تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ولَم يَزَل يَتوَارَى.. }



عهود حجازي
01-11-2010, 08:46 PM
في مكانٍ آخر من العالم ..
حيث يشفق القلب أن يقع في قبضة قلب ..
التقت العَينان ..
ولم يزل _ منذ ذلك الحين _ عن عينيها يتوارى ..


***


لِمَ لمْ يأتِ قبل الآن .. ؟
وأين كان .. !
ولماذا يظهر في وقتٍ هو أضيق من صدور الحسّاد .. ؟



لعله لا يعلم أن للحب أبجدية لا تكتمل إلا مع زمنٍ متمدد..
ولعله يجهل أنّ انشغال الذهن بالصورة المشوّشة تلك لاينقصه اختفاءٌ مفاجِيء ..


كان حباً طارئاً ..
حبًّا مناسباً لاحتياجها في موسم جفاف ..
لذا رضيَت به ، وتعلقت بلقياه ..
حتى ماعاد يفصلها عنه سوى انبلاج النور .. !


***


جهدٌ قليل تبذله من أجل الحفاظ على خفقاته تجاه موقعها ..
وجهد جهيد تغتصبه من حناياها لئلا تتمادى
كانت تفكر في عاقبة اندفاعها ..
وتعلم أنّ الرجل لا يتعلق إلا بامرأة تبادله ..
فما تفعل بهذا القلب إن علق بشباكها ؟



سيغدو بائساً، يابساً .. محترقاً كل حين .. !


***


قويٌّ ، مهيبٌ ، عالي الصوت ، جميل النبرة
رجوليُّ الملامح والقسمات ، متزن التصرفات
طويلٌ ، متناسقُ القوام ، خفيف ظلٍّ وروح ..


إلى أين تهرب من هذا كله !
***


بحاجةِ إلى حنان واحتواء يستجديها بنظرة ..
فتصرُّ على التجاهل ..
_ كلا ,, مارأيتُ ولا سمعت !
وبانكسار يتحرك ذلك الجبل بعيداً عنها ..
ماجدوى أحاديث الأعين إن لم يترجمها اللسان ؟!


***


وماحاجة قلبها البـِكر إلى قلبه الذي رشف من رحيق الحياة ماشاء ، ولم يزل يفعل ؟
شعورٌ أعمى هو الحب ..
أعمى وأصمّ ..
وأخرق أيضاً .. !


***


يبتسم لها ،
يبحث عنها بجنونٍ يحاول اخفاءه ، فيظهر رغما ..
تشعر أن في ابتسامته أعماقاً عطشى إلى حنانها ..
إلى دفئها ، وقربها ..
وتحار كيف تهبه مما تملك
فإن بينهما حاجزٌ لا تفيد معه الحيل ولا افتعال المصادفات
***
حاجزٌ من مسافة زمنية،
وامرأة سبقتها إلى روضه ،
وثلاثة أطفال لا ينقصهم فقده


فهل هي أنانيةٌ إلى هذا الحد
حتى تستأثر به وقد أتى في الوقت الخطأ ؟!
***
ولكن ماذنبه في أن تقسو عليه ، وتوليه ظهرها ..
وهو لايطلب إلا أن لا تغيب عن عينيه؟
وهل يقتصر الحب على الخالين وحدهم؟
***


مرّت الساعة والليل دنا
والهوى الصامت يغدو ويروح ..


_ الو؟
_ السلام عليكم ..
بصوته الذي يهزها.


_ وعليكَ السلام ..


ثانية صمت .. ثم يزدرد لعابه ..
_ ابنتي لديكم؟
يقولها بصعوبة ..
يصعب عليه أن يتباهى أمامها بما قد ينفرها منه


_ نعم .. هي إلى جواري


_ أخبريها أني بالخارج في انتظارها ..


يغلق الخط ، ورنين صوته في أذنيها ..
أجل .. رنين الرجاء .. رنين استجداء التغاضي ..


رنين كلمةٍ لاتعرف الفوارق، ولا تعترف بالحواجز ..


***


تتسارع الأيام ، ويقترب أوان افتراقهما ..
وعلى وجهه آثار شحوب ، وفي عينيه موجة بكاء، ورجاء ..
ولم يزل يحترف الحديث الصامت الذي تديره الأعين ..


( إن الحروف تموت حينَ تقالُ)!


