغزارة ما فينا من قول, مرتفعات وتضاريس جبلية تغرينا بالانتحار ذات انحدار اشبه بالاستقامة نفقد عنده اكسجيننا المعتاد




تقتربين كثير من فلسفة زوربا بفارق هو انه كان ذاته من يضع نفسه عند حدود طغيان الشئ ليخلو منه اما هنا فالطبيعة من تهب طغيان الشئ لنا وتترك لنا مهمة اخلاء العيب




هو الفقد يا سيدتي ما يتجلى واضحا في ملامحنا فالجفاف كفيلا ان يجعلنا متعطشين للرقة , فيرسم ملامحه على وجوهنا متحديا بها ملامح البيئة



تبرير انيق رائع لخيبة قادمة


رائعة واكثر
محبتي وتقديري الكبيرين


غاليتي أماني عواد :

وكم للنبوغ هنا حضور ..

في قراءتك الحاضرة بكل يقينها والممدودة في آفاق الفكر العميق أجدني كوجه يتخذ من المرايا موضع إتكاء وأتركني لها لترسم ما تبقى من ملاحم الحلم لوحة تعلقني على جدار الحياة من أجل حياة تستحق أن نحياها ..