المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحيل ..



بثينة محمود
28-05-2004, 12:23 AM
قررت الرحيل .. و لن أدع أمراً يفسد على قرارى ..أنفقت ساعاتى ذلك اليوم وأنا أجمع حاجياتى

الكثيرة و ألقى بها فى حقيبة كبيرة بحجم الألم عميقة بعمق الجراح ..فتحت فوهتها تستقبل

ما أُلقيه صابرة ولم تدع لى غير اطراف الفراش لأجلس عليها كل حين ألتقط أنفاسى .. جاهدت

كثيراً كى لا أفكر ففى تفكيرى بذرة تراجع توحى بعودة الحياة ..وأنا أكره التراجع ..

كانت يدى تستمد قرتها على تصفيف الأشياء من أرتال هموم مصفة بعناية فى وجدانى

..طبقات وراء الأخرى تحمل لون السواد ورائحة المر البكر..كنت أشحذ كيانى من حين لآخر

باختلاس نظرة ساخطة إلى وجه يحمله إطار فى ركن بعيد ..رُسِمَت بخطوطه قسوة أراها الآن

أوضح من ذى قبل ..

تداعت إلى ذاكرتى لحظات كنت لا أدرك وجودها فى حياتى .. ربما جاءت بها تلك الحقيبة الكبيرة

إلى دائرة التذكر .. إنه ذلك الكيس الصغير الذى كنت احشوه فى طفولتى بدميتى المفضلة

وأقلامى وألوانى وملابسى الجديدة .. وأحكم إغلاقه بأناملى الصغيرة وأجلس معه فى قاع

صوان ملابسى ببينما يلتقط سمعى كلمات متناثرة من عراكهما المتواصل فى الحجرة المجاورة

.. لم أكن أدرك وقتها معنى الرحيل ..لكنى الآن أدرك أنى أعيش الرحيل منذ زمن ..يراودنى فى

اليقظة والمنام ..ولا يعنينى إلى أين سيدفع بى ..

********************

تطلعت إليه وهو واقف أمامى فى سكون الأموات ..لم أسمعه وهويدخل محدثاً ضجيجه المعتاد

..أشحت بوجهى عنه إلى الحقيبة علها تبتلعنى فى أحشائها .. لعله سيبدأ بالقول ..كفى عن

هذا وإسمعينى .. إمنحينى الفرصة لأدرك سبب رغبتك فى الرحيل .. هيا صففى تساؤلاتك قبل

أن تفعلى بأغراضك واجلسينى أمامك على مقعد الإعتراف ..سأتطهر أمامك من كل أخطائى

وعيوبى ..تحملى بعض آلام مخاض ولادتى من جديد .. فقط لا ترحلى ..

مازال واقفاً فى مكانه كتمثال قُد من حجر .. لعله لا يقوى على الكلام ..أو أنه ادرك عدم جدوى

الكلمات بعد الآن .. ربما سيقترب منى ويضمنى إليه ..ويدع أنفاسه النادمة تروى قصة ألمه

المحتوم بدونى .. ربما سيلثم يدى .. ويترك قُبلته تخبرنى باستمرار الحب على قيد الحياة ..

لم يعد يعنينى ما سيفعله ..حقيبتى المفتوحة مازالت تلتهم أشيائى الكثيرة .. وذهنى يحاول ان

يبتعد عن التفكير فيه ..لكنه قد يكون يائساً .. ويرتب كلمات الإهانة المنتقاة بعناية من قاموسه

المعربد .. ويهوى بقبضته محطماً رغبتى الدائمة فى الرحيل ..ربما ينثر أشيائى و أشلائى على

الأرض .. يا إلهى .. لماذا لا يتحرك ويفعل أى شىء ..!!!

د. سمير العمري
05-06-2004, 01:18 AM
موضوع شيق وجميل وسؤال مهم جداً ... لماذا لا يتحرك ويفعل أي شيء؟!

الأجابة هنا تتباين وتتباعد تباعد الشرق عن الغرب.

ربما كان هو مخطئاً وربما كانت هي.

ربما لم تكن المرة الأولى بل ربما العاشرة فتكون فقدت قيمتها ومعناها.

ربما كانت المرارة أكبر من كل محاولة.

وربما ما عاد يشعر بحلاوة وغلاوة ما ملكت يداه ففرط دون عذر وخسر بهذا الكثير.

ربما وربما والقضية تحتاج إلى مداولة.


تحياتي لقلم متفرد في طرح الأفكار والتعبير عنها.


دمت سنبلة الخير
:os:

بثينة محمود
05-10-2004, 04:53 PM
شكراً متاخراً كثيراً لردك واهتمامك اخى الدكتور سمير

بحثت عنها بين الصفحات لأرى هل حظيت بتعليق من أساتذتى

يشيرون الى هنات او اخطاء

لكنى لم أجد الا رداً يحمل كلمات التشجيع

اجمل تحياتى لك

ناديه محمد الجابي
18-08-2017, 12:54 PM
نص قصصي أخذ بمجامع قلبي
سرد جميل لحالة انسانية أجدت تصويرها بأسلوب جميل متمكن
سبك فني مميز ، وألق في الأداء
يعجز القلم بالتعبير عن روعة وفصاحة قلمك وبيانك
رائعة أنت ـ دام لك الألق.
:v1::0014: