تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وحيدٌ بينَ الأمواج( قصة قصيرة)



رفعت زيتون
10-01-2011, 06:28 PM
وحيدٌ بينَ أمواجٍ غاضبة
..

فجأةً وجدتُ نفسي بينَ الأمواجِ أتعلّقُ بقطعة خشبيـّةٍ هي ما تبقّى
منْ زورقٍ صغيرٍ داهمتهُ أمواجٌ ثائرةٌ غاضبةٌ فتحطّمَ بينّ فكّيها, كأنَّ
بينهما ثأرٌ قديمٌ , وقدْ حانَ وقتُ السّداد, وكالعادةِ في الأخذِ بالثأرِ يكونُ
هناكَ ضحايا منَ الأبرياء.
تشبّثتُ ما استطعتُ في هذهِ القطعةِ الخشبيّةِ التي أصبحتْ تعني لي
كلّ ما لهُ علاقةٌ بالحياةِ ورأيتُ دونها الموت.
واجتمعَ عليَّ البردُ والليلُ والخوفُ وهواجسُ ما فتئتْ تراودني عنْ
نفسي كأنّها رصّتِ الصّفوفَ لمعركةٍ حاسمة.
أعياني التّعبُ الشّديدُ وأحسستُ أنّ هذهِ القطعةُ الخشبيّة التي باتتْ
ملاذي الوحيدَ على وشكِ أنْ تتفلّتَ منْ بينِ يديّ كلّما شعرتُ بالنّعاسِ
وأنا تتلاطمني الأمواجُ العاتيةُ , وكانَ يجبُ أنْ أقرّرَ بينَ أنْ أستسلمَ
للبردِ فأنزعَ قميصي وأشدّهُ على القطعةِ الخشبيّة وأربطُ بهِ إحدى يديّ
فينالُ البردُ القارصُ منّي أوْ أنْ أبقى على ما أنا عليهِ فينالُ منّي النّعاسُ
والتّعبُ وضياعُ القطعةِ الخشبيّة وبعدها كلّ الاحتمالاتِ ستفتحُ ذراعيها لنهايتي الأكيدة.
أشعرُ بمنْ أعرفهمْ حولي كأنّني أتلمسهمْ, ولكنْ لماذا لا يفعلونَ شيئًا منْ أجلي؟
وماذا ينتظرون؟ هلْ همْ هنا كما أشعرُ أمْ ربّما كانَ ذلكَ منْ أمنياتِ النّفسِ ورجائها في تلكَ اللحظة.
ويلي .. كمْ قلتُ أنّني سأتعلّمُ السّباحةَ , ماذا لوْ كنتُ تعلّمتُها ولمْ أرضخْ لضيقِ الوقتِ ,
فها هوَ الوقتُ يداهمني عبرَ هذهِ الامواج القاسيةِ , آآآآهٍ هيهاتَ هيهاتَ وقدْ أزفتْ آزفتي .
أشعرُ بأنَّ كلَّ شيءٍ يتربّصُ بي خلفَ هذا الليلِ وتلكَ الامواجِ, حتّى
تلكَ الأفكارُ والخواطرُ المخيفةُ باتتْ تنهشُ جسدي وروحي ,
أتساءلُ وأنا ترفعني موجةٌ وتحطّني أخرى ,هلْ كانَ يجبُ أنْ
أشاهدَ ذلكَ الفيلمَ المخيفَ قبلَ أسبوعٍ عنْ تلكَ الأسماكِ الوحشيّةِ
لتزيدَ الآنَ منْ فزعي ولكيْ أموتَ أكثرَ منْ مرّة !؟
إلا يكفي ما أنا فيهِ منْ خوفٍ وتشتّتٍ للأفكارِ بينَ الغرقِ وبين الافتراسِ منْ تلكَ الأسماك ؟
كمْ أكرهُ أسماكَ القرشِ هذهِ , وكمْ أكرهُ فكرةَ أنْ أغدو لقمةً تمزّقها تلكَ الأضراس .
يا إلهي !! ما هذا ؟ صرختُ بصوتٍ أسمعَ آذانَ الغيوم ,
اللهمّ سلّم سلّم , ما هذا ؟
هلْ هي موجةٌ عارمةٌ تلكَ التي أراها أمْ شفاهٌ غليطةٌ جائعةٌ لسمكةِ قرشٍ كبيرةٍ
تركَتْ البحرَ وراءها وما عادتْ ترى غيري ؟
ربّاااااااااااهُ ماذا يجري هناك ؟
هلْ انتهى كلُّ شيء ؟ هلْ هكذا ستكونُ النّهاية بكلِّ بساطة؟
أغمضتُ عيني في تلكَ اللحظةِ مستحضرًا كلّ تميمةٍ تنفعُ ولا تنفعُ,
وذهبتُ بعدها في غيبوبةٍ قصيرةٍ , وصحوتُ على صوتِ زوجتي
تقولُ لي قمْ يا رجلْ , قدْ تأخّرتَ , قمْ يكفي نومًا وصراخًا كلّ يوم.
سمعتها تقولُ متسائلةً : لكنْ منْ أينَ لكَ بكلِّ هذا الماءِ على وجهكَ
وقد ملأ الوسادة ؟ أفّ لهذا اليوم ألا يكفيني عمل البيت؟.
فوقفتُ أتصببُ عرقًا وقدمايَ لا تكادانِ تحملاني ..
ثمّ انفجرتُ بالضّحك وأنا أقبّل يديها لإنقاذي, أمّا
زوجتي فهي كعادتها في كلَّ يومٍ تصُكُّ خدّها وتقولُ :
لقدْ جنَّ زوجي ثانية .

