مشاهدة النسخة كاملة : طفولتي ( 1 )
عبد الله راتب نفاخ
02-01-2011, 05:26 PM
طفولتي ( 1 ) :
تبدأ الرحلة من هنا ..... من بيتنا العتيق بحي الشيخ محيي الدين ، من موطن طفولتي المبكرة .
هناك .... بين الكتب ، و أنوار الثريا الكبيرة ، و الزوار الذين تغص بهم الغرفة الصغيرة ، و دخان السجائر المحلق في الهواء ، كانت البداية .
عرفت أول ما عرفت رائحة الكتب ، و لا سيما الطبعات القديمة ذات الصفحات السمراء ، و تلهفت أن أقلد والدي في صفها أمامه ، و التنقيب بينها ‘ و إغلاق أحدها و فتح آخر .
عشقت جلسته على أرضية الغرفة ، و سرحه في الكتب القديمة ذات التجليد الأسود الفخم ، و غضبه حين يمسك الكتب الحديثة ذات الأغلفة الملونة ، و انهياله أثناء قراءتها بعشرات الشتائم المقذعة .
عشقت شخصيته ، كانت مدار كل شيء لدي ، حبيبة إلي قدر ما هي غامضة ، قريبة مني قدر ما هي بعيدة .
ورثت عنه عبوسه الدائم ، و في صوري الأولى ، لا يغادرني العبوس و لا التقطيب ، أو النظرة الحزينة الغامضة التي أحار اليوم في سرها و هي ترتسم على وجهي الطفولي البريء آنذاك .
في بيتنا ، تنسمت رائحة القراءة ، فكانت معشوقي الأول ، و تشربت القسوة من والدي فخلتها الخير كله ، صرت قاسياً ، أنقم على الفتيات المدللات في المدرسة ، و على الأطفال السعداء في أفلام الكرتون ، و على كل ما هو ناعم ورقيق و لطيف ، يدفعني لذلك كله خشونة رهيبة في صدري ، لا أدري أأنا ولدتها ، أم هي مولودة فيَّ مذ ولدت .
لكنني على هذا ، عرفت العشق مبكراً ، عشقت زميلتي في الروضة ، أحببتها حقاً ، و كانت نيران تشتعل في صدري حين أراها ، غير أني لم أعرف كيف أعبر لها عن العشق المتقد في صدري ، فعشت الحب و أجواءه دون أن تعلم محبوبتي بي أو بما فيَّ .
أتراني لو أخبرتها حينها ، أكانت ستبادلني شعوري ؟؟ ، أكانت ستفهم ما أقول لها ؟
أحببت الحيوانات و أولعت بها ، عشقت منها ما لا يعشقه الأطفال ، لم أعشق الأرنب و لا الغزال و لا الطيور ، عشقت أشدها قبحاً في عيون الصغار ، وحيد القرن و فرس النهر و الفيل .
كنت غريباً ، فأحسني رفاقي غريباً و ابتعدوا عني ، هكذا ابتدأت انطوائيتي ، أحسستني وحيداً ، أحسست أن فيَّ شيئاً منفراً و مقززاً يدفعهم عني ، فبادلتهم الشعور نفسه ، و انتحيت ...
كانت تلك هي البداية ، لكن الكلام لم ينته بعد .
فاطمه عبد القادر
03-01-2011, 02:11 AM
ورثت عنه عبوسه الدائم ، و في صوري الأولى ، لا يغادرني العبوس و لا التقطيب ، أو النظرة الحزينة الغامضة التي أحار اليوم في سرها و هي ترتسم على وجهي الطفولي البريء آنذاك .
في بيتنا ، تنسمت رائحة القراءة ، فكانت معشوقي الأول ، و تشربت القسوة من والدي فخلتها الخير كله ، صرت قاسياً ، أنقم على الفتيات المدللات في المدرسة ، و على الأطفال السعداء في أفلام الكرتون ، و على كل ما هو ناعم ورقيق و لطيف ، يدفعني لذلك كله خشونة رهيبة في صدري ، لا أدري أأنا ولدتها ، أم هي مولودة فيَّ مذ ولدت
السلام عليكم أخي عبد الله راتب نفاخ
طفولتي
إنها موفقة منذ البداية
لغتها سلسة,, محببة ,,وفيها دفئ عجيب
ربما لأنها تنقل القارئ إلى هناك ,,حيث البيت العتيق ,,والثريا الكبيرة,, ووالدك الذي لا يحب التغيير حيث كان ينقم على الكتب الملونة
أحببت والدك وأعجبت به يا عبد الله !!!لذلك قلدته في طفولتك ,, واعتقدت أن كل ما فيه هو الصح في الدنيا ,,وربما انتقلت اليك جيناته
ولكنني متأكدة أن لك عليه اليوم مآخذ
على كل حال نحن بانتظار الآتي
كن بخير
رعاك الله
ماسة
مازن لبابيدي
03-01-2011, 07:43 AM
كم أتوق للمتابعة ...