***


ما أتعس البشر !
لو يعلمون أن القلوب التي يبحثون عنها ستصادفهم يوماً ، لَمَا استعجلوا في بدء البناء ..
ولكنهم يستسلمون لليأس ، ويشرعون في صناعة حياتهم مع أول قلبٍ يجدونه ..
لايصمدون حتى يفوزوا بأحلامهم ..


وخُلِق الإنسان عَجولاً !


***


على مقعد الطائرة ، تحاول أن تمزق صفحة وجهه من ذاكرتها
فمنذ متى نقتات على الأحلام !
تطالع الأفق ، فتجده قد أخذ في الإختفاء ،،
يمحو بابتعاده أيام اقترابه


ولم يزل بَعدُ يتوارى ..






عهود حجازي

اسماء مصطفى
01-11-2010, 09:35 PM
خاطرة باسلوب قصصي جميل

لك كل المنى

تقديري

أماني عواد
01-11-2010, 09:38 PM
الاستاذة عهود حجازي


قد يتوارى لزمن وقد يات وقتا يهترئ ذلك الحاجز الذي كنا قد صنعناه بايدينا ليواري حقيقة ما يسكننا
فأن يتوارى عنا ليس بالضرورة ان يستأصل منا
نص نثري قصصي رائع سلمت وسلم مدادك

ربيحة الرفاعي
01-11-2010, 11:14 PM
لِمَ لمْ يأتِ قبل الآن .. ؟
وأين كان .. !
ولماذا يظهر في وقتٍ هو أضيق من صدور الحسّاد .. ؟
تساؤلات اختصرت الفكرة والغصة
ورسمت في ذهن القاريء صورة واضحة عن شخصية البطلة ودخيلتها

قويٌّ ، مهيبٌ ، عالي الصوت ، جميل النبرة
رجوليُّ الملامح والقسمات ، متزن التصرفات
طويلٌ ، متناسقُ القوام ، خفيف ظلٍّ وروح ..
إلى أين تهرب من هذا كله !
ليتك حفظت النص صافيا من هذه الأوصاف الشكلية تضعف انسياب معانٍ اسمى كانت تحلق في مدار يسمو على المعطيات الشكلية للأشياء...


يبتسم لها ،
يبحث عنها بجنونٍ يحاول اخفاءه ، فيظهر رغما ..
تشعر أن في ابتسامته أعماقاً عطشى إلى حنانها ..
إلى دفئها ، وقربها ..
انعطاف في بوصلة الحس
صار النداء هنا بالاتجاه المعاكس
أنه تناقض الحياء والبوح في مشاعر محاصرة
تناقض الرغبة والإحجام حيث السبل موصدة


ثانية صمت .. ثم يزدرد لعابه ..
_ ابنتي لديكم؟
يقولها بصعوبة ..
يصعب عليه أن يتباهى أمامها بما قد ينفرها منه
وحاجز غير منطقي يضعف الفكرة ويدخلنا في جدليّة تخرج بالنص عن رسالته
فقلبها البكر في مرحلة متقدمة من النص يعني انعدام الحواجز بطرفها، على الأقل ما لم تصرح الكاتبة بحاوجرتكون خفيت عنّا
وينتظر القاريء بالتالي حواجز بطرفه أكثر واقعية وأقل تعارضا مع فكرنا وتركيبتنا الدينية والقيمية
فطفلته لا يجوز أن تنفرها منه
وزوجة وأطفاله عموما لا يصح اعتبارهم معوقا أمام ارتباطهما بمقاييس أمتنا التي نجلّ


رنين الرجاء .. رنين استجداء التغاضي ..
رنين كلمةٍ لاتعرف الفوارق، ولا تعترف بالحواجز ..
تتسارع الأيام ، ويقترب أوان افتراقهما ..
وعلى وجهه آثار شحوب ، وفي عينيه موجة بكاء، ورجاء ..
ولم يزل يحترف الحديث الصامت الذي تديره الأعين ..
فأين هو ...؟
وأين إقدامه وخطوه لتشريع هذا الاحساس وتسريع بناء قواعد البوح إن صدق؟


على مقعد الطائرة ، تحاول أن تمزق صفحة وجهه من ذاكرتها
فمنذ متى نقتات على الأحلام !
تطالع الأفق ، فتجده قد أخذ في الإختفاء ،،
ولم يزل بَعدُ يتوارى ..
لو أنه بدأ يتوارى أصلا لتوارى وانتهى عبر مقاطع النص
ولكنها كانت تغرسه في تربة حسها فقرة تلو فقرة
فزادته رسوخا وتأصلا في نابضها