بقلم : مهندس رفعت زيتون
القدس في 10 \ 1 \2011

آمال المصري
10-01-2011, 07:20 PM
عشت الحلم بتواتر وتصاعد أحداثه
وتلاطم وعتي أمواجه الهادرة حتى أوشك البطل على الهلاك
لأرتطم بنهاية أغرقتني بالضحك والتي جاءت مفاجأة غير متوقعة بعد كم الفزع المتوفر بالنص
أديبنا الرائع ...
دمت مبدعا بارعا
ودي وباقة ياسمين

خالد الجريوي
10-01-2011, 07:45 PM
قلم مبدع

أخذنا لمرحلة الخوف حتي النهايه

ثم فاجئنا بهزة من يد الزوجه لتنهي ما كان

رائع

أديبنا الكبير

تحياتي لك وتقديري

محمد ذيب سليمان
10-01-2011, 08:40 PM
الحمد لله أن هخذا الفلم من حلقة واحدة
ولم يكن مسلسلا ..
إحد الله يا رجل لقد انتابني حزن شديد على ذلك الرجل المعلق في خشبة
وكنت أتوقع أن تقرض جزءا من جسده سمكة قرش
شكرا أخي رفعت

سامي عبد الكريم
10-01-2011, 11:39 PM
شاهدت مرة فيلما(أعني حلما) كهذا .....

لكن أنا تمنيت حين أنقذتني (أعني أيقظتني) زوجي لو أنها تركتني لسمكة القرش تلك لتأكلني
كانت سمكة ساحرة برموش فتاكة وابتسامة تفتر عن أسنان لؤلؤية
أعني أني تخيلت ذلك عندما وجدت وجه زوجي أمامي يذكرني بكل يوم

قصة جميلة وممتعة يا صاحبي

جزاك الله خيرا

مصطفى رمضان حسين
11-01-2011, 01:12 AM
..... كنت قد شاهدت منذ سنوات طويلة مضت فيلم الفك المفترس ...وعشت واستغرقت وقتها فى الفيلم تماما حتى التشبع ، الى الدرجة التى كنت أهاب وترتعد فرائصى عندما أفكر فى النزول الى البحر فى الاسكندرية صيفا ...وتأخذنى الأفكار والتخيل أن هناك من يتربص بى وأنا أسبح ....وتمضى الأيام ...حتى شاهدت فيلما الأسبوع الماضى يعيد لى هذه الأحاسيس ....ثم أكملت يا أخى هذه الملحمة بقصتك الرائعة (وحيد بين أمواج غاضبة ) ....ولكن ما خفف وأزاح بعض هذا الخوف النهاية السعيدة بصوت زوجته وهى توقظه من نومه .... رائع...وأرجو أن تتقبل تحيتى ،،،،،،،،،،،،

