المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على ضفاف لقاء ..



بثينة محمود
15-05-2004, 12:36 AM
تلهيت بالنظر إلى السجادة المزركشة معظم الوقت .. فقد كانت الزيارة طويلة لحد الملل ..ولم

أحاول النظر أبداً لذلك الشاب الجالس قبالتى والذى كان يتفحصنى كل حين .. كنت أشعر بهذه

النظرات وأعجب لها .. فأبى يجلس جوارى وكذلك بعض من أهلى وأهله .. وعندما بدأ الجميع

فى الإنسحاب لمشاهدة مباراة كرة القدم المنتظرة .. صرت وحدى معه رغم نظرات أبى

المراقبة لنا من بعيد .. وتنهدت من أعماقى .. فها هو أبى يحاول أن يفرض على هذا اللقاء .. وقد

طالبنى بهذا مسبقاً ..فلماذا عسانى فوجئت ؟؟ وبدأنى هو بالحديث ..

هو : أنا سعيد جداً بالجلوس معك ..فقد سمعت عنك كثيراً من قريباتى ..

أنا : ماذا سمعت ؟ أكيد ثرثرة عجائز العائلة لم تتركنى وشأنى ..

هو : كل خير والله ..كل خير

إنه يظن نفسه قادراً بهذه الإبتسامة الواسعة على قيادة الحوار .. أعرف أنه يسن الآن أسلحته

التى يراها فتاكة .. ويستعد لإفتراسى .. كلهم سواء..

أنا : عرفت أنك تعمل طبيباً .. أليس كذلك ؟

هو ( مفتخراً بذاته ) : نعم يا عزيزتى .. وماذا عنك ؟ هل تحبين عملك بالتدريس أم تفضلين أن

تكونى ربة منزل ؟

أنا : لقد عملت فور تخرجى .. ولهذا لا أستطيع أن أكون بلا عمل .. أخبرنى .. هل كانت لك

علاقات نسائية من قبل ؟؟

لاشك أن صراحتى فاجأته .. ولكن الإبتسامة لاتزال قابعة هناك ..

هو: وهل تسمحين لى بتوجيه نفس السؤال لك ؟ هل ..

أنا ( مقاطعة ) : بالطبع لاأسمح لك .. ولن أسمح لك بسؤالى عن أمر معروفة إجابته مسبقاً ..

المفترض فى البنت العفاف وهذا سؤال أعتبره يتجاوز الحدود ..

هو : إذن لماذا تفترضين عكس هذا فى غيرك من البنات .. هل أنت معتزة إلى هذا الحد بنفسك

وبتفردك ؟

أنا : أجل .. أنا معتزة بنفسى وبأخلاقى .. ولى الحق فى سؤالك .. فالمعروف أن الشباب قد

تجتاحهم بعض النزوات

هو : أخبرونى أن الأمر لن يكون سهلاً معك ..

أنا : لا تراوغ ..

هو : نعم .. كانت لى علاقة ما ..

أنا : إلى أى حد .. أعلم أنك لم يسبق لك الزواج ..

هو : تعلمين أنى درست بعض الوقت فى الخارج ..

أنا : وهذا هو سبب سؤالى

هو : دعينى أنا أسألك .. كم عدد من تقدموا للزواج منك قبلى ؟

أنا : لا أذكر العدد

هو : يا إلهى !!

صمت بعدها كثيراً .. لعله يمنى نفسه بأن يكون هو الفائز على هذا الجيش الذى هزم قبله ..

أنا : لماذا لا تتفرج على المباراة .. ألا تحب الرياضة ؟ بالمناسبة .. ماذا تفعل لتستمتع بوقتك ؟

هو ( فى تثاقل ) : أطالع بعض الكتب ..أسافر ..

أنا : ماهو أسوأ ما فيك ؟

هو : لابد أنك أعددت أسئلتك مسبقاً .. أم هو الإعتياد على توجيه الأسئلة لمن هم فى مثل

موقفى

أنا : أسوأ ما فيك أنك مراوغ وغير صريح ..

هو ( يقهقه ضاحكاً ) : هناك الأسوأ بالتأكيد .. أنا لست ملاكاً ولست شيطاناً .. كل إنسان نتاج

تركيبة ما .. من تربيته وأسرته وبيئته وعمله .. والعشرة هى التى تجعل الطرف الآخر يدرك

مكونات هذه التركيبة .. وقد يتآلف معها وقد يختلف ..

أنا : وماذا لو إكتشف أنه لا يستطيع التعايش مع الأسوأ بعد فوات الأوان ؟

هو : يطلب كوب من الماء البارد ليبلل حلقه قليلاً ..