أخي عبدالله أردت التعليق فوجدتني سأعيد كتابة النص ، لذلك أقتبسه كله بروعته وبساطته المدهشة وتلقائيته المؤثرة .
تحية أخي ولا تتأخر علينا بالتتمة .
محمد ذيب سليمان
03-01-2011, 08:43 AM
جميل كل ما تكتبه يا أخي
أراه يخرج صادقا وسهلا
ولم تحاول أن ترسمه وتلونه
هو ..هو كما عشته ورأيته وأحسست به منذ البدايه
وهذه الصدقية ما تجعلنا نتابعك
كل التحايا
عبد الله راتب نفاخ
05-01-2011, 07:00 PM
ورثت عنه عبوسه الدائم ، و في صوري الأولى ، لا يغادرني العبوس و لا التقطيب ، أو النظرة الحزينة الغامضة التي أحار اليوم في سرها و هي ترتسم على وجهي الطفولي البريء آنذاك .
في بيتنا ، تنسمت رائحة القراءة ، فكانت معشوقي الأول ، و تشربت القسوة من والدي فخلتها الخير كله ، صرت قاسياً ، أنقم على الفتيات المدللات في المدرسة ، و على الأطفال السعداء في أفلام الكرتون ، و على كل ما هو ناعم ورقيق و لطيف ، يدفعني لذلك كله خشونة رهيبة في صدري ، لا أدري أأنا ولدتها ، أم هي مولودة فيَّ مذ ولدت
السلام عليكم أخي عبد الله راتب نفاخ
طفولتي
إنها موفقة منذ البداية
لغتها سلسة,, محببة ,,وفيها دفئ عجيب
ربما لأنها تنقل القارئ إلى هناك ,,حيث البيت العتيق ,,والثريا الكبيرة,, ووالدك الذي لا يحب التغيير حيث كان ينقم على الكتب الملونة
أحببت والدك وأعجبت به يا عبد الله !!!لذلك قلدته في طفولتك ,, واعتقدت أن كل ما فيه هو الصح في الدنيا ,,وربما انتقلت اليك جيناته
ولكنني متأكدة أن لك عليه اليوم مآخذ
على كل حال نحن بانتظار الآتي
كن بخير
رعاك الله
ماسة
بارك الله بك أستاذتي و سلمك ....
و ألف شكر لك لمرورك الطيب ...
و لا أكتمك سراً ، لم تتغير نظرتي لوالدي ... بل ازددت به إعجاباً و له تقديراً ، لكن بوعي و عقل و اقتناع ....
دمت بألف ألف خير
عبد الله راتب نفاخ
05-01-2011, 07:01 PM
كم أتوق للمتابعة ...
أخي عبدالله أردت التعليق فوجدتني سأعيد كتابة النص ، لذلك أقتبسه كله بروعته وبساطته المدهشة وتلقائيته المؤثرة .
تحية أخي ولا تتأخر علينا بالتتمة .
سلمك الله و حياك أخي العزيز ...
ماذا أقول في كلماتك الناضحة روعة ....
سلمك الله و بارك بك
آمال المصري
05-01-2011, 11:54 PM
قرأت هناك فوجدتني أعود هنا لأتابع منذ نقطة المبتدى حتى لاتسقط خطوة من الرحلة دون الاستمتاع
متابعة بشوق
تقديري أديبنا الرائع
ربيحة الرفاعي
06-01-2011, 01:09 AM
كانت تلك هي البداية ، لكن الكلام لم ينته بعد .
رائع أنه لم ينته بعد، فهذه الشخصية المرة المنغلقة التي رسمت لنا بسرد ماتع وحرف مميز باهر، لا علاقة لها بصاحب الحرف الذي نعرف، ولكن في معطيات النص ما يجعل لهذا علاقة بذاك ...