ربيحة الرفاعي
11-01-2011, 01:52 AM
فكرتك جميلة وقفلتها طريفة
وإن كنت أرى أنك أتيت هنا بقفلتين اثنتين ..
صحيح أن كلتاهما كانت حلوة وموفقة
غيرأن وقوفك عند الأولى
وصحوتُ على صوتِ زوجتي تقولُ لي قمْ يا رجلْ , قدْ تأخّرتَ , قمْ يكفي نومًا وصراخًا كلّ يوم.
كان سيعفي النص من استطراد يصلح نصا كاملا لقصة أخرى تبدأ بأيقظتني من كابوس مريع صارخة ...الخ

روح قصصية جميلة تسكنك أيها الرائع

دمت بألق

عبدالغني خلف الله
11-01-2011, 08:48 AM
الأستاذ المبدع رفعت زيتون ..لعلك لم تتمكن من الإفلات من قبضة الشاعر وأنت تختار العنوان ( وحيد بين أمواج غاضبة ) ..ولو أنك غرقت بنهاية النص ستكون هذه النافذة ..نافذة القصة والمسرحية قد غرقت هي الأخري هذا الصباح كما سواحل استراليا هذه الأيام ..شكراً لتلك الجميلة التي أيقظتك من هذا الحلم المفزع ومنحتنا الفرصة لنتنفس الصعداء .. كل الود وعاطر التحايا.

رفعت زيتون
11-01-2011, 09:53 PM
عشت الحلم بتواتر وتصاعد أحداثه
وتلاطم وعتي أمواجه الهادرة حتى أوشك البطل على الهلاك
لأرتطم بنهاية أغرقتني بالضحك والتي جاءت مفاجأة غير متوقعة بعد كم الفزع المتوفر بالنص
أديبنا الرائع ...
دمت مبدعا بارعا
ودي وباقة ياسمين

المبدعة رنيم

أسعدني أنك غرقتِ بالضحك وليس ببحر القصة

وإلا لكانت تلك الأسماك غليظة القلب بانتظارك

كما كان من أمري ولكن عندها لن أكون وحيدا

تحياتي وليلة سعيدة بدون قرش

.

د. سمير العمري
17-09-2013, 07:28 PM
كابوس حام بين حلم منام وحديث نفس بإسقاطات على واقع بتناول نفسي مدرك.
هي كما قالت الأستاذة ربيحة قصتان تلازمتا ولو اكتفيت بالأولى لكانت أوقع أدبيا!
دمت بخير وعافية!

تقديري

نداء غريب صبري
18-10-2013, 12:23 PM
قصة جميلة في كابوس مرعب
تستحق زوجتك الشكر لأنها أيقظتك منه

أنت مبدع في القصة كما أنت مبدع في الشعر

شكرا لك أخي

بوركت

ناديه محمد الجابي
31-01-2014, 07:41 PM
ما أجمل أن نفيق من تلك اللحظات العصيبة المرعبة
لنكتشف إن ما عانيناه ليس إلا كابوسا.
ياليتنا نفيق مما تعاني منه بلادنا العربية كلها لنكتشف
إن ما نمر به ليس إلا كابوس وليس واقع فظيع مر.
نص رائع الفكرة وكان السرد قويا ملفتا بإرتفاع وتيرة
الحس متناغما مع تصاعد الحدث.
أسجل إعجابي العميق بقلمك المبدع.

خلود محمد جمعة
03-02-2014, 12:48 AM
للبحر دلائل في الحلم كما للعوم كذلك
تعلم العوم حتى تستطيع ان تتحدى أحلامك
فربما لا توقظك زوجتك في المرة القادمة
سرد ماتع ونهاية مفرحة
دام اليراع رشيقا
مودتي وتقديري