عمر ابو غريبة
21-12-2010, 02:51 PM
استماحة
شعر عمر ابو غريبة
غاضَ فكري واستيأسَ المُمتاحُ=رَنِقٌ قاعُه فأنّى القَرَاحُ
وقَلِيبٌ أغوارُه داجياتٌ=ما جَلاها شمعٌ ولا إصباحُ
عَبثاً أقدحُ الزنادَ برَدْمٍ=ما أثارتْه قبسةٌ وانقداحُ
وحذفتُ الحصاةَ فيه استماحاً=فحباني دوائراً تنداحُ
حائمٌ حولَه يذودُ دِلائي=طال حبلي وعزّ منه انتضاحُ
وعميقٌ في الغورِ غَرَّ رشائي=إذْ تدلّى وماؤه ضَحضاحُ
يا لرَحمِ العقيمِ ما هزّه للآنَ=فَحصٌ لفكرةٍ وصياحُ
وجِنانٌ تنكّبَ الغيثُ عنها =مُقفراتٌ عريشُها صَوّاحُ
ظماٌ في الشفاهِ يقطرُ بؤساً=ويراعٌ من صومِه مُلتاحُ
ناظراً أرقُبُ الغَياثَ وما من=غيمةٍ ضاء برقُها اللمّاحُ
ساهراً أمسحُ الضُّروعَ عِجافاً=كيف يبتلُّ إصبعي المسّاحُ
أرِقاً في دجُنّةِ الليلِ أرجو=الفتحَ حتى تثاءب المصباحُ
عالَمٌ من سَمِّ الخِياطِ أراه=ضيِّقَ الصدرِ عزّني الإنشراحُ
أناْ رهنُ الحصارِ فيه وكم رُمتُ=خلاصاً فهل خلاصي مُتاحُ
نقمةُ العجزِ تغتلي في عروقي=والمنى هدّها الأسى المُجتاحُ
أكلَ الجَدْبُ فيَّ مِنسأتي قد=خَرَّ فكري وانسلّت الأرواحُ
وقلاني مُسخَّرٌ عبقريٌّ=وانطوت بعدَهُ الأمالي الصِّحاحُ
أين من نفثةٍ له مِلءَ رَوعي=أين وحيٌ يبثّه وبواحُ
وأُناغي قصيدةً راودتْها=النفسُ رَدحاً فما عَناها سِفاحُ
أين مني قصائدٌ ولّدَتْها=من خيالي رؤىً وفكرٌ لَقاحُ
وقوافٍ مثلَ الجُمانِ أضاءت=واشتهتْها في الجِيدِ منها المِلاحُ
وخيالٌ محلّقٌ كبُراقٍ=لمدى عينِه يطير الجناحُ
وسُلافٌ من كَرمةِ الفكرِ يهمي=حَلبُها نِعمَ دَنُّها والراحُ
ويراعٌ كالسمهريِّ انتصاباً=كم تحاشتهُ في الطعانِ رماحُ
وطليٌِّ من رائقِ الحرفِ تزهو=من نداه مفاوزٌ وبطاحُ
وشفيفٌ للبوحِ قد زاد حسناً=حين أخفاه في السطورِ وشاحُ
يا لهذا الفؤادِ كم يتعنّى=من شجاً قد فاضت به الأقداحُ
ويراعي الذي عفا منه رسمٌ=لحروفٍ يخونه الإفصاحُ
ها أنا ذا أجترُّ نفسي كماضٍ=أصفرِ الطَّرسِ كلُّه أشباحُ
كلُّ ما قلتُ آنفاً مستعادٌ=كخريفٍ تداوَرَتْه الرياحُ
أنظم القولَ كالحواشي لمتنٍ=غابرٍ كَرَّ فوقه الشُّراحُ
كاتبٌ خَطّ عرضَ حالٍ وما=ثمّةَ إلا ديباجةٌ واصطلاحُ
كصلاةِ الكُهّانِ أو مثلما قد=سجَعتْ في بني تميمٍ سَجاحُ
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن=ليس شعراً وإنما مفتاحُ.
