تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : .. خمسون ..



إياد عاطف حياتله
24-11-2010, 09:49 PM
http://i159.photobucket.com/albums/t144/aiadal/Iyad631.jpg





خمسون
.
.
.
.
.
.
بعيداً هنالكَ
حيثُ السّماءُ على قابِ آهٍ تُظِلُّلُ سَقفَ البيوتِ التي خَلّفتها الخِيامُ
تُجَفّفُ دَمعَ العواجيزِ يبكونَ دفءَ البيوتِ التي خَلّفوها
وَظلّت بأهدابِهمْ أينَ حلّوا وقاموا.

بَعيداً هنالِكَ – مِن قبلِ خمسينَ -
صافَحتُ لِلمرّةِ البِكرِ صَخبَ الحياةِ
تَنَفّستُ لِلمرّة البِكرِ زفرات دايَةِ حيّ الصّفيحِ
رَأيتُ على الأرضِ سَقفَ البَرَكْسِ
ولامسَ جسمي الضّئيلُ هواءَ المخيّمِ
عانقتُ قلبي، مَلاكي التي روحَها قاسمتني
قصيدَ الحياةِ، وَنكبةَ أهلي حليباً تقطّرَ من صدرها أرضعتنيً
هُنالَكَ، رنّ بأذني الشّمالِ وللمرّةِ البِكرِ أيضاً رخيمُ الأذانِ
وصوتُ الذي لا يراني – بكلِّ الحنانِ - أتاني
أيا مرحباً، أعطُونيهِ أراهُ
فَقدْ بَشّرتني بِعُرسِ القُدومِ الطّيورُ وغنّى الحمامُ.

بَعيداً هنالِكَ مِن قبلِ خمسينَ
مِنْ قبلِ بِضعٍ وستّينَ – في صُلبِ ذاكَ الشّقيِّ
افْتَتحتُ بِدربِ المواجعِ سِفرَ المنافي
حَملتُ على حَرفِ قلبيَ صَبرَ الحواكيرِ
أقتاتُ أشواكَهُ في سِنِيَّ العِجافِ
أُمَنّي العِظامَ بِسودِ الليالي الحنينَ لِحافاً
ولا شيءَ إلاّ بُروجُ السّماءِ لِحافي
تُبعثرني الرّيحُ أينَ استدارتْ
ويزرعُ مُرُّ انتظاري جَوىً في شِغافي
شَمالاً فَشرقاً
جَنوباً فَغرباً
شَمالاً فَغرباً، شَمالاً شَمالاً إلى نائياتِ الضّفافِ
وحيثُ لم يبقَ بعدَ الشّمالِ شمالٌ يُرامُ
وما عُدتُ يوماً لحيثُ ابْتدأتُ
وَلا مَسَّتِ الرّوحُ أرضاً مَشَتْ جَدّتي فَوقها حافِيَهْ
وَأوقَدَ فيها فُؤادي قَناديلَهُ الغافِيَهْ
وَذابَتْ عِظامُ جُدودي بِتُربَتِها الصّافِيَهْ
وَطابَ لَهُم في التّجاويفِ مِنها المَقامُ.

كَأنّكَ يا عُمرُ أمسِ ابْتَدأتَ
كَأنّكَ يا أمسُ مِن قبلِ خَمسينَ في طرفِ عيني تَنامُ
أرانيَ أحبو وأنتفُ قشَّ الحصيرِ
على ظهرِ جدّي الكفيفِ، أنا فارسُ العادياتِ الهُمامُ
وفي حُضنِ سِتّي عَلى جاعدِ العيدِ
مُسترِقاً حُلمَها بالرّجوعِ أنامُ.

كَأنّكَ يا عُمرُ أمسِ ابْتَدأتَ
كَأنّ الذينَ امْتطوا مَوتهمْ مُنذُ دَهرٍ
عَلى خافقي مُنذُ دَهرٍ أقاموا
إذا ما الْتَفتُّ بِبعضِ سلامٍ بِليلٍ
يُرَدُّ على الفورِ مِنهم بِأحسنَ مِنهُ السّلامُ
يَقولونَ أهلا
ويُشرقُ فوقَ الوجوهِ قُبَيلَ انْبلاجِ الصّباحِ اْبتِسامُ
بعيدونَ مهما اقتربتُ
قريبونَ مهما ابتعدتُ
فُؤادي لَهمْ جَنّةٌ ومقام.ُ

بَعيداً هُنالِكَ ...
حيثُ السّماءُ على قابِ آهٍ وَلَوعَهْ
بَعيداً هنالِكَ ...
مِن قبلِ خمسينَ كانَ مَخاضُ البِدايَه
بَعيداً هُنا ...
حَيثُ تَجثو السّماءُ على قابِ قبرٍ وَدَمعهْ
بَعيداً هُنا ...
بَعدَ خمسينَ
آمَلُ ...
ألاّ يُخَطُّ نِزاعُ النِهايَه
وألاّ يعمَّ الظلامُ.