وننتظر التتمة
دمت بروعتك
عبد الله راتب نفاخ
07-01-2011, 08:16 AM
جميل كل ما تكتبه يا أخي
أراه يخرج صادقا وسهلا
ولم تحاول أن ترسمه وتلونه
هو ..هو كما عشته ورأيته وأحسست به منذ البدايه
وهذه الصدقية ما تجعلنا نتابعك
كل التحايا
بارك الله بكم أستاذنا الكبير ....
و هل شرف أكبر لي من أن تتابعوني .....
لكم التحايا و التجلات
عبد الله راتب نفاخ
13-01-2011, 10:06 AM
قرأت هناك فوجدتني أعود هنا لأتابع منذ نقطة المبتدى حتى لاتسقط خطوة من الرحلة دون الاستمتاع
متابعة بشوق
تقديري أديبنا الرائع
العزيزة الرائعة رنيم ......
أشرقت الفرحة في نفسي بمرورك ......
سلمك الله و بارك بك
عبد الله راتب نفاخ
13-01-2011, 10:08 AM
رائع أنه لم ينته بعد، فهذه الشخصية المرة المنغلقة التي رسمت لنا بسرد ماتع وحرف مميز باهر، لا علاقة لها بصاحب الحرف الذي نعرف، ولكن في معطيات النص ما يجعل لهذا علاقة بذاك ...
وننتظر التتمة
دمت بروعتك
سلمك الله أيتها الخالة و الأستاذة القديرة ....
سلمك الله و بارك بك ......
و التتمة قادمة بما يكشف الكثير بإذن الله ...
حماكم ربي
زاهية
19-01-2011, 02:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دخلت هنا بعد رسالتك التي وصلتني منك وكم كنت سعيدة بأن أرى ابن أستاذي العظيم أحمد راتب النفاخ ، هذا الرجل الطود الشامخ الذي أبى أن يحني رأسه لغير الله هو أسطورة بكل مافيه من عبقرية اللغة والفكر وقوة الشخصية وغيرته على لغة الضاد وأهلها من أيدي التخريب، لقد رافقت السيدة الوالدة زمنا قبل مولدك وبعده من خلال أحاديثنا الهاتفية لانشغالي بتربية أولادي وانشغالها بالبيت والأستاذ الكبير وعلومه. عبد الله لقد شاء الله أن يرزق أباك بك بعد أن تقدمت به السن فكنت أمله في الحياة بأن تتابع الرسالة التي ظل جادا ، مجاهدا في إيصالها للأمة، يسعدني أن أتابع مع القراء هذه الصفحات الناصعة من حياة طفل افتقد معلمه في سن مبكرة جدا ولكن بعد أن غرس في أعماقه المحبة والوفاء وقوة الشخصية والعلم مما جعل الكثيرون يغارون منك لأنك ستظل النور الذي يبهر عيونهم فيعمهون بالكيد والغيرة.
بارك الله فيك وفي أختي الحبيبة الولدة التي تستحق وسام الأم المثالية عن جدارة . أدعو الله عزَّ وجل أن يحميك ويحفظك ويساعدك في طريق العلم لتنشر للأجيال مالم يستطع أستاذنا العظيم إيصاله لأسباب الله وحده يعلمها ومن منه قريب. رحم الله الراحل أحمد راتب النفاخ الرجل الذي هزم الجهل والخيانة والتحق بالرفيق الأعلى بعد ختم سورة البقرة وهو ينفخ بها على طفله الوحيد عبد الله الشاهد الوحيد على لحظة وفاته.
:0014:
أختك
زاهية بنت البحر
مصطفى السنجاري
19-01-2011, 08:25 PM
أديبنا الرائع
جميل أن نتذكر طفولتنا وبراءتها وملاعب الصبا
والناس الذين يحيطون بنا
ويمزحون معنا
عندما نفقدهم فنتفقدهم في طيات الذكريات
دمت مبدعا
تحياتي
د. سمير العمري
01-08-2012, 06:07 PM
شدني نصك يا عبد الله رغم أنه أقرب لليوميات منه للأدبيات وأثق أنك قادر على صياغته بشكل أدبي أرقى متى أردت وليتك تفعل!
أما الذي بين الأطفال فيكون حبا لا عشقا وهذا أمر معتاد بين الأطفال وجميل مقبول غير أنه يمج متى وصف بالعشق لأنه وصف غير صحيح وفيه معنى قبيح.
سأتابع يويمات طفولتك بود وشوق!
دمت بخير وعافية!
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
تحياتي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir