المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدقك وهو كذوب



باسم عبدالله الجرفالي
12-01-2011, 08:47 PM
هذه الكلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تعد من أبلغ الكلمات المعبرة ، وقد عدت من الأمثال التي يستخدمها العرب في أي زمان ومكان ، ليوقعوا مطابقة الحوادث لهذه العبارة النبوية .
هذه الكلمة نستطيع إدراجها واستخدامها والاستفادة منها بشتى الطرق والأوجه ، لتكون قاعدة أساسية في تعاملنا مع الناس .
ومن هذه الأوجه التي أقصدها ، هو المجال الأدبي .
بحيث تكون قاعدة للحكم على الأعمال والأشخاص بحد سواء .
وقد رأيت – أنا وتعلمون من أنا - النقاد القدامى والمحدثين ( غير زماننا هذا ) استفادوا من هذه العبارة ، وظهر ذلك واضحا جليا فيما وصلنا من كتب .
فالحديث الشريف فرّق بين القائل ومقولته ، فالقائل كذوب ، أما مقولته فهي من الصدق الواضح الصريح .
ومثله النتاج الأدبي ، قد يخرج من شخص يبعد كل البعد عن العبودية الحقة ، والمنهج الإنساني السليم ، ومع ذلك يحكم عليه بالسمو والرقي ، وقد يوصف بأنه إسلامي .
انظر إلى خلاعة امرئ القيس ، وتباهيه بالخمر وشربها ؛ مع ذلك عدت معلقته من أفضل المعلقات ، مع أنه حامل لواء الشعراء إلى النار .
وانظر إلى ابن كلثوم في معلقته ؛ التي فاضت فخرا وصل الى حد الكبر الذي نهى الشارع عنه ، مع ذلك استجادها النقاد وطربوا بها .
وانظر إلى غزل ابن أبي ربيعة بأكثر من تسعين امرأة ، داخل الحرم وأثناء مناسك الحج ، وترى ابن عباس رضي الله عنهما يسمع منه بل ويحفظ من أبياته.
هذا عرض موجز لبعض ما خطر ببالي من تعامل راق للنتاج ، بغض النظر من هو قائله ؟ وماذا ساق في قوله ؟
لذا يجب علينا النظر في العمل لا عامله ، فالعمل أمر منفصل بالنسبة لنا عن العامل ، أما ربنا فيحاسب على كل صغيرة وكبيرة ، وقد يغفر صغيرها وكبيرها بعمل بسيط خالص لله ، أو رحمة بالخلق ؛ كالبغي التي امتهنت البغاء حين سقت الكلب ، غفر ربنا لها ، ولم يحاسبها على جرمها.
نريد نظرة واعية للنقد ، تركز على العمل الأدبي ، دون الرجوع لماضي الكاتب الأدبي ، أو الإنساني ، أو الديني ، بل دع كل نقد منفصل عن النقد الآخر ، إلا في حال نقد الأعمال الكاملة ، فتدرس الأعمال معا ، وينظر حينها للجوانب الشخصية للكاتب ، وأثرها في أعماله .
في المجال الأدبي ؛ دعوا الخلق للخالق ، فنحن لا نأخذ ديننا من قصيدة ، أو رواية ، أو مسرحية ، وقد أجاز العلماء قديما في الشعر ما لم يجيزوه في غيره ، وكان أول من أجاز ذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام مع كعب بن زهير بن أبي سلمى ، عندما سأله عن سعاد وبينِها ، فلم تكن هنالك سعاد أصلا في الواقع ، بل في خيال كعب رضي الله عنه ، فسكت عنها صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه الكذب .
وكثير من شعر حسان رضي الله عنه بعد الإسلام يذكر النساء ، وعلاقته بهن ، ولم يُنكر عليه أبدا في ذلك .
فالفحش والشُرب والكذب وغيرها مغتفرة في الشعر ؛ بفعل العاقل الذي ملك المتأخرين بحكمته قبل المتقدمين ، والمطالبون بامتثال نهجه ، والمحاسبون على مخالفته ، صلى الله عليه وسلم .
أنا هنا لا أدعو له ولا أحبذه في العمل الأدبي ، ولكنه إن وجد ؛ لن أحاربه ، وادعو إلى مقاطعته ؛ كمقاطعة المنتجات الأمريكية ، والدنماركية ، وهايبر بنده ، بل أستجيد ما جاد منه ، وأستهجن ما هجن فيه .
والعكس مهم أيضا ، فليس كل ما قيل من الإسلاميات يشاد به ، ويرفع " فوق هام السحب " ، بل يجب استجادة الجيد ونبذ الرديء .
كلام قد لا يدخل الرأس قبل المزاج.
دائما تغيير ما اعتاد عليه الانسان صعب وشاق ، ولكن الحق أحق أن يتبع ، ولست أدعي الكمال ولكن ( قولي صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب) .


وزد النبي صلاة ( صلى الله عليه وسلم ) .

