تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المَنْدَل - أقصوصة - نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
15-01-2011, 09:37 AM
المَنْدَل
أقصوصة
نزار ب الزين*
*****

الزمان : أواسط العقد الأول من القرن العشرين
المكان : بلدة عربية صغيرة ، شحيحة الموارد
و لشح الموارد و خاصة بعد أن جف النبع الرئيسي ، اندفع شبانها نحو العاصمة سعيا وراء اي عمل ، أما سعيد الحظ فهو من يتمكن من الهجرة إلى الخارج ، و كان محمد الدرويش من سعداء الحظ ؛ ترك زوجته و طفلته ذات السنتين في عهدة والديه ، ومضى إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية ...
تراسل من مهجره مع عائلته ، و أرسل لهم دفعات مجزية من النقود لمدة ثلاث سنوات ،
ثم ....
انقطعت أخباره ....
جن جنون زوجته التي نهشتها الغيرة و الوساوس ، و التاعت والدته التي انتابها كل حالك من الأفكار ، أما والده فوقع فريسة الذهول ..
و ذات يوم ...
اقترحت إحدى القريبات ، زيارة عرافة في قرية مجاورة ، ذاع صيتها كضاربة "مندل" ؛
جلست العرافة فوق حصير على الأرض ، و جلست عائشة زوجة محمد الدرويش و حماتها قبالة العرافة ، و في الوسط بينهن ثمت وعاء نحاسي كبير امتلأ حتى منتصفه بالماء ..
و قد أضفى صوت العرافة الأجش و هي تتلو الأدعية، مقترنا بضعف الإنارة ، بعض الرهبة ، و التي زادها اهتزاز الوعاء و ما فيه من الماء كلما ارتفع صوت العرافة !!!!
ثم ..
و بكل ثقة ، أكدت العرافة أن محمد الدرويش ظهر لها على صفحة الماء ...
ثم ...
أضافت : أنه حي يرزق ،
ثم ....
مقاطعة صياح الإمرأتين الجزلتين ، أضافت :
- لكنه متزوج من فتاة أجنبية شقراء رائعة الجمال ، و حوله ثلاثة أطفال ذكور ..
ثم ......
عادت الإمرأتان إلى منزلهما منهارتين ، و قد لفهما اليأس ..
و لكن ....
الفرحة ما لبثت أن عادت إلى العائلة بعد أقل من أسبوع ، فبدون سابق إنذار ، عاد محمد الدرويش من مهجره سليما معافى ،
و لم تكن برفقته غير حقائبه ،
لم تكن معه شقراء ،
و لا ثلاثا من الأبناء الذكور !!!
و كان عذره عن انقطاع التواصل ، انتقال أعماله إلى منطقة غابات الأمازون ، حيت المواصلات و الإتصالات شبه معدومة ....
*****
الزمان : أواخر العقد الأول من القرن الحادي و العشرين
المكان : بلدة صغيرة شحيحة الموارد الطبيعية ، إلا أن كل من زارها شعر بانتعاش سكانها ، فقد غيرتها إلى الأفضل نقود الشبان المهاجرين ....
و في أحد بيوتها الفاخرة ، جلست سحر فوق وثير طويل ، و قد التف حولها والديها و حمويها و طفليها ،
ثم ..
رفعت غطاء جهاز ألكتروني أسمته سحر ساخرة : "المندل" ..
ثم ...
ضغطت على بعض الأزرار ،
ثم ....
سمعوا نغمة موسيقية جميلة ، تكررت عدة مرات ..
ثم ......
ظهرت صورة محمد الدرويش ، الحفيد السادس لمحمد الدرويش الجد الأعظم ، و الذي يعمل "فني حاسوب" في إحدى الدول الاسكندنافية ،
ثم ........
أخذ الجميع يحاورونه و كأنه بينهم ، و قد غمرتهم السعادة ...
============
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com

لمى ناصر
15-01-2011, 12:03 PM
أهلا بوالدي
وبحقيبته المليئة بأسرار الواقع
الممتد والمعرش على بقعة وطن
توقعنا أن تكون مثل هذه العادات قد اندثرت
بصيحة التكنولوجيا المعاصرة ولكنها مقيمة
بأفكارنا وعقولنا التي تأبى التغير.
مندل ولن يتغير بضرباته.
شكرا لك وأسفي على أحداث الواقع.

كاملة بدارنه
15-01-2011, 01:49 PM
شتّان ما بين مندل العرّافين و"مندل"العارفين ّ
قصّة رائعة أستاذنا الأديب نزار أسلوبا وعرضا ولغة
لقد كان أسلوب المقارنة مشوّقا وقويّا لكشف واقع متناقض ، حيث أظهر عِظَم التّطوّر وانهزام الخرافة .
تقديري واحترامي

ملحوظة مع اعتذاري منك :
وردت بعض الأخطاء المطبعيّة : ثمّة .. ثلاثة من الأبناء ... والداها وحمواها وطفلاها ... لم يظهر الموصوف قبل كلمة وثير .