ما أتعس البشر !
لو يعلمون أن القلوب التي يبحثون عنها ستصادفهم يوماً ، لَمَا استعجلوا في بدء البناء ..
ولكنهم يستسلمون لليأس ، ويشرعون في صناعة حياتهم مع أول قلبٍ يجدونه ..
لايصمدون حتى يفوزوا بأحلامهم ..
قرأت ذات نص في رواية ما، عن فتى يصيح بوالد قائلا : "get your self a life"
وبعيدا عن الترجمة الحرفية للنص، فقد أحببت -وكان ذلك في صباي- الفكرة التي تحملها هذه المقولة ...
هناك دائما فرصة لبدايات جديدة، المهم أن تكون لدينا الرغبة والقدرة

استميحك عذرا أن حملت هذا الوجع الذي اعتمل في صدر البطلة الى نهاية التعليق، ولكني وجدت فيه ما اختم به حديثي

عموما فقد نحى النص منحىً قصصيا في بعض جوانبة وكان جميلا من حيث تأرجح السرد ما بين حسه وحسها وصراعات كل منهما، وإن كان الطرح ظل قاصرا على زاوية رؤيتها هي وقراءتها هي لما يعيش ..

نص ماتع احتاج منك بعض عناية ليأتلق ويزهو

عبد الرحمن الكرد
02-11-2010, 10:58 PM
عهود

قلم واعد وكتابه رقيقه

نأمل أن نرى المزيد

تقديري لقلمك

تحياتي

آمال المصري
10-12-2010, 09:40 PM
في وقت ما من العمر تحتاج الأنثى لعشق ولو مبتور الملامح وخاصة إذا تقدم بها العمر
الأديبة الفاضلة / عهود ...
نثرية قصصية ماتعة صيغت بأسلوب شيق ذكرتني فكرتها بنص متواضع لي بعنوان ليطمع الذي ... (https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=40689)
مع الفارق الأدبي
دمت بكامل ألقك
احتراماتي

د. سمير العمري
17-01-2011, 11:20 PM
نص لم يقف على حدود اللغة والأدب الجميل بل تعداه للحوار حول فلسفة وجودية ودراسة نفسية متميزة.

أقدر لك هذا النص واشكرك عليه.

دمت بكل الخير والرضا!

وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.


تحياتي

مصطفى السنجاري
18-01-2011, 05:21 PM
نصّ قاب قوسين من القصة
تسلسل للحدث مسبك بدقة

أما اللغة فقد كانت انيقة وملائمة للفكرة
حيث غلب على النص نبرة العتاب المحبذ

قلم قادر على خلق الإبداع
ويقف على أرضية ثقافية

دمت مبدعة حيية

تحياتي

محمد رامي
18-01-2011, 10:44 PM
تدانت القطوف في لحظات الضجر
واستوى القلم يحكي قصة الجسد
رسم حكاية من صنع البشر
وضاعت مفاتيح السقم
ان كان انتظار او ملل
في الحالتين عشق خلا من الهمم
اي قبول .. واي رفض
فانها حلم صغيرة تعلقت بوهم صنع في لحظة تبحث عن كلمة أمل
فنفثت في قلمها مشاعر من ورق
اثريتنا بنص مليء بالصور البديعة
فن جذاب في قصة محكية
سلمت اناملك
تحيتي

كريمة سعيد
20-01-2011, 12:49 PM
سردية موفقة تغلغلت في نفس البطلة وشدتني بطريقة حكيها الجميلة ولغتها الراقية
دمت متألقة ومبدعة

مرمر القاسم
22-01-2011, 01:08 PM
هل نصلح للكتابة من غير وجع .!؟
هل سنكون يوماُ ما نريد و كما نريد .؟!

قرأت روائع تصلح لأن تكون ركائز لرواية عنوانها الصمت في شوارع الوجع ،

لكِ قوافل زهر

ربيحة الرفاعي
28-02-2012, 01:34 AM
سبق لي أن قرأت هذا النص الجميل
ولكن مروري صدفة به، استحثنى لرفعه ليستمتع بجماله الذواقة ممن لم يحظوا بقراءته

تحيتي

عايد راشد احمد
28-02-2012, 11:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله

استاذتنا الفاضلة

نثرية اقرب للقصة

صالت وجالت فيها البطلة من خلال حوار عاطفي فلسفي

هي المتسيدة فيه

النص بالغ الاثارة والرقي اللغوي والتماسك البلاغي

تقبلي مروري وتحيتي