في الصورة: أنا بعمر سنتين ونصف على ظهر جدي الكفيف أبو هويّن
وأخي المرحوم أيمن وأبناء عمي كامل ومحمد
في بيتنا في مخيم العائدين في حمص نيسان 1963

ربيحة الرفاعي
24-11-2010, 11:43 PM
الله
ما أجمل الفكرة هنا وما أبهى المعالجة المميزة لتداعياتها وانسدالها على مساحة الشعور قبل حروف الشعر

أبدعت شاعرنا

دمت بألق

محمد الحضوري
25-11-2010, 11:01 AM
شامخٌ أنت مثل شُمِّ الجبالِ
ستعودون دون أدنى جدالِ

كانت قصيدتك لوحة جميلة معبرة
وقد أشجتني صورتك النادرة والثمينة وأنت على ظهر جدك
لك مني خالص التحية والحب
ودمت بخير

محمد ذيب سليمان
25-11-2010, 11:19 AM
بالله أيها العائد بإذن الله
لا تقطع الأمل بالعودة رغم السنين العجاف
ورغم المرار
ورغم الخريف
غدا تشرق الشمس , تمحو الظلام
رائع ومبدع في حكايتك
حكاية جيل مر من نفس الطريق
وذاق نفس العذاب
شكرا لك

عماد أمين
25-11-2010, 01:54 PM
لوحة حزينة معبرة.
و خاتمتها المشبعة بالأمل تدل على أن العودة أكيدة.
ولو بعد حين.
بإذن الله

تتحفنا أستاذي بين الحين والآخر بدرر.
لا عدمناك.

مودتي وتقديري

محمود فرحان حمادي
25-11-2010, 06:01 PM
جميلة هي الذكريات
والأجمل حينما يرسمها يراع مبدع
بمشاعر ندية عذبة
ليتعانق ألق الماضي بجمال الحاضر البهي
أنعم الله عليكم بمنه وفضله وكرمه
وبوركت مشاعرك أيها المُجيد
تحياتي

حازم محمد البحيصي
25-11-2010, 08:58 PM
أبدعت أيها الحبيب

أبدعت أبدعت

تحيتي لك

إياد عاطف حياتله
28-11-2010, 05:25 PM
الله
ما أجمل الفكرة هنا وما أبهى المعالجة المميزة لتداعياتها وانسدالها على مساحة الشعور قبل حروف الشعر

أبدعت شاعرنا

دمت بألق

دمت بود أيتها الشاعرة الفاضلة
وبورك مرورك الطيب
تحية وألق

إياد عاطف حياتله
28-11-2010, 05:39 PM
شامخٌ أنت مثل شُمِّ الجبالِ
ستعودون دون أدنى جدالِ

كانت قصيدتك لوحة جميلة معبرة
وقد أشجتني صورتك النادرة والثمينة وأنت على ظهر جدك
لك مني خالص التحية والحب
ودمت بخير

بيادر شكر وامتنان على إطرائكم ولطيف مروركم أخي الجديد الشاعر
سلمتم وسلم الشعر

محسن شاهين المناور
28-11-2010, 06:54 PM
أخي الحبيب إياد
قصيدة من الوجع الثقيل ونسيج من الذكريات
المرة والمؤلمة . . لكنها مقرونة بالأمل وإن طال الزمن
رغم إطار الحزن كعادتك . .
كنت مصورا بارعا وشاعرا رائعا
تقبل تحياتي

إياد عاطف حياتله
29-11-2010, 12:49 AM
بالله أيها العائد بإذن الله
لا تقطع الأمل بالعودة رغم السنين العجاف
ورغم المرار
ورغم الخريف
غدا تشرق الشمس , تمحو الظلام
رائع ومبدع في حكايتك
حكاية جيل مر من نفس الطريق
وذاق نفس العذاب
شكرا لك

الأمل بالله دائما موجود أخي محمد
ولنا أن نغرفه من بين ثنايا الوجع والذكرى

حييت أيها الشاعر الكريم
وجزيل الشكر لمرورك العطر

د. سمير العمري
20-12-2010, 07:46 PM
اعتصرت القلب هنا يا أبا عاطف ونزعت من العين دمعتين واحدة لك وواحدة لي!

هنا شلني الشعور حدا ما عدت أرى في الشعر إلا أنه أجمل ما يمكن أن يقال في هكذا مقام ولا أحسبني إلا منصف حكمي له.

هنا رأيت من الشعر وتوظيف المفردات ورسم الصور العجيبة وهذا الوجد الساهم محلقا في طيوف الذكريات تتمحور حول هذه الصورة والأعوام الخمسيين ما لا أستطيع إلا أن أكرر به الإشادة والإشادة وأثني عليه باستفاضة!

للتثبيت
أعادك الله وأعادنا لرحاب الوطن الحبيب عن قريب!

دمت بخير ورضا!

وأهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.



تحياتي

وضحة غوانمة
22-12-2010, 06:24 PM
وبين السّطورِ عبرتُ إلى الخيام،، وصقيعِ الزّنكِ في غرف المخيّم
فاحَ التّرابُ من الحواكير المسيّجة بالشّوكِ والسّناسل الـ هدّمت بعضَها غنم الجيران
وعلى الجاعدِ افترشتُ حكايات الطّفولةِ، يا للطّفولةِ كيف تحيا في ثيابِ اللاجئين!

أشتاقُ طقسَ الحرفِ حينَ يمرُّ في وجعٍ على الماضي، على الحاضر، على الآتينَ
من رحمِ المنافي للشّقاءِ وللمنون..

أبدعتَ رعاكَ الله،،
تقديري، وألف تحيّة

نداء غريب صبري
22-12-2010, 09:00 PM
شعر جميل يزلزل بوقعه النفوس
وشعور أليم

أشجيتنا شاعري
لا فض فوك


بوركت