يصمت مجدداً .. لعله يفكر بالسؤال التالى .. أو يقيم إجاباته .. ها هى الإبتسامة قد ذهبت .. وبدأ

يساوره الحنق ..

أنا : ما الذى لا يعجبك فى المرأة ؟

هو ( بسرعة شديدة ) : جرأتها .. وقسوتها وتسلطها وغرورها وعنادها .. ووقاحتها ..
هل تسمحين لى باللحاق بآخر مشاهد المباراة ؟؟

قام منسحباً بسرعة .. تاركاً إياى فى أوج الحيرة والغضب .. إن المشهد لم ينته كما خططت له

.. ولم أتركه أنا .. بل هو من تركنى .. زاهداً .

د. سمير العمري
18-05-2004, 10:07 PM
لست أدري لم شدني هذا الموضوع كثيراً.

لا أظن بسبب جودة السبك وجمال السرد فحسب ولا للحوار المثير والأسلوب المميز فقط.

أظنه لهذه الفكرة التي تناولها النص والتي أرى كاتبتنا المبدعة قد أجادت في تصويرها وأتقنت نهايتها. وليت شعري لست أدري لم يتهم الرجل بما أتهم به دون المرأة. كثير من النساء هن من يوقعن الرجال أو يظنن أنهن أوقعنهن لإرضاء غرور أو لإحساس متعة أو لاستقصاء كيد غيرة. على كل حال ليس هذا هو أصل الأمر. أرى أن الأهم هنا هو بالفعل تلك الفتيات اللآتي يرين حقهن ولا يرين واجبهن واللواتي يظنن أن العفاف هن وأن الرجال لا عفاف لهم.

سنبلة الواحة:

أثرت موضوعاً كبيراً بهذه المقطوعة المميزة شكلاً ومضموناً وأشكر لك حكمة التناول.


دمت سامقة
:os:

د. سلطان الحريري
18-05-2004, 10:30 PM
ألأخت العزيزة سنبلة:
ليس لي أمام هذا النص المميز إلا أن أعلن عن إعجابي به ، ولعل أهم ما رأيته من تميز في استخدامك أدوات الكتابة ، سيادة عناصر القص ، وهي الحوادث ، والشخصيات والبيئة ، وسيادة الفكرة ، ولكن لابد أن أعلن لك أنني خرجت من قصتك ، وقد غلب على نفسي عنصر الفكرة التي اتضحت بجلاء بين حنايا الحروف، وقد يكون طغيان الفكرة في كثير من القصص على الحوادث والشخصيات والبيئة والحوادث من عيوب الكتابة ، ولكنني وإن رأيت فكرتك طاغية ، إلا أنها لم تكن على حساب تلك الأمور .. ومن هنا كان نجاحك ..
يبدو أنني سأقرا دائما لك .. فكم هي متعبة أشواقنا إلى نصوص تداعب فينا إنسانيتنا الضائعة.. ولابد لنا في النهاية أن نهرب من الشوق لنختبئ فيه، وأن نتشبث يآخر ما بقي لنا من قيم وعواطف..ولذلك فقد أعجبتني النهاية في القصة، ولكنها وإن كانت واضحة المعالم إلا أنها أبقت التساؤلات مطروحة .. وهذا سر آخر من أسرار نجاحك..
لك خالص ودي وتقديري

ياسمين
19-05-2004, 01:55 AM
سنبلة

حوار واقعى ترجم موقف لم يترك احد منا

ولكن كل منا فى هذا الموقف يكون له رد فعل قد يختلف عن الآخر

قد نتفق وقد نختلف فى رد الفعل
ولكن هنا اتفق مع الاحبة على جمال النص وروعة الكلمات

تحياتى لتألق القلم

لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

بثينة محمود
20-05-2004, 03:32 PM
د. سمير
تسود مفاهيم خاطئة احياناً كثيرة .. وتسيرنا العادات و الاعراف احيانا اخرى ..فنحتاج لوقفة تأمل صغيرة لندرك ماذا نفعل بأنفسنا ..وماذا يفعل الاخرون بنا ..
تحياتى لمرورك المشرق

بثينة محمود
20-05-2004, 03:33 PM
د.سلطان
ربما كان وضوح الفكرة فعلاً من عيوب الكتابة ..ولكنى اخترت ان يكون الحوار أداتى للوصول لما أريد كتابته .. ولم يكن بإمكانى ان اهتم بإبداع اللفظ أكثر مما فعلت .. شكرى وتقديرى لكل حرف سطرته هنا .. وستظل ملاحظاتك عاقة بذهنى أستاذنا العزيز لحظة الكتابة
شكراً لك