نزار ب. الزين
15-01-2011, 08:19 PM
شتّان ما بين مندل العرّافين و"مندل"العارفين ّ
قصّة رائعة أستاذنا الأديب نزار أسلوبا وعرضا ولغة
لقد كان أسلوب المقارنة مشوّقا وقويّا لكشف واقع متناقض ، حيث أظهر عِظَم التّطوّر وانهزام الخرافة .
تقديري واحترامي
ملحوظة مع اعتذاري منك :
وردت بعض الأخطاء المطبعيّة : ثمّة .. ثلاثة من الأبناء ... والداها وحمواها وطفلاها ... لم يظهر الموصوف قبل كلمة وثير .

***************

<<شتّان ما بين مندل العرّافين و"مندل"العارفين>>

أختي الفاضلة كاملة
رائع تعبيرك هذا ، فقد غطى الأقصوصة كلها
أما ثناؤك الدافئ فهو وسام شرف زينها و شرف صدري
عميق مودتي لك و اعتزازي بك
نزار

<<أختي الكريمة ممتن من الأعماق لتصويبك بعض الأخطاء اللغوية و التي لم أنتبه إليها ، و لكن ثمت و ثمة تجوز الوجهان ، و ثلاثا من الأبناء جائزة أيضا ، أما الوثير فقد استخدمها البعض كإسم و ليس صفة و هذا جائز أيضا أما خطيئتي الكبرى التي لا تغتفر فهي "والداها و حمواها و طفلاها بدلا من والديها و حمويها و طفليها" ، أكرر شكري و أهنئك لحصيلتك اللغوية .>>

نزار ب. الزين
16-01-2011, 05:57 AM
أهلا بوالدي
وبحقيبته المليئة بأسرار الواقع
الممتد والمعرش على بقعة وطن
توقعنا أن تكون مثل هذه العادات قد اندثرت
بصيحة التكنولوجيا المعاصرة ولكنها مقيمة
بأفكارنا وعقولنا التي تأبى التغير.
مندل ولن يتغير بضرباته.
شكرا لك وأسفي على أحداث الواقع.

**********
إبنتي الأثيرة لمى
صحيح ، هذه العادات لا زالت مقيمة
و على الأخص في أوساط الجهلة
إلا أن التقنية الحديثة شبيهة
من حيث الفكرة و مختلفة
من حيث التطبيق
لأن الأولى مندل العرّافين
و الثانية مندل العارفين
كما قالت الزميلة كاملة بدارنه
و الفارق بين الاثنين مائة سنة على الأقل
***
شكرالمرورك و اهتمامك بالنص
و على الخير دوما نلتقي
نزار

كاملة بدارنه
16-01-2011, 08:45 AM
أنا مدينة لك بالشّكر أستاذي القدير على تصحيح معلوماتي ... لا أعرف أنّ( ثمّة ) تصحّ أن تكتب بالتّاء المبسوطة أيضا _ مع أنّي مدرّسة لغة عربيّة _ نبقى طلابا لأساتذتنا الأوائل ... وأعتذر منك
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
16-01-2011, 04:58 PM
في الماضي سحروا أعين الناس بالشعوذة فرأوا الصور تهتز على وجه الماء
واليوم يسحر عقولهم كل مستحدث من عالم التقنية التي جعلتهم يتنقلون بأنظارهم يجوبون الكرة الأرضية من خلالها .
ترى ... ماالذي سيسحرهم غدا ؟؟
نص رائع رائع أستاذي المكرم كما عهدنا بك دائما
خالص التحايا

نزار ب. الزين
16-01-2011, 05:44 PM
في الماضي سحروا أعين الناس بالشعوذة فرأوا الصور تهتز على وجه الماء
واليوم يسحر عقولهم كل مستحدث من عالم التقنية التي جعلتهم يتنقلون بأنظارهم يجوبون الكرة الأرضية من خلالها .
ترى ... ماالذي سيسحرهم غدا ؟؟
نص رائع رائع أستاذي المكرم كما عهدنا بك دائما
خالص التحايا

**********
أختي الفاضلة رنيم
الفارق بين المندلين
كالفارق بين الخير و الشر
أما القادم فسيكون كثيرا و مذهلا
***
ممتن لمشاركتك القيِّمة
و لثنائك الدافئ
و دمت بخير و رخاء
نزار

مجدي محمود جعفر
17-01-2011, 09:52 PM
قصة بديعة لأستاذنا القدير، والمقابلة بين الزمنين مدهشة وقدمها كاتبنا بصورة شائقة ومتميزة

نزار ب. الزين
18-01-2011, 06:11 PM
قصة بديعة لأستاذنا القدير، والمقابلة بين الزمنين مدهشة وقدمها كاتبنا بصورة شائقة ومتميزة

***********
أخي المكرم مجدي
أسعدني إعجابك بالإقصوصة و أسلوبها
فلك الشكر الجزيل مع عميق المودة و التقدير
نزار

ربيحة الرفاعي
08-09-2013, 09:13 PM
هو مندل جديد وقد بدأت الشعوذة تتسرب للعقول عبر شاشته كما عبر شاشات التلفزة، وبدا باستلاب الوعي بعد أن استوفى سلب الاهتمام

قصة جميلة ومقارنة رائعة ذكية وموفقة

دمت بروعتك مبدعنا

تحاياي