المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جرم لا تغتفر



محمد المختار زادني
28-08-2010, 09:49 PM
جرم لا يغتفر


استوقفني منظر طريف بالأمس حين ذهبت إلى محل إصلاح الهواتف؛ وجدت شابا في العقد الثالث جالسا إلى طاولة عليها بعض العِدد اليدوية الدقيقة وأسلاك مبعثرة متشابكة مع لواحق وأجزاء متناثرة لهواتف نقالة بالية.
وقف الشاب لمقابلتي باسما، فمددت له جهاز الهاتف بعد أن قصصت عليه ما أزعجني من عطله، ورددت على أسئلته التي بدت كالممهدة لتشخيص العطب. أخذ الجهاز إلى الطاولة وفككه بما لديه من مهارة، ثم استخرج شيئا صغيرا يشبه نتفة من لحاء القصب، واسبتدله بآخر أخرجه من درج الطاولة، وأعاد تركيب الجهاز، ثم وضع البطارية مكانها وشغله قبل أن يقول:
- هذا جهازك قد عاد إلى رشده ولن يزعجك بعد الآن
فخطر لي أن أدردش معه قليلا فاستأذنته في سؤال رحب به وقلت:
- شكرا لك على إنجاز العمل ولكني أحببت أن أعرف هل هذه المهنة تدرس في المعاهد والكليات؟
قال:
- أنا تعلمتها بالممارسة لأني لم أدرس العلوم قط حيث تخرجت في كلية الآداب مند خمس سنوات.
قلت:
- وكيف تمارس إصلاح أحدث التقنيات؟ لاشك أنك تعرف مبادئ البث والاستقبال الرقمي.
ابتسم الشاب واثقا من نفسه وأجاب:
- يبدو أنك تعرف عن هذه التقنيات الكثير ولكن يأستاذ؛ لو سألت الخباز كم ذرة صوديوم وكم جزيء ماء وكم عدد فطريات الخميرة يضع في الخبزة لأجابك بما يمكنني أن أجيبك على سؤالك. نحن ندع الحساب للمحاسبين الدراسة اللأكاديميين ونمارس حياتنا بما نراه يجيب على السؤال الأهم: إلى متى سنظل مستهلكين للتقنيات دون أن نعلق في تروسها؟ وسألني ما مهنتي.
قلت:
- أنا أستاذ هندسة تحكم آلي ولكني مغرم بالفنون والأدب ويستهويني البحث في العلوم الإنسانية.
عندها أخذ نفسا خلته يتنهد وقال:
- كان الله في عونك أستاذ، وأخشى عليك من الأدب فهو جرم لا يغتفر.

عادل العاني
28-08-2010, 10:00 PM
كان الله في عونك أستاذ، وأخشى عليك من الأدب فهو جرم لا يغتفر.

ربما صدق صاحبنا .. لكن من الأدب أيضا ما يندرج تحت وصف " الحكمة " وليس كل أدب كان جرما.

ويقول نبينا الأعظم " إن من الشعر لحكمة " صدق رسول الله


أخي وصديقي محمد

رمضان مبارك وكل عام وأنت والأسرة الكريمة بألف خير

الحمد لله إنّا التقينا على غير موعد

تحياتي وتقديري

محمد المختار زادني
28-08-2010, 10:22 PM
كان الله في عونك أستاذ، وأخشى عليك من الأدب فهو جرم لا يغتفر.

ربما صدق صاحبنا .. لكن من الأدب أيضا ما يندرج تحت وصف " الحكمة " وليس كل أدب كان جرما.

ويقول نبينا الأعظم " إن من الشعر لحكمة " صدق رسول الله


أخي وصديقي محمد

رمضان مبارك وكل عام وأنت والأسرة الكريمة بألف خير

الحمد لله إنّا التقينا على غير موعد

تحياتي وتقديري

سبحان من وهب القلوب الحس الذي لا تطاله الآلة الحديثة

والله إني ذكرتك بخير عند إخوة كرام بالأمس

وتمنيت أن ألقاك على شرفة الحرف

رمضان مبارك سعيد وكل عام وأنت بألف خير

ولك أجمل تحياتي الأخوية

فاطمه عبد القادر
29-08-2010, 03:16 AM
ابتسم الشاب واثقا من نفسه وأجاب:
- يبدو أنك تعرف عن هذه التقنيات الكثير ولكن يأستاذ؛ لو سألت الخباز كم ذرة صوديوم وكم جزيء ماء وكم عدد فطريات الخميرة يضع في الخبزة لأجابك بما يمكنني أن أجيبك على سؤالك. نحن ندع الحساب للمحاسبين الدراسة اللأكاديميين ونمارس حياتنا بما نراه يجيب على السؤال الأهم: إلى متى سنظل مستهلكين للتقنيات دون أن نعلق في تروسها؟ وسألني ما مهنتي.
قلت:
- أنا أستاذ هندسة تحكم آلي ولكني مغرم بالفنون والأدب ويستهويني البحث في العلوم الإنسانية.
عندها أخذ نفسا خلته يتنهد وقال:
- كان الله في عونك أستاذ، وأخشى عليك من الأدب فهو جرم لا يغتفر.