شعر عمر ابو غريبة
غاضَ فكري واستيأسَ المُمتاحُ=رَنِقٌ قاعُه فأنّى القَرَاحُ
وقَلِيبٌ أغوارُه داجياتٌ=ما جَلاها شمعٌ ولا إصباحُ
عَبثاً أقدحُ الزنادَ برَدْمٍ=ما أثارتْه قبسةٌ وانقداحُ
وحذفتُ الحصاةَ فيه استماحاً=فحباني دوائراً تنداحُ
حائمٌ حولَه يذودُ دِلائي=طال حبلي وعزّ منه انتضاحُ
وعميقٌ في الغورِ غَرَّ رشائي=إذْ تدلّى وماؤه ضَحضاحُ
يا لرَحمِ العقيمِ ما هزّه للآنَ=فَحصٌ لفكرةٍ وصياحُ
وجِنانٌ تنكّبَ الغيثُ عنها =مُقفراتٌ عريشُها صَوّاحُ
ظماٌ في الشفاهِ يقطرُ بؤساً=ويراعٌ من صومِه مُلتاحُ
ناظراً أرقُبُ الغَياثَ وما من=غيمةٍ ضاء برقُها اللمّاحُ
ساهراً أمسحُ الضُّروعَ عِجافاً=كيف يبتلُّ إصبعي المسّاحُ
أرِقاً في دجُنّةِ الليلِ أرجو=الفتحَ حتى تثاءب المصباحُ
عالَمٌ من سَمِّ الخِياطِ أراه=ضيِّقَ الصدرِ عزّني الإنشراحُ
أناْ رهنُ الحصارِ فيه وكم رُمتُ=خلاصاً فهل خلاصي مُتاحُ
نقمةُ العجزِ تغتلي في عروقي=والمنى هدّها الأسى المُجتاحُ
أكلَ الجَدْبُ فيَّ مِنسأتي قد=خَرَّ فكري وانسلّت الأرواحُ
وقلاني مُسخَّرٌ عبقريٌّ=وانطوت بعدَهُ الأمالي الصِّحاحُ
أين من نفثةٍ له مِلءَ رَوعي=أين وحيٌ يبثّه وبواحُ
وأُناغي قصيدةً راودتْها=النفسُ رَدحاً فما عَناها سِفاحُ
أين مني قصائدٌ ولّدَتْها=من خيالي رؤىً وفكرٌ لَقاحُ
وقوافٍ مثلَ الجُمانِ أضاءت=واشتهتْها في الجِيدِ منها المِلاحُ
وخيالٌ محلّقٌ كبُراقٍ=لمدى عينِه يطير الجناحُ
وسُلافٌ من كَرمةِ الفكرِ يهمي=حَلبُها نِعمَ دَنُّها والراحُ
ويراعٌ كالسمهريِّ انتصاباً=كم تحاشتهُ في الطعانِ رماحُ
وطليٌِّ من رائقِ الحرفِ تزهو=من نداه مفاوزٌ وبطاحُ
وشفيفٌ للبوحِ قد زاد حسناً=حين أخفاه في السطورِ وشاحُ
يا لهذا الفؤادِ كم يتعنّى=من شجاً قد فاضت به الأقداحُ
ويراعي الذي عفا منه رسمٌ=لحروفٍ يخونه الإفصاحُ
ها أنا ذا أجترُّ نفسي كماضٍ=أصفرِ الطَّرسِ كلُّه أشباحُ
كلُّ ما قلتُ آنفاً مستعادٌ=كخريفٍ تداوَرَتْه الرياحُ
أنظم القولَ كالحواشي لمتنٍ=غابرٍ كَرَّ فوقه الشُّراحُ
كاتبٌ خَطّ عرضَ حالٍ وما=ثمّةَ إلا ديباجةٌ واصطلاحُ
كصلاةِ الكُهّانِ أو مثلما قد=سجَعتْ في بني تميمٍ سَجاحُ
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن=ليس شعراً وإنما مفتاحُ.