مصطفى السنجاري
14-01-2011, 08:07 PM
نعم دعوا الخلق للخالق

فكل يتعلق بعرقوبه

ولكن (إنّ من البيان لسحرا ومن الشعر لحكمة)

وقديما قالوا خذوا الحكمة من أفواه (****)

لأننا حين نكون أمام النص نجرده من قائله

أو يجب علينا ذلك حتى نكون حياديين في الحكم عليه

تحية لك ودم بخير

محمد الشحات محمد
17-01-2011, 12:07 AM
نريد نظرة واعية للنقد ، تركز على العمل الأدبي ، دون الرجوع لماضي الكاتب الأدبي ، أو الإنساني ، أو الديني ، بل دع كل نقد منفصل عن النقد الآخر ، إلا في حال نقد الأعمال الكاملة ، فتدرس الأعمال معا ، وينظر حينها للجوانب الشخصية للكاتب ، وأثرها في أعماله .
في المجال الأدبي ؛ دعوا الخلق للخالق



:nj:

نعم .. قراءة النصوص نقدياًّ قد تختلف من نص إلى آخر ،
وقد يكون الناقد واحداً ، و مبدع النصوص كذلك واحد
كلُّ نصٍّ له شخصيته ، و معاييره الجمالية ، و لا دخل لقرئ النص بظروف مبدعه ،
و إنما بظروف ولادة النص ، و النص بعد اكتماله

لابدّ للنقاد من البعد عن الشخص ذاته ، و إنما قد تظهر شخصية المبدع من شخصية النص ، و ليس العكس

تحية لك أخي القدير/ باسم عبدالله الجرفالي

أتفق معك .. ، و نعوذ بالله من اتباع الأهواء و الشخصنة في القراءات النقدية للنصوص ،
و -كما تفضّلتَ- يجب (التركيز على العمل الأدبي)

و كذلك فمن الصواب البعد عن الجدليات غير المفيدة ،

تدوم بخيرٍ و نقاء

باسم عبدالله الجرفالي
18-01-2011, 06:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أساتذتي الكرام :
مصطفى السنجاري
محمد الشحات محمد
جلال الصقر

حفظكم الله .

من دواعي الشرف لي ولمقالي ؛ أن ينال المقال المتواضع استحسان سادتكم ، ومن أسعد اللحظات لي أن أجد من هو متقن في الفن يبدي رأيه فيه .
أساتذتي الكرام :
لعل الكتابة في النقد وأسلوبه من قِبلي يُعدّ من التطفل ، ولكنها تجربة صغتها بأسلوبي حول ما شاع من تعامل بعض المجتمعات مع العمل الأدبي ، وما أود الوصول إليه .
أساتذتي الكرام :
أن مما أثلج صدري حينما وصلت إلى هذا الملتقى البديع ؛ هو وجود أهل التخصص في الفنون الأدبية بشتى مجالاتها ، كي يرى الإنسان مدى الإحسان في عمله ومدى الضعف فيه ، حيث افتقد هذا الكثير من المنتديات الأدبية ، مما يودي بها إلى الوهن والترهل .
أكرر شكري لكم ، وأتمنى ألا تحرموني ملاحظاتكم .

باسم عبدالله الجرفالي .
المدينة المنورة .

ربيحة الرفاعي
05-01-2012, 03:02 AM
نريد نظرة واعية للنقد ، تركز على العمل الأدبي ، دون الرجوع لماضي الكاتب الأدبي ، أو الإنساني ، أو الديني ، بل دع كل نقد منفصل عن النقد الآخر ، إلا في حال نقد الأعمال الكاملة ، فتدرس الأعمال معا ، وينظر حينها للجوانب الشخصية للكاتب ، وأثرها في أعماله .
في المجال الأدبي ؛ دعوا الخلق للخالق ، فنحن لا نأخذ ديننا من قصيدة ، أو رواية ، أو مسرحية ، وقد أجاز العلماء قديما في الشعر ما لم يجيزوه في غيره ، وكان أول من أجاز ذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام مع كعب بن زهير بن أبي سلمى ، عندما سأله عن سعاد وبينِها ، فلم تكن هنالك سعاد أصلا في الواقع ، بل في خيال كعب رضي الله عنه ، فسكت عنها صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه الكذب .
وكثير من شعر حسان رضي الله عنه بعد الإسلام يذكر النساء ، وعلاقته بهن ، ولم يُنكر عليه أبدا في ذلك .

أصبت أيها الكريم
لن نصل لقراءة واعية وقدرةعلى استشعار النص وسبر أغواره وتذوق جماله، ما لم نتحرر من تأثير الشخص على قراءتنا للنص
وإذا كان النقاد في الغرب قد استخلصوا نظرية "موت المؤلف" من حق النص بأن يقرأ في معزل عن كاتبه، فإننا قد نكتفي بالقول حرروا نصوصنا من آرائكم بشخوصنا ومواقفكم منا قبل قراءتها لتنصفوا أراءكم وقراءتكم والنصوص


شكرا لمقالتك الجميلة وموضوعها الهام

تحيتي

ربيع بن المدني السملالي
05-01-2012, 12:46 PM
شكرا لك أستاذ باسم على هذه المقالة الرّائعة المفيدة ، دمتَ ودام تواصلك الجميل
ملاحظة : فقد وردت في امرئ القيس أحاديث ضعيفة، وأنه حامل أو صاحب لواء الشعراء إلى النار، ففي مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن امرئ القيس: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة، شريف في الدنيا خامل في الآخرة، يجيء يوم القيامة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار. قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف جداً، كما ضعفه الألباني في ضعيف الجامع.
وكذلك قصّة بانت سعاد ، فقد ضعّفها الحافظ العراقي ، كما ذكر ذلك الإمام الشّوكاني في نيل الأوطار ، ولبعض المشايخ المعاصرين رسالة لطيفة ، اسمها ، تضعيف قصّة بانت سعاد ...
والله أعلم.
بوركتَ
تحيتي