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل أن يتكيف المرؤ مع حياته وظروفه ويستطيع إنجاز أعمال وإصلاح ما فسد بدون دراسة
ولكن لنرد على التساؤل الأكثر حيرة وهو ( إلى متى سنظل مستهلكين لهذه التقنيات ؟؟)
سنظل ,,,حتى ندرك ما معنى أهمية الدراسات الأكاديمية وفوائد أن نعلم كم ذرة صوديوم وكم جزييء ماء تحتاج الخبزة
وسنظل ,,,حتى يهيئ لنا أصحاب القرار أن نعمل في مجال تخصصنا ,ولن يهتموا لهذا الأمر حتى يهمهم الوطن أولا
وسنظل,,, حتى تنعتق رقابنا من نير الإحتلال المادي والروحي في كل مكان من أوطاننا العزيزة
وغير هذا سنظل أسواق كبرى لاختراعاتهم ومنتوجاتهم التي لا تقتصر على التقنية فقط,,, بل حتى أبسط الأشياء, وهي الطعام والشراب ,وغيرها الكثير
أشكرك أخي محمد على ناقوسك الرنان
ماسة

آمال المصري
29-08-2010, 05:52 PM
ذات مرة خرجت لشراء حقيبة للمدرسة وأثناء الجدال حول الجودة أعرب البائع عن نفسه بعدما ضاق صدرا بطول الجدل بأنه طبيب تخرج من كلية الصيدلة وقام باستخراج الهوية التي تثبت ذلك
وكانت دمعة حبيسة شاهدة على قوله

بعدها بفترة ليست طويلة قبل توصيل مواسير الغاز الطبيعي وأثناء تغيير أنبوب الغاز
وعند سؤال العامل الذي يحملها لنا إلى المنزل عن السعر وهو يتمنع عن الرد تعففا
حاولت أن أعطيه زيادة عن سعرها العادي فانهار مرددا أنا لست بائعا للأنابيب , أنا مدرس تخرجت من كلية التريبة وأعمل بدلا من البطالة , تذكرت وقتها الطبيب بائع الحقايب
مسؤولية من ؟؟؟
تقديري الكبير سيدي الفاضل
وكل عام وأنت للرحمن أقرب

ربيحة الرفاعي
25-10-2014, 12:28 AM
أن يعمل شبابنا في غير تخصصاتهم فدليل متوقع على فشل الأنظمة وانشغالها بما هو أهم من تدبيرأمور الناس
ومتى أجاد المرء عمله، فهو تخصص جديد ولا ضير فيه
لكن سؤال الشاب ظل مطروحا بتحدٍ لكينونتنا الاستهلاكية ولطبيعة شعوبنا المسترخية حيث لا يجوزاسترخاء
"إلى متى سنظل مستهلكين للتقنيات دون أن نعلق في تروسها؟"
إلى متى يا ترى؟؟

لقطة فائقة الأهمية
دمت مبدعا أيها الكريم

تحاياي

خلود محمد جمعة
26-10-2014, 08:11 AM
سؤال طرحه من صلب المعاناة
وحال أمة ضعيعت أبنائها
نص هادف وجميل رأيته يميل للقصة
تقديري

د. سمير العمري
07-01-2015, 06:56 PM
قصة ترصد بعضا من معضلات الواقع العربي الذي اكتفى بالقشور ورغب في السلامة وتجنب التحديات ، وللأسف أخي الكريم هذه كلها من نتائج الاستسلام للواقع والانصياع للطغيان والرضا بالجور والشطط.

نص أدبي واقعي راصد ومعبر شكرا لك!

تقديري

ناديه محمد الجابي
30-03-2016, 07:03 PM
لن أتحدث عن الظروف المجتمعية التي تضطر الشباب
للبحث عن عمل بعيد عن مجال تخصصه الدراسي.
ولكني أتوجه بالشكر لكل شاب يحاول ان يتعلم مهنة
سواء بالدراسة او الممارسة ليعمل بها حتى لو كانت بعيدة
عن مجال دراسته التي تخرج منها.
قصة تحمل مضمونا رائعا، هادفا
جميل حرفك بألق صوره ، وعمق مضامينه.
دمت رائعا. :001:

سحر أحمد سمير
30-03-2016, 08:31 PM
في جو تراجيدي عانقنا نص عميق الفكر و الطرح ، إذا كان الصمت حاضرا و الكلام غائبا و الأفعال لم تتحقق على أرض الواقع ..تتشابه مجمل ظروف المتعلمين و كافة العاطلين عن العمل ، و ما سبق و ما لحق من أحوال مجتمعات متعددة تشترك فيما رأيته أستاذي الفاضل ..إذن ف : إلى متى؟ ..و إلى أين ؟

قص ممتع لقضية اجتماعية ..
بوركت و كل التقدير..

تحاياي.

سلوى سعد
31-03-2016, 01:40 PM
هذا حال معظم الشباب في هذه الأيام ، يعملون في غير مجالاتهم كي يعيشوا
نص جميل ورائع وكان الله في عون الشباب
شكراً لك

المختار محمد الدرعي
31-03-2016, 02:17 PM
موضوع هادف جاء بأسلوب بناء و شيق
رأيته قصة رائعة
أرقى تحياتي