بثينة محمود
20-05-2004, 03:35 PM
ياسمين الواحة
يطل على إمضائك بين الحين والآخر .. فأرى جمالاً فى كل حرف ..
دمت لنا ياسمينة أخاذة بعطرها وكلماتها ..
أجمل تحية

طائر الاشجان
21-05-2004, 01:21 AM
كان قلم سنبلة وما يزال يتميز بحذق التعامل مع عناصر القصة القصيرة من شخوص وأحداث ، وهي وإن بدت قلقة محتارة لكنها تعرف أين تضع قدمها ، ولهذا تكتسب كتاباتاها ألقاً من نوعٍ خاص .
واعترف أنها المرة الاولى التي أقف حيال نص لسنبلة الواحة متكئاً على أسلوب الحوار ، وهو الاسلوب الذي يدفع الكاتب إلى انتحال شخصيتين تتجاذبان أطراف الحديث في آنٍ واحد ، وقد كانت موفقة جداً في الإمساك بطرفي الحوار ، فجمعت بين الاسلوب والهدف ، بل وأجبرتني كقارئ على تقمص الشخصية في حالةٍ من الاندماج التام لمعايشة أحداث تراجيديا النص .
أما اللمسات الاخيرة التي شكلت خاتمة القصة ، وانتزعت إعجاب أساتذة النقد كما سبق الاشارة إليه فهي الومضة الاشد وضوحاً ، حيث يظهر النقاش تراجعاً في الموقف الذكوري مبرراً على لسانه ، أو كما أورده النص :

أنا : ما الذى لا يعجبك فى المرأة ؟

هو ( بسرعة شديدة ) : جرأتها .. وقسوتها وتسلطها وغرورها وعنادها .. ووقاحتها ..
هل تسمحين لى باللحاق بآخر مشاهد المباراة ؟؟

وهذا يعيدنا إلى كون ما تخطه هذه الكاتبة ليس عبثاً أو من قبيل الصدفة ، ولكنه وليد الفكرة المسبقة ، وحتى عندما توصمه بالهزيمة والانسحاب :

قام منسحباً بسرعة .. تاركاً إياى فى أوج الحيرة والغضب .. إن المشهد لم ينته كما خططت له .. ولم أتركه أنا .. بل هو من تركنى .. زاهداً .

فإن الصورة مجسمةً تظهر محاولة الأنثى إثبات وجودها ، ولكنها مجبرةٌ دوماً على التزام حدود السلبية رغماً عنها ، وكأنما ترفع صك استئناف لما درج عليه الرجل من سلوك قسري .

إن هذه العوامل مجتمعة تضع الكاتبة في أعين القارئ بما تخطه بقلمها منذ مصافحته للعنوان الذي لا يخلو من لمستها الفنية ( على ضفاف لقاء ) .

تحيه واحترام
الطائر

بثينة محمود
22-05-2004, 02:30 AM
أخى طائر الاشجان
أعتز بما سطرت كثيراً .. وأتمنى أن يكون الحوار مُضيفاً للسرد وليس مُنتقصاً منه ..
شكراً لاعتبارك محاولاتى جديرة بالتشجيع
اجمل تحية

يسرى علي آل فنه
20-10-2006, 06:43 AM
حوار عميق في مدلولاته ورائع في أسلوب طرحه

أختي العزيزة سنبلة

لاتطيلي الغياب

فهذه النظرة الثاقبة والحس الإنساني الذي يميز كتاباتك يجعلاني على عتبة الانتظار لكٍِ

أسعدك الله دائما بكل خير

محمد إبراهيم الحريري
20-10-2006, 07:09 AM
الأخت الأديبة سنبلة ـ تحية
جئت على غير موعد ، بل القدر من جملني على بساط الصباح لأجد أمامي مائدة من شتى الأصناف الأدبية
فتحت نافذة على حيرة تمتلك ناصية هدفي ـ ليكون الحظ مبتسما لناظري
أرى نوعا آخر وفكرة جريئة وحوارا قصصيا يدل على تحكم ببراعة السرد ، الحوار يسير تصاعدا لنلحق به بتواتر البصر ، كلما أوغلت بالصراع الداخلي والحوار المكشوف كلما سرنا لا هثي البصيرة
حوار وصل الهدف ولم يكشف الإجابات النهائية ، تركت النهاية على غير توقع
كشف الفكرة ربما يفسد لكن هنا لم نر ما يؤخذ عليها إلا سفور واضح لها ..
تحياتي اشكرك
سارابط على تخوم نصوصك
مثلك تشد الأبصار لها
وتسرج الاقلام لما تكتب
أخوكك محمد

سحر الليالي
18-03-2007, 06:01 PM
طال غيابك يا سنبلة ...

اشتقنا لك ولقلمك

كوني بخير